آخر الأخبار

Advertisement

حماية القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية - الدكتور أحمد عبد المالك سويلم أبو درابي، العدد 48 من مجلة الباحث القانونية، منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


  حماية القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية - الدكتور أحمد عبد المالك سويلم أبو درابي، العدد 48 من مجلة الباحث القانونية، منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


رابط تحميل عدد المجلة الذي يشمل على المقال PDF الرابط أذناه:





 

       الدكتور أحمد عبد المالك سويلم أبو درابي

      أستاذ القانون العام المساعد بكلية الشريعة والقانون-الجامعة

     الإسلامية بغزة "فلسطين"

       حماية القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم    الإلكترونية للحقوق الدستورية في فلسطين

Decision by Law No. 10 of 2018 regarding cybercrime protects constitutional

 rights in Palestine

الملخص

أضحى الأفراد في وقتنا الحاضر يمارسون نسبةً عظيمةً من حقوقهم وحرياتهم من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهو ما يصطلح عليه بالعالم الافتراضي، ويقابل هذه الممارسات سلوك إجرامي يُعتدى به على الحقوق والحريات الدستورية لذا كان لزاماً على الدول مكافحة هذه الظاهرة الإجرامية؛ كونها تعلو في خطورتها الجرائم العادية، وعلى المستوى الوطني سعى المشرع الفلسطيني منذ مطلع العقد الماضي إلى تأطير هذا النوع من الجرائم وإصدار تشريع ناظم لها ليتوج هذا السعي بصدور قرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية، لكنَّهُ لم يسلم من النقد الذي ارتكز على احتواء هذا القرار على عديد المواد التي تحمل في طياتها مخاطر وتهديدات حقيقية للحقوق والحريات الدستورية، في هذه الدراسة ثبت وجاهة بعض هذا النقد إلا إننا إذا نظرنا إلى هذا القانون بشكل مجرد عن الحالة السياسية الفلسطينية نجد أنَّ الأخيرة هي السبب الأبرز لوجود الغالب الأعم من النقد الموجه له.

الكلمات المفتاحية: (فلسطين-الجرائم الإلكترونية-الحقوق الدستورية)

Abstract

Nowadays, people exercise many of their rights and freedoms through technology of information and communication termed as "the virtual world." Such practices as well as constitutional freedoms are exposed to violations and criminal behaviors. Therefore, Countries have to combat this criminal phenomenon for it is more dangerous than ordinary crimes.

Nationally, the Palestinian legislator has sought, since the beginning of the last decade, to frame this type of crimes and issue a related regulating legislation, which concludes to the issuance of Decree Law No. 10 of 2018 regarding cybercrime.

However, the Decree came under criticism as it relied on many articles that include real dangers and threats to constitutional rights and freedoms. This study approves validity of some of this criticism. Nevertheless, if we view this law away from the Palestinian political situation, we find that this situation is the most prominent reason for the existence of most of the criticism the decree was exposed to.

Keywords: (Palestine - cybercrime - constitutional rights)

المقدمة :

إنَّ حداثة الجرائم الإلكترونية كانت سبباً في عدم قدرة قوانين العقوبات السارية في فلسطين والتي تتصف بالقدم والازدواجية؛ على مجابهة خطر هذا النوع من الجرائم، ما دفع السلطات إلى إستحداث قرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية[1] وهو قرار صادر عن الرئيس خلافاً لمتطلبات الديمقراطية والقواعد الدستورية التي تقضي بأنَّ صلاحية إصدار التشريعات بوجه عام والتشريعات العقابية على وجه الخصوص هي حق أصيل للسلطة التشريعية، لكنَّ عدم استقرار الحالة السياسية نتيجة الانقسام السياسي الذي أدى إلى تعطيل دور المجلس التشريعي الفلسطيني منذ عام 2007 حتى تاريخ إعداد هذه الدراسة؛ جعل من مثل هذه القرارات قوانين واقعية ومطبقة على جزء واحد من الأراضي الفلسطينية وهو الضفة الغربية دون الجزء الآخر من الوطن وهو قطاع غزة الذي تسري فيه قوانين يُقرها أعضاء المجلس التشريعي الذين يقطنون في غزة  فالمجلس التشريعي الفلسطيني ما زال يعمل جزئياً[2]  في قطاع غزة دون الضفة الغربية ما أدى إلى ازدواج تشريعي داخل فلسطين[3].

تكمن وظيفة القوانين في حفظ الحقوق والحريات العامة لذلك تكرسها الدول في الدساتير التي تتمتع بمبدأ العلوية ما يفرض على التشريعات العادية احترام أحكام الدستور سيما منها المكرسة للحقوق والحريات العامة، في الحالة الفلسطينية كرس القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003 الحقوق والحريات العامة في الباب الثاني منه الأمر الذي يوجب على السلطة المختصة بالتشريع إقرار قوانين تحمي الحقوق والحريات العامة الواردة فيه، غير أنَّ القرار بقانون  رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية تدور حوله عديد علامات الاستفهام نظراً لعدم وضوح حقيقة حمايته للحقوق الدستورية، فالبعض يرى أنه جاء ليزيد من سلطات الدولة في تقييد الحقوق والحريات العامة التي كفلها الدستور أما المؤيدون له فيرون أنه ضروري من أجل الحفاظ على المجتمع وحقوق الأفراد من خطر الجرائم الإلكترونية.

1.      الأهمية

نتبع أهمية هذه الدراسة من خطورة الجرائم الإلكترونية على المجتمع الفلسطيني وخطورة انعكاس دور قانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018 على الحقوق التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003، كما تكمن أهمية هذه الدراسة في كونها دراسة قانونية تعالج ندرة الدراسات القانونية الباحثة في مخاطر قانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018 على الحقوق الدستورية، كذلك تحمل هذه الدراسة أهمية عملية تتمثل في المساهمة في معالجة العوار التشريعي المتعلق بالجرائم الإلكترونية  في فلسطين وذلك من خلال بيان أبرز نقاط هذا العوار، وكذلك توضيح تعارضه مع قواعد القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003سيما منها ما تعلق بالحقوق والحريات العامة.

 

2.      الأهداف

§       تقديم رؤية قانونية حول الجرائم الإلكترونية.

§       بيان أثر الجرائم الإلكترونية على الحقوق الدستورية.

§       عرض شرح مبسط عن مفردات قانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018.

§       توضيح علاقة قانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018 بالحقوق الدستورية.

§       حصر إيجابيات قانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018 تجاه حماية الحقوق الدستورية.

§       بيان انتهاك قانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018 ضد الحقوق الدستورية.

3.      الإشكالية

ينظر الأفراد إلى القوانين على اعتبار أنَّها المنظم لعلاقاتهم والحامي لحقوقهم وحرياتهم التي كفلها الدستور، هذا الأمر من المفترض أنْ ينصرف على قانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018، غير أنَّ ارتباك الحالة السياسية في فلسطين وغياب الشرعية عن مؤسسات الحكم فيها أثَّر سلباً على مضمون وتطبيق هذا القانون الذي اتسم بالغموض تجاه الحقوق الدستورية تارة والانتهاك تارة أخرى، ولَمْ تتجلَّ حقيقة حمايته للحقوق والحريات العامة المكفولة في الدستور في أبهى صورها، لذلك يمكن تلخيص إشكالية هذه الدراسة في السؤال الرئيس: ما مدى حماية القانون رقم 10 لسنة 2018 للحقوق الدستورية في فلسطين؟

4.      الأسئلة

§       ما هي الجرائم الإلكترونية؟

§       ما مدى أثر الجرائم الإلكترونية على الحقوق الدستورية؟

§       ما هو دور التشريعات في حماية الحقوق الدستورية؟

§       هل حقق قانون الجرائم الإلكترونية الدور المنوط به في حماية الحقوق الدستورية؟

§       لماذا انتهك قانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018 في جزء منه الحقوق الدستورية؟

 

5.      المنهج

في سبيل دراسة إشكالية البحث وتناول موضوعاتها بشكل منهجي ومنظم اعتمد الباحث المنهج الوصفي؛ لوصف موضوع البحث وصفاً كاملاً واضحاً، يضع يد القارئ على صلب الموضوع وحقيقة الأمر المراد دراسته؛ وذلك في ضوء نصوص القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003 والقرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية وما يتوفر من شرح فقهي ودراسات بحثية تتحدث عن مدى حماية هذا القانون للحقوق والحريات العامة، وذلك من خلال استخدام لغة قانونية وعبارات واضحة وسهلة تيسر للقارئ فهم موضوع الدراسة في إطار تناول منهجي متناسق يعرض أفكار الدراسة بشكل متسلسل ومنسجم يعطي صورة جمالية للدراسة.

6.      المخطط

قَصْدِ حل إشكالية البحث وللإجابة عن التساؤل الرئيس لها والأسئلة المتفرعة منه جرى إعداد مخطط هذه الدراسة وفق التقسيم الثنائي فتكونت الدراسة من مبحثين يندرج أسفل كلاً منها فرعين يتناول كلاً منهما أفكار أساسية تكوِّن في مجملها الفكرة الرئيسة للبحث. المبحث الأول: أثر الجرائم الالكترونية على الحقوق الدستورية. المبحث الثاني: صلة التشريع الناظم للجرائم الإلكترونية بالحقوق الدستورية.

المبحث الأول: أثر الجرائم الإلكترونية على الحقوق الدستورية.

نقل التطور التكنولوجي البشرية نقلة نوعية نحو التقدم الإلكتروني والتقني حتى وصل الأمر إلى استطاعة الفرد تلبية معظم رغباته وأغلب احتياجاته من خلال الاستعانة بعالم التكنولوجيا وما يحتويه من أجهزة ووسائل إلكترونية[4]، وفي الوقت الذي يعتبر فيه هذا التطور التكنولوجي وما صاحبه من ظهور وسائل وأجهزة إلكترونية محموداً لمساهمته في توفير الوقت والجهد؛ يستغل البعض تلك الوسائل والأجهزة استغلالاً سيئاً عبر ممارسة أفعالاً ضارةً بالمصلحة العامة ومصلحة الآخرين الأمر الذي جعل من تنظيم استخدام الأفراد للأدوات والوسائل الإلكترونية ضرورة ملحة.

بذلك نكون أمام جانبين متناقضين لاستخدام التكنولوجيا والعالم التقني، فالأول جانب إيجابي يتمثل في المساهمة في رُقي البشرية وتوفير الوقت والجهد  وتبسيط ممارسة الحقوق والحريات العامة، أما الثاني فيتمثل في الاستغلال السيء لعالم المعلومات الرقمية الذي ينتج عنه اعتداء على حقوق الأفراد وحرياتهم ما يشكل سلوكاً يجرمه القانون ويعاقب فاعله وهو ما يسمى بالجريمة التي أطلق عليه وصف الإلكترونية نظراً لطبيعة المجال الذي ترتكب من خلاله، وفي هذا المبحث سنتعرف خلال الفرع الأول على ماهية الجرائم الإلكترونية، ثم نتطرق لبيان أثر الجرائم الإلكترونية والحقوق والحريات الدستورية، وذلك خلال الفرع الثاني من هذا المبحث.

7.      الفرع الأول: ماهية الجرائم الإلكترونية.

تعتبر الجريمة ظاهرة اجتماعية حتمية في حياة المجتمع واحتمالية في حياة الفرد، من هذا الوصف للجريمة نجد أنَّ معنى كلمة ظاهرة اجتماعية هو أنَّها ناتجة عن علاقات الأفراد داخل المجتمع، لذلك ترتبط الجريمة بعوامل ومؤثرات تفرزها طبيعة المجتمع سيما منها الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، مِنْ هنا يمكننا تعريف الجريمة بأنَّها سلوكٌ جرَّمه القانون ورتب على فاعله عقوبة، وفي ضوء تعريف الجريمة العامة يمكننا تحسس تعريف الجريمة الإلكترونية، وحيث أنَّها تعتبر من الجرائم حديثة الظهور نظراً لارتباطها بالتطور التكنولوجي والتقني فإننا لا نجد لها تعريف في أمهات الكتب الفقهية ولا حتى التشريعات العتيقة، فالبحث في ماهيتها يتطلب الرجوع إلى الكتب الحديثة والتشريعات الجديدة، لذلك يأتي هذا الفرع لمناقشة ماهية الجرائم الإلكترونية وبيان أنواعها والصفات التي يتصف بها الأغلب الأعم منها.

تشير الأبحاث والدراسات الناشئة حول الجرائم الإلكترونية إلى تعدد مسميات هذه الجريمة واختلافها من فترة زمنية إلى أخرى، فكانت بداياتها جرائم الكمبيوتر لأنها كانت تقع من خلال الكمبيوتر وبعد ظهور شبكات المعلومات اعتمد هذا النوع من الجرائم على المعلومات بشكل واسع فأُطلق عليها الجرائم المعلوماتية[5]، ولأنَّ التطور التكنولوجي والتقني أصبح ذا نطاق واسع لا يقتصر على الحاسوب وشبكات المعلومات لذلك أُطلق عليها حديثاً مسمى الجرائم الإلكترونية لتشمل كل ما يحدث من سلوك غير مشروع عبر عالم الإلكترونيات[6].

تزامن هذا التعدد على مستوى التسمية مع عدم استقرار الفقه على تعريف محدد لها، فهناك من عرَّفها بالارتكاز على وسيلة ارتكابها فقال: أنَّها كل أشكال السلوك غير المشروع أو الضار بالمجتمع الذي يُرتكب باستخدام الحاسوب، وعرفها غيرهم باعتبار موضوع الجريمة فقالوا أنَّها نشاطٌ غيرُ مشروعٍ موجه لنسخ أو تغيير أو حذف أو الوصول إلى المعلومات المخزنة داخل الحاسب أو التي تحوَّل عن طريقه، ورأى غيرهم وجوب النظر إلى إلمام الفاعل بتقنية المعلومات كمعيار لتعريف الجريمة الإلكترونية فقالوا: أنَّها أي نمط من أنماط الجرائم المعروفة في قانون العقوبات طالما كانت مرتبطةً بتقنية المعلومات أو أيُّ فعلٍ غيرُ مشروعٍ تكون المعرفة بتقنية المعلومات أساسية لمرتكبها والتحقيق فيه وملاحقته قضائياً، أمام هذا التداخل والتعدد لمفهوم الجريمة ظهرت منظمة التعاون والتنمية بتعريف يميل إلى الشمولية، حيث توصلت في اجتماعها الذي عقد بمدينة باريس عام 1983 إلى أنَّ الجريمة الإلكترونية هي كلُّ سلوكٍ غيرُ مشروعٍ أو غيرُ أخلاقي أو غيرُ مصرحٍ به يتعلق بالمعالجة الآلية للبيانات أو نقلها، ولقد حظي هذا التعريف بتأييد واسع من قبل الفقه نظراً لاعتماده أكثر من معيار[7].

هذا التعدد في التسميات والاختلاف الفقهي حول التعريف انعكس سلباً على التشريعات المنظمة للجرائم الإلكترونية، فقد استخدمت التشريعات مسميات عدة للدلالة على مفهوم الجرائم الإلكترونية، كما أنَّه من النادر أنْ يتضمن جزء التعريفات الذي يوضع في مقدمة التشريعات تعريفاً للجرائم الإلكترونية[8]، وفي ذلك يشار إلى أنَّ قانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018 لم يتضمن تعريفاً للجرائم الإلكترونية[9]، وهنا تجدر الإشارة إلى أنَّ القانون العربي النموذجي الموحد في شأنْ مكافحة سوء استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عرفها في المادة الأولى منه فقال: أنَّها كلُّ فعلٍ مؤثمٍ يتم ارتكابه عبر أي وسيط إلكتروني[10].

نستنتج من ذلك أنَّ مفهوم الجرائم الإلكترونية ليس محل إجماع قانوني ولا حتى فقهي من حيث المسمى ولا حتى من حيث التعريف، فحجم تعدد المسميات والتعريفات الواردة بهذا الخصوص تشير قطعاً إلى أنَّها محل خلاف على المستوى التشريعي والمستوى الفقهي، أمام حالة الخلاف هذه يجدر بنا القول أنَّ حداثة هذا النوع من الجرائم وتطور موضوعها المستمر (المجال الإلكتروني) هو السبب في عدم الوصول إلى مسمى موحد وتعريف يحظى بإجماع وليس عجز التشريعات والفقه على فعل ذلك، غير أنَّنَا يمكن أنْ نقول: بأنَّها كلُّ سلوكٍ قصديٍّ يمارسه الأفراد باستخدام أدوات ووسائل تكنولوجيا الاتصال الرقمي[11]جرمه القانون ورتَّبَ على فاعله جزاءً.

تتميز الجرائم الإلكترونية عن غيرها من الجرائم بكونها جرائم غير مرتبطة من حيث الصفات والخصائص بصفات وخصائص مرتكبها فقط، بل إنَّ خصائصها تنصبغ بطبيعتها والمجال الذي تحدث فيه؛ لذلك نجد أنَّ خصائص هذه الجرائم مرتبطة بصفات وخصائص عالم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ولعلَّ من أبرز خصائصها ما يلي[12]: صعوبة الكشف عنها وإثباته، حيث تتميز الجرائم الإلكترونية بكونها تحدث فيما يسمى بالعالم الافتراضي فلا يترك الجاني فيها أي أثر خارجي كما له القدرة على إخفاء دليل الإدانة بسرعة. متعدية الحدود: هذا النوع من الجرائم يحدث من خلال عالم الإنترنت الذي يقال في حقه أنه جعل العالم قرية صغيرة الأمر الذي يُيسر تعدي هذه الجرائم الحدود فتخرج من حدود دولة مرتكبها إلى حدود دولة أخرى بسهولة ويسر ما يعقد مسألة التحري عنها والتحقيق فيها نظراً لتنازع الاختصاص الجنائي بين الدول.

جريمة عقلية وليس عضلية: تحتاج الجرائم في الوضع الطبيعي إلى قدرة عضلية وجهد مبذول فجريمة السرقة أو الاغتصاب يحتاج الجاني لتحقيقها قوة عضلية وجهد ملموس أما الجرائم الإلكترونية فكلُّ ما يحتاجه الجاني فيها هو عقل سليم مدرك لحقائق التكنولوجيا وقادر على ممارسة السلوك الإجرامي من خلالها. يرتكبها مجرمون مثقفون: ينشط هذا النوع من الجرائم في أوساط الطبقة المتعلمة والمثقفة فسلوكها الإجرامي لا يقدر على ارتكابه إلا من لديهم علم وثقافة واسعة عن حقائق تكنولوجيا العصر وعالم الإنترنت وبالتالي من البديهي أنَّ من يجهلون حقائق هذا العالم الافتراضي لا يقدرون على ارتكاب الجرائم الإلكترونية[13].

إذا ما تمعنا النظر في الجرائم الإلكترونية المنتشرة حول العالم نجد أنها تنقسم إلى قسمين: الأول جرائم تقليدية مرتكبة عبر الوسائل والنظم الإلكترونية وهي متعددة أبرزها السب والقذف والتزوير، وتلك الجرائم تخضع لعقوبات محددة في التشريعات، أما الثاني فيتمثل في جرائم إلكترونية بحتة نتجت عن التعدي على الأنظمة والبرامج والشبكات والمواقع والبيانات ورسائل البيانات الإلكترونية من حيث التدمير أو التخريب أو التعطيل أو النقل أو التغيير فهي تشكل بذاتها اعتداءً على المصالح المعتبرة للأفراد أو الجماعات ما يجعل منها جرائم مستحدثة[14].

8.      الفرع الثاني: خطر الجرائم الإلكترونية على الحقوق الدستورية.

بعد أنْ بينا ماهية الجرائم الإلكترونية وتعرفنا على حقيقتها خلال الفرع السابق يكون علينا لزاماً بيان الأخطار والتهديدات التي يشكلها الجانب السلبي لتطور وتقدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات[15] وهو الجرائم الإلكترونية؛ على الحقوق والحريات الدستورية وهذا ملخص ما سيتم تناوله خلال هذا الفرع الذي يتسم بالواقعية والفاعلية المنتجة في البحث.

من التحولات الحساسة التي طرأت على المجتمع ليس الوطني بل العالمي  والتي يحسب لها المساهمة في ارتقاء البشرية هو حدوث الثورة المعلوماتية التي  ظهرت عقب حدوث التحول الأبرز في مسار الحياة البشرية وهو الثورة الصناعية، هذه الثورات وبالتحديد الثورة المعلوماتية تزاوجت مع تطور هائل شهده عالم شبكات الاتصال سيما منها الشبكة العنكبوتية العالمية وأدواتها التي يأتي في طليعتها الحاسوب[16]، لنكون أمام تكنولوجيا معلوماتية متطورة أدت إلى تحول جوهري في علاقات الأفراد، حيث أصبح تواصل الأفراد المعلوماتي والمعاملاتي من خلال عالم تكنولوجيا المعلومات الذي يطلق عليه العالم الافتراضي أمراً واقعاً ومنتجاً استغنى به الأفراد وإلى حد ليس بالبسيط عن التواصل المادي[17].

مقابل هذا التقدم أدى تزايد استخدام الأنظمة القائمة على تكنولوجيا الاتصال الرقمي والاعتماد عليها في ممارسة الحياة الطبيعية إلى ظهور عديد المخاطر والتهديدات التي طالت أمن المجتمع، تمثلت في أخطار ناتجة عن هذا العالم الافتراضي وأخرى ناتجة عن سلوكيات جرميه لبعض المخربين أو المتطفلين أو معتادي الإجرام، لينتج لنا في محصلة ذلك جرائم مستحدثة تهدد المصلحة العامة ومصالح الأفراد[18]. كذلك تكمن خطورة هذا النوع من الجرائم في أنها تنشأ وتحدث في بيئة إلكترونية أو بمعنى أدق رقمية، في العادة يقترفها أشخاص يتمتعون بنسبة عالية من الذكاء ويمتلكون أدوات وأساليب تقنية ليس لها حدود.

بينا في الفقرتين السابقتين مدى أهمية ممارسة الحياة من خلال العالم الافتراضي الذي كان يقابله خطر جسيم يهدد ممارسة الحياة بشكلها الطبيعي من خلال العالم الرقمي، وإذا ما أردنا التخصص أكثر في هذه الجزئية من حيث أثر الجريمة الإلكترونية على الحقوق الدستورية نجد أنَّ الأفراد يعيشون على أرض الواقع حياة يمارسون خلالها مجموعة من الحقوق الدستورية وحينما وصلهم التطور التكنولوجي والتقني أصبحوا يعيشون حياة رقمية يمارسون أيضاً خلالها مجموعة من الحقوق الدستورية، كما نجد أنَّ الاعتداء على الحقوق الدستورية الممارسة في الحياة الطبيعية يوازيه اعتداء على الحقوق الدستورية التي يتم ممارسته من خلال الحياة الرقمية التي يأتي الإنترنت كعلم من أعلامها.

وحيث أنَّ الحياة الرقمية دائمة التطور والتحدث، فإنَّ الحقوق الدستورية الممارسة من خلالها تتصف بذات الصفات، وبالتالي من البديهي أنْ تكون انتهاكات الحقوق الدستورية الممارسة من خلال الحياة الرقمية غير قابلة للحصر من حيث النوع أو الكم، غير أنَّ هناك حقان دستوريان كفلتهم المواثيق والإعلانات الدولية والنسبة العظمى من الدساتير الوطنية سيَّما منها القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003 تشكل الجرائم الإلكترونية انتهاك صارخ لهما:

الحق في الملكية الخاصة وممارسة النشاط الاقتصادي[19]: يمارس الأفراد اليوم من خلال تكنولوجيا الاتصال الرقمي مجموعة من الأنشطة الاقتصادية، ولعلَّ أبرز هذه النشاطات هو البيع والشراء والمبادلة الاقتصادية المتعلقة بالسلع والخدمات، هذه العمليات تتطلب ما يسمى المحفظة الإلكترونية وهي عبار عن حافظة رقمية للأموال، كما أنَّ البنوك أتاحت لعملائها الاستفادة من الخدمات البنكية عبر مواقعها الإلكترونية، وقد انتشر في العصر الحديث جرائم إلكترونية تشكل  انتهاك صارخ لهذا الحق أبرزها جرائم السرقة الإلكترونية والتزوير الإلكتروني وإتلاف المواقع الاقتصادية، والنصب الإلكتروني الذي يمارس جانب منه عبر مواقع تجارية إلكترونية تدعو الأفراد إلى إيداع أموالهم لممارسة نشاط تجاري من خلالها ومن ثم يتبين أنَّها مواقع وهمية كان الهدف منها الاعتداء على الملكية الخاصة للأفراد وسرقة أموالهم[20].

الحق في حرمة الحياة الخاصة للإنسان[21]: يعتبر مفهوم الحياة الخاصة للإنسان من المفاهيم ذات المعنى الواسع فهي تتطور بتطور الحياة الشخصية للإنسان؛ لذلك لم تضعْ التشريعات تعريفاً محدداً لها، غير أنَّ هناك اجتهادات فقهية وقضائية تحاول تحديد هذا المفهوم لكنَّ تطور حياة الإنسان يُبقي هذا المفهوم ذا دلالة واسعة، في هذا المقام ما يعنينا هو بعض عناصر هذا المفهوم التي تؤثر فيها الجرائم الإلكترونية بشكل مباشر أو غير مباشر وفي مقدمة هذه العناصر يأتي الحق في حرمة المحادثات الهاتفية والأحاديث الخاصة والمراسلات وحرمة المسكن والجسد وكذلك من عناصره الحق في الاسم والصورة[22].

في هذا السياق يُرتكب عديد الجرائم الإلكترونية نذكر أبرزها على سبيل المثال لا الحصر: التنصت والتجسس على المكالمات والمراسلات والأحاديث الشخصية، وسحب الصور الشخصية من خلال الدخول غير المشروع للأجهزة الإلكترونية وما يرافقها من عمليات ابتزاز، ومن تلك الجرائم أيضاً نشر الصور على المواقع الإلكترونية دون إذن صاحبها، اختراق الكاميرات بهدف هتك حرمة الجسد والمنزل والاطلاع على عورات أجساد الأفراد ومنازلهم، ومنها أيضاً انتحال أسماء الأفراد وصفاتهم والتصرف تحت هذا الانتحال بتصرفات غير لائقة أو نشر أخبار كاذبة أو الاستفادة من ذلك الاسم للحصول على مكاسب مادية[23].

المبحث الثاني: صلة التشريع الناظم للجرائم الإلكترونية بالحقوق الدستورية.

يعاني المجتمع الفلسطيني كغيره من المجتمعات من انتشار الجرائم الإلكترونية بوتيرة متسارعة وعلى مستوى واسع، لذلك هو بحاجة ماسة للتصدي لهذا النوع من الجرائم من خلال وسائل الدفاع الاجتماعي المتعددة والتي يأتي في مقدمتها الحماية القانونية[24]، حيث أنَّ من مهام المشرع تنظيم علاقة الأفراد في المجتمع؛ لذلك يعتبر هو الأجدر بتنظيم استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وذلك عبر سن قوانين تحمل بين جنباتها محددات تلك العلاقة وما ينتج عنها من آثار قانونية، وهنا تختص القوانين العقابية في تحديد الأفعال التي تشكل جريمة وإقرار عقوبة مناسبة لمرتكبها.

وحيث أنَّ الجرائم الإلكترونية ذات طبيعة خاصة كونها تحدث في عالم افتراضي فلابد من أنْ يراعي التشريع الصادر بشأنها هذه الطبيعة، وبالتالي من البديهي ألَّا تستجيب القوانين العقابية التقليدية التي كانت سارية في فلسطين إلى متطلبات مكافحة هذا النوع من الجرائم كونها أكثرَ خطورةً وتعقيداً[25]، الأمر الذي يستوجب معه جهداً تشريعياً لتأطير هذا النوع من الجرائم وهو موضوع الفرع الأول، ثم سنتطرق لنقاش مساهمة قانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018 في مكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية الحقوق الدستورية منها وذلك خلال الفرع الثاني.

9.      الفرع الأول: التشريع الناظم للجرائم الإلكترونية في فلسطين.

الأصل في الإنسان البراءة وفي الأشياء والأفعال الإباحة ومن يدعي خلاف الأصل يجب أنْ يكون ادعاءه مبنياً على أدلة وأسانيد قانونية؛ فالإنسان يظل بريئاً حتى يرتكب فعلاً يجرمه القانون ثبت اسناده إليه يخرجه من هذه الحالة، لذلك حتى وإنْ كانت الأفعال التي تمارس عبر عالم تكنولوجيا الاتصال الرقمي تشكل في جزءٍ منها اعتداءً على الحقوق والحريات الدستورية إلا أنَّه لا يمكن اعتبارها سلوك مخالفاً ومجرماً إلا حينما يصدر قانون يجرم تلك الأفعال المنتهكة للحقوق والحريات الدستورية بواسطة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

في ذات الصدد انتشر في فلسطين عديد الأفعال الماسة بالحقوق والحريات الدستورية عبر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتي تعتبر الشبكة العالمية العنكبوتية "الانترنت"[26] وجهتها الأبرز الأمر الذي استدعى من السلطات إصدار قانون عقابي يجرم تلك الأفعال حتى يتاح محاسبة مرتكبيها ومكافحة هذه الظاهرة الإجرامية الخطيرة، وهو ما تمثل في إصدار القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية الذي سبقه عديد المشاريع والقوانين ذات التماس بالجرائم الإلكترونية التي تشكل في مجملها التنظيم القانوني للجرائم الإلكترونية في فلسطين وهو عنوان هذا الفرع.

ارتبط تجريم سلوكيات استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأغراض الإجرامية بمدى انتشار ذلك النوع من التكنولوجيا في الدول؛ لذلك نجد الدول الأوربية بدأت في وضع قوانين بشأن الجرائم الإلكترونية في بداية ثمانينيات القرن الماضي حيث تعتبر السويد الدولة الأولى التي وضعت تشريعاً يتناول الجرائم الإلكترونية؛ وذلك في عام 1973، أما الدول العربية فقد تنبهت إلى هذا النوع المستحدث من الجرائم بوصول الإنترنت وانتشار استخدامه فيها مطلع القرن الحالي[27].

إذا ما أردنا معرفة مدى انتشار هذا النوع من الجرائم على المستوى الوطني نجد أنَّ النائب العام الفلسطيني قد أشار في تصريح صحفي لتلفزيون فلسطين إلى أنَّه في العام 2014 تقدمت للنيابة 16500 قضية بهذا الخصوص، وفي العام 2015 تقدمت 28162 قضية، فيما العام 2016 تقدمت 13632، هذه الأرقام تعززها دراسة أجريت عام 2019 تشير إلى أنَّه في عام 2018 تقدم للنيابة العامة 1058 قضية جنائية تتعلق بالقرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية وفي المقابل تقدم للنيابة العامة 159 قضية تتعلق بقانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 وهذا مؤشر خطير يدل على انتشار الجريمة الإلكترونية بشكل واسع وبنسبة أعلى من الجرائم العادية داخل المجتمع الفلسطيني ما يشكل خطراً غير مسبوق على أمن وسلامة المجتمع الفلسطيني[28].

أمام هذه الأرقام المخيفة التي تشير إلى تفشي ظاهرة الجريمة الإلكترونية وسط المجتمع الفلسطيني في ظلِّ عدم وجود قانون عقوبات حديث ينظم مثل هذه الجرائم[29]، سعت الدولة لمكافحة هذه الظاهرة[30] حينما حاولت القيام بذلك عبر الوظيفة التشريعية الموكلة لها، وتمثلت بدايات هذا السعي في إعداد مشروع قانون المعاملات الإلكترونية عام 2011 الذي تضمن مجموعة من العقوبات الخاصة ببعض الجرائم الإلكترونية إضافة إلى وضع فصل خاص في مشروع قانون العقوبات لسنة 2010 تناول عقوبات لمجموعة من الجرائم الإلكترونية[31].

تكلل هذا السعي مؤخراً بإصدار الرئيس القرار بقانون رقم 16 لسنة 2017 بشأن الجرائم الإلكترونية أُخذ على هذا القرار في حينه أنه جاء وفقاً لإرادة السلطة التنفيذية ولم يتم إجراء مشاورات حوله وأَخذ رأي المؤسسات الأهلية ذات العلاقة بما فيها مؤسسات حقوق الإنسان الأهلية والرسمية، كما أحتوى عديد التهديدات والاعتداءات الصارخة على الحقوق والحريات العامة التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003[32]، الأمر الذي دفع مؤسسات المجتمع المدني وفي طليعتها مؤسسات حقوق الإنسان للمطالبة بتعديل هذا القرار بقانون لتجاوز ما تحمله نصوص مواده من انتهاكات جمَّة للحقوق والحريات الدستورية[33].

استجابة لتلك الانتقادات أصدر الرئيس القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية الذي ألغت المادة رقم 55 منه القرار بقانون رقم 16 لسنة 2017 بشأن الجرائم الإلكترونية محل الانتقادات، لكنَّ السؤالَ الأهمُ هو هل تم أخذ هذه الانتقادات على محمل الجد وتم حذف المواد الماسة بالحقوق والحريات الدستوري؟ أجاب عن هذا التساؤل عديد التقارير والمذكرات القانونية الصادرة عن المراقبين لحقوق الإنسان في فلسطين، فكانت هذه الإجابة تتلخص في كون القرار الجديد لم يلغِ كل المواد القانونية التي تم الاعتراض عليها من قبل المؤسسات الحقوقية ما جعل البعض يقول أنَّ القرار الجديد جاء لذر الرماد في العيون وامتصاص الغضب الشعبي العارم الذي رافق إصدار القرار السابق[34].

لذلك حريٌّ بنا دراسة ما جاء على القرار الجديد من انتقادات كونها وإلى حد ما هي ذاتها التي وردت في القرار الجديد، وذلك من خلال الفرع القادم الذي سنخصصه لبيان مدى حقيقة انحراف القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية عن دوره في حماية الحقوق الدستورية من مخاطر الجرائم الإلكترونية ليشكل في ذلك انتهاكاً لجزء مهم منها.

10. الفرع الثاني: أثر قانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2018 على الحقوق الدستورية.

تعيش حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية منذ زمن بعيد حالة من عدم الاستقرار فقد تأثرت بوقوع فلسطين تحت الاحتلال وحدوث انقسام فلسطيني داخلي بين شطري الوطن واقطابه السياسية لذا يجد الفلسطينيون في عالم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات متنفساً لممارسة حقوقهم وحرياتهم التي لا يستطيعون ممارستها على أرض الواقع، سيما منها الحق في الملكية الخاصة والاستثمار وحرية التعبير والرأي وحرية الصحافة والنشر، ومع وجود تهديد واضح لهذه الحقوق وهو الجرائم الإلكترونية  تم إصدار القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية [35]إلا أنَّه وبدلاً من حماية هذه الحقوق من خطر الجرائم الإلكترونية رأى البعض أنه زاد من مساحة انتهاكها، خلال هذا الفرع سنبين حقيقة ذلك[36].

يظهر القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية أنَّه أكثرُ خطورةً على الحقوق الدستورية من تلك الجرائم نفسها، فبدايةً يشكل هذا القرار بقانون خطراً على الحالة التشريعية في الوطن كونه سبباً في ازياد رقعة الازدواج التشريعي في فلسطين، فهو يطبق في الضفة الغربية أمَّا قطاع غزة فيطبق فيها نصوص قانونية أخرى، كما يعتبر إصداره إيغالاً في حالة عدم الديموقراطية والشرعية التي تسود أعمال حكومتي الأمر الواقع في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة فهو صادر عن رأس الهرم الإداري في السلطة التنفيذية وهذا تعدٍ صارخ على حقوق السلطة التشريعية ليس هذا فحسب بل إنَّ شرعية الرئيس (مصدر القرار) هي محط تساؤل كونه يشغل هذا المنصب منذ خمسة عشر عاماً على الرغم من تحديد القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003 الولاية الرئاسية بأربع سنوات[37].

كذلك اعتبرت مؤسسات المجتمع المدني وعديد المنظمات الحقوقية المحلية منها والدولية أنَّ القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 من أشد القوانين خطورة وانتهاكاً للحقوق الدستورية فقد حمل في طياته مواد تعتبر مصدراً جديداً لتكميم الأفواه والحد من حرية الرأي والتعبير واختراقاً للخصوصية؛ عدا عن كون بعضها فضفاضاً، ويمكن تفصيلها على مقاس المدعى عليه[38].

بالاطلاع على القانون تجد أنَّ المواد رقم (31-32-33-34) تحمل في مضمونها تهديداً واضحاً لحق الفرد في حرمة حياته الخاصة، فقد أعطت الحق لكلِّ من قاضي الصلح أو المحكمة المختصة أو النائب العام أو أحد مساعديه، وأيضاً من يفوض بذلك من مأموري الضبط القضائي بالإذن بمراقبة الاتصالات والمحادثات الإلكترونية وتسجيلها والتعامل معها والاعتراض الفوري على محتوى الاتصالات، وغير ذلك من الإجراءات الماسة بحرمة الحياة الشخصية للإنسان[39]،بذلك وسع القرار بقانون دائرة المتدخلين في حق الإنسان بحرمة حياته الشخصية بدلاً من حمايتها، وهنا نرى وإنْ كان لابدَّ من مراقبة مثل هذه الأمور فيجب أن تشدد إجراءاته لا أن تمنح للقضاة بشكل واسع والنيابة العامة ومأموري الضبط القضائي؛ فكان من الأحرى حصره على قاضي المحكمة المختصة.

تشكل المادة رقم 39 من القرار بقانون تعدياً صارخاً على حريَّةِ الرأي والتعبير التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003 في المادة رقم 19 منه، حيث أتاح القرار بقانون لجهات التحري والضبط المختصة، إذا ما رصدت قيام مواقع إلكترونية مستضافة داخل الدولة أو خارجها، بوضع أي عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أي مواد دعائية أو غيرها، من شأنها تهديد الأمن القومي أو النظام العام أو الآداب العامة، أنْ تعرض محضراً بذلك على النائب العام أو أحد مساعديه، وتطلب الإذن بحجب الموقع أو المواقع الإلكترونية أو حجب بعض روابطها من العرض[40]، وقد رأت منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية أنَّ هذه المادة تشكل تعدياً على حرية الرأي والتعبير وقد أيدت تصرفات السلطة في الضفة الغربية وجهة النظر هذه حينما أغلقت 59 موقعاً إلكترونياً في يومٍ واحدٍ[41].

عدا عن وجود عديد المصطلحات الفضفاضة التي تتيح للسلطات تفصيل التهم على المعارضين لها اشتمل القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية المادة رقم ٤٥[42] التي تضيف جميع النصوص الفضفاضة الموجودة في قوانين العقوبات إلى المصلحات الموجودة، حيث تنص على أنَّ مَنْ ارتكب جريمةً وفقَ قوانين العقوبات باستخدام الشبكات الإلكترونية يعاقب بذات العقوبة المقررة فيه، بذلك نكون أمام مجموعة من المصطلحات الفضفاضة التي تتيح للسلطات تفصيل التهم على مقاس معارضيه وهذا يعتبر مخالفة واضحة للشرائع الدولية لحقوق الإنسان والشروحات الصادرة من الأمم المتحدة بخصوصها[43].

إجمالاً لما سلف ذكره حول مدى حماية القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية للحقوق الدستورية يعتبر مجرد صدور هذا القرار بقانون إنجازاً لا بدَّ مِنْ ذكر فضله في سدِّ الفراغ التشريعي ومواجهة هذا النوع الخطر من الجرائم، وهذا لا يمنع توجيه النقد له لاحتوائه على بعض العوار والمآخذ القانونية التي سلف ذكر بعضها خلال هذا الفرع. لذلك نرى أنَّ الغالب الأعم من النقد الموجه لهذا القرار بقانون لم يكن ليصدر عن الجهات التي أصدرته لو كنا في دولة تنعم بالديموقراطية وشرعية السلطة، فالحالة السياسية السيئة التي تعيشها الأراضي الفلسطينية هي من تجعل القوانين المقررة لحماية الحقوق الدستورية خطراً مهدداً لها، لذا لا بدَّ من الحذر القانوني في وضع التشريعات واختيار الألفاظ الواردة فيها ومراعاة الحالة السياسية التي تعيشها البلاد فلا بأس من تجنب العبارات الفضفاضة كما أنَّه من الجيد لو عملنا على تعقيد الإجراءات الماسة بحقوق الأفراد وحرياتهم وجعلها من اختصاص المحاكم المختصة.

11. النتائج

§   استغل البعض تكنولوجيا المعلومات والاتصال لتنفيذ سلوك إجرامي تجرمه التشريعات العقابية في العادة.

§   ظهور عالم الإنترنت ساهم في استحداث نوعٍ جديدٍ من الجرائم ذات البعد الإلكتروني البحت مثل اختراق المواقع الإلكترونية وإتلاف ما بداخلها.

§   الجرائم الإلكترونية أشدُّ خطورةً من الجرائم العادية وذلك بالنظر إلى سهولة ارتكابها وصعوبة التحري والتحقيق فيها.

§   تزايد في العقد الأخير انتشار الجرائم الإلكترونية في فلسطين وذلك على المستوى الكمي والنوعي لتتفوق بالخطورة عن الجرائم العادية.

§   عجزت قوانين العقوبات السارية في فلسطين عن مواجهة الجرائم الإلكترونية ما استدعى بذل جهد تشريعي لمكافحتها.

§   أُخذ على القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية أنَّه من الممكن أنْ يكون خطراً على الحقوق الدستورية وذلك لوجود بعض المواد التي تسهل انتهاكها.

§   زاد سوء الحالة السياسية في فلسطين من حجم الانتقادات الموجهة للقرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية.

12.                     التوصيات

§   إصلاح الحالة السياسية في فلسطين وتفعيل المجلس التشريعي وذلك بالعودة إلى المسار الديمقراطي.

§   إعادة القرارات والقوانين الناظمة للجرائم الإلكترونية إلى المجلس التشريعي لإصدار قانونٍ موحدٍ ومنتجٍ.

§   أَخذ عديد النقاط التي أُخذتْ على القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية بالاعتبار حين إصدار القانون الجديد وأهمها: تعديل المواد التي توسع الصلاحيات خاصة منها التي قد تمس بحقوق الأفراد وحرياتهم، وحذف العبارات الفضفاضة التي قد تمنح للسلطات خيار تفصيل التهم على مقاس معارضيها.

المراجع

§   أبو الرب. نبيل محمود: "الجرائم الإلكترونية في دولة فلسطين-واقع وتحديات"، رام الله، ورقة عمل مقدمة إلى مؤتمر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الثالث عشر، 2019.

§   أبو فروة. محمود محمد: " الخدمات البنكية والإلكترونية عبر الإنترنت"، عمان-الأردن، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2009.

§   أبوسمرة. قيس: " الجرائم الإلكترونية تكميم للأفواه أم حاجة مجتمعية"، رام الله، الأناضول: https://www.aa.com.tr/، 24أغسطس2017.

§   الأستاذ. سوزان عدنان: " انتهاك حرمة الحياة الخاصة عبر الانترنت"، دمشق، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 29، العدد الثالث، 2013، ص421-455.

§   آل ثاني. أحمد بن محمد: "مخاطر الجرائم الإلكترونية"، قطر، موقع لوسيل الإلكتروني: https://lusailnews.net/، 04ديسمبر2020.

§   البداينة. ذياب موسى: "الجرائم الإلكترونية: المفهوم والأسباب"، عمان-الأردن، ورقة مقدمة للملتقى العلمي الجرائم المستحدثة في ظل المتغيرات والتحولات الإقليمية والدولية، 2014.

§    بن حسين. وفاء: "تشديد الأمان الإلكتروني وانتهاك حقوق الإنسان: قوانين مكافحة جرائم التقنية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "، openglobalrights، https://www.openglobalrights.org/، 10يناير 2019.

§   جريدة الوقائع الرسمية الفلسطينية: " قرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية"، عدد ممتاز رقم 16، 3مايو 2018.

§   الجمعية العامة للأمم المتحدة: " تقرير الأمين العام حول مكافحة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأغراض الإجرامية"، تقرير يحمل رقم: A/74/130، 30يوليو2019.

§   حجازي. عبد الفتاح بيومي: " التزوير في جرائم الكمبيوتر والإنترنت"، مصر-المحلة الكبرى، دار الكتب القانونية ودار شتات للنشر والبرمجيات، 2008.

§   حسنية. أحمد أسامة: " الجريمة الالكترونية بين الشرعية الجنائية والاجرائية"، غزة، مجلة جامعة الأزهر، عدد خاص بمؤتمر كلية الحقوق الخامس المحكم، المجلد 19، 2017، ص1-42.

§   ربايعة. عبد اللطيف محمود: " الجرائم الإلكترونية –التجريم والملاحقة والإثبات"، نابلس، جامعة النجاح الوطنية، المؤتمر الأول للجرائم الإلكترونية في فلسطين، 14-04-2016.

§   سميرة. معاشي: " الجريمة المعلوماتية: دراسة تحليلية لمفهوم الجريمة المعلوماتية"، مجلة المفكر، العدد السابع عشر، 2018، ص397-417.

§   سويطي. أحمد: "أزمة الإثم الجنائي في جرائم تقنية المعلومات وفق مشروع قانون العقوبات الفلسطيني"، نابلس، جامعة النجاح الوطنية، المؤتمر الأول للجرائم الإلكترونية في فلسطين، 14-04-2016. 

§   شتية. منى: "قانون الجرائم الإلكترونية المعدل هل فعلا تعدل؟"، وكالة وطن للأنباء: https://www.wattan.net/ar/news، 5يونيو2018.

§     الشكري. عادل يوسف عبد النبي: " الجريمة المعلوماتية وأزمة الشرعية الجزائية"، الكوفة، مجلة مركز دراسات الكوفة، العدد السابع، 2008، ص111-132.

§   صالح. نائل عبد الرحمن: "واقع جرائم الحاسوب في التشريع الأردني"، جامعة الإمارات العربية المتحدة-كلية الشريعة والقانون، بحوث مؤتمر القانون والكمبيوتر والإنترنت، المجلد الأول، الطبعة الثالثة، 2004، ص189-207.

§   صغير. يوسف: " الجريمة المرتكبة عبر الانترنت"، الجزائر، جامعة مولود معمري، كلية الحقوق والعلوم السياسية، مذكرة ماجستير، 2013.

§   العاكوم. وليد: "مفهوم وظاهرة الإجرام المعلوماتي"، جامعة الإمارات العربية المتحدة-كلية الشريعة والقانون، بحوث مؤتمر القانون والكمبيوتر والإنترنت، المجلد الأول، الطبعة الثالثة، 2004، ص11-22.

§   عبد الحكيم. مولاي إبراهيم: " الجرائم الإلكترونية"، الجزائر مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، جامعة زيان عاشور بالجلفة، العدد 23، 2015، ص 211-224.

§   عبد المطلب. ممدوح عبد الحميد: " جرائم استخدام شبكة المعلومات العالمية"، جامعة الإمارات العربية المتحدة-كلية الشريعة والقانون، بحوث مؤتمر القانون والكمبيوتر والإنترنت، المجلد الأول، الطبعة الثالثة، 2004، ص209-258.

§   عياد. كيارا: " الأمن الرقمي لمراقبة من؟ قانون الجرائم الإلكترونية في فلسطين"، مبادرة الإصلاح العربي: https://www.arab-reform.net/ar/publication، 11اكتوبر2018.

§   غنيمات. طلال: " الجرائم الإلكترونية أشد خطورة من التقليدية"، جريدة الغد: https://alghad.com/، 16سبتمبر2020.

§   المدهون. يحيى إبراهيم: " الحاسوب في الإعلام-الإعلام الرقمي"، غزة، مكتبة سمير منصور، الطبعة الأولى، 2014.

§   معهد أبحاث السياسات الاقتصادية(ماس): " دراسة نقدية للإطار القانوني للجرائم الإلكترونية في الأراضي الفلسطينية"، رام الله، 2012.

§   معهد أبحاث السياسات الاقتصادية(ماس): " دراسة نقدية للإطار القانوني للجرائم الإلكترونية في الأراضي الفلسطينية"، رام الله، 2012.

§   مؤسسة الحق: " ورقة موقف صادرة عن مؤسسة الحق بشأن قرار بقانون الجرائم الإلكترونية وحجب مواقع إلكترونية"، 23اكتوبر2019.

§   الموسوعة الحرة "ويكيبيديا: "https://ar.wikipedia.org/، تم الاطلاع عليه بتاريخ 09أكتوبر2021.

§   الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم): " مذكرة قانونية حول القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية"، رام الله، 20-05-2018.

§   الوحيدي. أسيل وآخرون: "ورقة حقائق: القيود المفروضة على حرية التعبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي في فلسطين"، مركز مسارات، يوليو 2020.



[1] جريدة الوقائع الرسمية الفلسطينية: " قرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية"، عدد ممتاز رقم 16، 3مايو 2018، ص8.

[2]  باجتماع أعضاء كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس فقط.

[3]  فقانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018 محل دراستنا مطبق فقط في الضفة الغربية دون قطاع غزة الذي لم يُصدر المجلس التشريعي العامل فيه حتى الآن قانون ينظم الجرائم الإلكترونية ويعالجها القضاء في غزة من خلال تهمة إساءة استخدام التكنولوجيا التي تم استحداثها من خلال تعديل قانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936 وذلك في عام 2014.

[4]  فعلى سبيل المثال لا الحصر أصبحت المعاملات البنكية الآن تدار من خلال الانترنت، راجع في ذلك: أبو فروة. محمود محمد: " الخدمات البنكية والإلكترونية عبر الإنترنت"، عمان-الأردن، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2009، ص15.

[5]  صغير. يوسف: " الجريمة المرتكبة عبر الانترنت"، الجزائر، جامعة مولود معمري، كلية الحقوق والعلوم السياسية، مذكرة ماجستير، 2013، ص7.

[6]  الشكري. عادل يوسف عبد النبي: " الجريمة المعلوماتية وأزمة الشرعية الجزائية"، الكوفة، مجلة مركز دراسات الكوفة، العدد السابع، 2008، ص112.

[7] سميرة. معاشي: " الجريمة المعلوماتية: دراسة تحليلية لمفهوم الجريمة المعلوماتية"، مجلة المفكر، العدد السابع عشر، 2018، ص401-405.

[8]  البداينة. ذياب موسى: "الجرائم الإلكترونية: المفهوم والأسباب"، عمان-الأردن، ورقة مقدمة للملتقى العلمي الجرائم المستحدثة في ظل المتغيرات والتحولات الإقليمية والدولية، 2014، ص5.

[9]  أنظر مقدمة قرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية، مرجع سابق.

[10]  يقصد بالوسيط الإلكتروني شبكات الحاسب الآلي أو الإنترنت أو أية شبكة إلكترونية أخرى. راجع في كتاب: حجازي. عبد الفتاح بيومي: " التزوير في جرائم الكمبيوتر والإنترنت"، مصر-المحلة الكبرى، دار الكتب القانونية ودار شتات للنشر والبرمجيات، د. ط، 2008، ص21.

[11]  هي التكنولوجيا التي يتم بواسطتها نقل مختلف المعلومات من جهاز إلكتروني إلى آخر سواء كانت معطيات أو بيانات (كتابات، نصوص، رسوم، صور، لقطات فيديو وأصوات) على شكل إشارات إلكترونية بين قارات العالم، دون أنْ تتأثر هذه الأخيرة بطول المسافة، ومقاومتها للتشويش والتداخل بين الموجات ذات المصادر المختلفة، كما أنها أيضا تضمن سلامة تلك المعلومات وسريتها. في إعداد هذه الفقرة تم الرجوع إلى الموقع الإلكتروني: الموسوعة الحرة "ويكيبيديا"https://ar.wikipedia.org/، وذلك بتاريخ 09أكتوبر2021.

[12]  عبد الحكيم. مولاي إبراهيم: " الجرائم الإلكترونية"، الجزائر مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، جامعة زيان عاشور بالجلفة، العدد 23، 2015، ص213. وأنظر أيضاً في: حسنية. أحمد أسامة: " الجريمة الالكترونية بين الشرعية الجنائية والإجرائية"، غزة، مجلة جامعة الأزهر، عدد خاص بمؤتمر كلية الحقوق الخامس المحكم، المجلد 19، 2017، ص7.

[13]  فهذه الجرائم تتطلب خبرة عالية ومعرفة دقيقة بأنظمة تكنولوجيا الاتصال الرقمي لذلك يكون مرتكبوها من أصحاب الخبرة العالية في تقنية المعلومات مثال الهكرز، إلا أنَّ بعضها ليس بحاجة إلى خبرة عالية ومعرفة دقيقة لذلك قد يرتكبها أي شخص عادي لديه المعرفة بالتعامل مع الأجهزة الإلكترونية ومن أكثرها انتشاراً جريمة السب والقذف الإلكتروني.

[14]  راجع في ذلك: عبد المطلب. ممدوح عبد الحميد: " جرائم استخدام شبكة المعلومات العالمية"، جامعة الإمارات العربية المتحدة-كلية الشريعة والقانون، بحوث مؤتمر القانون والكمبيوتر والإنترنت، المجلد الأول، الطبعة الثالثة، 2004، ص2015. وراجع أيضاً: آل ثاني. أحمد بن محمد: "مخاطر الجرائم الإلكترونية"، قطر، موقع لوسيل الإلكتروني: https://lusailnews.net/، 04ديسمبر2020.

[15]  هي علم تكامل فيه ثورة وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية مع ثورة الحاسبات الإلكترونية التي امتزجت بكل وسائل الاتصال واندمجت معها من خلال برامج وأنظمة سمعية وبصرية مكنت المستخدمين من الوصول إلى الكم الهائل من المعلومات والعمل على تخزينها ونقلها ومعالجتها والإنترنت خير مثال عليها. راجع في ذلك: المدهون. يحيى إبراهيم: " الحاسوب في الإعلام-الإعلام الرقمي"، غزة، مكتبة سمير منصور، الطبعة الأولى، 2014، ص9.

[16]  العاكوم. وليد: "مفهوم وظاهرة الإجرام المعلوماتي"، جامعة الإمارات العربية المتحدة-كلية الشريعة والقانون، بحوث مؤتمر القانون والكمبيوتر والإنترنت، المجلد الأول، الطبعة الثالثة، 2004، ص11.

[17]  أبو فروة. محمود محمد: " الخدمات البنكية والإلكترونية عبر الإنترنت"، مرجع سابق، ص14.

[18]صالح. نائل عبد الرحمن: "واقع جرائم الحاسوب في التشريع الأردني"، جامعة الإمارات العربية المتحدة-كلية الشريعة والقانون، بحوث مؤتمر القانون والكمبيوتر والإنترنت، المجلد الأول، الطبعة الثالثة، 2004، ص189. وراجع أيضاً: حجازي. عبد الفتاح بيومي: " التزوير في جرائم الكمبيوتر والإنترنت"، مرجع سابق، ص13.

[19]  كفل القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003 للأفراد الحق في الملكية الخاصة وممارسة النشاط الاقتصادي وذلك في نص المادة الواحدة والعشرين منه.

[20]  أبو فروة. محمود محمد: " الخدمات البنكية والإلكترونية عبر الإنترنت"، مرجع سابق، ص13.

[21]  في المادة رقم (32) منه كفل القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003الحق في الحرية الشخصية وحرمة الحياة الخاصة للإنسان.

[22] الأستاذ. سوزان عدنان: " انتهاك حرمة الحياة الخاصة عبر الانترنت"، دمشق، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 29، العدد الثالث، 2013، ص429.

[23]  معهد أبحاث السياسات الاقتصادية(ماس): " دراسة نقدية للإطار القانوني للجرائم الإلكترونية في الأراضي الفلسطينية"، رام الله، 2012، ص6.

[24]  ربايعة. عبد اللطيف محمود: " الجرائم الإلكترونية –التجريم والملاحقة والإثبات"، نابلس، جامعة النجاح الوطنية، المؤتمر الأول للجرائم الإلكترونية في فلسطين، 14-04-2016، ص2. 

[25]  غنيمات. طلال: " الجرائم الإلكترونية أشد خطورة من التقليدية"، جريدة الغد: https://alghad.com/، 16سبتمبر2020.

[26]  يعتبر الإنترنت أحد أهم مستحدثات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة وأوسعها إنتشاراً وقد فرضت نفسها على المستوى العالمي حتى أصبحت ضرورة من ضروريات الحياة اليومية. راجع في ذلك: المدهون. يحيى إبراهيم: " الحاسوب في الإعلام-الإعلام الرقمي"، مرجع سابق، ص12.

[27] معهد أبحاث السياسات الاقتصادية(ماس): " دراسة نقدية للإطار القانوني للجرائم الإلكترونية في الأراضي الفلسطينية"، مرجع سابق، ص2.

[28]  أبوسمرة. قيس: " الجرائم الإلكترونية تكميم للأفواه أم حاجة مجتمعية"، رام الله، الأناضول: https://www.aa.com.tr/، 24أغسطس2017.أنظر أيضاً: أبو الرب. نبيل محمود: "الجرائم الإلكترونية في دولة فلسطين-واقع وتحديات"، رام الله، ورقة عمل مقدمة إلى مؤتمر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الثالث عشر، 2019، ص9.

[29] حيث كان المُدَّعُون العامّون الفلسطينيون في الضفة الغربية يستخدمون قانون الاتصالات اللاسلكية لعام 1996، وقانون المعاملات الإلكترونية لعام 2013 وتفسيرات قانون العقوبات الأردني لعام 1960 لمقاضاة الجرائم التي كانت تُرتكب عبر شبكات الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

[30] في هذا الإطار وضمن مساهمات الأمم المتحدة المتعلقة بمكافحة الظواهر الإجرامية ذات البعد العالمي طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من الأمين العام لها في القرار 73/187 المعنون: مكافحة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأغراض الإجرامية" أن يلتمس آراء الدول الأعضاء بشأن التحديات التي تعترضها في مجال مكافحة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأغراض الإجرامية وذلك بهدف المساهمة في إتمام دور الأمم المتحدة حول مكافحة هذا النوع من الجرائم، إلا أنَّ فلسطين لم تستجيب لتلك الدعوات. راجع في ذلك: الجمعية العامة للأمم المتحدة: " تقرير الأمين العام حول مكافحة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأغراض الإجرامية"، تقرير صادر عم الجمعية العامة للأمم المتحدة يحمل رقم: A/74/130، 30يوليو2019، ص4.

[31]  سويطي. أحمد: "أزمة الإثم الجنائي في جرائم تقنية المعلومات وفق مشروع قانون العقوبات الفلسطيني"، نابلس، جامعة النجاح الوطنية، المؤتمر الأول للجرائم الإلكترونية في فلسطين، 14-04-2016، ص2.  وأنظر أيضاً: معهد أبحاث السياسات الاقتصادية(ماس): " دراسة نقدية للإطار القانوني للجرائم الإلكترونية في الأراضي الفلسطينية"، مرجع سابق، ص2.

[32]  فكان من أخطر مواده المادة 32 التي تمنح السلطات الحق في الوصول إلى بيانات المواطنين عبر إلزام مزودي خدمات الإنترنت بتوفير المعلومات وحجب بيانات المشترك لمدة ثلاث سنوات ورصد الاتصالات بناء على طلب السلطات.

[33]  الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم): " مذكرة قانونية حول القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية"، رام الله، 20-05-2018.

[34]  من خلال القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 تم إزالة المادة 20 من القرار بقانون رقم 16 لسنة 2017 التي كانت تستهدف نشر الأخبار التي تهدد الوحدة الوطنية للدولة والأمن القومي، والنظام العام وهي عبارات فضفاضة تم من خلالها الاعتداء على حرية الصحافة والنشر، وتخفيض بعض العقوبات القاسية، على الرغم من هذه التعديلات؛ فإنَّ القانون الجديد لم يعالج مصادر الانتهاك كلها وأبرزها تلك المُتعلِّقة بالصلاحيات المفرطة وجمع الأدلّة بشكل غير قانوني، حيث بقيت دون تغيير في قانون 2018. كما أبقت المادة 39 في القانون الجديد رقم (10) صلاحية حجب مواقع الإنترنت بيد السلطة، كما كانت عليه الحال في المادة رقم 40 من القانون رقم (16). راجع في ذلك: عياد. كيارا: " الأمن الرقمي لمراقبة من؟ قانون الجرائم الإلكترونية في فلسطين"، مبادرة الإصلاح العربي: https://www.arab-reform.net/ar/publication، 11اكتوبر2018.

[35]  عدلت المادة رقم 15 من هذا القانون بموجب القرار بقانون رقم (28) لسنة 2020بتعديل قرار بقانون رقم (10) لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية، ويعتبر هذا التعديل تعديلاً طفيفاً لم يزل العوار الحقوقي المجود فيه.

[36]  بن حسين. وفاء: "تشديد الأمان الإلكتروني وانتهاك حقوق الإنسان: قوانين مكافحة جرائم التقنية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "، openglobalrights، https://www.openglobalrights.org/، 10يناير 2019.

[37] فهو يأتي في سياق حالة التدهور الخطير الحاصلة في منظومة الحقوق والحريات والنظام السياسي الفلسطيني برمته، نتيجة الصراع السياسي الحاصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة بين طرفي الانقسام حركتا فتح وحماس، فالحالة الفلسطينية أقرب ما تكون للأنظمة البوليسية.

[38] شتية. منى: "قانون الجرائم الإلكترونية المعدل هل فعلا تعدل؟"، وكالة وطن للأنباء: https://www.wattan.net/ar/news، 5يونيو2018. أنظر أيضاً: الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم): " مذكرة قانونية حول القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية"، مرجع سابق. وراجع كذلك: مؤسسة الحق: " ورقة موقف صادرة عن مؤسسة الحق بشأن قرار بقانون الجرائم الإلكترونية وحجب مواقع إلكترونية"، 23اكتوبر2019.

[39]  لمعرفة هذه الإجراءات على وجه التحديد راجع المواد رقم (31-32-33-34) من القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية، مرجع سابق.

[40]. يقدم النائب العام أو أحد مساعديه طلب الإذن لمحكمة الصلح خلال (24) ساعة، مشفوعاً بمذكرة برأيه، وتصدر المحكمة قرارها في الطلب، في ذات يوم عرضه عليها إما بالقبول أو بالرفض، على ألا تزيد مدة الحجب على ستة أشهر، ما لم تجدد المدة وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة.

[41] راجع في ذلك نص المادة رقم 19 من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003، مرجع سابق. وراجع كذلك المادة رقم 39 من القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية، مرجع سابق. راجع أيضاً: الوحيدي. أسيل وآخرون: "ورقة حقائق: القيود المفروضة على حرية التعبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي في فلسطين"، مركز مسارات، يوليو 2020.

[42] تنص المادة 45 على أنَّ (كل من ارتكب جريمة بموجب أي تشريع نافذ باستخدام الشبكة الإلكترونية أو بإحدى وسائل تكنولوجيا المعلومات، أو اشترك فيها او تدخل فيها أو حرض على ارتكابها ولم ينص عليها في هذا القرار بقانون، يعاقب بالعقوبة ذاتها المقررة لتلك الجريمة في ذلك التشريع)

[43] الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم): " مذكرة قانونية حول القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية"، مرجع سابق. وراجع كذلك: مؤسسة الحق: " ورقة موقف صادرة عن مؤسسة الحق بشأن قرار بقانون الجرائم الإلكترونية وحجب مواقع إلكترونية"، مرجع سابق.


إرسال تعليق

0 تعليقات