آخر الأخبار

Advertisement

بيانات عقد النقل البحري للبضائع "سند الشحن" - الأستاذ يحيى سعيد ناصر النعيمي، العدد 46 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


  بيانات عقد النقل البحري للبضائع "سند الشحن" - الأستاذ يحيى سعيد ناصر النعيمي، العدد 46 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


رابط تحميل المجلة التي تتضمن المقال بصيغتها الرقمية PDF الرابط أذناه:


https://www.allbahit.com/2022/08/46-2022-24.html



 

الأستاذ يحيى سعيد ناصر النعيمي

       باحث بسلك الدكتوراه بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية

السويسي - الرباط

 بيانات عقد النقل البحري للبضائع "سند الشحن"

Data of the contract of maritime transport of goods "Bill of Lading"

 

ملخص:

إن أهمية سند الشحن البحري الذي يعد اهم اشكال عقد النقل البحري واوسعها انتشارا، والذي يتعدى دوره بانه اثبات على وجود العقد فقط، بل ويصل الى حد اعتباره ملكية تداول للبضائع، لذا قام الباحث بداية بتحديد ماهية سند الشحن البحري؛ من خلال تحديد مفهوم سند الشحن البحري في التشريع المغربي والتشريع القطري والاتفاقيات الدولية، ثم عرج الباحث على تناول بيانات عقد النقل البحري، وحيث كان سند الشحن يقترب من الأوراق المالية فعرج الباحث الى البحث والتحليل في اشكال وثيقة الشحن البحري وما ذهب اليه الفقهاء من اختلافات.

الكلمات المفاتيح: سند الشحن. عقد النقل. بيانات

Summary:

The importance of the waybill, which is the most important form of the contract of carriage of goods by sea and the most widely used, and whose role goes beyond the mere proof of the existence of the contract, and even goes as far as considering it as the property of the movement of goods. Thus, the researcher first determined the nature of the maritime bill of lading; By defining the concept of the maritime bill of lading in the Moroccan legislation, Qatari legislation and international conventions, then the researcher turned to the data of the maritime transport contract, and where the bill of lading was close to the securities, the researcher went to research and analysis in the forms of the maritime transport document and the differences on which the lawyers went.

Keywords: bill of lading. Transfer contract .Data.

مقدمة:

إن دراسة عقد النقل البحري بشكل صحيح والالمام بمختلف جوانبه المتفرعة، فرض علينا التطرق لماهية سند الشحن في الفقرة الأولى، على ان نخصص الفقرة الثانية للحديث عن اشكال وثيقة الشحن البحري.

الفقرة الأولى: ماهية سند الشحن البحري: إن الوقوف على ماهية سند الشحن البحري تفرض علينا بداية تعريف سند الشحن، وتحديد بياناته وصولا الى الكشف عن وظيفته وهو ما سنحاول الوقوف عليه بشكل مفصل فيما يلي:

أولا: تعريف سند الشحن : ينصرف لفظ سند الشحن للدلالة على وثيقة النقل البحري، ويعتبر قدم ظهور الوثيقة، قدم ظهور النقل البحري بمفهومه الاقتصادي وذلك في القرن الرابع عشر[1]، وتهدف وثيقة الشحن من تحديد عناصر عقد النقل، ووصف البضائع[2]، وتختلف مسميات الوثيقة باختلاف الأنظمة القانونية، حيث تسمى " تذكرة الشحن " في القانون المغربي، و"سند الشحن" في القانون القطري و"بوليصة الشحن" في أنظمة عربية أخرى[3]، وايما كانت المسميات، إلا أن هذه الوثيقة تقوم على نفس العناصر والحجية، فهو يقوم في العمل بثلاث وظائف فهو أداة لإثبات الشحن، وأداة لإثبات عقد النقل، وأخيرا فإنه يمثل حيازة البضاعة التي يتعلق بها[4].

بعبارة أخرى يعرف سند الشحن بأنه وثيقة أو إيصال يصدرها الناقل أو الربان الى الشاحن بحيث تحرر نسختين؛ نسخة للناقل ونسخة أخرى للشاحن[5]

ويعتبر سند الشحن أو تذكرة الشحن بمثابة عقد بين الناقل والشاحن يعبر عن الاتفاق الواقع بين الطرفين في انشاء الالتزام بالنقل، فهو إيصال بالاستلام أو اعتراف خطي بالبضائع التي يتسلمها الربان حسب سالف الذكر[6] .

وبهذا التعريف نجد ان الفصل 209 من القانون البحري المغربي قد عرف تذكرة الشحن بأنه "اعتراف خطي بالبضائع التي يتسلمها الربان"، إلا أن المشرع القطري لم يحذو حذو المشرع المغربي في هذا التعريف، بل إنه لم يعرفه تعريفا دقيقا بتاتا. وبهذا ندعو المشرع القطري إلى الحذو بالمشرع المغربي في تعريف السند على النحو الوارد لاحقا.

إما على مستوى الاتفاقيات الدولية: فنجد أن إتفاقية بروكسل 1924، قد خلت من تعريف سند الشحن البحري، الا ان إتفاقية هامبورغ لسنة 1978، وفي الفقرة السابعة من المادة الأولى عرفت وثيقة السند البحري على انه "وثيقة تثبت انعقاد عقد نقل وتلقي الناقل للبضائع أو شحنه لها، ويتعهد الناقل بموجبها بتسليم البضائع مقابل استرداد الوثيقة. وينشأ هذا التعهد عن وجود نص في الوثيقة يقضي بتسليم البضائع لأمر شخص مسمى، أو تحت الإذن، أو لحاملها".

أما إتفاقية روتردام 2008، فقد اخذت منحى أفضل واقعيا وعمليا ومواكبا للتطورات العالمية في مجال سرعة ابرام الصفقات لتأثيره على الأسعار وجذب للزبائن، حيث استعملت مصطلح "وثائق النقل" فقط، مما أسهم هذا المصطلح في فتح الباب الى خروج  مصطلح جديد وهو سند الشحن الإلكتروني، حيث عرفته الفقرة 18 من المادة الأولى، بأنه "المستندات الالكترونية أو سجل النقل الالكتروني بانه المعلومات الواردة في رسالة واحدة أو أكثر يصدرها الناقل بوسيلة اتصال إلكترونية بمقتضى عقد سجل النقل بما فیها المعلومات المرتبطة منطقیا بسجل النقل الالكتروني بواسطة مرفقات أو الموصولات بطريقة أخرى بسجل النقل الإلكتروني إبان أو عقب إصداره من جانب الناقل بحيث تصبح جزءا من سجل النقل الإلكتروني....).

ثانيا: بيانات سند الشحن: يراد ببيانات سن الشحن تلك المعطيات التي تتطلب لتحديد السند الشحن تحديدا نافيا للجهالة[7]، وقد أورد المشرع المغربي في قانون التجارة البحرية ومن خلال الفصل 210 البيانات الواجب توافرها في تذكرة الشحن:

-      تعيين البضائع المسلمة إلى الناقل مع الإشارة إلى كميتها وعلامتها الفارقة.

-      تاريخ تسليم التذكرة

-      اسم الشاحن وموطنه

-      اسم المجهز أو مؤجر السفينة وموطنه

-      مكان اقلاع السفينة ومكان وصولها  

-      أجرة النقل، إلا إذا وقعت الإحالة إلى مشارطة الإيجار أو إلى أي اتفاق آخر

-      عدد نظائر تذكرة الشحن التي أنشأها الربان.

 كل نظير من تذكرة الشحن لا يتضمن البيانات المشار إليها أعلاه لا يعتبر إلا بداية حجة".

وأورد المشرع القطري في القانون البحري في المادة 144 انه "يجب أن يكون سند الشحن مؤرخاً وموقعاً عن الناقل أو من ينوب عنه، ويذكر في سند الشحن اسم كل من الناقل والشاحن والمرسل إليه وموطن كل منهم وصفات البضائع وعلى الخصوص عدد الطرود أو القطع أو الكمية أو الوزن على حسب الأحوال طبقاً للبيانات التي يقدمها الشاحن وعلامات البضائع وحالتها وشكلها الظاهر وميناء القيام وميناء الوصول واسم السفينة وحمولتها وجنسيتها واسم الربان ومقدار أجرة النقل وكيفية حسابها ومكان إصدار السند وعدد النسخ التي حررت منه ويجب أن تكون العلامات الموضوعة على البضائع كافية لتعيينها وأن توضع بحيث تبقى قراءتها ممكنة حتى نهاية الرحلة.

ويلاحظ ان البيانات التي يتطلبها القانون القطري تتفوق كما وكيفا على تلك البيانات التي يتطلبها القانون المغربي وقد يرجع ذلك للتطور في قطاع النقل البحري الذي حدث بين 1919 (تاريخ صدور القانون المغربي) و1980 (تاريخ صدور القانون القطري).

أما على مستوى الاتفاقيات الدولية، فالفقرة 3 من المادة 3 من اتفاقية بروكسل 1924، تنص على "على الناقل أو الربان أو وكيل الناقل، بعد استلام البضائع وأخذها في عهدته، أن يسلم إلى الشاحن بناء على طلب الشاحن، سند شحن يتضمن مع بياناته المعتادة البيانات الآتية:

أ‌-    العلامات الرئيسية اللازمة للتحقق من نوع البضائع وذلك طبقا لما يقدمه الشاحن بالكتابة قبل البدء في شحن هذه البضائع. على أن تكون هذه العلامات مطبوعة أو موضوعة بأية طريقة أخرى ظاهرة على البضائع غير المغلفة أو على الصناديق أو الأغلفة المعبأة فيها البضائع بحيث تظل قراءتها ممكنة حتى نهاية السفر.

ب‌-                    عدد الطرود أو القطع أو الكمية أو الوزن، على حسب الأحوال، طبقا للبيانات التي يقدمها الشاحن كتابة

ت‌-                    حالة البضائع وشكلها الظاهر.

وبناءا على ما سبق يمكن القول أن أهم البيانات في سند الشحن تتلخص في:

-      تحديد هوية الأطراف؛ ويتحقق ذلك بذكر اسم الشاحن وعنوانه ،واسم الناقل مع تحديد واضح لصفته.

-      بيان البضائع المشحونة: اذ يتعين أن تتضمن وثيقة الشحن جملة من البيانات أي البضائع الواجب نقلها؛ وهي العلامات الرئيسية والضرورية للتعريف بالبضائع على الحالة المتقدمة فيها كتابيا من قبل الشاحن قبل البدئ بتحميلها، مع ذكر عدد الطرود والاشياء وكميتها ووزنها كما قدمت كتابة من قبل الشاحن، دون أن ننسى تبيان حالة وشكل البضائع الظاهران.

-      الإخطار عن نوعية البضاعة: إن الشاحن  ملزم بضرورة اخطاره بل وتحذيره من البضائع ذات الخطورة مع تبيان كيفية الوقاية، كذلك عليه إحاطة الناقل لهذه البضائع وله الخيار بنقلها أو رفضها ، والشاحن يعد مسؤولا ويعوض الضرر الناجم في حالة إثبات عدم صحة البيانات التي ادلى بها[8].

-      عناصر الرحلة الواجب اتمامها: بحيث يجب ان تتضمن وثيقة الشحن اسم السفينة التي تشحن عليها البضاعة مع تحديد جنسيتها حتى يسهل معرفة ميعاد وصولها لاستيلام البضاعة[9].

-      قيمة أجرة الحمولة: يجب ان تتضمن وثيقة الشحن قيمة الاجر الذي اتفق عليه الشاحن والناقل والواجب دفعه، وهو ما نصت عليه اتفاقية هامبورغ في المادة 15 الفقرة 1 البند "ك" ما يستحق على المرسل إليه من أجرة النقل أو إشارة أخرى تدل على أن أجرة النقل مستحقة عليه".

-      تحديد ميناء الشحن والتفريغ: ويراد بها تحديد عناصر الرحلة والتي تشمل كلا من ميناء الشحن وميناء التفريغ الذي يمكن اتباعه وبتواريخ الانطلاق والوصول[10].

-      تاريخ ومكان اصدار وثيقة الشحن وهو ما نصت عليه اتفاقية هامبورغ في المادة 15. والغاية من وراء لزوم هذه البيانات من جهة أولى أنها تحدد وقت انتقال البضاعة الى الناقل وما يتبع ذلك من تحميله المسؤولية بدءا من ذلك الحين، وتكون المسؤولية ناجمة عن الهلاك والاضرار اللاحقة بالبضاعة او تلفها او التأخير لهذا يتم ذكر تاريخ شحنها، ومن جهة ثانية أن هذه البيانات هي دلالة على وفاء البائع بالتزاماته بتسليم البضاعة في الميعاد المتفق عليه في البيوع البحرية، ومن جهة ثالثة ان تحديد التاريخ يفي في انتقال حيازة البضائع ومدى سلامتها.

أما فيما يخص التوقيع فيتعين أن تكون الوثيقة موقعة من لدن الشاحن والناقل وهو ما ينسجم ووظيفة سند الشحن كما سنرى لاحقا، هنا لابد من القول أن توقيع الشاحن لم تنص عليه لا معاهدة بروكسيل و هامبورغ، في حين أن توقيع الناقل يعد تعبيرا في ارادته واعترافه بالوثيقة وما تتضمنه من بيانات وأن البضاعة أضحت بحيازته وتحت مسؤوليته ويلتزم بتسليمها إلى الشاحن.

وقبل الانتقال الى الحديث على وظيفة سند الشن كان لزاما علينا الوقوف عند ملاحظة أساسية مفادها ان سند الشحن يحرر في نسختين تسلم احداها الى الشاحن وتبقى الأخرى لدى الناقل، كما قد يتطلب الامر اصدار أكثر من نسختين حسب الحاجة.

ثالثا: وظيفة سند الشحن: تتعدد وظائف سند الشحن، ويمكن اجمالها فيما يلي:

سند الشحن وسيلة إثبات لعقد النقل البحري: سبق وأن ذكرنا أن عقد النقل البحري من العقود الرضائية بحيث ينعقد بناءا على ارادة الشاحن والناقل، وموضوعه هو نقل البضاعة عبر البحر وتسليمها المرسل اليه.

والقول بأن سند الشحن وسيلة اثبات لعقد النقل ولكن ليس العقد نفسه، خصوصا وأن عقد النقل موجود قبل اصدار سند الشحن. 

سند  الشحن هو سند ملكية البضاعة: ويراد بذلك أن حامل السند له مركز قانوني يعامل كحامل للبضائع وهو ما يعد دليلا لإثبات البضاعة، بل إن بعض الباحثين قالو أن حامل السند يقوم مقامها[11]، وبموجبه يمكن لحامل سند الشحن اثبات الحق في استيلام البضائع في ميناء الوصول.

سند الشحن هو إيصال بتسليم البضاعة: بعبارة أخرى يعد سند الشحن أداة استلام الناقل للبضاعة الموصوفة من قبل الشاحن، لكن قد يقع أن يتم استلام البضاعة قبل شحنها على متن السفينة[12]، ففي هذه يتم اثبات واقعة الاستلام للبضاعة في هذه الناقلة؛ أي أن البضاعة أصبحت في عهدته دون شحنها في سند برسم الشحن.

ختاما تبقى الوظيفة الأساسية لسند الشحن في إثبات عملية شحن البضاعة ذاتها، وظيفة إثبات عقد النقل ذاته، هذا بالإضافة إلى وظيفته كسند يثبت ملكية البضاعة المشحونة، إذ يكفي أن يتقدم بسند الشحن من تم تحويله إليه من الغير أو من تم تقديمه إليه، كالدائن المرتهن للبضاعة ليتسلم البضاعة المشحونة من الربان ويحوزها[13].

الفقرة الثانية: اشكال وثيقة الشحن البحري:

لما كان سند الشحن يقترب من الأوراق التجارية، فان اشكال وثائق الشحن تتعدد بان يكون اسميا أو لأمر أحد أو لحامله أو اما يكون الشحن إلكترونيا: وسيعرضه الباحث تعريفاته على النحو التالي:

أولا: سند الشحن الاسمي: وهذا الشكل هو الشكل الأساسي لسند الشحن البحري، ويكون بتعهد الناقل أو الربان بتسليم البضاعة للشخص المعين في سند الشحن البحري (ويمكن تعريفه بأنه السند الذي يصدر من الربان ويحمل اسم شخص معين هو الشاحن أو المرسل إليه)[14].

أي السند الذي يصدر باسم شخص معين وفي حالة كان الشاحن والمرسل إليه شخصا واحدا فقط، ويجوز صدور هذا النوع من السندات بين الشركة الام وفروعها المنتشرة بدول العالم. ويمنع على الربان تسليم البضاعة الا الى الشخص المعين اسمه في السند.[15] 

وقد أختلف الفقهاء حول هذا النوع من السند ومتى يكون السند أسميا إلى اتجاهين، الاتجاه الأول: ان سند الشحن البحري يكون اسميا إذا صدر باسم شخص معين وفي هذه الحالة إما أن يكون صادرا باسم الشاحن نفسه وإما أن يحدد الشاحن اسم المرسل إليه الذي يتسلم البضاعة في ميناء الوصول.[16]

وذلك على سند من واقع النماذج المنتشرة لسندات الشحن البحري والتي تقسم الجزء الخاص بالمرسل إليه إلى قسمين: الأول خاص بصاحب الحق في تسلم البضاعة، والثاني خاص بالشخص الواجب إبلاغه عند وصول البضاعة، وعلى ذلك إذا تمت كتابة اسم الشاحن في الجزء به وكذلك في الجزء الخاص بالمرسل إليه، فإن الأمر يشير إلى عدم تدخل شخص ثالث في تنفيذ عقد النقل البحري، بوصفه مرسلا إليه، وفي مثل هذا الفرض إذا لم يسبق اسم المرسل إليه في الخانة الخاصة به بیان شرط الأذن أو الأمر كان سند الشحن أسميا[17]. 

والاتجاه الثاني وهو الغالب في الفقه، يرى أنصاره[18] أن سند الشحن لا يتخذ هذا الشكل عمليا إلا في الحالة التي تكون فيها البضاعة مرسلة للشخص نفسه أو وكيله من حيث يكون الشاحن والمرسل إليه شخصا واحدا أو أحدهما وكيلا أو عاملا لدى الآخر، حيث تندمج شخصية المرسل والمرسل إليه في شخص مالك السند[19] ، باعتبار أن سند الشحن الاسمي لا يعتبر سندا ممثلا للبضاعة المشحونة، فحيازة السند الممثل للبضائع تمثل حيازة البضائع عندما يكون من الممكن نقل الحق في التسلم والحق في التصرف دون تدخل الربان بمجرد نقل السند نفسه بالتظهير إذا كان للأذن أو بمجرد التسليم إذا كان للحامل.

وفي هذه الحالة لا يلتزم الربان بالتخلي عن البضائع إلا لحامل السند الذي يكون له الحق في تسلمها، أما عندما يكون السند اسميا فإنه لا يمثل حيازة البضاعة المشحونة، لأن التنازل عن الحقوق التي يخولها السند سيتبع بشأنه إجراءات الحوالة المدنية.[20] وهذا ما ذهب اليه المشرع المغربي في المواد (189 إلى 210) من قانون الالتزامات والعقود المغربي والتي يقابلها المواد من (324 إلى 336) من القانون المدني القطري في شأن حوالة الحق.

كما نص المشرع القطري في القانون البحري في المادة (146) "ويجوز التنازل عن سند الشحن الاسمي باتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون المدني بشأن حوالة الحق. وعلى الناقل أن يسلم البضائع للمتنازل إليه الأخير". ويقابله الفصل (345) من القانون البحري المغربي على "أن تذكرة الشحن الأسمية لا تقبل التداول ولا يجوز للربان أن يسلم البضائع إلا لشخص المعين أسمه في التذكرة".

ثانيا: وثيقة الشحن لأمر[21]: السند الذي يصدر لأمر الشاحن أو المرسل إليه في الأصل العام. وهذا الشكل أقرب سندات الشحن الى الأوراق التجارية فبمجرد اشتراط شرط الأمر بالقبول، فانه يؤدي إلى قابلية انتقال الشحن بالطرق التجارية أي بالتظهير.

 وهذا الشكل هو الغالب على سند الشحن، والأكثر شيوعا. عدا أنه لا تضامن بين الموقعين على سند الشحن لأن البضائع المشحونة تنتقل من يد الأخرى بسرعة وفي أماكن مختلفة مما يتعذر معه افتراض أن يكون المظهرون ارادوا التضامن بينهم.[22]

ويمكن تظهير السند على بياض ويتم بأن يكتب المستفيد أسمه على ظهر السند، وبهذا الإجراء يتحول السند من سند الأمر إلى سند لحامله، او أن يكتب المستفيد على ظهر السند " يسلم لأمر المستفيد الجديد"، وبهذا يظل السند لأمر ولكن سندا لأمر المستفيد الجديد، أما إذا ظهر باسم المرسل إليه الجديد بدون كلمة لأمر، بهذا الإجراء يتحول السند من سند الأمر إلى سند أسمي.[23]

 ثالثا: سند الشحن لحامله:  يعرف سند الشحن لحامله بأنه السند الذي يخلو من شرط الأذن عندما يرد صراحة أنه لحامله أو عندما لا يذكر اسم المرسل إليه[24].

 وهذا النوع اقل الأنواع شيوعا، ويكون سند الشحن لحامله، أي تكون البضاعة مخصصة لمن يحمل هذا الشكل من الوثائق، وتسلم اليه البضاعة بمجرد اظهار الوثيقة. [25]

ويتم تداول هذا النوع من السندات بمجرد التسليم اليدوي، كما نص الفصل (247) من القانون البحري المغربي على أن "تذكرة الشحن المحررة للحامل قابلة للتداول بمجرد المناولة ويتعين على الربان أن يسلم البضائع لكل شخص يتقدم إليه وهو حامل لهذه التذكرة". وقد نصت على ذلك المادة (4 / 232) من القانون البحري القطري " ويتداول سند الشحن المحرر للحامل بالتسليم، ويسري هذا الحكم على سند الشحن المحرر للأمر والمظهر على بياض".

وفي مثل هذه الحالة يندمج الحق في السند نفسه[26]،  ويصبح من يحوز السند وكأنه يحوز البضاعة حيازة حكمية ويترتب على ذلك أنه يحق لم يحوز مثل هذا السند مطالبة الناقل بتسليمة البضاعة.[27]

نص المشرع المغربي في المادة 211 من القانون البحري على أنه "يمكن أن تحرر تذكرة الشحن على اسم شخص معين أو للأمر أو للحامل" ويتبين ان المشرع اخذ بالأنواع كلها الخاصة بشكل السند، ولم يستثني أي نوع الا انه اشترط في المادة 245 في حالة كان السند اسميا ان لا يسلم الربان البضاعة الا للشخص المعين بالسند "أن تذكرة الشحن الاسمية لا تقبل التداول ولا يجوز للربان أن يسلم البضائع إلا لشخص المعين اسمه في التذكرة".

ويبدو أن المشرع القطري اتفق مع المشرع المغربي في جزء، وخالفه في جزء اخر، حيث نصت المادة 146 من القانون البحري القطري على ان "يحرر سند الشحن باسم شخص معين أو لأمره أو لحامله" الا انه اختلف مع المشرع المغربي عندما أجاز التنازل عن سند الشحن الاسمي بشرط اتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون المدني بشأن حوالة الحق والتي لا يمكن للبضاعة ان تنتقل الا بها، حين ذكر "ويجوز التنازل عن سند الشحن الاسمي باتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون المدني بشأن حوالة الحق"[28].

ويعاب على هذا النوع من السندات التي يندر استعمالها في الوقت الحاضر لأنها إذا تعرضت للسرقة أو الضياع يحق لمن عثر عليها استلام البضاعة التي تمثلها هذه المستندات، فقد لا يتمكن حاملها الشرعي من إثبات ملكيته لها لكونها لا تحمل أسمه[29].

خاتمة:

ختاما يمكن القول أن سند الشحن البحري له من الخصوصيات ما يجعله أكثر اشكال عقد النقل البحري وأوسعها انتشارا، والذي يتعدى دوره بانه اثبات على وجود العقد فقط، بل ويصل الى حد اعتباره ملكية تداول للبضائع، هاته الخصوصية يستمدها من كونها ترتبط بأقدم أنماط النقل الا وهو النقل البحري ، اذ يعتبر سند الشحن أو تذكرة الشحن بمثابة عقد بين الناقل والشاحن يعبر عن الاتفاق الواقع بين الطرفين في انشاء الالتزام بالنقل، فهو إيصال بالاستلام أو اعتراف خطي بالبضائع التي يتسلمها الربان ".

هاته المكانة هي ما تبرر اهتمام مختلف التشريعات بها سواء الوطني مثلا المشرع المغربي والقطري او الدولي حيث كانت محل تنظيم في اطار اتفاقيات دولية مثلا، إتفاقية بروكسل 1924، إتفاقية هامبورغ لسنة 1978،إتفاقية روتردام 2008.

لائحة المراجع:

الكتب

-                     احمد حسنى: البيوع البحرية: دراسة لعقود التجارة البحرية الدولية سيف وفوب، مؤسسة المعارف للطباعة والنشر، سنة 1983.

-                     أحمد غنيم: سند الشحن البحري في إطار الاعتمادات المستندة، د ط، دون مكان النشر، سنة 2000.

-                     أسامة عبد العزيز، التنظيم القانوني للنقل بطريق الحاويات، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2004.

-                     بسام عاطف المهتار، معاهدة بروكسل وتعدیلاتها، ط 1 ، منشورات الحلبي الحقوقي، بیروت، 2006.

-                     بضراني نجاة: القانون البحري، الجزء الأول، دار النشر الشرقية، طبعة 1993.

-                     ربان مدحت خلوصي: السفينة والقانون البحري، منشأة المعارف، سنة 2000.

-                     عادل علي المقدادي: القانون البحري – السفينة أشخاص الملاحة-النقل البحري-البيوع البحرية-الحوادث البحرية-التأمين البحري، الطبعة الأولى، دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع، سنة 1999.

-                     عدلي أمير خالد- عقد النقل البحري، قواعد واحكام، دار المعارف الجديدة، 2006.

-                     عزيز العكيلي: الوجيز في القانون التجاري، ط 1، دار العلمية للنشر والتوزيع، عمان، 2000.

-                     علي البارودي: القانون البحري، الدار الجامعية، سنة 1988.

-                     كمال حمدي: القانون البحري، ط 03 ، منشأة المعارف، الإسكندریة، 2008.

-                     محمد السيد الفقي، تطور قواعد النقل البحري تحت تأثير استخدام الحاويات، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2007.

-                     محمد بهجت عبد الله أمين قايد، الوسيط في شرح قانون التجارة البحرية، الجزءان الثاني والثالث، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى 2005 – 2004.

-                     محمد فريد العريفي- محمد السيد الفقيهي: القانون البحري والجوي، منشورات الحلبي الحقوقية سنة 2010.

-                     محمود سمير الشرقاوي، القانون البحري، دار النهضة العربية، 2006.

-                     محمود محمد عبابنة، أحكام عقد النقل" البحري الجوي البري" ،ط 1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، 2015.

-                     مصطفى الجمال، دروس في القانون البحري، المكتب المصري الحديث للطباعة والنشر، الإسكندرية، 1968.

-                     مصطفى كمال طه: القانون التجاري والقانون البحري، ط 1، مكتبة الوفاء القانونية، بيروت 2010.

-                     هاني دويدار: النظام القانوني للسلامة والصحة في مجال النقل وخاصة في النقل البحري، دار الجامعة الجديدة الإسكندرية، سنة 2002.

 

الرسائل والأطروحات:

-                     أسماء بوقرة: "عقد النقل البحري للبضائع الجزائري والاتفاقيات الدولية"، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في الحقوق، تخصص قانون دولي خاص، جامعة بن مهدي-ام البواقي-، كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية 2017-2018.

-                     عبد القادر حسين العطير، الوسيط في شرح قانون التجارة البحرية الأردني، الحاويات وأثرها في تنفيذ عقد النقل البحري، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1983.

-                     المحجوب فتح الله: التزامات الناقل البحري في التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وحدة التكوين والبحث قانون الأعمال، كلية الحقوق، جامعة الحسن الأول سطات، 2007-2008.



[1] - احمد حسني، البيوع البحرية، منشورات منشاة المعارف، الإسكندرية 1983 م، ص 28

[2] - أحمد محمود حسني، نفس المرجع السابق، نفس الصفحة. 

[3]- سوف نقوم بالالتزام بمسمى سند الشحن في اعتبارات هذا البحث لتوافق هذه المسمى مع اغلب الأنظمة القانونية العربية.

[4]- مصطفى الجمال، دروس في القانون البحري، المكتب المصري الحديث للطباعة والنشر، الإسكندرية، 1968، ص: 192.

[5]- أسماء بوقرة: عقد النقل البحري للبضائع الجزائري والاتفاقيات الدولية، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في الحقوق، تخصص قانون دولي خاص، جامعة بن مهدي-ام البواقي-، كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية 2017-2018، ص 20.

[6]- مصطفى كمال طه:" القانون التجاري والقانون البحري"، ط 1، مكتبة الوفاء القانونية، بيروت 2010، ص 194.

- المحجوب فتح الله: التزامات الناقل البحري في التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وحدة التكوين والبحث قانون الأعمال، كلية الحقوق، جامعة الحسن الأول سطات، 2007-2008، ص 33.

[7] - أحمد غنيم: سند الشحن البحري في إطار الاعتمادات المستندة، د ط، دون مكان النشر، سنة 2000، ص 28.

[8] - مصطفى كمال طه، مرجع سابق، ص 252.

[9] - مصطفى كمال طه: نفس المرجع، ص 499.

- محمد فريد العريفي- محمد السيد الفقيهي: القانون البحري والجوي، منشورات الحلبي الحقوقية سنة 2010، ص 312.

[10]- محمد فريد العريفي- محمد السيد الفقيهي: القانون البحري والجوي، مرجع سابق ص313

[11] - محمود محمد عبابنة، أحكام عقد النقل" البحري الجوي البري" ،ط 1، دار الثقافة للنشر و التوزیع، الأردن، ص 81.

[12] - محمود محمد عبابنة، مرجع سابق، ص80

- بسام عاطف المهتار، معاهدة بروكسل وتعدیلاتها، ط 1 ، منشورات الحلبي الحقوقي، بیروت، 2006 ، ص 33

[13] - بضراني نجاة: القانون البحري، الجزء الأول، دار النشر الشرقية، طبعة 1993، ص 239.

- عادل علي المقدادي: القانون البحري – السفينة أشخاص الملاحة-النقل البحري-البيوع البحرية-الحوادث البحرية-التأمين البحري"، الطبعة الأولى، دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع، سنة 1999، ص 101.

[14]-  عادل علي المقدادي، مرجع سابق، ص 204

[15]-  محمد السید الفقي، القانون البحري، دار الجامعة الجدیدة، الإسكندریة، 2007 .ص 323.

[16]- محمد بهجت عبد الله أمين قايد، الوسيط في شرح قانون التجارة البحرية، الجزءان الثاني والثالث، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى 2005 - 2004، ص 88 وما يليها،

[17]-  هاني دويدار :" النظام القانوني للسلامة والصحة في مجال النقل وخاصة في النقل البحري"، دار الجامعة الجديدة الإسكندرية، سنة 2002، ص194.

[18]-  كمال حمدي، القانون البحري، ط3 ،منشأة المعارف ، الإسكندریة،2008 ، ص423. 

[19]- عزيز العكيلي: الوجيز في القانون التجاري ، ط 1، دار العلمية للنشر والتوزيع، عمان، 2000، ص: 308.

[20] - احمد حسنى: البيوع البحرية: دراسة لعقود التجارة البحرية الدولية سيف وفوب، مؤسسة المعارف للطباعة والنشر, سنة 1983،  ص28 وما يليها بند 19.  

[21]- كمال حمدي، القانون البحري، ط 03 ، منشأة المعارف، الإسكندریة، 2008 ، ص 242

[22]- عدلي أمير خالد- عقد النقل البحري، مرجع سابق، ص50.

  - ربان مدحت خلوصي، السفينة والقانون البحري، منشأة المعارف، سنة 2000. ص334.   

[23] - أحمد محمود حسني، البيوع البحرية، مرجع سابق، ص30 وما يليها،

[24]- أسامة عبد العزيز، التنظيم القانوني للنقل بطريق الحاويات، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2004، ص 156،

[25]- مصطفی کمال طه، القانون البحري، المرجع السابق، ص 300.

[26]- محمود سمير الشرقاوي، القانون البحري، دار النهضة العربية، 2006،  ص 299، بند 250.   

[27]- عبدالقادر حسين العطير، الوسيط في شرح قانون التجارة البحرية الأردني، الحاويات وأثرها في تنفيذ عقد النقل البحري، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1983، ص298 بند 231.

[28]- الباب الرابع: انتقال الالتزام: الفصل الأول: حوالة الحق، قانون رقم (22) لسنة 2004 بإصدار القانون المدني الصادر بتاريخ: 30/06/2004، المنشور في النسخة 11 من الجريدة الرسمية بتاريخ 8/8/2004.

[29]- محمد السيد الفقي، تطور قواعد النقل البحري تحت تأثير استخدام الحاويات، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2007.ص 324 بند 229 .


إرسال تعليق

0 تعليقات