آخر الأخبار

Advertisement

الوضعية التقليدية للإدارة العمومية بالمغرب - الأستاذ سفيان مشرف، العدد 41 من مجلة الباحث، منشورات موقع الباحث


 الوضعية التقليدية للإدارة العمومية بالمغرب - الأستاذ سفيان مشرف، العدد 41 من مجلة الباحث، منشورات موقع الباحث


لتحميل العدد الذي يشمل المقال بصيغة pdf الرابط أذناه:







الأستاذ سفيان مشرف

        جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية و السياسية سطات

   مختبر الإنتقال الديموقراطي

   الوضعية التقليدية للإدارة العمومية بالمغرب

The traditional situation of public administration in morocco

الملخص:

نظرا للأهمية التي تحتلها الإدارة داخل أجهزة الدولة، اعتبرها البعض "دولة داخل دولة"، في حين ذهب باحثون آخرون إلى أن الإدارة هي "مجموعة من المؤسسات الإدارية الموضوعة رهن تصرف الحكومة والمنفصلة عنها مع التراشح بينهما، تساهم في الوظيفة التشريعية والحكومية، تمارس نشاطا فعالا لا موجها لتحقيق التنمية والإصلاح والتحديث والفعاليات المختلفة ضمن سياق سياسي معين.

بتأملنا في هذا التعريف يمكن القول أن الإدارة، هي دلك الجهاز أو الهيكل، حيث تم تنفيذ القرارات الصادرة عن الحكومة علما أنه منفصلا عنها، كما يستشف من نفس التعريف أن الإدارة تساهم في الوظيفة التشريعية والتنفيذية، هادفة لتحقيق التنمية والإصــلاح ويــرى عبد الله شنفار أن الإدارة تكليف ومسؤولية تدبير أهداف معينة خدمة للصالح العام.

الكلمات المفاتيح: الوظيفة العمومية؛ الإدارة العمومية؛ الموارد البشرية؛ تشخيص الوضعية.

Abstract :

Given the importance that the administration occupies within the state apparatus, some considered it a “state within a state”, while other researchers argued that the administration is “a group of administrative institutions placed at the disposal of the government and separated from it, with the interplay between them, that contribute to the legislative and governmental function, and exercise an effective activity.” It is not directed towards achieving development, reform, modernization and various activities within a specific political context.

Reflecting on this definition, we can say that the administration is the body or structure, where the decisions issued by the government have been implemented, knowing that it is separate from it. It is also evident from the same definition that the administration contributes to the legislative and executive function, aiming to achieve development and reform. Abdullah Shanfar believes that the administration Assignment and responsibility for managing specific objectives in the public interest.

keywords :

public employment; public administration; Human resources; situational diagnosis.

: مقدمة

في المغرب فمفهوم إدارة الموارد البشرية يبقى حديثا في الخطاب الاقتصادي والإداري، فاللقاءات العلمية والنقاش الأكاديمي حول هدا الموضوع لم يتبلور بشكل واضح إلا في بداية الثمانينات، ودلك موازاة مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب، خاصة مع بداية تطبيقه لسياسة التقويم الهيكلي وما نتج عنها من آثار اجتماعية سلبية (تسريح العمال، انتشار البطالة...) مما جعل مطلب عقلنة الإدارة والتسيير شرطا جديدا للتخفيف من هده الأزمة ومواجهة التحديات العالمية خاصة: المنافسة، التيكنولوجيا، الخوصصة والعولمة[1]

هدا التطور الذي تعرفه وظيفة تدبير الموارد البشرية جعل مفهومها بشكل دقيق وتام صعبا، ومع دلك يرى سد جاري أن الأمر يتعلق بمجموعة تقنيات تنظيم العمل والعلاقات داخل العمل وسط منظمة معينة.

           ويسعى التدبير إلى تحريك داخل هده المنظمة أحسن شروط فعالية المصلحة وأحسن شروط رضا الأعوان داخل عملهم المدعوين إلى المساهمة بنشاط في تحقيق الأهداف المحددة بوضوح[2].

           وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم إدارة الموارد البشرية يختلف عن مفهوم إدارة الموظفين، طالما أن الفلسفة الإدارية التي يقوم كل من المفهومين عليها قد حدثت فيها تغيرات جوهرية.

           فسابقا ساد مدخلان في هدا المجال هما الإدارة العلمية والعلاقات الإنسانية والدي حل محله اليوم الموارد البشرية.

           فمفهوم الموارد البشرية يعد مفهوما حديثا حل تدريجيا محل مفهوم إدارة الموظفين، نتيجة توسع وعمق هدا المجال من الدراسة[3] .

           ويمكن تغيير أهم المعالم التي تحملها التسمية الجديدة[4].

الإدارة والتسيير: Gestion : أي جميع عمليات التخطيط، التنظيم، التوجيه ثم الرقابة.

الموارد: Humaine: أي الفرد كإنسان ذاتي أو كائن جماعي يعمل  مع باقي الأفراد بشكل متجانس داخل المنظمة.

فالتصور التقليدي الذي ينظر للفرد ككلفة cout قد ترك مكانة إلى تصور جديد يرى في العمل ثروة يجب استعمالها بشكل جيد وتأهيلية وتنمية قدراته الفكرية والمهنية من أجل مواجهة التحديات الجديدة خاصة التكنولوجية والتنافسية وظاهرة العولمة.

مهما تعددت التعاريف ومهما اختلفت مصادرها حول مفهوم إدارة الموارد البشرية، فإن مجملها يتفق حول أهمية إدارة الموارد البشرية ككيان تنظيمي أصبح له وزن داخل الإدارة العمومية.

           وإذا كانت وظيفة إدارة الموارد البشرية داخل المجتمعات المتقدمة (أمريكا، اليابان، أوربا) قد تجاوزت المرحلة التقليدية، حيث إدارة الأفراد تهتم بالحياة الوظيفية للأفراد ومعالجة القضايا الإدارية بأسلوب تقليدي، إلى مرحلة أصبحت وظيفة أساسية وإستراتيجية تقوم بتحديد التصاميم والبرامج ورسم سياسات الموظفين للرفع من قدراتهم وتنمية مهاراتهم فإن التساؤلات التي يمكن طرحها هي:

ما مدى تأثير التدبير التقليدي على الإدارة العمومية المغربية؟

ما طبيعة نظام الإدارة العمومية التقليدية؟

وأين تتجلى صور التخلف بالإدارة العمومية التقليدية؟

المبحث الأول: النظام التقليدي بالإدارة العمومية

إن الحضور الإداري المكثف هو الذي يجعل معظم الناس لا يعرفون من الدولة سوى الإدارة. وفي الحقيقة لا يوجد شيء نلمسه أو نراه اسمه الدولة، فهذه الأخيرة فكرة مجردة لا تدرك إلا من خلال مؤسساتها المختلفة رئيس الدولة، البرلمان، والإدارة، بل "يمكن أن نتصور دولة دون برلمان، ويمكن في أقصى الأحوال أن نتصور دولة بدون حكومة، ولكن لا يمكن تصور دولة دون إدارة، لا يمكن إطلاقا لدولة الاستغناء عن وظائف الإدارة تحت طائلة الموت"

والإدارة هي أحد مظاهر تجسيد الدولة بل أهم تجلياتها وليس من المغالاة القول إن الإدارة تخلق الدولة، فهي قطب تحديث أساسي، وأداة فاعلة في التنمية.

           إن أي محاولة لمقاربة تشخيص الوضعية التقليدية للإدارة العمومية المغربية تقتضي بالضرورة الوقوف على النظام التقليدي بالإدارة العمومية. (المطلب الأول) وعلى مظاهر التخلف المرتبطة بالسلوك البشري (المطلب الثاني).

 

 

 المطلب الأول : المرض البيروقراطي بالإدارة:

تشكل العلاقات الرسمية القائمة مع العموم مؤشرا متميزا لتحديث طبيعة النظام الإداري إذ ترتبط إنجازات الإدارة ونجاحها وثيق الارتباط ليس بغاياتها الخاصة، بل بشروط اندماجها الاجتماعي. إذ يمكن أن نحدد بوضوح أكبر درجة تفتح أو انغلاق الإدارة انطلاقا من نوع تمفصلها مع المحيط.

           فقد كانت أطروحة  الإصلاح الإداري مند الاستقلال، ثابتة ومتكررة كما تميزت أيضا بديمومة مبدأ تقريب الإدارة من المواطنين الذي شاع بشكل واسع، وقد بقيت هذه العملية الإصلاحية جد محدود آخذا بعين الاعتبار صعوبات جمة ملازمة للإدارة نفسها التي طورت بشكل تدريجي، بفعل طبيعتها الممركزة والتراتبية، مرضا عنيدا، مرض البيروقراطية الذي يدفع بالتصلب، كما أن الخطاب الإصلاحي يخفي في الواقع تصورات متناقضة للإدارة ومستقبلها[5].

الفرع الأول: سرية وسلطوية الإدارة العمومية

توجد الظاهرة البيروقراطية، شأنها شأن بقية بقاع العالم في البلدان المتقدمة كما في البلدان النامية، وقد أصبح علماء الاجتماع اليوم مجمعين على أن المشكلة التي يواجهها النظام البيروقراطي هو أزمة الاتصال والتنظيم البيروقراطي " التربية، التنظيد، المركزية، التمركز، وشخصانية السلطة ..." اللذان لا يدفعان الإدارة إلى التفتح على وسطها والتكيف مع محيطها. وتعزيز الصعوبات الملازمة للنظام البيروقراطي ضغط أعضائه باتجاه المركزة. إن النظام البيروقراطي يناقض للتنظيم العقلاني عكس ما تصوره ماكس فيبر الذي اعتبره النظام الفعال. ومع دلك رغم القفزة الجديدة والتيارات الفكرية الحديثة، التي تدافع باسم حقوق الإنسان من أجل إشراك المواطنين فإن السلطة تمارس داخل الإدارة بشكل مفرط.

تؤكد القراءة المتمعنة للقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية التصلب والتباعد الإداريين، كما أن واجب التحفظ يسلط على التصلب والتباعد الإداريين، كما أن واجب التحفظ يسلط على عنق الموظف كسيف ديموقليس، ومن بين التزامات الموظف العديدة، يوجد الكتمان المهني المحدد بشكل تقريبي بواسطة الفصل 18 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية، الذي يلحق أكبر الأضرار بالعلاقة بين العون والمستعمل. إذ يمس بكل ما يتعلق  بالأحداث والوثائق والمعلومات التي اضطلع عليها الموظف خلال ممارسة مهنته أو بمناسبة ممارستها، إلا في حالة وجود رخصة صريحة من الأعلى فكل تحويل وكل تبليغ للمستندات والوثائق للغير ممنوع بشكل قطعي.

إن الموظفين ملزمين بحفظ السر المهني، وقد يصبحون عرضة للمتابعة الجنائية في حالة انتهاك دلك.

وفي القانون يخضع التواصل مع المستعملين للحصول على رخصة مسبقة من طرف المسؤولين التسلسليين، إذ لا يملك الموظف لا الحق ولا القدرة على التواصل مع العموم، إلى حد يخال للمرء أن النشاط الإداري نشاط سري لدلك فإن العلاقات بين الإدارة ومستهلكي خدماتها تؤجج خطابا إصلاحيا ولكن بدون أعمال ملموسة، ودلك في وقت أصبحت قيه الإدارة موضوع انتقاد من طرف مختلف تيارات الرأي والتعبير وتشهد الرسالة الملكية المؤرخة ب 14 يونيو 1989 الموجهة للوزير الأول والمتعلقة بالاستثمارات على هده الوضعية. والأغرب من دلك فإن إحداث منطقتين للتبادل الحر بالجرف الأصفر كمنطقة صناعية وطنجة كعاصمة مالية دولي، قد تم تبريره، ضمن تبريرات أخرى، من طرف وزير المالية لكونه وسيلة للإفلات من بطء وبيروقراطية الإدارة[6]

 إن محاولة فهم واقع العلاقات القائمة بين الإدارة والمتعاملين التي تمت المطالبة بها مند الاستقلال لم تخفف من الهوة الفاصلة بين الإدارة ومحيطها، غير أن هناك جوانب خاصة من النظام الإداري تطورت لتشكل قوة حقيقية معارضة لكل تفتح على المجتمع، وتسجل بالأخص بقاء الأسلوب المخزني قيد الحياة، وتعدد التضامنات الجزئية في إطار العشائرية أو الزبونية، كما تسجل أخيرا هيمنة السلطة التي يرهن على أكثر من مستوى على طبيعة العلاقة القائمة مع المستعملين أكيد إن النظام يشبه في مستويات كثيرة النظام الليبرالي الأوربي[7].

           إن هده الوضعية دالة على الخليط القائم بين النظام ذي تسيير تقليدي وأخر من طراز حديث، و تعبر عن امتداد عميق لمرحلة عتيقة، لا تنصب وتلجأ للمخزن كمخفف الصدمات، و ضابط للتوازن وكمنبع تري للشرعية التاريخية فالماضي يتجلى في الحاضر ويكيف الحياة السياسية والإدارية[8].

           وقد نفهم بشكل أفضل في هده الحالة، العزلة التي يجد فيها المواطن نفسه إزاء الإدارة، وقد يكون الخوف من هذه الأخيرة وثيق الارتباط بنموذج التنظيم نفسه، فالميولات البيروقراطية والبترمونيالية والممركزة تفرض نوعا من العلاقات مع مستعملي الإدارة، تتسم بالتخسب والإكراه والسلطة إن هدا النموذج الإداري المرتكز على الابتعاد، يولد انحصارات متعددة، الشيء الذي دفع السلطات العمومية في السنوات الأخيرة إلى إحداث تغيرات عميقة على مستوى مهام الإدارة وهياكلها بغرض تكييف سيرها مع المتطلبات التي استلزمت هده التغييرات. 

الفرع  الثاني:  الإدارة المغربية المنيعة والمخالفة

           إن المجال الإداري مجال مغلق، له فاعلوه ومحاوروه المنتقون والمختارون من طرف الإدارة نفسها. ولا يستطيع المستعملون السماح لأنفسهم بالتدخل في سيره الداخلي، وتبقى الإمكانات الكلاسيكية، التي سمح لهم عن طريقها بالمطالبة يتكيف وتغير المصالح العمومية، بدون قيمة عملية، ويوجد المستعمل في موقع ضعف، كما يجد نفسه في غالب الأحيان في وضعية الملتمس الملح في الطلب، ولا تسمح وسائل الاتصال المقترحة بتفتح أكثر رحابة للإدارة تجاه العموم كما أن تعدد الشبابيك المحاطة بالحواجز، وخاصة تلك التي يتردد عليها المواطنون بكثرة، يوضح جيدا الطبيعة الإبتعادية والسلطوية للإدارة، وتوجد مكاتب يمكن ولوجها بشكل مباشر، غير أنها خاضعة لمستلزمات الانتظار ولشكليات متنوعة، دون أن تنسى التشتت الجغرافي للمصالح.

           وأمام انعدام الفعالية هذه، فإن الإحساس السائد لدى المواطن هو الحذر والتشكك، فالعلاقة مع الإدارة غالبا ما تكون تجربة سيئة تتيح الفرص للمزايدات الكلامية، أو الخشونة أو لقصص غريبة، كما تثير العديد من عدم الرضا والإحباط وتحدث المشاحنات الإدارية كل يوم، بل أصبحت مبتذلة، حيث تدخل بطرافتها وديمومتها، إن هناك من جهة تنظيما يبدو مكتفيا بنفسه، ومن جهة أخرى الخضوع وسوء الفهم والإحاطات من جهة أخرى، إن طرق الحوار الإداري جد ضيقة، وأنها جمعت عنوة عنصرين لا يتلاءمان، بل متناقضان، الحائز للسلطة والخاضع[9].

           هدا بالإضافة إلى أن التعويضات الجغرافية للموظفين لا توزع في اغلب الأحيان بالإنصاف والشفافية والوضوح، فبينما يستفيد منها بعض الموظفين ويحرم منها آخرون في وزارات كثيرة[10]

           وتعد الإدارة أداة للدولة وجلال قوتها، المكلفة بشكل أساسي بتشغيل سلطة هده الأخيرة، وضمان تنفيذ قراراتها، تأخذ موقعا مختلفا تجاه المجتمع، بل إن الموظفين أنفسهم قد تأثروا عميقا بمبدأ التصور الذي يضعهم في موقع الهيمنة بالنسبة للعموم[11].

           كما تضع الإدارة نفسها في آن واحد خارج وفوق اللعبة الاجتماعية، و يجد المرتفق نفسه محاصرا في آن واحد بين وضعية قانونية وتنظيمية، إذ لا يمكن له أن يتحرك إلا في الحدود التي رسمتها له الإدارة، والإدارة باعتبارها منتجا للقاعدة القانونية وفاعلا أساسيا في الحياة الاجتماعية تسوق المرتفق إلى وضعية من التبعية والخضوع، فارضة عليه منطقها وسفسطتها وقواعدها واختيارها وعدم مسايرة النص القانوني لمتطلبات وأهداف تنمية الموارد البشرية، رغم التعديلات الطفيفة ولا يتضمن أية إشارة للأهداف والوسائل على غرار التجارب الأجنبية المتبعة من طرف، كندا، فرنسا وتونس مثلا[12].

           إن الإدارة تجسد السلطة، تقنن، تفرض وتعاقب، الشيء الذي جعل منها كيانا خاصا يريد أن يكون موحدا، يفترض فيه أن يتحرك باسم المصلحة العامة انطلاقا من قاعدة الحياد الاجتماعي.

 

 

المطلب الثاني : طبيعة نظام الإدارة العمومية التقليدية

           إن التقليد والحداثة يتعايشان بدون أن يتواجها، غير أن المرفق العمومي يعاني من هده الثنائية عبر ظهور ممارسات غير منظمة للعلاقات الزبونية النفعية. ومن ثم يكون من الأهمية بمكان البدء في إعادة تقييم الإدارة وتوضيح لعبة الإدارة بشكل يتم به إخراج الموظف من وضعية التعارض ذات الطبع لأثردواجي بين الماضي والمستقبل، التقليد/الحداثة.

           إن بناء المستقبل يفترض اختيارات واضحة ودقيقة للقيم التوافقية وغير الملتبسة. والدعوة إلى التحديث الإداري لا يمكن إلا أن تقوي هده الخيارات.

           وتطرح الأهمية الإستراتيجية لتفكير عميق حول طبيعة الموافق العمومية، وإعادة تجديد القانون الأساسي السوسيو مهني للموظفين، والتخلي عن كل نظام تقليدي تايلوري، للعمل الإداري والدي غذى العديد من المفارقات التاريخية وقاد إلى تشكك عميق في نظام الوظيفة العمومية الذي ينازع فيه حتى أولئك الدين يتحملون المسؤولية داخله[13].

الفرع الأول: إدارة تعتمد نمطا عتيقا

           تعاني الإدارة العمومية المغربية في تدبير الشأن العمومي: من تمركز مبالغ فيه لسلطة التقرير، إذ يلاحظ تجميع هده السلطة في قمة البنيان الإداري بالعاصمة.  

بل حتى داخل هدا البنيان يلاحظ بقوة نروع الرؤوسات إلى احتكار ممارسة الاختصاصات الإدارية، وتفادي تفويض بعضها إلى مرؤوسهم، رغم توفر الإطار القانوني لدلك.

           وعلى مستوى العلاقة بين المركز والإقليم يطغى التجميع المكثف للسلطات مركزيا بشكل يعيق المصالح الإقليمية عن العمل ناهيك عن افتقار هده الأخيرة للكفاءات وعدم تمتعها بالاستقلال الذاتي الضروري لإذكاء روح المبادرة وإيقاظ الحس بالمسؤولية، كما أن الإدارة المغربية ترزح تحت وطأة البيروقراطية والتمكت إذ أن هاجس التعامل بالأوراق ورغبة الجالسين وراء المكاتب في تأكيد الذات، تجعل الغلبة لمنطق الوثيقة على مبدأ الفاعلية. ففي حالات كثيرة يطلب من التعامل مع الإدارة وثائق لا فائدة من تقديمها، بل قد يطلب منه وثائق متعددة تكفي إحداها عن الباقي.

ومن اللافت للنظر سيادة ثقافة "قال الرئيس" و "اعتدنا على"، لدى رجال الإدارة المغاربة. وهده الثقافة تمثل عازلا سميكا بين رجال لإدارة وبين التطبيق السليم والعادل للقانون، إذا أضفنا إليها تعدد الشبابيك وتعقد المساطر الإدارية أدركنا السر الكامن وراء شكاوى المدارين عموما، والمستثمرين خاصة. ضمن العراقيل البيروقراطية، والإجراءات المعيقة لاستثمار التي تفرض على الراغبين في إنشاء وتسيير مقاولة حرة بالمغرب على سبيل المثال لا الحصر[14].

أن يطلب منهم تقديم أزيد من 20 وثيقة من أجل تسجيل مقاولة، في حين يتطلب مسلسل إنشاء مقاولة 6 شهور وهده الإجراءات تمثل دون شك عرقلة للتنمية وتؤثر سلبا على صورة المغرب لدى المستثمرين الأجانب

الفرع  الثاني: تعتمد مساطر جاهدة وقليلة الشفافية

           وما يؤكد هدا الطرح : هو صرف الميزانية الذي يخضع لمراقبة دقيقة ومبالغ فيها تعكس لدى المراقبين الماليين غلبة نزعة تضخم الخلل والبحث عن أسباب الرد بدلا من تغليب روح المساهمة والإصلاح. هده الثقافة المهيمنة لدى كبار مراقبي المالية تزداد حدة لدى الفاحصين الأدنى مستوى اللذين يتخذ قرار الرفض أو القبول بناء على ملاحظاتهم، الأمر الذي يطيل مدار الملفات، ويؤخر تنفيذ المشاريع دون أن يفضي إلى مراقبة فعالة وفعلية لعمليات صرف الميزانية.

           إنما جاء في تقري البنك الدولي عما أضفناه من أفكار يكشف عن بعض وليس كل من مظاهر الخلل في إدارتنا، ونعتقد من جانبنا أن مفتاح حل هده المشاكل هو العنصر البشري القوي، ومكمن القوة هو التكوين والتدريب والتأهيل التي بدونها لا طائل من الكلام عن إصلاح الإدارة ولا تحديتها، بل إن التكوين وإعادة التكوين يعد جزء هاما من عملية الإصلاح.

           والتكوين يشمل فينا يشمله. معرفة رجل الإدارة المتمكنة والمتينة بوضعيته وبحقوقه وواجباته، والاضطلاع على المناهج الإدارية الحديثة وضبط القوانين والتنظيمات التي على أساسها يتعامل مع طالب خدمات الإدارة[15]

المبحث الثاني: مظاهر التخلف المرتبطة بالسلوك البشري

   تعرف الإدارة بأنها: مجموعة أنماط سلوكية للإفراد والعاملين في جهاز الدولة والجماعات. أي الوحدات التنظيمية المختلفة في الجهاز مترابطة فيما بينها بموجب ضوابط سلوكية رسمية، بمعنى القوانين والتنظيمات والأوامر، وغير رسمية كالعادات والتقاليد والأعراف، موجهة لتحقيق أهداف معينة متعلقة بتنفيذ سياسات الدولة ضمن الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة[16]

والهدف الرئيس للإدارة هو تقديم الخدمات للمواطنين، بقصد إشباع حاجياتهم التي تكلفت الدولة بها، وبالتالي فالإدارة تكون متخلفة حسب هدا التعريف في حال عدم وجود التجاوب الكمي والنوعي والزمني بين التحولات التي تطرأ في الاحتياجات العامة للجمهور التي تكلفت الدولة بإشباعها.

           أما مفهوم التخلف الإداري فهو الوضعية التي يفتقد فيها الجهاز الإداري إلى إمكانية التنفيذ الكامل للسياسة المحددة في خطط الدولة[17].

           إن الإدارة ليست هدفا في حد ذاتها وإنما هي وسيلة للوصول إلى هدف أساسي يتجلى في تلبية مطالب واحتياجات المواطن فإن عجزت عن دلك فدلك يعني تخلفها عن تحقيق الغرض الذي وجدت من أجله.

 فإذا كان مفهوم التخلف الإداري ينصرف إلى الحالة التي يفتقد فيها الجهاز الإداري القدرة على التنفيذ الكامل للسياسة العامة المحدد من طرف الإدارة.

المطلب الأول: مظاهر التخلف المرتبطة بهياكل الإدارة

           وستناوله في فرعين. نخصص الأول لكثرة إنشاء الأجهزة الإدارية دون خطة موضوعية، على أن نتناول في الفرع الثاني ترجيح الأنماط الشكلية والإجرائية في العمل الإداري

الفرع الأول: إنشاء الأجهزة الإدارية بدون خطة موضوعية

           لا شك أن الأجهزة التي كانت تتفق مع الوظائف التقليدية، (الأمن والدفاع) المتعارف عليها للدولة، لا تتوازى ولا تساير التطور السريع لوظائف الدولة للتحقيق التفاعل الوظيفي والعضوي بين جميع وحداتها وكياناتها الجزئية الداخلية، وتنسيق وتوجيه أنشطتها لتحقيق الأهداف الكلية وبتعبير آخر تشمل عملية تطوير الهياكل التنظيمية للأجهزة الإدارية ضبط وتحديد الاختصاصات للوحدات الإدارية، وتوضيح العلاقة بينهما، وتحديد الواجبات والمسؤوليات والصلاحيات للوظائف، ورسم الخرائط التنظيمية ووضع أدلة تنظيمية لها فبدون سلوك جيد للقيادة الإدارية فإنه لا يمكن تخطي هده الوضعية مما يزيد الأمر تأزما وتعقيدا[18]

الفرع  الثاني: ترجيح الأنماط الشكلية والإجرائية في العمل الإداري

إن الإدارة تضع القواعد والأنماط في كيفية إنجاز المعاملات في شكل نماذج والإجراءات الواجب إتباعها، والمواعيد اللازمة لانجاز المعاملات.

           وبالتالي فهي لا تترك للموظف هامشا من حرية التصرف أو سلطة تقديرية لاستعمالها في حالات استثنائية أو خاصة مثلا[19]

فهده الأنماط مستهل عمل الإدارة وتمنع التضارب في أسلوب العمل، إلا أن هدا التنميط تجاوز سبب وجوده ليصبح من مظاهر التخلف الإداري في حالتين:

1-              نلاحظ أن الإدارة في بعض الأحيان تمسك الإجراءات المقرر بعض النظر عن الأثار الناتجة عنها في بعض الحالات ويعود دلك إلى عدم وجود سلطة تقديرية لأشخاص الإدارة، أو توافر هده السلطة مع امتناع هؤلاء الأشخاص عن استعمالها.

2-              عندما يتطلب إنجاز عمل معين استيفاء شكليات ليس لديها ما يبررها سوى التقيد بالبطء والروتين مما يتسبب في إضاعة وقت المرتفق والموظف على حد سواء. وهو ما يؤكد أن النمطية المقرر أصلا لمصلحة الإدارة والمواطن أصبحت عبئا عليها. وهكذا فإن مثل هدا التصرف القاضي بتطبيق الأنماط والإجراءات بحذافيرها، يهش الهدف النهائي لهده الأنماط ألا وهو خدمة المواطن، وعليه فهو يحافظ على الشكل ويتجاهل المضمون، وهنا نكون أهام الروتين والبطء، الذي هو التمسك الحرفي بالقوانين والتنظيمات وعدم إمكانية الخروج منها للتعرف على روح القانون[20]

وخلاصة القول إن السلوك الحسن دوار بالغ الأهمية للحد من مثل هده الممارسات التي تقف حجرة عثرة أمام خدمة من المواطنين.

كما أن الانحراف في اتخاذ القرارات والاستعمال السيئ للقانون فمن الطبيعي في الدول المختلفة أن تتدخل الاعتبارات الشخصية في عملية اتخاذ القرارات ودلك بهدف الحصول على المنفعة الذاتية أو انسجاما مع أهداف البعض للحصول على مصالح مادية أو معنوية، ونعني بهذا أن المصلحة العامة ليست هي الغاية فيما يتخذ من قرارات.

أما الاستعمال السيئ للنصوص فستدل عليه بتلك الامتيازات التي تمنحها بعض القوانين في حالات المرض أو الإصابة وغيرها، زيادة على شيوع الرشوة والاستعمال غير المشروع لأموال الإدارة، فالرشوة أحد دعائم الفساد والإداري والأخلاقي لمستخدمي الإداري ودلك لما يؤدي إليه من إهدار لمبدأ المساواة أمام القانون والخدمة العامة. أما الاستعمال غير المشروع لأموال الإدارة فيتمثل في طرق عديدة، منها الكذب في تحديد الانتقال والأسفار المهنية، استعمال سيارات الإدارة لأغراض شخصية، ومثلها الهاتف.

المطلب الثاني: مظاهر التخلف المتصلة بالمواطنين وبالنظم القانونية والرقابة

ترتبط مظاهر التخلف في هدا الإطار بعناصر أولية لها علاقات بالمواطنين (الفرع الأول)، وثانية تتصل بالنظم القانونية والرقابية (الفرع الثاني)

الفرع الأول: مظاهر التخلف والمتصلة بالمواطنين

إنه بفقد الإدارة لسبب وجودها وهو خدمة المواطن، ستولد لدى أفراد المجتمع عدم الثقة وينتج عن دلك فجوة نفسية بين المواطنين والأجهزة الإدارية والعاملين بها. وقد يتخذ دلك عدة أشكال منها[21]:

                 اليأس من وعود الإدارة في إصلاح نظمها.

                 تهرب المواطن من أداء التزاماته تجاه المنظمة الإدارية.

                 عدم احترام المواطن لتعليمات الإدارة، ودلك بعد تأكده من افتقاد الإدارة إلى الموضوعية وتدخل الاعتبارات الشخصية في إنجاز معاملاتهم.

                 منافقة المواطنين لأفراد الإدارة إدراكا منهم بأن تحقيق مصالحهم رهين بأهواء الموظفين وتظهر صورة هدا النفاق بإحاطة الموظفين بهالة زائفة من الاحترام وتبادل المنافع والخدمات معهم.

                 شعور المواطنين باستعلاء أفراد الإدارة عليه ودلك من خلال ممارسة هؤلاء الأشخاص لبعض السلوكات التي تسيء لمشاعر وكرامة المواطن، وبعض تجليات دلك تتضح في عدم السماح للمواطن بالجلوس أو إعطائه الفرصة تفاصيل موضوعه...[22] 

أما عند طلب مقابلة كبار المسؤولين، فإنه عادة ما تستعمل الكثير من الأعذار والمبررات التي تحول دون تحقيق هدا الطلب. وكل هدا راجع إلى العادات التي تربى عليها المواطن المغربي بدأ بالبيت الدي يغرس في نفسية الرد عملية التمويه وتستمر في المدرسة ثم يمارسها المجتمع في مؤسساته وعلاقاته كافة، وبواسطة  التمويه تتمكن الثقافة الاجتماعية والمهنية من أن تفرض نضرتها وقيمها وأهدافها، ولا يقتصر التمويه على المجال الأخلاقي والاجتماعي فحسب بل  يتعداها إلى المجال العملي والنفسي والفلسفي، فيثبت أسلوب البحث العلمي والتعلم والتجريدات الفكرية بتقسيم حقول البحث إلى أجزاء واختصاصات لا علاقة بينهما ويصبح العالم والمتعلم، صاحبي مهنة وتخصص بعيدين عن واقعهما اليومي وفي الوقت دلته راضخين للقوى المسطرة فيه. وإجمالا يمكن القول أن الواقع الإداري المغربي المليء بالاختلالات وبمختلف مظاهر الفساد، قد ساهم بشكل كبير في إعاقة التنمية المستديمة، التي تنشدها الدولة على مستوى خطاباتها الرسمية، الأمر الذي فرض ضرورة التفكير في إيجاد آليات كفيلة لمحاربة الفساد البيروقراطي .

الفرع  الثاني::تجليات التخلف الإداري المرتبطة بالنظم القانونية والرقابية

بالرغم من كون الرقابة عملية أساسية في كافة الأجهزة الإدارية، فإن الممارسة الخاطئة لها تجعل منها مظهرا واضحا من مظاهر التخلف الإداري.

1- تعدد أجهزة الرقابة وتدخلها المفرط في عمل الأجهزة الإدارية، إذ الإفراط في التدخل لتقويم عمل الأجهزة الإدارية، يعد أحد أوجه التخلف الإداري وخاصة إدا اتخذ إحدى الحالات الآتية.

أ- التداخل في اختصاصات أجهزة الرقابة وعرقلتها لتدفق العمل

ب- عدم حماية الرقابة لحقوق المواطنين

2- النصوص المتناقضة القابلة لتفسيرات متعددة، من التجليات الأساسية للتخلف الإداري، تلك الترسانة الهائلة من القوانين والنظم والتعليمات، والأوامر والقرارات الإدارية، التي تعج بها الإدارات ويسهم هدا الكم من القوانين في عرقلة عمل الإدارة إدا كان بالطرق الآتية:

أ- تضارب النصوص وقصورها عن معالجة كافة الحالات المستهدفة:

إدا أن هناك بعض القوانين التي تشوبها السرعة في الإصدار، وعدم الدراسة الكافية، وهو ما يجعلها عاجزة عن الوفاء بجميع المتأمل منها،مما يستوجب إدخال عدة تعديلات عليها، بحيث يصبح من المتعذر معرفة النصوص الأصلية، وأحيانا ينتج تضارب في هده التعديلات واختلاف في ما تفرضه من التزامات أو ما تقرره من حقوق في فترات وجيزة وهو ما يسهم في تعقيد العمل الإداري[23].

ب- التغيرات المتناقضة التي لا تتواقف مع روح النصوص القانونية، فإذا كانت هده الإطلالة على مظاهر التخلف الإداري بالإدارة المغربية تبين مدى الأزمة البنيوية والوظيفية التي تعاني منها إدارتنا.

ونتيجة لغياب تدبير توقعي لحاجيات الإدارة من الموارد البشرية، فقد تحكمت في عملية التوظيف عدة عوامل سياسية وتاريخية بعيدة عن معايير الكفاءة أو الجدارة والاستحقاق، والتي دفعت الإدارة العمومية المغربية إلى القيام بحملة من التوظيفات لأجل سد الفراغ الذي تركه موظفو الحماية بعد مغادرة الاحتلال الفرنسي للمغرب من جهة، وكنوع من المكافأة لرجل المقاومة من جهة ثانية[24].

بالإضافة إلى العاملين السياسي والتاريخي، تعتبر الوظيفة العمومية الضمان الوحيد للاستقرار الاجتماعي في المغرب، حيث لجأت الدولة لامتصاص الضغط الاجتماعي الناجم عن إرتفاع أعداد العاطلين من حاملي الشهادات إلى القيام بحملات واسعة للتوظيف دون مراعاة حاجة الإدارة إلى كل تلك الأعداد.

ولعل النتيجة المباشرة لهده التراكمات التاريخية والظروف الاجتماعية والسياسية، إرتفاع مضطرد في أعداد الموظفين بشكل نتج عنه انتشار ظاهرة التضخم الوظيفي، وما رافقها من انعكاسات خطيرة على الوضع المالي للدولة، هده الظاهرة التي تعرف بأنها الزيادة في عدد الموظفين بنسبة تفوق الزيادة في الحجم والعدد الكافي لتنفيذ الأعمال المرتبطة بتقديم الخدمات[25]. 

بالإضافة إلى المشاكل الأخرى التي ينمكن أن تصاحبها من سوء توزيع الموظفين، وظاهرة الموظفين الأشباح، وكدا إشكالية المطابقة بين الشواهد والمهام وعدم التناسب بين المؤهلات والوظائف، على أن الصراع لا يزال قائما بين الجيل القديم الذي منحت له المناصب القيادية مع الجيل الجديد بتوجيه الحديث سواء من حيث الأهداف أو أساليب العمل[26]

وحيث أن فعالية الإدارة رهينة بكفاءة وقدرات الأشخاص الدين يسهرون على تسيير دواليبها، فقد أصبح من الطبيعي أن مفهوم تدبير الموارد البشرية قد أصبح خيارا إستراتيجيا وتحديا أساسيا لإقامة تدبير عمومي يرتكز على الكفاءة والمبادرة، ومن هنا بدأ الاهتمام ينصب حول البحث في مختلف الإشكاليات التي يثيرها مجال تدبير الموارد البشرية، من حيث وضع نظام يكفل حسن اختيار الموظف وتأمينه في عمله من حيث التحفيز والترفية، وتطوير قدراته عبر التدريب والتكوين، وتنظيم الأداء. كما أن الوضعية المتردية التي تعيشها الإدارة العمومية المغربية، يرجع سببها الرئيسي إلى تقادم القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، والدور الاجتماعي الذي أعطي للإدارة العمومية لسنوات طويلة، تم غياب الاهتمام بالعنصر البشري في الإصلاحات السابقة بوجه عام، وغياب نظام صارم وفعال لمتابعة ومراقبة الموظف العمومي وتقييم أدائه بشكل خاص[27].

الخــــاتمـة :

           وختاما لما سبق ذكره نصل إلى نتيجة مفادها أن الإدارة العمومية المغربية لم تستفد بعد من النظريات الحديثة والمعاصرة لتدبير الموارد البشرية، والتي تعتبر العنصر البشري رأسمالا لا يقل أهمية عن الرأسمال المادي مما يستوجب عقلنة الوظيفة العمومية وإدخال الأساليب المعاصرة لتدبير مواردها البشرية، والتي بدونها يصعب تحقيق التنمية المنشودة، فمفهوم تدبير الموارد البشرية غير مستوعب تماما لدى المسؤولين بالإدارة العمومية اللذين يظهرون نظريا أنهم يعطون مفهوما واضحا من خلال خطاباتهم السياسية.

وبالفعل هناك مشاريع إصلاح يشهدها قطاع الوظيفة العمومية في إطار الحركية التي يعرضها المجتمع المغربي ككل وفي إطار الأوراش المفتوحة وطنيا، هده الإصلاحات باتت ضرورية في إطار المطالب الملحة للمؤسسات المالية الدولية المانحة للقروض إلى درجة ربط هده المؤسسات بين مدى نجاح الإصلاحات المطلوبة والقروض فللرقي بمصالح تدبير الموارد البشرية كان من اللازم الاعتماد على مقاربة شاملة ومؤدية إلى الأهداف النظرية والأكاديمية وكدا الأهداف التطبيقية والمهنية المتوخاة.

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع:

               التوبيخ التهامي: "إشكالية تدبير الموارد البشرية بقطاع اتصالات المغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام كلية الحقوق أكدال، الرباط 1999-2000

               علي سد جاري: "الدولة والإدارة بين التقليد والتحديث ،طبعة 1994.

               حميد أبولاس: "تدبير الموارد البشرية" نموذج الإدارة الجماعية مطبعة دار القلم الطبعة 1 2006.

               علي سد جاري: الدولة والإدارة بين التقليد والتحديث.

               جريدة الصباح الصحراء (بالفرنسية عدد 4/5/1991.

               M.Rousset .Droit administratif marocain ، الطبعة الملكية،1992.

               عبد العزيز الرماني، الإصلاح الإداري بالمغرب، أربعون سنة من الوعود والمناريع" المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية.

               المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة نصوص ووثائق.

               تقرير البنك الدولي سنة 1995 حول الاقتصاد المغربي بوجه عام والإدارة بشكل خاص.

               الجمعية المغربية للعلوم الإدارية، الإدارة العمومية والتغيير – إفريقيا الشرق-البيضاء المغرب، الطبعة الأولى 1989.

               عاصم الاعرجي "دراسات معاصرة في التنوير الإداري "دار الفكر/عمان-سنة 1994.

               محمد حسين النعيمي-السلوك البشري  ودوره في الإصلاح الإداري –دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط الطبعة الأولى  2001.

               السلوك البشري وتنمية الإدارة العمومية المغربية. عبد الرزاق خالدي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام.

               محمد بن يحيى "المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية" سلسلة مواضيع الساعة العدد 20 سنة 2000.

               جمال الدين العويسات "السلوك التنظيمي والتطوير الإداري مطبعة دار هومة الجزائر 2003.

               عبد المجيد علاك "تدبير الموارد البشرية في الإدارة العمومية علاقة التدبير بالتنمية الإدارية بالمغرب".

               نسرين سعد الديس "الإدارة العمومية المغربية وإشكالية التواصل أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام جامعة محمد الخامس أكدال الرباط 2006-2007.

               بدر عبد الحفيظ عفيف "تقويم السلوك الوظيفي من خلال المفهوم الجديد للسلطة "أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس-أكدال بالرباط 2005،2006.

               بشري الوردي "تقييم الأداء في الوظيفة العمومية المغربية، رسالة لنيل الدراسات العليا المعمقة في القانون العام. أبريل 2008.



[1]) التوبيخ التهامي: "إشكالية تدبير الموارد البشرية بقطاع اتصالات المغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام كلية الحقوق أكدال، الرباط 1999-2000ص 34

[2]) علي سد جاري: "الدولة والإدارة بين التقليد والتحديث ،طبعة 1994. ص 144.

 

[3] ) حميد أبولاس: "تدبير الموارد البشرية" نموذج الإدارة الجماعية مطبعة دار القلم الطبعة 1 2006ص.67

[4] ) التوبيخ التماسي، مرجع سابق، ص-32

[5] ) علي سد جاري: الدولة والإدارة بين التقليد والتحديث، ص 40

[6] ) جريدة الصباح الصحراء (بالفرنسية عدد 4/5/1991

[7] ) M.Rousset et al .Droit administratif marocain ، الطبعة الملكية،1992 ص13

[8] ) الدولة والإدارة التقليد والتحديث، مرجع سابق ص-48

[9] ) الدولة والإدارة بين التقليد والتحديث، مرجع سابق ص-44

[10] ) عبد العزيز الرماني، الإصلاح الإداري بالمغرب، أربعون سنة من الوعود والمناريع" المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية

[11] ) الدولة والإدارة بين التقليد والتحديث "علي سدجاري" مرجع سابق ص-42

[12] ) المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة نصوص ووثائق، ص68

[13] ) علي سد جاري: الدولة والإدارة بين التقليد والتحديث، مرجع سابق ص 13

[14] ) تقرير البنك الدولي سنة 1995 حول الاقتصاد المغربي بوجه عام والإدارة بشكل خاص

[15] ) الجمعية المغربية للعلوم الإدارية، الإدارة العمومية والتغيير – إفريقيا الشرق-البيضاء المغرب، الطبعة الأولى 1989

[16] ) عاصم الاعرجي "دراسات معاصرة في التنوير الإداري "دار الفكر/عمان-سنة 1994 ص 24

[17] ) محمد حسين النعيمي-السلوك البشري  ودوره في الإصلاح الإداري –دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط الطبعة الأولى  2001 ص 335

[18] ) السلوك البشري وتنمية الإدارة العمومية المغربية. عبد الرزاق خالدي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام .ص-85

[19]) السلوك البشري وتنمية الإدارة العمومية المغربية 22 مرجع سابق ص 86

[20] ) عبد الرزاق خالدي: السلوك البشري وتنمية الإدارة العمومية المغربية، مرجع سابق ص 90

[21] ) عبد الرزاق خالدي "السلوك البشري وتنمية الإدارة العمومية المغربية" مرجع سابق ص 90

[22] ) محمد بن يحيى "المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية" سلسلة مواضيع الساعة العدد 20 سنة 2000

[23] جمال الدين العويسات "السلوك التنظيمي والتطوير الإداري مطبعة دار هومة الجزائر 2003 ص 11

[24] ) عبد المجيد علاك "تدبير الموارد البشرية في الإدارة العمومية علاقة التدبير بالتنمية الإدارية بالمغرب"

[25] ) نسرين سعد الديس "الإدارة العمومية المغربية وإشكالية التواصل أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام جامعة محمد الخامس أكدال الرباط 2006-2007 ص 78

[26] ) بدر عبد الحفيظ عفيف "تقويم السلوك الوظيفي من خلال المفهوم الجديد للسلطة "أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس-أكدال بالرباط 2005،2006 ص 227

[27] )بشري الوردي "تقييم الأداء في الوظيفة العمومية المغربية، رسالة لنيل الدراسات العليا المعمقة في القانون العام. أبريل 2008 ص5 .


إرسال تعليق

0 تعليقات