آخر الأخبار

Advertisement

البعد القانوني والمهني في تغطية الإعلام لقضايا الطفل المغاربي في المهجر - الدكتور موساوي عبد الحليم - العدد 42 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث القانوني


 البعد القانوني والمهني في تغطية الإعلام لقضايا الطفل المغاربي في المهجر - الدكتور موساوي عبد الحليم - العدد 42 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث القانوني



لتحميل العدد بصيغته الرقمية pdf إليكم الرابط أذناه:






الدكتور موساوي عبد الحليم

         كلية الحقوق والعلوم السياسية - جامعة طاهري محمد بشار الجزائر

     الدكتور إسحاق صلاح أبو طه

   حاصل على شهادة الدكتوراه بكلية البريمي - سلطنة عمان

   البعد القانوني والمهني في تغطية الإعلام لقضايا الطفل المغاربي في المهجر

The Legal and Professional Dimensions of Mediatic Coverage of the Issues

 Related to the Maghreban Children in the Migration Countries

 مقدمة:

 احتلت ثنائية "الإعلام، الأقليات المسلمة في الغرب" صدارة اهتمامات الحقوقيين والباحثين في حقلي القانون والإعلام، وتحولت هذه الثنائية إلى العنوان الأبرز لما بات يعرف بحملة التشويه التي تتعرض له الأقلية المسلمة في بلاد الغرب.

ذلك أن المتفق عليه أن واقع الأقليات بعد أحداث الـ 11 سبتمبر تأزم أكثر في ظل الانتهاك الصارخ لحقوقها، خاصة على صعيد الحريات الإعلامية، إذ أن عدة دوائر على مختلف مشاربها تسعى لسلخ الأقلية المسلمة من ثقافتها وهويتها الإسلامية، وهي من القضايا التي أضحت أكثر تفجرا وحيوية، لأنها تمس أوضاع ومصالح ملايين المسلمين ومن بينهم المغاربة الذين يعيشون خارج ديار الوطن.

تتجمع هذه الصورة السوداوية في وقت باتت فيه الحضارة الغربية دون مقدس، فنزعت القداسة عن الدين والأخلاق والضمير أو بمعنى آخر تنحية هذه التكوينات المعنوية هذه التكوينات المعنوية كان وما زال يعني أن القداسة تم سحبها من مجال المثال المتجاوز للمادة إلى المادة نفسها، فالحاصل أن اللذة أصبحت مفهوما مقدسا، وكذلك مجتمع الوفرة والاستهلاك وكل هذه المنظومة المادية، لذلك فالعقل الحر يمارس حريته من خلال اعترافه الضمني بقداسة الرؤية المادية، فأصبح حرا من الضمير، وأسيرا للرؤية المادية.[1]

وتطرح هذه الصورة تلك الجدلية القائمة حول مدى قدرة الأقليات المسلمة في الحفاظ على هويتها، رغم حرص أولياء الأمور المسلمين على تعليم أبنائهم والحفاظ على هويتهم الإسلامية في المجتمعات الغربية، إلا أن هناك تحديات كبرى تواجههم في سبيل تحقيق تلك الغاية.

خاصة وأن البيئة الغربيَّة في عصرنا نشأت فيها أجيالٌ مُسلمة لم يفرد لهم إلاَّ القليل من الدِّراسات التي لا تبلُّ الصَّدى؛ لأسبابٍ، منها ضعفُ الاهتمام بالتربية، وكذلك تموُّه الحدود الفاصلة بين التربية والتعليم، كما أنَّ فضاءات الحرية المتوفرة في البيئة الغربية تُغري أيَّ إنسان بإمكانية تَنشئة أطفاله وفقًا لما يراه مناسبًا[2].

وعند الحديث عن شؤون الطفولة، يجد الباحث نفسه يغوص في دوّامة القضايا المصيرية للمجتمع، بعد أن أصبح طفلنا الوعاء الذي ترسب فيه كل المعضلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومرآة تطفح بالأوباء الظاهرة والباطنة للمجتمع، وأصبح يمثل عطب الارتجاج في مقدمة القاطرة التي يراهن المجتمع على انطلاقها إلى المستقبل وأي مستقبل.[3]

وهي القضايا التي يشتد تركيزها ضمن علاقة الطفولة بالإعلام، وهذا بنظرة مزدوجة تحمل في جانب منها الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام في ترسيخ هوية الطفل والتعريف بمختلف قضاياه، وفي المقابل تلك السلبية التي يمكن أن تطبع دور هذه الوسائل، مما من شأنه تهديد القيم الدينية والأخلاقية.

وبما أن الجالية المغاربية تحتل مقدمة الجاليات المسلمة المنتشرة في ربوع بلاد الغرب، تستحضر في هذا الإطار إشكالية علاقة الطفل المغاربي بوسائل الإعلام.

وتأسيسا على هذا، تأتي هذه الورقة البحثية محاولة لتقييم واقع التعاطي الإعلامي مع قضايا الطفل المغاربي في جميع وسائل الإعلام سواء العربية أو الغربية أو العالمية. وسنسعى من خلال هذه الورقة الوقوف على نقاط الخلل التي تسببت في تكريس هذا التهميش الذي بات يميز حضور قضايا الطفل المغاربي في هذه الوسائل، وهو ما سيقودنا مباشرة لمعرفة سبل تفعيل حضورها إعلاميا، سيما وأن الإعلام تحول اليوم إلى أهم الوسائل المتقدمة في عصرنا الحالي، التي تضمن للإنسان هذه الحرية، بحيث تجعله ينقل مشاكله وهمومه إلى المحيط الخارجي بكل سهولة، كما أن هذا الخيار يأتي في الوقت، الذي تحظى به "حرية التعبير" أكثر من أي وقت مضى بإهتمام دولي وقانوني كبيرين. وعليه فمن المنطقي أن يكون لكلامنا هذا إسقاطات على مسائل عديدة تتصل بمجال حقوق الإنسان التي بدأت في الفترة الأخيرة تفرض حضورها، "كحقوق الأقليات"، "الحق في المعتقد"، "حرية التعبير" وغيرها.

وبالتالي فستكون ورقتنا البحثية هذه هذه عبارة عن محاولة لتجميع جزئيات هذا الطرح عبر دراسة تحليلية قانونية وسياسية وإعلامية مركزة، وفق ما يتطلبه الموضوع، بغية التعرف على نقاط الخلل لتجاوزها ومن ثم تبني خطة علمية لتمكين الإعلام من الالتفات لوضعية هذه الشريحة، خاصة بعد أن أصبح الوجود الإسلامي عموما والمغاربي خصوصا، في أوروبا واقعا يفرض نفسه وكيانا يتحول من الهجرة والحياة المؤقتة إلى الإقامة والاستقرار كجزء من المجتمع الذي يعيش فيه.

المبحث الأول: البعد القانوني في إثارة قضايا الطفل إعلاميا.

لعل من بين القضايا التي باتت  تلفت النظر إلى اهتمام الأسرة الدولية بها، هي تلك المتعلقة بالطفولة والتي تخطت مرحلة العناية بالطفولة في الظروف العادية كرعاية حق الطفل في الجنسية وحقه في التعليم والثقافة وحقه في الرعاية الاجتماعية والصحية أثناء الحمل وبعد الولادة وغيرها من باقي الحقوق، ليصل الاهتمام إلى درجة حماية الطفل في الظروف ، الاستثنائية أو الظروف الصعبة، فعقدت المؤتمرات وصدرت التوصيات الملزمة بالحماية الدولية للأطفال في النزاعات المسلحة ومن حروب الإبادة وحمايته من شرك البغاء والدعارة ومن الرق بل وصلت الحماية الدولية إلى مجالات العمل لحماية الطفل العامل، حتى بلغت تلك الحماية إلى حد التدخل في التشريعات الوطنية الخاصة بالجنسية لضمان عدم وجود طفل عديم الجنسية.[4]

والواقع أن الاعتراف بهذه الحقوق كان نتيجة لجهود دولية سابقة، كان أولها تصريح جنيف الذي تبنته عصبة الأمم عام 1924، لكن هذا التصريح أهمل بسبب الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1936 أعلنت اللجنة الاجتماعية المؤقتة التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أن تصريح جنيف السابق، يجب أن يكون ملزما للدول، فكانت الخطوة التالية في مسار الاعتراف بالحقوق، تبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، حيث أشار الإعلان إلى حقوق الطفل في المادتين 25 و26.[5]

كما أشار إلى ذلك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في أربع مواد منه لحقوق الطفل تدعيما للإعلان العالمي، فيما نص العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية على ثلاث مواد على حقوق الطفل.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استمرت الجهود الدولية نحو تعزيز منظومة حقوق الطفل ليأتي الإعلان العالمي لحقوق الطفل سنة 1959، لترتكز مبادئه على وجوب تمتع الأطفال بكل مظاهر الحماية: الصحية، الهوية، الضمان الاجتماعي، التعليم، الحماية من التمييز العنصري و الديني، والحماية من كافة أشكال الإهمال والقسوة، وبمرور ثلاثين عاما على هذا الإعلان أي في سنة 1989 اعتمدت الجمعية العامة بمقتضى القرار 44/25 اتفاقية حقوق الطفل والتي دخلت حيز التنفيذ مع مطلع سنة 1990 شملت 54 مادة، وبعض القواعد القانونية الخاصة بحماية الأطفال ورفاهيتهم وقعت عليها 60 دولة يومها الأول، وكانت الجزائر من بين تلك الدول ليصل عدد الدول 191 دولة.

وبالتالي يتبين من خلال هذا التتبع لمسار تطور الإعتراف بحقوق الدول في القانون الدولي مدى اهتمام المجتمع الإنساني بشريحة الطفولة، وما حظيت به من رعاية تشريعية كان القصد من ورائها حماية الطفل، بتوفير بيئة أسرية ومجتمعاتية صالحة وصحية تؤهله لأن يكون شخصا، و إنسانا مكرما وفاعلا في المجتمع الذي ينتمي إليه وفي العالم الذي يعيش فيه[6].

وانطلاقا من الأهمية التي تلعبها وسائل الإتصال الجماهيرية ومن بينها وسائل الإعلام، باعتبارها تحولت إلى أدوات تعكس الكثير من القيم والعادات وأساليب الحياة، ليس كونها تعبر عن الواقع أو الحقيقة، وإنما لتلبية بعض حاجات المجتمع، وتخلق هذه الوسائل عالمها الخاص الذي يبدو حقيقيا، أو يتحول إلى واقع بالنسبة للمتلقى، وقد يتقبل المتلقي هذا الواقع الإعلامي لكونه غير واع بالعمليات التي تحدث لإيجاده، ومع تراكم الواقع الذي تخلقه وسائل الاعلام، يبدو هذا الواقع حقيقيا في أذهاننا، وقد لايستطيع الكثيرون منا أن يميزوا بين الواقع الذي تخلقه وسائل الإعلام والواقع الحقيقي[7].

لذا نجد أن القانون الدولي مكن الطفل حقه في حرية في التعبير، والذي يشمل طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها، دون أي اعتبار للحدود، سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة، أو الفن، أو أية وسيلة أخرى يختارها الطفل.

مما يعني أنه لا يجوز أن يخضع الجهر بالدين والمعتقدات إلا للقيود التي ينص عليها القانون واللازمة لحماية السلامة العامة أو النظام أو الصحة أو الآداب العامة أو الحقوق والحريات الأساسية للآخرين، كما لا يجوز تقييد ممارسة هذه الحقوق بأية قيود غير القيود المفروضة طبقا للقانون والتي تقتضيها الضرورة في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الغير وحرياتهم.[8]

كما كانت نصوص القانون الدولي لحقوق الإنسان، واضحة في الدعوة بوضوح إلى حماية الطفل من جميع الممارسات التي قد تدفع إلى التمييز العنصري أو الديني أو أي شكل آخر من أشكال التمييز، وأن يربى على روح التفاهم والتسامح والصداقة بين الشعوب، والسلم والأخوة العالمية.[9]

وتتعزز هذه الدعوة أكثر في الدول التي توجد فيها أقليات إثنية أو لغوية أو أشخاص من السكان الأصليين، حيث لا يجوز حرمان الطفل المنتمي لتلك الأقليات أو لأولئك السكان من حق التمتع مع بقية أفراد المجموعة بثقافته أو الجهر بدينه وممارسة شعائره، أو استعمال لغته.[10]

وفي المقابل اتفق الكثير على أن حرية الصحافة من السمات المميزة للمجتمعات الديمقراطية، المحكومة بسيادة القانون وعدم وجود أي رقابة على وسائل الإعلام، فالأفراد يجب أن يكون لهم الحق في توجيه النقد، والانتقادات واللوم للحكومة، و أن يباشروا مناقشات وحوارات تتصل بمصالحهم العامة والخاصة.[11]

ويتمحور الحق في حرية الرأي والتعبير- بشكل أساسي- حول حرية إعتناق وتبني المعتقدات والتعبير عنها دون أية قيود قهرية.  بهذا المعني، يشكل هذا الحق واحد من الحقوق الأصيلة للفرد التي تكفلها المعاهدات والمواثيق الخاصة بحقوق الإنسان. فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان،[12] أكد في مادته الـ (19) على حق كل شخص "... في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار، وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقيد بالحدود."

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1946 اعتمدت القرار 59 (د-1) والذي ينص على "أن حرية تداول المعلومات حق من حقوق الإنسان الأساسية، وهي المعيار الذي تقاس به جميع الحريات التي تكرس الأمم المتحدة جهودها لها... وأن أحد العناصر التي لا غني عنها في حرية الإعلام هو توافر الإرادة والقدرة علي عدم إساءة استعمالها، وأن إحدى قواعدها الأساسية هي الالتزام الأدبي بتقصي الوقائع دون تغرض وبنشر المعلومات دون سوء قصد"[13]

كما ورد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[14]  نص المادة 19 التي اعتبرت أن: " لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها، تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية: (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة".

إضافة لهذا اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1946 القرار 59 (د-1) والذي ينص على "أن حرية تداول المعلومات حق من حقوق الإنسان الأساسية، وهي المعيار الذي تقاس به جميع الحريات التي تكرس الأمم المتحدة جهودها لها... وأن أحد العناصر التي لا غني عنها في حرية الإعلام هو توافر الإرادة والقدرة علي عدم إساءة استعمالها، وأن إحدى قواعدها الأساسية هي الالتزام الأدبي بتقصي الوقائع دون تغرض وبنشر المعلومات دون سوء قصد"[15]

إلى جانب المادة (13) من الاتفاقية الأمريكية لحماية حقوق الإنسان تنص على أن : لكل إنسان الحق في حرية الفكر والتعبير ويشمل هذا الحق حريته في البحث عن مختلف أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود سواء أكانت المعلومات شفهية أو كتابية أو مطبوعة،  أو في قالب فني أو بأي وسيلة يختارها.[16]

ونشير هنا إلى أن "الإعلان العالمي بشأن المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي، وتعزيز حقوق الإنسان" قد أشار في مادته الثانية إلى وجوب ضمان حصول الجمهور على المعلومات عن طريق تنوع مصادر ووسائل الإعلام المهيأة له، مما يتيح لكل فرد التأكد من صحة الوقائع وتكوين رأيه بصورة موضوعية في الأحداث. ولهذا الغرض يجب أن يتمتع الصحفيون بحرية الإعلام وأن تتوافر لديهم أكبر التسهيلات الممكنة للحصول على المعلومات.[17]

ويترتب علي "حق المعرفة" عده حقوق منها حق الاطلاع علي الوثائق الرسمية ومعرفه ما يدور في الاجتماعات الرسمية ويقوم علي الصحافة بكافه أنواعها مسئوليه نقل هذه الحقوق إلى الناس، ولابد ان تتوافر في الصحفي الشروط الخاصة بالشخص المثقف معلوماتيا ومن هنا ارتبط حق الصحفيين في الحصول علي المعلومات بحق المواطنين في المعرفة هو شرط أساسي لان تقوم الصحافة بدورها.

ويرتبط حق الصحفي بالحصول على المعلومة بحق التقصي، وهو الاطلاع على المعلومات الرسمية، التي في دوائر الإدارة، وهذا لا يتبلور إلا ضمن ثقافة سياسية ترى إن المصلحة القومية والأمن القومي لا يمكن ان يتكونا إلا إذا كان "الناس يعلمون "، كما يرتبط الحق في المعرفة بحق التلقي، وهو حق المواطنين بتلقي المعلومات الإعلامية بأمانة، وذلك يتعلق بمستوى إتاحة حق امتلاك وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة للجميع إفراد ومنظمات وأحزاب بسهولة ويسر بحيث يكن حقا متاحا كحق الاطلاع عليها.

ووفقا لتعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من خلال برنامج إدارة الحكم في الدول العربية (POGAR) فإن الشفافية هي ظاهرة تشير إلى تقاسم المعلومات والتصرف بطريقة مكشوفة، وهي تقوم على التدفق الحر للمعلومات.[18]

يستفاد مما سبق أن القانون الدولي كفل حماية للصحفي في إثارة ما يشاء من القضايا، شريطة الإلتزام بالضوابط المتعارف عليها، مما يعني أن إثارة قضايا الطفولة لا تثير أي إشكال، مادامت دائرة المباح في الحرية قد اتسعت لتشمل قضايا أكبر.

المبحث الثاني: تقييم التعاطي الإعلامي مع قضايا الطفل المغاربي

تشير بعض الدراسات العلمية المتخصصة إلى أن أجهزة الإعلام تلقي بظلالها على الطفل المعاصر إيجاباً أو سلباً، حتى أنه يصعب عليه أن يفلت من إسارها، فهي تحيط به إحاطة السوار بالمعصم وتحاصره من مختلف الجهات، وبمختلف اللغات، ليلاً ونهاراً...وتحاول أن ترسم له طريقاً جديداً لحياته، وأسلوباً معاصراً لنشاطه وعلاقاته، ومن ثم فهي قادرة على الإسهام بفاعلية في تثقيفه وتعليمه، وتوجيهه، والأخذ بيده إلى آفاق الحياة الرحبة، وتأتي وسائل الإعلام المعاصرة في مقدمة قنوات الاتصال التي ترفد الطفل بالأفكار والمعلومات والأنباء وتحقق له التسلية والمتعة، ولو لم يَسْعَ الطفل إلى وسائل الإعلام فإن هذه الوسائل سوف تسعى هي إليه لتقدم له ما يدور حوله من أحداث، وما أفرزته الأدمغة البشرية من اكتشافات ومعارف، لاسيما بعد أن فرضت التقنيات المعاصرة وثورة المعلومات نفسها عليه، فأصبح طفل اليوم أسيراً لهذه الوسائل تحاصره في كل وقت وفي كل زمان، فلا يستطيع الفكاك منها أو الحياة بدونها.[19]

كما أن هذه الوسائل متفاوتة التأثير، يأتي في مقدمتها الوسيلة المرئية من رسومات في كتاب أو تلفاز؛ لأنها تتعلق بعين الطفل في سنواته الأولى، فنحن نلحظ أن الأطفال مغرمون في بداية تفتح أذهانهم بمطالعة الكتب والقصص المصورة والفيلم لما فيها من جاذبية تشدهم بألوانها الزاهية وصورها البراقة، يقول الباحث بلومري : إن التلفاز والفيلم يستحوذان على اهتمام كامل من جانب الجماهير خاصة الأطفال، ويميلون إلى قبول جميع المعلومات التي تظهر في الأفلام وتبدو واقعية أ هـ، ويمكن إرجاع ذلك إلى أن الطفل يستمد غالباً خبراته ومعارفه عن طريق حاستي العين والأذن، ومن ثم تبقى المادة الإعلامية المصورة في مقدمة ما يجذب انتباه الأطفال[20].

إضافة إلى هذا فإن استقراء واقع المواطنين الأوربيين المسلمين يبين لنا أن حركة الهجرة العالمية، باعتبارها إحدى أهم الظواهر المرتبطة بدينامكية الحياة في هذا القرن، قد حولت دول الاستقبال إلى مجتمعات متعددة الثقافات و الأديان، وهو ما جعل المسئولين في الغرب يضعون مخططات اجتماعية وثقافية وتربوية، لدمج المواطنين الجدد و بخاصة المسلمين في النظام القائم باختياراته العلمانية و مبادئه الوضعية[21].

ومن المعلوم أن الإعلام الغربي للطفل نشأ في إطار سياسة حضارية عاملة لدى النخبة وصانعي القرار ومن اجل التحكم في ميول الطفل وغرائزه وتلقينه أخلاقيات المجتمع الغربي، وتجريده من ما ينبغي أن يتحلى به من خصال فردية واجتماعية -في سياق إعادة بناء الفرد والمجتمع- ففي المجتمعات الغربية الرأسمالية نشأت ثقافة الطفل لتكون في خدمة الثقافة الغربية والرأسمالية وتطلعاتها وأهدافها، ولتكسب الطفل نزعة الكسب والقوة والجشع والاستهلاك وحب الذات والإيمان بالفردية، فاستخدمت هذه الإستراتيجية ومنذ أكثر من عقدين لزرع الأيدلوجية الغربية ومحاولة تكريسها في المجتمعات الإسلامية من خلال زرع فلسفة العنف والصراع والبعد المادي في الحياة.، ولعل نموذج "والت ديزني" الأمريكية خير دليل على سلوك هذا النهج المبرمج،  والتي تعكس أخلاق الليبرالية والرأسمالية المتوحشة، كالصراع والربح والاقتناء والقوة وعدم وجود قوة فوق الإنسان وسيادة الفرد ورغباته ونزواته، كمعيار وحيد يحدد سلوكياته في الحياة ومعاملاته مع الآخرين، وهذا باعتراف باحثان أمريكيان قاما بدراسة موسعة حول كتب ديزني، واستدلا على أن هذه الكتب تتضمن العنصرية والامبريالية والجشع والعجرفة، بشكل مستقل عن القيمة وان هذا العالم الخيالي الموجه للأطفال يغطي نسيجاً متشابكاً من المصالح ويخدم امبريالية أمريكا الشمالية.[22]

كما أن الإعلام الغربي يقوم على ترسيخ صور نمطية عن الذات و الآخر، الأول باعتباره رمزاً للتقدم والنجاح والتحضر, و الثاني باعتباره أقرب إلى التوحش والبدائية وقلة الحضارة, وتقوم وسائل الإعلام في معظم الدول الغربية بالتركيز على العديد من القضايا التي توقظ المشاعر العنصرية في الضمير الأوروبي, مثل قضايا اللجوء, والهجرة, والجماعات المتطرفة في الغرب, وتصوير المجتمعات الأصلية للأقليات العرقية والدينية – التي تعيش في الغرب – باعتبارها مجتمعات للحروب والتخلف والعنف والإرهاب, تصنع هالة من التوجس والخوف والانطواء تجاه الأجنبي "البربري" أو "المتوحش" القادم إلى قلب الجنة الغربية من أجل إفسادها وتدميرها، وتعتبر صورة العرب والمسلمين المشوهة والمقترنة في الإعلام الغربي بكل ما هو قبيح وسيئ - أحد أبرز المظاهر على دور الإعلام والتعليم ومختلف أجهزة الثقافة الشعبية في إنتاج الكراهية والحقد على العرب والمسلمين لدى الغربيين, وهي الظاهرة التي تعرف اليوم في الدراسات الاجتماعية الغربية باسم "الإسلاموفوبيا" أي الخوف والتخويف من الإسلام, وتصويره باعتباره بعبعاً يهدد الحضارة الغربية.[23]

وعليه فكل الصور المعروضة سابقا، وإن وردت في إطار شمولي، لمعالجتها الواقع العام للطفولة المسلمة في بلاد الغرب، فإن الطفل المغاربي ليس بمنأى عن تداعيات هذا الواقع، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار ذلك الحضور الطاغي للتواجد المغاربي خاصة في الدول الأوروبية.

وعندما يتصل الأمر بتصحيح ما نشرته وسائل الإعلام فإن كثيراً من الجرائد الغربّية لا تقبل بتاتاً نشر مادة تصحيحّية لمادة إعلامية نشرت عن الإسلام، أو قضيّة تتعلق بالإسلام، كقضية الحجاب أو الجهاد ومغزاه في الإسلام.

بالطبع ليس الجانب الإعلامي مظلماً دائماً، فقد أتيح عرض الإسلام أحياناً بطريقة موضوعية من قبل بعض القيادات الإسلامية في أوروبا، ولا يكاد يمضي يوم واحد دون برنامج إذاعي أو تلفازي, وخصَّصت بعض الإذاعات مساحة زمنية واسعة لبثِّ برامج تضمنت ترجمة معاني سور كاملة من القرآن الكريم, مع بيان أهم نقاط الاحتكاك مع الديانات الأخرى وما يتعلق بالجهاد, وتعدَّدت الملاحق المخصصة للإسلام, وبعضها بمشاركة أقلام من المسلمين كما حدث في ألمانيا, في الصحف اليومية والأسبوعية الرئيسة.[24]

ويختم الباحث عمر المضواحي بأن مثل هذه التحركات لن تجدي في المجتمعات الغربية وذلك لأن "محرضات العنف والجنس والعنصرية العرقية لا تزال تجوس في وسائل الإعلام والترفيه صباح مساء ، وهي تغذي متلقيها يوماً بعد آخر بكل هذه المعطيات حتى يقع أسيراً لها" ويضيف المضواحي بأن الوقت أصبح مناسباً لنقدم البديل الإسلامي من خلال أدواتنا المؤثرة كالجاليات والأقليات المسلمة والمراكز الإسلامية ليتعرفوا عن قرب على الجانب الأخلاقي الذي يتمتع به الإسلام.[25]

وإزاء الأعداد الكبيرة من الصحف الثقافية الدينية التي تصدرها المؤسسات والهيئات المسيحية واليهودية، وغيرها والموجهة إلى الأطفال في العالم، يخلو الجو من مجلة : عالمية ثقافية للأطفال المسلمين، وهناك عدد من المجلات القطرية ذات الصفة الدينية البحتة والتي تركز على المسائل الدينية الصرفة والعبادات، أي أنه لا توجد مجلة إسلامية ثقافية للأطفال المسلمين على المستوى العالمي.

وإذا كانت هناك دواع لمجلة عالمية ثقافية للأطفال المسلمين فإن ذلك يتوقف على تحقيقها عدداً من الوظائف منها:

1. إن المجلة العالمية الثقافية الموجهة إلى الأطفال المسلمين يمكن أن توفر للأطفال فرص تقبل الذات منذ الطفولة، خاصة وأن مسألة تقبل الذات لدى المسلمين ما تزال في حاجة إلى مزيد من الإنماء، كما يمكن للمجلة أن تسهم في بلورة نظرة الطفل المسلم إلى نفسه حيث إن لنظرة الأمة إلى نفسها علاقة بمجمل العوامل النفسية للتغيير الاجتماعي، ويمكن للمجتمع أن ينكفئ على الذات إن هو فقد ثقته بنفسه أو تفهم بعجزه أو أصبح فريسة الاستكانة الناجمة عن الانبهار بالآخرين أو وصل به العنف حد المغالاة، أو انشغل بالتبريرات الكلامية على حساب التفكير المستقيم بالمشكلات ومواجهة الواقع فعلياً.

2. امتزجت نظرة الغرب إلى الإسلام والمسلمين بعوامل تاريخية واجتماعية ونفسية واقتصادية وسياسية متشابكة، كان من بين مكونات تلك النظرة ما نجم عن حركة الاستشراق من تأثيرات وخاصة الدراسات التي وضعها بعض الباحثين الغربيين عن شخصية النبي محمد صلى الله عليه و سلم وعن تعليلهم لنشأة الإسلام ومواقفه الأخرى، وساهمت عوامل ووسائل أخرى في تكوين انطباعات عن الإسلام عززتها في نفوس الغربيين أدبيات تاريخية، ومواقف، وحوادث عملت رسائل الإعلام الغربية على إظهارها في صور مغايرة للواقع، وإزاء هذا كله فإن المجلة الثقافية للطفل المسلم يمكن لها أن تأخذ في الاعتبار إعطاء الصورة الحقيقية للإسلام. بحيث يمكن للأطفال المسلمين أن يتمثلوا حقيقة الإسلام.

ومن هنا فإن المجلة العالمية للطفل المسلم يمكن لها أن تشد بعض جوانب النقص في المدرسة من خلال تأكيدها على الجديد، وإثارتها انتباه الأطفال إلى أساليب السلوك الديناميكية، والإسهام في دفع المدرسة إلى منطلقات وموضوعات الجديد، أو التعويض عن بعض مما ينقص المدرسة.

6. يعيش المسلمون في عدد من الدول الإسلامية التي يتألف مجمل أو غالبية سكانها من المسلمين، وفي دول أخرى يشكلون فيها أقليات كبيرة أو صغيرة أو جاليات، وبهذا فإن المسلمين يتوزعون بنسب متفاوتة في جميع أنحاء العالم.

7. ويضعف "الاتصال" بين المسلمين في عصر تتزايد فيه أهمية الاتصال المباشر وغير المباشر الأمر الذي يقلل من فرص الاندماج بالحياة. ومن جانب آخر فإن البلدان الإسلامية تستقبل سريان الاتصال من الدول المتقدمة إلى الدول الأخرى عن طريق القنوات التلفزيونية والصحف والكتب والسينما والإذاعات.

8. أما بشأن الثقافة فيمكن القول أنه ليست هناك ثقافة واحدة للأطفال المسلمين في العالم، بل هناك مجموعة كبيرة من الثقافات، كما يمكن القول أن مجمل هذه الثقافات هي ثقافات فرعية، إذ هي تتعدد وتتنوع في مجتمعات أو بيئات كثيرة، وهي من حيث انتظام عناصرها تبدو متباينة إلى حد كبير، لذا فإن ما يميز الطفل المسلم من الناحية الثقافية في مجتمع من المجتمعات الأفريقية يختلف إلى حد كبير عما يميز الطفل المسلم من الناحية الثقافية في مجتمع من المجتمعات الأسيوية.

9. وعلى صعيد آخر فإن العصر الحديث اختص بأنه عصر العلم وهذا يعني أن السيادة فيه للتفكير العلمي بشروطه الأساسية كالمنهجية، والواقعية، والمرونة، والتعميم، والتحليل والتركيب، هذا يعني أيضاً أن أنماط التفكير المضادة  للعلم ينبغي أن لا يكون لها السلطان على السلوك، مثل التفكير الخرافي، والتفكير الوهمي، والتفكير الناجم عن المحاولة والخطأ.

10. وتفرض التوجهات المستقبلية أساليب عمل و تفكير جديدة تتجاوز تلقين الأفكار والمفاهيم والعناصر الثقافية إلى إثارة التفكير وتنظيم مجمل العمليات الفكرية لدى الأجيال الجديدة.

ومن جانب آخر، إذا سلمنا بفكرة أن المسلمين الذين  يعيشون في الغرب  سواء الذين يحملون جنسية البلد الغربي الذي يقيمون فيه أو المقيمون إقامة دائمة فيه, يتمتعون بنفس المزايا الدستوريّة والقانونية والحقوق التي يتمتّع بها الإنسان الغربي الكامل وبدون نقصان، ويحق للمسلمين الانضمام إلى أكبر الأحزاب السياسيّة الفاعلية, سواء تلك التي في الحكم أو في المعارضة, كما يحقّ للمسلمين الذين يتمتعّون بحق المواطنة تأسيس أحزاب سياسيّة أو جمعيات ثقافية واجتماعيّة وغيرها, أو تأسيس جرائد ومجلات ووسائل إعلامية مسموعة ومرئية, كل ذلك متاح وتكفله القوانين التي لا تضع أيّ قيد في طريق العمل السياسي أو الإعلامي أو الثقافي، وعلى الرغم من كل هذه الحريّة المتاحة والمعطاة لكل من يحمل حق المواطنة الغربيّة, إلاَ أنَ المسلمين المقيمين في الغرب لم يستفيدوا من هذه الأجواء والفضاءات السياسية الحرّة إلاّ بمقدار اثنين بالمائة, كما تفيد العديد من البحوث الغربيّة.[26]

خاتمة:

يمكن الجزم بحقيقة مفادها أن المرجعية الإسلامية تكاد تكون غائبة في إعلام الطفل المسلم إلى حد كبير، إلا من عدد محدود من الصحف الإسلامية والإذاعات الدينية المحـدودة الانتشار لاسيما بعـد أن تبين أن كثيراً من أجهزة الإعلام في العالم الإسلامي لا تلتزم  بالأصول، ولا تحافظ على الثوابت …فهل يتدارك القائمون على أجهزة الإعلام في العالم الإسلامي مع هذا الواقع المؤلم، ويدرجون ضمن مواثيق الشرف ودساتير العمـل التي تحكم هذه الأجهزة ضرورة الالتزام  بهذه المرجعية في مخاطبة الأطفال بدلاً من التحرك في دائرة مفرغة بدون ضوابط أو أهداف، لا سيما بعد أن تبين أنه لا يكاد يوجد عمل إعلامي لا ينطلق من إطار عقدي ، أو رؤية مذهبية تحركه، فلا يكاد يوجد إعلام متجرد بالمعنى المقصود من هذه الكلمة، وكل الشواهد العلمية والتجارب العــملية تؤكد أن الـعـمل الإعلامي في كل زمان ومكان لا يكاد يعمل إلا من إطار مرجعي يحكم  نشاطه ويحدد غاياته، فالإعلام الصهيوني محكوم  بعقيدة آل صهيون، فهي الإطار المرجعي له، وعليها تقوم مخططاتهم، ومن خلالها تنطلق أبواق دعايتهم. وكذلك الإعلام الغربي والماركسي والمسيحي … إلخ[27].

في هذا الصدد تؤكد الفلسفة الإسلامية على ضرورة الالتزام  الأخلاقي بالضوابط التي حددتها الشريعة الإسلامية  في إعلام الطفل، ويأتي في مقدمتها: الصدق مع النفس، ومع الغير فلا اجتهاد بغير معرفة، ولا فتوى بغير علم، ولا غيبة أو نميمة ولا عدوان على الآخرين أو حجر على حرياتهم، كما تؤكد عـلى الابتعاد عن قذف المحصنات، واتهام للناس بالباطل، وعدم النشر بغير تمحيص وتدقيق، كمـا ترفض هذه الفلسفة كل أساليب النفاق، والمجاملة الممقوتة  والبغيضة للكبار أو الصغار، والمبالغة في القـول، أو التجاوز للحقيقة، أو إخفاءها أو التغاضي عنهـا، باستثناء الظروف التي تمر بها الأوطان  في أوقات الحروب والأزمات، حفاظاً عـلى الروح المعنوية، ودرءاً للحرب النفسية المعادية ، حتى ينشأ الأطفال وقد أصبحت الأخلاقيات الإسلامية جزءاً من تكوينهم الفكري والنفسي[28].

وهو الأمر الذي يستدعي السير وفق خطة إعلامية تتلخص أهم مبادئها ضمن النقاط التالية:

1. إلتزام جميع عمليات الإعلام بالإسلام.

2. تأكيد حرية الإعلام للجميع في حدود الشريعة الإسلامية وقوانين الإعلام المختلفة.

3. ضمان التغطية الإعلامية لجميع الجاليات والمجتمعات الإسلامية بأوروبا باستخدام أحدث الوسائل وأنسبها لكل فئة.

4. ضمان تغطية المواد الإعلامية لجميع مجالات الإعلام، وأن يتسع النشاط الإعلامي لجميع الوظائف الإعلامية.

5 . مراعاة التنسيق بين خطط الإعلام المختلفة، لتجنب التكرار والتعارض ولضمان التكامل والتعاون والاستخدام الأمثل للطاقات والإمكانات والموارد.

ولذا فإنه من المطلوب إعداد الخطط والسياسات العامة في استراتيجية الإعلام الإسلامي في الغرب، هو متابعة التدابير والوسائل والبرامج المعدة لخدمة رسالة الإسلام العالمية ولإحياء تراثه الخالد، ونقله للأجيال المتعاقبة، لتنشئتهم على مبادئه وأخلاقه الفاضلة، والاستعانة في سبيل تحقيق هذا الهدف بوسائل التخطيط الفنية المتقدمة، والبحوث التخطيطية والحسابات العلمية، وذلك لضمان الاستخدام الأمثل للإمكانات والقدرات البشرية والعلمية والتقنية الحديثة في خدمة قضايا الجاليات الإسلامية في أوروبا، وذلك باتخاذ الإجراءات التالية [29]:

ـ إنشاء محطة إذاعة عالمية تبث على مدار الساعة بعدة لغات توجه للجاليات والمجتمعات الإسلامية في أوروبا.

ـ إنشاء قناة فضائية إسلامية تبث كذلك على مدار الساعة بعدة لغات عالمية تهتم بمسلمي الجاليات في أوروبا.

ـ إنشاء معهد أكاديمي عالمي متخصص لتخريج الإعلاميين المسلمين المتخصصين في قضايا الجاليات والأقليات الإسلامية.

ـ إنشاء مراكز تدريب للأطر الفنية.

ـ حصر البرامج المتعلقة بالتراث الإسلامي وإخراجها بطابع عصري حديث وترجمتها إلى لغات مختلفة وإعادة بثها.

ـ التنسيق مع دور النشر العالمية لتنفيذ خطة إحياء التراث الإسلامي ونشره باللغات المختلفة وخاصة ما يتفق مع فقه الواقع المعاصر.

ـ تشجيع التأليف والترجمة في مجالات العلوم والثقافة والتربية الإسلامية من خلال منح المشاركين مكافآت تقديرية مادية ومعنوية مجزية لتشجيع الأفراد على التأليف والترجمة باللغات المختلفة.

ـ إنشاء هيئة عالمية للإعلام الإسلامي تشترك فيها أجهزة ومنظمات الإعلام الإسلامي المحلية والدولية كافة، وإصدار بطاقة هوية إعلامية عالمية يحملها كل عضو في الهيئة، من أجل تحقيق التكامل والتعاون والتنسيق وتبادل الخبرات والمقومات الفنية في مجال الإنتاج الإعلامي وتداول المواد والتسجيلات والأفلام الإسلامية لدى الجمهور الإسلامي في الغرب.

ـ تشجيع الاهتمام بالفنون والآداب الإسلامية من خلال خطة متكاملة للترويح والتسلية البريئة ضمن مجالات الإعلام الإسلامي مثل فقرات الأطفال والفقرات الثقافية والتربوية الهادفة الموجهة للجمهور الإسلامي في الغرب.

وموازاة مع هذا ذهب البعض إلى أكثر من ذلك، واقترح خطة عمل رائدة تتمثل في صناعة ما يسمى " صناعة إسلامية للإعلام والمعلومات".

ونستحضر في هذا السياق مقترح بعض الباحثين في حقل الإعلام الدعوي، والذين طالبوا بضرورة العمل من أجل إقامة صناعة إسلامية للإعلام والمعلومات، مبررين ذلك بوجود إمكانيات كبيرة لإقامة هذه الصناعة حتى مع الوعي بسيطرة الغرب على النظام الإعلامي الدولي، وهذه الصناعة الإسلامية القوية هي التي يمكن أن تكسر السيطرة الغربية على تدفق الأنباء في العالم، وهذه الصناعة الإسلامية للإعلام والمعلومات لابد أن تقوم أولاً على إعداد الكوادر الإعلامية المؤهلة علمياً وثقافياً ومهنياً على إنتاج مضمون بديل لما يقدمه الإعلام الغربي، فالمضمون هو أهم أركان هذه الصناعة، ثم تأتي البنى الإعلامية، ومن المؤكّد أن هناك إمكانية لتقوية البنى الإعلامية الموجودة في الدول الإسلامية، وزيادة فاعليتها لتصبح مصدراً مهماً للثقافة والإعلام والمعلومات، ثم تأتي إمكانية إنشاء بنى جديدة تزيد من فعالية الصناعة الإعلامية الإسلامية.. وفي إطار ذلك فإنه يمكن البدء بالمشروعات التالية[30]:

أ- العمل على إنشاء وكالة أنباء إسلامية قوية تكون بعيدة عن سيطرة الحكومات حتى يمكن أن يتحقق لها قدر أكبر من المصداقية والثقة فيما تبثه من أنباء.

ب- العمل على زيادة التعاون بين وكالات الأنباء في الدول الإسلامية، عن طريق تبادل الأنباء والمعلومات، وتسهيل الحصول عليها.

جـ- زيادة التعاون بين الدول الإسلامية في مجال تبادل المنتجات الثقافية والإعلامية، والتقليل من الاعتماد على المنتجات الإعلامية الغربية.

3- إنشاء رابطة لعلماء الإعلام المسلمين، تعمل على تفعيل دور الباحثين الإعلاميين الإسلاميين في دراسة واقع الإعلام في الدول الإسلامية، وذلك بالمقارنة بواقع الإعلام في الدول الغربية، وذلك لإنتاج نظريات جديدة مستقلة تقوم عليها الصناعة الإسلامية للإعلام والمعلومات، وتحرر هذه الصناعة من التبعية الفكرية للغرب، بالإضافة إلى العمل على تطوير الدراسات الإعلامية في الدول الإسلامية وإنشاء كلية للإعلام االإسلامي.

4- العمل على إنشاء رابطة للإعلاميين الإسلاميين كتنظيم مهني، يهدف إلى زيادة القدرات الإعلامية للإعلاميين الإسلاميين عن طريق التدريب، كما تعمل هذه الربطة كتنظيم مهني يصدر ميثاق شرف للإعلاميين الإسلاميين، ويتابع تنفيذه، بالإضافة إلى العمل على حماية حقوق الإعلاميين الإسلاميين.

5- العمل على زيادة القدرات الإعلامية للمسلمين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في مجال الاتصال المواجهي (المباشر)، وهذا النوع من الاتصال له تأثير أكبر من الاتصال الجماهيري، ولذلك لا بد من العمل على تأهيل أكبر عدد ممكن من المسلمين المقيمين في الدول الغربية ليكونوا قادت رأي ينقلون رسائل صحيحة عن الإسلام إلى المواطنين الغربيين عن طريق الاتصال المباشر.

كما يمكن تدريب المسلمين المقيمين في الغرب على كتابة خطابات إلى أية صحيفة أ وسيلة إعلامية تهاجم الإسلام، فقد أشار الكثير من الصحفيين الغربيين إلى أنهم يتلقون الكثير من الخطابات من اليهود في حالة كتابة أية معلومات يمكن أن تمس إسرائيل بشكل أو بآخر، كما يمكن الاستفادة من الإمكانيات المتاحة في الغرب لإصدار صحف وإنشاء محطات تلفزيونية كابلية Cable T.V، بالإضافة إلى زيادة قدراتهم على استخدام الشبكة الدولية للمعلومات Internet لبث رسائل عن الإسلام، وإنشاء مواقع على هذه الشبكة تهدف إلى تقديم المعلومات الصحيحة عن الإسلام، وإصدار صحف إسلامية.

6- إنشاء قمر صناعي إسلامي يحمل مجموعة من القنوات التلفزيونية الإسلامية المتخصصة، ويحمل قنوات تبث برامج جامعة إسلامية عالمية مفتوحة توفر المعرفة الصحيحة عن الإسلام لكل من يرغب في دراسته.

وعليه فإن إقامة صناعة إسلامية للإعلام والمعلومات هو مشروع كبير ويحتاج إلى الكثير من الإمكانيات المادية والبشرية لكن إقامة هذه الصناعة هي عملية دفاع عن هوية الأمة الإسلامية وذاتيتها الثقافية والحضارية وحقها المشروع في الحياة.

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع:

ميموني الأزماني، قضايا الطفولة في الإعلام انعكاس لأزمة القيم في المجتمع، www.isesco.org.ma.

حسنين المحمدي بوادي، حقوق الطفل بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، الطبعة الأولى 2005.

محمد الصالح روان، حرية المعتقد لدى الطفل في الاتفاقيات الدولية، مجلة المعيار، عدد خاص بالملتقى الدولي الثالث حول الحرية الدينية في الإسلام ومواثيق وقوانين حقوق الإنسان، المنظم من طرف كلية أصول الدين والحضارة الإسلامية، جامعة الأمير عبد القادر، قسنطينة، الجزائر، أيام 5-6-7 ماي 2008.

حسن عماد مكاوي، أخلاقيات العمل الإعلامي، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، الطبعة الأولى.

سهيل الفتلاوي، حقوق الإنسان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الأولى، سنة 2007.

محمد يوسف علوان ومحمد خليل الموسى، القانون الدولي لحقوق الإنسان الحقوق المحمية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، الطبعة الأولى، 2007، الجزء الثاني.



[1] رفيق حبيب، المقدس والحرية، دار الشروق، الطبعة الأولى، 1995، ص.11.

[2] جمال المعائد، النشء المسلم في الغرب، www.alkukah.net

[3] ميموني الأزماني، قضايا الطفولة في الإعلام انعكاس لأزمة القيم في المجتمع، www.isesco.org.ma

[4] حسنين المحمدي بوادي، حقوق الطفل بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، الطبعة الأولى 2005، ص.8.

[5] نصت المادتان على ضرورة تمتع كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية دون تمييز، سواء كانت ولادتهم عن رباط شرعي أم بطريقة غير شرعية.

[6] محمد الصالح روان، حرية المعتقد لدى الطفل في الاتفاقيات الدولية، مجلة المعيار، عدد خاص بالملتقى الدولي الثالث حول الحرية الدينية في الإسلام ومواثيق وقوانين حقوق الإنسان، المنظم من طرف كلية أصول الدين والحضارة الإسلامية، جامعة الأمير عبدالقادر، قسنطينة، الجزائر،  أيام 5-6-7 ماي 2008، ص.128.

[7] حسن عماد مكاوي، أخلاقيات العمل الإعلامي، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، الطبعة الأولى، ص.347.

[8] المادة 15 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989.

[9] سهيل الفتلاوي، حقوق الإنسان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الأولى، سنة 2007، ص.214.

[10] المادة 30 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989.

[11] محمد يوسف علوان ومحمد خليل الموسى، القانون الدولي لحقوق الإنسان الحقوق المحمية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، الطبعة الأولى، 2007، الجزء الثاني، ص.277.

[12]  اعتمد ونشر على الملأ بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10ديسمبر 1948.

[13] الشبكة العربية لحقوق الإنسان، www.anhri.net

[14]   أقر من قبل الأمم المتحدة في العام 1966.

[15] الشبكة العربية لحقوق الإنسان، www.anhri.net

[16]  المرجع نفسه.

[17] أصدره المؤتمر العام لمنظمة اليونيسكوا، بتاريخ 28 نوفمبر 1978، أنظر موقع المنظمة على الانترنت.

[18] برنامج إدارة الحكم في الدول العربية،www.pogar.org

[19] محي الدين عبدالحليم، الرؤية الإسلامية لإعلام الطفل، مطبوعات المنظمة الإسلامية  للتربية والعلوم والثقافة ايسيسكوا، ص.3,

[20] منى حداد يكن، أبناؤنا بين وسائل الإعلام وأخلاق الإسلام، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1985، ص.50,

[21] طاهر مهدي بليلي، تحديات تواجه الأسرة المسلمة في الغرب، مطبوعات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، ص.1.

[22] أحمد عبدالكريم الربيعي، الطفل المسلم ما بين الموروث الحضاري وخطر عولمة العصر، دراسة منشورة على موقع www.gulfkids.com، ص.3.

[23] مالك الأحمد، المسلمون في الغرب قبل وبعد 11 سبتمبر، دراسة منشورة في صفحة خاصة بالباحث على موقع جامعة الملك سعود، ص.13.

[24] مالك الأحمد المرجع السابق، ص. 15.

[25] عمر المضواحي. " اتجاهات غربية للعودة للقيم الأخلاقية" ، مجلة المسلمون ، العدد 599، 26 جويلية 1996,

[26] مالك الأحمد، المرجع السابق، ص.7.

[27] محي الدين عبدالحليم، المرجع السابق، ص.12.

[28] محي الدين عبدالحليم، المرجع نفسه، ص. 93.

[29] الأصول والقواعد التي تحكم الرؤية الإسلامية لإعلام الطفل، www.isesco.org.ma

[30] سليمان صالح، كيف نواجه تحيز وسائل الإعلام الغربية ضد الإسلام، بحث منشور بموقع اسلاميات، www. islameiat.com                   ص.24-23.


إرسال تعليق

0 تعليقات