آخر الأخبار

Advertisement

بيع الأصل التجاري بالمغرب - الأستاذ قندسي عبد النور- العدد 42 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث القانوني - تقديم ذ محمد القاسمي


 بيع الأصل التجاري بالمغرب - الأستاذ قندسي عبد النور- العدد 42 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث القانوني - تقديم ذ محمد القاسمي



لتحميل العدد بصيغته الرقمية pdf اليكم الرابط أذناه:







الأستاذ قندسي عبد النور

        باحث بسلك الدكتوراه، كلية العلوم القانونية، جامعة محمد

  الخامس بالرباط

    بيع الأصـل التجـاري بالـمغرب 

Sale of the commercial asset in Morocco

 

 الملخص:

     هدفت الدراسة لبيان القواعد المتعلقة بكيفية بيع الأصل التجاري بالمغرب، وذلك كدراسة على القانون الوارد في مدونة التجارة ل 1996 م. ولذلك فقد استخدمت المنهج القانوني لتحليل القرارات القضائية، بجانب استخدام المنهج التحليلي للتعرف على واقع القانوني لبيع الأصل التجاري بالمغرب ولتحليل المقتضيات والمشكلات التي صاغت الحاضر ثم استشراف التوصيات للمستقبل. وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج أهمها : مقتضيات بيع الأصل التجاري استثناها الفصل 489 ق ل ع من القاعدة العامة المنصوص عليها في الفصل 488 من القانون المذكور لأنه  يجمع بين قواعد قانون التجارة، و قانون الالتزامات و العقود إضافة إلى أنه  منذ إحداث المحاكم التجارية بمقتضى القانون 53.95 وهي الواجبة التطبيق علىى الأصول التجارية مع الإشارة إلى أن المشرع المغربي كان  بعيدا  عن التجارب المقارنة في الأصول التجارية  خاصة القانون الفرنسي الذي يستنبط منه القواعد القانونية إلى حدود سنة 1996 ودخول مدونة التجارة حيز الوجود أيضا إعطاء حلول سريعة للمنازعات المتعلقة بالمادة التجارية بصفة عامة والأصول التجارية بصفة خاصة  عن طريق توضيح  القوانين الواجبة التطبيق في المنازعات التجارية، كما أوصت بمجموعة التوصيات أهمها: ضرورة وجود قضاء مختص في القضايا الأصول التجارية على مستوى المحاكم التجارية والاستئناف التجارية ومحكمة النقض،مع جمع المقتضيات المتعلقة بالأصول التجارية في مدونة خاصة.                                                          

. الكلمات المفتاحية: الأصل التجاري، الزبناء، السومعة التجارية، مال منقول معنوي، الشعار.

  Abstract:

The purpose of the study was to outline the rules on how to sell a commercial asset in Morocco, as a study of the law contained in the 1996 Code of Commerce. The legal approach has therefore been used to analyse judicial decisions, as well as the analytical approach to the legal reality of the sale of commercial assets in Morocco and to analyse the requirements and problems that have formulated the present and then look forward to the future. The study reached a number of conclusions: the requirements for the sale of commercial assets were excluded from the general rule set out in chapter 488 of the said Act. It combines the rules of trade law with the law of obligations and contracts. Moreover, since the establishment of commercial courts under Law 53.95, which are applicable to commercial assets, the Moroccan legislature has been free from comparative experiences in commercial assets, in particular French law, from which the rules of law are based.

             clients, keywords:   ommercial origin

keywords:Commercial origin , clients, in commercial assets, of commercial courts, logo.

 المقدمة:

 تكونت فكرة الأصل التجاري من صميم الممارسة التجارية، في نهاية القرن التاسع عشر، بحيث تأكدت أهمية عناصره المادية المتمثلة في البضائع و المعدات الضرورية للاستثمار التجاري. لكن مع بداية القرن العشرين، تجسدت هذه الفكرة في مفهوم قانوني نتيجة وعي التجار بالأهمية الاقتصادية للأصل التجاري، النابعة من عناصر أخرى معنوية، مثل الاسم التجاري و الشعار و الزبناء وغيرها من العناصر الأخرى.[1] هذا المفهوم القانوني لفكرة الأصل التجاري الذي ظهر في فرنسا، أخد يتكرس بشكل تدريجي، من ناحية بفعل مطالبة التجار بحماية حقهم على زبنائهم من المنافسة، و من ناحية أخرى، بفعل مطالبة الدائنين باعتراف القانون بالأصل التجاري كوحدة قانونية مستقلة عن العناصر المادية و المعنوية التي يتكون منها، و التي يعتمد عليها التاجر في تجارته، وذلك منعا لتصرف هذا الأخير فيها و تهريبها منهم لحرمانهم من استيفاء ديونهم.[2]

و قد كان من نتائج ظهور و تطور فكرة الأصل التجاري، أن عملت التشريعات على مواكبة هذا التطور، وذلك عن طريق وضع قواعد قانونية خاصة بالأصل التجاري باعتباره مالا ترد عليه الملكية. و يمكن تبعا لذلك، أن يكون قابلا للتصرف فيه بواسطة البيع، أو لتقديمه كحصة في شركة، أو لرهنه مقابل الحصول على ائتمان بنكي، أو لتأجيره بمعزل عن العقار الذي يستغل فيه.

مشكلة البحث:

بالنظر إلى الخصوصية التي يتميز بها هذا الموضوع في الظرفية الراهنة، الأمر الذي يفرض علينا طرح إشكالية رئيسية تنصب أساسا حول حدود نجاح المشرع المغربي في تسخيره لأسس تشريعية وإجراءات واقعية تنظم عملية بيع الاصل التجاري من حيث اركانه وأثاره تجاه الاطراف والاغيار؟.

يتفرع من التساؤلات الرئيسية مجموعة من التساؤلات الفرعية وهي:

ماهي أركان بيع الأصل التجاري؟ من حيث أركانه وأثاره تجاه الاطراف والأغيار؟

منهجية البحث:

لإخراج هذا البحث في حلته الأكاديمية المقبولة علميا كان علينا تتبع العديد من المناهج نذكر منها: المنهج القانوني لتحليل القرارات القضائية، أيضا المنهج المقارن للمقارنة بين تشريعنا والتشريعات الأجنبية ولتحليل المقتضيات والمشكلات التي صاغت الحاضر ثم استشراق التوصيات للمستقبل.        

أهمية الموضوع:

الكتابة في موضوع الأصل التجاري بالمغرب يعني بيع الأصل التجاري في عقد رسمي أو عرفي يودع ثمنه لدى جهة مؤهلة قانونا للاحتفاظ بالودائع ويجب لزوما أن ينص العقد على اسم البائع وتاريخ العقد ونوعيته وبالتالي وجب إحترام شروطه وإجراءات لكي يكون البيع صحيحا لا باطلا .    

المبحث الأول: ماهية الأصل التجاري

يعتبر الاصل التجاري مؤسسة قائمة الذات تختلف عن فكرة الشخصية المعنوبة التي تتميز بها الشركات مما يجعل تحديد مفهومه وعناصره يتميز بجانب من الخصوصية والتجرد، وهذا ما سنقوم بمعالجته في هذين المطلبين.

     المطلب الأول : مفهوم  الأصل التجاري وعناصره

الفقرة الأولى: تعريف الأصل التجاري

عرف المشرع المغربي الأصل التجاري في المادة 79 من مدونة التجارة بقوله" الأصل التجاري مال منقول معنوي يشمل جميع الأموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة".

فالأصل التجاري كما عرفه الفصل 79 المذكور مال منقول معنوي يشمل عناصر مادية و معنوية خصصت لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة تجارية، إلا أنه لا يفهم من هذا التعريف أن المشرع قد حصر الأصل التجاري في ممارسة النشاط التجاري وحده مستبعدا بذلك بقية الأنشطة الاقتصادية الأخرى، بل قصد به بصفة عامة ممارسة أي نشاط من الأنشطة التي يكتسب ممارسها صفة تاجر كما حددها الفصل 6 من مدونة التجارة، و بذلك يدخل ضمنه الصانع و التاجر و الحرفي و مقاول الخدمات.[3]

و قد حدد المشرع المغربي في المادة80 من مدونة التجارة عناصر الأصل التجاري التي لابد من توافرها في المؤسسة لتكسب صفة الأصل التجاري، و عناصر أخرى مهمة في تكوين الأصل التجاري إلا أنها ليست ضرورية لقيام كل أنواعه، فقد نصت المادة 80 المذكورة على أنه يشتمل الأصل التجاري وجوبا على زبناء و سمعة تجارية و يشمل أيضا كل الأموال الأخرى الضرورية لاستغلال الأصل التجاري كالاسم التجاري و الشعار و الحق في الكراء و الأثاث التجاري و البضائع و المعدات و الأدوات و براءات الاختراع و الرخص و علامات الصنع و التجارة و الخدمة والرسوم و النماذج الصناعية، و بصفة عامة كل حقوق الملكية الصناعية أو الأدبية أو الفنية المحلقة بالأصل.حددت المادة المذكورة عناصر الأصل التجاري الجوهرية التي لابد من توافرها في كل أصل تجاري و عناصر أخرى مهمة إلا أن الأصل التجاري يمكن أن يوجد دون توفرها كلها. فالعناصر الضرورية التي لا يمكن أن يوصف مكان بأنه أصل تجاري بدونها هي الزبناء و السمعة التجارية إذ لا يتصور وجود أصل تجاري بدون زبناء و لا بدون سمعة تجارية، أما بقية العناصر الأخرى فهي ليست ضرورية في كل نشاط تجاري و قد تكون ضرورية في بعضها و غير ضرورية في بعضها الآخر

الفقرة الثانية: الطبيعة القانونية للأصل التجاري

إذا كان الفقه والقضاء والتشريع المقارن يجمع على أن الأصل التجاري وحدة أو مجموعة اقتصادية ذات ذاتية مستقلة، تتألف من عناصر معنوية ومادية إفرادية ، لكل منها ذاتيتها الخاصة ونظامها القانوني الخاص كذلك، فإن الخلاف على أشده حول الطبيعة القانونية لهذه الوحدة أو المجموعة، خاصة بين المدرستين الألمانية و الفرنسية. فالمدرسة الأولى تعتبر الأصل التجاري مجموعة قانونية مستقلة عن التاجر المستثمر له بحقوقها والتزاماتها التي تصب في ذمتها الخاصة، بينما تعتبره الثانية مجرد مجموعة واقعية تشكل جزءا من ذمة التاجر المستغل له.[4]

أولا  - نظرية المجموعة القانونية أو الحقوقية

تحتل النظرية التي تعتبر الأصل التجاري وحدة أو مجموعة حقوقية أو قانونية، مكانا بارزا في الفقه والقضاء في ألمانيا وسويسرا. وتوجد في ألمانيا نظريتان تختلفان في وصف وتكييف الأصل التجاري ألا أنهما تتفقان مبدئيا حول النتائج التي تكاد أن تكون واحدة، ونظرية ثالثة يمكن وصفها بالألمانية-الفرنسية.

·       نظرية الاعتراف للأصل التجاري بالشخصية المعنوية[5]

تعتبر هذه النظرية الأصل التجاري منظمة أو مؤسسة اقتصادية  ذات مالية مستقلة عن ذمة التاجر بعناصرها الايجابية أو الأصول والسلبية أو الخصوم.وتترتب على نظرية الاعتراف للأصل التجاري عدة نتائج هامة هي التالية:

1-يحمل الأصل التجاري اسما أو عنوانا متميزا يعرف به وينتقل بانتقاله.

2- يكون للأصل التجاري جنسيته الخاصة .

3-  يملك الأصل التجاري حق التقاضي باسمه وفي موطنه أو مقره.

4-  تكون للأصل التجاري ذمة مالية مستقلة بخصومها وأصولها للاستثمار وتنتقل تلقائيا وبقوة القانون إلى المقتني أو المشتري الجديد للأصل.

5-  يحق لدائني الأصل التجاري وحدهم الحجز على أموال الأصل دون الدائنين العاديين أو الشخصيين للتاجر المستثمر .

·       نظرية الذاتية القانونية والذمة القانونية المستقلة[6]

تبنى هذه النظرية الكاتبان الألمانيان برنز و بكر اللذان يعتبران الأصل التجاري مجموعة من الأموال والقيم تشكل ذاتية خاصة لاتتمتع بالشخصية المعنوية فالأصل التجاري عند هؤلاء ذمة مالية موحدة تحقق غرضا مشتركا . وتتمتع بنوع من الأهلية والاستقلال القانوني لا يرقى إلى درجة الانفصال التام عن الذمة الخاصة أو الشخصية للتاجر المستثمر وبمعنى أخر استقلال في ظل التبعية .

·       نظرية تخصيص الذمة:[7]

يعتبر الأصل التجاري في ظل هذه النظرية مجموعة من الأموال والقيم ترصد أو تخصص من قبل التاجر لتحقيق غرض مشترك.ويشكل رأس المال المخصص من طرف التاجر المستثمر ذمة مالية مستقلة عن أمواله الخاصة أو ذمته الشخصية المدنية تستقل بديونها وحقوقها. ويترتب على تفويت الأصل التجاري انتقال حقوق وديون الذمة المخصصة بقوة القانون إلى المشتري أو كل مقتن جديد.

ولا تختلف النظرية الثالثة عن الثانية إلا في اللفظ والمصطلح، لا في المضمون والجوهر والنتائج. علاوة على ذلك فلا تعترفان معا للأصل التجاري بالشخصية المعنوية، وإن حققتا ذات النتائج الناشئة عن مثل هذا الاعتراف.ماعدا الموطن والمقر والجنسية والحق في التقاضي تحت العنوان أو الاسم المستقل.

ثانيا: نظرية المجموعة الواقعية [8]

تعتبر هذه النظرية الأصل التجاري مجموعة من الأموال أو العناصر المعنوية والمادية، يتم تجميعها وضمها في الواقع من طرف تاجر بغية ممارسة نشاط أو عدة أنشطة تجارية. وينبثق عن هذا المجموع الواقعي كيان أو وحدة ذات قيمة اقتصادية  مستقلة عن العناصر الداخلة في تكوينها، دون أن ترتقي إلى درجة الشخصية المعنوية أو الذمة المستقلة عن ذمة التاجر المستغل للأصل . وبمعنى أخر ليس للأصل التجاري في مفهوم المجموعة الواقعية كيان أو ذمة مستقلة بل يعد جزءا من أموال وذمة التاجر التي تشكل الضمان العام لدائنيه سواء كانوا من أصحاب الديون المدنية أو الديون التجارية.

وتترتب على نظرية المجموعة الواقعية السائدة في القانون الفرنسي والمغربي عدة نتائج أهمها:

1.     تعد نظرية المجموعة الواقعية من عمل إرادة التاجر عكس نظرية المجموعة القانونية التي من عمل القانون.

2.     للأصل التجاري كيان مستقل عن العناصر التي يتركب منها ويخضع بذلك لقانون خاص ينظم بيعه ورهنه وتقديمه حصة في شركة والتسيير الحر على أن تحافظ العناصر الافرادية التي يتكون منها لقوانينها الخاصة بها إن وقع التصرف فيها منفصلة.

3.     ليست للأصل التجاري شخصية معنوية ولا ذمة مالية مستقلة بالتزاماتها وحقوقها وإنما هو مجرد مال منقول معنوي من أموال التاجر المستثمر ويعد جزءا من ذمته الخاصة التي تشكل الضمان العام لكل الدائنين.

4.     لاتنتقل الحقوق والديون الناشئة عن الاستثمار بانتقال الأصل التجاري .

5.     يجوز للدائنين الشخصيين الحجز على أموال التاجر كلها وضمنها الأصل التجاري أسوة بالدائنين التجاريين لوحدة الذمة الناشئة عن عدم الاعتراف للأصل التجاري بذمة مستقلة بديونها

وحقوقها.

 

المطلب الثاني: عناصر الأصل التجاري:

نعني بها تلك الفكرة التِّي تتضمن مجموعة من العناصرالتي تدخل في ممارسة النشاط التجاري وتساهم فيه، وبالرجوع الى المادة 79 و المادة 80 من مدونة التجارة نجد أنالأصل التجاري هو مال منقول معنوي يتكون من منقولات مادية وأخرى معنوية و تلعب هذه العناصر دورا مهما في تحديد قيمة الأصل التجاري

الفقرة الأولى العناصر المعنوية:

تلعب العناصر المعنوية الدور الأكبر في تحديد قيمة الأصل التجاري وهذه العناصر هي:

أولا الزبناء:

  الزبناء هم أهم عنصر في الأصل التجاري بل هناك من جعله هو الأصل التجاري نفسه، باعتبار أن باقي العناصر إنما تقتصر على تنمية المشروع والمحافظة عليه، و الزبناء هم الأشخاص الذين اعتادوا التزود من التاجر و التعامل معه، ويشترط فيهم أن يكونوا خاصين بالأصل التجاري ولا يكفي أن يقوم التاجر باستغلال زبناء غيره كما يحدث خاصة في محطات تزويد الوقود مثلا. إلا أنه لا يعني أن يكون الزبناء ملكا للتاجر لأنه يتعارض مع مبدأ المنافسة الحرة.ويرجع ارتباط الزبناء بالأصل التجاري الى خصائص تتوفر فيه (نوع الخدمة المقدمة، الموقع، تهييئه الداخلي والخارجي....) أو تتوفر في صاحبه (النزاهة، الصدق، الخبرة، حسن المعاملة....)

فقيمة الأصل التجاري تتحدد تبعا للرصيد الذي استطاع التاجر ان يحققه من الزبائن بفضل قدراته المهنية وخصاله الشخصية وعن طريق توظيف العناصر الأخرى المشكلة للأصل التجاري التوظيف الملائم[9].

ثانيا: السمعة التجارية:

  يرتبط هذا العنصر بالعنصر السابق ويصعب التمييز بينهما ذلك أن رصيد التاجر من الزبناء يخضع لما يتوفر عليه المحل من سمعة تجارية، إلا أن بعض الفقه ميز مع ذلك بينهما بأن جعل الرصيد من الزبائن يتشكل من الزبناء القاريين، أما السمعة التجارية فتعني قدرة الأصل التجاري على اجتذاب الزبناء العرضيين بسبب موقعه أو بسبب اسمه أو علامة أو شعاره التجاري كسلسلة مطاعم أو فنادق مثلا.

ثالثا: الحق في الإيجار:

غالبا ما يمارس التاجر تجارته في عقار ليس في ملكيته ولكنه يكتريه،وباعتبار أن الزبناء من العناصر الأساسية للأصل التجاري فالمحافظة عليهم تستوجب الحفاظ على المحل الذي اعتاد التاجر استقبالهم فيه ويكون لحق الايجار الدور الأكبر في الرفع من قيمة الاصل التجاري كما هو الشان بالنسبة للمحلاة التي تستمد قيمتها من موقعها كالمقاهي وعليه فالقانون قد اعترف للتاجر بالحق في الايجار 16/49المتعلق بعقود كراء المحلاة المعدة للاستعمال الصناعي والتجاري والحرفي، بحيث أن التاجر يستطيع التصرف في أصله التجاري كما أن من حقه الحصول على التعويض المستحق في حالة رفض المكري تجديد العقد.

رابعا: العنوان التجاري:

  وهو التسمية التي يتخذها التاجر ليزاول تحتها تجارته ويعرف بها في الوسط التجاري و يظهر على مطبوعاته و يمضي به مراسلاته[10] ،و يحصل عليها من المكتب  الوطني لحماية الملكية الصناعية و التجارية او من خلال إحدى مندوبياته او مركز الاستثمار الجهوي بواسطة الشهادة السلبية[11] وتكون غالبا الاسم العائلي للتاجر بالنسبة للمقاولات الفردية او شركات المحاصة اما الشركات التجارية غير شركات المحاصة فتتخذ تسمية تجارية وليس عنوانا تجاريا و يجب على التاجر تسجيل عنوانه بالسجل التجاري قصد اكتسابه حماية قانونية يقررها القانون إما في مجموع تراب المملكة إذا طلب المعنيون ذلك او الدائرة القضائية التي تعين خصيصا من قبلهم، وأي استعمال عشوائي للعنوان التجاري يؤدي الى دعوى المنافسة غير المشروعة وعدم استعمال العنوان التجاري لمدة تفوق 3 سنوات يعطي الحق لكل ذي مصلحة تقديم طلب الى المحكمة قصد التشطيب عليه[12]

ويعتبر العنوان التجاري حقا ماليا يجوز التصرف فيه تبعا للتصرف في الأصل التجاري بمقتضى شرط صريح في العقد

خامسا: الشعار أو العلامة التجارية:

  الشعار تسمية مبتكرة أو رمز أو صورة أو إشارة يستخدمها التاجر لإعطاء زبنائه علامة يميزون بها مؤسسة عن غيرها وهو ليس إلزاميا للتاجر وله نفس الحماية كما للعنوان التجاري

سادسا: حقوق الملكية الصناعية:

  ويقصد بها الحقوق الواردة على براءات الاختراع وتصاميم تشكل الدوائر المندمجة و الرسوم والنماذج الصناعية وعلامات الصنع أو التجارة او الخدمة وقد تشكل أهم عناصر الأصل التجاري كما هو الشأن بالنسبة للمصانع ويمكن التصرف فيها مستقلة عن باقي عناصر الأصل التجاريوفي حالة إجراء تصرف قانوني عليها ضمن الأصل التجاري فيجب النص على ذلك في العقدـ

 

سابعا: حقوق الملكية الأدبية و الفنية:

ان الملكية الأدبية و الفنية وكما الشأن للملكية الصناعية تعتمد على الإنتاج الفكري ويملك صاحب الملكية الأدبية و الفنية حقا ماليا على مصنفاته الفكرية و الأدبية حينما يقوم بنشر عمله الأدبي او الفني كالقصة او الموسيقى او المسرح ....  ويحمي القانون هذا الحق[13] ويمكن تفويت هذا الحق للغير لاستغلاله كالسماح لدور النشر بطبع و توزيع المؤلفات وبيعها،ويمكن ان تنتقل ملكية هذه الحقوق مع ملكية الأصل التجاري عند تفويته باعتبارها احد عناصره

ثامنا: الرخصة الإدارية:

لقد أشارت المادة 80 من م.ت إلى الرخص كأحد العناصر المعنوية للأصل التجاري إلا أن التنصيص جاء عاما دونما تحديد و تتطلب في المشروعات التي تقوم على استغلال رخصة أو إذن تمنحه السلطات الادارية المختصة كمقهى او مطعم..... وهذه الرخصة من العناصر المعنوية للأصل التجاري التي تنتقل معه عند تفويته للغير شريطة موافقة الادارة المختصة، إلا أن الرخص التي تعطى للشخص لاعتبارات شخصية تتعلق به وحده دون غيره مثل رخص النقل لا يمكن تفويتها بمفردها أو مع الأصل التجاري .

الفقرة الثانية: العناصر المادية

ويقصد بها المنقولات التي يتشكل منها الأصل التجاري ولا تدخل العقارات في تلك العناصر وهي:

أولا :  المعدات والأدوات:

وهي المنقولات المادية المستعملة في استغلال الأصل التجاري كالأثاث والتجهيزات وسيارات النقل.....ويتفاوت حجم حضورها وأهميتها بالنسبة للأصل التجاري تبعا لطبيعة النشاط التجاري للمؤسسة فهي أكثر حضورا وأهمية في الأنشطة الصناعية والتحويلية كما هو الشأن بالنسبة للمصانع وشركات النقل... او ذات قيمة ثانوية كما هو الشأن بالنسبة للمحلات التجارية العادية او ذات قيمة زهيدة كما في مكاتب السمسرة و الوساطة .....وينتقل هذا العنصر مع الأصل التجاري عند بيعه، ويمكن ان يخضع للرهن متى حافظ هذا العنصر على طابعه الخاص اي بقي منقولا.

 ثانيا :  البضائع :

 وهي المواد الأولية التي تكون معدة للتحويل او التصنيع او هي المنتجات والسلع المعدة للبيع سواء تلك المعروضة للجمهور او تلك المخزنة في مخازن المحل التجاري وهي تشكل عنصرا غير ثابت في الأصل التجاري لأنها تنقص و تزيد باستمرار ، الملاحظ أن التاجر يمكنه التصرف في البضائع كلها او بعضها بمعزل عن الأصل التجاري سواء بالبيع او الرهن او ان يفوت الأصل التجاري بدونها، وعند رهن الأصل التجاري فان الرهن لا يشمل البضائع لما في ذلك من عرقلة لنشاط المؤسسة عند نقل حيازتها للمرتهن لاعتماد النشاط التجاري عليها.[14]

المبحث الثاني: اجراءات بيع الأصل التجاري والاثار المترتبة عنه:

   قانون الالتزامات و العقود يتولى تنظيم عقد البيع بشكل عام ( الفصول من 478 إلى 618 ), إلاأن طبيعة الأصل التجاري كمنقول مركب من عناصر مختلفة مادية و معنوية، و بحكم نوع الاستغلال التجاري الذي يستهدفه خصه المشرع بالكتاب الثاني من مدونة التجارة. إذ كان ظهير 31/12/1914 أول قانون في الأقطار العربية بين الضمانات الممنوحة لبائع الأصل التجاري على الأصل المبيع، ووضع شروط وكيفية ممارسة هذه الضمانات، فإن القانون رقم 15.95 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4418 بتاريخ 03/10/1996 قد سار على نفس المنوال وأكد هذه الامتيازات وذلك بابتداعه لأحكام جديدة غير تلك الواردة في قانون الالتزامات والعقود والقانون التجاري، ونخص بالذكر حق الامتياز الوارد على الأصل التجاري المبيع لفائدة بائعه على سائر الدائنين ولو كانوا مرتهنين وحق الفسخ الممنوح له كذلك وحق الأولوية على جميع الدائنين

المطلب الأول: شروط بيع الأصل التجاري

كلما تم البيع بمحض إرادة الطرفين الا و كان بيعا رضائيا، ولا القول بصحة هذا البيع إلاإذا استجمع كافة الشروط الموضوعية و الشكلية .

الفقرة الأولى : الشروط الموضوعية لبيع الأصل التجاري

ينعقد بيع الأصل التجاري بتحقق الأركان العامة في التعاقد إضافةإلى شكلية خاصة، راجعة لطبيعة الأصل التجاري و ارتباطه بحقوق الأطراف. ولكي يكون العقد صحيحا، فانه يتعين فيه أن يستجمع عناصره الجوهرية المتمثلة في:الأهلية و الرضا و المحل و السبب .

لاداعي للتفصيل فيها  نظرا لانها هي نفس الشروط المتطلبة في جميع العقود

الفقرة الثانية : الشروط الشكلية لبيع عقد الأصل التجاري.

لا أحد يناقش في طبيعة عقد البيع كونه عقد رضائي مبدئيا، وينتج آثاره بمجرد اتفاق الطرفين المتعاقدين على مضمونه ودون اشتراط أي شكل معين لانعقاده، لكن لأهمية الأصل التجاري، ولحماية البائع والمشتري، فإن الحياة العملية تفرض أن يكون عقد بيع الأصل التجاري يخضع لمقتضيات خاصة به تميزه عن باقي عقود البيع الأخرى، ويتعلق الأمر بكتابة هذا العقد وما يحتويه هذا الأخير من بيانات إلزامية وإشهاره عبر مراحل مهمة، وذلك استجابة لضرورة حماية مصالح كل الأطراف المعنية لعملية البيع[15]، هذه المقتضيات التي أقرتها مدونة التجارة، لذلك سنتطرق إلى كل من كتابة عقد بيع الأصل التجاري ( أولا ) و عملية إشهار هذا العقد ( ثانيا ).

أولا : كتابة عقد بيع الأصل التجاري.

أ – طبيعة كتابة عقد بيع الأصل التجاري.

أثارت شكلية الكتابة في بيع الأصل التجاري العديد من الإشكاليات حول طبيعته، هل هي لإثبات العقد أم لانعقاده؟ واختلفت الآراء الفقهية كما تضاربت مواقف الأحكام والقرارات القضائية بشأنها، وهذا ما يجعلنا نقف أو ندرس عند موقف المشرع المغربي من طبيعة الكتابة، ثم موقف القضاء المغربي من ذلك، وذلك في إطار ربط ما هو عملي بما هو نظري.

1)    موقف المشرع والفقه المغربي من طبيعة الكتابة.

تنص المادة 81 من مدونة التجارة على أن: " يتم بيع الأصل التجاري أو تفويته وكذا تقديمه حصة في شركة أو تخصيصه بالخدمة أو بالمزاد بعقد رسمي أو عرفي..."

من خلال استقراءنا لمقتضيات هذه المادة يتبين لنا أن المشرع المغربي يوجب كتابة عقد بيع الأصل، كما كان الأمر عليه في الفصل الأول من ظهير 1914[16]. لكنه لم يرتب جزاء البطلان على تخلفها كما هو الشأن مثلا في العمليات المنصبة على براءة الاختراع الشيء الذي يجعلنا نستنتج أن شكلية الكتابة في بيع الأصل التجاري ما هي إلا شكلية إثبات فقط.

ليحتفظ هذا العقد برضائيته، ذلك أن المشرع لو أراد اعتبار هذه الكتابة كتابة إنشاء لرتب على مخالفتها البطلان الذي يعتبر من النظام العام[17].

وفي هذا الصدد يرى الأستاذ العلمي المشيشي بأن بيع الأصل التجاري يكفي فيه تراضي طرفي العقد على الشيء المبيع وعلى الثمن وأن المشرع المغربي هدف من الكتابة إثبات العقد وتسجيله في تاريخ معين[18].

ويرى الأستاذ عبد العزيز توفيق كذلك أن بيع الأصل التجاري ينعقد بمجرد تراضي الطرفين وتحديد شروط البيع وثمن المبيع، ولا يحتاج إلى شكل معين، وأن غاية المشرع من الكتابة والتسجيل هي حماية البائع الذي لم يتوصل بمجموع ثمن المبيع في حالة إفلاس المشتري أو من تلاعبه كبيعه الأصل التجاري بمجرد شرائه، وقبل دفع الثمن للبائع الأول[19].

فإذا كان التشريع قد تعامل مع الكتابة بالشكل الذي أشرنا إليه وكذلك الفقه المغربي، فكيف تعامل القضاء المغربي مع الكتابة في عقد بيع الأصل التجاري.

2)    موقف القضاء المغربي من طبيعة الكتابة.

أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط في الملف التجاري عدد 98/91 بتاريخ 01 يوليوز 1991 حكما ذهبت فيه إلى أن بيع الأصل التجاري يجب أن يثبت برسم قانوني عدلي أو بخط اليد طبقا للفصل 1 من ظهير 1914.

كذلك هناك قرار صدر عن المجلس الأعلى بتاريخ 10 دجنبر 1986 جاء فيه أنه لا يترتب على عدم مراعاة الشكليات المنصوص عليها في المادة 1 من ظهير 1914

فانطلاقا من هذا الحكم وهذا القرار يتضح لنا أن موقف القضاء المغربي حول طبيعة الكتابة في عملية بيع الأصل التجاري، تعتبر شكلية إثبات وليست شكلية انعقاد[20].

ب – بيانات عقد بيع الأصل التجاري.

1)    مـحتوى البيانات

حرص المشرع المغربي في مدونة التجارة من خلال الفصلين 81 و82 على إعطاء عملية البيع المنصبة على الأصل التجاري شفافية أكثر، حماية لمشتري هذا المال المعنوي

البيانات الهامة التي أشارت إليها المادة 81 والتي تنص على:

     1) إسم البائع وتاريخ عقد التفويت، ونوعيته وثمنه مع تمييز ثمن العناصر المعنوية والبضائع والمعدات.

2) حالة تقييد الامتيازات والرهون المقامة على الأصل.

3) وعند الاقتضاء الكراء وتاريخه ومدته ومبلغ الكراء الحالي واسم وعنوان المكري التجاري.

4) مصدر ملكية الأصل.

2)    مـخالفة بيانات عقد بيع الأصل التجاري

يجب أن نميز هنا بين نوعين من مخالفات البيانات التي أشارت إليها المادة 81 من مدنة التجارة، فبين تخلف أحد البيانات أو كلها وبين عدم صحة إحدى هذه البيانات.

ففيما يتعلق بتخلف إحدى بيانات عقد البيع : بالرجوع إلى المادة 82 من المدونة نجد الفقرة الأولى تنص على أنه إذا لم يشتمل عقد البيع على أحد البيانات المنصوص عليها في المادة السابقة جاز للمشتري أن يطلب التصريح بإبطال العقد في حالة تضرره من جراء ذلك.

هكذا فالمشرع رتب قابلية العقد للإبطال في حالة تخلف أحد بيانات المادة 81، ولكن شريطة أن يثبت المشتري الضرر اللاحق به، لكن بقي أن نطرح السؤال الآتي: ماذا لو تم إغفال جميع البيانات الواردة في المادة 81 ما دامت المادة 82 تتحدث عن تخلف أحد البيانات فقط؟

نقول أنه بالرغم من تخلف كل البيانات الواردة في المادة 81، وما دامت المادة 82 ربطت جزاء طلب التصريح بالإبطال بالضرر اللاحق بالمشتري وفي غياب جزاء قانوني صريح عن تخلف كل البيانات، فإن عقد البيع يبقى عقدا رضائيا صحيحا[21].

أما في حالة إيراد بيانات غير صحيحة : فقد جاء في الفقرة الثانية من المادة 82     " إذا كانت البيانات المذكورة في العقد غير صحيحة جاز للمشتري لأن يطلب التصريح بإبطال العقد أو بتخفيض الثمن في حالة تضرره من جراء ذلك " وبذلك يترتب هذا النص حالة إيراد بيانات غير صحيحة كأن يغير بيانات عقد كراء المحل الذي يمارس فيه النشاط التجاري طلب التصريح بإبطال عقد البيع أو تخفيض الثمن حالة تضرره من جراء ذلك.

ونشير إلى أن المشرع وسعيا منه إلى تسريع عملية بيع الأصول التجارية فقد أخضع طلب التصريح بالإبطال أو دعوى لتخفيض الثمن إلى أجل قصير هو سنة[22].

ثانيا : تسجيل وشهر عقد بيع الأصل التجاري

أ – تسجيل عقد بيع الأصل التجاري

يتم تسجيل عقد بيع الأصل التجاري بمصلحة التسجيل والتنبر طبقا للمادة 81 وذلك حتى تتمكن هذه المصلحة من اقتطاع حقوقها.

ب – مراحل شهر عقد بيع الأصل التجاري

يحظى الأصل التجاري بمكانة هامة في الذمة المالية لمالكه ( البائع ) وغالبا ما يعول عليه دائنوه بالأخص الدائنون العاديون[23]، ولما كان بيع هذا المال سيخرجه من ذمة مدينهم، ولما كانت القواعد العامة لا توفر لهم حماية خاصة فكان لزاما على القانون التجاري تمتيعهم بضمانات هامة لا نجدها في القانون المدني،إذ يتم اللجوءإلى إشهار ونشر عقد بيع الأصل التجاري حتى يعلم به دائنو البائع والتدخل لحماية حقوقهم تبعا للوضعية الجديدة، هذا الشهر الذي يمر عبر مرحلتين من خلال المادة 83 فهناك الشهر الذي يقوم به البائع ( 1 ) ثم الشهر الذي يقوم به المشتري ( 2 ).

1)    الشهــر الذي يقوم به البائع

حسب مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 83 فإنه بعد ما يتم تسجيل عقد بيع الأصل التجاري، فإنه يجب على البائع إيداع نسخة من العقد العرفي أو الرسمي لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية التي يوجد بها الأصل التجاري أو مركزه الرئيسي إذا تعددت فروعه وذلك داخل أجل 15 يوما من تاريخ البيع.

ويقوم بعد ذلك كاتب الضبط بنشر مستخرج من هذا العقد في السجل التجاري، هذا المستخرج الذي يتضمن كافة البيانات[24] التي تهم عملية البيع من تاريخ العقد، الأسماء الشخصية والعائلية لكل من المشتري والبائع، وموطنهما، ونوع الأصل التجاري، ومقره الرئيسي، وثمن البيع المحدد، والفروع التي قد يشملها، وبيان أجل التعويض، وكذا اختيار موطن للمتعرضين في دائرة المحكمة التجارية التي يتم في دائرتها بيع الأصل التجاري[25].

وبعدما يتلقى كاتب الضبط ذلك يقوم بنشر المستخرج المقيد بالسجل التجاري في الجريدة الرسمية وكذلك في أحد الجرائد المخول لها نشر الإعلانات القانونية على نفقة الأطراف[26].

2)    الشهــر الذي يقوم به المشتري

إذا كان القانون قد أوجب على البائع ضرورة شهر عقد بيع الأصل التجاري داخل أجل 15 يوما من تاريخ عقد البيع، فقد أوجب في الفقرة الأخيرة من المادة 83 تجديد عملية الشهر وذلك حتى يكون كل الدائنين على بينة من وقوع البيع، وبالتالي الدفاع عن حقوقهم، لكن هذه المرة يقوم بعملية تجديد الشهر المشتري وذلك بين اليوم الثامن والخامس عشر بعد الإشهار الأول الذي يقوم به البائع، ولعل ازدواجية وإشهار عقد بيع الأصل التجاري تفسر بإعلام الدائنين وفي نفس الوقت دعوتهم إلى ممارسة حق التعرض القانوني، هذا الإشهار الذي يحمل خصوصيات لا نجدها في أوضاع قانونية أخرى كإنشاء الشركات أو الزيادة في رأسمالها حيث يكون الإشهار مرة واحدة.

كما أن تجديد إشهار عقد بيع الأصل التجاري هو التزام قانوني ملقى على عاتق المشتري مهما كانت وضعية الأصل التجاري، وذلك حتى تبرأ ذمته في مواجهة دائني البائع وفي هذا الصدد نجد قرارا صادرا عن المجلس الأعلى[27] جاء فيه ما يلي : "... على أن كاتب الضبط هو الذي يقوم بنشر بيع الأصل التجاري لا المشتري الذي يقتصر دوره على تقديم نسخة من عقد البيع إلى الكاتب المذكور وأن المحكمة لما قضت بفسخ البيع على مسؤولية المشتري لعدم بيع الأصل التجاري بعلة أن الحجز لا يحول دون إشهار البيع مع أنه أدلى بما يثبت أنه قدم إلى كاتب الضبط طلبا بإشهار البيع المذكور، وأن هذا الأخير هو الذي رفض القيام بالإجراء لوجود الحجز على الأصل التجاري يكون قضاؤها مشوبا بالقصور في التعليل الموازي لانعدامه مما يعرض قرارها للنقض ".

ج – تقييد الامتياز

يستفيد بائع الأصل التجاري المؤجل الثمن بضمانة هامة تسمى بامتياز بائع الأصل التجاري طبقا للمادة 91 من مدونة التجارة، وحق امتياز البائع هذا يجعله يسبق كل دائن للمشتري ولو تعلق الأمر بأصحاب الرهن الرسمي على الأصل التجاري ولو ترتب هذا الرهن بعد عقد البيع وقبل تقييد امتياز البائع، بشرط أن يتم تقييد امتياز البائع داخل أجل (15) يوما من عقد البيع.

1)    شروط مـمارسة الامتياز

يستفيد من حق الامتياز، بائع الأصل التجاري المؤجل الثمن، إذا احترم الشروط التي أوجبتها المادة 91 من مدونة التجارة.

وهكذا فعلى البائع أن يقوم بتقييد امتيازه في السجل التجاري لدى كتابة ضبط المحكمة التي يوجد بها الأصل التجاري أو مركزه القانوني والأساسي ولدى المحاكم التي يوجد بها فروع هذا الأصل.

وحددت المادة 92 أجل القيام بهذا التقييد الذي يجب أن يتم في (15) يوما التي تلي عقد بيع الأصل التجاري، ويجب تجديد هذا القييد كل ( خمس سنوات ) حسب المادة 137، ويشمل امتياز البائع العناصر التي شملها عقد البيع وإذا سكت العقد عن تحديد هذه العناصر فإن الامتياز لا يشمل سوى الاسم التجاري والشعار والحق في الإيجار والزبناء والسمعة التجارية ( المادة 91 ).

ويجب أن توضع عند تحديد ثمن بيع الأصل التجاري أثمان متميزة للعناصر المعنوية، ثم للبضائع، ثم للأدوات، ويأخذ ذلك أهمية لأن امتياز البائع لا يمارس على كلية الأصل التجاري، بل يمارس عبر تجزيء الامتياز على البضائع، والأدوات، ثم العناصر المعنوية.

 

 

المطلب الثاني الآثار المترتبة عن بيع الأصل التجاري

إذا كان بيع الأصل التجاري ينفرد بخصوصيات إجرائية فإنه كذلك ينفرد بآثار خاصة سواء بالنسبة لطرفي العقد او الغير ونعني بذلك الدائنين خصوصا إذا ما كان الأصل التجاري هو الضمانة الأهم لديونهم لذلك وفر لهم المشرع عناية خاصة لا توفرها القواعد العامة.

أولا: الحماية القانونية للبائع

نتصور هذه الحماية بالطبع عند بيع الأصل التجاري بالتقسيط حيث من خلاله يتفق الطرفان على أداء الثمن على أجال متعددة أو أقساط شهرية أو سنوية وهو يختلف عن البيع بالأجل الذي يتفق فيه الطرفان على تسليم المبيع فور إبرام العقد مع تأجيل الثمن بحيث يدفع دفعة واحدة في خلال شهر أو سنة مثلا .

رغم مزايا البيع بالتقسيط فإنه لا يخلو من مخاطر بالنسبة للبائع لان ملكية الأصل التجاري تنتقل إلى المشتري بعد إبرام العقد ،وقد يتوقف المشتري عن الدفع بل قد يتصرف المشتري في المبيع ببقية الثمن إلى مشتر أخر ،ومن أجل ذلك متع المشرع البائع  بالتقسيط بحماية قانونية لا مثيل لها في القواعد العامة وذلك من خلال تمكينه من حقين يمكنانه عند الاقتضاء من حفظ حقه على المبيع،وهما حق الامتياز و الحق في دعوى الفسخ.

ثانيا: الحماية القانونية للمشتري:

إلى جانب دلك خول المشرع المغربي في الفصول الواردة في الكتاب الثاني من مدونة التجارة ضمانات لفائدة المشتري وتتمثل في الضمانات التالية:

ضمان الاستحقاق: وذلك أن يدفع البائع عن المشتري كل تعرض من جانب الغير يكون من سبب يعود له. فالبائع يضمن للمشتري ملكيته للأصل التجاري المبيع كليا أو جزئيا، فإذا ظهر أنه مملوك كله أو بعضه للغير كأن تكون براءة الاختراع مملوكة للغير، وحكم لهذا الغير باستحقاق الأصل التجاري كان البائع ملتزما بأن يعوض المشتري عن هذا الاستحقاق.

ضمان العيوب الخفية: ونحو ذلك أن يكون هناك حكم قضائي أو قرار إداري بغلق الأصل التجاري محل البيع أو بنقله إلى مكان بعيد ،أو كانقضاء مدة براءة الاختراع ..ففي مثل هذه الحالات يضمن البائع للمشتري العيب الخفي ، وحق لهذا الأخير طلب الفسخ.

هذا بالإضافة لضمان أخر يتميز به الأصل التجاري عن غيره من البيوع الأخرى و المتمثل في الالتزام بعدم المنافسة  أي بعدم مزاولة نفس النشاط في نفس المنطقة

ثالثا: حماية دائني بائع الأصل التجاري:

حسب القواعد العامة فالدائن لا يتلقى حقا أو يتحمل بالتزام من العقود التي أبرمها مدينه، لكنه يتأثر بطريق غير مباشر بهذه العقود باعتبارها قد تزيد أو تنقص من احتمال استخلاصه لدينه أي أن الضمان العام يظل قائما أو يضيف أو ينعدم بحسب تصرفات المدين.

وإذا كان المبدأ أن المدين حر في التصرف في أمواله و ليس للدائن معارضة في شكل أو صيغة هذا التصرف حتى لو أنقص من الضمان العام فإن جل التشريعات قد ارتأت التدخل تفاديا لمصالح الدائن بتخويله عدة وسائل قانونية من شأنها أن تكفل حمايته من تصرفات المدين الضارة بمصالحه.

لذلك تدخل المشرع المغربي بقواعده العامة و الخاصة عند عملية بيع الأصل التجاري لتوفير الحماية اللازمة لدائني البائع من الضرر الذي قد يصيبهم من جراء خروج هذا المال من ذمة مدينهم بحماية مزدوجة: فبالإضافة إلى تمتعهم بضمان التعرض على أداء ثمن البيع، فقد خول لهم حق إعادة بيع الأصل التجاري بزيادة السد س[28].

-حق التعرض

هكذا خولت المادة 84"للدائنين حق تقديم تعرضهم على الثمن سواء كان الدين حالا أم لا تجاريا أم مدنيا.لكن وحتى يكون التعرض صحيحا ومنتجا لأثاره لابد من احترام الشروط التالية:

-احترام أجل التعرض وهو 15يوما بعد النشر الثاني.

- وقوع التعرض على أداء ثمن البيع فيجب أن  يكون الدين محل التعرض هو ثمن البيع.

-وقوع شكل التعرض إما عبر رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل توجه إلى كتابة الضبط التي تم إيداع العقد بها،أو بإيداع التعرض بنفس الكتابة مقابل وصل.

- تبيان المتعرض تحت طائلة البطلان مبلغ الدين وأسبابه و موطنه المختار داخل دائرة المحكمة،وهذا ما ذهبت إليه استئنافية الرباط حيث اعتبرت أن الاعتراض الذي لا يشار فيه إلى أسباب الدين المزعوم و الذي لا يصحب بأية وثيقة إثبات أو حتى بداية إثبات بالكتابة يجب اعتباره باطلا [29].

-حق إعادة بيع الأصل التجاري بزيادة السد س.

و هو ما يعرف بحق المزايدة بالسدس وذلك في حالة عدم كفاية ثمن البيع لتغطية الديون أو في حالة ما إذا استشعر هؤلاء أن هناك تواطؤ بين البائع و المشتري على إخفاء جزء من الثمن الحقيقي إضرارا بهم ،وبذلك أجاز القانون لدائني بائع الأصل التجاري داخل أجل شهر(المادة93)من عملية النشر الثانية،

أن يطلبوا بيع الأصل التجاري في المزاد العلني بشرط  زيادة السدس على الثمن الرئيسي للأصل التجاري دون أن يشمل البضائع والأدوات و المعدات أي سدس قيمة العناصر المعنوية ويستفيد الدائنون من هذه الضمانة في غير حالات البيع في إطار التسوية أو التصفية القضائية وبطلب من الشركاء على الشياع للأصل التجاري و كذلك في حالة البيع القضائي ،و هذا يعني أن ممارسة هذا الحق مرتبط بالبيع الرضائي الحبي.

ولا يستفيد الدائن من هذا الحق إلا بعد تقديم كفيل لضمان أداء الثمن و تحملات المزاد أو أن يثبت القدرة على التسديد وذلك لحماية البائع من التعسف.

الخاتمة:

وعلى العموم، فرغم ما تعرفه مسطرة بيع الأصل التجاري من تعقيدات، سواء على المستوى الشكلي أو العملي، فإن المشرع حاول من ورائها توفير نسبة من الاستقرار في الميدان التجاري.

النتائج:

·                 أحاط المشرع عملية بيع الأصل التجاري بمجموعة من المقتضيات الدقيقة قصد حماية أطراف العملية بما فيهم البائع و المشتري و الدائنين.

·                 المادة 82 من المدونة في فقرتها الأولى تنص على أنه إذا لم يشتمل عقد البيع على أحد البيانات المنصوص عليها في المادة السابقة جاز للمشتري أن يطلب التصريح بإبطال العقد في حالة تضرره من جراء ذلك.

التوصيات:

·                 نقترح جمع هده المقتضيات في قانون موحد و مضبوط، يحافظ أكثر على مصالح و حقوق الجميع.

·                 رغم أن الواقع العملي لا يفرض شكلية بيع الأصل التجاري، و هدا ما يقره الاجتهاد القضائي بعبارات واضحة، على أن الشكليات المشترطة في عقد بيع الأصل التجاري، و من جملتها الإيداع بكتابة الضبط، و الإشهار، لا تأثير لها على الحقوق التي تثبت للمشتري.

·                 بالإضافة، إلى تبني نظام قانوني مزدوج، يجمع بين قواعد قانون التجارة، و قانون الالتزامات و العقود

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قائمة المراجع:

الكتب:

·                     فؤاد معلال: شــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرح القانون التجاري المغربي الجديد، الطبعة الثانية 2001.

·                     أحمد شكري السباعي –الوسيط في الأصل التجاري-الجزء الأول-الطبعة الأولى.

·                     محمد الشافعي: اسم الأصل التجاري، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، العدد 24.

·                     الدكتور محمد نخلي، الوجيز في القانون التجاري، طبعة 1994 عبد العزيز شميعة، محاضرات في القاون التجاري طبعة 2003.

·                     عبد العزيز توفيق، العمليات الواردة على الأصل التجاري، مقال منشور بمجلة القضاة، العدد 12.

·                     الأستاذ عبد الرحيم شميعة "المبادئ الأساسية للقانون التجاري"

الأحكام والقرارات:

·                     قرار عدد 269 صادر بتاريخ 12 أبريل 1978 منشور بمجلة القضاء والقانون العدد 128.

·                       قرار محكمة الاستئناف بالرباط 23-يناير-1936منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 48.



[1]د. نور الدين لعرج: مبادئ القانون التجاري، ص: 163

[2]د. فؤاد معلال، شرح القانون التجاري المغربي، ص: 154

[3] فؤاد معلال: شرح القانون التجاري المغربي الجديد، الطبعة الثانية 2001، ص 121.

[4]  أحمد شكري السباعي –الوسيط في الأصل التجاري-الجزء الأول-الطبعة الأولى –ص93

[5] احمد شكري السباعي: مرجع سابق، ص 97

[6] أحمد شكري السباعي: مرجع سابق ص 99.

[7]احممد شكري السباعي: مرجع سابق ص 100.

[8]احمد شكري السباعي: مرجع سابق ص 104.

[9] فؤاد معلال: شرح القانون التجاري المغربي الجديد، الطبعة الثانية2001  ص: 130.

[10]ـ محمد الشافعي: اسم الأصل التجاري، المجلة المغربية للاقتصاد و القانون المقارن، العدد 24 ص 11.

[11]الشهادة السلبية تسلم من السجل المركزي للشركات او التجار الفرادى كدليل على عدم وجود تسمية او عنوان مماثلين مسجلين بالسجل.

[12] بنص المادة 73 من مدونة التجارة

 

[13]القانون رقم 00ـ2 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة الذي تم تنفيذه بمقتضى الظهير رقم ـ 20ـ00ـ1 الصادر في 09 ذي القعدة 1420 الموافق ل 15 فبراير 2000.

[14] بنص المادة 107 من مدونة التجارة

 

[15] الدكتور محمد نخلي، الوجيز في القانون التجاري، طبعة 1994، ص: 93.

[16] ينص الفصل الأول منه على " إن كل بيع أو تخل عن الأصل التجاري وقع إجراءه معلقا على شرط أو بصورة أخرى من صور التعاقد أو انعقدت بشأنه أو بصورة أخرى من صور التعاقد أو انعقدت بشأنه شركة أو حصص بالغير ... يجب أن يتم بموجب رسم عدلي قانوني أو بموجب رسم عرفي "

[17] عبد العزيز شميعة، محاضرات في القاون التجاري طبعة 2003 ص : ...

[18]  Drussi Alaoui Machichi ; cours polycopies de droit commerciale, p : 126 .

[19] عبد العزيز توفيق، العمليات الواردة على الأصل التجاري، مقال منشور بمجلة القضاة، العدد 12، ص: 52.

[20] حيث يرتب جزاء البطلان ف حالة عدم كتابة العقد.

[21] عبد الرحيم شميعة، نفس المرجع.

[22] الفقرة الأخيرة من المادة 82 من مدونة التجارة

[23] لأن الدائن المقيد يملك حقا عينيا على اظلصل التجاري يخول له حق التتبع.

[24] البيانات التسعة محددة حصرا بموجب مدونة التجارة

[25] الفقرة الثالثة من المادة 83

[26] الفقرة الرابعة من المادة 83

[27] قرار عدد 269 صادر بتاريخ 12 أبريل 1978 منشور بمجلة القضاء والقانون العدد 128.

[28] الأستاذ عبد الرحيم شميعة "المبادئ الأساسية للقانون التجاري"ص165

[29]  قرار محكمة الاستئناف بالرباط23-يناير-1936منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد489


إرسال تعليق

0 تعليقات