آخر الأخبار

Advertisement

خصوصية مسطرة التحفيظ العقاري ودورها في حماية الأملاك الوقفية العامة - .الدكتورة يسيرة الشنواني- العدد 49 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث القانوني - تقديم ذ محمد القاسمي


 خصوصية مسطرة التحفيظ العقاري ودورها في حماية الأملاك الوقفية العامة - .الدكتورة يسيرة الشنواني- العدد 49 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث القانوني - تقديم ذ محمد القاسمي

لتحميل عدد المجلة الذي يتضمن المقال بصيغته الرقمية pdf الرابط أذناه:


https://www.allbahit.com/2022/12/49-2022-30-pdf-httpsdrive.html



الدكتورة يسيرة الشنواني

          دكتوراه في العلوم القانونية شعبة

       القانون الخاص        

  خصوصية مسطرة التحفيظ العقاري ودورها في حماية الأملاك الوقفية العامة

The peculiarity of the real estate preservation ruler and its role in protecting public endowment property

مقدمة :

إن صيانة الرصيد العقاري الوقفي وحمايته من التطاول والاعتداء الذي قد يطاله يتطلب الإسراع في تصفيته القانونية والتعرف عليه لجعله وسيلة ناجعة للتنمية المستدامة، مما يسمح معه للجهات المشرفة على العقار وضع نظام ومخططاتها التعميرية وتصوراتها المستقبلية، وذلك من خلال نظام التحفيظ العقاري.

ولتحقيق هذا الهدف، خصه المشرع -أي الوقف- بمجموعة من الخصوصيات والامتيازات أثناء مسطرة التحفيظ. إذ نص المشرع على ضرورة تقديم مطالب لتحفيظ العقارات الموقوفة وتتبع وضعيتها بانتظام من قبل الجهة المكلفة بذلك إلى حين انتهاء الإجراءات بشأنها، وكذا التعرض على مطالب التحفيظ المقدمة من قبل الغير والتي تمس بحقوق الأوقافـ  وقد ينصب الوقف على عقارات في طور التحفيظ. لذلك كان لزاما على المشرع إيجاد آليات لحماية كل من ترتب له حق على عقار في طور التحفيظ تتراوح بين مسطرة الخلاصة الإصلاحية ومسطرة الإيداع طبقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم  بمقتضى القانون رقم 14.07.

بناء على ذلك، يمكننا ان نتساءل حول إمكانية التوفيق والملاءمة بين خصوصيات وأهداف المادة الوقفية كعمل يندرج في إطار أعمال التبرعات وبين القواعد العامة لنظام التحفيظ العقاري.

هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال الحديث عن مميزات الوقف في مسطرة التحفيظ العقاري (المبحث الأول)، ثم لخصوصيات الوقف المنصب على العقارات في طور التحفيظ في (المبحث الثاني).

المبحث الأول: مميزات الوقف في مسطرة التحفيظ العقاري

إن حماية الوقف تتم بإيداع مطلب التحفيظ وما يقتضيه من عمليات الإشهار الواسعة، وتثبيت حدود العقار ( المطلب الأول)، وكذا عن طريق سلوك مسطرة التعرض في مواجهة مطالب التحفيظ المقدمة من الغير و الشاملة لبعض العقارات الموقوفة ( المطلب الثاني).

المطلب الأول: الجهة المكلفة بتقديم مطالب تحفيظ الأملاك الوقفية

لقد أحاط المشرع الأملاك الوقفية بمجموعة من الخصوصيات والامتيازات، كالإعفاء من صوائر إيداع مطالب التحفيظ عندما يتعلق الأمر بتحفيظ العقارات الموقوفة وقفا عاما[1] وعدم القابلية للتفويت أو التقادم وإجبارية التحفيظ عند معاوضة العقارات المحبسة تحبيسا عموميا[2].

وهكذا متى كان العقار المحبس أو المقايض به غير محفظ، فإنه يلزم وقبل إتمام المقايضة تحفيظ هذا العقار بطلب من وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية أو بطلب من صاحب العقار المقايض به[3]، وذلك بهدف تعميم نظام التحفيظ العقاري للعقارات الموقوفة وكذا تتبع جميع ما يطال هذا الرصيد العقاري المهم من عمليات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة أو التحديدات الإدارية أو التحفيظ الجماعي أو ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض أو الاعتداءات المادية من طرف الغير.

وقد اختلف الفقه القانوني حول تحديد من له الصفة في تقديم مطلب التحفيظ في اسمه، حيث ذهب جانب منهم[4] إلى تأييد إمكانية تقديم مطلب التحفيظ من طرف ناظر الأوقاف  مستندا إلى مقتضيات المرسوم الذي تم بموجبه تعميم نظام التحفيظ العقاري  على جميع العقارات الحبسية[5]، حيث نص في فصله الأول على أن المقتضيات التشريعية و التنظيمية المتعلقة بنظام التحفيظ العقاري ولاسيما ظهير 12 غشت  1913 تطبق على العقارات الحبسية الكائنة في أنحاء البلاد الجاري عليها هذا النظام أي نظام التحفيظ العقاري.

وهذا التوجه يبقى محل نظر، على اعتبار أن ناظر الأوقاف لا يملك أي حق عيني على العقار الموقوف , كل ما  في الأمر أن القانون أناط به  سلطة  إدارة وتسيير المال الموقوف والمحافظة عليه  بأمر من وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية.

في المقابل، يذهب جانب آخر [6] إلى تأييد إمكانية تقديم مطلب التحفيظ من طرف الواقف سواء أكان شخصا طبيعيا أو معنويا مستندا في ذلك على موقف المذهب المالكي الذي يقول بعدم زوال ملكية الواقف للعقار الموقوف بل تظل ملكيته له. غير أن هذا الرأي يبقى منتقدا لاسيما أن المحبس لا يمكنه التصرف فيه خلال حياته بعد وقفه. لذلك ذهب جانب آخر  إلى ضرورة تقديم مطلب التحفيظ من طرف المستفيد من الوقف.

وبناء على ذلك، فإن مطلب تحفيظ العقارات الموقوفة يتم تقديمه بإيعاز من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أو من طرف ناظر الأوقاف الذي خول له المشرع  صلاحية ذلك[7].

وهذا الغموض انعكس سلبا على مستوى عمل مصالح المحافظة العقارية، حيث أدى هذا الخلط في التأويل إلى تحفيظ بعض العقارات الموقوفة في اسم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في حين أن هذا الأخير ما هو إلا قطاع حكومي مكلف بتدبير و إدارة هذه الأوقاف.  كما تم تحفيظ عدد من العقارات في اسم ناظر الأوقاف بصفته ممثلا للنظارة التي يترأسها وأحيانا بصفته المالك باسمه الشخصي بالرغم من أنه ليس له أي حق عيني على العقار المطلوب تحفيظه، بل إن بعضها تم  تحفيظه في اسم أحباس مدينة من المدن (كأحباس مدينة  مكناس وأحباس مدينة فاس والأحباس الكبرى لمدينة وجدة).

الرأي فيما أعتقد أن الرأي الأول حري بالتأييد، لأن ناظر الأوقاف بالرغم  من أنه لا  يملك  أي  حق  عيني  على العقار الموقوف، إلا أن القانون أناط به سلطة الإشراف وتسيير هذه العقارات، وبالتالي فهو ملزم بالمحافظة عليها وحمايتها من كل اعتداء، وذلك تحت مسؤوليته[8]، فهو بمثابة الولي أو الوصي أو المقدم على محجوره.

وإذا كان الوقف ملكا ممنوعا من التملك والإرث والهبة ونحوهما طالما أنه خصص للغرض الذي حبس من أجله[9]، فهو بذلك يكتسب الحقوق ويتحمل الالتزامات حيث يتمتع  بشخصية معنوية مستقلة بصريح المادة 50 من مدونة الأوقاف[10]. ولعل ذلك ما جعل المشرع يخول وزارة الأوقاف ممثلة في نظارة الأوقاف الصفة في تقديم مطالب التحفيظ وإن كان معقبا أو مشتركا. والتعرض على تحفيظه كملك خاص، وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض في أحد قراراتها  الذي جاء فيه على أنه[11]: " حيث تبين صحة ما عابته الطاعنة على القرار فطالبو التحفيظ اعتمدوا في مطلب تحفيظ العقار محل النزاع على عقد الحبس، وهم بذلك يقرون بأن هذا العقار محبس لأنه من أدلى بحجة فهو قائل بما فيها. كما أن ناظر الأوقاف له الصفة في المحافظة على الأموال المحبسة، والتعرض على العقارات المراد تحفيظها  كأملاك خاصة، وأن القرار المطعون فيه لما اعتبر ... ناظر الأحباس لا صفة له في التعرض على المطالب فقد جاء غير مرتكز على أساس ..." .[12]

فالاعتراف للوقف بالشخصية المعنوية تترتب عنه ذمة مالية مستقلة عن ناظر الأوقاف أو متوليه وعن ذمة الواقف و الموقوف عليهم. فمال الوقف وجميع حقوقه التزاما خاصا به،  وأن ذمته لا  تشتغل بذمة غيره مهما كان وتكون هي المالكة اعتبارا لجميع حقوقه وأمواله وأن دائني الواقف أو الناظر أو الموقوف عليه ليس لهم حق على ذمة الوقف. كما أن ديونه لا يطالب بها غير  الواقف نفسه كما أنه لا تقع المقاصة بين ديون الوقف وديون هؤلاء. كما له كذلك حق رفع الدعوى وحق  التقاضي بواسطة  ممثله القانوني و هو  ناظر الأوقاف.

إلا أن بعض الفقه الغربي[13] لم يستطع استيعاب مضمون الوقف الحقيقي بخصوصياته وأهدافه  فاعتبره: إخراجا  للشيء  ليس فقط  من  الملكية، بل من نظام الأموال الدنيوي ليدخلها ضمن نظام يسمو على العلاقات والإرادات البشرية " وهو بهذا القول إنما يخرج الوقف نفسه من دائرة التعامل  الإنساني. كما هو في أصله لينقله إلى عالم نظري مجرد لا تترتب عنه أي آثار قانونية.

المطلب الثاني: مسطرة التعرض كآلية لتحقيق حماية ملائمة للعقارات الموقوفة

 يعتبر التعرض من أهم الوسائل المقررة لحماية الأشخاص المتضررة من جراء مسطرة التحفيظ، فهو كما عرفه بعض الفقه[14] بأنه: "وسيلة قانونية يمارسها الغير للحيلولة دون إتمام إجراءات التحفيظ، وذلك خلال الآجال القانونية المقررة ويهدف التعرض بهذا المعنى إلى توقيف إجراءات التحفيظ  من طرف المحافظ وعدم الاستمرار فيها إلى أن يرفع التعرض ويوضع حدا  للنزاع عن طريق المحكمة أو إبرام الصلح بين الأطراف".

كما عرفه فقه آخر[15] بأنه ادعاء يتقدم به  أحد من الغير  ضد طالب التحفيظ ينازع بمقتضاه المتعرض في أصل حق ملكية طالب التحفيظ  أو في مدى هذا الحق أو في الحدود فقط، أو يطالب بحق عيني مترتب له على هذا العقد وينكره عليه طالب التحفيظ الذي لم يشر إليه في مطلب التحفيظ.

وبناء على ذلك، وحتى لا تضيع حقوق الأحباس، يجب على السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف التعرض على مطالب التحفيظ التي يتقدم بها الأغيار والتي تمس بحقوقها، ويقدم هذا التعرض طبق الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بمقتضى القانون رقم 14.07[16] داخل أجل شهرين  يبتدئ من يوم  نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة  الرسمية [17] .

غير أنه استثناء للمحافظ على الأملاك العقارية  قبول التعرضات المقدمة خارج الآجال من  طرف السادة  نظار الأوقاف وهم من لهم صلاحية  تقديم التعرضات[18]، حتى ولو لم يكن قد قدم أي تعرض من قبل طبقا لمقتضيات الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري الذي عوض وتمم بالقانون  رقم 14.07[19]، بحيث تبقى له سلطة قبول التعرض أو رفضه. وفي حالة الرفض، فإن قراره يكون نهائيا غير قابل للطعن القضائي، و توجه المشرع هذا كما يرى أحد الباحثين [20] يتنافى مع دولة المؤسسات التي تنبني على المشروعية والرقابة القضائية على القرارات الإدارية، واعتبرت أن هذا الفصل مثله في ذلك مثل فصول أخرى جاءت لحماية مصالح المحافظين العقاريين. 

إلا أن ظهير التحفيظ العقاري حاول إيجاد مجموعة من الحلول الممكنة  لمختلف الثغرات التي كانت موجودة في الفصل 29 قبل نسخه وتعويضه. كما خول للمحافظ صلاحيات واسعة في قبول التعرض من عدمه دون أن تشاركه في ذلك أية جهة أخرى، خلافا للفصل السابق الذي كان يخول لوكيل الملك إمكانية قبول التعرضات خارج الآجال وما نتج عنها من آثار سلبية من خلال تداخل صلاحيات كل من وكيل الملك  والمحافظ على الأملاك العقارية، الأمر الذي ينعكس سلبا على مسطرة التحفيظ العقاري. كما أن صلاحيات محكمة الموضوع تقتصر على البت في موضوع التعرض، نوعه ومحتواه ومداه. كما أحاله المحافظ على كتابة الضبط سواء من حيث الحقوق المطالب بها أو من حيث المستندات المدلى بها دون أن تناقش شكليات التعرض، حسب الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بقانون 14.07[21]، وهو ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف بطنجة في قرار لها جاء في حيثياته ما يلي[22]: "..... حيث إنه بخصوص مخالفة الحكم المستأنف لكون التعرض قد خارج أجله القانوني, هو سبب يبقى غير مؤسس، لأن محكمة التحفيظ لا تنظر في شكليات التعرض من حيث تقديمه داخل الأجل أو خارجه، لأن أمر ذلك يدخل في اختصاصات المحافظ على الأملاك العقارية، وأن نظرها يقتصر على البت في موضوع التعرض من حيث صحته وعدمه فقط ".

وقد صدر توجه آخر  لمحكمة النقض يخفف من حدة الموقف المعلن عنه أعلاه مفاده أن : " الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري لا يمنع قضاة الموضوع من فحص الرسوم المستدل بها من لدن الأطراف ليقارنوا بين قوة إثبات كل رسم وذلك بما يملكون من كامل السلطة في هذا الشأن [23]

كما ذهبت ابتدائية الناظور في حكم لها إلى أنه[24]: " من الثابت قانونا في ميدان التحفيظ العقاري أن المحكمة المعروض عليها التعرض على مطلب التحفيظ يجب أن تبت في حدود ما هو منصوص عليه في الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري بأن تتأكد من وجود الحق المدعى عليه من قبل المتعرض ونوعه ومحتواه ويبقى عبئ إثبات ذلك على الأخير بحجة مقبولة شرعا في ميدان الاستحقاق، وحيث إن المحكمة بعد دراستها لوثائق الملف اتضح لها أن المتعرضين استندوا في تعرضهم في مواجهة طالب التحفيظ (أحباس السعديين النائب عنها ناظر الأوقاف ب الناظور) على رسم وصية بالثلث... وحيث إن رسم الوصية المذكور غير جدير بالاعتبار لأن ما تضمنه مجرد تصريحات أمام العدلين، وغير مؤسس على أي حجة تثبت الملك المذكور أعلاه، مما يتعين معه التصريح بعدم قبول تعرض المتعرضين".

وبناء على ذلك، يمكن للمستفيد من الوقف أو الجهة المكلفة بالأوقاف حماية عقاراتها عن طريق التدخل في مسطرة التحفيظ العقاري بواسطة التعرض داخل الآجال القانونية، خاصة أمام عمليات الإشهار الواسعة التي يمر منها مطلب التحفيظ المنصوص عليها في الفصل 18 و الفصل 17  من القانون 14.07 سواء تعلق الأمر بالجريدة الرسمية أو عن طريق الإشهارات الواسعة التي تتم بمصالح المحافظة العقارية و المحاكم الابتدائية ومكاتب السلطة المحلية والجماعات المحلية، وكذا من وقوف في عين المكان،  رغم أن الوقف العام لا يطاله الأثر التطهيري.

ومع ذلك، والرأي فيما أعتقد أنه يجب إدخال بعض المقتضيات القانونية عن طريق اتفاقيات شراكة مثلا تسمح لإدارة المحافظة العقارية بإخبار نظارة الأوقاف بحبسية العقارات التي يتقدم الأغيار  بمطالب تحفيظها في اسمهم وهي إمكانية يمكن أن تساهم في حماية الوقف من الاعتداء والغبن  لكونه يعتبر أهم ثروة وطنية في بلادنا لما تقوم به من أهداف وأدوار أساسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والدينية...، وهو التوجه الذي بدأت تسير فيه الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية بخلقها لتطبيقات ذكية تستعمل فيها البرامج المعلوماتية والتكنلوجيا الحديثة السهلة الولوج والاطلاع لتدعيم الأمن العقاري وللحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الأغيار (سواء كانت عقارات عامة أو خاصة).

 وقد أثبت الواقع العملي بأن  غالبا ما يقوم الواقف بتحبيس عقاره (خاصة العقار غير المحفظ)، دون إخبار السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف وبعد وفاته يعمد ورثته إلى إخفاء رسم التحبيس والقيام بإيداع رسم الإراثة وترتيب مجموعة من التصرفات القانونية الناقلة للملكية والمضرة بالوقف والأهداف التي يروم إلى تحقيقها داخل المجتمع، وهذه الوضعية تثير كثيرا من الخطورة على هذا  الموروث الإسلامي الذي يعتبر وبحق دعامة أساسية وسندا قويا للنظام الاقتصادي لكونه ساهم في تخفيف النفقات على الدولة في بعض المجالات  الدينية و الثقافية و التعليمية و الاجتماعية [25].

المبحث الثاني: خصوصيات الوقف المنصب على العقارات في طور التحفيظ

من المعلوم أن نظام التحفيظ العقاري يقوم على مبدأ الإشهار  والعلانية، ذلك أن الوقف قد ينصب على عقارات في طور التحفيظ. لذلك أوجد المشرع بعض الأسس القانونية التي يمكن سلوكها لضمان الحماية القانونية للأوقاف، بحيث يمكن لإدارة الأوقاف، إما أن تودع رسم التحبيس مشفوعا بطلب تصحيح مطلب التحفيظ الأصلي ومتابعة المسطرة في اسمها  وطلب النشر في الجريدة الرسمية بواسطة خلاصة إصلاحية (المطلب الأول)، أو بإيداع رسم التحبيس لدى المحافظة على الأملاك العقارية طبقا للفصل 84 من قانون التحفيظ العقاري رقم 14.07 في (المطلب الثاني).

المطلب الأولى: مسطرة الخلاصة الإصلاحية

بالنسبة لمسطرة الخلاصة الإصلاحية يمكن للجهة المكلفة بالإشراف على الأوقاف أو للمستفيدين من الوقف بناء على مقتضيات الفصل 83 من ظهير التحفيظ العقاري[26]، وكذا بناء على مقتضيات الفصل 3 من المقرر الوزاري المؤرخ في 03 يونيو 1915 المتعلق بتفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري[27]، أن يطلب  من المحافظ على الأملاك العقارية أن يعمل على أن تتابع مسطرة التحفيظ في اسم من يخوله القانون ذلك، حيث يكتسب صفة طالب التحفيظ في حدود  الحق المنشأ أو المعدل بعد إيداع الوثائق المثبتة له بالمحافظة العقارية عن طريق نشر  خلاصة إصلاحية الهدف منها أن يعالج التصرف في إطار الفصلين المذكورين، بعبارة أخرى، أخذ طريقه للإشهار بمفهومه العلني  من جهة ونقل مجريات مسطرة التحفيظ من طالب التحفيظ إلى المالك الجديد وهو المستفيد من الوقف من جهة أخرى بعد أدائه للرسوم الخاصة بنشر الخلاصة الإصلاحية وكذا رسوم الإعلان الجديد عن انتهاء التحديد، فمن يوم الإيداع تصبح الجهة المكلفة بالأوقاف هي المعنية بالأمر حيث تراسل من طرف المحافظة العقارية وتعلم بأي إجراء يهمها كيوم وتاريخ التحديد مثلا، ومن ثم فالأجل الجديد  للتعرض لا يفتح إلا إذا كان  الأجل الأصلي قد انصرم[28]، وهو يبدأ من تاريخ نشر الإعلان  عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية والذي  يكون داخل أربع أشهر الموالية للتحديد الفعلي للعقار والذي ينشر بنفس الطريقة التي نشرت بها  خلاصة مطلب التحفيظ بالجريدة الرسمية  والتعليق لدى الجهات المعنية[29].

هذا ويتم نشر الخلاصة الإصلاحية والقيام بالتحديد التكميلي وضرورات المسطرة ويطلب من المتدخل فيها وهو المستفيد من الوقف، وذلك إما لتدارك إغفال جوهري في البيانات المنشورة من قبل , أو الإعلان عن كل  تغيير في النطاق المادي للحق المطلوب تحفيظه[30].

وهذا التحديد التصحيحي هو إجراء إضافي تستوجبه ضرورة المسطرة أو يطلبه المتدخل فيها، والغرض منه هو تصحيح وإعادة تعيين حدود الملك ومساحته وضبطها بكيفية دقيقة كما يسمح باجتماع الملاك المجاورين وكل من له مصلحة في ذلك، وهذه العملية تسمى بمحضر التحديد التصحيحي، يذيله المهندس المساح الطوبوغرافي بتوقيعه وكذلك باقي الأطراف ليوجه إلى قسم مسطرة  التحفيظ الذي يقوم بدراسة الملف والتعقيب على التصريحات المضمنة فيه، وذلك بتقييد التعرضات في السجل الخاص بها، وبعد انتهاء آجال التعرضات يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتوجيه الملف إلى المحكمة  المختصة للبت في الحق المدعى به من قبل المتعرضيين ومحتواه  ومداه. أما في حالة ما إذا استمرت المسطرة إدارية وبعدما يتأكد المحافظ من صحة و سلامة الإجراءات وكذا مشروعية الطلب[31] يصدر المحافظ قرار بالتحفيظ يترتب عنه تأسيس الرسم العقاري في اسم إدارة الأوقاف أو باسم المستفيد من الوقف.

المطلب الثاني: مسطرة الإيداع طبقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري

يعتبر العقار موضوع مسطرة التحفيظ العقاري من الحقوق القابلة للتفويت، وقد تؤدي مسطرة التحفيظ إلى تأسيس الرسم العقاري وما يترتب عنه من الأثر التطهيري من جميع الحقوق التي لم يقع الاحتجاج بها  أثناء مسطرة التحفيظ.

ولتفادي قاعدة التطهير[32] قرر المشرع لأصحاب الحقوق التي نشأت على العقار في طور التحفيظ الخيار بين مسطرة النشر في الجريدة الرسمية أو مسطرة الإيداع المنصوص عليها في الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري رقم 14.07[33]، بحيث يقوم المستفيد بإيداع السند المنشئ للحق لدى مصلحة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية وبعد التأكد من جدية الطلب وأداء الرسوم المستحقة فإنه يتم تقييد هذا الحق بسجل التعرضات ليحتل  مرتبته بالنسبة لباقي الحقوق الأخرى المقيدة.

إذن فهناك فرق بين الإيداع والتقييد. فالتقييد ينشأ الحق فور القيام به ولا يتم التشطيب عليه إلا بمقتضى عقد أو حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به طبقا لمقتضيات الفصل 91 من ظهير التحفيظ العقاري القانون رقم 14.07[34].

بينما الإيداع هو مجرد تضمين لحفظ رتبة الحق  إلى حين اتخاذ قرار التحفيظ، فإذا اعتمدته  المحافظ عند قراره فإنه يقيده بالرسم العقاري، وإذا لم يأخذه بعين الاعتبار يشطب عليه، مما يطرح التساؤل حول القيمة الثبوتية للإيداعات طبقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري قانون رقم 14.07 ؟ وهل تتمتع بحجية مطلقة أم لها حجية نسبية مثلها في ذلك مثل باقي التقييدات؟.

إذن هذا الموضوع أدى إلى تضارب آراء الفقه وكذلك القضاء، حيث ذهب جانب من الفقه[35] إلى نقل الأثر التطهيري إلى سائر الحقوق سواء تلك التي تم تقييدها عند تأسيس الرسم  العقاري أو التي قيدت بعد تأسيسه. فالتقييدات اللاحقة إن كانت تتمتع بقوة و حجية في الإثبات فإنها ومع ذلك تظل نسبية كونه متعلقة بصحة السند الذي أقيمت عليه سواء بين طرفي العقد أو باتجاه الغير باستثناء الغير حسن النية، بخلاف إذا تعلق الأمر بالتقييدات الملازمة فهي تتمتع بقوة ثبوتية قاطعة ولا يمكن بأي حال من الأحوال التشطيب عليها سواء بمقتضى عقد أو حكم قضائي نهائي[36].

هذا من جهة، ومن جهة أخرى إذا كان هذا الموقف لا يدع مجالا للشك بأن القيود الملازمة لها نفس آثار التحفيظ، فإن هذا التوجه يبقى محل نظر لدى بعض الفقه[37] على اعتبار أن الأثر التطهيري لا ينبغي أن يشمل الحقوق الناشئة بعد تقديم مطلب التحفيظ  وقبل تأسيس الرسم العقاري، إذ لا بد من حصر نطاق الأثر التطهيري  من حيث الحقوق المشمولة، ذاك أن هذه التقييدات لم تخضع لشكليات الإشهار الكافي فليس هناك أي مبرر قانوني صحيح لتقاس وتقارن بالتحفيظ، ثم إن المقتضيات المضمنة بالفصلين 1 و62 من ظهير التحفيظ العقاري هي مقتضيات ظالمة، وإنه كان وراء إقرارها السياسة الإستطانية للفرنسيين بالمغرب. وعليه فلابد من إعادة النظر فيها بكيفية تكفل مبادئ العدل و الإنصاف، إذ لا يعقل أن مجرد تضمين الحق بالرسم العقاري يضفي عليه نوع من القداسة والحجية المطلقة ولم يمضي عليه سوى يوم أو بضعة أيام على تقييده فعلى أي إشهار اعتمد؟ وعلى أي آجال قد سطر؟[38].

الرأي فيما أعتقد أن هذا الرأي الأخير حري بالتأييد لأنه ليس من العدالة في شيء أن يتعلق الأمر هنا بجميع الحقوق الواردة على الرسم العقاري على إطلاقها، بل فقط تلك السابقة على تقديم مطلب التحفيظ على اعتبار أن هذه الأخيرة وحدها هي التي خضعت للإشهار بمرحلته الإدارية والقضائية، وكذلك الحقوق المعلن عنها بواسطة الخلاصة الإصلاحية أما الحقوق المقيدة طبقا للفصل 84 فليس هناك من العدل تحصينها ضد الطعن .

أما على مستوى العمل القضائي، فإنه يكاد يتفق في مجموع اجتهاداته إن على مستوى قضاء الموضوع أو على مستوى محكمة النقض على أن تقييد العقار في الرسم العقاري في اسم من آل إليه بعد انتهاء مختلف الإجراءات يجب أن يضع حدا لجميع النزاعات  المتعلقة به، بحيث يطهر من كل مطالبة أو ادعاء باستحقاقه كلاً أو بعضاً استنادا للفصل 1 و 62 من ظهير التحفيظ العقاري، حيث  ذهبت محكمة النقض في قرار لها إلى أنه[39]: " لكن ردا على السبب فإن الدعوى إنما تهدف في النهاية إلى تسجيل حقوق عينية في الصك العقاري عن طريق إقامة عقد ملحق، وهذه الحقوق المراد تسجيلها كانت موجودة قبل التحفيظ ولم تسجل في إطار الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري ولم يقع التعرض على المطلب وإنه بمقتضى الفصل 2 من الظهير المشار إليه يترتب عن التحفيظ تطهير الملك من جميع الحقوق السالفة الغير مضمنة بالكناش العقاري وبمقتضى الفصل 62 من نفس الظهير فإن رسم الملك يكشف نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية والتكاليف العقارية الكائنة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداه من الحقوق الغير المسجلة. وبذلك فإن القرار بتعليله بما أشير إليه بالسبب أعلاه يكون معللا بما يكفي و السبب غير جدير بالاعتبار". 

إلا أن  محكمة النقض تراجعت عن هذا الموقف  على اعتبار أن الأثر التطهيري لا يطال عقود التفويت باعتباره حقا شخصيا يقع على البائع حيث ذهبت في قرار لها جاء فيه:" حيث صح ما عابه الطاعن  عن القرار، ذلك أنه علل ما قضي به بأن مبدأ التطهير موضوع الفصلين 2 و 62 من ظهير التحفيظ العقاري لا يطال عقود التفويت بنقل الملكية إلى المشتري باعتباره حقا شخصيا يقع على البائع ولو حفظ العقار أو كانت هذه الحقوق كما في النازلة قد نشأت قبل التحفيظ".

هذا ويقبل الإيداع على الإيداع متى تخلى المودع لفائدة خلفه عن حق وقع إيداعه    وقد يأخذ الإيداع صورة الحجز التحفظي أو التنفيذي على حقوق المودع لا طالب التحفيظ  [40] .

وقد طرح النقاش حول الإيداعات المتعارضة كما لو بادر شخص إلى طلب إيداع لحق سبق أن كان موضوع إيداع سابق من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف، ثم تلقى الطرفان الحق نفسه من طلب التحفيظ. فعلى مستوى عمل المحافظة العقارية درج السادة المحافظين على رفض طلب الإيداع الذي يتعارض مع الإيداع الأول لكون إجراءات المسطرة لا تسمح بذلك وأمام تعذر هذه  الإمكانية، قرر المشرع مسطرة جديدة يعبر عنها بمسطرة التعرض على الإيداع. ولهذا أصبح لكل من ينازع في الإيداع بإمكانه أن يمارس التعرض ضده طبقا لمقتضيات الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري قانون 14.07[41].

ويثير التعرض على الإيداع عدة إشكالات خاصة في طبيعته فهل هو مختلف عن التعرض على مطلب التحفيظ لاسيما أن المشرع خص الثاني بتنظيم خاص دون الأول وسوى بينهما في أجل ممارسته دون الجهة التي يقدم إليها.

والتعرض على الإيداع نص ولد ميتا كما ذهب إلى ذلك الأستاذ عمر أزوكار [42] وهو في اعتقادنا رأي حري بالتأييد. ذلك أن أجل ممارسته حدده الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري في شهرين من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية عن انتهاء التحديد والحال أن التصرفات على العقار في طور التحفيظ تباشر بعد انقضاء أجل التعرضات. لذلك فإن مسطرة التعرض على الإيداع لا تجب مكنة إيداع دعوى المنازعة في الإيداع أمام القضاء حيث أن هذه المكنة تبقى مفتوحة وإلا فلى معنى لعمل المحافظ على الأملاك العقارية.

خاتمة:

ختاما، لقد حاول المشرع المغربي إيجاد مجموعة من الحلول التشريعية لحماية الوقف عن طريق مدونة الأوقاف، وضمان أداء وظائفه وأهدافه الدينية والاجتماعية والاقتصادية انسجاما مع الخصوصيات التي ينفرد بها بالمقارنة مع باقي الأنظمة العقارية، حيث يعتبر الوقف من المؤسسات التي ساهمت بشكل كبير في بناء الحضارة الإسلامية وتمويل العديد من المرافق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بالمغرب. لذلك خصه المشرع بمجموعة من الامتيازات في مجال التحفيظ العقاري سواء أثناء سريان مسطرة التحفيظ العقاري، أو بعد تأسيس الرسم العقاري تفاديا للترامي والاعتداء على الأملاك الوقفية.

لائحة المراجع:

محمد عرظاوي، "التحفيظ الإجباري في التشريع المغربي- بين الإكراهات القانونية والتحديات المستقبلية" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، السنة الجامعية 2010ـ2011.

إدريس الفاخوري، "نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون رقم 14.07" منشورات مجلة الحقوق، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة 2013.

عبد الرزاق الصبيحي، "الحماية المدنية للأوقاف العامة"  منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية  في المغرب، مطبعة الأمنية الرباط،  سنة 2009.

عمر السكتاتي، "دور التحفيظ العقاري في حماية العقارات الموقوفة"  مساهمة ضمن أعمال الندوة العلمية التي نظمتها مجلة المنبر القانونية بشراكة مع القضاء المدني  يوم 05 مايو 2012 بتيزنيت، تحت عنوان قانون التحفيظ العقاري بين روح ظهير 1913 ومستجدات قانون 14.07، سلسلة ندوات وأبحاث، العدد الأول، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، سنة 2012.

عبد الرزاق حباني، "الحماية القانونية للعقارات المحبسة - دراسة في الوسائل وفي الآثار  -" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق الدار البيضاء، السنة الجامعية: 2005 – 2006.

حسن بوخرصى، "النظام القانوني للمسؤولية في مدونة الأوقاف" مجلة قراءات في القوانين العقارية الجديدة، منشورات مجلة الحقوق مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة الأولى 2013.

محمد بن صالح الصوفي، "الحقوق العينية العرفية الإسلامية - دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون المغربي" دار القلم للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 2002.

محمد خيري، "التعرضات اثناء التحفيظ العقاري في التشريع المغربي" دار الثقافة العربية الدار البيضاء، الطبعة الأولى، سنة 1983.

مأمون الكزبري، "التحفيظ العقاري الحقوق العينية الأصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي" الجزء الأول، التحفيظ العقاري، شركة الهلال العربية للطباعة والنشر، الرباط، الطبعة الثانية، 1987.

عدي وردة، "قراء أولية لمستجدات قانون التحفيظ العقاري" مساهمة ضمن أشغال الندوة المنظمة  من طرف جمعية المحامين الشباب بنادي المحامين ب الناظور  يوم  13أكتوبر  2014، تحت عنوان قراءة في القانون  رقم 14.07.

رشيد بلاشو، "التصرفات التي  تجري على العقار في طور التحفيظ , رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا  المعمقة  في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، الرباط، السنة الجامعية: 2002 – 2003.



[1] - وكذلك فالإدارة المكلفة بالأوقاف سواء كانت مدعية أو مدعى عليها فهي تبقى معفية من أداء المصاريف القضائية ما تعلق منها برفع الدعوى أمام المحكمة أو مصاريف الدفاع أو التحقيق أو المعاينة ... وكذألك كما هو منصوص عليه في قانون المحاماة أن أتعاب المحامي المنتصب للدفاع عن حقوق المتقاضي لا يمكن إقامة دعوى  للبت في النزاعات المتعلقة بتحديدها، سواء في القواعد العامة أو في الأوقاف. إلا أنه مع صدور مدونة الأوقاف فإنه أصبح بإمكان إدارة الأوقاف إقامة دعوى للبت في النزاعات المتعلقة  بتحديد أتعاب المحامي المنتصب للدفاع عن حقوق الأوقاف، وذلك استثناء من مقتضيات القانون رقم 28.08 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة.

[2]  -  تنص المادة 72 من مدونة الأوقاف على أنه: "يشترط لإجراء أي معاوضة  عينية للأوقاف العامة ان تكون العين المعاوضة بها محفظة وأن تساوي أو تفوق قيمتها التقديرية قيمة العين الموقوفة ".

للتوسع أكثر، ينظر:

- محمد عرظاوي، "التحفيظ الإجباري في التشريع المغربي- بين الإكراهات القانونية والتحديات المستقبلية" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، السنة الجامعية 2010ـ2011 ص: 17.

[3] ـ إدريس الفاخوري، "نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون رقم 14.07" منشورات مجلة الحقوق، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة 2013، ص: 18.

[4] -  عبد الرزاق الصبيحي، "الحماية المدنية للأوقاف العامة"  منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية  في المغرب، مطبعة الأمنية الرباط،  سنة 2009، ص: 16.

[5] - المرسوم رقم 265008 الصادر بتاريخ 29 رمضان 1384 هـ الموافق  لـ 2 فبراير  1965، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2728 .

[6] - عمر السكتاتي، "دور التحفيظ العقاري في حماية العقارات الموقوفة"  مساهمة ضمن أعمال الندوة العلمية التي نظمتها مجلة المنبر القانونية بشراكة مع القضاء المدني  يوم 05 مايو 2012 بتيزنيت، تحت عنوان قانون التحفيظ العقاري بين روح ظهير 1913 ومستجدات قانون 14.07، سلسلة ندوات وأبحاث، العدد الأول، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، سنة 2012، ص: 82.

[7] - عبد الرزاق حباني، "الحماية القانونية للعقارات المحبسة - دراسة في الوسائل وفي الآثار  -" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق الدار البيضاء، السنة الجامعية: 2005 – 2006، ص: .289

[8] - حسن بوخرصى، "النظام القانوني للمسؤولية في مدونة الأوقاف" مجلة قراءات في القوانين العقارية الجديدة، منشورات مجلة الحقوق مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة الأولى 2013، ص: 168 وما بعدها.

[9] - محمد بن صالح الصوفي، "الحقوق العينية العرفية الإسلامية - دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون المغربي" دار القلم للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 2002، ص: 348.

[10] - تنص المادة 50 من مدونة الأوقاف في فقرتها الثالثة على أنه: " .... يتمتع الوقف العام بالشخصية الاعتبارية منذ إنشائه وتتولى إدارة الأوقاف تدبير شؤونه وفقا لأحكام هذه المدونة".

[11] - تغير تسمية المجلس الأعلى باسم محكمة النقض بمقتضى الظهير الشريف الصادر بتنفيذ القانون رقم 8511 المتعلق بمحكمة النقض المغير بموجبه الظهير الشريف رقم 1.57.223. الصادر بتاريخ 27 أكتوبر 1957 بشأن المجلس الأعلى الجريدة الرسمية عدد 5989 المنشورة بتاريخ 26 أكتوبر 2011.

[12] - قرار رقم 2523 الصادر بتاريخ 13/06/2000 ملف مدني رقم 99ـ1ـ1642  منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد المزدوج 59/60، يناير ـ يوليوز، السنة 2002 ص: 24.

[13] - M.Messini . Luccioni Joseph. « les fondations pieuses : Habous au Maroc depuis les Origines jusqu'à 1956 »  Imprimerie Royal  Rabat (1982) p 21.  

[14] - محمد خيري، "التعرضات اثناء التحفيظ العقاري في التشريع المغربي" دار الثقافة العربية الدار البيضاء، الطبعة الأولى، سنة 1983، ص: 6.

[15] - مأمون الكزبري، "التحفيظ العقاري الحقوق العينية الأصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي" الجزء الأول، التحفيظ العقاري، شركة الهلال العربية للطباعة والنشر، الرباط، الطبعة الثانية، 1987، ص: 48.

[16] - ينص الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل بقانون 14.07 على أنه: " يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية إن لم يكن قام بذلك من قبل وذلك:

1 - في حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار؛

2- في حالة الادعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه؛

3- في حالة المنازعة في حق وقع الإعلان عنه طبقا للفصل 84 من هذا القانون".

[17] - إدريس الفاخوري، مرجع سابق، ص: 15 .

[18] - وتجدر الإشارة إلى أن رفع اليد عن التعرضات أو التنازل عنها يبقى رهينا بالموافقة الكتابية  لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

[19] - ينص الفصل 29 من  ظهير التحفيظ العقاري الذي نسخ و عوض بقانون  رقم 14.07 على أنه: " بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق، شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية.

يتعين على المتعرض أن يدلي للمحافظ على الأملاك العقارية، بالوثائق المبينة للأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل، وبالعقود والوثائق المدعمة لتعرضه. كما يتعين عليه أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية. يكون قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي ".

[20] - عدي وردة، "قراء أولية لمستجدات قانون التحفيظ العقاري" مساهمة ضمن أشغال الندوة المنظمة  من طرف جمعية المحامين الشباب بنادي المحامين ب الناظور  يوم  13أكتوبر  2014، تحت عنوان قراءة في القانون  رقم 14.07، ص: 8و9 .

[21] - ينص الفصل 37 في فقرته الثانية من قانون 14.07 على أنه: "تبت المحكمة في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته ومشتملاته ونطاقه، وتحيل الأطراف للعمل بقرارها، بعد اكتساب الحكم قوة الشيء المقضي به، على المحافظ على الأملاك العقارية الذي له وحده النظر في قبول أو رفض مطلب التحفيظ كلا أو بعضا مع الاحتفاظ بحق الطعن المنصوص عليه في الفصل 37 مكرر ... ".

[22] ـ  قرار صادر عن محكمة الاستئناف بطنجة رقم 485 بتاريخ 2008ـ05ـ22 ملف شرعي عدد 8ـ07ـ36ـ، أشار إليه عمر السكتاتي، مرجع سابق، ص: 80.

[23] ــ قرار صادر عن محكمة النقض رقم 242 الصادر بتاريخ 13/05/1970 في ملف عدد 18149/1965 أوردته: عدي وردة، مرجع سابق، ص: 10.

[24]  ـ حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالناظور رقم 1269 .09 الصادر بتاريخ 2009ـ04ـ22 في الملف رقم 13ـ08 أورده: إدريس الفاخوري، مرجع سابق، ص: 17.  

 

[26] - ينص الفصل 83 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه: "بغض النظر عن المسطرة المقررة في الفصل 84 من هذا القانون، يمكن لصاحب حق وقع إنشاؤه أو تغييره أو الإقرار به أثناء مسطرة التحفيظ أن يطلب نشره بالجريدة الرسمية بعد إيداع الوثائق المثبتة للحق بالمحافظة العقارية.

تتابع مسطرة التحفيظ بصفة قانونية مع أخذ الحق المنشأ أو المغير أو المقر به بعين الاعتبار.

يكتسب صاحب الحق المنشأ أو المغير أو المقر به صفة طالب التحفيظ في حدود الحق المعترف له به.

إذا كان الإعلان عن انتهاء التحديد قد تم نشره بالجريدة الرسمية فيجب أن يعاد نشره من جديد ليفتح أجل شهرين للتعرض، يبتدئ من تاريخ الإعلان عن الحق المنشأ أو المغير أو المقر به. وفي هذه الحالة لن تقبل إلا التعرضات المنصبة مباشرة على الحق المذكور.

يؤخذ بعين الاعتبار عند التحفيظ الحق المنشأ أو المغير أو المقر به خلال المسطرة ".

[27] - ينص على أنه: "بصرف النظر عن المسطرة المقررة بالفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري  12غشت 1913  يجوز لصاحب الحق المنشأ أو المعدل  أثناء جريان مسطرة التحفيظ  أن يطلب نشر هذا الحق في أقرب  عدد من الجريدة الرسمية  مدليا لدى المحافظة العقارية بالوثائق المثبتة للحق المذكور .

وتجري مسطرة التحفيظ مجراها القانوني , ولكن مع مراعاة ما جد من إنشاء أو تعديل للحق و إذا كان الإعلان عن انتهاء التحديد قد تقدم نشره بالجريدة الرسمية  فإنه يجب نشره من جديد ليأتي دائما التعرض في أجل شهرين اثنين على الأقل ابتداء من الإعلان عن الحق  المنشأ أو المعدل ,

غير أنه لا تقبل في هذه الحالة  إلا التعرضات التي تتعلق  مباشرة بالحق المنشأ أو المعدل أثناء جريان المسطرة ".

[28] -رشيد بلاشو، "التصرفات التي  تجري على العقار في طور التحفيظ , رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا  المعمقة  في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، الرباط، السنة الجامعية: 2002 – 2003، ص: 22.

[29] - سليم قلة، "المرحلة الإدارية في مسطرة التحفيظ " مقال منشور بالموقع الإلكتروني www.Marocdroit.com  تاريخ الولوج إلى إليه 12/05/2022 على الساعة 17h00.

[30] - محمد فلجي، "قرار التحفيظ بين صحة السندات وسلامة الإجراءات" مجلة جمعية المحافظين والمراقبين على الأملاك العقارية، العدد 6، ص: 14.

[31] - ينص الفصل 30 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه: " خلال الثلاث أشهر الموالية لانصرام أجل التعرض  يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتحفيظ العقار بعد التحقق من إنجاز جميع الإجراءات  المقررة في هذا الفانون , ومن شرعية الطلب و كفاية الحجج المدلى بها , و عدم وقوع أي تعرض ".

[32] - نخص بالذكر هنا المستفيدون من الوقف المعقب. أما الوقف العام لا تسري عليه قاعدة التطهير.

[33] - ينص الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه: " إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ  حق خاضع للإشهار أمكن لصاحبه من أجل ترتيبه و التمسك به في مواجهة الغير أن يودع بالمحافظة العقارية الوثائق اللازمة لذلك، ويقيد هذا الإيداع بسجل التعرضات.

يقيد الحق المذكور عند التحفيظ بالرسم العقاري في الرتبة التي عينت له إذا سمحت إجراءات المسطرة  بذلك".

[34] - ينص الفصل 91 من  من ظهير التحفيظ العقاري على أنه: "مع مراعات أحكام الفصل 86  أعلاه يمكن أن يشطب على كل ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد  أو بيان أو تقييد احتياطي بمقتضى كل عقد أو حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به يثبت انعدام أو انقضاء الحق موضوع التضمين في مواجهة الأشخاص الذين يعنيهم الحق".

[35] - مأمون الكزبري، مرجع سابق ص: 95 .

[36] - وفي هذا الإطار يقول الأستاذ محمد  مهدي الجم: " إن الرسم العقاري الذي أنشئ للملكية نتيجة التحفيظ مع الحقوق العينة التي كانت مقارنة لها concomitants   وتم تحفيظها معها والتي اكتسبت جميعا قوة ثبوتية مطلقة لا يمكن إثبات خلافها و إبطالها،  هذه الحقوق جميعها لا يمكن بعد ذلك نقلها ولا تعديلها ولا إنهاؤها، ولا إنشاء حق عيني جديد عليها أو إقراره إلا بالتسجيل، بغير التسجيل تعتبر غير موجودة، وما يترتب عن وجود الحق من عدمه من آثار، ذلك مبدأ مطلق من مبادئ السجل العقاري".

- محمد مهدي الجم، "التحفيظ العقاري في المغرب " دار الثقافة للنشر البيضاء، الطبعة الثالثة، سنة 1986، ص: 271.

[37] - محمد شنان،" عبثية  الإبقاء على الأثر المطلق للتحفيظ بعد الاستقلال " الندوة المشتركة حول نظام التحفيظ العقاري بالمغرب , جامعة محمد الخامس و مديرية المحافظة العقارية و الأشغال الطبوغرافية , بالرباط يومي 4 و 5 ماي 1990 ص: 91.

وفي هذا الإطار يقول محمد شنان :" إن طالب التحفيظ يمكنه أن يتصرف في عقاره موضوع مطلب  التحفيظ يوم قبل تحفيظه. أما في اليوم الثاني الموالي يحفظ العقار إذا كان الملف جاهزا، وفي هذه الحالة كيف يحافظ المستفيد من  هذا التفويت  على حقه إذا اعتبرنا أن التطهير يمس الحقوق المنشأة في طور التحفيظ؟ ذلك ما يعد خرقا واضحا  للفصل 84  المذكور ".

[38] - محمد شنان، مرجع سابق، ص: 92.

[39]  - قرار صادر عن محكمة النقض عدد 3424 الصادر بتاريخ 2003ـ12ـ03 ملف مدني عدد 3739ـ1ـ1ـ2002، أشار إليه:

-  عمر أزوكار، " التعرض على مسطرة الإيداع طبق الفصل 84 من قانون التحفيظ العقاري " منشورات المنبر القانوني، العدد 17، ص: 32 .

[40] - عمر أزوكار، مرجع سابق، ص: 32 .

[41]- ينص الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه:" يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية إن لم يكن قام بذلك من قبل وذلك:

1- في حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار؛

2- في حالة الادعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه؛                                                        

3 - في حالة المنازعة في حق وقع الإعلان عنه طبقا للفصل 84 من هذا القانون ".

[42] - عمر أزوكار، مرجع سابق، ص: 46.


إرسال تعليق

0 تعليقات