آخر الأخبار

Advertisement

أي ديمقراطية نريد؟ . الدكتور محمد مهداوي، العدد 45 من مجلة الباحث، منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


  أي ديمقراطية نريد؟ . الدكتور محمد مهداوي، العدد 45 من مجلة الباحث، منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


رابط تحميل العدد المتضمن للمقال بصيغته الرقمية pdf  الرابط أذناه:




الدكتور محمد مهداوي

دكتور في القانون العام والعلوم السياسية

المغرب

أي ديمقراطية نريد؟

What kind of democracy do we want

    مقدمة:

يثير عنوان هذا المقال حفيظة كل متتبع للممارسة الديمقراطية داخل المجتمعات العربية، والذي جاء على صيغة سؤال ليجعلنا أمام إشكالية جوهرية تستدعي البحث في خصوصيات الديمقراطية ووظيفتها ومفهومها والأسس التي ترتكز عليها وأنماطها.

إن الحديث عن الديمقراطية كمفهوم تصعب الإحاطة به بشكل عام ولو حبرت لذلك أعتى المجلدات، خاصة على مستوى تجلياتها في المجتمعات العربية بشكل عام، وتمظهراتها على مستوى سلوكيات الأفراد وعلاقاتهم  وتصرفاتهم، ومدى قناعتهم بتنزيلها على أرض الواقع، وإيمانهم بتأثيرها المحسوس والايجابي، وأيضا على مستوى معرفة من المسؤول المباشر على تنفيذها أو السلطة المخول لها تطبيقها  بشكلها اللائق، أو الجهات المعنية بممارستها وفق الضوابط المتعارف عليها عالميا، فكيف يمكن  أن تستشعرها باقي الشعوب النامية والمضطهدة التواقة إلى تسلق الدرجات والرتب في سلم الرقي الاجتماعي؟ أو هل تتمثل الديمقراطية في انتخابات حرة و نزيهة؟ أو تتجسد في حرية التعبير والقول للجميع دون استثناء؟ أو في ممارسة الشعائر الدينية بمختلف تلويناتها؟ أو تتجلى في التعايش والتسامح بين كل أطياف ومكونات المجتمع الواحد؟ أو تتجلى في محاربة كل أشكال التمييز والعنصرية؟.

لن نجيب عن هذا الكم الهائل من الأسئلة، ولربما لأسئلة ستأتي مستقبلا، لأن طبيعة الانتقال إلى الديمقراطية  تستدعي تبني المؤسسات والترتيبات الديمقراطية وتأسيس نظام جديد، ولأن توطيد الديمقراطية أو ما يسمى بالتعزيز الديمقراطيConsolidation Democratic[1] هو ترسيخ تلك المؤسسات والترتيبات الجديدة، وقبول الفاعلين الرئيسيين لها، والاعتقاد أنها توفر فرصا متكافئة للجميع للمشاركة في الحكم وأنها تضمن مصالحهم بعدالة، وأنها الحكم والفيصل في الخلافات بينهم، أو كما ذكر جوان لنزJuan Linz وألفرد ستبان Alfred Stepan في العام 1996[2]:عندما تصبح الديمقراطية هي "اللعبة الوحيدة في المدينة"، بمعنى أن تصبح الديمقراطية هي الممارسة الوحيدة والمعتمدة والمقبولة في مؤسسات الدولة والمجتمع. فهل يمكن تحقيق الديمقراطية بالشكل الذي يتوخاه كل فرد؟ وهل تجيب عن كل التساؤلات والآمال العريضة لكل الشرائح المجتمعية؟

كلها أسئلة ملحة وتحيل بشكل أو بآخر نحو التوصل إلى معرفة تطور منسوب الحريات، و مدى الارتفاع المطرد في المستوى المعيشي للناس- كل الناس-، و تحرير المواطنات والمواطنين بتخليصهم من عوائق المشاركة الفاعلة في النشاط الاجتماعي - الاقتصادي، وتمكينهم من الاقتسام العادل لعوائد هذا النشاط، وتحرير الوطن بتخليصه من ربقة التبعية، المدمرة، للخارج[3]، والإحساس بالطمأنينة والراحة النفسية، وانعدام التمييز والعنصرية، وسيادة الإنصاف والمساواة.

فعلا كل ما انبرى باحث أو مهتم ، أو حتى أكاديمي في مجال العلوم السياسية لمقاربة جوهر الديمقراطية، إلا وجد صعوبة في تحديد أو بسط  مفهوم محدد شامل والذي يهدف من خلاله أن يزيل ذلك اللبس الذي تتشابك خيوطه مما يزيد الأمر تعقيدا .

إنه من الطبيعي أن يسود الاعتقاد بين البعض بأن الديمقراطية علاج مطهر  لكل الأمراض والعلل الاجتماعية، وأن النظام الديمقراطي هو البلسم الشافي لحالة التخلف بكل ما فيه من مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية. غير أن الحقيقة خلاف ذلك، فالديمقراطية مجموعة قيم ومؤسسات تتأثر بسياق المجتمع الذي تنشأ فيه، فشتان بين أداء المؤسسات الديمقراطية (أحزاب- انتخابات- برلمان- حكومة....)، وذلك في أعتى الديمقراطيات أو ما يسمى بالديمقراطيات الراسخة، ونظائر هذه المؤسسات في كثير من الدول العربية أو الإفريقية وكذلك في أمريكا اللاتينية، ففي هذه الدول حملت المؤسسات الديمقراطية خصائص مجتمعاتها كالفقر المدقع، وانتشار الأمية، وغلبة الانتماءات الأيديولوجية والعقدية والدينية والمحسوبية السياسية على قيم المواطنة والانتماء الوطني ، والاستحقاق المبني على الكفاءة والديمقراطية.

من المسلم أنه لا يمكن أن نجد في كل بلدان العالم حكومة ديمقراطية استطاعت أن تتحكم في مصاريفها. فمعظم البلدان الديمقراطية كانت ولا تزال تقترض و تفرض الضرائب بصورة واسعة بحيث أدى ذلك إلى أزمة اقتصادية جلبت بلدان مختلفة إلى حافة الانهيار. وفي المناسبات القليلة التي تجبر فيها الظروف الحكومات على تقليل مصاريفها، أو الدعوة إلى التقشف، على الأقل بصورة مؤقتة، يخرج المصوتون للتظاهر على ما يعتقدون أنه اعتداء على استحقاقاتهم. وبالتالي يبدو أن أغلب إن لم نقل جميع البلدان الديمقراطية تعاني من ارتفاع معدلات البطالة ، كما لا يوجد بلد ديمقراطي  وفر تموينا مناسبا لسكانه المسنين ، كما تعاني كل المجتمعات الديمقراطية من زيادة البيروقراطية [4].

ومن ثم على الباحث في النظم الديمقراطية أن يدرك  جيدا أنها عملية معقدة وطويلة الأمد، وديناميكية، ومفتوحة النهايات. كما ينبغي عليه أن يعي جيدا اختلاف البيئة التي تتشكل فيها مضامين القيم الديمقراطية والأشكال التنظيمية التي تتخذها. لأن الديمقراطية هي عملية صيرورة تاريخية، تتطور وفقا للظروف والأوضاع المتغيرة. وأن الشكل الذي يتخذه النظام الديمقراطي في بلد ما يتأثر بالسياق التاريخي والاجتماعي والاقتصادي لهذا البلد.

لقد تعرضت الديمقراطية في الفكر و الممارسة لتطورات عديدة، واتخذت المبادئ الديمقراطية في التطبيق صورا مختلفة،  وصيغا متنوعة وفق الظروف التاريخية وأوضاع المجتمعات التي تطبق فيها تكويناتها الاجتماعية، وتفاعلت الأفكار الديمقراطية مع التطور الاقتصادي والتكنولوجي، وظهرت أنماط متنوعة لأشكال النظام الديمقراطي[5]. ووفق هذا المنظور ، وتبعا للتطورات الحثيثة التي تعرفها المجتمعات  المتقدمة (الحداثية المتحضرة)، وأنظمتها السياسية، وباقي التطورات التي لحقت بالنظم المتبعة في المجتمعات العربية والممارسات الديمقراطية ، أصبح لزاما عليها تنزيل مجموعة من أنماط الديمقراطية.

فما هي الديمقراطية؟ ، وما هي القيم والمبادئ التي ترتكز عليها؟، وما هي أنماطها المتعارف عليها؟

هذه هي الإشكالية التي سنحاول تفكيك خيوطها وتشابكاتها الممكنة وحجم العلاقات المتداخلة بين عناصرها، من خلال هذه الورقة البحثية، وذلك من خلال ثلاث محاور تأتي على الشكل التالي:

أولا: البعد الدلالي والتاريخي للديمقراطية.

تعتبر الديمقراطية من قبل عدد كبير من الناس، أفضل نظام سياسي يمكن تخيله في الواقع، فليس من المبالغة إذا قلنا أن الديمقراطية أصبحت تعلق عليها أمال كل الشعوب، بل تمثل  الخلاص الأوحد من كل أشكال التمييز والعنصرية وعدم المساواة، وسلاحا لمحاربة عنجهية السيطرة المطلقة لكل أشكال الديكتاتورية والاستبداد والتسلط، ومجابهة كل نماذج الاضطهاد والاستعباد التي يعيشها أي إنسان يوجد في أي رقعة من هذا العالم .

تعتبر الديمقراطية قيمة كونية تتصف بالعالمية لا تنتمي إلى بلد في حد ذاته، أو شعب بعينه، أو حضارة معينة، بل هي نتاج إنساني مشترك؛ لكن لا أحد يجادل بأن منطلقها الأصلي وموطنها الأساسي هو العالم الغربي. فالديمقراطية نظام تم إدخاله قبل حوالي مائة وخمسين عاما في معظم الدول الغربية لأسباب متعددة، رغم الانتشار الواسع لاستعمال كلمة الديمقراطية، ورغم النقاش الكبير حول مجالات استعمال هذا المصطلح، إلا أن هناك صعوبة في إيجاد تعريف جامع ومحدد لهذا المفهوم؛ فمن ناحية الاشتقاق اللغوي تتركب كلمة الديمقراطية من جزئين: الأول '' ديموس'' (Démos ) أي الشعب، والثاني '' كراتس'' (Krats)، ويفيد السلطة، وهذا مأخوذ من المعجم اليوناني[6].

وعرفها الرئيس الأمريكي ''لينكون Lincoln'' الذي اعتبر الديمقراطية في أبسط معانيها حكم الشعب للشعب[7]؛ فيما يقدم ليون الديمقراطية على كونها مجرد تجربة في الحكم[8]؛ بيد أن الديمقراطية ليست فقط نظاما للحكم وبينما هي سلوك وممارسة وإستراتيجية متكاملة يقوم عليها نظام الحكم. والسمة المميزة للديمقراطية، هي أن الشعب يقرر كيف يجب أن يكون الشعب.

لقد تعددت تعاريف الديمقراطية، ويرجع ذلك '' روبرت دال'' إلى أنها عرفت مجموعة من المحطات والمراحل، وتطورت عبر آلاف السنين وانبثقت من أصول متعددة ومتنوعة، حيث امتزجت المفاهيم الرومانية والإغريقية بتلك المتعلقة بالقرون الوسطى، وعصر النهضة، مع ما لحق من تطورات وتغيرات على المستوى النظري والممارسات العملية بعيدا عن الانسجام والوضوح[9].

1- الديمقراطية عند اليونان

لقد ظهرت أولى إرهاصات الديمقراطية في مدينة أثينا اليونانية القديمة، حيث انطلقت الديمقراطية هناك من سنة 508 حتى سنة 267 قبل الميلاد، وقد سبق لرجل الدولة '' بيريكليس'' أن أشاد بالتوجه الذي اختطته أثينا في ذروة مجدها خلال منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، مشيرا إلى أن انتصار اليونان في الحرب البيلوبونيسية جاء نتيجة للحرية والمساواة اللتين يتمتع بها مواطنوها، ليعلن '' بيريكليس'' أن الأفراد في أثينا تمت مكافئتهم على أساس كفاءتهم واستحقاقهم، وأن الحياة الخاصة والمصلحة العامة حظيتا بالاحترام[10]، كما أن الديمقراطية الآثينية خلفت العديد من التنظيمات السياسية '' كالمؤتمر العام، و '' مجلس الخمسمائة '' إلى جانب وجود عدة محاكم؛ إلا أنه يمكن القول أن ما طبق من ديمقراطية في أثينا لم يكن تطبيقا صحيحا للديمقراطية المباشرة، وذلك لسبب هام يكمن في تقسيم مجتمع المدينة إلى ثلاث طبقات متميزة عن بعضها؛ وهي:

- الطبقة الحاكمة التي تتبوأ أعلى المراكز في دولة المدينة؛

-  طبقة الأجانب، وهم الذين يملكون صفة الاستقرار، وبالتالي ليست لهم حقوق سياسية؛

- طبقة العبيد ليست لها حقوق وتقوم بكل الأعمال[11].

هذا التقسيم القائم على المعيار الطبقي الذي جمع كل أشكال السلطة في يد الطبقة الحاكمة، يتنافى وروح الديمقراطية، مما جعل نظرة الشعب للديمقراطية الأثينية، نظرة حصرية وضيقة.

2-الديمقراطية عند الرومان

لقد كان عدد المواطنين الرومان حوالي مليوني سنة في سنة 28 ق.م، كلهم كانوا يشاركون في الانتخابات وفي صناعة القرارات، إلا أن وزن تصويت الأغنياء كان هو الغالب لارتباط المسألة بالقدرة على دفع الضرائب، وإن كان التصويت على القوانين وانعقاد الجمعيات مسبوقا بمناقشات صريحة ومداخلات حرة. فإن المشاركة في الحياة السياسية كانت بحكم الواقع ضئيلة، وبالتالي علميا كانت الأقلية هي التي تحكم المدينة الرومانية.

لقد سعت الجمهورية الرومانية إلى استعادة مبادئ الديمقراطية اليونانية مضيفة إليها إمكانية منح '' المواطنة'' إلى رجال لم يولدوا في روما؛ لكن الأمر يتعلق هنا بشبه ديمقراطية؛ فلنذكر صعود أرستقراطية وانتشار أوليغارشية. حيث تمسكت أقلية صغيرة بزمام السلطة[12]، لكن السمة المميزة للديمقراطية هي أن الشعب هو صاحب السلطة.

إن الإيمان الديمقراطي أصبح مترسخا بصورة عميقة جدا بحيث أصبحت الديمقراطية بالنسبة لمعظم الناس مرادفا لكل شيء صحيح (سياسيا) وأخلاقيا. الديمقراطية تعني الحرية (يحق التصويت للجمعي) والمساواة (كل صوت يحسب بصورة متساوية) والدالة (الكل متساوي) والوحدة (لنا نقرر سويا) والسلام (الديمقراطيات لا تبدأ حروب غير عادلة)، بطريقة التفكير هذه فالبديل الوحيد للديمقراطية هي الدكتاتورية، والدكتاتورية ، بالتأكيد تمثل كل شيء سيء؛ انعدام الحرية وعدم المساواة والحرب واللاعدالة[13].

ثانيا: القيم والمبادئ التي تنبني عليها الديمقراطية

لا يمكننا الحديث عن أي نظام ديمقراطي ما لم نجد أنه ينبني على أسس مثينة وقوية ومبادئ لابد منها حتى نبتعد عن النظم الديكتاتورية المستبدة، ولقد نبه الباحثون في علم السياسة إلى هذا الجانب المتعلق بقيم الديمقراطية في الثلاثينيات من القرن الماضي وكان ذلك مع وصول أدولف هتلر إلى السلطة في سنة 1933م، وذلك في أعقاب الحرب العالمية الأولى وهزيمة الإمبراطورية الألمانية، حيث فرضت الدول المنتصرة النظام الديمقراطي في ألمانيا، فيما كان يعرف باسم جمهورية فيمار، وثم إقرار دستور لها يماثل الدساتير الموجودة في الديمقراطيات الأوربية. ولكن التاريخ في ألمانيا، تحرك في اتجاه مخالف، فقد صوتت أغلبية الناخبين لمصلحة هتلر وحزبه الاشتراكي الوطني الذي كانت أفكاره منطلقا لسياسات العنصرية والاستعلائية والتوسعية التي نفدها بعد وصوله إلى الحكم وانقلابه على الديمقراطية، فحرق أنصاره مقر مبنى البرلمان، وألغوا الدستور وفرضوا نظام الحرب الواحد[14].

كان السؤال المتداول الذي فرضته تلك التحولات المجتمعية، و التطورات التي عرفتها باقي المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية على مستوى الفكر السياسي في تلك الفترة وهو: لماذا لم تنجح الديمقراطية في ألمانيا، ولماذا انتخب الشعب الألماني حزبا معاديا للديمقراطية؟ فكانت الإجابة المتاحة آنذاك تشير إلى غياب الديمقراطية.

وبدأ الباحثون والمهتمون في فحص العلاقة بين الدولة والمجتمع، وبين شكل نظام الحكم في بلد ما ونمط الثقافة السياسية السائدة فيه. وأنه يصعب فرض نظام ديمقراطي على مجتمع يفتقد هذه الصفة داخل مؤسساته الاجتماعية الأخرى مثل الأسرة والمدرسة والنقابة والمؤسسة الدينية (المسجد)، وبالتالي فإن النظام الديمقراطي الوليد، يظل هشا لا يمكن تأصيل جذوره في التربية الاجتماعية. كما أنه لا يمكن الجزم في مسألة الثقافة الديمقراطية وإن كان ذلك نسبيا إلا عبر ثلاثة مبادئ أساسية وجوهرية من وجهة نظرنا وهي: التعددية، والحرية ، والعدل.

1-التعددية

إن التعددية من الناحية الفلسفية، هي النظرية التي ترى أن الحقيقة تتكون من أكثر من عنصر مستقل (Indépendant élément)، أو أكثر من مضمون (Substance)، أو مبدأ (Principale) [15]، ومن هذا التعريف الأولي يبدو أن التعددية تتطلب قبول التنوع في العناصر والمضامين والمبادئ، بحيث يتمتع كل منها بالاستقلال، ولا يمتلك أحدها الحق أو القدرة على إلغاء أو نفي الآخر؛ فهو تنوع يقوم على أساس التكافؤ والندية.

إن الديمقراطية هي الوسيلة المثلى التي تعمل على إدارة التعدد والاختلاف في المجتمع بشكل سلمي، فسنة الاجتماع هي التنوع بين الأفراد و الجماعات في السمات الوراثية كاللون والسلالة والنوع، والسمات المكتسبة كأنماط المعيشة والتعليم والدخل والثروة، وهو ما يؤدي إلى اختلاف المصالح الاجتماعية والرؤى الفكرية[16]، لعل هذا التشكل والتنوع والاختلاف في بنية المجتمع حيث أن النظام الديمقراطي سيسمح لا محالة إلى أكبر عدد من الفاعلين الاجتماعيين بتنظيم أنفسهم والتعبير عن مصالحهم بشكل قانوني وسلمي.

تعود جذور التعددية السياسية  إلى أفكار المفكر الفرنسي ''أليكس دي توكفيل'' ''Alexies de Tocqueville'' (1805-1859) في كتابه '' الديمقراطية في أمريكا'' (Démocracy In America  )الذي أكد فيه على تعددية مراكز السلطة في المجتمع بين عدد كبير من المؤسسات والجماعات المستقلة كالأحزاب والهيئات المدنية والصحف [17]، والأمريكي آرثر بنتلي. (Bentley Arther F) (1870-1957) في كتابه '' عملية الحكومة'' (The Process of government) والذي قدم فيه إشارات قوية على أن الجماعات تمثل جوهر عملية الحكم والسياسة[18]، ومن خلال ذلك، نلاحظ أن أغلبية المفكرين الديمقراطيين يتفقون عموما على أن جوهر التعددية السياسية هو توفر مجموعة من القوى أو المتدخلين الفاعلين الذين يشكلون جوهر الحياة وعصب المناقشة السياسية، وتأتي في مقدمتها الأحزاب السياسية، أما في بعض الدول تمثل الجماعات الإثنية والمذهبية قوى سياسية ذات قيمة مهمة، وتتمتع تلك الهيئات الحكومية بصلاحيات واسعة ، وتتداول هذه القوى الحكم من خلال الانتخابات.

لا يختلف اثنان على أن مبدأ التعددية يأتي لتأكيد أهمية الفصل بين السلطات والتوازن بينها، في إشارة واضحة لعدم تركيز السلطة في هيأة أو مؤسسة واحدة حتى وإن أفرزتها صناديق الاقتراع.

وضرورة توزيعها بين أكثر من هيئة (كالسلطة التشريعية، والتنفيذية، والقضائية) بحيث لكل واحدة من هذه السلط حدودها ومجال اشتغالها، وتحد كل منها من سلطة الأخرى وتراقبها.

ثانيا: الحرية

يشير هذا المبدأ في مفهومه العميق، إلى التحرر من القيود، والانعتاق من الاستغلال والعبودية، والقدرة على التعبير بكل ارتياحية كما يعتقده الإنسان بالقول أو الفعل، وسهولة الاختيار بين البدائل المتاحة أمامه، وتستمد هذه القيمة أهميتها من أنها تضمن حق الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في التعبير عن معتقداتهم الفكرية والإيديولوجية وآرائهم المختلفة في كل القضايا العامة، السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية... وبالتالي المشاركة في تكوين الرأي العام، واحترام آراء الآخرين بغض النظر عن مصدرها أو عدد المؤيدين لها[19].

وترتكز قيمة الحرية باعتبارها قيمة إنسانية بامتياز على قيم فلسفية أعمق ، تتصل بطبيعة الإنسان وتكوينه، واحترام كرامته، وهي قيمة العقلانية (Rationalisme) ، والإيمان بقدرة الإنسان على الاختيار الرشيد والتمييز بين الصواب والخطأ، إذا ما أتيحت له البيانات والمعلومات الأساسية بشأن قضية ما، وأنه يتمكن من استخدام البديل الذي يحقق مصلحته ومصلحة المجتمع، وهذا هو الأساس الفلسفي لحق الإنسان في التصويت والاختيار بين بدائل في الانتخابات العامة، ويترتب على ذلك، أن ممارسة الفرد للحرية، هي تعبير عن إنسانيته، وأن الحريات الشخصية والعامة هي حقوق طبيعية يولد بها الإنسان ولا يستمدها من المجتمع أو الدولة، ومن ثم لا يحق لهما سلبه إياها[20]، لذلك يكون الأصل في الدول الديمقراطية، هو الإباحة في مجال الحريات الشخصية والعامة، ما لم تكن هناك قوانين تفيد استخدام تلك الحريات الشخصية والعامة، أو تنظيمها بشكل معين.

وتثير ممارسة الحرية عددا من الإشكاليات، أبرزها مضمون الحرية وما إذا كانت مجرد حق قانوني، أو أنها قدرة فعلية، فما جدوى حرية ينص القانون على استحقاق جميع المواطنين إياها، إذا كان أغلبهم يفتقد القدرات والمؤهلات والموارد اللازمة لممارستها؛ ذلك أن وجود '' الحرية من دون توافر ''القدرة'' يجعلها حقا نظريا بعيدا عن التطبيق.

إن حرية الشخص تنتهي عند النقطة التي تبدأ منها حرية شخص آخر، وأنه ليس من حق أحد ممارسة حريته على النحو الذي يعتدي فيه على حرية الآخرين، كما يمكن أن يبرز إشكالية العلاقة بين الأغلبية والأقلية ( أو الأقليات)، السياسية والدينية والإثنية، ويؤكد الفكر الديمقراطي حماية حقوق الأقليات وحرياتهم في إطار الالتزام بحقوق الإنسان التي تجد أساسها في الأديان والقانون الطبيعي، ثم تلك التي  قننت في المواثيق الدولية ابتداء من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى الاتفاقيات الخاصة بمناهضة كل أشكال التمييز بسبب اللون أو العقيدة أو النوع، فالديمقراطية تعبر عن لحظة انتقال تاريخي كشف عن حجم الممكن انجازه من طرف قوى التغيير من أجل تفكيك سلط الاستبداد وتقويض الة الديكتاتورية[21].

لكن من النماذج الأكثر غرابة والتي تجاوزت كل الحدود المسموح بها في مجال الحريات، خاصة وأن ذلك جاء من بعض المجتمعات المعروفة بالتحضر والديمقراطية والعدالة، إنها مسألة خادشة للأخلاق ومستفزة لكل مكونات العالم الإسلامي ويتعلق الأمر بنشر الصور الكاريكاتورية المسيئة لشخص الرسول (صل الله عليه وسلم) في هولندا وعدد من الدول الأوربية – من وجهة نظرهم- الحق في حرية التعبير والفكر.

وخلاصة لما تقدم، يبدو أن المشكلة تتعلق بحدود ممارسة الحرية، والعلاقة بين الحريات الفردية من ناحية والنظام العام من ناحية أخرى، وأنه في إطار المجتمع الديمقراطي تكون هذه الحدود غير جامدة، بل تتطور وتتغير ويتفق عليها في كل مرحلة من خلال الحوار والنقاش.

العدل:

ترمز قيمة العدل في جوهرها إلى ضمان تمتع الأفراد بحقوقهم وحرياتهم في إطار تكافؤ الفرص بحيث تكون الجدارة والاستحقاق هما أساس التمييز، بينهم فثقافة الديمقراطية تهدف إلى توسيع دائرة الحريات و الحقوق للإنسان، وفسح المجال أمام إمكاناته وقدراته المضمرة للتعبير عن ذاته وإبراز قدراته، لذلك كانت الديمقراطية منذ القدم وعبر مسار طويل دعوة الضعفاء والكثرة، وموضع قلق وحيرة من طرف النخب المتميزة التي توجست أن يؤدي توسيع إطار المشاركة يشكل هاجسا يهدد مصالحها والامتيازات التي تتمتع بها. ولهذا نجد أن المثن الدستوري المغربي ليوليوز 2011، يثير  مبادئ الديمقراطية الحداثية: الحرية كجوهر إنساني، والعدل كمبعث للأمان والاستقرار، والإدارة الشعبية كشرعية سياسية. وحقوق الإنسان كممارسة مدنية[22]؛

إن المتمعن لقيمة العدل ليستشعر في قرارات نفسه أن لها أبعادا متعددة، فهي في بعدها السياسي تشير إلى الإقرار بمبدأ المواطنة كمنطلق أساسي لنظام أي حكم ديمقراطي، فالمواطنة ركن من أركان الدولة الحديثة، ويكمله ركن اخر هو سيادة القانون[23]، والمواطنة هي هي ركيزة الدولة، وهي اللحمة المثينة التي تجمع مختلف مكونات الجماعة السياسية مع تنوع انتماءاتهم الدينية والإثنية، واعتبارهم جميعا متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات. أما في بعدها الاجتماعي، تشير إلى توفير الظروف الاجتماعية والاقتصادية المناسبة التي تمكن المواطنين من ممارسة الحرية والمشاركة السياسية[24].

وفي ختام الإحاطة بهذه القيمة، نجد أن العدل ظل دوما مطلبا إنسانيا ملحا، كما ظل قيمة جوهرية ثمينة، فإن جل المجتمعات، بغض النظر على السياسية والاقتصادية، تعرف أشكالا متعددة من عدم المساواة والتمييز في توزيع الثروات وباقي موارد القوة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، وإن كانت درجة عدم المساواة تختلف من بلد لآخر وفقا لسمات التباين الاجتماعي، والتكوين الطبقي، واختلاف القدرات الشخصية للأفراد.

وتأسيسا على ذلك فان العدل والحرية هما الدعامتان اللتان تتيحان للمواطنين أكبر قدر من الحرية والعدل معا بحكم الصلة الوثيقة بينهما[25]. ومن هنا يتضح جليا أنه لا يمكن تحقيق العدل دون الحرية، ولا يمكن ضمان الحرية دون  القبول بالتعددية.

إن نشر قيم الديمقراطية في مجتمعاتنا العربية، أو بالأحرى ثقافة الديمقراطية، تتطلب جهدا متصلا سواء في نظم الديمقراطيات الراسخة المتجدرة أو الديمقراطيات الناشئة الجديدة، لابد من توظيف مفهوم '' تعليم الديمقراطية'' من خلال الكتب المدرسية والممارسات التربوية وسائر أدوات التنشيط الاجتماعي[26].

ثالثا: أنماط الديمقراطية

1-الديمقراطية التمثيلية

من الناحية التاريخية ارتبطت ممارسة الديمقراطية بالمشاركة المباشرة للمواطنين في إدارة شؤونهم المحلية المتعلقة بمجال تواجدهم، أو الشؤون الوطنية العامة. وبتعبير جيمس ماديسون: الديمقراطية الكاملة هي نظام يجتمع فيه المواطنون ويديرون به أمورهم بأنفسهم[27].

كان أول تطور مهم هو ظهور مفهوم التمثيل السياسي political Representation ونظام الديمقراطية التمثيلية أو النيابية Representative Democracy، فمع ازدياد عدد السكان وتنوع قضايا الحكم وتعددها، اتضحت صعوبة تطبيق الديمقراطية المباشرة، وضرورة اختيار المواطنين ممثلين لهم لممارسة مهام التشريع. وأن التعبير عن إرادة الشعب يكون من خلال انتخاب نواب عنه يتولون ممارسة التشريع والحكم، فتم ترسيخ مبدأ الانتخاب و '' النظام النيابي'' باعتباره وسيلة لإسناد السلطة في النظام الديمقراطي، وفي الممارسة، وأبرزت خبرة تطور التمثيل النيابي في إنجلترا '' قاعدة الأغلبية'' Majority Rule بوصفها آلية لانتخاب أعضاء البرلمان، وانتقلت هذه الممارسة إلى الدول التي تأثرت بالنظام البريطاني في الاختيار بين المرشحين لعضوية البرلمان والمتنافسين في الانتخابات العامة، ولاتخاذ القرار داخل المجلس. ولذلك فنظام الأغلبية يعتبر نظاما منطقيا يعطي سلطة القرار لأكثرية أو أغلبية المشاركين في الانتخابات البرلمانية أو لأغلبية أعضاء البرلمان في حالة التشريع، وهو نظام واضح يخلو من التعقيدات والإجراءات الإدارية، ثم إنه نظام مرن يسمح بإضافة اشتراطات تضمن سلامة التمثيل الانتخابي أو القرار التشريعي. لكن هناك من يوجه نقدا أخلاقيا ومعنويا للديمقراطية التمثيلية ولمنطق الأغلبية يتصل بدلالة الأصوات التي لم تختر المرشح الفائز، فقد تكون نسبة هذه الأصوات تمثل أقلية إثنية مستضعفة أو فئة اجتماعية مهمشة، ففي هذه الحالة يصبح الأخذ بمبدأ الأكثرية أو الأغلبية العددية إهدارا لمضمون الديمقراطية الأخلاقي وقيمتها الأساسية كالتعددية والتسامح وقبول الآخرين، فقد تستبد الأكثرية/ الأغلبية برايها اعتداء على حقوق الأقليات، ويترتب على ذلك نشوء '' ديكتاتورية الأغلبية'' أو '' طغيان الأغلبية'' التي حذر منها توماس جيفرسون. لذلك برز الرأي بأن الديمقراطية ليست مجرد حكم الأكثرية أو الأغلبية فقط، وأنها قيمة أخلاقية سامية قبل أن تكون تنافسا للوصول إلى الحكم[28].

2-الديمقراطية الليبرالية

ارتبط النظام الديمقراطي في العصر الحديث بنمو الرأسمالية وقيم الليبرالية، وهو ما أدى إلى ذيوع تعبير الديمقراطية الليبرالية واعتبارها الشكل المعتمد للنظام الديمقراطي المعاصر. والحقيقة أن الديمقراطية الليبرالية التي تعتبر الأساس الفلسفي للديمقراطيات الغربية، هي تزاوج بين فلسفتين مختلفتين نشأتا تاريخيا في ظروف متباينة ولكل منهما جوهرها الخاص بها، هاتان الفلسفتان هما الديمقراطية والليبرالية[29].

إن جوهر الفكر الديمقراطي هو توسيع دائرة الحقوق بين البشير ، بحيث يتساوون في فرص الحياة من خلال المشاركة، أمام الليبرالية فقد تبلورت في القرن 17 و 18[30]، فبين حركة الإصلاح الديني الذي عرفته المجتمعات الأوربية، والثورة الفرنسية دك المفكرون الليبراليون أسس النظام الإقطاعي الذي ربط الامتياز بنبالة المولد وربط الحقوق بحيازة الأرض مؤكدين على العقد (Contrat) باعتباره أساسا لتنظيم العلاقات الاجتماعية، وأصبح الرأسمال هو المصدر الأكثر أهمية للثروة والتمايز، والربح هو الأساس الذي يقنن العلاقات الاقتصادية لحمايته، ودعت الليبرالية إلى إطلاق العنان لحريات الإنسان الاقتصادية وخصوصا الحق في الملكية.

يبدو أن التزاوج بين الليبرالية والديمقراطية لم يقدم النتائج المتوخاة، بل كان له مشاكله. أهما تعظيم المنافع الفردية، وأيضا تعظيم القدرات الفردية، كما أن النظام الرأسمالي جعل من تحقيقهما أمرا غير ممكن على المستوى العملي[31].

تعرضت الديمقراطية الليبرالية لانتقادات كبيرة، نظرا لأن النظام الليبرالي غير قادر على تعظيم منافع الأفراد وذلك على ضوء نمط توزيع الموارد والثروات في المجتمع الرأسمالي، حيث يوزع السوق المنافع وفق القدرة الاقتصادية للأفراد وحجم ما يسيطرون عليه من موارد، وليس وفقا لعملهم أو حاجاتهم. وهكذا يبدو أن هناك تمييز بين '' الحق والقدرة''، وقد أكد ذلك المفكر إيزاي برلين Isaiah berlin ،1909 – 1997 في دراسة له في نهاية الخمسينيات من القرن العشرين بعنوان '' مفهومان للحرية''، two concepts of liberty، والتي أشار فيها إلى أن العبرة في فهم الحرية لا تتوقف عند التعريفات الدستورية والقانونية أو على الإجراءات الخاصة بالممارسة. بل من الضروري إدخال عنصر القدرة على ممارسة تلك الحريات، إذ ما القيمة الفعلية لحرية ما إذا كان أغلب المواطنين لا يمتلكون القدرات لممارستها، فعلى سبيل المثال ما قيمة حرية التعبير، أو الكتابة في الصحف والمجلات في مجتمع أغلبيته من الأميين، ففي هذه الحالة تصبح الحرية حكرا على أقلية من الناس[32]

3: الديمقراطية النخبوية

كان للأحزاب السياسية الكبرى، وتنامي النقد، أو مناقشة المرتكزات الأساسية التي يقوم عليها النظام السياسي والاقتصادي، وأيضا تراجع مستوى الحوار والنقاش العام على الجوانب الفنية والتطبيقية للسياسات التي أدى إلى انخفاض درجة المشاركة السياسية في المجتمع، كلها عوامل كان لها تأثير مباشر على أداء نظام الديمقراطية الليبرالية، وهذا ما دفع جوزيف شومبيتر الذي اعتبر الديمقراطية آلية لتنظيم المنافسة بين النخب السياسية، وحذر من ازدياد التوقعات الشعبية في النظم الديمقراطية الشعبية ميدان العمل السياسي نظرا للاتجاهات السلطوية غير الديمقراطية التي تنتشر بين أفرادها، وسار في هذا الاتجاه روبرت داهل الذي أدرك هذا التطور ووصف الديمقراطية بأنها نوع من التراتبية Polyorchy [33]، على اعتبار أن ازدياد المشاركة الجماهيرية، إقامة نظرية نخبوية الديمقراطية Elitiste Theory [34]، تقوم على التقليص من أهمية الدور الذي تلعبه أغلبية الشعب في العملية السياسية.

وأن النخبة هي المسؤولة الأولى والقادرة على صنع القرارات التي تستدعي قدرا من الاستجابة للرغبات الشعبية، ومن جهة أخرى فإن الديمقراطية هي التسليم والقبول بتعدد النخب في المجتمع وحرية تكوينها والمنافسة المنظمة بينها للوصول إلى السلطة، أو هي حكم النخبة بواسطة انتخابات دورية،

والخلاصة، أن أفكار الديمقراطية النخبوية ركزت اهتمامها على الكيفية التي تعمل بها مؤسسات النظام بكفاءة وما الشروط والمقومات الضرورية لقيامها؟  وابتعدت بشكل كبير عن المفهوم التقليدي للديمقراطية الذي يضع قضية تطوير قدرات الإنسان وازدياد مشاركته السياسية في قلب الاهتمام، لأن الديمقراطية هي سلاح الطبقات الدنيا والمتوسطة في المجتمع، وهي أساس التنمية الاقتصادية والمالية، بل تحسين المستوى المعيشي للمواطنات والمواطنين وذلك بسبب مراعاة البعد الاجتماعي للنمو[35]. مما يفيد أن منافع النمو لم توزع توزيعا الثروات بطريقة سلمية وعادلة. قد تساهم في زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

4- الديمقراطية التوافقية

تعود جذور مفهوم الديمقراطية التوافقية consociationnal democracy إلى كل من جيرهارد ليمراخ الذي استخدم تعبير الديمقراطية المنسجمة والديمقراطية النسبية في دراسة صدرت له في 1967 عن صنع القرار في سويسرا والنمسا، والأستاذ فال لورين الذي درس الانقسامات الإثنية في بلجيكا وهولندا والنمسا وسويسرا، لكن يعود الإسهام الحقيقي في بلورة مفهوم الديمقراطية التوافقية إلى عالم السياسة الهولندي آرندليبهارت في كتابه '' الديمقراطية في مجتمع متعدد''، الصادر سنة 1977 والذي طرحه ليس فقط باعتباره تفسيرا لاستقرار النظم الديمقراطية في بعض الدول الأوربية، بل أيضا بوصفه أسلوبا لبناء الديمقراطية في المجتمعات المتنوعة سلاليا وإثنيا، فمن خلال دراسته أسباب الاستقرار السياسي في النمسا وبلجيكا وهولندا وصل ليبهارت الى أولوية الدور التوافقي للنخب السياسية للجماعات الاثنية والسلالية وانخراطها في أنشطة تهدف إلى التوافق والتقرير بين الجماعات[36]. وبالتالييبدو أن نظرية التوافق هي نظرية أوربية المنشأ، ونموذج تجربتي ومعياري في الوقت نفسه، فهي تستخدم بمثابة تفسير للاستقرار السياسي في عدد من الديمقراطيات الأوربية الصغرى، مثل النمسا وبلجيكا وهولندا وسويسرا، إن الديمقراطية التوافقية وإن لم تكن سوى مرحلة عابرة، في تطور هذه البلدان الأوربية الأربعة، إلا أنها ليست مجرد ظاهرة تستحق الانتباه لأهميتها التاريخية فحسب، فهي تمتلك أهميتها على الصعيد العالمي. وقد قدمت أمثلة ملموسة لقدرتها وصلاحيتها على أن تكون نظاما مستقرا وفعالا للحكم في المجتمعات التعددية[37].

وتقوم الديمقراطية التوافقية، على خمسة أسس هي على الشكل التالي:

1-تبني نظام التمثيل النسبي في تنظيم الانتخابات البرلمانية باعتبار أن التمثيل النسبي يضمن وصول الجماعات المختلفة إلى مقاعد البرلمان.

2- تقاسم السلطة وتوزيع المناصب السياسية الكبرى بين مختلف الجماعات؛ بحيث تكون ممثلة في المشاورات البرلمانية والحكومية وفي اتخاذ القرارات.

3- تشكيل حكومة ائتلافية تضمن مشاركة الأحزاب التي تمثل الجماعات الرئيسية في الحكم، فعادة ما يؤدي تطبيق هذا النظام إلى عدم وجود أغلبية لحزب واحد، الأمر الذي يستدعي بناء تحالفات بين الأحزاب في الانتخابات وعند تشكيل الحكومة.

4- تقنين حق الاعتراض أو التوقيف المتبادل، وذلك لوضع قيود على ممارسة السلطة ومنع الاستبداد بها؛ بحيث يكون لممثلي كل جهة حق الاعتراض على القرارات التي تؤثر في المصالح الأساسية، أي أن تكون القرارات بالإجماع.

5- إقرار درجة كبيرة من الإدارة الذاتية جماعة في شؤونها الداخلية بحيث تحكم كل جماعة نفسها وتدبر أمروها الخاصة بها.

وعلى هذا الأساس، فإن الديمقراطية التوافقية هي نظام الحكم الديمقراطي الذي يسمح بإدارة الصراع السياسي والاجتماعي في المجتمعات المنقسمة إثنيا وسلاليا بنحو سلمي، ويضع الأساس لنمو مشاعر الانتماء والولاء الوطني وقيم الثقافة الديمقراطية الوطنية.

5- الديمقراطية الرقمية

إن التطور الهائل والمتسارع الذي يعرفه العالم، والحركية المستمرة في الاكتشافات والاختراعات العلمية، ومع التقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وإقبال الشباب المتزايد عليها واعتبارها الآلية الرئيسية للتواصل الاجتماعي والتفاعل السياسي، برزت مصطلحات جديدة كالديمقراطية الرقمية أو الالكترونية، وديمقراطية الإنترنيت ، والتنشئة الإلكترونية، والأحزاب الإلكترونية، والمواطن الشبكي إلى غير ذلك من التعبيرات.

لقد سهل هذا التطور التكنولوجي في أداء النظام السياسي لوظائفه، وعلاقة المواطن بالدولة، وفي المفاهيم والممارسات السياسية، بشكل أيسر في عملية الاتصال السياسي وقدرة النخبة السياسية في التأثير على أعداد كبيرة من الناس والتواصل معهم بشكل جيد. فالسياسة – في أحد جوانبها – هي عملية اتصالية، ولأدوات الاتصال التأثير المباشر على جميع وظائف النظام السياسي كالتنشئة السياسية والتعبير عن المصالح وتجميعها، وعملية صنع السياسات والقرارات. وقد انعكس ذلك جوهريا وايجابيا على طبيعة الممارسة الحزبية التي وسمت سابقا بمختلف اشكال رد الفعل ضمن نسق مغلق[38]،وان فرض ذلك هواجس وخطورة انتشار وباء كورونا – كوفيد19- .

لقد عملت ثورة الاتصالات والمعلومات في ظل التطور الهائل للوسائل الإلكترونية التي يشهدها العالم اليوم، نقلة نوعية على مستوى مشاركة المواطنين بإبداء الرأي، والنقد، وتوجيه رسائل الامتعاض، ومناقشة كل القضايا السياسية دون خوف أو تردد، ويمكن القول إن وسائل الإعلام الجديدة غدت الآلية الرئيسية للاتصال السياسي في كثير من الدول، وأحد عناصر القوة الناعمة للأحزاب والحركات السياسية فيها[39].

ويتسم العالم الإلكتروني بعدد من المميزات التي تؤثر في الممارسة الديمقراطية مثل:

¿عالم الإتاحة الدائم: أي على مدار اليوم وطيلة الأسبوع،

¿ الحرية: فهو عالم دون قيود أو حدود أو ضوابط سياسية أو اجتماعية،

¿ الإخفاء: فهو عالم الهوية المجهولة ولكل رواده القدرة على التعبير عن آرائهم ومواقفهم من دون خوف أو حرج،

¿ المساواة: مجال تنعدم فيه السلطة المركزية، بل تتعدد المراكز وتتبدل،

¿ التفاعل: فهو عالم تفاعلي لا يمتلك فيه أحد الكلمة الأخيرة.

الاتساع واللامحدودية: عالم غير مقيد بحدود يسمح للمشاركين فيه بناء علاقات عابرة للدول والقوميات والثقافات والقارات.

هذه المميزات ساهمت في ظهور مفهوم الحرية الرقمية أو الإلكترونية وحقوق الإنسان الرقمية.

ويشير مفهوم الديمقراطية الرقمية (Digital democracy) إلى استخدام تكنولوجيا المعلومات الحديثة وأدوات الاتصال الرقمية لتوليد المعلومات المتعلقة بنشر الديمقراطية- ثقافة ومؤسسات وممارسة- وتجميعها وتصنيفها وتحليلها وبثها، و برز دور الاتصال الإلكتروني والميديا الجديدة في تنظيم الحملات الانتخابية وبناء الشبكات بين هيئات المجتمع المدني[40].

ولقد عرفت الانتخابات الأخيرة في المغرب- انتخابات 8 شتنبر 2021- استعمالا واسعا لوسائل التواصل الاجتماعي وللشبكة العنكبوتية، حيث سمحت الأحزاب السياسية في تقديم برامجها، وحملاتها الانتخابية والتواصل مع مناضليها وباقي المواطنين المغاربة من أجل المشاركة المكثفة والفعالة، وتقريب المتتبعين من الرؤى المستقبلية والاستشرافية لبناء مغرب الغد، والإسهام في التنمية ومواكبة المشروع التنموي الجديد.

6-الديمقراطية التشاورية Deliberative ot discursive democracy

إن جوهر مفهوم الديمقراطية التشاورية أو التشاركية أو التداولية[41]، هو إحياء مفهوم المناقشة والتفكير بين أعداد كبير من المواطنين حول القضايا العامة والجوهرية، وبالتالي فإن المبدأ الرئيسي في الديمقراطية هو '' المشاركة'' وليس '' التمثيل'' أي المشاركة المباشرة لنسبة كبيرة من المواطين في القضايا السياسية، ويقترب من هذا المعنى مفهوم الديمقراطية التشاركية participatory democracy الذي طرحته بعض الأدبيات[42].

ويمكن تلخيص أهم الأفكار المرتبطة بمفهوم الديمقراطية التشاورية في: عدم السيطرة، والمشاركة الواسعة، والمشاورات العامة، واستجابة السلطة المعنية للنتائج، ووجود أجهزة للدولة والمجتمع يحكم أمورها التشاور العام بين كل مكوناتها، ومنها يمكن القول أن الديمقراطية التشاورية تتضمن خمس خطوات أساسية وهي المعرفة، التشاور، المشاركة، التعاون، والتمكين[43]، ويرى أنصار الديمقراطية التشاورية أن النقاش العام يرتقي بالعملية الديمقراطية، لأنها تنطلق من أهمية تنظيم مناقشات عقلانية تستند إلى المعلومات Rational and informed deliberations، وتوفر انخراط الشركاء المعنيين والمستفيدين والمتأثرين بأحد الموضوعات المثارة على الرأي العام قبل تبني السياسة أو اتخاذ القرار بشأنها.

إن إشراك المواطنين في اتخاذ القرار العمومي والتأسيس للسياسات العمومية، يؤسس لدور فعلي وملموس للمجتمع المدني، باعتبار الديمقراطية التشاورية من أهم أركان الدولة، وأحد الدعامات القوية لبناء مؤسسات الدولة الحديثة ؛ مرتكزاتها المشاركة والتعددية، والحكامة الجيدة، وإرساء مجتمع متضامن، ولعل الفصل الأول من دستور المملكة أقرها صراحة، حيث أكد على أن '' النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة...''، كما حثت الفقرة الثانية من الفصل السادس، السلطات العمومية، على '' العمل على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين والمساواة بينهم ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، والاجتماعية[44]. وهذا ما يعكس بوضوح رغبة المشرع الدستوري في تجاوز احتكار الدولة لدور الفاعل والوحيد في رسم السياسات العمومية، وذلك باعتماد مقاربة تشاركية، هدفها الأسمى الاستماع لأصوات المواطنات والمواطنين، والانفتاح على كافة فعاليات المجتمع المدني.

 

خاتمة:

بالرغم من أننا اليوم نعيش أزمة للديمقراطية معترف بها بصورة واسعة، الا أنه لا يوجد نقد للنظام الديمقراطي نفسه ، لا يوجد احد ينتقد الديمقراطية بالمعنى الدقيق نظرا للمشاكل التي نمر منها خاصة – القادة السياسيون – سواء من اليسار أو اليمين أو الوسط، بل يعدوننا بأن يواجهوا مشاكلنا بمزيد من الديمقراطية، انهم يعدون الجميع بأنهم سينصتون للشعب ويضعون المصلحة العامة فوق مصالحهم الخاصة. يقسمون بأنهم سيقلصوا من البيروقراطية ويصبحوا أكثر شفافية ويقدمون خدمات أفضل. لكنهم لا يشككون في الرغبة في النظام الديمقراطي نفسه.

وخلاصة القول :"اذا كان هناك أي مرض تعاني منه الديمقراطية اليوم، فانه يمكن الشفاء منه فقط بمزيد من الديمقراطية".  

لائحة المراجع:

ناظم عبد الواحد الجسور، '' موسوعة السياسة''، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع – الطبعة الأول- بيروت 2004.

روبرت دال''، '' الديمقراطية ونفاذها''، ترجمة نمير عباس مظفر- دار الفارس للنشر والتوزيع- الأردن، 1995.

محمد زين الدين، '' القانون الدستوري والمؤسسات السياسية''، الطبعة الثانية، 2013، مطبعة النجاح البيضاء.

جورج سباين:'' تطور الفكر السياسي'' ترجمة حسن جلال العروسي- الكتاب الأول- دار المعارف القاهرة 1981.

علي الدين هلال، '' الانتقال إلى الديمقراطية'' ماذا يستفيد العرب من تجار بالآخرين؟ عالم المعرفة، العدد 479، دجنبر 2019.

عبد الله العروي: "مفهوم الحرية"، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1981م، وساري نسيبة، الحرية بين الحد والمطلق، دار الساقي، لندن، 1995م.

أسامة الزكاري،" الحوار العلماني الاسلامي بالمغرب.. بين ثقل اليقينيات واكراهات المرحلة"،مجلة رهانات، العدد 30،2014،

رضوان سليم، '' الثورة الديمقراطية'' منشورات الجدل، دار أبي رقاق للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 2013.

محمد الصاقوط ، "المواطنة والوطنية"، الموسوعة السياسية الصغيرة، الطبعة الاولى ، 2007.

محمد مهداوي، "المشاركة السياسية للمرأة المغربية وتمكينها من صناعة القرار السياسي" ، مجلة ابن خلدون للدراسات القانونية والقضائية، العدد الأول، الطبعة الأولى.

مصطفى محسن، '' التربية ومهام الانتقال الديمقراطي'' المستقبل العربي، العدد 249، أغسطس/ غشت 2003.



[1]- هذا هو التعبير المعتمد باللغة الانجليزية ، وان كانت هناك تعبيرات أخرى تستخدم للدلالة على المعنى نفسه مثل:

Endurance.Persistence.Survival.Perservence.Sustainability.Deepening.and Résilience cohésion  

[2]-Juan J ;Linz and Alfred Stepan."Problems of Democratic Transition and Consolidation". Southern Europe. South America; and Post-Communist Europe(Baltimore. Hohns Hopkins University Press. 1996). p.5.

[3]- منقول بتصرف من : نادر فرجاني، "هجرة الكفاءات والتنمية في الوطن العربي "، المستقبل العربي، السنة 8، العدد 80، (تشرين الأول/ أكتوبر 1985)، ص95.

[4]- فرنك كارستن، كارل بيكمان، ترجمة ، أنور عدنان، "ما وراء الديمقراطية"، ص.9.

[5]- David Held. Models of Democracy.(Cambridge.Polity Press.2006)

[6] - ناظم عبد الواحد الجسور، '' موسوعة السياسة''، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع – الطبعة الأول- بيروت 2004، ص:198.

[7] -V.PH, Ardant, '' Institutions politiques et droit constitutionnel'' op, cit, p:152.

[8] -V. bardât Léon '' politiqal idéologies'', p:48.

[9] - راجع '' روبرت دال''، '' الديمقراطية ونفاذها''، ترجمة نمير عباس مظفر- دار الفارس للنشر والتوزيع- الأردن، 1995،ص:17.

[10] -محمد زين الدين، '' القانون الدستوري والمؤسسات السياسية''، الطبعة الثانية، 2013، مطبعة النجاح البيضاء، ص:124.

[11] - راجع: جورج سباين:'' تطور الفكر السياسي'' ترجمة حسن جلال العروسي- الكتاب الأول- دار المعارف القاهرة 1981،ص:5.

[12] -V. Eric Keslassy, '' Démocratie et égalité '' Beral- paris 2003,P:11

[13] - فرانك كارتس، كارل بيكمان، '' ترجمة أنور عدنان''، ما وراء الديمقراطية''، ص:12.

[14] -- علي الدين هلال، '' الانتقال إلى الديمقراطية'' ماذا يستفيد العرب من تجار بالآخرين؟ عالم المعرفة، العدد 479، دجنبر 2019،ص:18.

[15] -إلى جانب التعددية تعرف الدراسات الفلسفية نظريات الواحدية Monisme و الثنائية Dualisme.

[16] - على الدين هلال، عالم المعرفة العدد 479، مرجع سابق،ص:20.

[17] -أنظر أليك سيس دي توكفيل (Alexis de Tocqueville) في كتابه '' الديمقراطية في أمريكا'' (Democracy In America) ، 1805-1859.

[18] - راجع آرثر بنتلي (Bentley Arther) في كتابه '' عملية الحكومة'' (The Process of Government)، (1870-1957).

[19] - عبد الله العروي: "مفهوم الحرية"، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1981م، وساري نسيبة، الحرية بين الحد والمطلق، دار الساقي، لندن، 1995م

[20] - بتصرف من علي الدين الدهان، '' الانتقال إلى الديمقراطية ماذا يستفيد العرب من تجار الآخرين؟''. عالم المعرفة، مرجع سابق، ص:22.

[21] - أسامة الزكاري،" الحوار العلماني الاسلامي بالمغرب.. بين ثقل اليقينيات واكراهات المرحلة"،مجلة رهانات، العدد 30،2014،ص.6.

[22] - رضوان سليم، '' الثورة الديمقراطية'' منشورات الجدل، دار أبي رقاق للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 2013، ص:195.

[23] - محمد الصاقوط ، "المواطنة والوطنية"، الموسوعة السياسية الصغيرة، الطبعة الاولى ، 2007، ص.3.

[24] - محمد مهداوي، "المشاركة السياسية للمرأة المغربية وتمكينها من صناعة القرار السياسي" ، مجلة ابن خلدون للدراسات القانونية والقضائية، العدد الأول، الطبعة الأولى،

[25] -Leslie Lipson, '' the philosophy of democracy'', journal of international Affaire, No.72 (1985), pp:11-15.

[26] -مصطفى محسن، '' التربية ومهام الانتقال الديمقراطي'' المستقبل العربي، العدد 249، أغسطس/ غشت 2003، ص:28-52، بتصرف.

[27] - جيمس ماديسون: الديمقراطية الكاملة هي التي يدير فيها المواطنون شؤونهم بأنفسهم نقلا عن، علي الدين هلال، عالم المعرفة، 2019، العدد 479،ص:168.

[28] - آلان تورن، '' ما هي الديمقراطية – حكم الأكثرية أم ضمانات الأقلية''، لندن، دار الساقي، 1998).

[29] - ترجمت الليبرالية إلى العربية بتعبير التحررية ولقبت بمذهب الحربين أو المذهب الحربي وفق تعبير أحمد لطفي السيد، يعتمد هذا الجزء على بحث بعنوان '' مفاهيم الديمقراطية في الفكر السياسي الحديث''، وسعيد الدين إبراهيم وآخرين، '' أزمة الديمقراطية في الوطن العربي''، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1984، ص: 35-49، بتصرف.

[30] - من أهم الكتب التي تناولت تاريخ الليبرالية، أنظر :

Horold laski, ''the Rise of European liberalisme: An Essay in Interpretation (London: Unwin Boksj, 1962: 1st edition in 1936): Charles Forcey, the cross roade of liberalisme (New york: Oxford University Press, 1961); C.P. Macpherson to lok (New York, Oxford University press 1962), and L.T Hobhause, Liberalism (New York: Oxford University press 1964).

[31] - C.P Macpherson, '' Domestic theory'', ( Oxford , Claaredon Press, 1973) PP.3-23.

[32] -- نقلا عن علي الدين هلال عالم المعرفة العدد 479.

Isaih Berlin, ''Twoconcepts of liberty (Oxford: Clarendon Press, 1973), PP.3-23.

[33] -Robert A. Dahl, Apreface to democratic Theory, (Chicago, University og chicago Press, 1996, PP.63-90.

 

34- محمد عبد الشفيع عيسى، '' الفقر والفقراء في الوطن العربي''، أوراق عربية: 35، شؤون اقتصادية؛ 9 (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربي 2012)، ص:15.

[36] - شادي عبد الوهاب: '' الديمقراطية التوافقية'' المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية، القاهرة، 2010م، ص:8-9،

وأنظر أيضا: وحيد عبد المجيد، '' مفهوم الديمقراطية التوافقية'' باللغة العربية، والنظام السياسي العراقي الجديد: "قراءة في نموذج الديمقراطية التوافقية، القاهرة" ، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، العدد 144، أكتوبر 2004، وأراند ليبهارت، '' الديمقراطية التوافقية في مجتمع متعدد''، ترجمة حسني زينة: (بغداد؛ الفرات للنشر والتوزيع 2006).

-رضوان زيادة، '' الديمقراطية التوافقية كمرحلة أولية في عملية التحول الديمقراطي في الوطن العربي''، المستقبل العربي، العدد 334، ديسمبر 2006، ص:83-114.

-رغيد الصلح، وجويل بطرس، الديمقراطية التوافقية''، ورقة خلفية للمؤتمر الثالث، '' الديمقراطية اللبنانية: تنافس أم توافق''، بيروت، مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية، 23 سبتمبر / شتنبر 2008.

[37] - شاكر الأنباري، '' الديمقراطية التوافقية'' مفهومها ونماذجها'' منتدى اقرأ الثقافي، معهد الدراسات الإستراتيجية، الطبعة الأولى 2007، بغداد-أربيل- بيروت،ص:8-9.

[38] - نور الجين التلمودي: "النظام الحزبي وتأثيره على الفعل السياسي المغربي "، مجلة مسالك ، العدد59/60، 2021، ص.26.

[39] - علي الدين هلال، مرجع سابقن ص:192.

[40] - جمال محمد غيطاس، '' الديمقراطية الرقمية''، منشورات دار النهضة، القاهرة 2006، ص:32. 38 بتصرف. وشريف أحمد سعيد، '' الإنترنيت وإمكانية الديمقراطية الرقمية في مصر'' رسالة ماجستير ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة،2010، ص،65-70، بتصرف.

[41] -أنظر في هذا المفهوم وتطوره:

James Bohman, ''Public democracy: pluralism, complexity and democracy'' (combridge, MTT press, 1996; Grlos sentiago Nire, '' The constitution of deliberative democracy: Aconcise and complet théory of deliberative democracy (New Haven: yale University press, 1998,

J.S Dryzek, '' Deliberative democracy and beyond'', University, press.2000), and T.Tamara (Ed), '' Talking politics ef dialogue and deliberations'', (Tokyo, Fukosha, 2010).

[42] - بينما يعتبر الباحثون الديمقراطية التشاورية مفهوما حديثا في التحليل السياسي والاجتماعي، فإنهم يرجعون مفهوم الديمقراطية التشاورية إلى أفكار جان جاك روسو و جون ستيوارت، هما اللذان أكدا العلاقة الوثيقة بين المشاركة والديمقراطية وينطلقون من ذلك إلى إبراز دور المشاركة في التاثير في عملية صنع القرار و متابعة تنفيذه، والتنشئة السياسية لجمهرة المواطنين وإكسابهم الثقة بالذات في مؤسسات الدولة، أضف إلى ذلك أن الديمقراطية التشاركية تسهم في إقامة المجتمع العادل من خلال إتاحة الفرص المتكافئة للمواطنين في المشاركة...

[43] -Antony Mc Grew, '' Models of Transnational democracy'', op. cit, pp.504-505.

[44] -أنظر الفصلين الأول والسادس من دستور المملكة المغربية لسنة 2011م.

إرسال تعليق

0 تعليقات