آخر الأخبار

Advertisement

تفكك وحدة مفهوم المساهم في شركات المساهمة.- محمد الحاجي - منشورات موقع الباحث القانوني

 

تفكك وحدة مفهوم المساهم في شركات المساهمة.

محمد الحاجي

تمهيد: 

 عرف مشهد الأدوات المالية في السنوات الأخيرة تحولات عميقة مست مختلف جوانبه الأساسية؛ بحيث عمل رواد الهندسة المالية على تنويع هذه المنتجات المالية وتعبئة الادخار اللازم للمقاولات من خلال القيام بتركيبات لعناصر مختلفة مستقاة من الأدوات المالية الأم (الأسهم وسندات القرض)، مما نتج عن ذلك ظهور أدوات مالية مختلطة لاهي بأسهم ولا هي سندات قرض.[1]

وقد أدى هذا التعدد والتنوع إلى تطور مفهوم المساهم وتحريره من الإطار الضيق والمتجانس الذي كان يصنف ضمنه؛[2] بحيث أصبح من الممكن الحديث اليوم على أنواع متعددة من المساهمين وليس على صنف واحد من المساهمين (المطلب الأول).

وقد كان لهذا التعدد آثار على بنية شركة المساهمة التي لم يعد ينظر إليها كبنية دائرية واحدة، وإنما أضحت متعددة الدوائر بالنظر إلى تعدد أصناف المساهمين داخل الشركة، من هذا المنطلق انتقل البعض إلى الحديث عن معايير جديدة للتمييز بين أصناف المساهمين داخل شركات المساهمة (المطلب الثاني).

وتبعا لكل ذلك طرحت إشكالية مدى تجانس ووحدة مفهوم المساهم في شركات المساهمة خاصة التي تدعو الجمهور إلى الاكتتاب في أسهمها وسنداتها، وما هي معايير التمييز بين أصناف المساهمين؟

المطلب الأول: تعدد أصناف المساهمين

أدى تنويع مصادر تمويل المقاولة من خلال الأدوات المالية الجديدة إلى تنويع أصناف المساهمين ومقدمي الأموال مما نتج عنه انقسام وحدة مفهوم المساهم التي كان ينظر إليها كدائرة متجانسة بحيث أصبح الحديث، بالإضافة إلى المساهم الشريك بمفهومه الكلاسيكي المهتم بالإدارة والتسيير (الفقرة الأولى)، عن المساهم المستثمر موظف الأموال الذي لا يهتم بشؤون الإدارة والتسيير ويخضع لمنطق الاستثمار ويفكر بعقلية المستثمر (الفقرة الثانية)، مما يدعو إلى التساؤل عن تجليات هذا التنوع ؟ وما هي الفلسفة من التمييز بين مقدمي الأموال ؟

الفقرة الأولى: المساهم التقليدي

 يبدي المساهم الفاعل اهتماما بالغا بأمور الشركة، وهو بذلك يجسد المفهوم التقليدي للشريك، المعروف بإخلاصه ودوره الفعال في حياة الشركة؛ فهو بكل بساطة مشبع بنية المشاركة.[3]

وهكذا، يظل المساهم التقليدي حاضرا بقوة في التشكيلة العادية للشركة، مستجمعا لمعظم الحقوق اللصيقة بصفة مساهم، والتي تخوله مجموعة من وسائل التدخل والمشاركة الايجابية في حياة الشركة[4]، الشيء الذي يظهر عدم استعداد هذا الصنف  من المساهمين للتخلي عن حقهم في التصويت، والذي ينظرون إليه، باعتباره استثمارا له قيمة مادية، ووسيلة لحماية الاستثمار برمته، بما في ذلك حق الربيحة؛ ذلك أن الطابع المتغير لهذا الأخير يجعل من الحفاظ على حق التصويت إحساسا بسيكولوجيا لدى المستثمر بالدود عن حقوقه المادية ضد أي عبث مهما كانت مصدره.[5]

والظاهر أن المستفيد الأكبر من الأدوات المالية الجديدة المتفرعة عن السهم، هو المساهم التقليدي؛ سواء بطريقة مباشرة عبر الامتلاك المجاني لشهادات الحق في التصويت المقابلة لشهادات الاستثمار، أو بطريقة غير مباشرة بسبب إصدار الأسهم ذات الأولوية في الأرباح دون حق التصويت، ففي الحالتين معا سيجد المساهم المقاول نفسه يمتلك سلطة اكبر مما يخوله إياه نصيبه في رأسمال الشركة.[6]

إلا أنه لا يعني ذلك أن كل مساهم يحمل أسهم عادية فهو مساهم مقاول أو فاعل، فالسلوك الإهمالي لدى بعض المساهمين من خلال تخلفهم وتقاعسهم عن حضور الجمعيات العامة للشركة، يجعل منهم مجرد مستثمرين أو مقدمي الأموال ولا يرقون إلا درجة المساهم المقاول والحريص.

والواقع أن ظاهرة غياب المساهمين لا يمكنها إلا أن تخدم مصلحة المساهمين الفاعلين، أو من يشكلون النواة الصلبة داخل الشركة والذين سيجدون أنفسهم يتوفرون على سلطة مطلقة داخل الشركة من دون أغلبية مطلقة،[7] وهذا ما يعرف برقابة الأقلية والتي تستمد قوتها من عدة أسس، كالظاهرة المشار إليها سلفا، وتفويض حق التصويت على بياض،[8] الأدوات المالية الجديدة التي لا تخول الحق في التصويت.

ومن هذه الزاوية يظهر أن الوضعية المذكورة من شأنها أن تتحول معها الجمعيات العامة، كهيئة عليا لاتخاذ القرارات الحاسمة المتعلقة بحياة الشركة ومستقبلها، إلى مجرد برلمان في إجازة مفتوحة،[9] أو مجرد أداة شكلية للتصديق على قرارات الأقلية الفاعلة.

        هذا المعطى كان له التأثير العميق على بنية شركات المساهمة، بحيث ترتب عنه بروز فئة من المساهمين تمارس تأثيرها من خارج الهياكل القانونية التقليدية للشركة، أي من غير التوفر على الأغلبية القانونية، والمساهمة الكافية التي تقابل هذا التأثير،[10] وبالتالي لم يعد رأس المال هو مصدر السلطة، بعد فك الارتباط بينهما من خلال الأدوات المالية الجديدة التي لا توفر الحق في التصويت علاوة على الاعتبارات  السلوك الإهمالي، المومأ إليه سلفا، لبعض المساهمين.

وقبل اختتام هذه الفقرة لابد من التوقف عند نقطة لها  أهمية قصوى، وهي انتقال  سلطة القرار من الجمعيات العامة إلى المجالس الإدارية لشركة المساهمة؛ الذي ظهر نتيجة بروز مفهوم جديد للمساهم المسير، والذي اقتضته حاجيات التدبير والتسيير التي تتطلب مستوى عال من الكفاءة والتجربة قلما تتوفر لدى المساهمين العاديين؛ الأمر الذي فرض إسناد مهام التسيير والإدارة إلى من تتوفر فيهم تلك المواصفات، هذا  يعني أن هذه فئة من المساهمين، هي التي تملك القدرة على تدبير أعمال الشركة،  مما يجعلها المؤهلة أكثر، قانونيا وعمليا، لتحقيق أغراض الشركة.[11]

الفقرة الثانية: المساهم المستثمر

أدت التحولات التي عرفتها السوق المالية،[12] إلى تطور مفهوم المساهم في شركة المساهمة، بحيث لم يعد هذا الأخير يختزل فقط في المساهم المقاول أو الشريك الحريص على المشاركة والتصويت والمشبع بنية المشاركة، بل أضحى يشمل حتى المساهم المستثمر أو موظِف الأموال، والذي يكتفي باستثمار أمواله في الشركة ولا تتوفر لديه أية رغبة في المشاركة أو التصويت ويبقى غرضه الأساسي هو جني الربح.[13]

ويوصف المساهم المستثمر بمكري الأموال إما لأنه يحمل أسهم عادية تخوله جميع الحقوق السياسية والمالية ولكنه لا يساهم في إدارة الشركة ولا في جمعياتها العامة أو لأنه يملك أسهم بدون حق التصويت كشهادات الاستثمار والأسهم ذات الأولوية في الأرباح دون حق التصويت أو أسهم الأفضلية[14] التي لا تخول الحق في التصويت.

واعتبر البعض أن "هناك اختلاف بسيط بين النوعين، فالنوع الأول من المساهمين يعتبر مساهما مكريا للأموال بمحض إرادته {...} أما النوع الثاني فهو يعتبر مساهما مكريا للأموال بقوة القانون لأن السندات التي يملكها تحرمه من حق المشاركة في إدارة الشركة".[15]

وقد نختلف مع هذا المنطق لأنه لا يمكن القول بأن حامل الأسهم التي لا تخول الحق في التصويت هو مساهم مكري الأموال رغما عن إرادته وبقوة القانون، فهل هناك ما يفرض على المساهم شراء أو الاكتتاب في هذه الأسهم ؟ فالمساهم ينطلق من قناعته ومن اختياره في تفضيل هذا النوع من الأسهم وليس بفرض أي جهة كانت، والقانون نفسه لم يفرض ذلك، إذن فالمساهم يختار بملء إرادته هذا النوع من الأسهم الذي صمم أصلا لإشباع رغبته في الاستثمار وجني الربح، والسندات الجديدة أداة إغراء ولم تفرض بقوة القانون.

وأدى تطور مفهوم المساهم إلا انحصار دور المساهم المستثمر في التمويل دون أن يترجم هذا التمويل على شكل سلطة داخل الشركة بحيث يقتصر حقه في جني الأرباح، إن تم  تحقيقها، مما نتج عنه اعتبار المساهم عنصر محايد أو سلبي داخل الشركة في تطور واضح لمفهوم الشركة كإطار للعمل المشترك والتعاون الجماعي من أجل تحقيق الهدف المشترك.[16]    

ومع ذلك فإذا كان المساهم لا يتوفر على روح المشاركة داخل الشركة من خلال عدم المشاركة في الجمعيات العامة والتصويت فإنه يستعمل وسيلة – نتصور- أنها أكثر فعالية  تنسجم مع طبيعته كمستثمر وهي تداول الأسهم بالبورصة؛ بحيث أنه يواجه القرارات وتوجهات الشركة التي لا تنسجم مع مصالحه بقرار التخلي عن السهم عبر بيعه بالسوق المالية.

وهكذا أصبح المساهم المستثمر أكثر ارتباطا بالسوق المالية من الشركة نفسها وأدى هذا الوضع إلى التمييز داخل فئة المساهمين المستثمرين بين عدة أصناف:

* المساهم المضارب: وهو الذي يبحث عن توظيف مشجع وتحقيق الأرباح، ليس فقط عبر ما تحققه الشركة من أرباح، بل عن طريق عمليات البورصة والاعتماد على تغيرات الأسعار؛ فهو مساهم عابر تبقى أعينه مشدودة إلى الساحل[17] في بحث دائم عن الشركات التي تحقق  نمو متزايد في المبيعات و الأرباح المستقبلية وهو مستعد لدفع أي ثمن لشراء أسهم هذه الشركات آملا في استمرار هذا النمو في الأرباح؛ لهذا يطلق على مثل هؤلاء مستثمرو النمو.[18]

       وفي مقابل  مستثمري النمو نجد مستثمري القيمة وهم المستثمرون الذين يتصيدون فرص الأسهم المعروضة بأقل من قيمتها الإسمية، ولهذا فإنهم يوصفون بالانتقائيين في اختيار الأسهم المنخفضة الثمن.[19]

* المساهم مستهلك الأدوات المالية: وفي هذا الإطار اعتبر القانون الفرنسي المدخر مكري الأموال مستهلكا حيث خول لجمعيات الدفاع عن المستهلكين إمكانية الدفاع عن المستثمرين موظفين الأموال، وذلك من خلال القانون  05  يناير 1988 والذي  يتعلق بدعاوى الجمعيات القضائية المعتمد للدفاع عن مصالح المستهلكين وإخبارهم.[20]

                                                                       

        المطلب الثاني: آثار تنوع أصناف المساهمين

أدى تعدد أصناف المساهمين إلى التأثير على بنية شركة المساهمة الذي لم يعد ينظر إليها كبنية دائرة واحدة، فما هي درجة هذا التأثير؟

لم يربط المشرع فلسفة الأدوات المالية بنظرية الشركات والحال أنه لا يمكن تنويع هذه الأدوات دون الأخذ بعين الاعتبار أثار هذا التنويع على الشركة ككل (الفقرة الأولى).

ومن بين الآثار التي خلفها تعدد أصناف المساهمين إشكالية التمييز بين المساهمين، بحيث لم يعد الفقه يبحث فقط عن معايير التمييز بين المساهم والدائن بل أضحى ملزما بالبحث عن معايير جديدة للتمييز بين المساهمين أنفسهم (الفقرة الثانية).

 

 

 الفقرة الأولى: تعدد دوائر الأشخاص داخل شركة المساهمة

لم تعد شركة المساهمة تتشكل من دائرة واحدة من الأشخاص، بل أصبحت تتشكل من عدة دوائر من خلال خلق دائرة جديدة من المساهمين انضمت إلى دائرة أكبر وهي دائرة المساهمين العاديين، مما نتج عنه تشطير مفهوم المساهم الذي كان ينظر إليه كمفهوم موحد في شركة المساهمة.

ومن هذا المنظور ساهمت السوق المالية  في ظهور مفهوم المساهم مقدم الأموال  الذي لا يهتم إلا بالمردودية ولا يكترث بحق التصويت  والذي يبدو له خيالا أكثر منه حقيقة؛ الأمر الذي أدى إلى ازدواجية في مفهوم المساهم عبر التمييز بين صنفين من المساهمين، صنف يهتم بالمردودية وصنف يهتم بالإضافة إلى المردودية بسلطة المراقبة؛[21] وهذا يعني تحول المفهوم الكلاسيكي لشركة المساهمة الذي بني على دائرة واحدة من الأشخاص.

هذا التحول فرضه تنوع الأدوار المسندة لكل مساهم، فالمساهمون لهم هواجس وآمال ودوافع وبواعث مختلفة، وإن كان هذا التنوع لا يترجم على مستوى  تنوع التسميات كما هو الحال بالنسبة لشركات التوصية .[22]

يمكن القول عموما بأنه إذا كان المشرع المغربي قد كرس هذا التحول من خلال التنصيص على الأسهم ذات الأولوية في الأرباح دون حق التصويت وشهادات الاستثمار، فإن الأمر لا يعدو أن يكون تقريرا لواقع قائم من خلال تصنيفات متعددة للمساهمين بالنظر إلى معيار تأثيرهم على سير الجمعيات العامة وباستعمال حق التصويت.

وقد أثار الأستاذ Viandier (A) هذا الإشكال منذ سنة 1978 في أطروحته مفهوم الشريك، واعتبر أن هناك مجموعة من العوامل التي ساعدت على تطور ظاهرة تنوع المساهمين منها: أهمية ومقدار المساهمة وأقدمية المساهم، وعلاقته بالمجموعة المسيطرة ودوافع المساهم.[23]

 و يفرض هذا التطور إعادة النظر في عقد الشركة كبنية دائرية واحدة، فمن الواضح أن شركة المساهمة صارت بنية متعددة الدوائر،  فالدائرة الأولى مكونة من مساهمين عاديين، أما الثانية فتتكون من حاملي شهادات الاستثمار، والثالثة مكونة من أصحاب أسهم ذات الأولوية في الأرباح دن حق التصويت[24]، علاوة على دائرة رابعة تضم المساهمين الذين يتوفرون على أسهم عادية لكنهم لا يبالون بالمشاركة والتصويت ويترجم إما سلوكهم الاهمالي، أو هاجسهم في الأرباح دون الاهتمام بالحقوق السياسية داخل الشركة المعنية.

و هذا يدفعنا إلى البحث عن معايير جديدة للتمييز ليس بين المساهمين والأغيار، وإنما بين المساهمين أنفسهم.

الفقرة الثانية : معيار التمييز بين المساهمين

الواقع أن الفقه لم ينطلق في تأمله لإشكالية التمييز بين المساهمين من نفس الزاوية، فهناك من اعتمد على شكل الأدوات المالية التي يمتلكها كل صنف من المساهمين، فإن كان يمتلك شهادة استثمار فهو مساهم مكري للأموال، أما إذا كان يمتلك سهما عاديا فهو مساهم فاعل.[25]

 والظاهر أن هذا المعيار لا يأخذ بعين الاعتبار أصحاب السلوك الإهمالي الذين يتقاعسون عن حضور الجمعيات العامة والذين يملكون أسهم عادية ورغم ذلك فإنهم يوصفون بموظفي الأموال، فشكل الأداة المالية ليس دليلا على المشاركة الفعلية للمساهم في حياة الشركة من عدمها، لأن المشكل ليس نابعا من هذه الأدوات بل من وجود نوعين من ماليكها أحدهما مساهم والآخر مستثمر فقط،[26] لهذا نجد البعض يعتمد على معيار نية المشاركة لتمييز المساهم الفاعل عن مكري الأموال.

وفي هذا الإطار يثار تساؤل جوهري حول مدى إمكان اعتبار نية المشاركة أداة للتمييز بين المساهم وغيره (الدائن السندي مثلا) أم أنها معيار لتمييز بين المساهمين أنفسهم؟

وإذا كان الأستاذ سعيد الراضي يرى أنه لا يمكن الاعتماد على معيار نية المشاركة للتمييز بين المساهم موظِف الأموال والمساهم المقاول لأن نية المشاركة – حسب تصوره – "حاضرة في مختلف مراحل الشركة حتى بالنسبة للمساهم الذي لا يرغب إلا في تحقيق الربح لان وعيه عند اقتناء السهم باحتمال تعرضه لخسارة معينة يجعل من المفترض توفر هذه النية لديه"[27]

فإنه يلاحظ - وهذه مسألة نتصور أنها جوهرية-  تطور معيار نية المشاركة التي لم تعد تختزل فقط في التمييز بين المساهمين وغيرهم وإنما أضحت بفعل بروز ظاهرة تعدد أصناف المساهمين معيارا لتمييز بين المساهمين أنفسهم؛ بحيث أصبحنا نميز داخل مفهوم نية المشاركة بين عدة درجات؛ وفي هذا الإطار يميز الباحث محمد السنوني داخل نية المشاركة بين إرادتين: أولهما؛ إرادة الدخول إلى الشركة والانتماء إليها، وثانيهما؛ إرادة ممارسة الحقوق داخل الشركة؛ ومن هذا المنطق يتم التمييز بين المساهم المقاول والمساهم المستثمر، بحيث يستجمع المساهم الفاعل الإرادتين معا، بينما لا يتوفر موظِف الأموال أو المساهم  المستثمر إلا على إرادة الدخول والانتماء إلى الشركة دون إرادة ممارسة الحقوق والمشاركة في الإدارة والتسيير.[28]

ومن منظور مختلف يرى الأستاذ سعيد الراضي أنه لا داعي للتمييز بين المساهمين،  لأنه رغم تعدد أصناف المساهمين داخل شركة المساهمة فإنهم يتقاطعون في مجال واحد يتعلق بالاستثمار حيث يسود منطق الربح والخسارة وما دام الكل يخضع لهذا المنطق فالجميع سواء ولا فرق بينهم فالمساهم مساهم مادام ينطبق عليه نفس المنطق.[29]

وإذا كان هذا الموقف لا ينفي ما حصل في دائرة المساهمين من تنوع، لكنه لم يعط معيارا دقيقا يمكن من خلاله التمييز بين أصناف المساهمين المختلفة.

أمام هذا التباين ينبغي على المشرع التدخل من أجل وضع معايير قانونية واضحة لتمييز المساهم المقاول على المساهم المستثمر، ليس من أجل تشديد المسؤولية على المساهم المقاول وإنما على الأقل لحماية المساهم المستثمر، الذي أضحى يقترب أكثر من مفهوم الدائن.

خاتمة:

يمكن القول ختاما أن هذا الموضوع يندرج في إطار الفلسفة العامة لمهندسي الأدوات المالية والتي تهدف إلى الاستجابة إلى هاجس الفاعلين الاقتصاديين من خلال ابتكار وسائل تساعدهم على التوفيق بين الحرص على جلب الأموال والرغبة في تهميش مقدميها، بهدف الحفاظ على مصالح ومراكز النواة الصلبة داخل الشركة دون الاضطرار لتقديم أموال إضافية.[30]



[1]  - محمد سعيد الراضي، مفهوم القيم المنقولة في التشريع المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية- أكدال- الرباط، السنة الجامعية 2006-2007 ص 44.

[2]  من أجل التوسع في هذه النقطة راجع:

Takoudoum (F k) et Mankssi (ph), L’évolution d’associé, mémoire pour Mastre de recherche, Mention administration des affaires, spécialité Droit Economique des Affaires, Faculté de Droit des sciences politique , économiques de gestion , Université Nice Sophia Antipolies, 2007-2008 P 39.

[3]  - زهير بونعامية، الاعتبار الشخصي في شركات المساهمة، دار القلم الرباط،2011، DON2012 ، ص 354.

[4]  - محمد السنوني، القيم المالية الجديدة المتفرعة عن السهم، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية،أكدال- الرباط السنة الجامعية 2003، ص 107.

[5] سمير أو خليفا، تداول الحقوق المرتبطة بالقيم المنقولة داخل البورصة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، الرباط، السنة الجامعية 2001 – 2002، ص 130.

[6]  - محمد السنوني، القيم المالية الجديدة المتفرعة عن السهم، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية،أكدال- الرباط السنة الجامعية 2003-2004 ، ص 108.

[7]  - Ripert (G), Les aspects juridiques du capitalisme modern, 1er éd , LGDJ, Paris , 1946,p. 159                    

[8]  - زهير بونعامية، الاعتبار الشخصي في شركات المساهمة، المرجع السابق، ص354.

[9] - محمد السنوني، القيم المالية الجديد المتفرعة عن السهم، المرجع السابق، ص 109.

[10]  -  عزيز  اطوبان، حماية الحقوق الأساسية للمساهمين في شركات المساهمة في القانون المغربي،  أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، الرباط، السنة الجامعية 2004 – 2005، ص 584.

[11]    -  عزيز  أطوبان، حماية الحقوق الأساسية للمساهمين في شركات المساهمة في القانون المغربي، المرجع السابق، ص 584

[12]  -  سمير أوخليفا، تداول الحقوق المرتبطة بالقيم المنقولة داخل البورصة، المرجع السابق، ص 208

[13] - انظر في هذا المعنى:

            - فؤدا معلال،  شهادات الاستثمار الصادرة عن شركات المساهمة، مجلة القانون والاقتصاد ، عدد 16 ، 1999.ص 60.

[14] - انظر ما سيأتي لاحقا حول أسهم الأفضلية، ص 88.

[15] - عبد الله سراج الدين، القيم المنقولة بين الإبداع الاقتصادي والضوابط القانونية، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص ، جامعة محمد الخامس،  كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسي، الرباط، السنة الجامعية، 2007-2008، ص 116.

[16]  -   محمد السنوني، القيم المالية الجديدة المتفرعة عن السهم، المرجع السابق، ص 107.

[17]  -  زهير بونعامية، الاعتبار الشخصي في شركات المساهمة ، المرجع السابق، ص 354 .

[18]  - محمد سعيد الراضي، مفهوم القيم المنقولة في التشريع المغربي، المرجع السابق، ص 244.

[19]  - محمد سعيد الراضي، مفهوم القيم المنقولة في التشريع المغربي، المرجع السابق، ص249.

[20]  - محمد سعيد الراضي، مفهوم القيم المنقولة في التشريع المغربي، المرجع السابق، ص255.

[21]  -  سمير أوخليقا، تداول الحقوق المرتبطة بالقيم المنقولة داخل البورصة، المرجع السابق، ص 209.

[22]  -  زهير بونعامية ، الاعتبار الشخصي في شركات المساهمة ، المرجع السابق، ص 301.

[23]  Viandier (A), Viandier ( A ) ,  La notion d’associé , thèse , LGDJ, Paris, 1975, P 114.

[24] -   زهير بونعامية،  الاعتبار الشخصي في شركات المساهمة، المرجع السابق، ص311 .

[25]  -  فؤاد معلال،شهادات الاستثمار الصادرة عن شركات المساهمة ، المرجع السابق،ص60 

[26]  -  Frison Roche (M-1) et Jockey (M), Pourquoi existe-il encore des titres au porteur, JCP, éd.E, 1994, I, 344, p. 175. Disponible sur le site : http://mafrisonroche.phpnet.org/IMG/pdf/6-2.3_titres_au_porteur_1995.pdf.

[27]  - محمد سعيد الراضي، مفهوم القيم المنقولة في التشريع المغربي، المرجع السابق، ص 242.

[28]  -  محمد السنوني، القيم المالية الجديدة المتفرعة عن السهم، المرجع السابق،ص 18.

[29] - محمد سعيد الراضي، مفهوم القيم المنقولة في التشريع المغربي، المرجع السابق، ص 243.

[30]  محمد السنوني، القيم المالية الجديدة المتفرعة عن السهم، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص،مرجع سابق، ص 309.

إرسال تعليق

0 تعليقات