آخر الأخبار

Advertisement

المرأة المغربية وسؤال التمكين السياسي والاجتماعي - الدكتور الهومات ياسين، العدد 46 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


  المرأة المغربية وسؤال التمكين السياسي والاجتماعي - الدكتور الهومات ياسين، العدد 46 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


رابط تحميل المجلة التي تتضمن المقال بصيغتها الرقمية PDF الرابط أذناه:


https://www.allbahit.com/2022/08/46-2022-24.html



 

  الدكتور الهومات ياسين

      دكتور في الحقوق بكلية الحقوق جامعة القاضي

 عياض مراكش

   المرأة المغربية وسؤال التمكين السياسي والاجتماعي

Moroccan women and the question of political and social empowerment

 

الملخص :

لم يغب موضوع التمكين السياسي والاجتماعي للمرأة المغربية عن الخطابات والرسائل الملكية السامية منذ اعتلاء الملك محمد السادس لسدة الحكم بالمغرب، إذ كان لها في جل المناسبات حيز خاص من خلال قرارات وخطوات ومبادرات ملكية مختلفة، تهدف بالأساس إلى النهوض بوضعيتها، وتكريس مكانتها في المجتمع المغربي، ولا أدل على ذلك أكثر من الخطاب الملكي السامي ليوم 30 يوليوز 2022 بمناسبة الذكرى 23 لعيد العرش المجيد، والذي تضمن حوالي خمسة عشرة فقرة كانت كلها مخصصة للكلام عن المرأة، وعن ضرورة موازنتها مع حقوق الرجل كونها القاطرة التي ستدفع إلى مزيد من التقدم، داعيا، بصراحة، لضرورة فتح كل الأبواب والميادين للنساء المغربيات، باعتبارها وصفة لكل من يريد أن يعيش في مغرب متقدم يتمتع فيه الجميع بالكرامة، إذ لا كرامة لشعب تعيش المرأة فيه بدون كرامة أو بكرامة ناقصة. موصيا في نفس الوقت بضرورة تعديل مدونة الأسرة بعد مضي 18 سنة على وضعها، بغرض تجاوز كل معيقات التطبيق السليم لها والانحراف عن أهدافها، علما بأن هذا التمكين لا ينبغي أن يتم على حساب حقوق الرجل المغربي، بل لا مناص من أن يتم على قدم المساواة وفق ما تجيزه وتمنعه أحكام الشريعة الإسلامية.

ومن ثمة وجب التساؤل أساسا حول الخلاصات التي يمكن استخراجها من خلال تقييم التجربة المغربية، بعد كل المكتسبات والإنجازات التي تم تحقيقها، ولاسيما خلال العقدين الأخيرين من الزمن. وعليه، ما هي مداخل التمكين السياسي والاجتماعي للمرأة المغربية؟ وكيف يجب أن يتم الرقي بوضعية النساء بالمغرب؟ وما هي آفاق هذا الإصلاح ومعيقاته؟.

Résumé en français

La question de l'émancipation politique et sociale de la femme marocaine n'a pas été absente des discours et messages royaux depuis l'accession de Sa Majesté le Roi Mohammed VI au trône. Le plus souvent, elle a eu une place privilégiée à travers diverses décisions, démarches et initiatives royales visant, primordialement, la promotion de son statut et la consolidation de sa position dans la société marocaine.

C’est à ce fait, que le discours royal du 30 juillet 2022, à l'occasion du 23éme anniversaire de la glorieuse Fête du Trône a consacrée une quinzaine de paragraphes, a été consacrés à parler de ce sujet. En effet, le discours a insisté sur la nécessité de garantir aux femmes des droits égaux à ceux des hommes, puisque c'est le pilier, qui nous promeut vers l’avenir d’un État de Droit dans le vrai sens du mot. Il a appelé, par la suite, à la nécessité d'ouvrir toutes les portes et tous les champs à la femme marocaine, ce qui est une nécessité pour toutes celles qui veulent vivre dans un Maroc avancé où chacun jouit de la dignité, comme il n'y a pas de dignité pour un peuple où la femme vit sans dignité.

Par la même occasion, Sa Majesté a recommandé de modifier le Code de la famille après 18 ans de son existence, afin de surmonter tous les obstacles à sa bonne application, sachant que cette autonomisation ne doit pas être faite au détriment des Droits des hommes marocains, mais plutôt sur un pied d'égalité conformément à ce qui est permis et interdit par les dispositions de la jurisprudence (Charia) Islamique.

Dès lors, la question doit être posée principalement sur les conclusions qui peuvent être tirées de l'évaluation de l'expérience marocaine, après tous les acquis et les réalisations qui ont été obtenus, surtout au cours des deux dernières décennies. D’où les questions suivantes : Quels sont les résultats de l’évaluation de l’expérience Marocaine de l'émancipation politique et sociale de la femme marocaine ? Comment promouvoir le statut de la femme au Maroc ? Quelles sont les perspectives et les obstacles relatifs à cette réforme ?

Summary in English

The issue of the political and social emancipation of Moroccan women has not been absent from royal speeches and messages since the accession of His Majesty King Mohammed VI to power. Most often, the woman has had a privileged place through various decisions, steps, and royal initiatives aimed, primarily, at the promotion of her status and the consolidation of her position in Moroccan society.

It is for this reason that the royal speech of July 30, 2022, on the 23rd anniversary of the glorious Throne Day, which included about fifteen paragraphs, was devoted all to talking about this subject. Moreover, the speech insisted on the need to balance the rights of women with the rights of men, since it is the bending, which promotes us towards the future of a State of Law of the true meaning of the word. He then called for the need to open all the doors and fields to the Moroccan woman, which is a necessity for all those who want to live in an advanced Morocco where everyone enjoys dignity, as there is no dignity for a people where the woman lives without it.

At the same time, His Majesty has recommended that the Family Code be amended after 18 years of its existence, to overcome all obstacles to its proper implementation, knowing that this empowerment should not be at the expense of the rights of Moroccan men, but rather on an equal footing in accordance with what is permitted and prohibited by the provisions of Islamic jurisprudence (Sharia).

Therefore, the question must be asked mainly about the conclusions that can be drawn from the evaluation of the Moroccan experience, after all the gains and achievements that have been obtained, especially during the last two decades. Hence the following questions: What are the results of the evaluation of the Moroccan experience of political and social emancipation of Moroccan women? How to promote the status of women in Morocco? What are the perspectives and the ends of this reform?.

مقدمة:

يعتبر موضوع المرأة من المواضيع التي حظيت ولا تزال تحظى باهتمام متزايد من طرف مختلف مكونات المجتمع من فقهاء قانون وعلماء اجتماع ومنظمات وجمعيات نسائية، ويرجع هذا الاهتمام للأدوار الهامة التي تلعبها المرأة سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع. والاهتمام بهذا الموضوع ليس حديثا بل تعود إرهاصاته الأولى إلى العصور القديمة للبشرية، ولا سيما في ظل ما أرسته الديانات السماوية المختلفة من أحكام، ومن بينها الإسلام[1]، وما أعقبها من تطورات جذرية تمت ترجمتها على مستوى المنظومتين القانونية والمؤسساتية، على نحو أضحت معه قضية المرأة ذات أبعاد دولية شكلت محور اهتمامات المجتمع الدولي وموضوعا لعدة لقاءات ودراسات، كانت نابعة بالأساس من صلب اقتناع المجتمع الدولي بدورها الفعال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن إيمانه بضرورة حمايتها من التهميش والتمييز الذي كانت تعاني منه لآماد طويلة من الزمن، وهي الحماية التي لم تأتي دفعة واحدة بل كانت تتويجا لمجموعة من المبادرات على مختلف الأصعدة في سبيل توفير الرصيد الكافي من الإنصاف بما يضمن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل[2].

وتعززت مكانة المرأة بانبثاق مجموعة من المنظمات والهيئات سواء الحكومية أو غير الحكومية، كان على رأسها منظمة الأمم المتحدة التي عملت على خلق مجموعة من المبادئ والآليات المشكلة للأرضية الأساسية لكل الاستراتيجيات والسياسات الأممية في هذا المجال، كما دعت إلى عقد العديد من المؤتمرات وتنظيم مختلف الندوات ونشر الدراسات عن وضعية المرأة على الصعيد الدولي، وضمن مكونات أجهزة هيئة الأمم المتحدة، قامت الجمعية العامة بإصدار مجموعة من القرارات والاتفاقيات الخاصة ذات الصلة المباشرة بحقوق المرأة والرامية لتحسين أوضاعها.

أما على الصعيد الوطني، فقد ساهم في بلورة هذا الاهتمام وتطوره تجند كافة الفعاليات الوطنية، الحكومية منها وغير الحكومية، من أجل تحسين الأوضاع المرتبطة بالمرأة في مختلف الميادين وتكريس مساواتها بالرجل في كافة المجالات والحقوق والعمل على الارتقاء بأوضاعها السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية [3]. على الرغم من مختلف الإكراهات والمعيقات المطروحة والتي تحول دون نيل المرأة المغربية لحقوقها بالكامل، بدليل التمييز الذي ما زال يطالها في العديد من الميادين، حيث أصبح على المغرب أن يبحث عن السبل الكفيلة لكي تنال هذه الفئة كامل حقوقها، سعيا في ذلك لتمكين النساء سياسيا واجتماعيا بغرض تجاوز مختلف الإكراهات التي تعيق الرقي بمقاربة النوع بالمغرب. وعلى هذا الأساس ينبغي التساؤل أساسا حول إشكالية: التمكين السياسي والاجتماعي للمرأة المغربية بين الواقع والطموحات، وهي الإشكالية التي تطرح مجموعة من الأسئلة الفرعية من قبيل:

·   إلى أي حد تتماهى التشريعات والسياسات العمومية المغربية مع ما هو مقرر للنساء من حقوق على المستوى الدولي؟ وكيف يمكن تقييم المجهودات المغربية في مجال الإقرار بهذه الحقوق؟

·   ماهي العراقيل والصعوبات التي تواجه مساعي تمكين المرأة المغربية؟ وما هي الحلول والبدائل التي يجب الأخذ بها للنهوض بحقوق المرأة؟

أولا: حقوق المرأة المغربية بين الشرعة الدولية والتشريع الوطني

علاوة على التشريعات العامة المتعلقة بحقوق النساء على المستوى الدولي، جاءت المواثيق الدولية الخاصة بمجموعة من الحقوق الهامة التي تشكل إلى حدود اليوم كنه المنظومة القانونية والمؤسساتية العالمية، والتي انبثقت أساسا من مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات والمؤتمرات الدولية، من أهمها:

·   الاتفاقية المتعلقة بالحقوق السياسية للمرأة : تم إقرارها من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1952 ودخلت حيز التنفيذ في 1954، وتهدف إلى منح وحماية حقوق المرأة على أساس عالمي، وتؤكد الاتفاقية على ثلاث حقوق أساسية، حق الانتخاب في جميع الانتخابات الرسمية، حق تولي المناصب العامة، حق ممارسة الوظائف العامة [4].

·   اتفاقية جنسية المرأة المتزوجة: أنشئت بقرار للجمعية العامة للأمم المتحدة في 1956 واعتمدت في 1957، وتنص على أنه لا يمكن تغيير جنسية المرأة تلقائيا بإبرام عقد الزواج أو بإلغائه أو بتغيير جنسية الزوج أثناء الزواج، والغرض من هذه الاتفاقية هو تحقيق مبدأ المساواة بين الجنسين في مسألة المرأة المتزوجة[5].

·   اتفاقية الرضا بالزواج والحد الأدنى لسن الزواج: أقرتها الجمعية العامة في 7 نونبر 1962 وهي تؤكد على حرية الإختيار في الزواج والقضاء على زواج الأطفال، وكذلك ضرورة إنشاء سجل لتدوين حالات الزواج.

·   اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة: أبرمت هذه الاتفاقية في بكين سنة 1979 برعاية الجمعية العامة والتي دخلت حيز التنفيذ 1981، وتعتبر هذه الاتفاقية على درجة كبيرة من التطور نحو تحسين وضعية المرأة، وقد أكدت على مبدأ عدم جواز التمييز أيا كان أساسه، وتناولت العديد من الحقوق منها ما هو سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي.

·   مؤتمر مكسيكو سيتي لسنة 1975: في الفترة ما بين 1976- 1985 أكدت الأمم المتحدة على أن هذه الفترة يجب أن تكون كافية لتحقيق الأهداف الثلاث المتمثلة في المساواة والتنمية والسلم، والذي أقر بالمساواة بين المرأة والرجل في المجال القانوني، وأيضا على مستوى الحقوق والواجبات، ذلك من خلال إشراك المرأة في التنمية، ومشاركتها في مراكز صنع القرار على جميع المستويات. كما فسر المؤتمر التنمية على أنها التنمية الكاملة بما في ذلك الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وغيرها من أبعاد الحياة الإنسانية[6].

·   مؤتمر كوبنهاكن سنة 1980 : لقد استعرض هذا المؤتمر التقدم المحرز في تنفيذ توصيات مؤتمر مكسيكو سيتي بعد مرور خمس سنوات، كما طالب جميع الدول المنظمة إلى الأمم المتحدة على التوقيع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وكذلك تحسين فرص حصول المرأة على التعليم وخدمات الصحة [7].

·   مؤتمر نيروبي 1985: عقد هذا المؤتمر بمدينة نيروبي بكينيا، ومن خلاله تم استعراض المنجزات التي تم تحقيقها ودراسة جميع العوائق التي حالت دون تنفيذ كل الخطط والأهداف التي وضعت من قبل. وصدر عن هذا المؤتمر ما سمي بـ: "استراتيجيات نيروبي التطلعية للنهوض بالمرأة حتى عام 2000"، والتي دعت إلى إنشاء آليات وطنية لمتابعة تنفيذ مسار الاستراتيجيات وأهدافها.

·   مؤتمر بكين 1995: تم الإقرار بالحقيقة القائلة بأنه بعد عشر سنوات من مؤتمر نيروبي لا تزال مشاكل المرأة في مجملها تنتظر الحلول، بالرغم مما شهده العالم من تغييرات من نيروبي 1985 إلى بكين 1995 خصوصا في مجال العلاقات الدولية، ونتيجة لثورة الاتصالات الحديثة مما يهيئ للمرأة فرصا للمشاركة في ميدان الاتصالات ونشر المعلومات المتعلقة بشؤونها.  وقد بينت الإحصائيات المعتمدة عشية الاحتفال بالسنة الدولية للأسرة عام 1994 أن ربع الأسر في العالم ترأسها النساء، عدا مساهمة المرأة في تحسين معيشة الأسرة. لذا حدد منهاج عمل بكين مجالات الاهتمام الحاسمة بشؤون المرأة باثني عشر (12) مجالا وحدد لها أهدافا استراتيجية تسهل مهمة تنفيذها، ومنها مثلا : عبء الفقر على المرأة وعدم المساواة في الخدمات الصحية والقضاء على العنف الموجه للمرأة بأنواعه وعدم المساواة في الهياكل السياسية والاقتصادية.

أما على المستوى الوطني، فقد صادق المغرب على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سنة 1993، واكب هذا التصديق مجموعة من التحفظات والتصريحات التالية:

·   تصريحات تهم المادة 2 والفقرة الرابعة من المادة 15، بحيث يلتزم المغرب بتنفيذها شرط ألا تخل على الخصوص بالمقتضيات الدستورية التي تنظم توارث العرش بالمملكة، وألا تكون منافية لأحكام الشريعة الإسلامية؛

·   تحفظات تهم الفقرة الثانية من المادة 9 والمادة 16 والتي تتعلق على التوالي بتنفيذ قانون الجنسية المغربية الذي لا يسمح بأن يحمل الولد جنسية أمه، وكذا تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية التي تحكم قانون الأحوال الشخصية، وخصوصا منها ما يتعلق بتساوي الرجل والمرأة في الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه؛

·   التحفظ على المادة 29 بشأن اللجوء إلى التحكيم لحل الخلافات الناجمة عن تأويل أو تطبيق الإتفاقية.

وتزامنا مع الاحتفال بالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان أعلن الملك محمد السادس في الرسالة التي وجهها إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان  في 10 دجنبر 2008 سحب بعض التحفظات المسجلة بشأن الإتفاقية موضحا بأن هذه التحفظات أصبحت متجاوزة، بفعل التشريعات المتقدمة التي سنها المغرب[8]. ولو أن هذه التحفظات لم ترفع بشكل رسمي حتى 2 غشت 2011 عبر إعلان رسمي مقتضب في الجريدة الرسمية، وهي الخطوة التي كانت حاسمة في مسار حقوق المرأة المغربية، بعد أيام قليلة من دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ الذي أقر سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية حيث نص في الديباجة على جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة وهويته الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلب تلك المصادقة. وهذا إن دل فإنه يدل على الإرادة الفعلية للمغرب لملاءمة التشريعات الوطنية بالاتفاقيات الدولية وتعزيز حقوق المرأة داخل الترسانة الوطنية.

من هذا المنطلق، يلاحظ أن المغرب استطاع، من خلال السنوات التي تلت مصادقته على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، تحقيق طفرة جد نوعية في ملائمة المرجعية القانونية الوطنية مع التزاماته الدولية في مجال حقوق المرأة، وبالذات بعد المبادرة التي اتخذها برفعه للتحفظات على مجموعة من المواد في الاتفاقية، والتي تعتبر إشارة قوية على الرغبة في استمرار العمل في أفق استكمال الملاءمة التامة للقوانين المنظمة للوضعية القانونية للمرأة مع الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق المرأة[9].

وباستقراء مجموعة من التشريعات الوطنية بالمغرب، يبدو أن المسار نحو التمكين السياسي والاجتماعي للمرأة، يجد له بعض المداخل الهامة نحو تحسين الوضعية الراهنة، ومن ذلك أن أسمى قانون بالمملكة يتحدث عن عدة مقتضيات دستورية هامة، لا يمكن إلا اعتبارها ذات وقع إيجابي على حقوق النساء المغربيات، فالدستور الحالي ينص على المساواة بين المرأة والرجل باعتبارها مبدأ مؤسسا لدولة الحق والقانون وهي خطوة كبيرة في اتجاه تعزيز حقوق المرأة في جميع المجالات، حيث لم يكتف بذكر المساواة فقط، وإنما تطرق إلى ذكر هيئة لضمان تنفيذها، حين نص في الفصل 19 على أن الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في الدستور وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها. وعلى أن الدولة تسعى إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجل والمرأة وتحدث لهذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة أشكال التمييز.

ومنه جاء الفصل 32 لينص على إحداث مجلس استشاري للأسرة والطفولة، لتدبير قضايا المرأة والأسرة في سياق التفاعلات التي تصاعدت وتيرتها خلال العقد الأخير وفي سياق رسم عدد من المحددات الدستورية التي ستؤطر قضايا المرأة، إذ نص الدستور على أن الأسرة هي تلك الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي، وهي الخلية الأساسية للمجتمع.

واستكمالا لهذه المقتضيات الدستورية الهامة، ورغبة في النهوض بوضعية المرأة على مستوى باقي التشريعات الأخرى، بدل المغرب مجموعة من المجهودات القانونية والمؤسساتية الرامية أساسا للتمكين السياسي والاجتماعي للنساء، وفي هذا الصدد أقدم المشرع المغربي على اختلاف درجاته ومسؤولياته، بتبني مجموعة كبيرة من التعديلات همت مجالات شتى أهمها: الأسرة والسياسة والتجارة، والشغل والجنسية والزواج والطلاق.

وقد كان صدور مدونة الأسرة سنة 2004 برهانا حقيقيا على مدى جدية الخطوات المتخذة في مجال حقوق المرأة، عبر تكريس مبدأ المساواة بين الزوجين خلال الحياة الزوجية في إطار من التكامل والمعاشرة بالمعروف. إذ انصبت هذه المساواة على توحيد سن الزواج بالنسبة للرجل والمرأة في 18 سنة، فالمادة 19 تنص بصريح العبارة على أنه: "تكتمل أهلية الزواج بإتمام الفتى والفتاة المتمتعين بقواهما العقلية ثمانية عشرة سنة شمسية". وهو نفس الإجراء الذي هم السن القانوني المشروط في البنت أو الولد المحضونين لاختيار الحاضن، والمحدد في 15 سنة[10].

كما عملت مدونة الأسرة على صيانة حقوق المرأة على المساواة في إبرام عقد الزواج وكذا اكتساب الأهلية، انسجاما مع حرية الرضا ومبدأ الإيجاب والقبول، حين ألغت الولاية على الفتاة الراشدة وأعطتها الحق في ممارستها حسب اختيارها ومصلحتها، فلا يتصور إجبار المرأة على الزواج بغير ما ارتضته بالمعروف، وفق ما هو منصوص عليه بموجب المادة 51 من حقوق وواجبات متبادلة بين الطرفين حتى فيما يتعلق بالذمة المالية لكليهما، بغية تفادي أي مشكل يثور بين الزوجين في المستقبل حول نصيب كل واحد منهما في الثروة التي يكتسبانها خلال حياتهما الزوجية، حيث تنص المادة 49 على القواعد التي تحكم هذه العلاقة درءا لكل نزاع محتمل "لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر "[11].

ومن القضايا التي كانت مثار جدال بين مختلف الفاعلين في المجتمع، قضية إنهاء الرابطة الزوجية. ففي مقابل الطلاق الذي يحوزه الزوج، وسع المشرع من حق المرأة في طلب التطليق، هكذا تستطيع الزوجة طلب التطليق في الحالات التالية: الضرر، عدم الانفاق، الغيبة والعيب والإيلاء، والهجرة، والإخلال بأحد الشروط الإتفاقية في العقد، فضلا عن الطلاق الإتفاقي والخلع والتمليك. ولربما هي المقتضيات التي أصبحت في حاجة لإعادة النظر حاليا، خاصة في ظل الحديث في الآونة الأخيرة على ضرورة تعديل هذا النص القانوني  الهام، تداركا لما به من نقائص وعيوب أبانت عنها التجربة والممارسة العملية بعد مضي حوالي 18 سنة[12].

أما بالنسبة للمنظومة الجنائية المغربية، فإن مجمل التعديلات التي تضمنتها مسودة القانون الجنائي الجديد بالمغرب، تصب غالبيتها في رفع التمييز وحماية حقوق المرأة من أي انتهاك، ومن ذلك أنه جرى تجريم التمييز على أساس الجنس وعلى أسس أخرى كالعرق والأصل والدين، وتجريم كل أنواع العنف المرتكب بما فيها الاعتداء والتحرش الجنسي حسب الفصل 503، واستغلال النساء في الدعارة والسياحة الجنسية حسب الفصل 501، إضافة لعدم انتهاك حرمتهن أثناء إجراء التفتيش الجسدي، وتفتيشهن من قبل امرأة. كما جرى إعفاء المرأة من إذن المحكمة الذي كان مفروضا عليها بنص الفصل 336 من قانون المسطرة الجنائية القديم، إذا أرادت أن تنتصب كمطالبة بالحق المدني في مواجهتها لزوجها، علاوة على إعفاء الأطباء ومساعديهم من إلزامية السر المهني للتبليغ عن أي عنف في مواجهة المرأة أو الطفل يصل إلى علمهم حسب منطوق الفصل 446، هذا إلى جانب المقتضيات الموجودة في النص الحالي والتي من أبرزها، الجنايات والجنح المرتبطة بالعنف ضد النساء، وضد الزوجة المنصوص عليها في الفصل 404، والمقتضيات الخاصة بإهمال الأسرة في الفصل 478[13].

وعلى مستوى قانون الجنسية، فقد تمت صياغة الإرادة الرسمية في المساواة بين الأب والأم في نقل الجنسية إلى الأبناء في مشروع قانون رقم 62 لسنة 2006 وهو المشروع الذي تمت المصادقة عليه وصدر الأمر بتنفيذه بموجب الظهير رقم 1.07.08 المؤرخ بتاريخ 23 مارس 2007 [14]. وقد ارتكزت مقتضيات هذا القانون على أبعاد حضارية وإنسانية، من خلال التأكيد على الإرادة الحقيقية لإعمال حقوق الإنسان في مفهومها الشامل المبني على مبدأ المساواة وصيانة الهوية المغربية الأصيلة والتشبث بثوابتها ومقدستها باعتبار أن الجنسية، أولا وقبل كل شيء، رمزا للهوية المغربية، في التزام تام بما تنص عليه المواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في بعدها الشمولي والإنساني[15]. ومنه يكون هذا القانون قد أنهى التمييز الذي طال المرأة المغربية بخصوص حقها في نقل الجنسية لأبنائها وجاء نص التعديل على الشكل التالي: "يعتبر مغربيا الطفل المولود من أب مغربي وأم مغربية ".

أما على مستوى مدونة الشغل، فإنها جاءت لتشير، ولأول مرة في تاريخ تشريع الشغل المغربي، صراحة، عن إنهاء التمييز الذي كانت تعاني منه النساء العاملات فيما قبل، وجاء القسم الثالث من المادة 9 بصيغة منع التمييز فيما يخص إبرام عقد الشغل، حين نصت على ما يلي: "يمنع كل تمييز بين الأجراء"، وهو المقتضى الذي بموجبه أصبح للمرأة الحق في إبرام عقد الشغل بكل حرية. وقد ركزت المدونة على مبدأ عدم التمييز لتحقيق أساس تكافؤ الفرص في مواد أخرى أهمها المادة 478 جاءت تحت اسم: "الوساطة في الاستخدام وتشغيل الأجراء"، ومكررة بذلك أحكام المادة 9 التي نصت على ما يلي: "يمنع على وكالات التشغيل الخصوصية كل تمييز يقوم على أساس العرف أو اللون أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو الأصل الوطني أو الأصل الاجتماعي من شأنه المس بمبدأ تكافؤ الفرص والمعاملة في ميدان الشغل".

كما تطرقت نفس المدونة في المادة 346 صراحة لمنع كل تمييز في الأجر بين الرجل والمرأة، حين نصت على منع كل تمييز في الأجر بين الجنسين، إذا تساوت قيمة الشغل الذي يؤديانه. وهو المقتضى الذي يجد سنده في مختلف الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي أصبحت بفعل ذلك جزأ لا يتجزأ من تشريعه الداخلي. ينضاف إلى ذلك ما تم إقراره في مجال حماية الأمومة، تم رفع رخصة الولادة إلى 14 أسبوعا حسب مقتضيات المادة 158، علاوة على حق توقيف سريان عقد الشغل، وتمديد فترة الغياب لما بعد 14 أسبوعا إلى 22 أسبوعا، كحد أقصى إذا كان سبب تمديد الغياب راجع لمرض نابع عن الحمل أو الولادة، كما تتمتع المرأة الأجيرة على مدى 12 شهرا باستراحة خاصة لإرضاع مولودها لمدة نصف ساعة في صباحا و نصف ساعة ظهرا، يؤدى عنها الأجر[16].

في هذا السياق وتفعيلا للاتفاقية الدولية رقم 183 بشأن مراجعة اتفاقية حماية الأمومة المعتمدة من قبل المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية، التي صادق عليها المغرب وتم نشرها بالجريدة الرسمية عدد: 6098 بتاريخ 8 نونبر 2018، التي تنص في الفقرة الأولى من المادة العاشرة المتعلقة بالأمهات المرضعات، أصدرت وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، المنشور رقم: 01/2018 بتاريخ: 07 غشت 2018 يقضي بالسماح للموظفات بالإدارة العمومية من الاستفادة من فترة أو فترات توقف يومية أو على تخفيض ساعات العمل اليومية لإرضاع طفلها رضاعة طبيعية.

وقد حددت الوزارة مدة رخصة الرضاعة ساعة واحدة في اليوم لمدة 18 شهرا، ابتداء من تاريخ استنفاذ رخصة الولادة المحددة في 14 أسبوعا بالنسبة للمرأة الموظفة والمتعاقدة والمستخدمة، مع مراعاة خصوصية كل قطاع فيما يخص مواقيت العمل[17].

ويبقى كنه الحديث بعد ما سبق قيله، أن مسؤولية النهوض بأوضاع النساء أصبحت اليوم مسؤولية مشتركة، بين الهيآت الرسمية المكلفة بأوضاع المرأة من جهة، والجمعيات النسائية خاصة والمجتمع المدني بصفة عامة من جهة ثانية، كما تعتبر كل المبادرات التشريعية والإجرائية التي اعتمدها المغرب من أجل الرقي بأوضاع النساء خطوات إيجابية على مستوى مسار الملائمة، غير أن الإقرار الفعلي بحقوق المرأة كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، يجعلها ترتبط بالمسار العام لبناء دولة الحق والقانون، والتي يعد من أهم عناصرها تعزيز الحماية الدستورية لحقوق الإنسان بصفة عامة، والمساواة بين الرجال والنساء في الحقوق السياسية والمدنية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بصفة خاصة، وهذا ما تم تكريسه دستوريا بالتنصيص على سمو القانون الدولي لحقوق الإنسان على القوانين الوطنية.

وبصرف النظر عن كل ما سبق ذكره من مجهودات في مجال النهوض بوضعية المرأة المغربية تشريعا وممارسة، فلا بد من الإشارة إلى أن النصوص القانونية تبقى دائما في حاجة إلى مزيد من الفعالية والتطبيق، نظرا لما تشهده الوضعية الحقوقية للنساء بالمغرب من ظواهر سلبية مختلفة، من شأنها أن تفرغ كافة الجهود المبذولة من محتواها. هنا لا بد من التنبيه إلى ما تعانيه النساء العاملات في المصانع من ظروف عمل قاسية تحرمهن في أغلب الحالات من بعض الحقوق الطبيعية، كحق الأمومة وحق الرضاعة، بل وأحيانا حتى الحق في النوم والأكل والراحة، إضافة إلى التمييز والتهميش الذي تتعرضن له في ميادين عديدة من غير الشغل، خاصة حين يكن عرضة للتعنيف أو ضحايا الاعتداءات الجنسية والجسدية والمعنوية. ويبقى التساؤل دوما مطروحا حول آفاق حقوق المرأة المغربية على ضوء ما تم تحصيله إلى حدود الآن. فكيف هي حصيلة هذه الحقوق وما هي آفاق النهوض بها؟[18]


 

ثانيا: آفاق حقوق المرأة بالمغرب بين اختلالات المشهد ومساعي الإصلاح

إن ما تم تحقيقه من مكتسبات مغربية على المستويين التشريعي والمؤسساتي، لا يمكن أن يستقيم إلا إذا ما توافرت إرادة تفعيل ما تم إقراره والتصريح به عبر وضع آليات تفعيل تراعي جوهر وروح ما تم التنصيص عليه في الدستور المغربي لسنة: 2011، خاصة على مستوى مبدأ المساواة بين الجنسين من جهة، ومن جهة أخرى بالانتقال إلى تبني مقاربات وأدوات تساعد من خلال إدماجها في البرامج والمشاريع التنموية على تحقيق تكافؤ الفرص بين النساء والرجال للاستفادة من ثمار هذه المجهودات، الشيء الذي سيساهم في إتاحة إمكانية التمتع بكافة الحقوق كما هي منصوص عليها في قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان.

إلا أن ما يمكن الإشارة إليه كمقترحات بالنسبة لتحسين وضعية حقوق المرأة بالمغرب أكثر فأكثر، يتعلق بمستويات عديدة يتداخل فيها ما هو مؤسساتي مع ما هو قانوني، سواء من وجهة سياسية أو اجتماعية. فعلى مستوى المنظومة القانونية، يبقى من الهام وضع آلية مؤسساتية وطنية لتنسيق كافة التدخلات الحكومية في مجال النهوض بوضعية المرأة، مع تقوية اختصاصات السلطات الحكومية والقضائية المعنية وتمتيعها بالاستقلالية وتوفير الموارد البشرية والمالية اللازمة لاشتغالها، وتوحيد الاستراتيجيات الوطنية في مجال مناهضة العنف ضد النساء وتأهيلهن. وهو ما يقتضي ضرورة إعادة النظر في جملة من القوانين التي تعنى بالمرأة بصفة عامة، سواء كانت ذات طابع زجري أو ذات طابع تنموي.

وباستقراء الجوانب التي أغفلها قانون مكافحة العنف ضد النساء، والتي ما يزال المجال مفتوحا لتداركها من خلال ورش إصلاح القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية وعدة تشريعات أخرى، أن تعريف الاغتصاب الوارد حاليا في القانون الجنائي أصبح متجاوزا لأن المعايير الدولية تفرض ضرورة أن يكون شاملا دون تحديد للنوع الاجتماعي، ومتضمنا لجميع أشكال الاعتداء الجنسي بالإكراه على أي جزء من جسد الضحية، بما في ذلك الإيلاج باستخدام أدوات، وأن يشمل أيضا الاغتصاب الزوجي، كما ينبغي إعادة النظر في المقتضيات المتعلقة بجريمة هتك العرض باستعمال العنف التي يبقى وصفها غير دقيق وواسع يتنافى مع مبدأ الشرعية الجنائية، الذي يفرض ضرورة التفسير الضيق للنص الجنائي، خاصة وأن جريمة هتك العرض في التشريع الحالي تتراوح بين مجرد القبلة والعلاقة الجنسية الكاملة التي تتم دون الإيلاج المهبلي.

ومن المقترحات كذلك، تظهر أهمية إلزامية التحقيق في جرائم العنف ضد المرأة، وتمديد نطاق قانون حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين[19]، ليشمل جرائم العنف ضد النساء، وإدراج مقتضى يقضي بتمتيع الضحايا والناجيات من العنف بالمساعدة القضائية بقوة القانون، بما في ذلك الحق في تنصيب محامي ومجانية مصاريف الدعوى، والتي تشمل نفقات التبليغ والخبرات التي تأمر بها المحكمة، الى جانب إحداث صندوق ائتماني لصرف معونات ومساعدات مالية للضحايا والناجيات من العنف اللواتي لا يتوفرن على دخل قار ويوجدن في وضعية صعبة، وفرض إلزامية التبليغ على جرائم العنف ضد المرأة.

وتجدر الإشارة كذلك، إلى ضرورة إلغاء كافة أشكال التمييز المتعلقة باستفادة النساء من الملكية العقارية وخاصة الأراضي الجماعية، عبر الحرص على استفادة النساء السلاليات من نصيبهن، وإدراج أسمائهن ضمن لوائح ذوي الحقوق كما اشترطت ذلك النصوص القانونية الجديدة.

في حين أنه بالنسبة للحالة المدنية يجدر استبدال تسمية "كناش الحالة المدنية" بـ: "كناش الأسرة" مع إفراد صفحة خاصة بالزوجة كطرف مؤسس للأسرة على أساس تسلمه مباشرة مع عقد الزواج، تفاديا للإشكالات المتعددة التي يطرحها بالنسبة للنساء اللاتي يعانين من مشاكل زوجية سواء خلال فترة الزواج أو ما بعد الطلاق أو في خضمه.

وبالحديث عن مدونة الأسرة المغربية، فلابد من إعادة النظر في إذن القاضي بتزويج القاصرين من هم دون 18 سنة، وإقرار المساواة بين الأم والأب في النيابة الشرعية على الأبناء، وعلى حق المرأة المطلقة في نصف ممتلكات الأسرة المتراكمة خلال الحياة الزوجية. إلى جانب إقرار المساواة في مساطر الطلاق عبر إلغاء جميع البنود التي تكرس التمييز بين الرجال والنساء، ثم إخضاع أية مخالفة لمقتضيات قانون الأسرة لعقوبات زجرية صارمة، خاصة تلك التي أوجدت للحفاظ على شمل بيت الزوجية.

وبالرجوع إلى المنظومة الجنائية، فينبغي مكافحة الاتجار المنظم بالنساء والأطفال، بما في ذلك الاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي، وإنتاج المواد الإباحية والبغاء والسياحة الجنسية وغيرها، والسعي إلى القضاء عليها، ومحاكمة ومعاقبة كافة المسؤولين عنها. والمصادقة على بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وتقديم الخدمات القانونية والاجتماعية لضحايا الاستغلال المنظم للنساء والأطفال.

أما بالنسبة للمنظومة المؤسساتية، فعلى المغرب المصادقة على كافة الاتفاقيات الدولية والجهوية المعنية بحقوق المرأة، التي لم يصادق عليها بعد، وعلى رأسها الاتفاقية الدولية بشأن جنسية المرأة المتزوجة[20]، واتفاقية الرضا بالزواج وتحديد سن الزواج، وتسجيل عقود الزواج، والاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية التي تهم حقوق المرأة وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص. مع وجوب رفع كل التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وملائمة كافة التشريعات المحلية مع مقتضياتها، باستثناء تلك التي تتعارض مع المرجعية الإسلامية للتشريع المغربي.

في نفس السياق، يقترح إيلاء الاعتبار اللازم للنصوص التي لم تتخذ صورة اتفاقيات ومعاهدات كإعلان مناهضة العنف ضد النساء، وإعلان مؤتمر فيينا، وإعلان مؤتمر بكين وإعلان الحق في التنمية التي تندرج كلها في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان ولم تكتسي صبغة إلزامية.

ومنه، فإن الجهود المؤسساتية المبذولة في هذا الميدان لا يمكن أن تتم إلا إذا ما تم تدعيمها بمجموعة من الإجراءات الموازية، التي يقترح من بينها: وضع حد لسياسة اللاعقاب في جرائم العنف ضد النساء وحماية النساء ضحايا العنف وتقديم كل أشكال الدعم المادي والمعنوي لهن والتكفل بإعادة إدماجهن في المجتمع، وتوفير العلاج والخدمات الصحية الجيدة والمجانية لهن. والاهتمام بالصحة الإنجابية للأمهات الحوامل وتعميم الوقاية الصحية، وضمان التغطية الصحية، والتكفل التام بأمراض سرطان الثدي وعنق الرحم، خاصة بالنسبة للنساء المعوزات. هذا بالموازاة مع الاهتمام بأوضاع الأمهات المتخلى عنهن ومن ضمنهن الأمهات العازبات، ووضع تدابير وقائية للحد من الظاهرة وحماية أطفالهن.

بصفة عامة، فإن ما سبق الحديث عنه من إجراءات تقتضي مواكبتها بمجموعة من التدابير اللازمة لتعزيز مكانة المرأة للمساهمة في اتخاذ القرار، من خلال مشاركتها في صنع القرارات المرتبطة بإدارة الموارد ووضع السياسات والبرامج المتعلقة بالتنمية ومحاربة الفقر، ضمانا لمبدأ المناصفة في النفاذ إلى كل المواقع والمراكز بغض النظر عن طبيعتها، والسياسات والآليات الكفيلة بتفعيل المساواة بين الجنسين في مختلف مراحل بلورة السياسات العمومية وإنجازها وتقييمها مع اعتماد مبدأ المساواة ومقاربة النوع الاجتماعي في تخطيط وإعمال الميزانيات الوطنية والجهوية والمحلية.

وهذا ما لا يمكن تحقيقه بالمغرب إلا عبر الإجماع على هدف المساواة من منطلق تجميع كل مكونات الحركة النسائية الديمقراطية وتوحيد الجهود ومواصلة النضال حول قضية المناصفة التي لا تقل أهمية عن القضايا الكبرى للدولة، باعتبار أن المرأة تمثل حجر الزاوية في أي تغيير ديمقراطي، مع الحرص على عدم ضياع حقوق النساء أو استثناءها من أي سياسة أو مخطط إصلاحي، على اعتبار أن ما تم تحقيقه في الوقت الراهن من مكتسبات وإنجازات متعددة، راجع بالأساس لحصيلة تاريخية متقدمة لنضالات مجموعة من الفعاليات السياسية والنقابية والجمعيات الحقوقية والحركات النسائية والحركات الأمازيغية وكل المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة المغربية، علما بأن الديمقراطية لا تستقيم دون إقرار المساواة والمناصفة، باعتبارهما من الثوابت التي تترجم الاختيار الحداثي والديمقراطي لمغرب ما بعد دستور سنة 2011.

وتجدر الإشارة فيما يتعلق بالحقوق السياسية للنساء، أن هذه الأخيرة يلاحظ أنها كانت مضمنة في التشريع المغربي منذ السنوات الأولى للاستقلال، إذ حرص أول دستور للمملكة المغربية لسنة: 1962 على تضمين تلك الحقوق للرجال والنساء دون تمييز، كما أعقب ذلك المصادقة على الاتفاقية الدولية المتعلقة بالحقوق السياسية للمرأة منذ أواسط السبعينات وبالضبط سنة: 1976، وتم في سنة: 2008 رفع التحفظات على بعض مواد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ولا سيما المادة الثانية التي تخص المساواة بين الرجل والمرأة في التشريعات الوطنية، وكذا المادة السادسة عشر التي تشمل المساواة في الزواج والعلاقات الأسرية.

وفي العقدين الأخيرين، وقع تطور كبير في اتجاه تعزيز المساواة والمناصفة بين الجنسين، فدستور فاتح يوليوز 2011 أقر في الفصل التاسع عشر منه ضرورة تمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وأكد سعي الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، كما تم إحداث هيئة دستورية تشتغل في هذا المجال هي هيئة المناصفة ومكافحة كل اشكال التمييز بموجب الفصل 146.

والملاحظ أيضا، أن مشاركة النساء بدأت تشهد تطورا تصاعديا، بعد أن كانت تتسم بالبطء في وثيرة هذا التطور وبالتردد في نوعيته، وذلك إلى غاية الألفية الثانية التي شهدت مشاركة أكثر كثافة. فإذا كانت سنة: 1993 قد شهدت وصول المرأة للبرلمان بنائبتين، فإنه منذ سنة: 2002 تحسنت مواقع النساء في المؤسسات المنتخبة، فقد خصتها القوانين الانتخابية ب 30 مقعدا ضمن اللائحة الوطنية، ونجحت 5 نائبات في الفوز في اللوائح المحلية، وبذلك شكلن 11% من مجموع أعضاء مجلس النواب المصوت عليه بتاريخ 27 شتنبر 2002. وكانت هذه النتيجة قد جعلت المرأة المغربية في طليعة النساء العربيات اللواتي اندمجن في الحياة السياسية لبلدانهن، حيث تم التنويه بها من قبل المنظمات والهيئات الدولية.

لتصل التمثيلية السياسية للنساء في الاقتراع الأخير بالمغرب يوم 7 أكتوبر 2016، إلى ما مجموعه 81 منتخبة منهن 10 مرشحات انتخبن برسم الدوائر الانتخابية المحلية، و60 برسم الجزء الأول من اللائحة الوطنية المخصصة للنساء، و11 شابة برسم الجزء الثاني من اللائحة الوطنية المخصصة للشباب. مقابل 67 نائبة لسنة: 2011 منهن 60 برسم الدائرة الانتخابية الوطنية و7 برسم الدوائر الانتخابية المحلية[21]. ويعزى التقدم النسبي للمشاركة النسائية إلى القوانين الانتخابية الجديدة التي خصت تمثيلية النساء بالكوطا[22]، كما تم إحداث صندوق لتقوية قدرات النساء التمثيلية وذلك بتشجيع الأحزاب السياسية لدعم ترشيح النساء.

أما فيما يخص ولوج النساء إلى مراكز القرار العمومي، فإن التجربة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية أظهرت من خلال التشكيلة الحكومية الحالية تراجعا كبيرا في اعتماد مقاربة النوع لتقلد المناصب العليا، حيث لم تحض النساء في المناصب الوزارية مثلا إلا بأربعة حقائب من أصل أربعة وعشرين حقيبة وزارية. ولعل هذا الواقع ليس غريبا عن بنية وثقافة الأحزاب السياسية المغربية التي تظل ذكورية، حيث تهميش المرأة في الولوج إلى المواقع السياسية سواء على مستوى الوزارات أو القيادات الحزبية نفسها (أمناء الأحزاب والنقابات غالبيتهم ذكور باستثناء الحزب الاشتراكي الموحد) أو على مستوى القواعد، حيث ينظر إلى المرأة كقوة انتخابية لا غير.

وعلى الرغم من التقدم المسجل في عدد النساء اللائي ولجن البرلمان من بوابة نظام الكوطا، واعتماد اللائحة النسائية، واشتراط تمثيل النساء في لوائح الشباب، إلا أن تمثيلهن ما زال ضعيفا في مراكز القرار مقارنة مع بلدان الجوار، وبرأي المنظمات النسائية، فإن الرهان على تحقيق المناصفة لم يتحقق، إذ ظل المنطق الذكوري مهيمنا في الأغلبية الساحقة للتعيينات في المناصب العليا، بمبررات غير مقنعة، والتي تتجاهل وجود الكفاءات النسائية في مختلف المجالات والقطاعات، وتسعى الحكومة بشكل محتشم إلى تدارك الأمر، من خلال تعيين نساء في مراكز القرار، التي ظلت حكرا على الذكور[23].

يستفاد مما سبق، أن دستور 2011 والقوانين والتدابير المتخذة في السنوات الأخيرة، ساهمت في ارتفاع حجم ووثيرة المشاركة السياسية للنساء، لكنه رغما عن ذلك يبقى ارتفاعا غير كاف للوصول إلى التمكين السياسي والاجتماعي المرجو، ولعل السبب وراء ذلك يكمن في مجموعة من العوامل والمعيقات البنيوية والمؤسساتية والثقافية التي تحكم المشهد النسوي في المجتمع المغربي، والتي تعود بالأساس إلى تغليب المقاربة الكمية على حساب النوعية، على نحو لا يعطي صورة حقيقية عن مشاركة النساء في السياسة والمجتمع، والذي بمقتضاها تقاس المشاركة فقط بالعدد والنسب المئوية المحصل عليها، في مقابل إهمال الجانب الكيفي المتجسد في المردودية والقيمة المجتمعية المضافة، التي يمكن قياسها من خلال معرفة مدى تطور الأنماط الثقافية السائدة حول دور المرأة في الحياة العامة، ومدى حضور الوعي بالمساواة لدى النساء، ومدى الحرية التي تتمعن بها في اتخاذ القرارات على صعيد الأجهزة التقريرية(...). فقد أبانت بعض تجارب التسيير الجماعي على سبيل المثال أن النساء لا يلجأ إليهم إلا كورقة انتخابية وفي فترات التصويت على الحساب الإداري أو الميزانية أو تشكيل بعض اللجان، بينما عمليا لا يشاركن في صياغة المشاريع والبرامج.

علاوة على هذا المعطى، يلاحظ أيضا استمرار تأثير الأنماط الثقافية للذكورة والأنوثة داخل الأحزاب على اختلاف مرجعياتها الإيديولوجية وتموقعاتها السياسية، بفعل المنافسة القوية بين أطرها وقيادييها من أجل الظفر بمقعد وزاري على حساب مبادئ الكفاءة والاستحقاق والتمييز الإيجابي تجاه النساء، وهذا ما يفسر عدم تقدم أحزاب التحالف الحكومي بمرشحات نساء للاستوزار، وبالتالي فإن السعي لبلوغ نسبة تمثيلية مرضية للنساء في البرلمان لا يمكن أن يتحقق إلا بوضع إجراءات قانونية تمييزية تمييزا إيجابيا لفائدة النساء، في ظل عدم وجود رغبة كافية لدى الأحزاب السياسية المغربية لتفعيل المساواة واقعيا، أو رفع التمثيلية على الأقل إلى الثلث، فـ"الكوطا" (في نظرنا) هي عملية مرحلية، في انتظار أن يتحقق التمكين السياسي الحقيقي للنساء، والذي لا يمكن أن يتأتى إلا بوأد جميع مظاهر طغيان الثقافة الذكورية واستمرار تمظهرات التنشئة التمييزية والتقسيم الجنسي التقليدي للعمل(...)، وهي العوامل التي تدع المرأة المغربية غير مؤهلة فيزيولوجيا للمشاركة في الحياة العامة وفي العمل السياسي والسعي لولوج مراكز القرار. ولعل الدافع وراء هذا هو مشاطرة النساء ذاتهن لهذه المقولات بفعل عوامل التشريب والترسيخ التي تخضعن لها عبر مسلسل التنشئة الاجتماعية. فمتى سيتسنى لكافة الفعاليات المغربية بكل تلاوينها وأطيافها، وبذكورها وإناثها، التخلص من هذه العقلية التي أضحت متجاوزة كليا؟

لائحة المراجع المعتمدة

الكتب والمؤلفات:

·   إدريس فاخوري: "بعض مظاهر قيم حقوق الإنسان في مدونة الأسرة الجديدة"، مجلة الإشعاع، العدد 29، المغرب، غشت سنة: 2004.

·   حميد اربيعي: "حماية حقوق المرأة بالمغرب بين مقتضيات الاتفاقيات الدولية والقانون الوطني"، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنميةREMALD ، العدد: 93، غشت 2010.

·   عبد السلام بلادجي: "المرأة المغربية: مقاربات في الإصلاح"، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنميةREMALD ، العدد:38، غشت 2001.

·   عبد السلام بلادجي: "رفع تحفظات المغرب على الاتفاقية الدولية المتعلقة بالتمييز ضد المرأة"، مجلة الفرقان، العدد: 54، سنة 2006.

·   عبد الغني محمد: "حقوق المرأة في القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية"، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، سنة: 1998.

·   محمد البزاز: "محاضرات في حقوق الإنسان"، مركز النسخ سجلماسة، مطبوع جامعي عبارة عن محاضرات لفائدة طلبة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، برسم السنة الجامعية: 2019/2020.

·   محمد القراي: "حقوق المرأة بين المواثيق الدولية والإسلام السياسي"، مركز القاهرة لدراسة حقوق الإنسان، مصر- القاهرة، سنة: 1999.

·   نادية النحلي: "صحة المرأة في قانون الشغل المغربي"، المجلة المغربية للإدارة والتنمية المحلية REMALD، العدد 83، سنة: 2008.

·   نهى القرطاجي: "المرأة في منظومة الأمم المتحدة رؤية إسلامية"، الطبعة الأولى، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، لبنان، سنة: 2008.

الأطروحات والرسائل الجامعية:

·   الهومات ياسين "ملاءمة التشريع الداخلي المغربي مع قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان"، مقاربة منهجية لحدود قواعد السيادة وتأثير النظام المعياري الدولي"، أطروحة لمناقشة الدكتوراه في الحقوق بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض مراكش، السنة الجامعية: 2021/2022.

·   أحمد روكاني: "قراءة في قانون الجنسية المغربية"، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنميةREMALD ، طبعة جديدة العدد: 11، أكتوبر، سنة: 2008.

·   مبارك بوطلحة: "حق المرأة في المساواة بين مدونة الأسرة والتزامات المغرب الدولية"، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا، السنة الجامعية: 2018-2019.

·   مجيدة بجو: "المركز القانوني للمرأة في ضوء قانون الجنسية الجديد"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق ظهر المهراز، فاس، السنة الجامعية: 2009/2010.

·   مريم دكان: "النساء في وضعية صعبة، أية حماية؟ النساء ضحايا العنف نموذجا"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق، فاس، السنة الجامعية: 2008/2009.

المقالات:

·   ادريس لكريني: "الكوطا ودورها في تمكين المرأة"، مقال منشور بمجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، عدد مزدوج 23-24، سنة: 2013.

·     برحو بوزياني: مقال بعنوان: "النساء في مراكز القرار...مجرد شعار"، يوم: 25 يونيو 2019، منشور على الموقع الإلكتروني لجريدة الصباح على الرابط الآتي: www.assabah.ma/391762.html، تاريخ زيارة الموقع: 03/08/2022 على الساعة: 21:31 بإضافة ساعة إلى توقيت غرينيتش.

·   فاطمة لمحرحر: "قراءة في نسبة التمثيلية السياسية للنساء على ضوء الانتخابات التشريعية 7 أكتوبر"، مقال منشور بالموقع الإلكتروني للمركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية، على الرابط الآتي: www.democraticac.de/?p=51970#_ftn31، تاريخ زيارة الموقع: 05/08/2022 على الساعة: 21:01 بإضافة ساعة إلى توقيت غرينيتش.

·   "حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين"، مقال منشور بالموقع الإلكتروني لمجلة القانون والأعمال الدولية، دون ذكر صاحب المقال، على الرابط الآتي: حماية-الضحايا-والشهود-والخبراء-والمبلغين/www.droitetentreprise.com، تاريخ زيارة الموقع: 24/08/2022 على الساعة: 19:01 بإضافة ساعة إلى توقيت غرينيتش.

الموقع الرسمي لأرشيف منظمة الأمم المتحدة على الرابط الآتي: https://archive.org/details/frommotherhoodto0000berk، تاريخ زيارة الموقع: 25/08/2022 على الساعة: 20:01 بإضافة ساعة إلى توقيت غرينيتش.


[1] -   في هذا السياق يمكن اعتبار الإسلام نقطة تحول كبيرة في الحياة البشرية وثورة اجتماعية لها أثر كبير على وضعية المرأة المسلمة، فقد حارب جميع أشكال العبودية التي كانت تخضع لها المرأة بقضائه على التقاليد البالية وأعراف الجاهلية المقيتة والتي كانت تجعل المرأة مخلوقا من الدرجة الثانية، فضمن الإسلام لها حقها في الحياة وشرع لها من  الأحكام ما يرفع بها من شأنها ويحفظ كرامتها وسوى بين الرجل والمرأة في الأصل والنشأة وفي التكليف والجزاء.

 مريم دكان : "النساء في وضعية صعبة، أية حماية ؟ النساء ضحايا العنف نموذجا." رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، السنة الجامعية، 2008/2009، ص: 2.

[2] -   مجيدة بجو: "المركز القانوني للمرأة في ضوء قانون الجنسية الجديد"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، سنة: 2009، ص: 1.

[3] -    مجيدة بجو، مرجع سابق، ص: 2.

[4] - نهى القرطاجي: "المرأة في منظومة الأمم المتحدة رؤية إسلامية"، الطبعة الأولى، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، لبنان، سنة: 2008، ص: 183.

[5] - عبد الغني محمد: "حقوق المرأة في القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية"، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، سنة: 1998، ص: 30.

[6] - عبد الغني محمد، مرجع سابق، ص: 40.

[7] - نهى القرطاجي: مرجع سابق، ص: 186.

[8] -  محمد البزاز: "حقوق الإنسان"، مطبوع جامعي عبارة عن محاضرات لفائدة طلبة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، مركز النسخ سجلماسة، الطبعة الأولى، برسم السنة الجامعية: 2012/2013، ص: 226.

[9] -   يلاحظ في هذا المجال أن المغرب شهد على مستوى مدونة الأسرة انتقالا من المطالبة بتحقيق المساواة بين المرأة والرجل، إلى المطالبة بإلغاء جميع الفوارق بينهما، كحل وحيد للقضاء على اللامساواة الموجودة في واقع حياة المرأة.

للمزيد من التفاصيل، راجع: مبارك بوطلحة: "حق المرأة في المساواة بين مدونة الأسرة والتزامات المغرب الدولية"، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا، السنة الجامعية: 2018-2019.

[10] -  إدريس الفاخوري: "بعض مظاهر قيم حقوق الإنسان في مدونة الأسرة الجديدة"، مجلة الإشعاع، العدد: 29، غشت سنة: 2004، ص: 19.

[11] -  حميد أربيعي: "حماية حقوق المرأة بالمغرب بين مقتضيات الاتفاقيات الدولية والقانون الوطني"، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد: 93، غشت سنة: 2010، ص: 49.

[12] -  وجه الملك محمد السادس الخطاب الملكي السامي ليوم 30 يوليوز 2022 بمناسبة الذكرى 23 لعيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى الثالثة والعشرين لعيد العرش. ودعا في الخطاب، إلى مراجعة بعض مقتضيات مدونة الاسرة. حيث قال عاهل البلاد أنه: "لن يحل ما حرم الله، ولن يحرم ما أحل الله خاصة في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية. وإذا كانت مدونة الأسرة قد شكلت قفزة إلى الأمام، فإنها أصبحت غير كافية؛ لأن التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق، تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها، ومن بينها عدم تطبيقها الصحيح، لأسباب سوسيولوجية متعددة، لاسيما أن فئة من الموظفين ورجال العدالة، مازالوا يعتقدون أن هذه المدونة خاصة بالنساء.

والواقع أن مدونة الأسرة، ليست مدونة للرجل، كما أنها ليست خاصة بالمرأة؛ وإنما هي مدونة للأسرة كلها. فالمدونة تقوم على التوازن، لأنها تعطي للمرأة حقوقها، وتعطي للرجل حقوقه، وتراعي مصلحة الأطفال. لذا، نشدد على ضرورة التزام الجميع، بالتطبيق الصحيح والكامل، لمقتضياتها القانونية. كما يتعين تجاوز الاختلالات والسلبيات، التي أبانت عنها التجربة، ومراجعة بعض البنود، التي تم الانحراف بها عن أهدافها، إذا اقتضى الحال ذلك.

وبصفتي أمير المؤمنين، وكما قلت في خطاب تقديم المدونة أمام البرلمان، فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية".

للاطلاع على المزيد من الخطب الملكية السامية في هذا السياق، راجع الموقع الرسمي للبوابة الوطنية للمملكة المغربية على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.maroc.ma/ar

[13] - الهومات ياسين: "ملاءمة التشريع الداخلي المغربي مع قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان"، مقاربة منهجية لحدود قواعد السيادة وتأثير النظام المعياري الدولي"، أطروحة لمناقشة الدكتوراه في الحقوق بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض مراكش، السنة الجامعية: 2021/2022، ص: 371.

[14] - أحمد روكاني: "قراءة في قانون الجنسية المغربية"، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، طبعة جديدة، العدد: 11، أكتوبر:2008، ص: 10.

[15] - عبد السلام بلادجي: "رفع تحفظات المغرب على الاتفاقية الدولية المتعلقة بالتمييز ضد المرأة "، مجلة الفرقان، العدد: 54، سنة: 2006، ص: 80.

[16] -  نادية النحلي: م. س، ص: 190.

[17] -  في هذا السياق صادق مجلس الحكومة، المنعقد اليوم الخميس برئاسة السيد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، على مشروع القانون رقم 30.22 بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.

ومن ضمن المقتضيات الجديدة تحديد كيفيات استفادة الموظف الرجل الذي ولد له طفل أو أسندت إليه كفالة من رخصة عن الأبوة، مدتها خمسة عشر (15) يوما متصلة ومؤدى عنها، واستفادة الموظفة التي أسندت إليها، طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، كفالة طفل، من رخصة عن الكفالة، وكذا استفادة الموظفة، سواء التي وضعت مولودا أو التي أسندت إليها كفالة طفل، من رخصة عن الرضاعة، تحدد مدتها في ساعة واحدة في اليوم، ابتداء من تاريخ استنفاذ الرخصة الممنوحة عن الولادة أو الكفالة، إلى غاية بلوغ الطفل المولود أو المتكفل به سن أربعة وعشرين (24) شهرا.

[18] - الهومات ياسين، م. س، ص: 372.

[19] -   يعتبر  إقرار قانون حماية الشهود والمبلغين والخبراء ميزة هامة في قانون المسطرة الجنائية وانعطاف نوعي يعبر عن رغبة المشرع المغربي في تخليق الحياة العامة وإشراك المواطن وتحسيسه بالمسئولية في  مكافحة الفساد والجرائم المرتبطة بالمال العام بصفة خاصة، ولعل ذلك يتجلى من خلال التدابير الحمائية التي أتى بها هذا القانون التي تجعل الشاهد أو المبلغ في شأن هذه الجرائم بمنأى عن أي تهديد أو ترهيب قد يطاله من الجاني، كما أنه تعبر عن نية واضحة من المشرع في مسايرة المنتظم الدولي وتكريس المبادئ التي توصي بها الاتفاقيات الدولية في هذا المجال .

إلا أن ما يعاب على المشرع المغربي هو أن الظرفية التي تمت فيها صياغة هذا القانون جاءت بطريقة متسرعة نقلا عن الاتفاقيات الدولية، نتيجة للحراك الاجتماعي والسياسي الذي عرفته الساحة السياسية التي ما فتئت تطالب بالتصدي لظاهرة الفساد ومحاربة المفسدين، الشيء الذي انعكس سلبا على صياغة نصوصه من حيث الغموض وعدم الدقة.

كما أن من بين المآخذ التي تؤخذ على هذا القانون هو توسيعه من دائرة الجرائم التي يمكن أن يحظى المبلغون والشهود بتدابير الحماية، من هنا يمكن القول بأن ظاهر القانون يوحي بحماية الشهود والمبلغين في جرائم المال العام إلا أن جوهره ينم عن تحقيق مآرب أخرى غير التي من أجلها سن.

انظر مقال: "حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين"، مقال منشور بالموقع الإلكتروني لمجلة القانون والأعمال الدولية، دون ذكر صاحب المقال، على الرابط الآتي: حماية-الضحايا-والشهود-والخبراء-والمبلغين/www.droitetentreprise.com، تاريخ زيارة الموقع: 24/08/2022 على الساعة: 19:01 بإضافة ساعة إلى توقيت غرينيتش.

 

[20] -   اتفاقية جنسية المرأة المتزوجة هي اتفاقية دولية صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1957، ودخلت حيز التنفيذ في 1958. وحتى 2013، وصل عدد الدول الأطراف فيها إلى 74 دولة، قبل إبرام الاتفاقية، ولم يكن هناك تشريع يحمي حق المرأة المتزوجة في أن تحتفظ أو تتخلى عن جنسيتها الوطنية، بعكس الرجل؛ فأدركت جماعات حقوق المرأة الحاجة لحماية قانونية لحقوق المرأة التي تتزوج أجنبياً أو حامل لغير جنسيتها. وخلال أوائل القرن العشرين، ضغطت جماعات حقوق المرأة على منظمة عصبة الأمم لمعالجة النقص في القوانين الدولية اللازمة لحفظ جنسية المرأة المتزوجة. وقد واجه مؤتمر تدوين القانون الدولي، الذي عقد في لاهاي عام 1930، انتقادات جماعات دولية لحقوق المرأة، بعد رفض عصبة الأمم أن يتضمن القانون حقوق جنسية المرأة المتزوجة. لكن قامت العصبة بدور كبير في مجال المساواة بين الرجل والمرأة، والذي يوصف بأنه دور الدول الأعضاء لا دور المنظمة نفسها.

وفي 1933، صدّق مؤتمر بان أمريكان في مونتفيدو على اتفاقية جنسية المرأة، والتي صدرت في نفس توقيت صدور «معاهدة المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة»؛ وقد ورد في تلك الوثيقتين، لأول مرة في تاريخ القانون الدولي، مبدأ المساواة بين الجنسين وضرورة إدراجه في التشريعات الوطنية. وقد كان للضغط الذي قام به حزب المرأة الوطني الأمريكي الفضل في هذا التشريع، رغم أنه لا منظمة العمل الدولية ولا عصبة الأمم صدّقتا على أي تشريع بهذا الصدد خلال السنوات ما بين الحربين العالميتين.

انظر الموقع الرسمي لأرشيف منظمة الأمم المتحدة على الرابط الآتي: https://archive.org/details/frommotherhoodto0000berk، تاريخ زيارة الموقع: 25/08/2022 على الساعة: 20:01 بإضافة ساعة إلى توقيت غرينيتش.

[21] - فاطمة لمحرحر: "قراءة في نسبة التمثيلية السياسية للنساء على ضوء الانتخابات التشريعية 7 أكتوبر"، مقال منشور بالموقع الإلكتروني للمركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية، على الرابط الآتي: www.democraticac.de/?p=51970#_ftn31، تاريخ زيارة الموقع: 03/08/2022 على الساعة: 21:01 بإضافة ساعة إلى توقيت غرينيتش.

[22] -  اعتمد المغرب منذ سنة 2002 نظام الكوطا لضمان الحد الأدنى من تمثيلية النساء في المؤسسة التشريعية، كما تبنى أسلوب الاقتراع بالتمثيل النسبي عن طريق اللائحة، وهي تقنية ساهمت نسبيا في الرفع من التمثيلية السياسية للنساء، وصلت إلى 35 امرأة، أي حوالي 11% من المقاعد في البرلمان.

وهكذا، حدث توافق بين مختلف الأحزاب على تخصيص اللائحة الوطنية لفائدة النساء، انسجاما مع توجهات الدولة في إدماج النساء في المجال السياسي، ورغبة في الرفع من مستوى تواجدهن في المؤسسة البرلمانية. وبموجب هذا التوافق يضع كل حزب سياسي لائحة خاصة بالنساء تعرض على الناخبين، قصد التصويت عليها وطنيا على مستوى الدوائر الانتخابية.

انظر مقال ادريس لكريني: "الكوطا ودورها في تمكين المرأة"، منشور بمجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، عدد مزدوج 23-24، سنة: 2013، ص. 55.

[23] - ترى في هذا الصدد الباحثة الجامعية لطيفة البوحسيني، في تصريح لها نشر بجريدة "الصباح"، بصفتها ناشطة في الحركة النسائية بالمغرب، أن هناك تقدما في مجال تقلد النساء لمناصب المسؤولية، وإن كان بطيئا، مؤكدة أن الأمر لا يسائل الحكومة فقط، بل جميع الهيآت الحزبية وقوى المجتمع، حول ضعف الحضور النسائي، للوقوف عند الخلل الذي يحول دون مساهمة أكبر للمرأة في تحمل المسؤولية، كما ترى الناشطة النسائية أن المشكل أعمق من قرارات حكومية تتعلق بتهميش أو إقصاء النساء من مراكز القرار، لتسائل تراجع العملية الديمقراطية برمتها، خاصة بعد تراجع بصيص الأمل الذي عاشه المغرب خلال سنوات، قبل أن تزحف المحافظة وتنشر قيمها على حياة المجتمع برمته.

للإطلاع على هذا التصريح، انظر الحوار الذي أجراه معها الصحفي بجريدة الصباح "برحو بوزياني"، مقال بعنوان: "النساء في مراكز القرار...مجرد شعار"، يوم: 25 يونيو 2019، منشور على الموقع الإلكتروني للجريدة على الرابط الآتي: www.assabah.ma/391762.html، تاريخ زيارة الموقع: 05/08/2022 على الساعة: 21:31 بإضافة ساعة إلى توقيت غرينيتش.


إرسال تعليق

0 تعليقات