دور الموارد البشرية في تحسين التدبير الجهوي - الدكتورة كوثر أمرير - مجلة الباحث - العدد 40 - منشورات موقع الباحث
https://www.allbahit.com/2022/03/40-2022-26.html
الدكتورة كوثر أمرير
دكتورة في القانون
العام – كلية الحقوق جامعة
محمد الخامس بالرباط
دور الموارد
البشرية في تحسين التدبير الجهوي
The rôle of human
resources in improving régional management
مقدمة:
الدستور المغربي لسنة 2011
منح للجهة مكانة متميزة وعمل على مدها بمجموعة من الصلاحيات التدبيرية ذات الطابع
الإداري والمالي، وهو ما تم تأكيده من
خلال القانون التنظيمي111.14 المتعلق بالجهة، وذلك حتى تتمكن من القيام بوظيفتها
التنموية في أبعادها المختلفة. غير أن تحقيق هذا الهدف المحوري يتطلب التوفر على
عنصر بشري مؤهل والذي يعتبر الحلقة الأولى لإقرار جهوية متقدمة ناجحة.
وإذا كان الواقع العملي قد أبرز لنا على مدى سنين وجود إشكالات حقيقية على مستوى
تدبير الموارد البشرية المحلية، فإنه يجب العمل على تداركها
ومعالجتها حتى لا تكون عائقا أمام التنمية المنشودة على مستوى الجهات.وبالتالي فقد ركزت المقالة على دور
الموارد البشرية في تحسين التدبير الجهوي عبر تشخيص الاختلالات التي تعاني منها
وطرق تجاوزها.
The
Moroccan Constitution of 2011 granted the authority a distinguished position
and worked to extend it with a set of powers Of an administrative and financial
nature, which has been confirmed by the Regulatory Act 111.14 on the authority,
so that it can carry out its development function in its various dimensions . However,achieving this central objective requires the
availability of a qualified human component,which is the first cycle of
successful advanced regional approval. While the practical reality has shown us
over the years that there are real problems at the level of local human
resources management, they must be addressed in order not to be an obstacle to
development at the local level.The article therefore focused on the role of
human resources in improving regional management by diagnosing their imbalances
and ways to overcome them.
الكلمات المفتاحية
الجهة-المنتخب والموظف الجهوي-حكامة تدبير الموارد البشرية
Region-Elected
and emloyee regional-Governance of Human Resources Management
× مقدمة:
تشكل الجهوية المتقدمة إصلاحا هاما ذا أثر في كل مناحي حياة
المجتمع، السياسي والاجتماعي والثقافي والبيئي والمجالي، لذلك فإن النتائج المرجوة منها
مرتبطة أساسا بتحديث دواليب الدولة وإعادة إطلاق اللامركزية عبر توضيح اختصاصات
المؤسسات المركزية وإعادة التوازن إلى نظام اقتسام الموارد المالية لفائدة
المجالات الترابية، وكذا نقل الكفاءات البشرية الضرورية كما وكيفا باتجاه المؤسسات
اللامركزية.
فإذا كان الكثيرون يتطلعون إلى
أن تكون المستجدات والتطورات التي جرت بعد دستور 2011
على مستوى إقرار الجهوية،
وما ترتب عنها من إصلاحات. بمثابة تصحيح لمسارات
التدبير العمومي الترابي فإن هذا الأمر
له متطلباته وشروطه،[1]
فلا يكفي منح الجهة اليات الاستقلال الإداري والمالي للقيام بأدوارها
التنموية، بل إن
الأمر يتوقف وبشكل كبير على مستوى مواردها البشرية التي
تشكل أحد العناصر المهمة في تدعيم استقلالية الجهة عن
المركز. فبدون موارد بشرية مؤهلة لا يمكن الحديث عن ممارسة عملية
للاستقلال الإداري والمالي، مما يجعل اللامركزية الترابية في
عمقها، تقوم أساسا
على حجم ونوعية مواردها البشرية، فالقرارات الإدارية
والمالية تحتاج إلى من يجسدها على أرض
الواقع، وهو الأمر
الموكل إلى الموظف والمنتخب الجهوي على حد سواء. و الذي يفترض
فيه التمتع بمستوى عالي من التكوين والخبرة،
وهو الأمر الذي يتطلب وضع سياسات وبرامج تستهدف الرفع من
قيمة الموارد البشرية للجهة.
ويقصد بتدبير الموارد البشرية كل ما يتعلق بشؤون الأفراد العاملين، من حيث التعيين والتأهيل والتدريب وتطوير الكفاءات وكذلك وصف أعمالهم، كما تعرف بأنها فن اجتذاب العاملين واختيارهم وتعيينهم وتنمية قدراتهم وتطوير مهاراتهم، وتهيئة الظروف التنظيمية الملائمة من حيث الكم والكيف لاستخراج أفضل ما لديهم من طاقات وتشجيعهم على بدل أكبر قدر ممكن من الجهد والعطاء[2].
فالموارد البشرية تعتبر عناصر استراتيجية في عمل الهيئات المحلية، سواء تعلق الأمر بالمجالس الجهوية أو الإقليمية أو الجماعية، باعتبارها ركائز تقوم عليها اللامركزية الترابية، فبواسطة هذه الوسائل يتم تفعيل وتجسيد الصلاحيات المنوطة بهذه الوحدات الترابية[3].
لقد أولى
الدستور للبعد الترابي مكانة هامة في صلب الوثيقة الدستورية،
وذلك من خلال منح الجهة مكانة الصدارة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية
ومنحها لتحقيق ذلك مجموعة من الوسائل والاليات المالية والإدارية والبشرية،
حيث أعطيت صلاحيات واسعة لمدبري الشأن
العام المحلي تعزز مكانة هذه الجماعات في سياقات التنمية الشاملة وهو الأمر
الذي يعطي للبعد الترابي مكانة هامة ضمن النموذج التنموي الجديد الذي يسعى المغرب
اليوم إلى إقراره.
حيث إنه وفي نفس السياق ووفقا
للدستور دعت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي إلـى "مغـرب
الجهـات"، ضمانـا لالتقائيـة ونجاعـة السياسـات العموميـة علـى مسـتوى المجـالات
الترابيـة. لكن تحقيق كل هذا رهين بمدى توفر الجهات على الموارد البشرية المؤهلة
الكفيلة بتحقيق التنمية، فلا أحد ينكر الدور الحاسم الذي يمكن أن يلعبه مدبرو
الشأن المحلي في نجاح أي سياسة تنموية يسعى المغرب إلى إقرارها. ومن هنا تأتي
أهمية تناول موضوع دور الموارد البشرية في الرفع من التدبير الجهوي، إيمانا منا بأن الموارد
البشرية المؤهلة تعد عنصرا أساسيا لدعم استقلالية الجهة وتحقيق التنمية المنشودة،
سواء الشق المتعلق بالمنتخبين الذين تفترض فيهم الكفاءة والخبرة أو الموظفين
الجهويين.
× الإشكالية
انطلاقا مما سبق نطرح الإشكالية التالية:
ما هي المداخل الرئيسية التي يمكن من خلالها تأهيل الموارد
البشرية للجهة حتى تتمكن من لعب دور محوري في عملية التنمية؟
× فرضية الدراسة
أمام المشكلة المطروحة تتبلور لنا العديد من الفرضيات نصوغ
منها الفرضية التالية :
-إن قيام الجهة بدورها التنموي،
لا يتحقق فقط عبر التعديلات القانونية وإسناد اختصاصات واسعة للمجالس الجهوية،
وإنما يتطلب الأمر
التوفر على الموارد البشرية المؤهلة التي تمكن الجهة من القيام بدورها التنموي وهو
ما يقتضي الرفع من مستوى أداءها وكذا اعتماد حكامة تدبير الموارد البشرية.
× الإطار
المنهجي للدراسة
انطلاقا من الإشكالية السابق ذكرها،
سنعتمد كل من المنهج الاستقرائي والمنهج الوصفي،
والتي نرى أنها ضرورية لمقاربة الموضوع بشكل أكثر دقة وبالتالي تحقيق الغاية من
البحث.
× التقسيم المعتمد
ولمعالجة هذه الإشكالية
نقترح التقسيم التالي:
× المطلب الأول : اكراهات تأهيل الموارد البشرية الجهوية
× الفقرة الأولى : تأثير مستوى المنتخبين على التدبير الجهوي
× الفقرة الثانية : تأثير مستوى
الموظفين على التدبير الجهوي
× المطلب الثاني : الارتكاز على مبدأ حكامة تدبير الموارد البشرية
× الفقرة الأولى : اعتماد نظام
جيد للتكوين وتنمية الكفاءات
× الفقرة الثانية : اعتماد نظام
فعال للتدبير التوقعي والتقييم.
× المطلب الأول : اكراهات تأهيل الموارد البشرية الجهوية
يشكل تأهيل الموارد البشرية الجهوية أحد
التحديات الكبرى التي يجب على الإدارة الجهوية العمل على
تحقيقها، على المدى القريب سواء بالنسبة للمنتخب الجهوي أو
الموظف الجهوي على حد سواء. وذلك نظرا للنتائج التي تم تحقيقها على المستوى
الميداني في ظل المجالس الجهوية السابقة،
والتي طبعها غياب هيكلة إدارية منظمة ومعززة بالكفاءات
النوعية، التي من المفترض أن
تعمل على وضع الاستراتيجيات التنموية وتطبقها بالشكل الملائم لحاجيات وإمكانيات
الجهة.
× الفقرة الأولى : تأثير مستوى المنتخبين على التدبير الجهوي
تتطلب التنمية الجهوية إلى جانب الموارد المالية، التوفر على عنصر بشري فعال، بمعنى قدرة المنتخبين الجهويين على تدبير الشؤون الترابية بكل كفاءة وحنكة. فكلما كان المنتخب ذا كفاءة مهنية ومعرفية إلا واتسع هامش الاستقلالية المالية والعكس صحيح[4]
. وقد أثبت واقع الممارسة ضعف التأطير السياسي ومحدودية التكوين العلمي والمعرفي للمنتخبين الجهويين، وسيطرة عقلية الإقليم على العمل الجهوي الشيء الذي أثر على الأداء العام للجهة وجعل نتائج الممارسة الجهوية محدودة، في غياب الإلمام والمعرفة ببعض المجالات الأساسية والحيوية كمجال التعمير وإعداد التراب والفلاحة والتنمية القروية والتدبير المالي والمحاسبي.[5]
وينتج عن سوء هذا التأطير العلمي والمعرفي والسياسي والتنموي لهؤلاء المنتخبين الجهويين، نوع من الرجعية التنموية على مستوى التسيير الجهوي، وهذا الأمر يؤول بطبيعة الحال إلى ضعف الحس الجهوي الذي نلمسه من خلال اللامبالاة تجاه الشؤون الجهوية، مما يوفر فرصة سانحة وسهلة لممثل السلطة المركزية ليحل محله ويوجه عمل المجالس الجهوية حسب رغبته، مما يساهم في تقليص حدود سلطة المنتخب المخولة له بموجب القانون. خاصة على مستوى القرارات ذات الطابع
الإداري والمالي، مما يتنافى ومسألة الاستقلالية التي تقوم عليها اللامركزية كأحد ركائزها الأساسية.[6]
حيث أن المنتخب الجهوي
ونظرا لضعف تكوينه المعرفي، قد يقوده إلى اتخاذ قرارات لا تكون في مصلحة الجهة
والساكنة المحلية، سواء من الناحية المالية أو الإدراية. وهو ما يؤدي إلى سوء في
التدبير وإهدار للموارد وتدخل أكبر للسلطة المركزية.
مبيان5 :تطور مستوى تكوين
المنتخبين الجهويين
المصدر : وزارة الداخلية[7]
فبالرغم من أهمية الدور الذي يلعبة الافتحاص الداخلي في
التدبير الاداري والمالي للجهة إلا أن عدد الندوات لم يتجاوز ستة خلال سنة 2014
،نفس الشيء بالنسبة للندوات المتعلقة بالنزاعات القضائية والقيادة التنموية وهو ما
يتطلب بدل مجهود أكبر في هذا المجال.
فتكوين المنتخبين الجهويين يعتبر أحد
العناصر الحاسمة لنجاح التجربة الجهوية ببلادنا،
فالمنتخب الجهوي هو الأداة التي من خلالها تتم بلورة
وتفعيل مختلف القرارات التنموية على مستوى الجهة،
وهو ما يستوجب توفره على حد معين من التكوين والذي تتلائم مع حجم الوظائف الموكلة إلى
الجهة.
فإذا كان تدني المستوى الثقافي هو السمة الغالبة لمعظم
المستشارين الجماعيين ، فإن لذلك اثار انعكاسا سلبيا على مكانتهم ودورهم داخل الجماعة
، هذه الوضعية تجعلهم في تبعية مفرطة لرجل السلطة بصفة عامة ، والمصالح التقنية
بصفة خاصة ، بما أن تدخلهم أصبح ضرورة ملحة [8].
والسبب في ارتفاع نسبة الأمية هو أن جل المستشارين يختارون
لوضعهم الاجتماعي، دون أن يراعي فيهم مدى توفرهم على الكفاءة والخبرة .فالضعف الكيفي للمنتخبين ينعكس سلبا على اللامركزية ، إذ
كيف يمكن لمستشارين جماعيين ورؤساء المجالس أميين يجهلون الكتابة والقراءة
أن يديروا شؤون ناخبيهم ، والقيام بمشاريع تجهيزية واستثمارية ، مع ما يتطلبه ذلك
من دراية في التدبير و التسيير في ظل تعقيدات الشأن العام الترابي.
× فإذا كان القانون التنظيمي للجهات قد تضمن مقتضيات مهمة فيما يخص صلاحيات
المجلس ورئيسه وكذا اختصاصات الجهات فإنه في المقابل لم ينص على إلزامية التوفر
على مستوى عالي من التعليم أو على إلزامية التكوين كما هو الحال بالنسبة لفرنسا.
× حيث يوجد مجلس يسهر على تكوين المنتخبين ويسمى :” بالمجلس الوطني لتكوين
المنتخبين المحليين “. بل الأكثر من ذلك فقد ذهبت
فرنسا إلى حد إشراك الجماعات الترابية في تمويل عملية التكوين والتأهيل عن طريق
إلزامها بتسجيل نفقات هذه البرامج التكوينية ضمن ميزانيتها[9] .
× وهذا ما لا نجده في مرسوم رقم:02.16.297 المحدد لكيفيات تنظيم دورات التكوين
المستمر لفائدة أعضاء مجالس الجماعات الترابية ، حيث لم يشار إلى خلق مراكز خاصة
لتكوين المنتخبين، بل اكتفى بإحداث التصميم المديري الجهوي للتكوين المستمر من طرف
اللجنة الجهوية تحت رئاسة رئيس مجلس الجهة على مستوى الجهات.[10] فأكثر من ذلك أن مدة
التكوين طيلة مدة انتداب المجلس لا تقل عن ثمانية أيام لكل عضو من أعضاء مجالس
الجماعات الترابية كحد أدنى،[11] ولذا نتساءل كيف يعقل أن يتم تكوين المنتخب لا يتوفر على
مستوى دراسي في مدة ثمانية أيام، نهيك عن عدم إلزام المنتخبين بالحضور
في دورات التكوين إن كانت هناك دورات ، فغالبا ما تتحكم فيه هواجس سياسية [12].
× الفقرة الثانية : تأثير مستوى
الموظفين على التدبير الجهوي
لا يقل مستوى الموظفين أهمية عن المنتخبين[13]، على اعتبار أن هناك علاقة تكاملية بينهما والتي تتجلى في بناء أسس إدارة جماعية في مستوى الرهانات التنموية اللامركزية.
وفي سياق التطور الذي عرفته اللامركزية، سيعرف تكوين الموظفين اهتماما متزايدا حيث يشكل أحد المواضيع الرئيسية لتوصيات المناظرات الوطنية للجماعات المحلية.
ويمثل الموظف الجهوي إحدى الدعامات الرئيسية للنهوض بالشأن الإداري، لذا يعتبر
تكوين الموظفين إحدى الأولويات الإستراتيجية. وذلك للتجاوب مع الوظائف الاقتصادية للجماعات الترابية وخاصة الجهة، حيث تعتبر المجال الأنسب والأفضل للنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية للجهة[14].
كما أن عملية التأهيل
تعاني من عدة إكراهات، فبالرغم من أن التشريع المغربي يتضمن مجموعة من النصوص القانونية والتنظيمية التي تعالج مختلف جوانب الحياة الإدارية للموظف الجماعي، واعتبارا للمكانة التي يحتلها التكوين في المسار الوظيفي، إلا أن الهياكل والمؤسسات المكلفة بتكوين موظفي الجماعات الترابية، تعرف بعض النواقص الناتجة عن تعددها وضعف التنسيق فيما بينها[15].
كما أن الإطار
القانوني الذي ينظم عمل مستخدمي الجماعات الترابية، هو أبعد ما يكون عن الانسجام
والتوحيد بالإضافة إلى محدودية نظام التوظيف ويمكن القول بأن مرسوم 1977 بمثابة النظام الأساسي لموظفي الجماعات، شكل أول نص تنظيمي
يؤسس لوظيفة عمومية محلية، موازية للوظيفة العمومية للدولة ومتشابهة لها من حيث
الحقوق والواجبات...ومع صدور القانون 00.78 المتعلق
بالتنظيم الجماعي، تم إدراج تدبير جميع الفئات ضمت صلاحيات رئيس المجلس الجماعي،
مع إبقاء فئات الأطر خارج سلطة رئيس المجلس الجماعي إلى حين صدور القوانين
التنظيمية للجماعات الترابية. وإذا كانت الجماعات
الترابية ببلادنا قد عرفت تطورا هاما في مجال التأطير الإداري، حيث أصبحت تتوفر
على موارد بشرية متنوعة التخصصات والمؤهلات العلمية والتقنية، ورغم المكتسبات التي
تم تحقيقها على الصعيد القانوني، فإن هذا الجانب مازال يعرف مجموعة من العوائق
التي تحد من فعاليته ومردوديته.
فرغم التطور الحاصل في عدد الموظفين، إلا أن ما يلاحظ هو عدم التوازن في توزيعهم ما بين الجماعات الترابية عموما والجهات بالخصوص. ويرجع سبب هذا التوزيع غير المتكافئ للموظفين إلى تحكم مجموعة من العوامل، تتحدد في مركزية الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية ومعظم البنيات التحتية، وافتقار المناطق المحيطة لبسط التجهيزات.[16]
و باستنطاق الأرقام المتعلقة بتوزيع الموظفين فهي تتوزع بشكل متفاوت بين مختلف جهات المملكة الإثني عشر، حيث يتمركز حوالي ثلث1/3 الموظفين على مستوى جهتي الرباط سلا القنيطرة و الدار البيضاء سطات ويبين الجدول أسفله هذا الاختلال في توزيع أعداد الموظفين بين مختلف الجهات على الشكل التالي :
جدول2 :توزيع الموظفين على مستوى
الجهات
الجهات |
الأعداد |
النسبة المؤية |
جهة الرباط-سلا-القنيطرة |
109873 |
%20.87 |
جهة الدار البيضاء-سطات |
82191 |
%15.57 |
جهة فاس-مكناس |
64155 |
%12.16 |
جهة مراكش- اسفي |
58420 |
%11.07 |
جهة طنجة-تطوان-الحسيمة |
46737 |
%8.86 |
جهة سوس-ماسة |
42715 |
8.09% |
جهة بني ملال-خنيفرة |
37336 |
%7.07 |
جهة الشرق |
35944 |
%6.81 |
جهة درعة-تافيلالت |
26034 |
%4.93 |
جهة العيون-الساقية الحمراء |
11355 |
%2.15 |
جهة كلميم-وارد نون |
8089 |
%1.53 |
جهة الداخلة-واد الذهب |
3322 |
%0.63 |
المصدر: وزارة الوظيفة العمومية و تحديث الإدارة[17]
ويستنتج من هذا الجدول أن هناك ثلاث مستويات متباينة لتوزيع أعداد الموظفين الجهويين، مما يفسر سوء العملية التوزيعية للموارد البشرية المحلية على مختلف الجهات الإثني عشر[18].
المستوى الأول
والذي يتضمن أربع جهات وهي جهات الرباط- سلا- القنيطرة وجهة الدارالبيضاء- سطات
وجهة فاس- مكناس وجهة مراكش- اسفي، حيث تستحوذ هذه الجهات الأربع على أكثر من %59 من مجموع الموظفين العاملين على مستوى الجهات الاثني عشر.في حين
تأتي جهة كل من طنجة-تطوان-الحسيمة وجهة سوس-ماسة وجهة بني ملال- خنيفرة وجهة
الشرق وجهة درعة-تافيلالت، في المستوى الثاني بنسبة ما يقارب%35.
بينما تضم المجموعة الثالثة جهات درعة- تافيلالت، العيون- الساقية الحمراء، كلميم- واد نون، و الداخلة- واد الذهب، التي تقل نسب الموظفين العاملين بكل منها عن 5 % وتضم هذه الجهات أقل من 9 % من مجموع الموظفين، كنسب جد ضئيلة مقارنة مع باقي المجموعات السابقة.
بالإضافة إلى
الضعف النوعي للموظفين الجهويين، حيث رصدت مجموعة من التقارير والأبحاث المتعلقة بتدبير الموارد البشرية المحلية عن مجموعة من الاختلالات التي تعرفها الإدارة الجهوية، من ذلك مثلا عدم إخراج القانون الأساسي لموظفي الجماعات الترابية الشيء الذي ساهم في تدهور الوضعية المادية والإجتماعية لهذه الفئة من الموظفين[19].
وإذا كان المشرع من خلال المقتضيات التنظيمية للجهة قد عمل على تنظيم الوضعية الإدارية والوظيفية للبعض منهم، خاصة بالنسبة إلى المدير العام للمصالح، ومدير شؤون الرئاسة والمجلس ورؤساء الأقسام والمكلفون بمهام ومدير وكالة تنفيذ المشاريع، فإن الوضعية الإدارية لما تبقى من العاملين بالجهة كالأعوان والمستخدمين، مازالت تفتقد إلى نظام قانوني للوظيفة العمومية الجهوية، يكون بمثابة الإطار المرجعي لتنظيم حقوق وواجبات هذه الفئة من الموظفين التي تشكل أغلب العاملين بالجهات مقابل نقص الأطر العليا.[20]
× المطلب الثاني : اعتماد حكامة
تدبير الموارد البشرية
إن بلورة الممارسة المحلية والجهوية خصوصا ،يبقى رهينا بوضع نمط جديد لتدبير الموارد
البشرية يجعل من الحكامة أساسا لها، سواء عبر اعتماد مقاربة جديدة لتكوين المنتخبين
والتي تكون مبنية على تنمية قدراتهم التدبيرية ومهاراتهم الفنية، وذلك حتى يتمكنوا من أداء المهام الموكولة إليهم، والقيام بوظائفهم كمملثين للمواطنين من جهة وكفاعلين مسؤولين عن التنمية من جهة أخرى[21].
أو عبر ضرورة تبني استراتيجية تهدف للتحفيز المادي والمعنوي للموظفين ، حيث يعتبر الحافز المادي الذي يشمل الأجور والمكافآت عاملا مهما لنهوض الموظف بمهامه على أكمل وجه. أما الحافز المعنوي فيهدف إلى إعطاء الموظف هامش من الحرية ليثبت ذاته ويحقق طموحاته.
× الفقرة الأولى : اعتماد نظام
جيد للتكوين وتنمية الكفاءات
يعد التكوين الإدراي من ضمن العناصر الأساسية
لتدبير الموارد البشرية، وحلقة رئيسية لتحقيق استراتيجية
التنمية الإدارية والنهوض بالعنصر البشري على مستوى الإدارة
الجهوية، وجعله يستجيب لكل التحولات الاقتصادية والاجتماعية
التي يعرفها المحيط المحلي،ومن المؤكد أن
العنصر البشري هو المحرك الأساسي لكل تغيير،
لهذا فإن أي عملية الإصلاح
الإداري ترتبط وترتكز على تأهيل
الفرد والرفع من كفاءته المهنية وتكوينه على التقنيات الحديثة بالشكل الذي يخوله كي
يقوم بمهامه على أحسن وجه في فترة زمنية قياسية.
إن
عملية تطوير الإدارة الجماعية وتنمية قدرات
العاملين بها، أمر تقتضيه ظروف التنمية
الشاملة للجماعات عن طريق نهج سياسة تتسم بالاستراتيجية في التكوين.[22]
وذلك بتحويل هذا الأخير من تكوين من أجل
الاستهلاك إلى تكوين من أجل
الاستثمار، أي جعل التكوين ينسجم مع
المعطيات الحالية والمستقبلية للجهات. كما يتوجب إحداث
مركزين للتكوين أحدهما يخصص للتكوين الإداري
والثاني للتكوين التقني على صعيد كل جهة من الجهات الإثني
عشر بالمملكة وتعميمه بالنسبة لباقي الجماعات الترابية.[23] لذلك يجب التعجيل بالعمل على وضع برامج للتكوين،
حيث يمكن أن تستفيد الجهات من المعاهد والمراكز المتخصصة في التكوين والتأهيل، المتاحة على الصعيد الوطني كالمدرسة الوطنية للإدارة [24].
وذلك من أجل
التنويع في تطوير وتجويد عمل إدارة المجالس الجهوية من خلال تطوير الكفاءات
الإدارية الجهوية وتحديث طرائق تدبيرها الإداري والمالي والمحاسباتي.
بالإضافة
إلى مراعاة المعطيات الجهوية بمختلف مكوناتها في جميع برامج تكوين الموظفين الجماعيين، وربط التكوين العام بتكوين ميداني داخل مرافق الجماعات المحلية،وإشراك الأطر المتخصصة والكفاءات التي تتوفر عليها الجماعات في تأطير مدارس التكوين وذلك ،من أجل ضمان تكوين عملي يستوحي مواده ومنهجيته من التجارب المعاشة في الجماعات. وأيضا
إحداث تخصصات في ميدان تسيير وتدبير الجماعات المحلية في الجامعات والمدرسة الوطنية للإدارة العمومية والمعاهد العليا[25].
ومن أجل زيادة
الرغبة لدى الموظفين في التكوين، لا بد من ربطه بالتحفيز خاصة المادي بحيث يجب أن
يرتبط التكوين بالترقية. وأن لا يقتصر التكوين فقط على الجوانب
"الجوهرية" لعمل وتخصص الموظفين بل يجب أن يشمل كذلك تقنيات التواصل مع
الجمهور، وتمكينهم من اليات صياغة الاستراتيجيات التنموية لمواكبة الحاجيات
المستجدة والمستقبلية للمواطنين، والمساهمة الفعلية في إعداد التصورات التنموية
الطموحة على المدى البعيد. خاصة أن التدبير الجهوي خصوصا والمحلي عموما، أصبح
يتطلب تملك تقنيات واليات في التدبير، تتجاوز ما كان معمولا به في إطار التجارب
السابقة وذلك من قبيل التدبير الاستراتيجي والمقاولاتي، وكلها أمور تحتاج إلى
تكوين متجدد يستجيب لحجم الوظائف التي أصبحت موكلة للجهة.
كما تحتاج إلى تكوينات كثيفة وعلى مدار السنة
وطنيا وجهويا، تتناول مختلف أوجه
التدبير الإداري والمالي سواء بالنسبة للموظفين أو
المنتخبين، حتى يتمكنوا من مواكبة المستجدات القانونية
والتنظيمية التي أصبحت تؤطر عمل الجهة.
وفي المقابل ينبغي
أن تعمل الأحزاب السياسية، بجهد أكبر لتطوير وتأهيل المستوى المعرفي والعملي
لمنتسبيها المدبرين لشؤون الجهات، بالشكل الذي يجعل المنتخبين أكثر قابلية للتعامل
مع متطلبات التنمية وأساليب التدبير الحديثة وتقنيات التواصل بما يواكب حاجيات
وانتظارات المواطنين. وتبقى مساهمة الأحزاب إلى الآن محدودة للغاية، في تأطير و
تأهيل المنتخبين التابعين لهم وهو دور ينبغي أن يكون أكثر بروزا لكون تكوين وتأهيل
النخب المحلية هو في الواقع شأن عام لا يهم الدولة أو الجماعات الترابية فقط، حيث
يمكن للمساهمة الإيجابية للأحزاب أن تشكل إضافة نوعية في هذا الشأن.[26]
في المقابل أصبح تطوير و تنمية الكفاءات يمثل أهمية كبرى
لاستراتيجية الموارد البشرية نظرا لما تقدمه الكفاءات من إمكانيات هائلة لتحسين
أداء المؤسسة ، فتشير عملية تطوير الكفاءات إلى مجموعة من النشاطات التعليمية تؤدي
في آخر المطاف إلى زيادة المردودية و القدرات للأفراد من أجل القيام بالمهام
المنوطة بهم على أحسن وجه،وذلك عبر تحسين معارفهم و مهاراتهم و اتجاهاتهم.والذي يقوم على مجموعة من الاساليب منها :
-التكوين المرتكز على الكفاءات :يستعمل هذا النوع من التكوين من قبل مكونين قادرين على
تحديد و ملاحظة الكفاءات،عبر اعتماد تقنيات المقابلة و المرونة و الإدارة المرتكزة
على الفرد و تحليل المشاكل بحيث يهدف الى اكساب سلوكيات خاصة للأفراد.
-التدريب بالمرافقة المرتكز على الكفاءات : يتيح هذا النوع من التدريب مدربو الكفاءات إلى تحديد وفهم
العلاقات الداخلية للكفاءات و تحفيزهم على التعلم،حيث قديما كانوا المدربون يقدموا
النصائح و الاقتراحات و الدروس و التعليمات وكذا المساعدة،يشجع و يحفز الأفراد
لإيجاد الحلول بأنفسهم.
-أدوات تقييم الكفاءات : تتميز هذه المرحلة بالإجابة عن الأهداف المتوخاة من العمليات
التدريبية التي تؤدي إلى تقييم الكفاءات المستخدمة و يتم ذلك بتقييم المهام
المنجزة، و بتحديد نقص المهارات في مناصب معينة و أشخاص معينين.
حيث توجد مجموعة من أدوات تقييم الكفاءات و ترتكز مجملها
على تحضير مرجعية معتمدة للكفاءات و سنحاول ذكر بعضها:
1-مقابلة سنوية : بحيث تتيح للمسير بوضع النقطة السنوية للفرد أو أحيانا
سداسية،لذلك فإن المؤسسات الرائدة في مجال تسيير الكفاءات قد أدخلت الإعلام الآلي
في استعمال المقابلات السنوية للنشاط، مما يتيح لهم بتكوين ارتباط مهم بين
المشاركة في التكوين و تطوير الكفاءات.
2-المرافقة الميدانية : و تسمى أيضاcoaching
،فهذه الأداة تسمح للمسئولين بالتقييم الدوري لكفاءات الأفراد،وكذا
تقدم لهم النصائح و تساعدتهم على التطوير،و تسمح بفحص التطورات المحققة بفضل
التكوين.
3-مرجعية الكفاءات : هي أداة تتيح للمسؤولين بإنجاز حركية العمل للمكلفين بإعداد مختلف
المهن،كما أنها تسمح بجرد الكفاءات الضرورية لكل نماذج العمل في فرع مهني، ثم
تحديد نماذج العمل الأساسية بما يساهم في إبراز الكفاءات الضرورية لمزاولة هذه
الأعمال بشكل جيد، و بالتالي فإن مرجعية الكفاءات تسمح بتموضع كل فرد بالنسبة
لمستويات الكفاءات المطلوبة لكل عمل معين.
وإذا
كان التكوين التقني الصرف يشكل أهمية
كبرى بالنسبة للموظف فإنه يعتبر غير كافي بالنسبة للمنتخب
ولا يعطي نتائج حسنة إذا لم يرافقه تكوين موازي في
الجانب السياسي والذي يعتبر من مسؤولية الأحزاب.
فالعلاقة بين الحزب ومنتخبيه تتصدر واجهة العمل الجماعي ،
ذلك أن طبيعة العمل الجماعي ، وما تقتضيه من مبادرات يومية ومعالجات لسبل مطالب
السكان المتنامية تجعل من الضروري اعتبار هامش المبادرة والتحرك بالنسبة للمنتخب
دون الرجوع المستمر للأجهزة الحزبية في كل صغيرة وكبيرة فيما يطرحه التعامل اليومي
، ذلك أن المنتخب الجماعي يتحرك ضمن التزام سياسي وأخلاقي عام بحكم انتمائه لحزب
معين، فمسؤولية الحزب السياسي اتجاه منتخبيه تتحدد من خلال مستوين :
المستوى الأول يتحدد من خلال مسؤولية تدخل الحزب بكل موضوعية وشفافية عند
إسناد المهام ، من خلال اعتماد معايير تجمع بين الوفاء للالتزامات الحزبية من جهة
، ومن جهة أخرى بين الكفاءة الوظيفية و الأخلاقية لمرشحيها.
فإحدى الملاحظات الأساسية التي يمكن تقديمها هنا ، وهي أن
المسؤوليات غالبا ما يتم الحسم فيها انطلاقا من هاجس التراضي ، أو تحت ثقل
اعتبارات تنظيمية ظرفية . وعموما فمهام المجالس الجماعية المتنوعة والتصاقها
بالمحيط الجماهيري الواسع تفرض على كافة المنتخبين الاشتغال لاكتساب الخبرة في
مجال التسيير و التدبير وإدارة القضايا الجماعية والإسهام في حل القضايا المتنوعة
التي يقتضيها العمل الجماعي ، إلى جانب الالتزام بالوازع الأخلاقي كشرط أساسي
لمزاولة المهام الجماعية[27] .
أما فيما يتعلق بالمستوى الثاني لمسؤولية الحزب ، فيتجلى في لعب المنتخب دورا فعالا على
مستوى الإشعاع الحزبي السياسي أمام المواطنين ، وذلك من خلال الوظيفة النضالية
التي يمكن أن يضطلع بها ، عبر مساهمته في تنظيم السكان وفتح حوارات معهم عبر
اللقاءات والاتصال المباشر ، غير أن هذه المهمة لا زالت تصطدم بصعوبات عدة ، ذلك
أن الضعف في تأهيل المنتخبين يظهر جليا في تعقد تدبير الشأن العام الترابي
للجماعات
× الفقرة الثانية : اعتماد نظام
فعال للتدبير التوقعي والتقييم
يقصد بالتدبير التوقعي للموارد البشرية، ذلك المسلسل الذي يمكن أي تنظيم من الحصول في الوقت المحدد، على أفراد ذوي قدرات و محفزات كافية[28].فهو مقاربة لتدبير الأفراد داخل كل منظمة خاصة أو عمومية، تفرضها ضرورة تمكين كل موظف أو عون من تحسين وضعيته وأدائه وتحسين بنية الوظيفة العمومية المحلية، حسب تخصصاتها والأهداف الإدارية والتنموية للجهات وباقي الجماعات الترابية[29].
ويحدد التدبير التوقعي للموارد البشرية مجموعة من الوسائل والمناهج الدائمة، التي تكشف التطورات أو التغيرات المتوقعة والتي يمكن أن تؤثر على جميع أو جزء من الأعداد الفعلية للعاملين، وبصفة عامة على حاجيات المنظمة التي تتعلق بأربعة ميادين، الإدارة و التسيير و التدبير و الإنعاش[30].
بالإضافة إلى
اعتماد نظام فعال للتقييم، والذي يعتبر مهما كونه يؤدي إلى الحكم على دقة السياسات
والبرامج المعتمدة من طرف الإدارة. سواء تعلق الأمر بسياسات الاختيار والتعيين أو
سياسات التدريب وتطوير الموارد البشرية.
كما يمكن أن تستخدم
العملية إذا ما أجادت الإدارة في انجازها، كوسيلة لجذب الموظفين الجدد، وقد تعكس
عملية التقويم الصورة القانونية والاجتماعية والأخلاقية للجهاز الإداري ومستوى
العاملين أنفسهم، وتعتبر عملية التقييم وسيلة يتعرف من خلالها العامل على نقاط
القوة والضعف في أدائه[31].
وهناك عدد من
الخصائص ينبغي توفرها لقياس أداء العاملين ومثال ذلك :
-أن
يكون التقويم دوريا ومستمرا ومتواصلا،
وتتم المقارنة بين نتائجه السابقة والحالية وتوضع نتائجه بين يدي العاملين وتتاح
لهم فرصة النقاش مع رؤسائهم. وإذا كان تقييم الأداء الحالي بالإدارات العمومية والجماعية يقتصر فقط على تحديد الموظفين المستحقين للمكافآت والترقيات والعلاوات الدورية، فإن أهميته وأهدافه أكبر من ذلك، أي أنه يكتسي أهمية استراتيجية على صعيد المنظمات.
لهذا فتقييم الأداء الإداري يجب أن يتعدى مفهومه الضيق المعمول به على مستوى الإدارات العمومية والجماعية، ليمتد إلى مجالات وظيفية أخرى والتي يمكن أن يسهم في تطويرها وحسن أدائها، ومن هذه المجالات ما يلي :
-اختبار مدى نجاح عملية سياسات الاختيار والتعيين، من خلال تقييم أداء الموظفين
الجدد والوقوف على كمية ونوعية إنتاجهم وأدائهم، ومعرفة التقديرات التي حصلوا عليها من خلال تقويم الأداء.[32]
-تقوية اهتمام الرؤساء بالمرؤوسين، فحين يطالب الرؤساء بتقويم مرؤوسيهم تقويما شاملا ودوريا فإنهم سيجدون أنفسهم بحاجة ماسة إلى زيادة معلوماتهم عنهم وتقوية علاقاتهم بهم، حتى لا يخطئوا بتقويمهم ويعرضوا أنفسهم لانتقادات زملائهم، وبالتالي يشعرون بالحرج وربما بتأنيب الضمير لما أحدثه خطؤهم من أضرار.
-تحديد احتياجات الموظفين من التدريب ومن ثم قياس فاعلية البرامج التدريبية.
-تقرير نوع الحوافز التي تقدم للموظفين ومعرفة مستحقيها، فالموظف الجيد يحتاج دوما إلى اهتمام ورعاية الإدارة لتحفزه على الاستمرار والمضاعفة من جهده وعطائه. والموظف الضعيف هو أيضا يحتاج إلى تشجيع الإدارة لتجاوز ضعفه ورفع مستواه. ولكن الأسلوب المتبع مع الموظف الأول لا ينبغي استخدامه مع الموظف الثاني، فقد يحفز المجدون بترقيتهم أو بمنحهم مكافأة مادية وتقديم شهادة شكر لهم. بينما يحفز المقصرون من خلال تدريبهم وتحسين ظروف عملهم أو إشعارهم برغبة الإدارة في تطويرهم لذاتهم قصد اللحاق بزملائهم، وإلا فإن الحوافز السلبية يمكن أن تكون هي السبيل الأفضل[33].
غير أن الواقع
العملي للممارسة يبين أن عملية التقييم السابق ذكرها، تتعرض للمحسوبية والزبونية
ومجموعة من المظاهر السلبية، التي تفرغ عملية التقييم من الهدف الرئيسي لها.لذلك
يجب على الرؤساء أن يتحملوا مسؤلياتهم ويتمسكوا بالموضوعية، في التقويم وعدم
الانحياز ويتجنبو الأهواء والنزاعات ويتعاملوا مع المرؤوسين بكل تجرد ومصداقية.
× خلاصات
انطلاقا مما سبق يتضح جليا أن العنصر البشري يشكل أحد
الرافعات الأساسية للارتقاء بمستوى المجالس المنتخبة، وقد بينت الممارسة العملية
من خلال الأرقام والمعطيات مدى الصعوبات
التي يعاني منها تأهيل هذا العنصر، بالرغم من كل المجهودات المبذولة والتي تبقى في
نظرنا غير كافية وينقسها الكثير الجدية والفعالية.
فقد كان لضعف تكوين المنتخبين والموظفين الجهويين تأثير
واضح وكبير على مستوى التدبير المالي والاداري لسنوات مضت، وهو الأمر الذي يتطلب
الانكباب على معالجته بشكل جدي إذا أردنا أن نجعل من هذه الوحدات اللامركزية أداة
فعالة لتحقيق التتنمية .هذا ويمكننا إجمال أهم الخلاصات على الشكل التالي :
-ضعف هيكلة وبناء إدارة الجهات لا يمكنها من القيام بالأدوار المنوطة بها دون تحفيزات، ودون توفرها على أطر من نوعية خاصة سيما في المدن الكبرى، والجهات التي تواجه تدبير مرافق معقدة مثل مرفق النقل وانخفاض في المؤهلات
الكمية والنوعية للموارد البشرية، خصوصا في ظل غياب سياسة واضحة لجذب المزيد من
الكفاءات.
-إن الموارد البشرية المؤهلة تعد عنصرا أساسيا لدعم
استقلالية الجهة، سواء الشق المتعلق بالمنتخبين الذين تفترض فيهم الكفاءة والخبرة
أو الموظفين الجهويين.وذلك عبر تزويد المصالح الجبائية الجهوية بالأطر
الكفأة وبالتجهيزات الضرورية.
-ضرورة التركيز على الرفع من القدرات المعرفية والعلمية
للمنتخبين، وتدعيم الجهات بأطر وموارد بشرية ذات اختصاصات متنوعة ولأجل تحقيق ذلك
يجب أن يتم التنصيص في القانون التنظيمي المتعلق بالجهات على تنمية الكفاءات
البشرية بصفتها من بين الصلاحيات الخاصة بالجهات.
- التنصيص على اشتراط مستوى تعليمي معين لدى رئيس الجهة
وذلك بإضافة فقرة للمادة 16 من ق.ت.ج، في
القسم المتعلق بشروط تدبير الجهة تنص على أنه "لا ينتخب رئيسا للجهة إلا من
يتوفر على شهادة الإجازة وذلك بهدف تحسين قدرات الرئيس والأعضاء في تدبير الشأن
العام"..
-تمكين الجهات من الموارد المالية
الضرورية للقيام بتشخيص الكفاءات البشرية المتوفرة لديها،
حيث يقوم التشخيص بتحديد حاجات كل جهم من الموارد البشرية كميا ونوعيا وأيضا
تحديد مجالات التدبير التدبير التي تتطلب تدابير للتكييف في مجال التكوين المستمر
وإعادة انتشار المستخدمين وتحديث أدوات
التوقع والتخطيط.
-ضرورة تبني سياسة عمومية إرادية
في مجال تنمية الكفاءات البشرية على المستوى الجهوي،
سواء المنتخبين الجهويين أو مستخدمي الجهات أو
مستخدمي المصالح اللاممركزة وأن يكون هدفها الرفع من
مستوى الإدارة وجعلها أداة
حقيقية لخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهات.
-ضرورة الملائمة بين النظام الأساسي للوظيفة العمومية
وبين متطلبات الجهوية حيث يبقى النظام الأساسي للوظيفة العمومية
محكوما بمنطق تدبيري مركزي مما يجعله عائقا في وجه تطوير اللامركزية واللاتمركز في
مجال تدبير الموارد البشرية لذلك لابد من تكييفه وجعله يتضمن البعد الجهوي.
-إقرار إجبارية التكوين بالنسبة للمنتخبين الذين يقومون
بوظيفة اتخاد القرار أو المساعدة على اتخاذه ومن الأفضل أن يتم في بداية ممارسة
الوظائف وذلك بهدف تمكينهم من التأقلم السريع مع مسؤولياتهم الجديدة وتقدير
أهميتها والمساهمة في تحسين حكامة الجماعات الترابية[34].
-ضرورة قيام الأحزاب
السياسية بالاستثمار في تكوين منتخبيها ودعم كفاءاتها الحزبية حتى نكون أمام
منتخبين جهويين يتوفر فيهم عنصر الكفاءة.
-جعل مؤسسات التربية والتكوين
شريكا رئيسيا في عملية تنمية كفاءات الموارد البشرية العاملة على صعيد المجالات
الترابية وهو الأمر الذي يتطلب من هذه المؤسسات أن
تقبل إدخال الإصلاحات
الضرورية على أنظمتها الداخلية والبرامج والمضامين والمناهج
التعليمية وذلك كي تكون قادرة على الاستجابة للحاجات المعبر عنها من قبل الجهات
وباقي الجماعات الترابية في مجال تنمية كفاءات مستخدميها.
-تثمين الوظائف التي تتم ممارستها
على المستوى الترابي من أجل جعلها أكثر
جاذبية وذلك عبر تدابير تحفيزية وإيجابية
بحيث يجب الأخد بعين الاعتبار هذه التدابير في إطار
مختلف القوانين المنظمة لتلك المهن والوظائف ويجب أن
تكون موضوعا للتفسير للأشخاص المعنيين وأن
تواكبها اليات تحفيز تكميلية يمكن أن
تحركها المجالس المحلية المعنية من أجل
الرفع من جاذبية المناصب والمهن المذكورة.
-الاستفادة
من التجارب المقارنة في مجال تنمية قدرات الموارد البشرية الجهوية وإعمال
الإسقاطات الممكنة على التجربة المغربية حيث يمكن لهذه
التجارب أن تلهم الجهات والدولة مدعوة من أجل
ذلك إلى تعزيز برامج التعاون الدولي الرامية إلى
دعم الهيئات الترابية اللامركزية في مجال تقوية القدرات وتحسين مسارات تدبير
وتنمية الكفاءات البشرية على المستوى الترابي أما
الجهات فبإمكانها الإستفادة
من النماذج الناجحة في تنمية الكفاءات المعتمدة من قبل نظيراتها الأجنبية
على أن تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات
نمطها الخاص في الحكامة الترابية[35].
× لائحة المراجع
· الكتب
- باهي محمد: تدبير الموارد البشرية بالإدارة العمومية مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء الطبعة الأولى 2002
- مطر الهيتي خالد عبد الرحيم ، إدارة الموارد البشرية مدخل استراتيجي، الطبعة الأولى ، 1999 -
2000
- زيتوني حجيبة: الجهة و الإصلاح الجهوي بالمغرب"، السلسلة المغربية لبحوث الإدارة و الاقتصاد و المال، عدد 3 ، طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى 2011
· الأطروحات والرسائل
- او ميمون زكرياء:” الأداء السياسي و الإداري للمنتخب
الجماعي بالمغرب ” ، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،
وحدة البحث ، تدبير الشأن العام ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية
– اكدال ، الرباط ، السنة الجامعية .2007 -2008
- السكاكي عائشة: المنتخب الجماعي و التنمية
المحلية – جماعة فاس نموذجا-، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون
العام ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية ، جامعة سيدي محمد بن عبد
الله – فاس – السنة الجامعية 2018-2019
- المنصوري سليم: ” حكامة تدبير الشان العام الترابي للجماعات على ضوء القانون
التتنظيمي رقم 113.14 – جماعة امزورن نموذجا” كلية العلوم القانونية و الاقتصادية
و الاجتماعية ، جامعة عبد الملك السعدي، تطوان ، الموسم الدراسي 2015/2016
- الهادف حليمة: التدبير العمومي المحلي و إشكالية التحديث , أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، أكدال-الرباط، السنة الجامعية 2011 / 2012
- البريه يوسف: استقلالية القرار المالي للجماعات الترابية دراسة تحليلية. بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، أكدال، السنة الجامعية 2013 - 2014 47
- بلفقيه عليه:مبدأ الموازنة في المغرب دراسة
تحليلية لآليات توزيع الموارد مابين الجهات ما بعد سنة2011 بحث لنيل شهادة الماستر
جامعة محمد الخامس الرباط 2017-2018
- جيادي سميرة: الحكامة الجيدة وتدبير
الشأن العام المحلي ” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية العلوم
القانونية والاقتصادية و الاجتماعية ، جامعة مولاي إسماعيل بمكناس ، السنة
الجامعية ، 2013-2014
- والحاج فدوى: الفاعلون في تدبير مالية الجماعات الترابية بالمغرب، بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون العام و العلوم السياسية،جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ، أكدال/الرباط، السنة الجامعية 2013 - 2014
- حساك السعدية: تدبير الموارد البشرية و دوره في التنمية نموذج الإدارة المغربية . بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ، جامعة محمد الخامس ، كلية العلوم القانونية و الاجتماعية ، أكدال / الرباط ، الموسم الجامعي 2007 - 2008
- لوكو محمد: إشكالية التحيز بالإدارة الجماعية، بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ، جامعة عبد المالك السعدي ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ، طنجة ، السنة الجامعية 2011 – 2012
·
المقالات
العلمية
- أمجد علي: الموارد المالية والبشرية، مقومات أساسية اللامركزية الجهوية ووسيلة لتطويرها. المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد74 ، 2007
- بنلمليح منية:تأهيل الموارد البشرية بالجماعات
الترابية خطوة نحو الإصلاح الاداري الشامل. مجلة المنارة للدراسات القانونية
والإدارية عدد22/2018
· التقارير