آخر الأخبار

Advertisement

الملامح التشريعية للسياسة الجنائية في مجال مكافحة جريمة الاغتصاب - الأستاذة كوثر زركان، العدد 46 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


  الملامح التشريعية للسياسة الجنائية في مجال مكافحة جريمة الاغتصاب - الأستاذة كوثر زركان، العدد 46 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


رابط تحميل المجلة التي تتضمن المقال بصيغتها الرقمية PDF الرابط أذناه:


https://www.allbahit.com/2022/08/46-2022-24.html



 

الأستاذة كوثر زركان

  باحثة بسلك الدكتوراه محتبر القانون والفلسفة والمجتمع - جامعة سيدي محمد

بن عبد الله كلية العلوم القانونية بفاس

 الملامح التشريعية للسياسة الجنائية في مجال مكافحة جريمة الاغتصاب -دراسة مقارنة-

Legislative features of criminal policy in combating the crime of rape

- comparative study

تقديم:

إن جميع الأديان السماوية و القوانين الوضعية تحرم و تجرم استعمال العنف بكل أنواعه ،سواء اللفظي أو الجسدي كأداة للتخاطب و الحوار و التأكيد على الإقرار بمبدأ الألفة و التسامح بين أفراد المجتمع، إلا أن حالة التغيير الاجتماعي و الثقافي الذي يستهدف المجتمع جعلته يتأثر بالحضارة المادية ؛ و بدل من اعتماد تجسيد الفعل الانساني بسلوك متحضر على العكس جعلته يستخدم المنهج الهمجي العدواني كأداة وحيدة للتخاطب و التواصل الاجتماعي ، و بالتالي خلقت مفهوم جديد للمعايير الاجتماعية و الأنساق القيمية ، بل تعدى ذلك بنشر نماذج لثقافة العنف و الجريمة ؛ و جعلت مبدأ القوة هو المبدأ الوحيد السائد في المجتمع.

و يعد الاجرام الجنسي إحدى أشكال الجريمة و من أكثرها إثارة للجدل؛ و بشكل خاص يتجسد في العنف الموجه ضد المرأة و الذي يعتر ظاهرة قديمة عرفتها المجتمعاتالانسانية و هي لا تخص مجتمع بعينه و إنما هي ظاهرة ذات طابع اجتماعي تختلف باختلاف المجتمعات و أنساقها القيمية السائدة [1].

و تعتبر جريمة الاغتصاب من أشد جرائم العرض خطورة وجسامة ، نظرا لمساسها بالكيان الجسدي و النفسي للمرأة و باستقرار المجتمع و انتهاك الحقوق الأساسية لها ؛ كحقها في الصحة وفي السلامة الجسدية .

و مع ذلك فإن تنظيم هذه الجريمة يختلف من بلد لآخر حسب المنظومة الاجتماعية و الثقافية و الدينية ... لدرجة صنفت دوليا ضمن جرائم الحرب، حيث نصت الفقرة الأولى في بندها السابع من المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على جريمة الاغتصاب و اعتبرت أن" فعل الاغتصاب أو الاستبعاد الجنسي ، او الاكراه على البغاء او الحمل القسري أو التعقيم القسري أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الخطورة يشكل جريمة ضد االانسانية بموجب النظام الانساني".

و المشرع المغربي صنف هذه الجريمة ضمن فرع انتهاك الآداب و اعتبرها من أشد جرائم الاعتداء على العرض و خصص لها الفصول من 486 إلى 488 من ق ج .

و تتجلى أهمية الموضوع في التعرف على السياسة الجنائية التي اعتمدها المشرع المغربي في تعامله مع جريمة الاغتصاب و ذلك بالوقوف للتمعن في النصوص الجنائية التي تجرم الاغتصاب و تردع مرتكب هذه الجريمة.

و الإشكال المطروح هو ما  مدى ملائمة السياسة الجنائية التي انتهجها المشرع المغربي في التجريم و العقاب لردع مرتكبي جريمة الاغتصاب؟

هذا ما سنحاول الاجابة عليه من خلال تقسيم الموضوع إلى مبحثين: المبحث الأول: سياس ة التجريم الخاصة بجريمة الاغتصاب. المبحث الثاني: سياسة العقاب الخاصة بجريمة الاغتصاب.

المبحث الأول: سياسة التجريم الخاصة بجريمة الاغتصاب

اعتمد المشرع المغربي لمكافحة جريمة الاغتصاب سياسة التجريم باعتبارها تمثل أقصى مراتب الحماية التي يضفيها التشريع على حماية الضحايا.

وجريمة الاغتصاب تتحقق بتوافر ركنيها الأساسيين: المادي )المطلب الأول (، والمعنوي )المطلب الثاني( .

المطلب الأول: الركن المادي المكون لجريمة الاغتصاب

تطرق المشرع المغربي لجريمة الاغتصاب في الفصل 486 من ق ج على أنه:" الاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها. و يعاقب عليه بالسجن من خمس إلى عشر سنوات.

غير أنه إذا كانت سن المجني عليها تقل عن ثمان عشر سنة أو كانت عاجزة أو معاقة أو معروفة بضعف قواها العقلية أو حاملا. فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة".

فحسب منطوق الفصل أعلاه يتبين لنا أن المشرع اشترط لقيام جريمة الاغتصاب توفر ركن مادي متمثل في فعل المواقعة )الفقرة الأولى (، و انعدام رضا المجني عليها )الفقرة الثانية(.

الفقرة الأولى: فعل المواقعة

حسب منطوق الفصل 486 من القانون الجنائي  نجد  أن جريمة الاغتصاب تقوم على الركن المادي المتمثل في عنصر المواقعة .

و المشرع المغربي لم يعرف المواقعة، لكن المستقر عليه فقها و قضاء أن المواقعة تنصرف إلى إيلاج كل أو بعض من العضو التناسلي للرجل في العضو التناسلي للمرأة[2]،وعنصر المواقعة هو الذي  يميز في التشريع المغربي بين جناية الاغتصاب و بين بعض جرائم العرض غير الرضائية المشابهة له، من قبيل هتك العرض و الإخلال العلني بالحياء.

و خصص القانون الجنائي المغربي لجريمة هتك العرض فصلين ميز فيهما بين حالة هتك العرض المرتكبة بدون عنف و بين الحالة التي ترتكب فيها هذه الجريمة مع استعمال العنف، و هكذا نص الفصل 484 من القانون الجنائي على أنه : » يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات من هتك دون عنف أو حاول هتك عرض قاصر تقل سنه عن ثمان عشرة سنة أو عاجزا أو معاقا أو شخصا معروفا بضعف قواه العقلية سواء كان ذكرا أو أنثى « ..

و بالنسبة لجريمة هتك العرض مع استعمال العنف أشار الفصل 485 من ق ج إلى أنه: »يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات من هتك او حاول هتك عرض أي شخص ذكر كان أو أنثى ، مع استعمال العنف.

غير أنه إذا كان المجني عليه طفلا تقل سنه عن ثمان عشرة سنة او كان عاجزا أو معاقا أو معروفا بضعف قواه العقلية ، فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة  عشرة سنة او كان عاجزا أو معاقا أو معروفا بضعف قواه العقلية ، فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة «  .

كما نص الفصل 483 من القانون الجنائي على أن: " من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء، و ذلك بالعري المعتمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال، يعاقب بالحيس من شهر واحد  إلى سنتين و بغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم.

و يعتبر الإخلال علنيا متى كان الفعل الذي كونه قد ارتكب بمحضر شخص أو أكثر شاهدوا ذلك عفوا أو بمحضر قاصر دون الثامنة عشرة من عمره، أو في مكان قد تتطلع إليه أنظار العموم".

وعليه متى تحقق الإيلاج، نكون بصدد جريمة الاغتصاب و إذا لم يتحقق كنا بصدد جريمة أخرى، خاصة جريمة هتك العرض ، و ذلك حسب الأفعال المادية التي قام بها الجاني، كما أن الإيلاج الذي يعتد به كعنصر مكون لجريمة الاغتصاب في التشريع المغربي هو الذي يقع  في قبل المرأة، أما إذا كان في الدبر مثلا فلا نتحدث عن جريمة الاغتصاب و إنما عن جريمة هتك العرض[3].

و يترتب على التعريف الضيق المعطى للاغتصاب في التشريع المغربي أن الرجل هو الجاني و الأنثى هي المجني عليها، و هو ما يعني انتفاء قيام هذه الجريمة كلما كان الجاني و المجني عليه من جنس واحد .

و هنا يثار تساؤل عن حكم مواقعة الخنثى[4] هل تعد تلك المواقعة اغتصابا أم لا؟

لم يعالج المشرع المغربي و جل التشريعات العربية هذه المسألة ، إلا أن هناك رأي نؤيده لا يعد مواقعة الخنثى بغير الرضا اغتصابا في القوانين التي تتطلب أن تكون المجني عليها أنثى[5]، كالقانون الجنائي المغربي طالما أن الخنثى أنثى في الحقيقة و ظاهرها ذكر لا يمكن أن تقوم بدور الذكر كاملا، أي أنها لا تستطيع مطلقا أن تنجب بنكاح النساء ، كما لا يستطيع الخنثى الذكر في حقيقته و ظاهره أنثى أن يحيض ، و من باب أولى أن يحمل و ينجب؛ في حين حسب رأينا تعد مواقعة الخنثى القاصرة اغتصابا  إذا حددت المجني عليها في جريمة الاغتصاب بعبارة " شخص الغير " و هذه العبارة تشمل أيا كان جنسه سواء كان ذكرا أو أنثى أو خنثى ؛ لذلك يجب على المشرع المغربي أن يشمل هذه الفئة بحماية خاصة إذ تعد من مكونات المجتمع و تحتاج إلى حماية كباقي الأشخاص.

و جريمة الاغتصاب لا تكون إلا على الأحياء منهن إذ لا يمكن أن يتحقق الوقاع على جثة ، حيث يندرج ذلك في إطار جماع الأموات "   La nécrophilie" و من تم يخرج عن نطاق الاغتصاب فسق الرجل بجثة طفلة ميتة، و إن كان من الجائز اعتبار هذا الفعل تلويثا لجثة أو تمثيلا بها [6]أو إخلال بالاحترام الواجب للموتى [7].

كما يتطلب في الوقاع الذي تتحقق به جريمة الإغتصاب أن يكون غير مشروع، و ذلك عندما يتم خارج التنظيم الاجتماعي و الشرعي و القانوني له، أي خارج نطاق الزواج.

و في هذا الصدد يثار تساؤل حول مدى امكانية حماية الزوجة من زوجها إذا أقدم إلى مواقعتها رغما عنها؟

كما هو معلوم لا تعتبر المواقعة اغتصابا إلا إذا كانت غير شرعية، فالزوج الذي يواقع زوجته كرها لا يرتكب اغتصابا  إذ من المتفق عليه بين فقهاء الشريعة الاسلامية أن الاتصال الجنسي حق للزوج وواجب على الزوجة؛ و لكن الزواج لا ينتج هذا الأثر المبيح إلا إذ كان صحيحا ، أما إذا كان باطلا أو فاسدا أو منحلا بطلاق بائن فلا عبرة به[8].

قال الله عز وجل : » نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم و قدموا لأنفسكم و اتقوا الله و اعلموا أنكم ملاقوه و بشر المؤمنين « [9]. وقال سبحانه و تعالى:" يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض و لا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين و يحب المتطهرين"[10].

فالأصل المقرر هو إباحة الصلات الجنسية  بين الزوجين ،فلا يجوز للزوجة أن تمنع زوجها من نفسها متى أراد ذلك دون عذر، لحل استمتاعهما ببعضهما، و يلزم لحل المعاشرة الزوجية وجود عقد زواج صحيح ، و أن لا تكون مطلقة ثلاث أو انتهت عدتها ، فإن اعتدى الرجل على المرأة في هذه الحالة يكون قد استحق حد الزنا[11] ونجد انه إذا واقع الزوج زوجته كرها، فلا مجال للقول بقيام جريمة الزنا، ذلك أن مناط هذا الأخير هو عدم شرعية الوطء[12].

فالزوجة الممتنعة عن تلبية رغبة زوجها تعد مرتكبة لمعصية[13] و هذا ما يستشف من قول رسول الله صلى الله عليه و سلم :" إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح"[14]، وقد منح الله سبحانه و تعالى للزوج الحق في حمل زوجته على طاعته و لو بضربها ، و يستدل على ذلك من قوله تعالى: " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا"[15].

و نتيجة لما ذكر ، فالشريعة الاسلامية تبيح للزوجين بموجب عقد الزواج حق المعاشرة الجنسية و لو كرها عند انتفاء العذر الشرعي، لأن الاتصال الجنسي يعتبر حق وواجب اتجاه الزوجين .

بينما بالرجوع إلى بعض التشريعات نجدها جرمت الاغتصاب الزوجي؛ بالنسبة للمشرع الفرنسي لم يفرد نصا خاصا لواقعة إكراه الزوج زوجته على العلاقة الجنسية حال عدم رضاها، و إنما تعرض لذلك في جريمة الاغتصاب من خلال المادة 222-23 من قانون العقوبات الفرنسي الذي نص على أن :" كل فعل إيلاج جنسي أيا كانت طبيعته أو أي عمل من الأعمال  الجنسية الفموية يرتكب ضد شخص آخر أو على شخص الجاني عن طريق العنف أو التهديد أو المباغتة فهو اغتصاب".

فمن خلال قراءة نص المادة أعلاه يتبين أن المشرع الفرنسي سوى بين الصلات الجنسية الطبيعية و غير الطبيعية ، و كذلك لفظ الاغتصاب جاء عاما و لم يستثنى من حيث نطاق تطبيقه المرأة المتزوجة  .

 و في هذا الصدد قضت محكمة النقض الفرنسية[16] :" أن القانون الجنائي الفرنسي يهدف إلى حماية الحرية الجنسية لكل فرد ، و لا يستثنى من الاغتصاب المعاشرة بالإكراه التي تقع بين شخصين تجمعهما علاقة زوجية".

و جاء كذلك في أحد القرارات الصادرة عن محكمة النقض الفرنسية[17] أنه يعتمد على قرينة رضا الزوجين بخصوص علاقتهما الجنسية خلال الحياة الزوجية بالخصوص إلى أن يثبت العكس".

ووفقا للقرار أعلاه و عدة قرارات أخرى، أصبحت العلاقة الجنسية بين الزوجين في القانون الفرنسي تحكمها ضوابط و قيود لا يمكن تجاوزها، فلا يمكن للزوج مواقعة زوجته إلا برضاها ، و لا يمكن أن يدافع عن نفسه بعقد الزواج أو بأداء الواجب الزوجي ، كما أن إكراه الزوجة على المعاشرة الزوجية يعرض الزوج للمسائلة الجنائية وفقا لنص المادة 222/23 من قانون العقوبات الفرنسي[18]، لأن المعاشرة الجنسية بين الزوجين أصبحت مبنية في الوقت الراهن على مبدأ الحرية الفردية الذي غزى جميع مجالات الحياة في المجتمع الفرنسي[19].

أما بخصوص المشرع المغربي لم نجد نص خاص يجرم الاغتصاب الزوجي ، و هذا ما فتح الباب أمام اختلاف الرأي في الموضوع.

حيث نجد من اعتبر عدم الرضى الذي يتحقق به الاغتصاب هو الذي من امرأة لا تربطها علاقة زواج بالرجل، أما مواقعة الزوج لزوجته بدون رضاها فلا يعاقب عليه القانون، و إن كان استعمال العنف من الزوج قد يعاقب عليه بهذا الوصف، و قد يكون سببا للمطالبة بالتطليق إذا اشتط الرجل في تصرفه و تضررت به الزوجة[20].

 و في نفس التوجه هناك من اعتبر أنه لا مجال للحديث عن جريمة الاغتصاب إذا كان القائم بالمواقعة غير الرضائية زوجا للمرأة، و الحجة في ذلك أن الرضا بالمعاشرة بين الزوجين مفترضة بقوة القانون استنادا إلى وجود عقد الزواج ، و أن الزوج حين يعاشر زوجته فهو بذلك يمارس حقا من حقوقه التي ترتبت له بموجب عقد الزواج [21].

و هو نفس المنحى الذي ذهبت إليه محكمة الاستئناف بالجديدة ؛إذ لم تكيف إرغام زوج لزوجته على معاشرته بطريقة غير راضية عنها اغتصابا و إنما جريمة هتك عرض بعلة أنه" إذا كانت الزوجة بحكم الرابطة الزوجية مدعوة لتمكين زوجها من نفسها، فإن الزوج مدعو بدوره لحماية شريكة حياته من الأفعال الفاحشة الماسة بعورتها" [22].

و بالمقابل هناك رأي آخر مفاده أن معاشرة  الزوج لزوجته دون رضاها لا يمكن إلا أن يكون اغتصابا ؛ذلك أن عقد الزواج لا يبرر معاشرة الزوج لزوجته متى لم تكن راضية و راغبة في ذلك، لأن الزواج يقتضي كما جاء في المادة 51 من مدونة الأسرة المعاشرة بالمعروف، و تبادل الاحترام  و المودة و الرحمة [23]. و أيضا ما جاء به الدستور الجديد في بابه الثاني المخصص للحقوق و الحريات الأساسية أنه:" لا يجوز لأحد أن يعامل الغير ، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية"[24]، كما أن الاعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر دجنبر 1993 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة إنما اعتبر العنف الجنسي بما في ذلك اغتصاب الزوجة نيلا من الحرمة الجسدية و الكرامة البشرية[25].

 و في هذا الصدد أصدرت محكمة الاستئناف بطنجة[26] قرارا قضى بمؤاخذة الزوج المتهم من أجل الاغتصاب الزوجي، معللة قرارها أنه " يعتبر الاغتصاب الزوجي هو إقدام الزوج على معاشرة زوجته بدون رضاها و باستخدام الإكراه، و لا يقصد بالإكراه هنا الإكراه المادي فقط، و المتمثل في استخدام القوة الجسدية من أجل إجبار الزوجة على المعاشرة الجنسية بطرق و أساليب من شأنها تهين المرأة و تحط من كرامتها .

وحيث إن المشرع المغربي في تعريفه للاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها، و عبارة المرأة تطلق على أي امرأة و المشرع لم يستثني المرأة المتزوجة و عليه تفهم من ذلك أن المرأة المتزوجة بدورها يسري عليها تطبيق هذا النص ....

...وحيث إنه من هذا المنطلق و أمام اعتراف المتهم طوال مراحل القضية بمواقعته لزوجته بدون رضاها، و تصريحات الضحية، و معاينة الشرطة القضائية لملابس الضحية و هي ملطخة بالدماء ، هي معطيات تجعل جناية الاغتصاب الناتج عنه الافتضاض طبقا للفصلين 468 و 488 من القانون الجنائي قائمة، و القرار الابتدائي الذي قضى بإعادة تكييف الأفعال المدان بها المهتم ، على أنها تشكل مجرد جنحة الإيذاء العمدي في حق الزوجة طبقا للفصل 404 من القانون الجنائي، ينبغي الغاؤه ، و التصريح من جديد بمؤاخذة المتهم من أجل جناية الاغتصاب الناتج عنه افتضاض طبقا للفصلين 486 و 488 من القانون الجنائي".

كما يجب الإشارة أن التقرير الأممي[27] أورد أن النساء و الفتيات المغربيات يتمتعن " بالحماية بموجب قانون مكافحة جميع أشكال العنف ضد المرأة، إلا أن القانون لا يتصدى للاغتصاب الزوجي"، مبرزا أنه " يمكن تعزيز القانون عن طريق تجريم الاغتصاب الزوجي بصفته من صنوف العنف ضد النساء ، و عن طريق توضيح تعريف الاغتصاب الزوجي".

و استنادا إلى ما ذكر، يمكن القول أنه لا تقع جريمة الاغتصاب حين يكون الوقاع مشروعا، و هو لا يكون كذلك إلا في إطار الزواج أي حالة توافر الرابطة الزوجية فقط و في الحدود التي توفرها تلك الرابطة من حقوق وواجبات متبادلة بين الزوجين طبقا لمدونة الأسرة ، و بمعنى آخر لا يرتكب الزوج جريمة الاغتصاب إذا أكره زوجته على الاتصال الجنسي به طالما أن أفعال الاكراه لم تصل إلى حد اعتبارها جريمة، فإذا لجأ الزوج إلى الإيذاء في سبيل الوصول إلى غايته يكون مسؤولا عن الإيذاء . كما أن الاغتصاب لا يمكن أن يتم بتوفر الركن المادي للجريمة فقط أي المواقعة، و إنما يتعين أن يقوم الجاني بإتيان هذا الفعل و هو يعلم بأنها مكرهة و أنه بصدد ارتكاب فعل مجرم يعاقب عليه جنائيا، و هي النتيجة التي يستحيل الاهتداء إليها في حالة قيام علاقة زوجية بين طرفي المواقعة.

كما أنه لا يمكن التوسع في مفهوم الفصل 486 السالف الذكر ليشتمل حتى حالة اغتصاب الزوجة من طرف زوجها، على أساس أن النص الجنائي لا يجوز التوسع في تفسيره و تأويله، لأن ذلك سيؤدي إلى تجريم أفعال لم تكن موضوع حماية جنائية من طرف المشرع وقت وضع القاعدة القانونية، و بالتالي سيتم ضرب مبدأ شرعية التجريم و العقاب من جهة.

و كذلك يجب الإشارة أنه انطلاقا من  الفصل 114 من ق ج يمكن القول أن الشخص يعتبر محاولا ارتكاب الجناية أيا كانت إذا ابتدأ بالشروع في تنفيذها فعلا، أو قام بأعمال لا لبس فيها تهدف مباشرة إلى ارتكابها إذا لم يوقف تنفيذها أو لم يحصل الأثر المتوخى منها إلا لظروف خارجة عن إرادة مرتكبها، و بإسقاط مقتضيات الفصل 114 على جناية الاغتصاب يمكن القول أن الرجل الذي يبدأ في فعل وقاع المرأة بدون رضاها و لو بإدخال أي جزء من عضوه التناسلي في فرجها يكون قد ارتكب الجريمة التامة بغض النظر عن إتيانه شهوته أم لا.

الفقرة الثانية: انعدام الرضاء

انعدام رضا الأنثى هو جوهر جريمة الاغتصاب، الذي يفرق جريمة الاغتصاب عن جريمتي الفساد و الخيانة الزوجية.

و رضا الضحية يكون منتفيا كلما كانت إرادة المرأة مكرهة أو معيبة.

و تكون الإرادة مكرهة إذا استسلمت الأنثى للوقاع تحت تأثير الاكراه المادي أو المعنوي.

و تتحقق فرضية الإكراه او العنف المادي بكل فعل قسري يؤدي إلى شل مقاومة المجني عليها. و ليس شرطا في العنف الممارس على الضحية أن يكون بالغا درجة عالية من الشدة، و إنما تكتفي الدرجة التي يتحقق بها تعطيل مقاومة المجني عليها.

أما الإكراه المعنوي، فيتحقق بإجبار المرأة على الصلة الجنسية من خلال تهديدها بإنزال شر جسيم إما بشخصها أو بشخص آخر عزيز عليها.

و تكون الإرادة معيبة إذا صدر الرضاء تحت تأثير التدليس أو الغلط ؛كما إذا دخل رجل إلى فراش امرأة على صورة تجعلها تظنه على أنه زوجها، أو أن يطلق شخص زوجته طلاقا بائنا ثم يواقعها و هي لا تعلم بسبب انحلال ميثاق الزواج .

كما يعد الرضاء منتفيا في حالة ممارسة الفعل الجنسي على ضحية نائمة أو منومة مغناطيسيا أو مغمى عليها، أو بسبب عجز مانع من التعبير عن إرادتها الصريحة[28].

المطلب الثاني: الركن المعنوي

تعتبر جريمة الاغتصاب من الجرائم العمدية التي تتطلب توافر قيام القصد الجنائي عند الجاني، و يتحقق هذا القصد بانصراف إرادة الجاني و علمه وقت ارتكاب الفعل إلى أنه يواقع قاصرة و عالما بسنها.

و على غرار باقي الجرائم العمدية يتكون القصد الجنائي من قصد خاص و عام، فأي قصد يتطلب تحققه لقيام جريمة الاغتصاب؟

انقسمت الآراء بشأن تحديد نوع القصد المتطلب لقيام جريمة الاغتصاب، يرى الاتجاه الأول أن القصد الجنائي المتطلب في جريمة الاغتصاب هو القصد الجنائي العام ، و ذلك بانصراف إرادة الجاني و علمه بالوقائع التي تقوم عليها هذه الجريمة، و هي فعل الإيلاج دون غيره من الوقائع الخارجة عن كيان هذه الجريمة ، و من ثم فإنه لا يمكن وصف هذا القصد بأنه قصد خاص، ذلك أن نية الوقاع أي الإيلاج هي جزء من تركيب القصد العام، الذي هو إرادة الفعل الذي تقوم به الجريمة مع العلم بكافة عناصرها، و هو الغرض الذي يسعى إليه الجاني من ارتكابه لجريمة الاغتصاب[29].

بينما يرى الاتجاه الثاني أن القصد الجنائي المتطلب في هذه الجريمة هو القصد الجنائي الخاص ، و القصد الخاص هو الذي يعبر عنه بانصراف نية الجاني إلى مواقعة الأنثى، و هذه النية هي الغاية التي يسعى إليها الجاني في جريمة الاغتصاب و هي التي تميز الشروع في الاغتصاب عن هتك العرض[30].

فيمكن اعتبار أن الركن المعنوي لهذه الجريمة يمثل بالأساس اتجاه إرادة الجاني لارتكاب فعل المواقعة إذ لا يمكن الحديث عن وجود نية إجرامية إن لم يكن هنالك إيلاج من المكان الطبيعي للأنثى أو عدم علم الجاني بأنه يرتكب عملا غير مشروع تجاه امرأة لا تربطه بها أي علاقة شرعية [31].

و عليه، يمكن الإقرار بأن توافر القصد الجنائي بعنصريه السابقين من عدمه يبقى متروكا لمحكمة الموضوع لاعتباره مسألة موضوعية تستخلصه المحكمة من وقائع القضية و ظروفها.

المبحث الثاني: سياسة العقاب الخاصة بجريمة الاغتصاب

اعتبر المشرع المغربي جريمة الاغتصاب جناية معاقبا عليها في صورتها البسيطة. إلا أنه نص على عدد من الظروف المشددة بعضها يتعلق بصفة شخصية إما في المجني عليها أو الجاني ، لذلك سنركز على دراسة ظروف التشديد في هذه الجريمة )المطلب الأول ( ، و كذا تخفيف العقوبة)المطلب الثاني ( .

المطلب الأول: ظروف التشديد الخاصة بجريمة الاغتصاب

لقد حدد المشرع المغربي ظروف التشديد لجريمة الاغتصاب في الفصول من 486 إلى 488 من القانون الجنائي، و تنقسم هذه الظروف إلى : ظروف شخصية )الفقرة الأولى( و ظروف عينية )الفقرة الثانية( .

الفقرة الأولى : الظروف المشددة الشخصية

تشدد العقوبة الجارية على الاغتصاب كلما ثبتت صفة محددة إما في المجني عليها أو في الجاني .

ü                  التشديد الراجع إلى صفة معينة في المجني عليها

جاء في الفقرة الثانية من الفصل 486 من القانون الجنائي: " غير أنه إذا كانت سن المجني عليها تقل عن ثمان عشرة سنة أو كانت عاجزة أو معاقة أو معروفة بضعف قواها العقلية أو حاملا، فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة".

و يتضح من هذا النص أن عقوبة السجن تضاعف لتصل إلى عشرين سنة كلما كانت ضحية الاغتصاب قاصرا، أو مصابة بعجز أو إعاقة أو ضعف في القوى العقلية أو حاملا.

و تتمثل علة التشديد فيما تعانيه الضحية، في سائر هذه الحالات من ضعف و هشاشة مما من شأنه تسهيل عملية ارتكاب الجريمة بالنسبة للجاني.

ü                  التشديد الراجع في صفة معينة في الجاني

ورد النص على هذا الظرف المشدد في الفصل 487 من القانون الجنائي المغربي الذي جاء فيه :" إذا كان الفاعل من أصول الضحية أو ممن لهم سلطة عليها أو وصيا عليها أو خادما بالأجرة عندها أو عند أحد من الأشخاص السالف ذكرهم، أو كان موظفا دينيا أو رئيسا دينيا، وكذلك أي شخص استعان في اعتدائه بشخص أو بعدة أشخاص فإن العقوبة هي:

- السجن من خمس إلى عشر سنوات، في الحالة المشار إليها في الفصل 484.

- السجن من عشر إلى عشرين سنة، في الحالة المشار إليها في الفقرة الأولى من الفصل 485.

- السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة، في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية من الفصل 485.

- السجن من عشر إلى عشرين سنة، في الحالة المشار إليها في الفقرة الأولى من الفصل 486.

- السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة، في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية من الفصل 486 ".

يتضح من هذا النص أن علة تشديد عقوبة الجاني في حالة حمله إحدى الصفات المذكورة علة مزدوجة: 

ü                  إساءة استعمال الصفة التي تجعله قريبا من المجني عليها إلى حد عدم احتياطها منه من جهة.

ü                  خيانة الثقة الموضوعة فيه بسبب تلك الصفة إلى حد اغتصابها عنوة بدلا من حمايتها من جهة أخرى.

كما يرى الأستاذ أحمد الخمليشي أن مصطلح الأصول ينصرف إلى الأب و الجد من جهة الأب أو الأم ، و لا يشمل الأب أو الجد من الرضاع[32] .

و نحن نرى عكس ذلك ، إذ يشمل مصطلح الأصول ؛ جميع الأصول سواء كانوا يقربون للمجني عليها عن طريق النسب أو عن طريق الرضاع ، إذ أن المشرع في المادة 38 من مدونة الأسرة يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب و المصاهرة، و بذلك فالعقوبة تكون مشددة سواء كان الأصل بسبب النسب أو الرضاع لاتحاد العلة من التشديد.

كما ينبغي بالإضافة إلى ما ذكر أن تكون العلاقة بين أصل الجاني و المجني عليها التي تعتبر فرعا له ، علاقة قرابة شرعية ، أما إذا كانت علاقة بنوة غير شرعية أو ناتجة عن تبني فتعتبر عديمة الأثر و لا نكون بصدد ظرف التشديد الناتج عن علاقة القرابة.

أما بخصوص السلطة يقتضي أن تكون العلاقة بين الجاني و المجني عليها قائمة إلى فترة ما نسبيا فتدفع الجاني إلى استغلالها و تدعو المجني عليها إلى التسليم تحت تأثيرها .

أما صفة الوظيفة أو الرئاسة الدينية كظرف مشدد للجريمة فتحدد بناءا على المفهوم المبين في الفصل 224 من القانون الجنائي [33]؛ [34]؛ و يعتبر ثبوتها كافيا لتشديد العقاب من دون البحث في مدى استغلال الجاني لوظيفته في سبيل ارتكاب الجريمة أو في وجود علاقة تبعية بين المجني عليها و الجاني. و ترجع العلة من التشديد هو ما يتوفر لديه من نفوذ و سلطة التي يستمدها من هذا المركز و لكون صفته هذه تبعد عنه كل شبهة مما قد يكون ذلك دافعا له لارتكاب هذه الجريمة.

أما صفة الوصاية كسبب للتشديد فينصرف مدلولها إلى الولاية القانونية بحيث تشمل الوصي و المقدم و سائر الأولياء غير الأب أو الجد ، و لكن يجب أن تكون للولاية " علاقة سببية بالجريمة بأن كانت سببا لتعايش الضحية بجوار الجاني الذي استعمل نفوذه  الناج عنها لإرغام المجني عليها و إضعاف مقاومتها المادية و المعنوية " [35].

الفقرة الثانية: الظروف المشددة العينية

تتلخص هذه الظروف المرتبطة بالنشاط المادي في الجريمة في الافتضاض كنتيجة للجريمة، و في الاستعانة بشخص أو عدة أشخاص في ارتكابها.

قدد حدد المشرع المغربي العقوبة الواجبة التطبيق في حالة الاغتصاب الناتج عنه افتضاض بكارة المجني عليها في  السجن من عشر إلى عشرين سنة ؛ فإذا كانت سن المجني عليها تقل عن ثمان عشرة سنة أو كانت عاجزة أو معاقة أو معروفة بضعف قواها العقلية أو حاملا، رفعت العقوبة إلى السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة؛ و تحدد هذه العقوبة في ثلاثين سنة كلما كان الفاعل من أصول الضحية أو ممن لهم سلطة عليها أو وصيا عليها أو خادما بالأجرة عندها أو عند أحد من الأشخاص السالف ذكرهم، أو كان موظفا دينيا أو رئيسا دينيا. و لا يمكن إثبات حالة الافتضاض ، في سائر الحالات السابقة ، إلا عن طريق التقرير الطبي.

كما رفع المشرع العقوبة الجارية على الاغتصاب، على التفصيل الوارد في الفصل 487 المشار إليه، كلما استعان الجاني في اعتدائه بشخص أو عدة أشخاص. و الحكمة من التشديد في هذه الصورة هي أن مساهمة أكثر من شخص في ارتكاب الاغتصاب يسهل وقوع الجريمة، و يكون تأثير السلوك في شل مقاومة المجني عليها القاصرة أكثر فاعلية، و بالتالي ارتكاب الجريمة و إتمامها يكون بشكل أسهل.

و الملاحظ أن المشرع استعمل لفظ " الاستعانة" مما يفيد قيام شخص أو عدة أشخاص بمساعدة الجاني على إتيان الفعل و تسهيله له. و هنا ينبغي عدم الخلط بين شرط تعدد الجناة كظرف مشدد في جريمة الاغتصاب، والذي لا يقوم إلا بالمساهمة المادية والمتزامنة مع واقعة الاغتصاب ذاته، وبين الشروط العامة لقيام المشاركة في الجريمة، كتقديم أدوات أو أية وسيلة أخرى تستعمل في ارتكاب الفعل.

المطلب الثاني : ظروف تخفيف جريمة الاغتصاب

المشرع استحدث من خلال الفصل 486 مكرر آلية جديدة لتخفيض العقوبة في جرائم الاغتصاب و هتك العرض. عند تنازل المجني عليها، و ذلك بتخفيض العقوبة إلى النصف. وقدد عللت لجنة الصياغة هذا المقتضى المستحدث، بكونه يعالج بعض الحالات الاجتماعية، و يقلل من الملفات المحالة على المحاكم ف مثل هذه القضايا و يمكن القول بأن تخفيف الضغط على المحاكم لفعل التنازل فيه نظر من زاوية خطورة الجريمة على الضحية و من زاوية بشاعة الجريمة على المجتمع و ما قد يترتب عليه  من اكتظاظ. من جهة أخرى يعاب على النص إغفاله لنظام المتابعة الجنائية حيث لا دخل لإرادة الضحية إلا في الحالات الاستثنائية التي يشترط فيها القانون شكايتها[36].

خاتمة:

حاولت من خلال هذه الدراسة لموضوع الملامح التشريعية للسياسة الجنائية في مكافحة جريمة الاغتصاب الإجابة عن الإشكالية المطروحة.

و على ضوء ما ذكر اتضح أن العقوبة المقررة لجريمة الاغتصاب و إن كانت مرتفعة لا تتناسب مع الفعل الجرمي الشنيع المرتكب ضد المرأة، و التي لا يستحق عليها الجاني الذي دنس شرف و كرامة الأنثى فقط في 30 سنة كحد أقصى و انما السجن المؤبد و لما لا السير على نهج العديد من الدول التي أقرت عقوبة الإخصاء الكيميائي عن طريق إعطاء المحكوم عليه في جريمة الاغتصاب حقنا تقضي على رغباته الجنسية مدة معينة، فالنص على هذه العقوبة صراحة في القانون الجنائي سيدفع كل من سولت له  نفسه المساس بعرض المرأة إلى التفكير ألف مرة قبل الاقدام على ذلك.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع:

الكتب :

·                      أحمد الخمليشي، القانون الجنائي الخاص، مكتبة المعرفة للنشر و التوزيع، الرباط، سنة 1986، الطبعة 2، الجزء 2.

·                      مدحت عبد الفتاح الخطيب، جرائم العرض و إفساد الأخلاق، دار الأمة العربية للنشر و التوزيع، مصر، سنة 2016، الطبعة الثانية.

·                      عبد الحفيظ بلقاضي، دراسات جديدة في القسم الخاص من القانون الجنائي المغربي و المقارن، مكتبة دار الأمان، الرباط، سنة 2021، الطبعة الأولى.

·                      أبو الوفا محمد أبو الوفا، العنف داخل الأسرة بين الوقاية و التجريم و العقاب في الفقه الاسلامي و القانون الجنائي ، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية ،سنة 2000، دون طبعة.

·                      أحمد بن تيمية، السياسة الشرعية في إصلاح الراعي و الراعية، مكتبة نزار، الرياض، سنة 2004، دون طبعة.

·                      أحمد الخمليشي ، القانون الجنائي الخاص ، مكتبة المعارف، الرباط، السنة 1981، الطبعة الأولى، الجزء الأول، ص 269.

·                      عبد الواحد العلمي ، شرح القانون الجنائي المغربي، القسم الخاص، مطبعة النجاح الجديدة،  2013، الطلعة السادسة.

·                      عمر السعيد رمضان، شرح قانون العقوبات – القسم الخاص - ، دار النهضة العربية للنشر و التوزيع ،القاهرة، سنة 1998، بدون طبعة.

·                      عبد المهيمن بكر ، قانون العقوبات – القسم الخاص-، جرائم الاعتداء على الأشخاص و الأموال، دار النهضة العربية ، القاهرة، سنة  1970،  بدون طبعة.

·                      عبد الله الأحمدي، الجرائم الأخلاقية ، الخدمات العامة للنشر، تونس ، سنة 2001، الطبعة الثانية.

·                      سعاد التيالي، السياسة الجنائية في مواجهة بعض السلوكات الاجرامية ، مطبعة آنفو، فاس، سنة 2020، الطبعة الأولى.

المجالات :

·                      العربي البوبكري، سياسة المشرع المغربي في مواجهة ظاهرة الاغتصاب، مجلة المنبر القانوني، العدد 5 ، سنة 2013.

·                      محمد علي البار ، مشكلة الخنثى بين الطب و الفقه، مجلة المجمع الفقهي الاسلامي، العدد الأول، سنة 2005.

·                      محمد الشافعي، تجريم لاغتصاب بين الزوجين في القانون الفرنسي، مجلة القوانين العربية، دون ذكر العدد، مارس 2021.

·                      حياة البراقي، قانون محابة العنف ضد النساء: أي إضاقة لمدونة الاسرة؟، المجلة الجزائرية للقانون المقارن، العدد 3، سنة 2020، ص 20

·                      عدنان مفيد، الاغتصاب الزوجي بين التجريم والاباحة، المجلة الدولية للعلوم القانونية و السياسية، العدد 6، سنة 2019.

الرسائل :

·                      مرزوق المطيري، أثر الإكراه على المسؤولية الجنائية في جريمة الزنا بين الشريعة الاسلامية و القانون و تطبيقاتها في المملكة العربية السعودية ،رسالة ماجستير في التشريع الجنائي الاسلامي، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، السنة الجامعية 2004/2005.

·                      رشيد براضة، المنازعات الأسرية ذات الصبغة الزجرية – الرابطة الزوجية نموذجا-، رسالة  لنيل شهادة الماستر في الفقه و القانون  ، كلية الشريعة ،جامعة ابن زهر أكادير ، السنة الجامعية 2015/2016.

·                      رشيد براضة، المنازعات الأسرية ذات الصبغة الزجرية – الرابطة الزوجية نموذجا-، رسالة  لنيل شهادة الماستر في الفقه و القانون  ، كلية الشريعة ،جامعة ابن زهر أكادير ، السنة الجامعية 2015/2016.

·                      عفيفة زاغز، استراتيجيات المواجهة و علاقتها بالاضطرابات النفسية التالية للصدمة لدى النساء ضحايا الاغتصاب، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، علم النفس الجنائي،كلية العلوم الانسانية و الاجتماعية، جامعة المسيلة، الجزائر، السنة الجامعية 2011-2012.

 

مراجع باللغة الأجنبية :

·                      Ferrando ,Mantovani ,Diritto penal ,parte Speciale, II - Delitti contro il patrimonio ,6 ed ,Cedam , Padova , 2016 .



[1] : عفيفة زاغز، استراتيجيات المواجهة وعلاقتها بالاضطرابات النفسية التالية للصدمة لدى النساء ضحايا الاغتصاب، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، علم النفس الجنائي، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية، جامعة المسيلة، الجزائر، السنة الجامعية 2011-2012، ص 2.

[2] : أحمد الخمليشي ، القانون الجنائي الخاص، مكتبة المعرفة للنشر و التوزيع، الرباط، 1986، الطبعة 2، الجزء 2،ص 266.

[3]: العربي البوبكري، سياسة المشرع المغربي في مواجهة ظاهرة الاغتصاب، مجلة المنبر القانوني، العدد 5 ، سنة 2013، ص 242

[4]: يقصد بالخنثى في الفقه القانوني اجتماع عضو التذكير و التأنيث في شخص واحد، و الخنثى على نوعين: خنثى غير مشكل ، و هو الذي يتضح لديه علامات الذكورة أو الأنوثة منذ الصغر، حيث ينسب  إلى أحد الجنسين، الذكر أو الأنثى، فإذا كان له عضو ذكري واضح يعتبر ذكر، و لا قيمة للعضو الأنثوي فير الواضح، و إذا كان له فرج واضح يعتبر أنثى، و لا قيمة للعضو الذكري غير الواضح . أما الخنثى المشكل فهو الذي لا تتضح لديه علامات التمييز، و يظل هكذا إلى أن تظهر عليه علامات الذكورة أو الأنوثة عند البلوغ.

انظر : مدحت عبد الفتاح الخطيب، جرائم العرض و إفساد الأخلاق، دار الأمة العربية للنشر و التوزيع ، مصر، سنة 2016، الطبعة الثانية، ص 145.

[5] : محمد علي البار ، مشكلة الخنثى بين الطب و الفقه، مجلة المجمع الفقهي الاسلامي، العدد الأول، سنة 2005، ص 228

[6] : الفصل 271 من القانون الجنائي المغربي ينص :" من لوث جثة أو مثل بها أو ارتكب عليها عملا من الأعمال الوحشية أو البذيئة يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات و غرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم".

[7] : الفصل 296 من القانون الجنائي :" من ارتكب عملا من شأنه الإخلال بالاحترام الواجب للموتى في مقبرة أو في أي مكان آخر للدفن، يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر و غرامة من مائتين إلى مائتين و خمسين درهما".

يجب الإشارة أنه  بالرغم من بشاعة هذا الفعل ،إلا أن هذه الممارسات ليست نادرة الحدوث ؛ فالكل يتذكر واقعة مدينة سلا سنة 2013 حيث ادانت غرفة الجنايات بالرباط المتهم البالغ من العمر 27 سنة الذي استخرج جثة طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات من قبرها و اعتدى عليها جنسيا و تم الحكم عليه بخمس سنوات .

[8] : عبد الحفيظ بلقاضي، دراسات جديدة في القسم الخاص من القانون الجنائي المغربي و المقارن، مكتبة دار الأمان، الرباط، سنة 2021، الطبعة الأولى، ص 426

[9] : الآية 223 من سورة البقرة

[10] : الآية 222  من سورة البقرة

[11] : أبو الوفا محمد أبو الوفا، العنف داخل الأسرة بين الوقاية و التجريم و العقاب في الفقه الاسلامي و القانون الجنائي ، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية ،سنة 2000، دون طبعة، ص 71

[12] : مرزوق المطيري، أثر الإكراه على المسؤولية الجنائية في جريمة الزنا بين الشريعة الاسلامية و القانون و تطبيقاتها في المملكة العربية السعودية ،رسالة ماجستير في التشريع الجنائي الاسلامي، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، السنة الجامعية 2004/2005، ص 179

[13] : أحمد بن تيمية، السياسة الشرعية في إصلاح الراعي و الراعية، مكتبة نزار، الرياض، سنة 2004، دون طبعة، ص 113

[14] : أخرجه البخاري 3237، و مسلم 1436، باختلاف يسير

[15] : سورة النساء ، الآية 34

[16] : Cour de Cassation ;Chambre criminelle, du 5 septembre 1990 ,N° de pourvoi :90-83 .786 , Publié au bulletin.

[17] : Cour de Cassation ;Chambre criminelle, du 11 juin  1992 ,N° de pourvoi :91-86 .346 , Publié au bulletin. « ….alors que la présomption de consentement des époux aux actes sexuels accomplis dans l’intimité de la vie conjugale ne vaut que jusqu’à preuve contraire.. »

[18] : رشيد براضة، المنازعات الأسرية ذات الصبغة الزجرية – الرابطة الزوجية نموذجا-، رسالة  لنيل شهادة الماستر في الفقه و القانون  ، كلية الشريعة ،جامعة ابن زهر أكادير ، السنة الجامعية 2015/2016، ص 150-151

[19] : محمد الشافعي، تجريم لاغتصاب بين الزوجين في القانون الفرنسي، مجلة القوانين العربية، دون ذكر العدد، مارس 2021، ص4.

[20] : أحمد الخمليشي ، القانون الجنائي الخاص ، مكتبة المعارف، الرباط، السنة 1981، الطبعة الأولى، الجزء الأول، ص 269

انظر في نفس المعنى: عبد الواحد العلمي ، شرح القانون الجنائي المغربي، القسم الخاص، مطبعة النجاح الجديدة،  2013، الطلعة السادسة، ص 201.

[21] : حياة البراقي، قانون محابة العنف ضد النساء: أي إضاقة لمدونة الاسرة؟، المجلة الجزائرية للقانون المقارن، العدد 3، سنة 2020، ص 20

[22] : محكمة الاستئناف الجديدة، قرار عدد 122،الصادر بتاريخ 05/06/2013، ملف جنائي عدد : 36/2644/2013،غير منشور

[23] : عدنان مفيد، الاغتصاب الزوجي بين التجريم و الاباحة، المجلة الدولية للعلوم القانونية و السياسية، العدد 6، سنة 2019،ص 147

[24] : الفصل 22 من دستور 2011.

[25] :Ferrando ,Mantovani ,Diritto penal ,parte Speciale, II - Delitti contro il patrimonio ,6 ed ,Cedam , Padova , 2016 ,page 409

[26] : محكمة الاستئناف بطنجة، قرار عدد 232، الصادر بتاريخ 09/04/2019، ملف جنائي رقم 203/2612/2019، غير منشور

[27] : انظر : تقرير أممي يدعو إلى ضرورة تجريم الاغتصاب الزوجي في المغرب    www.tanmia.ma

[28] : عبد الحفيظ بلقاضي، دراسات جديدة في القسم الخاص من القانون الجنائي المغربي و المقارن، م س ، ص 432.

[29] : عمر السعيد رمضان، شرح قانون العقوبات – القسم الخاص - ، دار النهضة العربية للنشر و التوزيع ،القاهرة، سنة 1998، بدون طبعة، ص 226.

[30]  : عبد المهيمن بكر ، قانون العقوبات – القسم الخاص-، جرائم الاعتداء على الأشخاص و الأموال، دار النهضة العربية ، القاهرة، سنة  1970،  بدون طبعة ،ص 193

[31] : عبد الله الأحمدي، الجرائم الأخلاقية ، الخدمات العامة للنشر، تونس ، 2001، الطبعة الثانية، ص 48

[32] : أحمد الخمليشي ، القانون الجنائي الخاص، م س ، ص 272

[33] :  ينص الفصل 224 من القانون الجنائي : يعد موظفا عموميا ، في تطبيق أحكام التشريع الجنائي ، كل شخص كيفما كانت صفته ، يعهد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة و لو مؤقتة بأجر أو بدون أجر و يساهم بذلك في خدمة الدولة، أو المصالح العمومية او الهيئات البلدية، أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام."

[34] :  ينص الفصل 224 من القانون الجنائي : يعد موظفا عموميا ، في تطبيق أحكام التشريع الجنائي ، كل شخص كيفما كانت صفته ، يعهد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة و لو مؤقتة بأجر أو بدون أجر و يساهم بذلك في خدمة الدولة، أو المصالح العمومية او الهيئات البلدية، أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام."

[35] : أحمد الخمليشي، القانون الجنائي الخاص، م س ، ص 272

[36]: سعاد التيالي، السياسة الجنائية في مواجهة بعض السلوكات الاجرامية ، مطبعة آنفو، فاس، سنة 2020، الطبعة الأولى.ص 328


إرسال تعليق

0 تعليقات