آخر الأخبار

Advertisement

الرّسم العقاري من الجمود إلى التّحيين - الدكتورة سنية النوالي، العدد 41 من مجلة الباحث، منشورات موقع الباحث


 الرّسم العقاري من الجمود إلى التّحيين - الدكتورة سنية النوالي، العدد 41 من مجلة الباحث، منشورات موقع الباحث


لتحميل العدد الذي يشمل المقال بصيغة pdf الرابط أذناه:






الدكتورة سنية النوالي

       حاصلة على شهادة الدكتورة في القانون

 الخاص - تونس

 الرّسم العقاري من الجمود إلى التّحيين

Frais immobiliers de la stagnation à la revitalisation

مقدمة:

 يعتبر حق الملكيّة حقا دستوريا[1] مقدسا، تزداد قيمته كلما ارتبط بعقار، فالملكيّة العقارية دائمة بدوام العقار موضوع الحق، وأمام أهميتها تلك سعى المشرع إلى حمايتها وذلك بإصدار مجلة الحقوق العينيّة التي نظّمت كل ما يتعلّق بالعقار من تسجيل وإشهار عيني.

ويعدّ حق الملكيّة حقا عينيّا، والحق العيني «  le droit réel » هو حق مالي باعتباره من أهم العناصر المكوّنة للذمة الماليّة، ويخوّل هذا الحق لصاحبه سلطات قانونيّة مباشرة على الشيء دون حاجة إلى تدخّل شخص آخر على خلاف الحق الشخصي le droit personnel الذي يعد رابطة بين شخصين أحدهما دائن والآخر مدين يلتزم بالقيام بعمل أو الامتناع عنه، كما يستأثر صاحب الحق العيني وحده بحق التتبع أي تتبع الشيء أين وجد، وله أيضا حق أفضليّة تجنّبه كل مزاحمة في ممارسة سلطاته على الشيء[2].

وبناء على ما سبق يتّضح ما لحق الملكيّة من أهميّة تجعله أوسع الحقوق العينيّة نطاقا فهو حق جامع تتفرّع باقي الحقوق العينيّة عنه التي قد ترتبط بعقار أو منقول، فيكون حقا منقولا إذا ارتبط بمنقول ويكون حقّا عقاريا إذا ارتبط بعقار[3].

وباعتبار الملكيّة العقاريّة مصدرا أساسيا لتدعيم الثروة قديما وحديثا وخير ضمان للدائن على مكاسب مدينه كان لزاما البحث في مختلف المراحل التاريخيّة عن وسيلة يستند إليها لضمان استقرار الملكيّة العقاريّة، حفظها، وتيسير تناقلها بين الأفراد بعيدا عن كل النزاعات.

ومن هذا المنطلق كان التوجّه نحو تحقيق علنيّة التصرفات القانونيّة المجراة على العقارات وجعلها معلومة للجميع ومضمونة بحيث يتم التأكد من مالكها والحقوق العينيّة الموظّفة عليها وما تعلّق به حق الغير...

هذه الغاية سعت إلى تحقيقها جل التشاريع من خلال اعتماد أنظمة إشهار عقاري شخصيّة كانت أو عينيّة [4]تهدف إلى توضيح معالم الملكيّة العقاريّة وإقرارها وحفظ حقوق الأفراد المتعلّقة بها من كل مصادر النزاع والخصام وتجنّبا للغموض أو ما اصطلح على تسميته " الجمود " باعتباره يعد معضلة لطالما تعلّقت بالرسوم العقاريّة.

فالرسم العقاري هو عبارة عن بطاقة تعريف للعقار بها تدرج البيانات المتعلّقة برقم العقار، اسمه، مساحته وحدوده ... فإدارة الملكيّة العقاريّة تقوم بإعداد رسم لكل عقار مسجّل بدفتر خانة كما تتولى إدراج كل ما يطرأ من تغيير وتصرّفات بذلك الرسم.

لكن تجاهل خصوصيات العقار المسجّل عند تحرير الكتائب المتعلّقة بها يعيق ترسيمها لاحقا، وبتعدد التصرفات الموظّفة على نفس العقار دون ترسيم يذكر لها تجمّد الرسوم المتعلّقة بها، وهذا يساهم في ظهور "الرسم العقاري المجمّد" الذي يعتبر معضلة تتعدد أسبابها[5] ويختلف تعريفها، ويجمع جل المختصّين في القانون العقاري التونسي[6] على اعتبارها ظاهرة مرضيّة حادة ملفتة للانتباه وينبغي التصدي لها بإيجاد الآليات التشريعيّة التي تمكّن من القضاء عليها.

ومع غياب تعريف دقيق لهذه الظاهرة قدّمت في أواخر الثمانينات محاولات لتحديد المقصود بالرسم العقاري المجمّد، وقد تقاربت في مجملها والتقت في اعتبارها رسوما لا تتطابق وضعيتها القانونيّة الحقيقيّة والواقعيّة للعقار نظرا لغياب تحيين للسجل العقاري أو استحالة القيام بذلك بتدخل عادي من قبل إدارة الملكيّة العقاريّة التي تمسك سجل رسوم الملكيّة[7] إلا أنّه في سنة1992 تدخّل المشرع التونسي ليضع تعريفا خاصا بالرسم العقاري المجمّد، فمع صدور أوّل قانون متعلّق بتحيين الرسوم العقاريّة المجمّدة  وتخليصها من الجمود[8] اعتبرها المشرّع تلك الرسوم التي يتوقّف تحريكها على إلحاق عدّة عمليات أجريت على العقار دون أن تضمّن بالرسم وقد يكون إلحاقها أو إلحاق بعضها قد أصبح أمرا مستحيلا لأسباب خاصّة منها وفاة أطرافها[9] والواضح من ذلك أن المشرع التونسي في تعريفه هذا يعتبر الرسم العقاري مجمّدا إذا تمّ خرق قاعدة تسلسل وتعاقب الترسيمات الواجب تدوينها بالسجل العقاري المكرّسة بالفصل 392 من مجلة الحقوق العينيّة والتي تفيد أن ترسيم الحق لا يتم إلا إذا كان منجرا ممّا سبق ترسيمه باسمه بمعنى أنّه إذا كان الحق  العيني موضوع عدّة نقل أو اتفاقات متواليّة فإن النقل أو الاتفاق الأخير لا يقع ترسيمه قبل ترسيم ما سبقه من نقل أو اتفاقات[10]، وبذلك يكون هذا التعريف التشريعي ضيّق وخاص بنوع واحد من الرسوم العقاريّة المجمّدة يعكس حالة جمود مستعصية ونهائيّة لا يمكن رفعها إلا وفق إجراءات قانونيّة خاصة واستثنائيّة[11]و هو ما يعني وجود تفرقة أساسيّة تهم الرسوم العقاريّة بين تلك المجمّدة جمودا نهائيا والتي سلف بيانها وبين الرسوم العقاريّة التي تشكو جمودا مؤقتا.

وهي تفرقة تطرّق لها المشرع التونسي في إطار قانون 1992 المتعلق بتحيين الرسوم العقاريّة وتخليصها من الجمود ليؤكّد أن الأخيرة في الذكر أي الرسوم العقاريّة المجمّدة مؤقتا يعطّل ترسيم الصكوك المتعلّقة بها لأسباب تتعدد منها ما هو مادي كعدم الإدلاء بوثيقة تكميليّة أو وجود نقص في تحرير الصكوك الخاضعة للترسيم بالسجل العقاري بقصد إشهارها أو لفقدان وثيقة، ومنها ما هو إرادي كعدم الإدلاء بالرخص الإداريّة أو عدم الاستظهار بالأمثلة الهندسيّة المقامة من قبل ديوان قيس الأراضي ورسم الخرائط في الحالات التي يستوجب القانون تقديمها، ومهما كانت الأسباب فان حالة الجمود المؤقت التي تشوب الرسم لا تؤدّي إلى اعتبار الرسم مجمّدا في حد ذاته بل إن الملف المقدّم للترسيم تمّ تعطيله من قبل إدارة الملكيّة العقاريّة بشكل جعله غير مرفوض بصورة نهائيّة ولا مقبول دون احترازات و تبقى الإدارة ماسكة له في انتظار تسوية من قبل المعنيين بالأمر[12].

فإذا تمّت تسوية الأمر يزول مانع التعطيل وتدرج العمليّة المطلوبة بالرسم العقاري وبذلك يحيّن الرسم وتنتهي حالة الجمود المؤقت، وفي حال تعذّر تسوية الملف المعطّل وتمّ التفويت في العقار دون إدراج العمليات المجراة عليه تطبيقا لقاعدة تسلسل الترسيمات فإنّه يصبح رسما مجمّدا، وفي حالته تلك يكون الملف المعطّل[13]سببا لجمود الرسم دون أن يكون بالضرورة عاكسا لحالة الجمود خاصة عند تراكم الملفات المعطّلة المترابطة والمقدّمة للترسيم وفق ما اقتضته قاعدة التسلسل الواردة بالفصل 392 من مجلة الحقوق العينيّة.

وقد تدخّل المشرع التونسي في مناسبة ثانية سنة 2001 لإلغاء قانون التحيين الصادر سنة 1992 وتعويضه بقانون جديد، والملاحظ أنّه قد تفادى هذه المرة تحديد تعريف خاص وواحد للرسم العقاري المجمّد وذلك ببيانه لجميع الحالات التي تستوجب تدخّل المحكمة العقاريّة لرفع الجمود خاصة منها القانونيّة والماديّة والإجرائيّة[14] بتحيينها أي جعل وضعيتها القانونيّة و بيانات السجل العقاري مطابقة للحالة الواقعيّة له.[15]

هذا التوجه التشريعي يمكن وصفه بالاتجاه السليم والصائب الذي يعكس الرغبة في الوقوف عند محاولة تنظير تعريف لها لكونها ظاهرة نأمل زوالها عاجلا أم آجلا.

كل هذه الخطوات كانت وليدة مسار تاريخي عرفت على إثره البلاد التونسيّة بوادر التنظيم العقاري منذ عهد الحضارة الفينيقيّة وصولا إلى إقرار نظام إشهار عقاري تماسكت أسسه وتوقفت على إثر ظهوره رسوم عقاريّة عن الحركة بسبب جمود بياناتها.

فقد كان للحضارة الفينيقيّة بمختلف قوانينها تأثير عرفت على إثره البلاد التونسيّة[16] قانونا للملكيّة وقوانين مسح الأرض وتحديدها، وفي العهد الروماني أقامت السلطة الرومانيّة بهدف تعمير البلاد وإحيائها والإشراف على طرق استثماراتها أمثلة تقسيميّة لكامل أراضي البلاد.

لكن هذه الإجراءات ولئن كانت مجدية في تحقيق أهدافها السابق ذكرها إلا أنّها لم تكن حائلا دون الاعتداءات والنزاعات موضوع العقار، وتواصل هذا الوضع إلى تاريخ الفتح العربي لإفريقيا وانتشار الإسلام بها ليتم تنظيم الأراضي بطرق مستمدّة من أحكام الفقه تبيّن طرق اكتساب الملكيّة وانتقالها بموجب عقود كتابيّة مثبتة للملكيّة، كل هذه النظم المعتمدة في تلك العهود لتناقل الملكيّة يمكن وصفها بالمعقّدة[17] وغير المجدية، فلم يكن ممكنا اعتمادها كضمان يدعم عمليات القرض العقاري، وقد بدأ الأمر يتغير في النصف الثاني من القرن 19 على إثر ظهور طريقة "روبار ريشار تورينس " « L’acte Torreurs » المعمول بها في أستراليا، وقد انطلقت عندما عهد إلى رائدها " روبار ريشار تورينس " بإصلاح نظام الأراضي في جنوب أستراليا، فتقدّم في سنة 1858 بمشروع قانوني أصدر في جويلية 1858 ثم نقح في 7 أوت 1861 [18] ويهدف هذا التشريع إلى تحقيق فكرتين: فكرة تطهير العقارات وفكرة تصفية وضعيته الماضية بصفة نهائيّة بغرض جعل كل الأراضي المملوكة للأفراد في حالة يمكن معها معرفة المالك الأصلي عن طريق ذات العقار الذي هو ركيزة الإشهار و منطلقه وذلك باتباع إجراءات خاصة تصفى بها الملكيّة العقاريّة وتنبثق عنها ملكيّة جديدة منبنية على إحداث الأصول السليمة وتنشأ عنها قوة ثبوتيّة للقيود المدوّنة بالسجل العقاري مع وجوب شهر كل الحقوق العينيّة العقاريّة وجعل الترسيمات متفقة مع وضعها الحقيقي بعد إجراء مراقبة مسبقة لكل العقود الخاضعة للتسجيل قبل قيدها في السجل مع تسليم سند ملكيّة مطابق لما هو مدوّن فيه وتتلخّص هذه الأهداف من القواعد الخمس[19]للتسجيل العقاري التي اعتمدها تورينس.

هذا النظام العيني للإشهار العقاري لا يجد مصدره في التشريع الأسترالي فقط بل هو مستمد أيضا من القانون البروسي المؤرّخ في 5 ماي 1872 [20]الذي يحاذي النظريّة العامة لتورينس مع شيء من الشدة من حيث اعتماده التسجيل الوجوبي واعتباره أن السجل العقاري العيني هو الصورة الحقيقيّة للعقار وحده وتأكيده على ضرورة مطابقة سجلات المسح للسجل العيني في كل ما يطرأ على العقار من تغييرات[21].

و يقوم النظام العيني للإشهار العقاري على خمس مبادئ[22] وهي أولا مبدأ التخصيص الذي يعني تخصيص صحيفة بالسجل لكل عقار تعتمد فيها الوحدة العقاريّة كمحور لتسجيل بالدفاتر والترسيم بها ويشمل الدفتر العقاري « Le registre foncier » مجموعة الرسوم العقاريّة التي يتعلّق كل منها بعقار معيّن بذاته يكون هو المرجع[23]، وثانيا مبدأ الشرعيّة « Principe de la légalité » الذي يتمثل في قيام الهيكل المشرف على السجل العقاري بإجراء تحريات قبل القيام بأي ترسيم على السند المقدّم للترسيم خاصة من ناحية مطابقته مع مضمون الرسم العقاري مما يضفي على عمليّة الترسيم قرينة صحّة وشرعيّة[24] وثالثا مبدأ القوّة الثبوتيّة للترسيم « Le principe de la force probante des inscriptions » الذي يجعل من الترسيم بالدفتر العقاري مثبتا لوحده الحق المرسّم بقطع النظر عن التصرّف الذي انبنى عليه، وقد اختلفت الأنظمة العينيّة المعتمدة لهذا المبدأ في تحديد مدى القوّة الثبوتيّة بين من يضفي عليها صفة الإطلاق بمنع إمكانيّة الطعن في الترسيم وبين من يجعلها قوّة ثبوتيّة نسبيّة تؤدّي إلى إمكانيّة قبول دحض الترسيم. ورابعا مبدأ خطر التقادم المكسب الذي ولئن كان سببا من أسباب إكتساب الملكيّة العقاريّة فإنّه يتناقض والآثار القانونيّة للترسيم بالسجل العقاري خاصة ما يتعلّق منه بالمفعول الحفظي له[25] وخامسا مبدأ الأثر المنشئ للترسيم الذي يفيد أن الترسيم هو شرط لانتقال الحق العيني أو نشأته بين الأطراف أو إزاء الغير وهو المبدأ الأهم من مبادئ نظام السجلات العينيّة لكونه يسمح بتفادي تزامن حياتين للعقار، حياة ظاهرة للغير وأخرى مستترة بين الأطراف المتعاقدة.

هذا النظام العيني بتماسك مبادئه وعميق أهدافه كان مصدر إشعاع لجل التشاريع العقاريّة المقارنة التي أنشأت بعد بدء العمل به والتي اقتبست منه ما يتلاءم مع عاداتها حتى لا تلاقي صعوبات مثل التي لاقاها تورينس من شعبه الذي لم يألفها وبذلك كان النظام الإشهاري العقاري العيني النظام الأكثر رواجا في الدول الغربيّة أو الإفريقيّة والعربيّة[26] من نظام الإشهار العقاري الشخصي المعمول به في فرنسا والذي يقوم على اعتماد أسماء الأشخاص المالكين للعقار كمحور لتنظيم الملكيّة العقاريّة بحيث ترتّب تلك الأسماء ترتيبا هجائيا دون التفات إلى العقار والترسيم على أساس هذا النظام الإشهاري هو مجرد إجراء يهدف إلى العلانيّة فقط دون أن يكون له أثر على الحق وهو ما يعكس مساوئ وضعف هذا النظام خاصة في إثبات حق الملكيّة وصعوبة البحث عن الحقوق الموظّفة على العقار[27] وتشعّب إجراءاته.

وبين هذين النظامين للإشهار العقاري تمّ التفكير في بعث نظام عقاري بتونس من قبل سلطة الحماية الفرنسيّة التي اهتمّت بتنظيم الملكيّة العقاريّة بشكل يسمح فيه للمستعمرين بتملّك الأراضي التونسيّة وإحكام الاستيطان واستغلال الأراضي الفلاحيّة الشاسعة التي كانت محل أطماع من قبل المستعمر الذي اتّجهت اهتماماته نحو إقرار نظام عقاري يتماشى مع مطلبه هذا،  فتمّ تجاوز قواعد وأحكام الفقه الإسلامي التي كان معمولا بها آنذاك في المملكة التونسيّة، أيضا لم يتم العمل بنظام الإشهار الشخصي الذي لم يكن يستجيب لأهداف فرنسا، بالإضافة إلى صعوبة تطبيقه بسبب تقارب الأسماء وغياب نظام للحالة المدنيّة الذي يعتبر قاعدة لتطبيق نظام الشهر الشخصي، وفي المقابل تمّ الأخذ بنظام الإشهار العقاري العيني، فبعد بحث معمّق من قبل السلط الفرنسيّة حول موضوع الملكيّة العقاريّة بعث سنة 1885 أوّل قانون عقاري تونسي متكامل بمقتضى الأمر العلي الصادر عن الباي في غرّة جويلية 1885 [28]متكوّن من 381 فصلا ولم يضبط أجلا لابتداء العمل بهذا القانون ممّا سمح لواضعيه بإجراء تحويرات عميقة عليه شملت حوالي 40 فصلا منه ثمّ دخل القانون العقاري حيّز التطبيق يوم 15 جويلية 1886 بموجب الأمر العلي الصادر في 28 جوان 1886 [29].

وتتميّز أحكام النظام العقاري الصادر في1885بشمولها نظامين قانونيين متكاملين، نظام قانوني أوّل مأخوذ في خطوطه الكبرى عن « Acte torrens » ويهدف إلى تطهير العقار من وضعيته السابقة باتباع إجراءات خاصة ضبطتها المجلة العقارية وتقوم بها محكمة مختصة كانت تسمى آنذاك " المجلس العقاري المختلط " بقصد معرفة حدود العقار النهائيّة ومالكه والتحمّلات المتعلّقة به ... وإدراجه بسجل رسمي تحقيقا لاستقرار الملكيّة بصفة نهائيّة لا رجوع فيها، وهي تعرف بإجراءات التسجيل، ونظام قانوني ثاني يتعلّق بإشهار التصرفات القانونيّة اللاحقة لتسجيل العقار ويهدف إلى اتباع الحالة القانونيّة والواقعيّة للعقار في مختلف تغيراته والتي يجب أن تكون علنيّة ومعلومة للجميع، وقد أخذت جل مبادئ هذا النظام عن القانون الألماني كمبدأ التخصيص ومبدأ منع التقادم المكسب في العقارات المسجلة ومبدأ القوة الثبوتيّة للترسيم ومبدأ الشرعيّة ومبدأ المفعول المنشئ للترسيم.

وتواصل العمل بهذه المجلة العقاريّة لسنة 1885 المنقحة بالأمر العلي الصادر في 28 جوان 1886 إلى حدود سنة 1965 تاريخ صدور مجلة جديدة سميت بمجلة الحقوق العينيّة بمقتضى القانون عدد 5 لسنة 1965 الذي ألغى فصله الثاني العمل بالقانون العقاري لسنة 1885 [30]، وقد استنبطت أحكام المجلة الجديدة من المجلة العقاريّة الملغاة ومن مجلة الالتزامات والعقود فيما يتعلّق بالحقوق العينية ومن الفقه أيضا[31]، وهذه المجلة لازالت سارية المفعول إلى اليوم وقد شهدت منذ صدورها تنقيحات جزئيّة تلبية لضرورة أو ظرف[32]، بداية من 1992 وصولا إلى القوانين المتممة أو المنقحة له الصادرة في  1995، 1998، 2000، 2001 و2009.

يعتبر النظام العقاري التونسي للتسجيل والإشهار منذ نشأته في سنة 1885 أمرا رائدا من حيث الأهداف التي ترمي إلى تحقيقها والمتمثّلة خاصة في توضيح معالم الملكيّة العقاريّة واستقرارها فهو بذلك يعد مكسبا قانونيا للبلاد التونسيّة آنذاك جعله نموذجا تنسج على منواله العديد من تشريعات الدول الإفريقيّة والعربيّة[33].

هذه المراحل التاريخيّة تؤكّد من دون شك أهميّة العقارات وما يتعلّق بها من حقوق ورسوم وإجراءات وهو ما يجعل البحث في الانتقال المرحلي للرسوم العقاريّة من حالة الجمود إلى التحيين ذا أهميّة نظريّة تكمن في توجيه الأقلام نحو التركيز على معرفة أسباب الجمود كمنطلق لإيجاد حلول مناسبة للقضاء على ظاهرة الرسوم العقاريّة المجمّدة و ما انجر عنها من آثار سلبيّة تمثّلت خاصة في التشكيك في جدوى نظام الإشهار العقاري وفي ظهور آليات عوّضت الرسم العقاري وحلّت محله، وأهميّة تطبيقيّة تتمثّل في معالجة الظاهرة واقعيّا، تكريسا لنجاعة نظام الإشهار العيني في حماية الحق، ابتداء من انتقال الرسوم العقارية من حالة الجمود والغموض إلى التحيين والوضوح، وهنا يكون مهما البحث عن إجابة للإشكاليّة التاليّة : كيف يمكن تخليص الرسوم العقاريّة من جمودها ؟

يمكن تخليص الرسوم العقارية من جمودها بالوقوف عند أسباب جمودها ثم القيام بتحيينها، وهو يحيلنا بالضرورة إلى تحديد أسباب جمود الرسوم العقارية في جزء أوّل والتطرق إلى آليّة تحيين الرسوم العقارية في جزء ثان.

الجزء الأوّل : تحديد أسباب جمود الرسوم العقاريّة:

يترتّب عن جمود الرسوم العقاريّة عدّة آثار سلبيّة يمكن حصرها في أثرين أساسيين يتمثّل الأوّل في التشكيك في جدوى نظام الإشهار العقاري، إذ نجد أن شكليّة الإشهار التي تعرّف بأنها مجموعة إجراءات مفروضة على الأفراد بقصد تحقيق علنيّة التصرفات التي موضوعها حقوق عينيّة أو شخصيّة موظفة على عقار مسجل[34]أصبحت غير قادرة على توفير عنصري الثقة والأمان في المعاملات العقاريّة التي تجري على أساس ما هو مدوّن بالسجل العقاري وذلك نتيجة ما آلت إليه الرسوم العقاريّة من وضع لم يعد يعكس بصفة واضحة وأكيدة الوضعيّة القانونيّة والواقعيّة للعقارات المسجلة ممّا جعل المتعاملين على أساس بيانات السجل غير المحيّنة يقعون في الخطأ الذي انجر عنه نشوء نزاعات خطيرة بين عدّة متعاملين على نفس العقار استحال عليهم ترسيم تصرفاتهم فساهموا بدورهم في ازدياد تعقيد وضع الرسوم العقاريّة المجمّدة بخلق سلسلة انتقالات للملكيّة خارجة عن نطاق السجل العقاري وبالتالي افتقد تحقيق مبدأي الإشهار والعلنيّة الذين يمثلان وظيفة أساسيّة لكل نظام إشهاري عقاري وجوهره[35].

أمّا بالنسبة للأثر السلبي الثاني فقد تمثّل في ظهور آليات حلّت محل الرسم العقاري وعوّضته أمام قصوره عن أداء وظائفه بفعل جموده فإنها شكّلت ضمانا فعليّا لإثبات ملكيّة عقار مسجّل باسم شخص معيّن دون غيره تفاديا لظهور تحيّل وهي أوّلا آليّة التسجيل بالقباضة الماليّة التي في غياب وجود ترسيم قانوني مفروض في المعاملات التي تهم عقارا مسجلا أصبح فض نزاع مطروح بين عدّة أطراف بخصوص أحقيّة كل منهم بملكيّة العقار المتنازع في شأنه يحل باللجوء إلى قاعد تسجيل الصكوك التي تعطي تاريخا ثابتا لمن هو أسبق بالتسجيل، فمن سجّل حقّه أوّلا يعتبر هو المالك للعقار. وقد منح فقه القضاء لهذه الآليّة دور المعوّض للترسيم[36]و ثانيا آليّة تقديم شهائد حوزيّة التي أصبحت المؤسسات المصرفيّة تشترطها كضمان لها مقابل توفير السيولة الماليّة الضروريّة لتحريك الأنشطة الاقتصاديّة بمختلف قطاعاته الفلاحيّة والصناعيّة والتجاريّة والثقافيّة.

ذلك أنّ المؤسسات المصرفيّة تعتمد بدرجة كبيرة على القرض الذي أصبح في الوقت الراهن عنصرا هاما في تطوير المعاملات والاستثمارات وبالتالي تحقيق التنمية الشاملة. هذه الآليّة تمثّل للمؤسسات المصرفيّة حلا بديلا عن الرسم العقاري الذي أصبح بفعل جموده قاصرا عن تحقيق جدواه ودوره في المجال الاقتصادي كضمان للقرض رغم أنّها تمثّل خرقا لمبدأ قانوني هام من مبادئ الإشهار العقاري ألا وهو مبدأ منع التقادم المكسب في العقارات المسجلة وما كان لتلك الآثار أن تتبلور لولا أن تظافرت أسباب عدّة أدّت إلى نشأة الرسوم العقاريّة المجمّدة وتفاقمها، والتي يمكن تصنيفها إلى أسباب قانونيّة (الفصل الأول) وأخرى اجتماعيّة (الفصل الثاني) وكان ذلك منطلقا لتعدد حالات جمود الرسوم العقاريّة.

الفصل الأوّل: الأسباب القانونية لجمود الرسوم العقاريّة

تعتبر الأسباب القانونيّة أحد أهم العوامل المباشرة لجمود الرسوم العقارية ويمكن حصرها في خلل الوظيفة المسندة للترسيم في نظام الإشهار العقاري التونسي (فقرة أولى) بالإضافة إلى غياب تحرير الصكوك الخاضعة للإشهار بطريق الترسيم بالسجل العقاري (فقرة ثانية).

فقرة أولى: خلل في نظام الإشهار العقاري التونسي

سعيا منه لحماية الملكيّة العقاريّة اعتمد المشرع التونسي نظاما للتسجيل العقاري صلب مجلة الحقوق العينيّة الصادرة في 12 فيفري 1965، إلا أن تطبيق هذا النظام ترتب عنه ثغرات كانت سببا في جمود الرسوم العقاريّة من خلال عدم التطابق بين الحالة الاستحقاقيّة للعقارات المرسّمة ميدانيا مع وضعها القانوني بالسجل العقاري.

ثمّ إنّ ما اتجه إليه المشرع في سنة 1992 من محاولة إيجاد تعريف للرسم العقاري المجمّد جعله يضيّق هذه الظاهرة في حالة وحيدة من حالات عدّة يمكن أن تكون كل منها تعريفا خاصا بالرسم العقاري المجمّد بما يعني صعوبة حصر تعريفه الذي يبقى مسألة نظريّة بحتة يجب عدم التعمّق فيها، فالتنظير يخالف واقع الظاهرة المرضيّة خاصة وأنّه منذ اللحظة التي يصبح فيها الرسم غير معبّر عن وضعيّة العقار الواقعيّة نتيجة وجود هوّة بين بيانات السجل والواقع يفقد السجل العقاري مصداقيته وجدواه ويصبح قاصرا عن أداء وظائفه التي تحقق فكرتي العلنيّة والإشهار جوهر كل نظام إشهاري عقاري وغايته وبالتالي يغيب عنصر الثقة والأمان في التعامل على أساس بياناته من قبل الغير وهو ما يؤكّد أن السعي نحو إيجاد الحلول الكفيلة بالقضاء على ظاهرة الرسوم العقاريّة المجمّدة يمثّل المسألة الأهم من محاولة تحديد تعريف دقيق لها، فالجهد الفكري والعملي يجب أن يركز حول وضع الحلول المناسبة لتخليص الرسوم من الجمود لكن إيجاد الحلول يتوقّف على بالضرورة على معرفة الأسباب فكل رسم عقاري مجمّد له سبب معيّن أدى إلى جموده ويقتضي حلا خاصا به لرفع الجمود عنه .

من المؤكد أن الوظيفة المسندة للترسيم قبل تنقيح 1992 قد ساهمت في تجميد عدد هام من الرسوم العقاريّة، فهو السبب المباشر الذي ترتّب عنه تلك الظاهرة وتفاقمت تدريجيا[37] وذلك من خلال حصر دور الترسيم في الاحتجاج بالحق تجاه الغير فقط وبذلك يحدث التصرّف القانوني الخاضع للترسيم بالسجل العقاري أثاره القانونيّة بين أطرافه بمجرّد تحقق شروطه الشكليّة والجوهريّة[38] دون ضرورة ترسيمه، وهنا يكون الترسيم مجرّد إجراء شكلي يهم الغير ولا يتوقّف تكوّن الحق العيني على هذه الشكليّة ونتيجة لذلك يقتصر الجزاء المدني المترتب عن عدم الترسيم في عدم جواز الاحتجاج بالحق غير المرسّم إزاءه.

ويرجع تاريخ تكريس الوظيفة الاحتجاجيّة للترسيم بنظام الإشهار التونسي إلى سنة 1886 بصدور الأمر العلي المؤرّخ في 16 ماي المنقح لما تضمنه الفصل 342 من النسخة الأصليّة من المجلة العقاريّة الملغاة الصادرة في غرة جويلية 1885 من اعتبار الترسيم شرطا ضروريا لتكوين الحق العيني تجاه الكافة[39]تنقيح اقتضته أولا مخالفة هذه القاعدة لأحكام الفقه الإسلامي ولأحكام القانون المدني الفرنسي الذي يعتمد على قاعدة الرضائيّة في المادة التعاقديّة بحيث تنتقل الحقوق بمجرّد توافق إرادة الأطراف والذي اتجهت نيّة واضعي المجلّة العقاريّة الملغاة إلى مسايرة أحكامه.[40] وثانيا إعادة التجانس لأحكام المجلة العقاريّة التي تضمّنت في نسختها الأصليّة فصولا أخرى بدت متعارضة مع أحكام الفصل 342 من مجلة الحقوق العينيّة من حيث إعطاءه للترسيم وظيفة احتجاجيّة تجاه الغير فقط.[41]

و قد اعتبر الأستاذ محمد كمال شرف الدين أن التنقيح الصادر سنة 1885 المتعلّق بدور الترسيم أنشأ أوّل نطفة لجمود الرسوم العقاريّة، وهذا الرأي صائب، ذلك أن هذا التنقيح يشرّع لوجود وضعيتين قانونيتين مختلفتين لنفس العقار وهو خطأ تشريعي كان من الممكن تلافيه لو تمّ الاعتماد منذ البدء على مبدأ المفعول المنشئ للترسيم[42].

والواضح أنّه قد تواصل العمل بالوظيفة الاحتجاجيّة للترسيم في إطار مجلة الحقوق العينيّة الصادرة في سنة 1965 إلى حدود سنة 1992 حيث تمّ العدول عن هذه الوظيفة وتعويضها بمبدأ المفعول المنشئ للترسيم بصفة واضحة وجليّة.

ولبيان مساهمة الوظيفة الاحتجاجيّة للترسيم في جمود الرسم الرسوم العقاريّة يمكن الإشارة إلى ما ترتّب عنها في قيام تفرقة بين الأطراف المتعاقدة والغير في مستوى زمن تكوّن الحق العيني الذي ينشأ بين الأطراف أولا بمجرّد إبرام الالتزام في حين تتأخر نشأته تجاه الغير إلى تاريخ ترسيمه بالسجل العقاري، وهذه الأخيرة تعد عمليّة اختياريّة تتوقف على سعي المشتري إلى إتمامه وعادة ما يتم إهمال هذا الإجراء طالما أن التعاقد يخوّل حريّة التصرف في العقار دون أي قيد، ويترتّب كنتيجة لذلك وثيقتين صحيحتين ورسميتين، الأولى وثيقة رسميّة حسب القانون المدني تنسب ملكيّة عقار مسجل إلى شخص معيّن ووثيقة أخرى صحيحة ورسميّة حسب قواعد القانون العقاري تنسب نفس العقار لشخص آخر وهي السجل العقاري.

كما نتج أيضا عن تكريس الوظيفة الاحتجاجيّة للترسيم إنشطار الوضع القانوني للعقار المسجل بجعله في الآن ذاته مال في ذمّة مشتريه بالنسبة لأطراف الصك الناقل لملكيّته ومال أيضا في ذمّة مالكه القديم بالنسبة للغير الذي ينتظر حصول الاشهار لتسري قاعدة الاحتجاج بتكوّن الحق العيني تجاهه من تاريخ اتمامه[43] وهو وضع استغلّه البعض للتفويت في نفس العقار الى خلف أوّل ثم خلف ثان يقوم بترسيم صكّه قبل الأوّل.

وهو ما يؤدي إلى خلق وضعيّة متشعبة تتصادم فيها قواعد القانون المدني التي تعتبر البيع الثاني باطلا لانعدام محلّه[44] وبين قواعد القانون العقاري التي تعطي الأسبقيّة والحجيّة لمن صدر لفائدته الترسيم خاصة إذا تمّ من قبل حسن النيّة الذي يتمتّع حسب أحكام الفقرة الثانية من الفصل 305 من مجلة الحقوق العينيّة بالقوة الثبوتيّة المطلقة للترسيم الإداري اللاحق[45].

بالإضافة إلى ما سبق التطرق إليه من خلل في النظام القانوني فإن لغياب تنظيم محكم لتحرير الصكوك الخاضعة للترسيم دور في تعميق جمودها.

فقرة ثانية : غياب تنظيم قانوني محكم لتحرير الصكوك الخاضعة للترسيم

لئن تعددت الأسباب التي ساهمت في تجميد الرسوم العقاريّة فإن تلك القانونيّة تعد الأكثر تكريسا لظاهرة الرسوم العقاريّة المجمّدة، أهمها غياب تنظيم قانوني لتحرير الصكوك الخاضعة للترسيم بالسجل العقاري يضمن احترام خصوصيات العقار المسجّل الذي تحكمه قواعد قانونيّة متماسكة كقاعدة الإشهار وتسلسل الترسيمات وشرعيتها.[46]

إذ يتعيّن على إدارة الملكيّة العقاريّة احتراما لهذه القواعد تحقيق الإشهار بعد التأكد من هويّة أطراف الصك وأهليتهم ومن عدم تعارض بيانات الكتب مع بيانات الرسم العقاري ومن عدم وجود مانع يحول دون تصرف طالب الترسيم في الحق ومن حيث صحة الوثائق المدلى بها إليها، ونتيجة لغياب تنظيم قانوني محكم يأخذ بعين الاعتبار الإجراءات السابق ذكرها أصبحت الصكوك المحررة والمقدّمة للترسيم قبل سنة 1992 تشكو عدم تطابق في محتواها مع بيانات سجل رسوم الملكيّة ممّا أفضى إلى جمود الرسوم العقاريّة خاصة مع تراكم الصكوك المعطّلة عن الترسيم لعلّة في تحريرها دون أن يقع تصحيحها أو تدارك ما بها من علّة، والتي يتم تناقل الحق موضوعها دون مراعاة قاعدة التسلسل فأصبح فيما بعد من الصعب إعادة احترامها أو مستحيلا خاصة في حالة وفاة المعاقد أو رفض هذا الأخير تمكين المستفيد من الترسيم.[47]

فغياب التنظيم القانوني المحكم لعمليّة تحرير الصكوك أدى إلى حريّة في تحريرها إذ كانت هذه العمليّة أي التحرير تعهد إلى مأمور عمومي إذا ما تعلّق الأمر بحجّة رسميّة[48]،  وإلى شخص غير محدد الصفة إذا كانت الحجّة غير رسميّة، وإجمالا يفتقد هؤولاء المحررين إلى العلم والدراية بالمادة العقاريّة لعدم تلقيهم لتكوين قانوني في شأنها أو لجهلهم التام بأحكامها[49]، الأمر الذي كان سببا في صياغة صكوك مبهمة في محتواها لا تتماشى مع خصوصيّة تحرير الصكوك التي موضوعها عقار مسجل، فهذه العمليّة بسيطة في ظاهرها معقّدة في باطنها تتطلب معرفة وتدقيقا وهو ما ذهب في تأكيده الأستاذ الحبيب الشطي[50] لمّا أصر القول بأنها ليست تمرينا في الإنشاء يتوقف حذقها على معرفة بعض النماذج بل هي عمليّة متشعبة تتطلب على المستوى النظري ثقافة قانونيّة خاصة تتصل بالقانون العقاري وثقافة قانونيّة عامة تتصل بعدّة فروع قانونيّة أخرى ترتبط بها وتتطلب أيضا على مستوى التطبيق دراية بالرسوم العقاريّة وبالأمثلة الهندسيّة وبدواليب الهياكل التي لها ارتباط وثيق بالعقارات المسجلة، وهي المحكمة العقاريّة وإدارة الملكيّة العقاريّة وديوان قيس الأراضي ورسم الخرائط. فقد كان مهما التزام محرر الكتب بما اشترطه المشرع من بيانات وتنصيصات وجوبيّة تطبيقا لأحكام الفصل 377 جديد من مجلة الحقوق العينيّة وقيام مسؤوليتهم في صورة ارتكابهم لخطأ في التحرير[51] وقد كان لزاما عليهم اعتماد الرسم العقاري كمصدر إطلاع ضمانا لسلامة تحرير الصكوك وجعلها قابلة للترسيم بمجرّد تقديمها لإدارة الملكيّة العقاريّة[52]، فمن المفروض أن تتضمن الرسوم جملة من البيانات المتعلّقة أساسا بهوية الأطراف وعدد الرسم [53] تحقيقا لمبدأ التخصيص الذي يقوم عليه نظام السجلات العينيّة.

إنّ معرفة الأسباب المساهمة في جمود الرسم العقاري يعتبر خطوة إيجابيّة في اتجاه البحث عن الحل المناسب، فتحديد مكمن الداء يؤدي إلى إيجاد الدواء، والمؤكد أن لجمود الرسوم العقاريّة أسباب أخرى غير تلك القانونيّة، إذ يضاف إلى ما سهى المشرع عن تنظيمه أسباب اجتماعيّة يرد بعضها إلى مخلفات المستعمر الفرنسي ويرجع البعض الآخر إلى جهل أصحاب الحق لما يجب اتباعه من إجراءات في سبيل حفظ الحق الملكي.

الفصل الثاني : الأسباب الاجتماعيّة

يضاف إلى الأسباب القانونيّة سابقة الذكر والتي كان لها تأثير عميق في تكريس جمود الرسوم العقاريّة أسباب أخرى غير مباشرة لكنّها لا تقل عنها أهميّة بل لها دور كبير هي أيضا في تكريس نفس الظاهرة وهي أساسا أسباب اجتماعيّة تترجم عزوفا عن التسجيل إما جهلا بمقتضيات التسجيل أو بسبب التعقيدات المتعلّقة بعمليّة التسجيل.

فقرة أولى: سوء التعامل مع مقتضيات السجل العيني

رغم أن تجربة السجلات العينيّة قديمة الظهور فقد بدأت منذ 1885 فإن جملة من الضغوطات التقليديّة كانت مسيطرة إذ يكتفي المتعاملون في أغلب الحالات بالكتائب العرفيّة والخطيّة جهلا منهم بموجبات السجل العيني[54]و بالتالي عزوف عن طلب الإدراج لدى إدارة الملكيّة العقاريّة[55] نتيجة لذلك تراكمت الصكوك والاتفاقات المتصلة بنقل الملكيّة دون إشهارها وبذلك غاب التطابق بين الوضعيّة القانونيّة المدرجة بالسجل والوضعيّة الواقعيّة المتعلّقة بتلك التصرفات، وهنا نكون حيال رسوم عقاريّة معطلة إذ لا يقبل ترسيم الحق إلا إذا كان مستمدا من المالك المرسم وهو ما يعرف بمبدأ تسلسل الترسيمات، فنتيجة لخرق هذا المبدأ بسبب عزوف الأطراف عن إدراج معاملاتهم تصبح الرسوم العقارية في حالة جمود.

كما أنّ الاستعمار كان له من المخلفات السلبية التي ساهمت في تعطيل الرسوم العقارية وجمودها، فبعد الاستقلال خلّف المعمرون العديد من العقارات الفلاحية التي فوتوا فيها للتونسيين بمقتضى كتائب خطيّة تفتقر إلى الدقّة[56].

وبذلك يكون لسوء تحرير الكتائب المتعلقة ببيع العقارات دور في جمودها، أضف إلى ذلك إهمال أصحاب الحقوق لشكلية الترسيم الذي يعد ضروريا لتوثيق معاملاتهم كما زادت حالات الشيوع المنتشرة الأمر سوءا.

إذن تعددت الأسباب الاجتماعية التي أدت إلى تعميق ظاهرة الرسوم العقارية المجمدة وتفاقمها بسبب سوء تحرير الكتائب المتعلقة بالتفويت في العقارات وانتشار حالات الشيوع وكان لذلك أن يؤدي إلى تراجع أهميّة العقار في الدورة الاقتصادية ككل.[57]

فقرة ثانية : التعقيدات المتعلّقة بعمليّة التسجيل

إنّ أسباب جمود الرسوم العقاريّة في مجملها مترابطة ويتولّد بعضها عن البعض الآخر، فسوء التعامل مع مقتضيات السجل العيني من قبل الأطراف قد يكون في حقيقة الأمر ناتجا عن ارتفاع كلفة الأعمال الفنيّة المتعلّقة بإعداد أمثلة هندسيّة للعقار من قبل ديوان قيس الأراضي بما هي عملية أساسيّة ومشروطة لترسيم الكتائب وفي الواقع تكلفة إعداد هذه الأمثلة ليست في المتناول دائما وإذا ما أمكن تجاوز مسألة الكلفة نصطدم بمسألة الوقت، فطول الإجراءات المتعلّقة بإعداد أمثلة التقسيم وصولا إلى التحصّل على المصادقة النهائيّة يتطلب من الوقت ما به تتراكم الملفات المعطلة وتصبح الرسوم مجمّدة.

فعمليّة التسجيل يمكن وصفها بالعمليّة المعقدة وهو ما يشكل أرضية ملائمة لنشأة الرسم مجمّدا منذ البداية بسبب عزوف المتعاملين عن التسجيل، كما أن إدراج الرسم بالسجل العقاري يتوقف على احترام مجموعة من الشروط تتعلّق بالناحية الإجرائيّة أو القانونيّة أو الفنيّة، فيكون كل إخلال بأحدها سببا من أسباب رفض مطلب الترسيم[58].

فهناك من الاخلالات الفنيّة ما يساهم في تعطيل عمليّة الترسيم أو تجميد الرسم العقاري، منها خاصة بيع جزء من العقار دون تشخيص هذا الجزء في مثال فني معد من ديوان قيس الأراضي طبقا لما ورد بالفصل 360 من مجلة الحقوق العينيّة[59]يضاف إلى ذلك حالة عدم التطابق بين محتويات مثال الرسم ومحتويات الصك المطلوب إدراجه وذلك من حيث بعض البيانات كتلك المتعلّقة بمساحة العقار أو حدوده ... الأمر الذي يعيق عمليّة الإدراج بالسجل العيني.

و يضاف إلى هذه الحالة الفنيّة أخرى إجرائيّة تتمثل في ضرورة احترام مراحل وإجراءات معيّنة يقع الأخذ بها عند إبرام الصكوك قبل إدراجها بالسجل العيني من ذلك على سبيل المثال الرخص الإداريّة في إعداد أمثلة التقسيم ورخصة الوالي المشروطة في نقل الملكيّة لأجنبي[60].

و يرتبط بانتقال الملكيّة مجموعة من الشروط القانونيّة، يكيّف بعضها على أنها شروط صحة وبعضها الآخر شرط احتجاج ويشكل غياب هذه الشروط حائلا دون عمليّة إدراج الصكوك بالسجل العيني.

الواضح إذن أن أسباب جمود الرسوم العقاريّة عديدة وهو ما يؤدي بالضرورة إلى تنوع أشكال جمود الرسوم العقاريّة إلا أنه انطلاقا من الفصل 6 من قانون 2001 يمكن حصرها في ثلاث أشكال مختلفة أولها يرتبط بمقتضيات الفصل 378 من مجلة الحقوق العينيّة الذي اقتضى توفر جملة من الشروط الشكليّة والأصليّة التي بدونها تصبح الصكوك غير قابلة للإدراج بالسجل العيني وهو ما يكرس أول شكل من أشكال الجمود، أما الشكل الثاني فهو متصل بمبدأ التسلسل ومفاده أن يكون الحق المطلوب ترسيمه منجرا عن آخر مدرج بالسجل[61]أي أن طالب الترسيم مطالب بإثبات سلسلة الانتقالات التي شملت الحق، وهو ما يشكل صعوبة يستحيل معها أحيانا الإيفاء بهذا الشرط وهو يساهم في جمود الرسم بسبب عدم الاستجابة لشرط التسلسل.

ومن أشكال الجمود أيضا ما يترتب عن الملكيّة الشائعة وما يرتبط بها من عمليات تفويت، فغياب تحديد الشركاء يجعل المسألة صعبة على إدارة الملكيّة العقارية التي لا يمكنها مراقبة مدى تجاوز كل شريك لمنابه بالتفويت، الأمر الذي يؤدي إلى وجود تباين بين المالكين ونسب استحقاقاتهم، وهو من أخطر أشكال الجمود باعتبار أن الرسم الحامي للحقوق يصبح مهدرا لها.[62]

إجمالا يمكن القول أنّ أشكال جمود الرسوم العقارية ترتبت أساسا عن عدم احترام مبادئ مسك السجل، ثم ان تحديدها لا يمكن أن يكون بالأمر الاعتباطي بل هو قاطرة عبور نحو إيجاد حلول تمحو حالة الجمود التي وجدت ولازالت متواصلة رغم جهود المشرع الذي تدخل بمقتضى نصوص قانونية كان لها عميق الأثر.

فتحديد أسباب جمود الرسوم العقارية يعتبر مسألة أوليّة باعتبار أن معالجة الخلل الذي طرأ على الرسم العقاري يكون بداية بمعرفة الأسباب ثم إقرار ما يتناسب من حلول للقضاء عليها، ضمن هذا الهدف كرّس المشرع التونسي التحيين كآلية قانونيّة من شأنها القضاء على ظاهرة الرسم العقاري المجمّد.

 

 

الجزء الثاني: تحيين الرسوم العقاريّة

كرّس المشرع التونسي مجموعة من الإصلاحات بهدف تخليص الرسوم العقارية من حالة الجمود، فكانت في مجملها نصوصا قانونية متواترة تتعلق بتحيين الرسوم العقارية (الفصل الأول) إلا أنها ورغم أهميتها خلقت صعوبات تطبيقيّة (الفصل الثاني).

الفصل الأول : اعتماد التحيين كحل للجمود

بحثا عن حلول لتخليص الرسوم العقارية من الجمود اعتمد المشرع التحيين العقاري وكرسه تكريسا قانونيا (فقرة أولى) مفعلا اجراءاته بدقة (فقرة ثانية).

فقرة أولى : التكريس القانوني للتحيين

تفاقمت ظاهرة الرسوم العقاريّة المجمّدة وانتشرت بشكل لافت للانتباه، وأخطر ما في الأمر أن الصورة الحقيقيّة للعقار لا تتطابق مع صورته القانونيّة وهو ما حرّك أقلام النقّاد التي استهدفت بالأساس نظام الإشهار لتعتبره معقدا، غير واضح وعديم المصداقيّة [63]، فهي حالة من التهميش يتعيّن تداركها، ووعيا بذلك سار المشرع التونسي في اتجاه اتخاذ جملة من الإصلاحات كان أوّلها إعادة هيكلة إدارة الملكيّة العقاريّة بموجب المرسوم عدد 4 لسنة 1964 المؤرخ في 21 فيفري 1964 ، حيث جاء الفصل من المرسوم عدد 4 لسنة 1964 المؤرخ في 21 فيفري 1964المتعلّق بتنقيح القانون العقاري وإعادة تنظيم دفتر خانة للأملاك العقاريّة بإجراءات جديدة ووضع جملة من المبادئ، منها تمكين المحكمة العقاريّة من النظر في الحالة الواقعيّة والقانونيّة لغرض تحيين الرسوم العقاريّة من خلال التنصيص على ما طرأ على العقار من انتقالات، أيضا تمكين رئيس المحكمة العقاريّة من جملة من الصلاحيات تجاوزا للصعوبات التي تنشأ بعد إقامة الرسوم العقاريّة والنظر في مطالب الإصلاح في صورة امتناع حافظ الملكيّة العقاريّة من تدارك السهو أو إصلاح الغلط الذي تسرّب إلى رسوم الملكيّة.

جل هذه المبادئ استوعبتها مجلة الحقوق العينيّة الصادرة بموجب القانون عدد 5 لسنة 1965 المؤرخ في 12 فيفري 1965 في الفصول 315 و379 و391 باستثناء الفصل 16 الذي ظل معتمدا لتنظيم دوائر الرسوم المجمّدة، هذا التوجه الإصلاحي لم يمثّل حلا جذريا ولم يكن كافيا لرفع الجمود عن الرسوم العقاريّة بل كان محل نقد من قبل رجال القانون [64]بمناسبة الاحتفال بمئوية  القانون العقاري، وذهب البعض الآخر [65]سنة 1987 إلى القول بضرورة التخلّص من النظام المزدوج للرسوم العقاريّة وتكريس انتقال الملكيّة بالترسيم مثلما هو معمول به في بعض القوانين المقارنة.

وتبلورت سياسة الإصلاح وتدعّمت بتكوّن لجنة من رجال القانون لتعد مشروع قانون يتعلّق بتحيين الرسوم العقاريّة توّج عملها بصدور سلسلة من القوانين أهمها القانون عدد 39 لسنة 1992 المؤرخ في 27 أفريل 1992 المتعلّق بتحيين الرسوم العقاريّة وتخليصها من الجمود والذي تمّ بمقتضاه إحداث لجان جهويّة للتحيين ودوائر الرسوم المجمّدة، هذا بالإضافة إلى مجموعة من القوانين صدرت في نفس السنة لتحدث المفعول المنشئ للترسيم محددة الطريقة المعتمدة في تحرير الرسوم الخاضعة للترسيم، منها القانون عدد 46 المؤرخ في 4 ماي 1992 المتعلّق بتنقيح الفصل 204 من مجلة الأحوال الشخصيّة.

ثم تدخّل المشرع التونسي مرة أخرى بعد ثلاث سنوات بموجب القانون عدد 10 لسنة 1995 المؤرخ في 10 جانفي 1995 ليقر إمكانيّة مراجعة الأحكام العقاريّة وفق إجراءات محددة مع إقرار الطعن في قرارات حافظ الملكيّة أمام المحكمة العقاريّة، وما يمكن الوقوف عنده من ملاحظات هو أن أعمال تسهيل الترسيم الواردة بالفصل 315 من مجلة الحقوق العينيّة والنظر في الأغلاط الماديّة الواردة بالفصل 391 من نفس المجلة قد أسندت سنة 1992 إلى رئيس المحكمة الابتدائيّة ثم عدل المشرع عن ذلك سنة 1995 .

الواضح أن قانون 1992 المتعلّق بتحيين الرسوم العقاريّة وتخليصها من الجمود ولئن مثّل محاولة تشريعيّة مهمّة إلا أنها وصفت بالفشل الإصلاحي التشريعي وانعدام النجاعة[66] وهو ما كان منطلقا للبحث عن إجراءات تكون أكثر فاعليّة في اتجاه ضبط نظام السجلات العينيّة عملت عدة لجان من رجال القانون على تكريسها وهو ما تبلور فعلا سنة 2000 من خلال صدور نصوص قانونيّة مهمّة يمكن تعدادها كما يلي :

-القانون عدد 94 لسنة 2000 مؤرخ في 11 نوفمبر 2000 المتعلّق بتنقيح القانون عدد 17 لسنة 1990 المؤرخ في 26 فيفري 1990 المتعلّق بتحوير التشريع الخاص بالبعث العقاري خاصة أحكام الفصل 15 الذي تم بمقتضاه إلزام الباعث العقاري التنصيص بعقد البيع على عدد مطلب التقسيم وتاريخ تقديمه، عدد وصل الخلاص ومصاريف التقسيم وتاريخه بهدف ضمان إتمام أعمال التقسيم في أقرب الآجال.

-القانون عدد 91 لسنة 2000 المؤرخ في 31 أكتوبر 2000 المتعلّق بتطبيق المفعول المنشئ للترسيم على بعض الرسوم العقاريّة.

-القانون عدد 32 لسنة 2001 المؤرخ في 29 مارس 2001 المتعلّق بتنقيح بعض فصول من مجلة المرافعات المدنيّة والتجاريّة حتى تكون مواكبة لما استوعبته مجلة الحقوق العينية من تنقيحات.

-القانون عدد 35 لسنة 2001 المؤرخ في 17 أفريل 2001 المتعلّق بتنقيح مجلة الحقوق العينيّة.

ثم القانون عدد 34 لسنة 2001 المؤرخ في 10 أفريل 2001 المتعلّق بتحيين الرسوم العقاريّة والذي كان بمقتضاه للمشرع أن يلغي لجان التحيين بمقتضى الفصل 36 وأحال جميع الملفات إلى المحكمة العقاريّة[67] وذلك بهدف توحيد الجهة المختصّة بالتحيين لذلك نص الفصل الثاني من هذا القانون على أن المحكمة العقاريّة " تختص بتطبيق الإجراءات الرامية لتحيين الرسوم العقاريّة " وبذلك أسند المشرع مسألة التحيين إلى المحكمة العقاريّة دون سواها، وينحصر أساس هذا الدور ويتوزّع بين قاضي السجل العقاري ودائرة الرسوم المجمدة، هذا القانون عدد 34 لسنة 2001 يبدو محور الإصلاح التشريعي وأساسه إصلاح نظام التحيين وضبط إجراءاته.

وصولا إلى القانون عدد 67 المؤرخ في 12 أوت 2009 المتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون عدد 34 لسنة 2001 المؤرخ في 10 أفريل 2001 والذي تم بمقتضاه الحد من اختصاص المحكمة العقارية وتكريس إمكانية الطعن بالاستئناف في أحكام التحيين، فضلا عن تكريس مبدأ وجوبية إنابة محام سواء في ميدان التسجيل الاختياري طبقا لأحكام الفصل 319 جديد من مجلة الحقوق العينية أو الفصل 4 جديد من قانون التحيين.

يتّضح مما سبق أن المشرع التونسي انتهى إلى اعتماد التحيين العقاري كآليّة لتخليص الرسوم العقاريّة من جمودها وذلك بجعل الوضعيّة القانونيّة للعقار أي بيانات السجل العقاري الأخيرة مطابقة للحالة الواقعيّة له وهو ما يعكس وضعيته الحقيقيّة.

ويستعمل المشرّع عبارة التحيين mise à jour  والتخليص من الجمود Dégel  للدلالة على شكل التحيين في مجمله[68].

إذن بعد ضبط مدلول الكلمة والتطرق إلى المسار التشريعي في سبيل تكريس التحيين يتعيّن ضبط إجراءاته بدقّة.

 

فقرة ثانية : إجراءات التحيين

يمر تحيين الرسوم العقاريّة بعدة إجراءات تتعلّق أساسا بمطلب التحيين (الجهة المختصة بتقديم مطلب التحيين، إشهار مطلب التحيين، إجراءات مطلب التحيين، الحكم في مطلب التحيين).

إذ يمثل تقديم مطلب التحيين أهمّ إجراء من إجراءات التحيين العقاري ويرفع هذا المطلب أساسا من طرف كل شخص تتوفر فيه الشروط القانونيّة (الطالب، المتداخل، المعارض) ويرفع المطلب وجوبا عن طريق محام لدى التعقيب أو لدى الاستئناف طبقا للتنقيح بموجب القانون عدد 67 لسنة 2009 المؤرخ في 12 أوت 2009 المتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون عدد 64 لسنة 2001 المؤرخ في 10 أفريل 2001 المتعلّق بتحيين الرسوم العقاريّة الذي أصبحت بمقتضاه إنابة المحامي وجوبيّة بالنسبة لجميع إجراءات التحيين.

وإلى جانب ضرورة إنابة المحامي يجب أن تتوفر في الشخص مقدم مطلب التحيين شرط القيام وأن يرفع المطلب إلى المحكمة المختصة وأن يحتوي المطلب على بيانات وجوبيّة ووثائق لازمة.

بالنسبة لمقدّم مطلب التسجيل فإنّه يكون مبدئيا من طرف كل شخص له مصلحة في القيام، ويقصد بذلك الطالب أو المتداخل أو العارض، ويجب أن يكون له الصفة والأهليّة والمصلحة وذلك على معنى الفصل 19 من مجلة المرافعات المدنيّة والتجاريّة، ويركز البعض على ما أقره المشرع من ضرورة إنابة المحامي في تقديم مطلب التحيين ليقتصر على المصلحة في القيام كشرط وحيد لرفع مطلب التحيين[69] الذي يحرره الطالب في نظيرين يتضمنان بعض البيانات الوجوبيّة مرفقة بوثائق ضروريّة.

فقد أوجب المشرع التونسي من خلال أحكام الفصل 10 من القانون عدد 34 لسنة 2001 المؤرخ في 10 أفريل 2001 المتعلق بتحيين جملة من البيانات يمكن اقتصارها في تحديد هويّة الطالب: اسمه ولقبه، تاريخ ولادته، مهنته، صفته، جنسيته، نظام الملكيّة بين الزوجين[70] ومقره[71]. كما يجب أن يتضمن المطلب عدد الرسم العقاري أي العدد المسند من طرف إدارة الملكيّة العقاريّة عند إقامة الرسم لأول مرة ومركز محكمة الناحية والمعتمديّة الكائن بدائرتها العقار.

هذا بالإضافة إلى ضرورة ذكر نوع الحقوق المطلوب إدراجها أساسا موضوع الحق المراد ترسيمه.

ويتوجب على الطالب أن يرفق مطلبه بجملة من الوثائق الضروريّة وهي أساسا العقود والرسوم المتعلّقة بالحق العقاري.

واستثنائيا يمكن أن يقدم المطلب طبقا لما ورد بالفصل 11 من القانون عدد 34 لسنة 2001 من طرف حافظ الملكيّة العقاريّة دون علم الأطراف وذلك بعد إنابة محام أو المكلف العام بنزاعات الدولة عملا بالتنقيح عدد 67 لسنة 2009 وككل استثناء فهو مقيّد بجملة من الشروط والإجراءات.

فلا يمكن لإدارة الملكيّة العقارية التماس النظر في الرسم العقاري [72] إلا وفق شروط محددة، فممارستها لهذا الإجراء يكون في حال عدم ثبوت الحالة الاستحقاقيّة للرسم لأسباب منها حالة الشيوع اللامتناهية نظرا لتعدد المستحقين وعدم الدقة في ضبط المنابات أو بسبب عدم التنصيص على المنابات الاستحقاقيّة الأصليّة أو تجاوز تلك المنابات وغيرها من الأسباب إلى أنظار إدارة الملكيّة العقاريّة في حد ذاتها ورئيس المحكمة العقارية أساسا .

ويبقى تقديم المطلب من قبل إدارة الملكيّة العقاريّة مجرد إمكانيّة مشروطة ومقصورة على ما يدخل في إطار نظر دارة الملكيّة العقاريّة التي ترفع مطلب التحيين إلى رئيس المحكمة العقاريّة الذي له أن يحيل الرسم العقاري إلى الدائرة المختصة في النظر وهي أساسا دائرة الرسوم العقاريّة المجمدة التي يوجد بدائرتها العقار.

الملاحظ إذن أن هناك غزارة في التشريع مما يؤكد سعي المشرع في كل مرة إلى إيجاد الحل المناسب توقيا وتحسّبا من انتشار ظاهرة الرسم المجمّد، فالحد منها يعد هدفا قريب المدى والقضاء عليها يمثّل غاية في حد ذاته.

وبذلك تمثل الآليات التشريعيّة وسائل وقائيّة تضاف إليها اجتهادات المحكمة العقاريّة كطريقة علاجيّة لما يطرأ من صعوبات تطبيقيّة.

الفصل الثاني : الصعوبات المتعلقة بالتحيين 

الرسم العقاري المجمد هو رسم تعتريه جملة من النقائص يمكن ردها إلى أسباب مختلفة، وحيال ذلك كرس المشرع التونسي التحيين كآلية للقضاء على الجمود في الرسوم العقارية، إلا أن هذا الدور الذي انفردت به المحكمة العقارية في ظل القانون عدد 34 لسنة 2001 المؤرخ في 10 أفريل 2001 المتعلق بتحيين الرسوم العقارية لم يكن على غاية من السهولة، إذ واجهت المحكمة العقارية عدة صعوبات ارتبطت في أغلبها بطبيعة الرسم المقدم للتحيين فهو رسم مجمد بالأساس، فكان لها أن تجتهد أحيانا وأن تعجز عن ذلك أحيانا أخرى.

تطرح مسألة التحين صعوبات تطبيقية (فقرة أولى) كان للمحكمة العقارية دور في تجاوزها وأخرى تنفيذية (فقرة ثانية).

فقرة أولى : الصعوبات التطبيقية

تطرح ظاهرة الرسوم العقارية المجمدة إشكالا سعى المشرع التونسي إلى تجاوزه من خلال اعتماد آليات التحيين التي يتم بموجبها تخليص الرسوم من حالة الجمود وقد تمّ تكريس هذه الآليات بناء على إصلاحات تشريعية متتالية تم بموجبها تكليف المحكمة العقارية بصفة انفرادية بالاختصاص الحكمي في إجراءات التحيين[73].

تستهدف أحكام التحيين الرسوم العقارية بغاية تحيينها من خلال تجاوز صعوبات الترسيم، وأمام تعددها كان للمحكمة العقارية ان تلعب دورا خلاقا من خلال اجتهادها في تجاوز تلك الصعوبات.

وضمن دورها هذا واجهت المحكمة العقارية صعوبات تطبيقية يمكن رد بعضها إلى إخلالات ارتبطت بإرادة الأطراف وأخرى خارجة عن إرادتهم.

فمن الإخلالات المرتبطة بإرادة الأطراف يمكن الوقوف عند ما يشوب الحجج المطلوب ترسيما من مشاكل يرد أغلبها إلى عدم إتقان المحررين لتقنيات تحرير الرسوم الحجج الاتفاقية، فعدم التزام الدقة والوضوح عند التحرير يؤدي إلى غموض الرسم وهو ما يعقّد ويصعب دور المحكمة العقارية في التحيين[74] دون أن يحول دون اجتهادها في إيجاد حلول، فكانت تأذن بتحديد موضوع العقد بنفسها[75]، كما كان لها دور خلاّق في تحديدها للمفاهيم وتأويلها للعبارات المبهمة في العقد.

وقد تترتب الصعوبات عن الحجج القضائيّة فعادة ما تثير الأحكام الصادرة عن المحاكم صعوبات عند ترسيمها[76] نظرا لما يشوبها من غموض، نفس الإشكال يمكن أن يتعلق بالبيانات الواردة بحجج الوفاة وبقائمة الورثة التي قد يطالها نقص في البيانات، وفي مثل هذه الحالات تأذن المحكمة العقارية بالقيام بجملة من الأبحاث تداركا لما تسرب من أخطاء لحجة الوفاة ...[77] الصكوك الإدارية من الممكن أيضا أن تطرح صعوبات أهمها ما يثار بخصوص أوامر الانتزاع وما يتعلق بقرارات إسقاط الحق.[78]

ومن الصعوبات التي وقع ردها إلى إرادة الأطراف تلك الناجمة عن حالات الإهمال والتنازع، فعدم توفر الحجج المعدة لإثبات التصرف بسبب إهمال من صاحب الحق يثير مشاكل على غاية من الخطورة قد تحول دون إمكانية تحيين الرسم العقاري نظرا لوجود حلقة مفقودة[79] أو نتيجة وجود معارضات يتعيّن البت فيها من قبل المحكمة العقارية كتلك المتعلقة بصدور البيع في مرض الموت أو البيع مرتين.

ويضاف إلى هذه الصعوبات المتصلة بإرادة الأطراف أخرى تخرج عن تلك الإرادة فتكون ناتجة إما عن الترسيمات المدرجة بالرسم العقاري أو عن قواعد الترسيم، فقد تشكل الترسيمات القديمة المدرجة بالرسم عائقا يحول دون ترسيم بعض العمليات الأخرى وهي أساسا تتعلق بالاتفاقيات القضائية كتلك المبرمة بين تونس وفرنسا المتعلقة بالأملاك العقارية الفرنسية المبنية أو المقتناة بالبلاد التونسية قبل سنة 1956 والتي تمت المصادقة عليها بموجب القانون عدد 2 لسنة 1985 المؤرخ في 13 فيفري 1985، وما تعلق بقانون التأميم المؤرخ في 12 ماي 1964 فيكون للمحكمة العقارية في مثل هذه الحالات القيام بالتشطيب على الاتفاقية في صورة ثبوت حقوق طالب التحيين قبل إبرام تلك الاتفاقية أو التشطيب على الإحالة الواقعة لفائدة الدولة إذا سبق انتقال ملكية العقار من مالك أجنبي له إلى مالك تونسي قبل صدور قانون التأميم.

هذا بالإضافة إلى التعطيلات المترتبة عن الترسيمات المتعلقة بالأحباس،فإذا تعلق مطلب تحيين برسم عقاري موضوع حبس لا يتسنى للمحكمة العقارية في مثل هذه الحالات سوى انتظار صدور حكم عن المحكمة الابتدائية أو لجان تصفية الأحباس يقضي بتصفية الحبس أو أن تتجاوز حدود اختصاصها لتقوم بذاتها بهذه العملية حتى يمكنها فيما بعد القيام بتحيين الرسم العقاري.

و تزداد الأمور تعقيدا إذا تسربت أخطاء إلى الترسيمات كأن يقع إدراج بيانات خاطئة تتعلق بموضوع أو أصحاب الحق أو نسبة الاستحقاق فيكون لزاما على المحكمة العقارية إصلاح ما تسرب من أخطاء إلى الرسم العقاري، أو التشطيب على التنصيصات والهوامش المدرجة بالرسم، الرهون العقارية وحقوق المرور القديمة والقيود الاحتياطية لأوامر الانتزاع القديمة ...[80].

هذا وقد تنتج الصعوبات المطروحة أمام المحكمة العقارية عن قواعد الترسيم في حد ذاتها مثل قاعدة التعاقب التي ليس من اليسير احترام تطبيقها، كما أنه من الصعب الإدلاء بجميع الوثائق المطلوبة من قبل المحكمة بسبب إتلافها أو عدم وجودها، وأمام كل هذه الصعوبات يكون على المحكمة العقارية الاجتهاد في اتجاه التيسير حتى يتسنى لها فيما بعد التحيين، فللقاضي المقرر القيام بجميع العمليات الاستقرائية اللازمة تيسيرا منه لعمليّة تحيين الرسم موضوع التحيين من خلال القيام بالأبحاث، سماع الأطراف وكل من يخشى المساس بحقوقه والقيام بالإشهارات التكميلية سواء بالصحف اليومية أو بالرائد الرسمي ...[81].

ورغم أهمية دور المحكمة العقارية في تحيين الرسوم العقارية وخاصة محاولاتها الاجتهادية لتجاوز الصعوبات التطبيقية المتعلقة بهذه العملية فان هناك من الحدود التي تحول دون ممارسة المحكمة العقارية لعملية التحيين، فمن جهة ضيّق المشرع التونسي من مجال الاختصاص المطلق للمحكمة العقارية في مادة التحيين، ومن جهة أخرى قد تجد المحكمة نفسها عاجزة عن تحيين الرسم العقاري لأسباب قد ترتبط بالرسم في حد ذاته أو لأسباب أخرى.

 إذ يخرج من مجال اختصاص المحكمة العقارية كل مطلب تحيين يتعلق موضوعه بعقار موقوف أو محبس تم تقديم مطلب تصفيته إلى الجهة المختصة، ففي مثل هذه الحالات يتم إرجاء النظر فيه من قبل المحكمة العقارية إلى حين البت في التصفية، كما منع الفصل 8 من قانون التحيين لسنة 2001 المحكمة العقارية من النظر في مطلب التحيين إذا كان موضوعه محل قيد احتياطي قد تم إدراجه بالرسم العقاري.

هذا وتواجه المحكمة العقارية عوائق تحول دون تحيينها للرسم العقاري، وقد ترتبط هذه العوائق بطبيعة الرسم في حد ذاته كأن يكون الرسم العقاري خاضعا لمبدأ المفعول المنشئ للترسيم على اعتبار أن الفصل 3 من قانون 10 أفريل 2001 اقتضى شمول إجراءات التحيين لجميع الرسوم العقارية عدا ما أحدث منها تنفيذا للأحكام الصادرة بالتسجيل بعد إجراء العمل بالقانون المؤرخ في 20أفريل 1998 المتعلق بالتمديد في مفعول الأحكام القانونية المرتبطة بتحيين الرسوم العقارية، وقد أوضحت المحكمة العقارية أن"  الرسوم العقارية الخاضعة للمفعول المنشئ للترسيم هي تلك التي أحدثت تنفيذا لأحكام التسجيل بعد اجراء العمل بقانون 20 أفريل 1998 أو التي تم تحيينها طبقا لأحكام قانون 10 أفريل 2001 وصدر في شأنها قرار بختم تحيينها"[82] وبناء على ذلك لا يمكن أن تكون الرسوم العقارية الخاضعة للمفعول المنشئ للترسيم موضوع مطلب تحيين.[83]

 كما يشكل غياب الصفة لدى طالب التحيين سببا يعيق تحيين الرسم العقاري ، وإذا تقاعس طالب التحيين في الإدلاء بالمؤيدات اللازمة للنظر في مطلب التحيين فإن ذلك يحول دون ممارسة المحكمة العقارية لمهامها ويحد من سبل اجتهادها.

وبالإضافة إلى ما سبق تعداده من صعوبات تواجه المحكمة العقارية قبل إصدار الحكم بالتحيين فإنه يتعلق بالحكم الإيجابي للتحيين صعوبات تنفيذية.

فقرة ثانية: الصعوبات التنفيذية

تتمثل الوظيفة الأساسيّة لإدارة الملكيّة العقاريّة في تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحكمة العقاريّة وضمن هذا الصدد يدرج دورها التنفيذي للأحكام القاضية بالتحيين.                                               

فعلى إثر صدور حكم عن المحكمة العقارية يقضي بالتحيين يقام الرسم العقاري من جديد على ضوء ما ورد من بيانات في ذلك الحكم ويتم إدراجه بالسجل العقاري من قبل إدارة الملكية العقارية، إلا أن التطبيق يكشف عن صعوبات تنفيذية لأحكام التحيين الصادرة عن المحكمة العقارية تتأتى أساسا من غموض في نص الحكم ناتج عن خطأ مادي.

وبالرغم من أنّ الفصل 24 من قانون التحيين يقتضي تنفيذ الحكم الصادر بالتحيين حالا[84] إلا أنه إعمالا لمبدأ الشرعيّة يكون لزاما على إدارة الملكيّة العقاريّة التحقق من شكل ومضمون كل صك مقدّم للترسيم، وبناء على ذلك يمكن لإدارة الملكيّة العقاريّة أن تؤجل تنفيذ حكم التحيين إلى حين إتمام الإصلاحات المطلوبة وتجاوز النقائص التي تشوبه[85]. إذ يجب أن يحترم حكم التحيين مبدأ التسلسل عدا ما استثناه الحكم صراحة.

فبعد صدور حكم التحيين عن المحكمة العقاريّة تتلقاه إدارة الملكيّة العقاريّة لإقامة رسم عقاري جديد يتضمن البيانات الواردة بالحكم فيكون حجة إزاء المتعاملين على تلك الرسوم العقاريّة، بعد المرور بمراحل كتلك المتعلقة بتنفيذ أحكام التسجيل طبقا لأحكام الفصل 351 من مجلة الحقوق العينية، إذ تتولى كتابة المحكمة :

-إعلام الخصوم بصدور الحكم

-توجيه نسخة من الحكم موقعا عليها من رئيس المحكمة

-توجيه الصكوك المأذون بإدراجها بالرسم العقاري مع أمثلة التجزئة المقامة بواسطة ديوان قيس الأراضي ورسم الخرائط أو مهندس مساح مصادق عليه في صورة تجزئة وقسمة العقار.

-ويتعين على كتابة المحكمة العقارية في حالة رفض مطلب التحيين توجيه نسخة من الحكم إلى إدارة الملكية العقارية لإعلامها بمآل المطلب ويعتبر هذا الإعلام إذنا لها باستئناف إجراء العمليات المطلوبة.

-وتتولى إدارة الملكية العقارية حالا ما لم يكن هناك سبب قانوني يبرر التأجيل إدراج العمليات المنصوص عليها بموجب حكم التحيين بالرسم العقاري المحيّن، كما ينبغي عليها وعند إحداث رسوم عقارية جديدة التنصيص على إتمام العملية كان بموجب حكم التحيين المنفذ.

-يجب على إدارة الملكية العقارية إدراج التنصيص المتعلق بخضوع الرسم العقاري لمبدأ المفعول المنشئ للترسيم تطبيقا للفصل 23.

لكن قد تواجه إدارة الملكيّة العقاريّة بوصفها الهيكل المنفذ والمسؤول عن حسن تنفيذ القانون[86]صعوبات تتعلّق بتنفيذ أحكام التحيين باعتباره من قبيل الأحكام القضائية التي قد يتسرب اليها أخطاء مادية، تعرض لها  المشرع التونسي محددا صورها، من ذلك ما ورد في الفصل 25 من القانون المؤرخ في 2001 الذي ينص على أنّه : "لا يجوز لإدارة الملكيّة العقاريّة تأجيل تنفيذ الحكم الصادر بالتحيين إلا في صورة طلب إصلاح الغلطات الماديّة المتسرّبة للحكم طبقا للفصل 26 من هذا القانون" ويضيف في الفقرة الثانية منه أنه : "إذا تعذّر تنفيذ الحكم نتيجة وجود ترسيمات حاصلة خلافا لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 13 وتطبيقا لمقتضيات الفصل 14 من هذا القانون يمكن لإدارة الملكيّة العقاريّة أو المستفيد من الحكم أن يطلب من دائرة الرسوم المجمّدة النظر في الصعوبات التي حالت دون التنفيذ."

انطلاقا من فحوى الفصل السابق يمكن أن يتأجل تنفيذ حكم التحيين الصادر عن المحكمة العقارية، فكلّما ثبت لدى إدارة الملكيّة العقاريّة وجود غلط تسرّب إلى الحكم المتعلّق بالتحيين يمكن تأجيل التنفيذ إلى أن يتم اصلاح ذلك الخطأ المادي الذي يتعلّق بالكتابة أو بالحساب أو الحالة المدنيّة ... ويدرج ضمن حالات الخطأ المادي الخطأ في توزيع المنابات الذي قد يتحوّل إلى خطأ أصلي إذا تمّ التفطن إليه بعد تنفيذ حكم التحيين[87]، ويتعذر تنفيذ حكم التحيين نتيجة وجود صعوبات تنفيذية بسبب وجود ترسيمات حاصلة خلافا لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 13 و14 من قانون 2001 ، ففي مثل هذه الحالات لا تقوم إدارة الملكيّة العقاريّة بتنفيذ حكم التحيين وتحيل الإشكال للمحكمة العقاريّة في إطار صعوبة تنفيذيّة مع التنصيص على ذلك صلب الرسم العقاري.

فالواقع التطبيقي يفرز بعض الصعوبات والإشكالات إذ قد تكون الإدارة مجبرة على تنفيذ حكم بالتحيين انبنى على خطأ تسرب إلى بعض الترسيمات الثابتة بالرسم موضوع التحيين وهو ما قد تثيره إدارة الملكيّة العقاريّة في إطار ما يسمى صعوبات تنفيذيّة من منطلق ما لديها من صلاحيات البحث والتحقيق في مدى وجاهة الحكم الصادر عن المحكمة العقارية تفعيلا لمبادئ مسك السجل خاصة منها مبدأ الشرعيّة.

و يتعلّق بإثارة الصعوبات التنفيذيّة لحكم التحيين شروط موضوعيّة وأخرى إجرائيّة، إذ تتمثل الشروط الموضوعيّة في صدور حكم يقضي بالتحيين أي أن عمليّة تحيين الرسم العقاري قد تمّ قبولها بمعنى استبعاد الأحكام القاضية بالرفض وإثارة الصعوبات من قبل إدارة الملكيّة العقاريّة التي توجه مراسلات إلى المحكمة العقاريّة [88]، ومن الناحية الاجرائيّة تنظر المحكمة العقارية في مطالب تحيين الرسوم العقارية المقدمة من كل ذي مصلحة عملا بأحكام الفصل 4 من قانون التحيين فقد منح المشرع لكل من له مصلحة في أن يطلب بعد إدراج الحكم بالرسم العقاري الرجوع في قرار إجراءات التحيين بناء على صكوك جديدة لم يسبق إضافتها لملف الطلب[89]، كما أنه لدائرة الرسوم المجمدة أو قاضي السجل العقاري كل في حدود اختصاصه ينظر دون أجل تلقائيا أو بطلب من إدارة الملكيّة العقارية أو من المعنيين في إصلاح الغلطات المادية [90].

إجمالا يمكن القول إن أهميّة الملكيّة العقاريّة جعل من الضروري السعي إلى حمايتها بإقرار ما يلزم من إصلاحات قانونيّة واعتماد اجتهادات قضائيّة خاصة لحل مشكلة الرسم المجمّد الذي تتعطل بوجوده كل السلطات المترتبة عن حق الملكيّة باعتباره حق عيني يخوّل صاحبه جميع السلطات على ملكه وبالأساس التصرف فيه، فإذا أصبح من غير الممكن انتقال الحق موضوع الرسم من شخص مالك إلى آخر فإن في ذلك مساس من حق الملكيّة ككل، فالانتقال بالرسم من حالة الجمود والعدم إلى حالة الوجود والحياة يبقى مدار كل التحويرات التشريعيّة والاجتهادات القضائيّة.

 


لائحة المراجع:

زهدي يكّن: العقارات وأقسامها في لبنان و فرنسا، منشورات المكتبة العصرية، صيدا-بيروت، الطبعة الأولى.

إبراهيم أبو النجا : السجل العيني في التشريع المصري ، جريدة السفير ، الاسكندريّة 1987.

علي كحلون: التحيين العقاري و أثره على المفعول المنشئ للترسيم، دار إسهامات في أدبيات المؤسسة.

إبراهيم أبو النجا: "السجل العيني في التشريع المصري"، ص30 وما بعدها، طبع بمطابع جريدة السفير، الإسكندريّة 1987.

زهدي يكّن : نظام السجل العقاري، محاضرة قانونيّة ألقيت من 17 ديسمبر 1963 منشور بمجلة القضاء والتشريع لسنة 1964.

محمد كمال شرف الدين " مبدأ المفعول المنشئ للترسيم في قوانين 4 ماي 1992 " م ق ت لسنة 1993.



[1]حسب الفصل 41 من دستور 2014 " حق الملكيّة مضمون ولا يمكن النيل منه إلا في الحالات وبالضمانات التي يضبطها القانون."

[2] زهدي يكّن: العقارات وأقسامها في لبنان و فرنسا، منشورات المكتبة العصرية، صيدا-بيروت، الطبعة الأولى، ص 35.

[3] زهدي يكّن: شرح مفصل جديد لقانون الملكية العقارية و الحقوق العينية، الجزء الأول،  ص 218 .

[4] Emmanuel Besson, Les livres Fonciers et la réforme hypothécaire, Etude Historique et critique sur la publicité des transmissions immobilière en France et à l’étranger depuis les origines jusqu’à nos jours ; Edit.J/DELAMOTTE 1891.

إبراهيم أبو النجا : السجل العيني في التشريع المصري ، جريدة السفير ، الاسكندريّة 1987 ص 17 وما بعدها .

[5]الحبيب الشطي: دراسات في القانون العقاري، دار الميزان للنشر، ص 139 .

[6]أنظر أعمال ملتقى مئويّة القانون العقاري التونسي المنظّم بكليّة الحقوق بسوسة في أفريل1987 .

[7]Med Kamel Charfeddine : Les droits des tiers et les actes translatif de la propriété immobilières, thèse soutenue en 1990 à la faculté de droit et des sciences politique de Tunis et publiée par le C.E.R.P 1993.  p 179 et suiv.

[8]أنظر القانون عدد 39 لسنة 1992 المؤرخ في 27 أفريل 1992 المتعلّق بتحيين الرسوم العقاريّة وتخليصها من الجمود، الرائد الرسمي للجمهوريّة عدد 27 مؤرخ في 5 ماي 1992 ص 515 وما بعدها أغي هذا القانون كيفما تمّ التمديد فيه بقوانين صادرة سنتي 1995 ثم سنة 1998 بموجب الفصل 36 من القانون الجديد عدد 34 لسنة 2001 المؤرخ في 10 أفريل 2001 المتعلّق بتحيين الرسوم العقاريّة، الرائد الرسمي للجمهوريّة التونسيّة عدد 30 بتاريخ 13 أفريل 2001 ص 967 وما بعدها.

[9]أنظر مداولات مجلس النواب عدد 29 جلسة الثلاثاء 21 افريل 1992 ص 17 .

[10]أنظر الفقرات الثانية والثالثة من الفصل 392 من مجلة الحقوق العينيّة.

[11]Georges Soulmagnon : La loi Tunisienne de 1er Juillet 1885 sur la propriété immobilière et le régime des livres fonciers, Librairie du recueil Sirey , Pari1933 n 6 et suiv page 312 et suiv et page 380 .

[12]Med Kamel Charfeddine : (op cite) p 175 et suiv.

[13]Med Lotfi Annabi : Les dossiers en suspens à la conservation de la propriété foncier « Rapport de stage de D E A en droit foncier : Faculté des sciences juridiques politiques et sociales de Tunis juin 1998.

[14]أنظر قانون التحيين الجديد عدد 34 لسنة 2001 مؤرخ في 10 أفريل 2001 المتعلّق بتحيين الرسوم العقاريّة المذكورة سابقا.

[15] علي كحلون: التحيين العقاري و أثره على المفعول المنشئ للترسيم، دار إسهامات في أدبيات المؤسسة، ص 9.

[16]قانون التسجيل العقاري التونسي علما وعملا ص 1.

[17]قانون التسجيل العقاري التونسي علما وعملا ص 8.

[18]نشرت ترجمة بالغة الفرنسية للقانون الأسترالي المؤرخ في 17 أوت 1861 بالمرجع الآتي :

Revue Algérienne et Tunisienne de législation et de jurisprudence, 1886 1er partie p 1 et suiv

أنظر أيضا :

Charle GIDE : L’acte Torrens Bulletin de la société législation comparée, 1886-1887 p.228 et suiv.

[19] اعتمد تورينس خمس قواعد للتسجيل العقاري وهي :

1-إعادة إنشاء سند الملكيّة بسجل عقاري مخصص للغرض.

2-لزوم الإعلان عن كل الحقوق العينيّة العقاريّة وعن التبديلات والتغييرات التي تطرأ على العقار.

3-المراقبة المسبقة لكل العقود الخاضعة للتسجيل قبل قيدها في السجل للتأكد من مشروعيتها.

4-إخضاع القيود المدوّنة في الصفحات العقاريّة العينيّة إلى قوّة ثبوتيّة لا تتزعزع ولا يمكن أن تكون عرضة لأي دعوى ليكون الغير بمأمن كل منازعة إذا اكتسب  حقا بالاستناد إلى ترسيمات السجل العقاري.

5-تسهيل تداول الملكيّة العقاريّة بتسهيل الإجراءات في نقل الملكيّة والحقوق العينيّة الأخرى، ص 9 و10 من قانون التسجيل العقاري علما وعملا .

[20]Paul GIDE : Bulletin de législation comparée 1873 p 208 et suiv .

[21]Christian Moulin : Publicité foncière , Europe occidentale juris classeur droit civil, Annexes ; Fascicule 20 ; Editions techniques Paris 1984.

[22]الحبيب الشطي : دراسات في القانون العقاري (مرجع سابق)ص 139 و140 .

[23] يسمى الدفتر العقاري أو سجل رسوم الملكيّة كما جاء بالتشريع التونسي بالفصل 380 من مجلة الحقوق العينيّة.

[24] حول مبدأ الشرعيّة أنظر خاصة الفصول 306 – 389 -390-392 من مجلة الحقوق العينيّة وانظر دراسات في القانون العقاري : الحبيب الشطي (مرجع سابق) ص 139 .

[25]أنظر الفصل 22 من مجلة الحقوق العينيّة المتعلّق بأسباب إكتساب الملكيّة العقاريّة.

[26]Christian Mouly : Pblicit2 foncière ; Europe occidentale ; juris classeur civil , Annexes , fasc 20 , 1984 p 1 et suiv .

[27]حول مساوئ وعيوب نظام الإشهار الشخصي أنظر إبراهيم أبو النجا: "السجل العيني في التشريع المصري"، ص30 وما بعدها، طبع بمطابع جريدة السفير، الإسكندريّة 1987 .

 [28]أنظر الرائد الرسمي التونسي عدد 134 مؤرخ في 12 جويلية 1885 ص 1 وما بعدها.

[29] Décret Beylical du 28 juin 1886, Revue Algérienne et Tunisienne de législation et de jurisprudence 1886 III ème partie page 97 et suiv.

[30]انظر القانون عدد 5 لسنة 1965 المؤرّخ في  12 فيفري 1965 المتعلّق بإصدار مجلة الحقوق العينيّة، الرائد الرسمي عدد 10 مؤرخ في 19 – 23 فيفري 1965 ص 200 وما بعدها.

[31] أنظر كلمة الأستاذ محمد الهادي خفشة كاتب الدولة للعدل أنذاك التي ألقاها أما مجلس الأمّة يوم الثلاثاء 9 فيفري 1965.

[32]حول أهم التعديلات التي شهدتها مجلة الحقوق العينية منذ صدورها أنظر محمد كمال شرف الدين : التطور التاريخي للنظام العقاري التونسي للتسجيل والإشهار 1885 – 1985 مجلة القضاء والتشريع عدد 9 لسنة 1987 ، ص 37 وما بعدها.

[33]زهدي يكّن : نظام السجل العقاري، محاضرة قانونيّة ألقيت من 17 ديسمبر 1963 منشور بمجلة القضاء والتشريع لسنة 1964 ص 3 وما بعدها.

[34]Michel Dagot : Publicité foncières ; généralités ; juris classeur de droit civil : Annexes, Edit techniques 1970 n 1 .

[35]Med Kamel Charfeddine : Les droits des tiers (op cit) p 59.

[36]أنظر الفصول 540 و581 من مجلة الالتزامات والعقود وخاصة الفصل 581 من نفس المجلة المنقح بالقانون عدد 47 لسنة 1992 المؤرخ في 4 ماي 1992 المتعلّق بتنقيح الفصل 581 من مجلة الالتزامات والعقود الرائد الرسمي للجمهوريّة التونسيّة بتاريخ 12 ماي 1992 عدد 29 ص 549 ، حول هذا التنقيح أنظر أحمد بن طالب : تنقيح الفصل 581 من مجلة الالتزامات والعقود  في محيط الإصلاح العقاري، مجلة الأحداث القانونيّة عدد 9 لسنة 1995 ص 43.

[37]أصبح للترسيم منذ سنة 1992 دور جديد يتمثّل في إنشاء الحق العيني تجاه الكافة، وذلك بتنقيح الفصول 115 و278 و305 و350 و373 من مجلة الحقوق العينيّة و581 من مجلة الالتزامات والعقود و204 من مجلة الأحوال الشخصيّة بموجب القوانين التالية عدد 46 وعدد 47 وعدد 48 المؤرّخة في 4 ماي 1992 من الرائد الرسمي للجمهوريّة التونسيّة عدد 29 ص 548 وما بعدها.

[38]أنظر الفصول من 3 إلى 70 من مجلة الالتزامات والعقود فيما يتعلّق بأركان العقد وشروطه؛  محمد الزين " النظريّة العامة للالتزامات: العقد " قانون مدني طبعة سنة 1993 ص 73 وما بعدها.

[39]Décret Beylical du 16 Mai 1886, Revenue Algérienne et Tunisienne de la législation et de jurisprudence III èmE partie p 79 et suiv.

أضاف هذا الأمر عبارة " إزاء الغير" لأحكام الفصل 342 من المجلة العقاريّة الذي نص في نسخته الأصليّة على أن كل حق عيني متعلّق بعقار مسجل لا يوجد إلا بترسيمه بإدارة الملكيّة العقاريّة ومن تاريخ ذلك الترسيم فأصبحت صياغته كما يلي: كل حق عيني لا يوجد إزاء الغير إلا بترسيمه...

[40]وردت قاعدة الرضائيّة في الفصل 1138 من المجلة المدنيّة الفرنسيّة لسنة 1804 .

[41]الفصول 15 و16 من النسخة الأصليّة للمجلة العقاريّة. وحول التضارب الموجود بين عدّة فصول صلب المجلة العقاريّة أنظر:

 Alfred Dain : Le système Torrens et son application en Tunisie et en Algérie : Revue Algérienne et Tunisienne de législation et de jurisprudence , 1885 1ère partie p 285 et suiv.

[42]Med Kamel Charfeddine, (op cit), Les droits des tiers, page 192 et suiv.

[43]محمد كمال شرف الدين " مبدأ المفعول المنشئ للترسيم في قوانين 4 ماي 1992 " م ق ت لسنة 1993 ص 123 وما بعدها.

[44]أنظر الفصول 2 – 64 – 325 – 551 من مجلة الالتزامات والعقود.

[45]أنظر الفصل 373 جديد من مجلة الحقوق العينية المنقح بالقانون عدد 46 لسنة 1992 مؤرخ في 4 ماي 1992 والفصول 389 – 390 – 392 من مجلة الحقوق العينيّة.

[46]أنظر الفصل 373 جديد من مجلة الحقوق العينيّة المنقح بالقانون عدد 46 لسنة 1992 مؤرخ في 4 ماي 1992 والفصول 389 و390 و392 من مجلة الحقوق العينيّة.

[47] قامت وزارة العدل بالتعاون مع إدارة الملكيّة العقاريّة في سنة 1992 بدراسة حول أسباب جمود الرسوم العقاريّة شملت ألف ملف مودع لدى الإدارة المذكورة يبيّن لها من خلالها أن رفض الترسيم أو تعطيله يرجع أساسا لعلّة في تحريرها : أنظر مداولات مجلس النواب عدد 30 جلسة يوم الثلاثاء 28 أفريل 1992 ص 39 .

[48]نظّمت مجلة الالتزامات والعقود أحكاما خاصة بالحجة الرسميّة في الفصول 442 إلى 448 من مجلة الالتزامات والعقود وأحكاما متعلّقة بالحجج الرسميّة في الفصول 449 إلى 460 من مجلة الالتزامات والعقود.

[49]Med Kamel Charfeddine, (op cite), p 183.

[50] الحبيب الشطي : الصكوك بين محررها وتحريرها ، دراسات في القانون العقاري، دار ميزان للنشر، طبعة سنة 1996 ص 155 .

[51] اتّجه المشرّع في سنة 1987 الى محاولة تحديد هويّة المحرر وحصره قصد إبراز مسؤوليته عند الخطأ بموجب المرسوم عدد 87 – 13 المؤرخ في 5 لأكتوبر 1987 المحدث لشهادة التخصيص العقاري، الرائد الرسمي للجمهوريّة التونسيّة عدد 71 مؤرخ في 9 أكتوبر 1987 ، انظر حول هذا المرسوم :

 Med Kamel Charfeddine : Le Certificat de vacation de l’immeuble, le droit de la promotion immobilière ; Colloque «  Forum des juristes » organisé par la Faculté de droit et des sciences politique de Tunis en 1989, vol 1 p 249.

[52] انظر قانون عدد 46 لسنة 1992 (مرجع سابق)

[53] علي كحلون : التحيين العقاري وأثره على المفعول المنشئ للترسيم ص 12 .

[54] علي كحلون : التحيين العقاري وأثره على المفعول المنشئ للترسيم، ص 12.

[55] منير الفرشيشي : الجامع في القانون العقاري، أبواب للنشر ص 290.

[56] لطفي النفطي: تحيين الرسوم المجمدة من خلال فقه قضاء المحكمة العقارية، مجلة القضاء والتشريع، مارس 2010 ص 57.

 [57]لطفي النفطي:) مرجع سابق( ص 57.

[58]منير الفرشيشي: (مرجع سابق) ص 292 .

[59]حسب الفصل 360 من مجلة الحقوق العينيّة : " إذا جزء العقار فإنّه يقع تحديد كل جزء منه على حدة..."

[60]منير الفرشيشي : (مرجع سابق) ص 292 .

[61] نص الفصل 392 من مجلة الحقوق العينية على أن " لا يقع ترسيم هذا الحق إلا إذا كان منجرا مباشرة ممن سبق ترسيمه باسمه ". كما ورد بالفقرة 3 من نفس القصل " أما إذا كان الحق العيني موضوع عدّة نقل أو اتفاقات متتالية فإن النقل أو الاتفاقات الأخيرة لا يقع ترسيمها قبل ترسيم ما سبق من نقل أو اتفاقات."

[62]منير الفرشيشي: (مرجع سابق) ص 309.

[63]علي كحلون: التحيين العقاري وأثره على المفعول المنشئ للترسيم، ص 9.

[64]علي كحلون: (مرجع سابق)، ص 14 .

[65]علي كحلون: (مرجع سابق)، ص 16 .

[66]علي كحلون: (مرجع سابق) ص 17.

[67]علي كحلون: (مرجع سابق) ص 18 .

[68]علي كحلون: (مرجع سابق) ص 9.

[69] منير الفرشيشي : "ونخلص نهاية إلى ان مطلب التحيين لا يشترط إلا المصلحة لا أكثر ولا أقل فكل طرف يثبت أن له مصلحة في تحيين الرسم بإمكانه تقديم المطلب أو الاعتراض أو التداخل مع الاحتجاج بما يجب قانونا من حيث الشكل شرط تكليف محام لتقديم المطلب ".

 [70]أصبح من الضروري ذكر نظام الملكيّة بين الزوجين بعد صدور القانون عدد 91 لسنة 1998 المؤرخ في 9 نوفمبر 1998.

[71]حسب الفصل 7 من مجلة المرافعات المدنيّة والتجاريّة يقصد بالمقر المكان الذي يقيم فيه الشخص أو يباشر فيه مهنته وهو مقره الأصلي وقد يكون المقر اختياريا يعيّن حسب القانون أو الاتفاق.

[72]منير الفرشيشي : )مرجع سابق( ص 337 و ما بعدها.

[73]رياض الجمل: دور المحكمة العقارية في تجاوز صعوبات التحيين، دراسات قانونية 2008 عدد 15 ص 219- 220.

[74]رياض الجمل:  )مرجع سابق ( ص 221.

[75]حكم تحيين صادر عن المحكمة العقارية بصفاقس بتاريخ 10 مارس 1999 عدد 75 غير منشور.

[76]علي كحلون: التحيين العقاري وأثره على المفعول المنشئ للترسيم، دار اسهامات في أدبيات المؤسسة، الطبعة الأولى 2002 ص 69 .

[77]رياض الجمل: )مرجع سابق( ص 224.

[78]رياض الجمل: مرجع سابق، ص 224 :" بالنسبة لأوامر الانتزاع لقد كانت المعضلات الكبرى ولازالت هي ما يلي: أولا: عدم إدلاء الإدارة بنسخة من الرائد الرسمي المتضمن لأمر الانتزاع والجداول المصاحبة له والمثال النهائي للعقار. ثانيا : الاختلافات المتعلقة بالأسماء الواردة بأمر الانتزاع مع تلك الواردة بالرسم العقاري. رابعا: العمل بمؤسسة القيد الاحتياطي قبل إلغائها سنة 2003 وما انجر عن ذلك من صعوبات بخصوص سقوطه بمضي 3 سنوات وكذلك توظيف قيد احتياطي لانتزاع جزئي."

[79]رياض الجمل: )مرجع سابق( ص 225.

[80] أنظر في هذا المعنى رياض الجمل : )مرجع سابق(ص 233 و234.

[81]جعفر الربعاوي: تقييم التجربة القضائية للتحيين، بحوث ودراسات قانونية 2008، عدد 3، مجلة تصدرها جمعية الحقوقيين بصفاقس، ص 9.

[82]حكم عقاري عدد 8121 بتاريخ 24 مارس 2003 م ق ت جوان 2003 ص 194.

[83]لطفي النفطي: تحيين الرسوم المجمدة من خلال فقه قضاء المحكمة العقارية، م ق ت مارس 2010، ص 82.

[84]" يتم تنفيذ الحكم الصادر بالتحيين حالا بعد علام الخصوم طبق أحكام الفصل 349 من مجلة الحقوق العينية.

 [85]البشير محمود: التحيين من خلال تنفيذ إدارة الملكيّة العقاريّة للأحكام الصادرة في مادة التحيين، دراسة قانونية 2008 عدد 15 ، مجلة تصدرها كليّة الحقوق بصفاقس ص 173.

[86]البشير محمود: (مرجع سابق) ص 174.

[87]البشير محمود: (مرجع سابق) ص 174.

[88]جمال نقازي: صعوبات تنفيذ حكم التحيين، مذكرة بحث للارتقاء إلى السنة الثانية من شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة، السنة الدراسية 2008-2009، ص 12 " وبتصفح مختلف المراسلات الصادرة عن هذه الإدارة والموجهة إلى المحكمة العقارية والتي غالبا ما تصدر عن الإدارة المركزية للملكية العقارية وتكون مختومة من حافظ الملكية العقارية وقد تصدر كذلك عن الإدارة العامة للدراسات القانونية والنزاعات وأيضا عن الإدارات الجهوية".

[89] الفصل 23 فقرة ثالثة من قانون التحيين.

[90]الفصل 26 من نفس القانون.


إرسال تعليق

0 تعليقات