آخر الأخبار

Advertisement

العدد 101 من سلسلة أبحاث قانونية بعنوان الإدارة العموميـة بين إكراهـات الواقـع وتحديـات الإصـلاح - اعداد د مصطفى مخروط - تقديم ذ محمد القاسمي / منشورات موقع مجلة الباحث القانوني /

 


العدد 101 من سلسلة أبحاث قانونية بعنوان الإدارة العموميـة بين إكراهـات الواقـع وتحديـات الإصـلاح - اعداد د مصطفى مخروط - تقديم ذ محمد القاسمي / منشورات موقع مجلة الباحث القانوني /



لحميل الكتاب في صيغته الرقمية pdf الرابط أسفله:



https://drive.google.com/file/d/1WDnLz5uyJBIcFsSYEkGIflbqDDi3fkHs/view?usp=drive_link


مقدمـــة:

عرفت الإدارة المغربية في السنوات الأخيرة، تحولات مهمة في مهامها ووظائفها، الشيء الذي انعكس بشكل طبيعي على تطور بنياتها، وتعتبر الإدارة العمومية الوسيلة الدستورية والقانونية، التي تستخدمها الدولة لتنفيذ برامجها وأداة لتحقيق التنمية، من خلال التوجيه والاشراف على سياستها الاقتصادية والاجتماعية. فهي جهاز مؤسساتي تابع للسلطة التنفيذية يوجه نشاطها ويحدد أهدافها.

فالإدارة لم تعد مجرد أداة لتنزيل السياسات العمومية أو تنفيذ القرارات الحكومية، بل أصبحت الدعامة الأساسية لكل تغيير اقتصادي واجتماعي، ومفتاحا للحكامة والديموقراطية والتنمية البشرية[1]. وإذا كانت الدولة هي ذلك الجهاز الذي يحتكر ممارسة السلطة، ويشرف على تلبية الحاجات العامة ويحافظ على النظام العام، فإنه لا يتصور قيامها بالمهام المنوطة بها دون وجود أداة للاشتغال، وبالتالي يمكن القول أن الإدارة العمومية تتمثل في مختلف المرافق العامة التي تسيرها الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية وتخضع للقانون العام. والمفهوم أعلاه يتماشى أيضا مع مفهوم الوظيفة العمومية، باعتبارها نشاطا يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة.

وقد أضحى الحديث عن إصلاح الإدارة العمومية مسارا لا رجعة فيه[2]، فهو فرصة لإعادة التفكير في مواجهة التحديات خاصة رهان النموذج التنموي الجديد، فالإدارة المغربية تمر اليوم بمنعطف جديد وحاسم يتطلب الانخراط الحازم في عملية التحول الاقتصادي والاجتماعي[3]، ومواكبة السياسات العمومية والأوراش التنموية. بحيث عرفت في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا إثر توسع مجالات استعمالها وتدخلها وقد رافق هذا التطور إشباع مؤسساتي، أعطى الانطباع أننا أمام دولة قوية بمؤسساتها وأجهزتها الإدارية لكن الواقع أنتج العكس و ذلك بتزايد حدة الاختلالات البنوية والوظيفية، الشيء الذي أدى إلى توثر علاقة الدولة و الإدارة مع محيطها المجتمعي، فالحديث على تأهيل وإصلاح الإدارة العمومية في هذه المرحلة التي تعرف تطورات وتغيرات مهمة على الصعيد الوطني، (الجهوية المتقدمة – النموذج التنموي الجديد – تنزيل ورش اللاتمركز الإداري – مشروع الحماية الاجتماعية – حالة الطوارئ الصحية). يعد أحد الرهانات الكبرى، وأحد الخيارات الاستراتيجية لتأهيل بلادنا لمواجهة التحديات، التي تفرضها إكراهات المرحلة والظرفية الاقتصادية، على اعتبار أن الإدارة هي العنصر الحركي الأساسي، والقوة الدافعة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كل مظاهر النشاط الإنساني[4].

وقد أدى هذا المعطى إلى جعل الإدارة المغربية تتميز بخاصيتين أساسيتين:

      أن الإدارة المغربية هي نتاج طبيعي للبناء المؤسساتي، الذي تبلور عبر تطورات كمية وتحولات نوعية تشكلت من الإرث التاريخي لعهد الحماية، حيث أن مختلف القوانين المنظمة لسيرها وطريقة عملها تعود إلى النموذج الفرنسي الذي طبع الإدارة المغربية.

      تواجد موارد بشرية مغربية لتسيير هذه الإدارة، وتموقعها داخل النسيج المجتمعي المغربي المتميز بتناقضاته، وقد أثر هذين العاملين بشكل كبير على طبيعة الإدارة المغربية. بحيث أفرزت إدارة بيروقراطية بعقلية كولونيالية ونزعة شوفينية، إضافة إلى طغيان ثنائية الأمني والسياسي. الشيء الذي كان له بالغ الأثر على طبيعة الإدارة العمومية.

فبعد الاستقلال ترسخت الرغبة الأكيدة في توطيد دعائم الدولة الحديثة، بحيث تمت محاولة إخضاع المجتمع، وجعله أكثر استجابة للمتطلبات السياسية للمرحلة. ما جعل الدولة أكثر تحكما في مسار تطور المجتمع، وبالتالي استخدام الإدارة العمومية كآلية وأداة لفرض رؤية الدولة وترسيخ منطق التحكم من خلال مساهمة الإدارة في تنزيل جميع مخططات الدولة الهادفة لجعل المجتمع في خدمة الدولة، هذه العوامل ستنعكس عليها عدة نتائج، لعل أهمها تضخم الهياكل الادارية وتعقد المسالك والمساطر وطغيان البيروقراطية، وارتفاع منسوب الفساد الإداري، ما جعل أهداف الإدارة تتناقض في كثير من الأحيان مع أهداف التنمية، خاصة في ظل تدني مؤشرات التنمية البشرية بسبب الاختلالات وفساد الإدارة[5].

وهذا ما أثر سلبا كذلك على طبيعة نظام الوظيفة العمومية بالمغرب، والتي سيتم تنظيمها سنة  1958[6]. بإصدار النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، والذي أصبح كذلك متجاوزا ولم يعد يستجيب لمتطلبات الإدارة الحديثة، حيث تعددت الاختلالات في بنيته بتكريسه للتباينات الوظيفية داخل أجهزته. مما جعل المطالبة بإصلاحه ضرورة ملحة في الوقت الراهن، خاصة وأن إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية تعد من المقومات الأساسية لتمكين المرافق العمومية من أداء نشاطها بشكل فعال، ويقصي العجز الكبير المتراكم منذ عقود.

فالتحليل الموضوعي لهذا الموضوع، يمكن من الإفصاح عن العديد من النقائص التي تعاني منها الإدارة العمومية المغربية، وهي نقائص خطيرة راجعة إلى الأسس التي استند عليها الجهاز الإداري، في علاقته بالواقع الاقتصادي والاجتماعي للمغرب، وإلى الاختيارات التي تحكمت وتتحكم في تسيير دواليب الإدارة العمومية، وإلى العقلية السائدة لدى مسيري الجهاز الإداري وموظفيه. ما أدى إلى التراكم السلبي للفعل الإداري. فمشكل الإدارة العمومية لا يطرح في صيغ الاستمرار والاستقرار، بل في صيغ أخرى كالكفاءة و النجاعةوالإنتاجية وقدرة الإدارة على التأطير السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أما على مستوى العقليات فيبدو أن الإدارة ليست مريضة ببنياتها بقدر ما هي مريضة بأشخاصها، و هو ما أكد عليه العاهل المغربي في الرسالة الموجهة للمشاركين في مؤتمر الصخيرات، حول الوظيفة العمومية العليا سنة 2018 بحيث قال "يظل الإصلاح المنشود رهينا بمدى توافر الإرادة الجماعية و القدرة على تجاوز تلك الإكراهات و المعيقات التي تقف أمام تطور نموذجنا الإداري و التنموي و المتمثلة على الخصوص في استمرار بعض التصرفات المقاومة للتغيير و الإصلاح بسبب الخوف من فقدان الامتيازات"[7] . فإذا كان من بد للتغيير، فإنه ينبغي أن يتم على مستوى العقليات لإخراجها من دوامتها وعلاجها من الاسقام والأمراض المستعصية (الشخصنة – الزبونية – استغلال النفوذ – الرشوة –الحضور غير المنتج – تعدد الهياكل – تعقد المساطروغيرها من متلازمات الفساد – غياب النجاعة و الفعالية).

فللوهلة الأولى يتبادر إلى الذهن، ضرورة القيام بإصلاحات الجدرية للإدارة قصد التمكن من حل هذه التناقضات، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه، يتجلى في ضرورة البحث عن طبيعة الإصلاح الذي نريد ونوع الإصلاح الذي نأمل، خصوصا في ظل تفاقم الأزمة مع بداية التسعينات. بعد تقرير البنك الدولي الذي أقر أن  الإدارة العمومية المغربية قد تجاوزها الزمن[8] نظرا لأنها تتميز بــــــــ :


تتمة البحث في الرابط أعلاه:



[1] محمد الداودي : الادارة العمومية وإشكالية التنمية الاقتصادية . مكتبة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء-ط1: 2017-  ص 26.

[2]عبد الحفيظ أدمينو: "نظام البيروقراطية الإدارية بالمغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام بجامعة محمد الخامس أكدال – كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – الرباط – 2002 ص 294.

[3] قانون الحماية الإجتماعية : يشكل هذا القانون ورشا هاما لتحسين الظروف المعيشية والقضاء على الهشاشة بتوسيع التغطية الصحية وتعميم التعويضات العائلية والحماية من مخاطر المرض وفقدان الشغل وقد صودق على هذا القانون الإطار في 15 مارس 2021 .

[4] عامر الكبيسي:"إدارة شؤون الموظفين والعاملين في الخدمة المدنية " ط 1/1980/ ص 20 .

[5] خالد الناصري: "الادارة المغربية بين اشكالية المضمون ومتطلبات التجديد" مطبعة معارف الجديدة. الدارالبيضاء.2000، ص 13.

[6] ظهير 24 فبراير 1958 بمثابة قانون للوظيفة العمومية.

[7]مقتطف من الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في المنتدى الوطني للوظيفة العمومية يوم 27 فبراير 2018  بقصر المؤتمرات بالصخيرات.

[8]تقرير البنك الدولي عن الوضع العام في المغرب من حيث التعليم والاقتصاد والإدارة، 15 شتنبر 1995.

إرسال تعليق

0 تعليقات