آخر الأخبار

Advertisement

دور الإرادة في إبرام العقد الطبي –دراسة مقارنة - الأستاذ عبد المالك بلالة - مجلة الباحث - العدد 40 - منشورات موقع الباحث


 دور الإرادة في إبرام العقد الطبي –دراسة مقارنة -  الأستاذ عبد المالك بلالة - مجلة الباحث - العدد 40 - منشورات موقع الباحث


رابط تحميل العدد الذي يشمل المقال بصيغة pdf أذناه:


https://www.allbahit.com/2022/03/40-2022-26.html





الأستاذ عبد المالك بلالة

         باحث بسلك الدكتوراه جامعة سيدي محمد بن

عبد الله - فاس

 دور الإرادة في إبرام العقد الطبي – دراسة مقارنة-

The role of the will in concluding the medical contract

 مقدمة:

 لا يختلف العقد الطبي عن بقية العقود التي تتطلب لإبرامها التقاء إرادتين متطابقتين لتحقيق غاية مشروعة، ومن أجل إبرام عقد طبي لابد من أن تلتقي إرادة الطبيب وإرادة المريض الذي يطلب العلاج، لذا فإن هذا العقد لا يتم انعقاده من دون هاتين الإرادتين[1]. وبذلك فإن الأصل في العقد الطبي أن العقد شريعة المتعاقدين، طبقا للفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود. الذي جاء فيه أن الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئها، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون. وتبعا لذلك فإن علاقة الطبيب بالمريض ليست سوى تطبيق لهذه القاعدة فكما أن المريض حر في اختيار طبيبه، فإن الطبيب كذلك حر في اختيار مرضاه[2].

إلا أن هذا العقد الطبي على أعلى درجة من درجة الثقة المتبادلة بين طرفيه، بل إن هذه الثقة هي أفضل وسيلة لتحقيق الهدف المشترك لطرفي هذا العقد، لكن هذا لا يعني أن الثقة هي الصفة الوحيدة التي يختص بها العقد الطبي بل تلازمها صفة أخرى ألا وهي الاعتبار الشخصي الذي يقوم عليه العقد الطبي، فالطبيب لا يفرض على المريض شروطا من أجل تقديم خدماته الطبية، والمريض لا يفرض على الطبيب شروط أخرى لمعالجته، كل هذا يقودنا إلى مبدأ أساسي يقوم عليه العقد الطبي ألا وهو حرية الطبيب في اختيار مرضاه مقابل حرية المريض في اختيار طبيبه[3].

وتستند الموافقة في العلاقة بين الطبيب والمريض على مبدأ استقلالية الإرادة في القانون الفرنسي كما في القانون الأمريكي. ونتيجة لذلك يمكن للمريض أن يختار بحرية طبيبه الذي بدوره حر، باستثناء حالات الاستعجال، لعلاجه أو عدم علاجه. ويتم تقدير الحصول على موافقة المريض بطريقة مماثلة في هذين القانونين، ومع ذلك، يترك القانون الأمريكي مزيدا من الحرية للطبيب في اختيار مريضه أكثر من القانون الفرنسي[4].

ولكن هل يطبق هذا المبدأ على إطلاقه، أم أن هناك من القيود والاستثناءات التي تحد منه؟

مما لاشك فيه أن لكل أصل استثناء، فإذا كان الأصل أن للطبيب الحرية في اختيار مرضاه فإن هذه الحرية ليست مطلقة وإنما هناك استثناءات ترد عليها، وبالمقابل إذا كان الأصل للمريض الحرية في اختيار طبيبه فإن حريته هذه هي الأخرى ليست مطلقة فهناك استثناءات ترد عليها أيضا. استنادا إلى ما تقدم، ومن أجل الإلمام بهذا الموضوع ارتأينا تسليط الضوء على حرية الطبيب في اختيار مرضاه والاستثناءات الوارد عليها في (المبحث الأول)، وحرية المريض في اختيار طبيبه والاستثناءات الوارد عليها في (المبحث الثاني).

المبحث الأول: حرية الطبيب في اختيار مرضاه والاستثناءات الواردة عليها

الأصل أن قيام العلاقة بين الطبيب والمريض في إطار عقدي يتطلب أن يكون الطبيب حر في اختيار من يتعاقد معه، وتبعا لذلك يكون له الحق في رفض التعاقد مع مريض معين، أيا كان الدافع وراء هذا الرفض[5]. وهذه القاعدة ليست في الواقع سوى تطبيق لمبدأ حرية التعاقد الذي يعني في شق منه أن كل فرد حر في أن يتعاقد أم لا، كما أنه حر في اختيار الشخص الذي يتعاقد معه. فكما أن المريض حر في اختيار طبيبه، كذلك يكون من حق الطبيب اختيار مرضاه[6]، إذ تبقى للطبيب مطلق الحرية في قبول أو رفض تلبية طلب مريض للعلاج[7]. وإذا كان الأصل هو أن للطبيب الحق والحرية في اختيار مرضاه والتعاقد معهم (المطلب الأول)، فإن ذلك ليس على إطلاقه، إذ يرد على هذا الأصل بعض الاستثناءات التي تقيد حرية الطبيب وإرادته في هذا المجال[8] (المطلب الثاني).

المطلب الأول: حرية الطبيب في اختيار مرضاه

 من المتعارف عليه أن الأطباء وحدهم لهم الحق في ممارسة مهنة الطب، فلهم استئثار علمي وقانوني فيما يتعلق بمزاولة المهنة، فالأطباء لهم الحرية في اختيار من يتعاقدون معهم ولهم الحق في رفض التعاقد مع مريض معين، وهذا جاء تطبيقا لمبدأ حرية الفرد في اختيار من يتعاقد معهم[9]. وفي هذا الصدد نصت المادة 47 من قانون[10] أخلاقيات مهنة الطب الفرنسي على أنه مهما كانت الظروف، فإنه ينبغي ضمان استمرار العناية بالمرضى وباستثناء الحالات المستعجلة أو حالة الضرورة أو الحالة التي يقصر فيها الطبيب في القيام بواجباته الإنسانية فإن من حقه رفض القيام بأعمال العناية لأسباب مهنية أو شخصية وإذا ما تخلص من مهمته فإن عليه عندئذ إخطار المريض[11].

بالنسبة للتشريع الأمريكي فإن وضع الطبيب الأمريكي يختلف كثيرا عن حالة الطبيب الفرنسي. إذا استطعنا القول إن الأخير في وضع دائم لتقديم الرعاية، فإن الطبيب الأمريكي يتمتع بحرية أكبر في اختياراته وفي إمكانية رفض العلاج. إذ تبقى للطبيب، باستثناء حالة الأمر القانوني لرعاية المصلحة، حرية عدم الامتثال لرعاية الشخص المريض أو المصاب. ويبقى على الأطباء عدم رفض رعايتهم في حالات الاستعجال، حتى لو لم يتم ضمان أجرهم، فهذه مسألة شرف، وفهم عال للواجب، وليست التزاما[12]. وبالتالي فإن الطبيب الأمريكي ليس ملزما أبدا بالموافقة على علاج مريض[13].

وبالنسبة للتشريع المغربي فإنه جاء في الفقرة الثانية من المادة 14 من مدونة أخلاقيات مهنة الطب[14] أنه يمكن للطبيب من جهته أن يرفض تتبع حالة مريض لأسباب مقبولة مهنية كانت أو شخصية، ما لم يتعلق الأمر بحالة طارئة أو بإخلال بواجب إنساني. أما الفقرة الثالثة من نفس المادة فقد ألزمت الطبيب عندما يرفض تتبع حالة مريض، بأن يخبر هذا الأخير بذلك وأن يوافي الطبيب الذي يختاره المريض بكل المعلومات الضرورية لمواصلة العلاج، ولاسيما الملف الطبي الكامل للمريض.

أما بالنسبة للتشريع المصري فقد نصت المادة 24 من لائحة آداب مهنة الطب الصادرة عن النقابة العامة لأطباء مصر على أنه في الحالات غير العاجلة يجوز للطبيب الاعتذار عن علاج أي مريض ابتداء أو في أي مرحلة الأسباب شخصية أو متعلقة بالمرضى، أما في الحالات العاجلة فلا يجوز له الاعتذار[15].

فمن خلال النصوص القانونية المذكورة أنفا وإن اختلفت في التعبير تبقى متفقة في المعنى على إعطاء الطبيب الحق والحرية في اختيار مرضاه، ولكن هل هذه الحرية مطلقة أم هناك من الاعتبارات والحدود ما يحول أو يحد منها ؟.

للإجابة على هذا السؤال نقول أن الطب ما هو إلا وظيفة اجتماعية يتعين بمقتضاها على الطبيب أن يلتزم بأدائها وفقا لما تمليه مصلحة المجتمع والحالة الإنسانية، وعليه لا يحق للطبيب أن يمتنع عن تلبية دعوة المريض أو إغاثته، ولا يحق له أن يتخذ موقفا سلبيا لا يخدم مصلحة المجتمع، فالتطور الاجتماعي اتجه بالنظام القانوني إلى تعزيز فكرة الوظيفة الاجتماعية والتضامن الاجتماعي، فقرر مبدأ حرية الطبيب في اختيار مرضاه، غير أن هذا المبدأ لا يبدو مطلقا، بل وردت عليه استثناءات[16] كما سنرى في النقطة الموالية.

المطلب الثاني: الاستثناءات الواردة على حرية الطبيب في اختيار مرضاه

كما نعلم أن لكل أصل استثناء، فإذا كان الأصل هو حرية الطبيب في اختيار مرضاه، إلا أن هناك بعض الاستثناءات التي ترد على هذا الأصل كحالة التعاقد بين الطبيب وإحدى المنشآت (الفقرة الأولى)، وحالة الطبيب الذي يعمل في إحدى المستشفيات العمومية (الفقرة الثانية)، وحالة الضرورة أو الاستعجال (الفقرة الثالثة) وحالة المريض الذي يتابع الطبيب حالته (الفقرة الرابعة)، ففي هاته الحالات لا يملك الطبيب حرية اختيار مرضاه.

الفقرة الأولى: التعاقد بين الطبيب وإحدى المنشآت

 في مثل هذه الحالة يلتزم الطبيب عقديا بعلاج مجموعة من المرضي، كحالة الطبيب الذي يتعاقد مع منشأة صناعية أو تجارية للقيام بتقديم خدماته للعمال والمستخدمين الذين يشتغلون في هذه المنشأة، فالطبيب يفقد بتعاقده مع المنشأة حقه في اختيار مرضاه، بحيث يلتزم الطبيب بتقديم الرعاية الطبية لكل مريض مستفيد من عقد الاشتراط الذي أبرمه، أي لكل من يتوفر فيه وصف العامل لدى المنشأة أو المعمل والتي لعبت في العقد مع الطبيب دور المشترط، فمن المعلوم أن الاشتراط لمصلحة الغير ينشئ لمصلحة المستفيد حقا مباشرا قبل المتعهد على وجه يستطيع معه المريض مطالبة الطبيب مباشرة بتقديم العلاج دون حاجة إلى وساطة المنشأة أو المعمل اللذين يقتصر دورهما على مجرد تحويل العامل المريض إلى الطبيب المتعهد[17]. ففي مثل هذه الحالة يعتبر الطبيب مسؤولا عن عدم تلبية طلب هؤلاء المرضى مسؤولية عقدية استنادا إلى الاشتراط لمصلحتهم الذي تضمنه عقد استخدامه[18].

وهذا ما قضت به محكمة التمييز العراقية[19] في قرار لها قضت فيه بأن امتناع طبيب المعمل عن تطبيب العامل المصاب باعتباره أحد منتسبي المعمل يوجب مسئوليته العقدية. وهو قرار جدير بالتأييد على اعتبار أنه أقام المسؤولية العقدية على الطبيب لأنه ملزم بموجب العقد المبرم بينه وبين المعمل بعلاج جميع منتسبي المعمل ورعايتهم، لأن هذا العقد بمثابة استثناء على إرادة الطبيب وحريته في اختيار مرضاه، ومن الناحية القانونية نجد أن هذا الالتزام العقدي ينشئ للعاملين في المنشأة أو للمرضى النزلاء في المستشفى الخاص حقا مباشرا يمكنهم من مطالبة الطبيب المعالج أن يؤدي لهم خدمة علاجية ورعاية طبية[20].

الفقرة الثانية: حالة الطبيب الذي يعمل في إحدى المستشفيات العمومية

لقد أدت النظم المتبعة في المستشفيات العمومية إلى تعيين الطبيب للقيام بعلاج المرضى، إذ يكون الطبيب ملزما بتقديم العلاج اللازم، ولا يستطيع أن يمتنع عنه استنادا إلى حقه في اختيار مرضاه. وامتناع الطبيب عن تقديم العلاج يثير مسؤوليته أمام الجهة الإدارية التي يتبعها، ويثير كذلك مسؤوليته تجاه المريض إذا ما لحق هذا الأخير ضرر من جراء امتناع الطبيب عن تقديم العلاج إليه[21].

فالطبيب في المستشفى العام لا تربطه بالمريض علاقة عقدية، حيث لا يوجد عقد يربط بين هذين الطرفين، إنما تقوم بينهما علاقة لائحية أو إدارية، علاقة بين منتفع بمرفق عام وبين العاملين الذي تستخدمهم الإدارة في تأدية مهام هذا المرفق. وطبيعة هذه العلاقة، إضافة إلى طبيعة العلاقة التي تربط الطبيب بجهة الإدارة - وهي علاقة تنظيمية بحثة- ليس من شأنها أن تسمح للطبيب باختيار مرضاه، فالطبيب ملتزم - طبقا لنظام الوظيفة الذي يسري عليه- بأن يقدم العناية الطبية لكل من يتقدم طالبا العلاج في المستشفى الذي يعمل به[22]. وبذلك يفقد الحق في اختيار مرضاه لأنه مقيد بحكم وظيفته أو بمقتضى قانون وزارة الصحة أو بموجب الأنظمة والتعليمات، فهذه الحالة تدخل ضمن الاستثناءات الواردة على حرية الطبيب في اختيار مرضاه إلا أنها ليست بعلاقة عقدية.

ويعود نفي الصفة العقدية لعلاقة هذا الطبيب بالمستشفى أو المستوصف الذي يعمل فيه إلى أن العقد وبصورة عامة لايتم إلا بإیجاب وقبول من الطرفين بعد مفاوضات تجري بينهما على تحديد موضوع العقد وشروط التعاقد وحقوق الطرفين والتزاماتهما، فإن مثل هذه المناقشات والمفاوضات لا وجود لها في تعيين الأطباء في المستشفيات العامة أو المستوصفات الصحية، فلا وجود لمناقشات أو مفاوضات حول أحكام الوظيفة، لأن هذه الأحكام أساسا مقررة وبشكل مسبق وتترتب بمجرد صدور أمر التعيين، فضلا عن هذا فان المستشفيات العامة أو المستوصفات التي تصدر الأمر بتعيين الأطباء لها الحق في تعديل أحكام الوظيفة وبمحض إرادتها كأن تقوم بنقل أحد الأطباء إلى مستشفى أو مستوصف أخر وليس للموظف المعني هنا الاحتجاج، لأن علاقته بالإدارة جعلته في مركز تنظیمی ولائيحي تخضعه للقوانين واللوائح الخاصة بالتوظيف وهي التي تنظم كيفية إلتحاقه بالوظيفة ومدة بقائه فيها وتحدد حقوقه وواجباته[23].

 إلا أنه متى أخل الطبيب بالتزامه وأصاب المريض بضرر يمنح ذلك الحق للمريض في رفع الدعوى أمام القضاء العادي لمقاضاة الطبيب المخل تجاهه، وهذا ما قضت به محكمة النقض المصرية في قرار[24] لها جاء في مضمونه بما أن علاقة الطبيب بالجهة الإدارية التي يتبعها تنظيمية وليست تعاقدية فإن مسؤولية الطبيب تقصيرية عن الضرر الذي أصاب المريض لأنه لا يمكن القول في هذه الحالة بأن المريض قد اختار الطبيب لعلاجه حتى ينعقد عقدا بينهما.

ولكن يستثنى من هذه الصورة ما يعرف بالقسم الخاص داخل المستشفيات العامة، وكذلك ما يسمى بالعيادات المفتوحة، وفي الحالتين يسمح لأطباء المستشفى، في أوقات محددة، بأن يستقبلوا المرضى على نحو خصوصي، وبأجر يتقاضى المستشفى نسبة منه نظير استخدام الطبيب المكان والأجهزة والمساعدين التابعين للمستشفى. ففي هذا النظام يختار طبيبه، وتنشأ بين الطرفين علاقة تعاقدية، شأن تلك التي تقوم بين المريض والطبيب الذي يستقبل مرضاه في عيادته الخاصة[25]. وما دمنا إزاء علاقة تعاقدية، فإن الطبيب يسترد حقه في اختيار مريضه، وهو ما يعني أن يكون باستطاعته - في غير حالة الضرورة أو الاستعجال- أن يرفض تقديم العلاج لأسباب شخصية أو مهنية[26].

الفقرة الثالثة: حالة الضرورة أو الاستعجال

ففي هذه الحالة يجب على أي طبيب يعرض عليه المريض، أو يستدعي لإسعافه، أن يقدم للمريض العناية اللازمة في حدود إمكانياته إذا كانت حالته لا تحتمل التأخير. وفي هذا الصدد ألزمت المادة 9[27] من مدونة أخلاقيات مهنة الطب المغربي كل طبيب، كيفما كان شكل مزاولته للمهنة أو تخصصه أو القطاع الذي ينتمي إليه. وباستثناء حالات القوة القاهرة، أن يقدم المساعدة بكب مريض أو جريح يوجد في حالة خطر وشيك ولا يمكنه الاستفادة من العلاجات الطبية الملائمة.

كما أن المشرع المغربي كان واضحا في تأكيده على هذا الالتزام من خلال الفصل 431[28] من مدونة القانون الجنائي المغربي، الذي جعل بموجبه المشرع المغربي الامتناع عن تقديم المساعدة لشخص في خطر جريمة يعاقب عليها كل من اقترفها سواء كان طبيبا أم لا. وهذه هي أقصى صور الإجبار على التعاقد بحيث إذا أخل به الطبيب بلتزامه ترتبت عليه المسؤولية الجنائية[29].

أما بالنسبة للقضاء المدني الفرنسي، فقد اعترف بهذا الواجب على عاتق الطبيب، إذ ذهبت محكمة استئناف[30] مرساي (Marseille) إلى إدانة الطبيب الذي امتنع عن إنقاذ مولود جديد في حالة خطر بسبب ولادته السرية، على الرغم من حقيقة أنه تم إبلاغه بالحياة المستمرة للطفل مع وجود فرص للبقاء على قيد الحياة. وبعد ذلك تم تكريسه على مستوى تقنين العقوبات الفرنسي الصادر سنة 1992 من خلال الفقرة الثانية من المادة 223-6[31].

وعلى الرغم من عموم هاته النصوص، إلا أنها تجد مجالا خصبا للتطبيق في مواجهة الأطباء الذين يفترض فيهم، بسبب المهنة التي يباشرونها، القدرة على إنقاذ أشخاص يتعرضون لخطر الموت أو الإصابة بأضرار جسمانية بالغة. وبذلك فإن الطبيب الذي يوجد إزاء شخص يتعرض لخطر لا يحتمل تأجيل العلاج، أو يعلم بوجود هذا الشخص، يجب عليه أن يتدخل لإنقاذه، طالما كان ذلك في إمكانه. فإن لم يفعل ذلك عد مرتكبا لخطأ يقيم مسؤوليته[32].

وعلى العموم فإنه مادام الطبيب ملزما بالتدخل لإسعاف المريض الذي يتعرض للخطر، فإنه لا يكون هناك مجال للحديث عن حق الطبيب في رفض تقديم العلاج، أو عن حقه في اختيار المريض الذي يعالجه[33].

الفقرة الرابعة: حالة المريض الذي يتابع الطبيب حالته

فسواء تصورنا أن المتابعة تتم في إطار ذات العقد الذي بدأ به العلاج، أم أن المريض يبرم، في كل مرة يأتي فيها لزيارة الطبيب، عقدا جديدا، فإن قواعد أخلاقيات مهنة الطب تمنع على الطبيب أن يتخلى عن مريضه، أي تمنع عليه أن يرفض الاستمرار في متابعة حالته التي بدأ فعلا بعلاجها[34]. وفي هذا الصدد نصت المادة 47 من قانون أخلاقيات مهنة الطب الفرنسي في فقرتها الأولى، على أنه مهما كانت الظروف فإنه يتعين على الطبيب الاستمرار في تقديم العلاج للمرضى. كما أضافت في فقرتها الثالثة أن الطبيب الذي يريد التحلل من مهمته، يجب أن يخطر بذلك المريض وأن ينقل إلى الطبيب الذي يختاره هذا الأخير المعلومات التي تفيذ في متابعة تقديم العلاج له.

وهو ما نص عليه المشرع المغربي في الفقرة الثالثة من المادة 14 ألزم الطبيب عندما يرفض تتبع حالة مريض، بأن يخبر هذا الأخير بذلك وأن يوافي الطبيب الذي يختاره المريض بكل المعلومات الضرورية لمواصلة العلاج، ولاسيما الملف الطبي الكامل للمريض.

تلك هي حدود مبدأ حق الطبيب في اختيار مرضاه، وهي تكشف بوضوح أن الدور الذي تلعبه إرادة الطبيب في إبرام العقد الطبي هو دور مقيد إلى حد كبير. ويرجع السبب في ذلك، بطبيعة الحال، إلى قيام الطبيب بخدمة عامة، تعد أساسية للمواطنين، على نحو تبدو معه حرية التعاقد والاستقلال المهني للطبيب وحقه في اختيار مرضاه، ضئيلة الأهمية إذا قيست بضرورة توفير الرعاية الطبية لمن يحتاج إليها[35]. وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لإرادة الطبيب، فإن السؤال يثور عن حقيقة الدور الذي تلعبه إرادة المريض في العقد الطبي. وهو ما سنتناوله في النقطة الموالية.

المبحث الثاني: حرية المريض في اختيار طبيبه والاستثناءات الواردة عليها

إذا كان للطبيب الحق في اختيار مرضاه، فمن باب أولى أن يعطى للمريض الحق والحرية في اختيار طبيبه خصوصا أنه الطرف الضعيف والمستفيد من العقد، ولكن هل هذا الحق مطلقا أم نسبيا. فإذا كان للمريض الحرية في اختيار طبيبه كأصل (المطلب الأول)، فإن هذه القاعدة ترد عليها استثناءات (المطلب الثاني).

 

المطلب الأول: حرية المريض في اختيار طبيبه

يقصد بحرية المريض في اختيار الطبيب أن تكون للمريض الحرية في اختيار الطبيب الذي يعالجه من بين أطباء القطاع الخاص في كل مرة يقرر فيها اللجوء إلى الطبيب من غير أن يجبر على اللجوء إلى طبيب معين[36]. إذ يعد ذلك من المبادئ الأساسية التي تحكم مهنة الطب[37]، وهذا المبدأ يأتي استنادا إلى فكرة الثقة التي تسود بين الطرفين وإلى كون العقد الطبي من العقود القائمة على الاعتبار الشخصي، بمعنى أن للمريض الحرية والحق في اختيار الطبيب الذي يعالجه[38].

وفي هذا الصدد نصت المادة 6 من قانون أخلاقيات مهنة الطب الفرنسي على أنه للطبيب أن يحترم حق كل شخص في اختيار طبيبه بحرية وبإرادة تامة وينبغي أن يسهل له ممارسة هذا الحق. أما بالنسبة للمشرع المصري فقد نصت المادة 32/أ على أنه يجب على الطبيب مراعاة حرية المريض في اختيار الطبيب.

أما بالنسبة للتشريع المغربي فقد نص على هذا المبدأ في الفقرة الأولى من المادة 14[39] من مدونة أخلاقيات مهنة الطب المغربي، كما تنص عليه كذلك المادة 6[40] من مدونة الآداب المهنية لأطباء الأسنان[41]، ثم رفعه المشرع من قاعدة أخلاقية إلى مصاف القاعدة القانونية بموجب المادة 2[42] من القانون رقم 131.13[43].

وقد يحصل في الواقع العملي لمهنة الطب أن يقوم الطبيب المتعاقد مع المريض بإحلال طبيب آخر محلة لفترة مؤقتة، فهل يؤثر ذلك في حرية المريض في اختيار طبيبه؟

من حيث المبدأ لا يتعارض هذا الاحتمال مع قواعد وأخلاقيات مهنة الطب بشرط أن يكون هذا الطبيب على كفاءة وخبرة تتناسب مع كفاءة الطبيب الأصلي، ومن ثم فإن هذا لا يؤثر في مبدأ حرية المريض في اختيار طبيبه، إذ بإمكانه أن يستمر مع الطبيب الجديد من عدمه ويبقى المريض حرا وغير مقيد باختيار من يعالجه[44].

وإذا كان القانون قد كرس مبدأ حرية المريض في اختيار طبيبه، فإن هذا المبدأ ترد عليه مجموعة من القيود وهو ما سنتطرق إليه في النقطة الموالية.

 

 

المطلب الثاني: الاستثناءات الواردة على حرية المريض في اختيار طبيبه

في بعض الحالات يفقد المريض حريته في اختيار طبيبه، كحالة المستشفيات العامة (الفقرة الأولى) وكحالة الاستعجال (الفقرة الثانية)، وقلة عدد أطباء القطاع الخاص (الفقرة الثالثة) بالإضافة إلى حالات أخرى (الفقرة الرابعة).

الفقرة الأولى: حالة المستشفيات العامة

تقوم المستشفيات العامة بدور هام في تقديم الخدمات الطبية للمرضى في جميع الدول، وترجع أهمية هذا الدور لما لهذه المؤسسات من مخصصات مالية ضخمة بما يمكنها - في كثير من الأحيان- من مسايرة التقدم العلمي والفني في المجال الطبي، مقارنة مع المستشفيات الخاصة. فكل مريض بغض النظر عن وضعه الاجتماعي أو عن إمكانياته المادية، يمكن له أن يتردد على المستشفيات العامة، ويصبح منتفعا بمرفق عام، هو مرفق الصحة التي تتولى الدولة إدارته، ولكن المريض في هذه الحالة يفقد حريته في اختيار طبيبه[45].

وما يهمنا في هذا المجال هو علاقة المريض بالمستشفى العام لأنه يتعامل مع شخص معنوي، وهذا يوصلنا إلى نتيجة مقتضاها عدم وجود إمكانية للمريض لاختيار طبيبه المعالج بحرية، وهذا هو أحد الاستثناءات التي ترد على حق المريض في اختيار طبيبه. فالمريض يتعامل مع أحد الأطباء الموظفين لدى الإدارة الصحية في هذه المستشفيات والذي حددته هذه الإدارة من أجل تشخيص مرضه وعلاجه فهو لا يتعامل معه بصفته الشخصية ولكن بصفته مستخدما أو موظفا لدى هذه الإدارة[46].

ومن خلال ما تقدم تكون علاقة المريض بالطبيب في المستشفى العام علاقة غير مباشرة لا تقوم إلا من خلال المرفق الصحي العام ويفترض هذا وجود علاقة مباشرة بين المريض والمستشفى، وعليه فإن حقوق والتزامات كل من المريض والطبيب تتجدد وفقا للوائح المنظمة لنشاط المرفق الصحي العام، كما أنه لا يوجد عقد بين المريض والطبيب في المستشفى العام[47].

وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض[48] المصرية بأنه لا يمكن مساءلة الطبيب عن الضرر الذي يصيب المريض بسبب خطئه إلا على أساس المسؤولية التقصيرية، واستندت في ذلك إلى أنه لا يمكن القول في هذه الحالة بأن المريض قد اختار الطبيب لعلاجه حتى ينعقد عقد بينهما. فهذا القرار جعل مسؤولية الطبيب الذي أخطأ مسؤولية تقصيرية، لا عقدية لانعدام إرادة المريض باختيار طبيبه، وهذا ما يترتب عليه انعدام العقد بين المريض والطبيب، فالمريض في هذه الحالة يفقد حقه في اختيار الطبيب الذي يعالجه، وحتى الأطباء المساعدين له، لأن هؤلاء جميعا تعينهم الأنظمة الإدارية الخاصة بتوزيع العمل داخل المستشفى.

الفقرة الثانية: حالة الاستعجال

لاشك أن المريض يفقد حريته في اختيار طبيبه إذا كان غير قادر على التعبير عن إرادته، كما لو كان صغير السن، أو مصابا في حادثة سير، أو فاقد للوعي، ففي هذه الحالة تستوجب حالة المريض السرعة في إنقاذه إذا كانت حياته أو سلامته البدنية معرضة للخطر، إذ يتعين فيها على الطبيب أو الجراح أن يتدخل فورا لإنقاذ حياة المريض أو المصاب، وهذا الاستعجال هو الذي يترتب عليه فقدان المريض لإرادته في اختيار طبيبه، باعتبارها من إحدى الحالات الاستثنائية التي ترد على إرادة المريض، مقابل هذا يلتزم الطبيب الذي تعرض عليه مثل هذه الحالات بإنقاذ المريض، إذ هو الأخر أيضا يفقد إرادته في اختيار مريضه[49].

وقد نلاحظ ذلك في كثير من الحالات التي يشاهد فيها الطبيب حادثة معينة قد تؤدي إلى وفاة الشخص فيتدخل من تلقاء نفسه لإسعافه دون عقد بين الطبيب والمصاب. ومما تجدر الإشارة إليه أنه لا يوجد خلاف بين هذه الحالة وسابقتها، لأنه في كلا الحالتين يفقد المريض حريته في اختيار طبيبه، مثلما يفقد الطبيب حريته في اختيار مريضه، ويشترط لقيام حالة الاستعجال شروط لابد من توافرها[50]. وهي ألا تحتمل حالة المريض التأخير (أولا)، وأن يكون المريض فاقدا لوعيه (ثانيا)، وعدم وجود قريب برفقة المريض (ثالثا).

 

أولا: أن لا تحتمل حالة المريض التأخير

فهناك بعض الحالات المرضية التي لا تحتمل التأخير، إذ لكل دقيقة قيمة كبيرة، فالتدخل الطبي من قبل الطبيب يجب أن لا يتأخر وإلا ترتب على ذلك آثار سلبية على صحة المريض، كأن يتعرض المريض للموت أو تتعرض صحته لآثار جانبية ومضاعفات يتعذر علاجها بعد ذلك[51].

وفي هذا الصدد قضت محكمة استئناف باريس[52] في قضية تتلخص وقائعها في أن مريضة كانت تشكو من آلام شديدة في منطقة الحوض جعلتها تعزف عن مزاولة عملها فاضطرت إلى دخول المستشفي وبقيت تحت الملاحظة مدة إثني عشر يوما، وكانت نتيجة الفحص هي إصابتها بانقلاب في الرحم فأجريت لها عملية جراحية على هذا الأساس، لكن أثناء الجراحة اتضح للطبيب الجراح أن المبيضين مصابان بأورام خطيرة تقتضي إزالتهما حتما فاضطر الطبيب أن يجري لها عملية الاستئصال، لكن بعد أن فاقت المريضة وعلمت بطبيعة العملية رفعت الدعوى على الطبيب تطالبه بالتعويض على اعتبار أنه قد أجرى العملية بغير رضا منها ولا من زوجها كما أنها ادعت بأنه لم توجد ضرورة لإجراء هذه العملية خاصة وأنها أفقدتها الأمل في أن تكون أما في المستقبل. إلا أن المحكمة وجدت أن الطبيب الذي أجرى العملية له من المقام العلمي ما يسمح بالاطمئنان إلى تقريره في لزوم الجراحة التي أجراها والهدف الأساسي من إجرائها هو مصلحة المريضة لا غير. كما أقر هذه العملية عدد كبير من الأطباء على اعتبار أن الأورام السرطانية في المبايض من الأمراض الخطيرة التي تؤدي إلى الموت ويجب إزالتها حال التحقق من وجودها، ونجاح العملية يتوقف على سرعة إجرائها ولذلك قررت المحكمة رفض دعوى السيدة ضد الطبيب الجراح الذي أجرى لها العملية تحت ظرف الاستعجال.

كما أن محكمة بداءة كركوك العراقية أقرت في قرارها[53] بعدم قيام مسئولية الطبيب عن العمل الجراحي الذي قام به لوجود ما يبرره كون حالة المريض الصحية لا تحتمل التأخير. في قضية تتلخص وقائعها بأن أحد المرضى كان مصابا بمغص حاد مصحوبا بأعراض الزائدة الدودية التي تستوجب التدخل السريع لاستئصالها، وعندما فتح الطبيب الجراح بطن المريض فوجئ بوجود كلية ملتهبة وتالفة وفي غير موضعها الطبيعي، وكان ذلك نتيجة عيب خلقي لم يعلم به المريض، فقام الطبيب باستئصالها حرصا على حياة المريض، إلا أن المريض اتهم الطبيب بسرقة كليته، فقضت المحكمة بعدم مسؤولية الطبيب.

 ثانيا: أن يكون المريض فاقدا لوعيه

هناك عدة حالات لا يملك فيها المريض القدرة على اختيار الطبيب المعالج ولا على التعاقد معه على العلاج. فقد يكون الشخص كامل الأهلية لكن بسبب تعرضه لحادث أو لنوبة تفقده الوعي فلا يستطيع بموجبه أن يختار الطبيب الذي يعالجه، فهو يصبح في حكم فاقد الأهلية من حيث الواقع[54]. إن فقدان المريض لوعيه يجعله في حالة يتعذر عليه اختيار الطبيب الذي يعالجه ومن ثم يفرض الطبيب إرادته على مرضاه وخاصة في حالة الغيبوبة الناتجة عن إصابات الرأس، ففي هذه الحالات يفقد المريض وعيه وهذا بدوره يفقده إرادته التي تمكنه من اختيار الطبيب المعالج لحالته[55].

كما يفقد المريض وعيه في حالة وفاة المخ التامة، أو الجزئية، لأن في حالة الوفاة التامة للمخ يفقد المصاب الوعي والحركة والقدرة على الكلام والسمع والبصر والتنفس فتتعطل الذاكرة، فيفقد المريض وعيه وإدراكه في اختيار من يعالجه، وغالبا ما يموت المريض المصاب بوفاة المخ التام بعد مدة تتراوح بين أسبوع أو أسبوعين، أما في حالة وفاة المخ الجزئية والتي من شأنها أن تتلف الأجزاء العليا في المخ وخاصة الأجزاء التي تتحكم باليقظة والسمع والبصر والإحساس والإدراك، فيدخل المريض في غيبوبة تمنعه عن الكلام والحركة وحتى الإحساس إلا أن الدورة الدموية والتنفس يستمران في العمل، لكن مع ذلك يفقد المريض إرادته في اختيار الطبيب الذي سيعالجه وحتى لو أفاق من غيبوبته هذه فإنه يصبح فاقدا للإدراك والتميز مما يتعذر عليه اختيار طبيبة المعالج[56].

وهناك أيضا من هو مصاب بآفة عقلية (كالمجنون والمعتوه) أو أنه صغير السن فإن من له الولاية عليه أن يطلب تدخل الطبيب لتقديم العناية اللازمة له[57]. والسؤال الذي يطرح نفسه كيف نكيف العلاقة بين الطبيب والمصاب الصغير أو فاقد الوعي في مثل هذه الحالات؟.

فذهب جانب من الفقه[58] إلى القول بأن طبيعة العلاقة بين الطبيب والمريض الصغير أو فاقد الوعي لا يمكن تأسيسها أو تكييفها إلا على أساس الفضالة، على اعتبار أن أول ركن من أركانها قائم ألا وهو إرادة الفضولي في أن يتصرف لمصلحة المريض الصغير أو فاقد الوعي بغير علم هذا الأخير، أو موافقته، ولا شك أن ذلك واضح في قيام هذا الركن بالنسبة إلى الطبيب الذي يسخر جهوده وفنه في سبيل عودة المريض إلى وعيه وإنقاذه من الخطر المحدق به، لأن المصاب ليس لديه القدرة على التعبير عن رضاه، وبمعنى آخر أن المريض سواء أكان قد شعر بتدخل الطبيب أم لا فإن فعله هذا لا يخرج عن كونه فضوليا.

غير أنه من الصعوبة بمكان أن نعد تصرف الطبيب في هذه الحالة بمثابة تصرف فضولي. باعتبار أن الخصوصية التي يمتاز بها العقد الطبي عن غيره من العقود وبالنظر للطابع الإنساني الذي تختص به مهنة الطب، كل هذا وذاك يقودنا إلى القول بعدم إمكانية تكييف العلاقة بين الطبيب والمريض الصغير أو فاقد الوعي في حالة الاستعجال[59] على أنها وكالة ضمنية منحها المريض قبل أن يفقد وعيه وعقله، متضمنة حق التنازل عن حقه في اختيار طبيبه[60].

إضافة إلى أن وجود الفضالة يفترض أن يكون تدخل الفضولي تلقائيا، أي لا يفرضه التزام سابق يجد مصدره في العقد أو نص القانون. وهذا لا يتحقق في الحالة التي نحن بصددها، لأن نصوص القانون تفرض على من يتولى شؤون ناقص الأهلية أو عديمها أن يقوم بالاهتمام بصحته، بحيث يستدعي من يقدم له العناية الطبية عندما يكون في حاجة إليها. كما أن القانون لا يعتد ولا يرتب أثر إذا أصدرت هذه الوكالة من شخص فاقد التمييز والإدراك، وإذا ادعى من منحت له هذه الوكالة بأنه قد حصل عليها قبل المرض، فهذا شيء خارج عن المألوف، لأنه كيف للشخص أن يظن أنه سيمرض ولنفرض جدلا توقع مرضه فهل سيشغل فكره بتوكيل الآخرين لاختيار طبيب له سواء بوكالة صريحة أو ضمنية لعلاجه[61].

ثالثا: عدم وجود قريب برفقة المريض

من المبادئ العامة التي تحكم العلاقة بين الطبيب والمريض، هو أن يحترم الطبيب إرادة مريضه، وذلك بتبصيره والحصول على رضاه بأي عمل طبي يقوم به سواء أكان علاجيا أم جراحيا، لكن إذا كان المريض فاقدا لوعيه، فهذا لا يكفي لإعفاء الطبيب من التزامه هذا، بل عليه أن يحترم إرادة القريب من المريض، أو من برفقته، أي عليه تبصيرهم والحصول على رضاهم، لكن متى انعدم وجود الأخير أصبح ذلك استثناء على الأصل، ومن ثم فسح المجال أمام الطبيب للقيام بالعمل الطبي الذي يروم القيام به متجاوزا بل متجاهلا لإرادة المريض[62]. صفوة القول أنه لا بد أن تتوافر الشروط الثلاثة مجتمعية لكي يحق للطبيب فرض إرادته على مرضاه، ومن ثم يفقد المريض حقه في اختيار طبيبه.

الفقرة الثالثة: قلة عدد أطباء القطاع الخاص

لا شك أن مبدأ حرية المريض في اختيار الطبيب المعالج، يفترض وجود عدد كبير من الأطباء يسمح أو يمكن المريض من أن يمارس هذه الحرية، وهو أمر غير ممكن لقلة عدد أطباء القطاع الخاص. ومعلوم أن مبدأ حرية المريض في اختيار الطبيب المعالج يقتضي فضلا عن وجود عدد كاف من الأطباء توزيع جغرافيا متوازيا، يشمل جميع إقليم البلاد[63].

فعلى مستوى المقارنة بين الوسط الحضري وبين الوسط القروي، تصل درجة انعدام التوازن في التوزيع أقصاها، حيث يلاحظ أن المدينة تستحوذ على مجموع الأطباء وبالتالي مجموع البنية التحتية الصحية، في حين تظل القرية محرومة من هذه الخدمات، مع أن نسبة السكان فيها أعلى من نسبة السكان في المدن بكثير. وعلى مستوى المدن فيما بينها، فإذا كان الوسط الحضري يستحوذ على مجموع الخدمات الطبية، فإن توزيع هذه الأخيرة فيه ليس متوازنا، حيث يتمركز الأطباء في أكبر وأهم المدن، في حين أن المدن الصغيرة لا تتوفر إلا على عدد قليل لا يسمح فعليا بممارسة حرية الاختيار[64].

 

الفقرة الرابعة: حالات أخرى

هناك حالات يفقد بموجبها المريض حقه في اختيار الطبيب الذي يعالج حالته، إذ تفرض إرادة الطبيب على مثل هؤلاء المرضى، وهذا يتمثل في حالة الأشخاص المصابين بأمراض خطيرة ومعدية في الوقت نفسه كحالة المصاب بمرض الإيدز أو مرض الجدري، أو أي من الأمراض المعدية الأخرى، إذ يتم إيداعهم في مصحات، وهذه المصحات عادة فيها أطباء ذوو اختصاص في معالجة هذه الأمراض، وبمجرد إيداع هؤلاء الأشخاص في هذه المصحات يفقدون حريتهم في اختيار الطبيب المعالج لأنهم يخضعون لمعاينة وتشخيص وعلاج الأطباء التابعين لهذه المصحات[65]. لكن هل يعني فقدان هؤلاء المرضى لحقهم في اختيار الطبيب المعالج فقدانهم لاختيار طريقة العلاج ونوعه أيضا؟.

  إن إيداع الأشخاص المصابين بأمراض خطيرة ومعدية في المصحات المحددة لهذا الشأن وإن كان يفقدهم حقهم في اختيار الطبيب المعالج إلا أنهم يتمتعون بحرية نسبية في الحالات التي تتعدد فيها أنواع العلاجات التي تتطلبها حالتهم، إذ بإمكان طبيب المصحة أن يخيرهم بين العلاجات المتعددة الأنواع والمشتركة الأهداف كلما كان ذلك ممكنا[66].

كما يفقد المريض حقه وحريته في اختيار طبيبه الذي يعالجه في الحالة التي يكون فيها مضطربا عقليا، فمثل هؤلاء المرضى يكونون مشلولي الإرادة والإدراك فيقوم ذووهم بإيداعهم لدى المصحات الخاصة، وبذلك يفقدون حقهم وحريتهم في اختيار الطبيب الذي يعالجهم، إذ يقوم الأطباء التابعين لهذه المصحات بعلاج حالة هؤلاء المرضى ومتابعتها[67].

ويفقد المريض حقه وحريته في اختيار طبيبه عندما يكون من نزلاء السجن وتستوجب حالتهم الصحية مراجعة الأطباء لأغراض علاجية، إذ أنه يخضع لمعاينة وفحص الطبيب التابع للسجن أو المؤسسة الموقوف فيها، فلا يتمتع بحق اختيار طبيبه، ولا شك أنه من حق هؤلاء الأشخاص التمتع بكل حقوق الرعاية الصحية وبنفس المستوى الذي يتمتع به المواطنون الآخرون، فمتى شعر النزيل بالآم تهدد صحته له الحق بأن يعرض حالته على الطبيب المختص والتابع للمؤسسة، فالمريض بهذه الحالة يتمتع بحق المحافظة على صحته داخل المؤسسة أو السجن، إلا أنه يفقد حقه في اختيار الطبيب المعالج، لكن هذا لا يفقده حق الخيار بين أنواع العلاجات وطرقها المختلفة كلما كان ذلك ممكنا . وتجدر الإشارة إلى أنه في بعض الحالات لا يتمتع السجناء والموقوفون بحق الخيار في تناول العلاج أو عدم تناوله عند ثبوت مرضهم حيث يفرض عليهم جبرا، لأن ذلك يتعلق بالحفاظ على الوضع الصحي داخل المؤسسة الإصلاحية منعا من انتشار المرض والعدوى إلى بقية المحكوم عليهم[68].

وتجدر الإشارة إلى حالة أخرى يفقد بموجبها المريض حقه في اختيار الطبيب المعالج، وهذه الحالة لا يمكن تصورها إلا في الإصابات التي تقع على أحد أعضاء الفريق الرياضي عند أدائه لعبة رياضية. فبعد أن أصبحت الرياضة حرفة يزاولها عدد من الأفراد أصبح عمل الطبيب الرياضي مرتبطا بحرفتين هما الطب والرياضة، وهذا يفرض عليه مراعاة القواعد العامة لمهنة الطب، فضلا عن القواعد الخاصة لمهنته كطبيب رياضي. وغالبا ما تتعاقد الاتحادات والأندية الرياضية مع الأطباء من أجل معالجة لاعبيها من الإصابات التي قد تقع أثناء تأديتهم للعبة الرياضية فيفقد هؤلاء اللاعبين حقهم وحريتهم في اختيار الطبيب المعالج، بل أكثر من ذلك فإنهم يفقدون أيضا وفي أغلب الأحوال حريتهم في اختيار طريقة العلاج المناسبة للإصابة أثناء اللعبة. وهذه الحالة على ما تبدو من قبيل الاستثناءات التي ترد على حرية المريض في اختيار طبيبه والتي لم تنل حظا بالتنظيم القانوني[69].

 

 

 

 

 

 

خاتمة:

إذا وقع اختيار المريض الذي يتمتع بالإدراك والتمييز على طبيب معين فإن هذا لا يكفي لتكوين العقد الطبي. إذ يبقى هذا الاختيار مجرد تحديد نظري إلى أن يصدر من الطرفين تعبير عن الإرادة، يجسد هذا الاختيار في صورة علاقة عقدية، تربط الطبيب بالمريض، وتعرف باسم العقد الطبي.

ولا شك أن إرادة المريض تلعب دورها في مرحلتين مختلفتين، ففي مرحلة إبرام العقد يكون لإرادة المريض دور يظهر في صورة القبول الذي يصدره، وينعقد به العقد متى اقترن بالإيجاب الصادر من الطبيب. وفي مرحلة تنفيذ العقد يكون لإرادة المريض دور أخر، يبدو في صورة الرضا الحر المستنير الذي يتعين على الطبيب الحصول عليه من المريض قبل الشروع في تنفيذ العلاج. فالأمر يتعلق إذن برضائين منفصلين، لكل منهما نطاق مستقل عن الأخر. فالأول ضروري لانعقاد العقد، حين يلعب الثاني دوره في مرحلة تنفيذ العقد، ويضفي على عمل الطبيب وصف المشروعية.

 

 

 

 

 

لائحة المراجع:

*  المراجع باللغة العربية

v                المراجع العامة

ü                 حسام زيدان شكر الفهاد، الالتزام بالتبصير في المجال الطبي دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، 2013.

v                المراجع الخاصة

ü                 جابر محجوب علي، دور الإرادة في إبرام العقد الطبي، مؤسسة الطباعة الفنية والنشر، دار النهضة العربية- القاهرة، 1998.

ü                 المصطفى الغشام الشعيبي، العقد الطبي، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع –الرباط، الطبعة الأولى 2016.

ü                  زينة غانم يونس العبيدي، إرادة المريض في العقد الطبي-  دراسة مقارنة، دار الكتب القانونية، مطابع شتات- مصر، 2011.

ü                  أحمد ادريوش، العقد الطبي دراسة تحليلية وتأصيلية للمقتضيات القانونية المؤطرة للعلاقة بين الطبيب وزبونه، مطبعة الأمنية- الرباط، منشورات سلسلة المعرفة القانونية، الطبعة الثانية 2015-2016.

ü                 محمد السعيد رشيدي، عقد العلاج الطبي، دراسة تحليلية وتأصيلية لطبيعة العلاقة بين الطبيب والمريض، مكتبة سيد عبد الله وهبة، القاهرة 1986.

v                المقالات

ü                 منصور مصطفى منصور، حقوق المريض على الطبيب، مقال منشور بمجلة الحقوق والشريعة، السنة الخامسة، العدد 2، يونيو 1981.

v                القوانين والمراسيم

ü                  ظهير شريف رقم 1.15.26 صادر في 29 من ربيع الأخر 1436 (19 فبراير 2015) بتنفيذ القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، ج.ر.ع 6342، 21 جمادى الأولى 1436 (12 مارس 2015).

ü                 مرسوم رقم 2.21.225 صادر في 6 ذي القعدة 1442 (17 يونيو 2021) يتعلق بمدونة أخلاقيات مهنة الطب، الجريدة الرسمية عدد 7002، صادرة 27 ذي القعدة 1442 (8 يوليوز 2021).

ü                 لائحة آداب مهنة الطب المصرية التابعة لنقابة أطباء مصر، الصادرة بقرار وزير الصحة والسكان، رقم 28 لسنة 2002.

ü                 مرسوم رقم  2.96.989 صادر في 17 رمضان 1419 (5 يناير 1999) بتطبيق مدونة الآداب المهنية لجراحي الأسنان، ج.ر.ع 4662، بتاريخ 17 شوال 1419 (4 فبراير 1999).

*  المراجع باللغة الفرنسية

v Les ouvrages

ü Jean Penneau, la responsabilité médicale, éd sirey, 1977.

ü Paul Appleton, Droit Médical, 2éme édition, librairie du monde médical, paris 1939.

ü René Savatier, Jean-Mary Auby, Henri Péquignot, Jean Savatier, traité de droit médical, éd librairies techniques, paris 1956.

v Les Thèses

ü Géraldine Salem, contribution l’étude de la responsabilité médicale pour faute en droits français et American, thèse pour obtenir le garde de doctorat en  droit, université paris VIII Vincennes-saint dénis, 2015.



[1]- جابر محجوب علي، دور الإرادة في إبرام العقد الطبي، مؤسسة الطباعة الفنية والنشر، دار النهضة العربية- القاهرة، 1998، ص:36.

[2] - المصطفى الغشام الشعيبي، العقد الطبي، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع –الرباط، الطبعة الأولى 2016، ص: 53.

[3]- زينة غانم يونس العبيدي، إرادة المريض في العقد الطبي-  دراسة مقارنة، دار الكتب القانونية، مطابع شتات- مصر، 2011، ص:87.

[4]- Géraldine Salem, contribution l’étude de la responsabilité médicale pour faute en droits français et American, thèse pour obtenir le garde de doctorat en  droit, université paris VIII Vincennes-saint dénis, 2015, p: 66.

[5]- René Savatier, Jean-Mary Auby, Henri Péquignot, Jean Savatier, traité de droit médical, éd librairies techniques, paris 1956, p: 231.

-et  Jean Penneau, la responsabilité médicale, éd sirey, 1977, p: 20.

[6]- منصور مصطفى منصور، حقوق المريض على الطبيب، مقال منشور بمجلة الحقوق والشريعة، السنة الخامسة، العدد 2، يونيو 1981، ص: 15.

[7]- أحمد ادريوش، العقد الطبي دراسة تحليلية وتأصيلية للمقتضيات القانونية المؤطرة للعلاقة بين الطبيب وزبونه، مطبعة الأمنية- الرباط، منشورات سلسلة المعرفة القانونية، الطبعة الثانية 2015-2016، ص: 66.

[8]- حسام زيدان شكر الفهاد، الالتزام بالتبصير في المجال الطبي دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، 2013، ص: 39.

[9]- محمد السعيد رشيدي، عقد العلاج الطبي، دراسة تحليلية وتأصيلية لطبيعة العلاقة بين الطبيب والمريض، مكتبة سيد عبد الله وهبة، القاهرة 1986، ص: 96.

[10]- المرسوم رقم 95-1000 الصادر في 6 شثنبر 1995.

[11]- Géraldine Salem, op. cit, p: 67.

[12]-Paul Appleton, Droit Médical, 2éme édition, librairie du monde médical, paris 1939, p: 139.

[13]- Géraldine Salem, op. cit, p: 68.

[14]- مرسوم رقم 2.21.225 صادر في 6 ذي القعدة 1442 (17 يونيو 2021) يتعلق بمدونة أخلاقيات مهنة الطب، الجريدة الرسمية عدد 7002، صادرة 27 ذي القعدة 1442 (8 يوليوز 2021)، ص: 5168.

[15]- لائحة آداب مهنة الطب المصرية التابعة لنقابة أطباء مصر، الصادرة بقرار وزير الصحة والسكان، رقم 28 لسنة 2002، ص:10.

[16]- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق، ص: 92.

[17]- René Savatier, Jean-Mary Auby, Henri Péquignot, Jean Savatier, op.cit, p: 269.

- انظر كذلك محمد السعيد رشدي، مرجع سابق، ص: 97.

[18]- أحمد ادريوش، مرجع سابق، ص: 77.

[19]- قرار رقم 2178/م1/68 الصادر بتاريخ 6 يونيو 1998.

- أشار إليه حسام زيدان شكر الفهاد، مرجع سابق، ص: 42.

[20]- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق، ص: 97 و 98.

[21]- منصور مصطفى منصور، مرجع سابق، ص: 13 وما بعدها.

[22]- جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص: 40.

[23]- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق، ص: 98 و 99.

[24]- قرار صادر عن محكمة النقض المصرية بتاريخ 3 نونبر 1969.

- أشار إليه حسام زيدان شكر الفهاد، مرجع سابق، ص: 43.

[25]- جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص: 41.

[26]- المادة 47-2 من قانون أخلاقيات مهنة الطب الفرنسي.

[27]- الذي ينص على أنه:" يتعين على كل طبيب، مهما كان تخصصه ومهامه، ما عدا في حالات الضرورة القصوى، أن يقدم المساعدة المستعجلة لكل مريض يوجد في حالة خطر".

[28]- الذي ينص على أنه:" من أمسك عمدا عن تقديم المساعدة لشخص في خطر رغم أنه كان يستطيع أن يقدم تلك المساعدة  إما بتدخله الشخصي وإما بطلب الإغاثة، دون تعريض نفسه أو غيره لأي خطر، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة من مائتي درهم إلى ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط".

[29]- أحمد ادريوش، مرجع سابق، ص: 70.

[30]- C. A. Marseille 10 février 1938.

- أشار إليه جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص: 41.

[31]- التي تنص على أنه:"كل من يمتنع عمدا عن تقديم المساعدة لشخص في خطر، إذا لم يكن في تقديمها خطر عليه أو على الغير، سواء تمثلت المساعدة في عمل من جانبه أو في استجلاب نجدة الغير، يعاقب بالحبس من خمس سنوات وغرامة 500.000 فرنك".

[32]- منصور مصطفى منصور، مرجع سابق، ص: 14.

- محمد السعيد رشدي، مرجع سابق، ص: 102 و 103.

[33]- جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص: 44.

[34]- المرجع نفسه، ص: 38.

[35]- منصور مصطفي منصور، مرجع سابق، ص: 11 و ما بعدها.

[36]- أحمد ادريوش، مرجع سابق، ص: 81.

[37]- جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص: 45.

[38]- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق، ص: 115 و 116.

[39]- التي تنص على أنه:" يعتبر المريض حرا في اختيار الطبيب الذي يعالجه. ويجب على الطبيب أن يسهل على المريض ممارسة هذا الحق".

[40]- التي تنص على أنه:" يجب على كل طبيب أسنان أن يتقيد بالمبادئ التالي بيانها المتعارف عليها في ميدان طب الأسنان مع مراعاة الأحكام الواردة في النصوص التشريعية المتعلقة بتنظيم الأسعار:

- حرية المريض في اختيار طبيب الأسنان".

[41]- مرسوم رقم  2.96.989 صادر في 17 رمضان 1419 (5 يناير 1999) بتطبيق مدونة الآداب المهنية لجراحي الأسنان، ج.ر.ع 4662، بتاريخ 17 شوال 1419 (4 فبراير 1999)، ص: 308.

[42]- التي تنص على أنه :"يجب على كل طبيب كيفما كان القطاع الذي ينتمي إليه وشكل ممارسته للمهنة، أن يحترم حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وأن يحترم في ممارسته المهنية المبادئ التالية:

- حق المريض في اختيار الطبيب الذي سيعالجه".

[43]- ظهير شريف رقم 1.15.26 صادر في 29 من ربيع الأخر 1436 (19 فبراير 2015) بتنفيذ القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، ج.ر.ع 6342، 21 جمادى الأولى 1436 (12 مارس 2015)، ص: 1607.

[44]- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق ، ص: 116.

[45]- جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص: 46 و 47.

[46]- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق، ص: 125.

[47]- حسام زيدان شكر الفهاد، مرجع سابق، ص: 46 و 47.

[48]- قرار صادر بتاريخ 3 يوليوز 1969.

- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق، ص: 126.

[49]- جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص: 50.

[50]- حسام زيدان شكر الفهاد، مرجع سابق، ص: 48.

[51]- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق، ص: 129.

[52]- المرجع نفسه، ص: 136.

[53]- قرار رقم 2209 الصادر بتاريخ 28 يوليوز 2002.

- أشار إليه حسام زيدان شكر الفهاد، مرجع سابق، ص: 48.

[54]- أحمد ادريوش، مرجع سابق، ص: 82 و 83.

[55]- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق، ص: 131.

[56]- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق، ص: 131.

[57]- جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص: 50.

[58]- René Savatier, Jean-Mary Auby, Henri Péquignot, Jean Savatier, op.cit, p: 218.

- محمد السعيد رشدي، مرجع سابق، ص: 62 و 63.

[59]- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق، ص: 133

[60]- حسام زيدان شكر الفهاد، مرجع سابق، ص: 52.

[61]- جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص: 52.

[62]- حسام زيدان شكر الفهاد، مرجع سابق، ص: 53.

[63]- أحمد ادريوش، مرجع سابق، ص: 81.

[64]- المرجع نفسه، ص: 82.

[65]- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق، ص: 137.

[66]- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق، ص: 137.

[67]- حسام زيدان شكر الفهاد، مرجع سابق، ص: 54.

[68]- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق، ص: 138 و 139.

[69]- زينة غانم يونس العبيدي، مرجع سابق، ص: 139 و 140.


إرسال تعليق

0 تعليقات