آخر الأخبار

Advertisement

التفريد في الجزاء الجنائي - الأستاذة فردوس عزاوي- العدد 49 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث القانوني - تقديم ذ محمد القاسمي


  التفريد في الجزاء الجنائي - الأستاذة فردوس عزاوي- العدد 49 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث القانوني - تقديم ذ محمد القاسمي


لتحميل عدد المجلة الذي يتضمن المقال بصيغته الرقمية pdf الرابط أذناه:


https://www.allbahit.com/2022/12/49-2022-30-pdf-httpsdrive.html



الأستاذة فردوس عزاوي

    باحثة بسلك الدكتوراه في القانون الخاص كلية العلوم القانونية

بجامعة محمد الخامس بالرباط

  التفريد في الجزاء الجنائي

The uniqueness of the criminal sanction

مقدمة:

لقد عرفت البشرية الجريمة منذ أن وجدت على سطح الأرض، فهي ظاهرة اجتماعية وإنسانية خطيرة، ناتجة عن التفاعلات والعلاقات المترابطة بين الأفراد والمصالح المتعارضة بينهم، وقد أصبحت من الظواهر الثابتة والمألوفة في طبيعة الإنسان وتكوين المجتمع، بحيث يتعذر منعها بصورة مطلقة وإن كان بالإمكان تقليصها نسبيا بتحقيق منابعها، فوضع سياسات هادفة للحيلولة بقدر الإمكان دون نشوء الميل الإجرامي لدى الأفراد لمعالجة النوازع الجرمية الكامنة في نفوسهم.

وإذا كانت الجريمة خطرا يمس كيان المجتمع ومقوماته الأساسية، ويهدد أمنه واستقراره، فإن العقوبة تعد وسيلة المجتمع في مكافحة تلك الظاهرة، التي ارتبط تطور وظيفتها بتطوير المجتمع، فبدل الفلاسفة والفقهاء على مر الزمن جهودا كبيرة في تطوير مفاهيم وأغراض وظيفة العقوبة، باعتبارها الوسيلة المثلى للوقاية من الجريمة فقد انصبت الجهود قديما على وظيفة العقوبة، أن تكون رادعة ومانعة للغير من الإقدام على ما اقترفه الجاني والانزلاق في السلوك الإجرامي، فكانت العقوبة تمثل الشر الذي تواجه به الجريمة، ويفترض فيها لتكون منتجة وفعالة للحد منها، أن تكون قاسية ومؤلمة ومؤذية بشكل كبير، لتحقيق أهدافها، وبما أن الخطر هو الشخص المنحرف، فكان من الطبيعي أن يكون الهدف الأساسي لهذه المواجهة، وإما بقتله وبالتالي إزالة هذا الخطر الإجرامي وليس المجرم الذي يعتبر فرد عادي في المجتمع دفعته عوامل متعددة إلى ارتكاب السلوك الإجرامي، وأن مصلحة المجتمع في حماية مصالحه، تقتضي علاج هذا الشخص، ومساعدته على تخطي والقضاء على عوامل الإجرام لديه.

هذا التطور للعقوبة وأهدافها كان تبعا للتطور الفكري والحضاري، وبالتالي أضحى لها وظيفتان، الأولى ذات طبيعة أخلاقية تتمثل في تكفير الجاني عن ذنبه الذي اقترفه، وإيقاظ الشعور بالمسؤولية لديه وغرض إرضاء الشعور بالعدالة المتأصل في النفس البشرية، حيث يتحقق معنى القصاص الذي يمنع الجاني ويمنع الجماعة نفسها من ممارسة هذا الانتقام الجماعي ضد مرتكبي الجريمة أو ضد ذويه، والوظيفة الثانية نفعية بمعنى تحقيق الردع العام عن طريق تهديد الناس كافة بتوقيع العقاب على من يخالف أوامر المشرع ونواهيه، فضلا عن تحقيق الردع الخاص بإصلاح حال الجاني، وعلاج الخطورة الإجرامية الكامنة في شخصه.

إن التطور في الفكر العقابي جعل مطلب الإصلاح العقابي متقدما على وظيفة العقوبة ويتبين في الردع العام وتحقيق العدالة، بل جعلت من هذا الإصلاح هدفا وحيدا للجزاء الجنائي، فبمقتضى هذا المطلب أن تحولت وظيفة العقوبة من كونها وسيلة إيلام إلى وسيلة للعلاج والتقويم.

ومن هذا المنطلق، أرى أن أي محاولة للإجابة على الإشكاليات السالفة تقتضي منا أن نمهد أولا بإلقاء نظرة على مختلف المدارس الجنائية التي حاولت كل منها حسب فلسفتها الخاصة التطرق إلى موضوع تفريد الجزاء الجنائي الذي أحدث ثورة في الفقه الجنائي قلبت مفاهيمه وحولت تركيزه من الجريمة إلى المجرم كما سنرى، ثم سنتطرق إلى تطبيقات مبدأ تفريد الجزاء الجنائي على ضوء التجربة المغربية وذلك وفق التقسيم التالي  المبحث الأول :الإطار النظري لمبدأ تفريد الجزاء الجنائي. المبحث الثاني :صور تفريد الجزاء الجنائي على ضوء التجربة المغربية.

المبحث الأول: الإطار النظري لمبدأ تفريد الجزاء الجنائي 

يعتبر مبدأ تفريد الجزاء الجنائي من أهم المبادئ الأساسية التي تقوم عليها التشريعات الحديثة والمعاصرة في ظل سياستها الجنائية، بعدما كانت في الحضارات القديمة تطبق أبشع العقوبات وحشية في تنفيذها، وتروم وظيفة العقوبة زجر مرتكبيها، فكلما كانت مؤلمة فهي منتجة، لكن مع ظهور بعض الفلاسفة وبعض النظريات، تغيرت مفاهيم العقوبة من وسيلة لتحقيق ردع وزجر إلى وسيلة لتأهيل الجاني، وعلاجه وإعادة تأهيله.

وانطلاقاً مما سبق، نستنتج أن التفريد العقابي واختيار الجزاء المناسب هو السند الواقعي لسلطة القاضي التقديرية في حدود ما يسمح به المشرع الجنائي، وبالتالي فإن أي محاولة للوقوف على أهمية التفريد بالنسبة للسياسة الجنائية الحديثة والدور الذي يلعبه في كافة المراحل سواء المرحلة التشريعية أو مرحلة المحاكمة أو المرحلة التنفيذية يقتضي منا التطرق إلى المدارس الجنائية التي ظهرت إبان مرحلة التطور العلمي للعقاب لأن مبدأ التفريد لم يتم الإلمام به بشكل عقلاني إلا في إطار عقلنة العقوبة وإخضاعها للمنطق السليم.

وهذه المدارس منها من ركزت اهتمامها على الجانب المتعلق بإصلاح الجاني، أي منح الصلاحية للسلطات الإدارية لتفريد الجزاء وفق الخطورة الإجرامية للجاني، ويتعلق الأمر بالمدرسة الوضعية.

وبالإضافة إلى المدرسة التقليدية والوضعية هناك مدارس حاولت التوفيق في التفريد الجنائي بين الجانب القانوني والقضائي والإداري ويتعلق الأمر بالمدرسة التقليدية الحديثة ومدرسة الدفاع الاجتماعي، ولعل هذا ما سأعمل على التحدث عليه كالتالي:

المطلب الأول: المدرسة التقليدية

لقد جاءت المدرسة التقليدية، بمجموعة من المبادئ الأساسية التي قدمتها بخصوص مقياس العقوبة.

 بحيث ظهرت هذه الأخيرة في إطار المطالبة بالقطيعة مع النظام الجنائي الذي كان سائدا في أوروبا في تلك المرحلة والذي تميز بالتعسف وقد تمثلت أهداف هذه المدرسة حول ضرورة إعادة النظر في العقوبات وفرض إصلاحات عليها، وذلك انطلاقا منه فكرتين أساسيتين[1]:

الفكرة الأولى: وتنطلق من سلطة الدولة في العقاب وتأسيسها على العقد الاجتماعي وضرورة تنفيذها بشكل يحقق المساوات بين المواطنين وهذا لا يتحقق إلا بإخضاع العقوبات للقانون. وتحديدها بطريقة موضوعية دون الاهتمام بالحالات الخاصة لكل نازلة أو بالظروف الذاتية للجاني[2].

أما الفكرة الثانية: فتتمثل في افتراض الحرية المطلقة لدى الإنسان شريطة أن يكون كامل الإدراك والتمييز واعتبار هذه الحرية واحدة بالنسبة لجميع الأشخاص وبالنسبة لجميع التصرفات والأفعال[3].

نستنتج إذن أن هذه المدرسة، تفترض وجود الحرية عند كل مواطن وبنفس القدر وبتأسيس المسؤولية الجنائية على هذه الحرية المفترضة ولا يتحقق ذلك حسب هذه المدرسة إلا إذا قام المشرع بتحديد مختلف الجرائم وتقدير مختلف العقوبات المقدرة مسبقا والتي لا ينبغي أن تتفاوت عن الحد الأدنى والأقصى[4].

إذن تطبيق العقوبة حسب هذه المدرسة يهدف أساسا عند مؤيديها تقوية الثقة بالنظام الجنائي حيث لا تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الجاني وأحاسيسه ومشاعره كما لا تأخذ بعين الاعتبار ظروف وعوامل ارتكابه للجريمة.

وفي هذا الإطار يقول "بيكاريا" أحد رواد هذه المدرسة أن هدف العقوبة، يتجلى في منع الجاني من الإساءة مجددا للمجتمع، فالأمر عنده كما يبدو يتعلق بوسائل العقوبة دون الاهتمام بغاياتها، ومن هنا يتبين لنا بأن هذه المدرسة جاءت لمناهضة وسائل التعذيب التي كانت قائمة في السابق، حيث قامت بوضع قاعدة التجريم والعقاب، لكنها ركزت فقط على الجريمة دون المجرم، ولعل هذا ما تبناه المشرع الفرنسي في مدونة 1791 الفرنسية التي عملت بنظام العقوبات المحددة[5]. لكن عوض هذا القانون بالذي صدر من بعده سنة 1810 الذي تنازل عن العقوبات المحددة، لكن رغم ذلك فتأثير المدرسة التقليدية عليه لم يضعف[6] ففكرة المسؤولية ظلت على ما كانت عليه في المدرسة الأولى ولم يعتبر الجاني إلا كواقع مجرد والجريمة شر يستوجب مواجهته بالشكل الذي يحدده القانون دون مراعاة الألم الفعلي الذي سيعانيه الجاني. والملاحظ أن هذه النظرة المجردة تعرضت للنقد لسببين:

السبب الأول: الواقع أن هذه النظرة المجردة التي يتوخى القانون تحقيقها تقتضي عند التطبيق إلى عدم المساواة، حيث يتم إخضاع الجناة الذين ارتكبوا نفس الفعل إلى نفس العقوبة وهذا فيه مساس بالإحساس العام للعدل بدل تحقيق المساواة[7].

أما السبب الثاني: فيكمن في تصور هؤلاء للحرية ،حيث أن افتراض الحرية واعتبارها متساوية عند كل الأشخاص وعند نفس الشخص بالنسبة لجميع تصرفاته، وهو تصور مرفوض لأن الواقع أثبت وجود حالات تنعدم فيها حرية الاختيار، كما تنعدم فيها حرية التقدير[8]، وبالتالي فمن غير المنطقي ومن غير العدل أن تطبق نفس العقوبة على شخص يرتكب جريمة قتل ضد زوجته نتيجة اندفاعاته العاطفية والنفسية جراء مفاجئته لزوجته وهي متلبسة بجريمة الخيانة الزوجية وآخر يرتكب جريمة القتل من أجل السرقة. فالجريمة الأولى وقعت نتيجة خطأ الضحية وليس خطأ الجاني وعليه يجب تمتيعه بظروف التخفيف وعدم مساواته بالشخص الذي يقتل بدافع السرقة، ولعل هذا ما مهد لظهور المدرسة الوضعية.

المطلب الثاني: المدرسة الوضعية 

تميزت هذه المدرسة الوضعية بمعارضتها المطلقة للمدرسة التقليدية ولا سيما لأفكارها المتعلقة بالمسؤولية الجنائية وأسسها، حيث طرحت فكرة الحرية والمسؤولية التي تترتب عليها جانبا واستعاضت عنها بفكرة الجبرية[9].

وقد انطلقت هذه المدرسة من إيطاليا بزعامة الإيطالي المشهور "لامبورزو" الذي انتقل بفلسفته من الاهتمام بالجريمة إلى التركيز على المجرم، أي البحث عن أسباب الجريمة في ذات المجرم أي في ظروفه البيولوجية، الوراثية، والنفسية وكذلك ظروفه الاجتماعية.

انطلاقاً مما سبق، يتبين لنا بوضوح، أن المدرسة الوضعية اعتبرت الجريمة ظاهرة ثانوية، ما دامت ترتكب تحت تأثير عناصر ذاتية وموضوعية يستحيل مقاومتها ومراقبتها من طرف الجاني، وقد أسست هذا الاقتراح انطلاقا من فكرتين أساسيتين

- الفكرة الأولى: نفي الحرية عن الجاني حيث إذا كانت المدرسة التقليدية اعتبرت حرية الفرد مطلقة، فإن هاته الأخيرة، تنفي هذه الحرية، ومع غياب هذه الحرية لا يمكن عقاب الجاني بل ينبغي خلق تدبير إصلاحي يتوخى منه عدم تكرار الجريمة مستقبلا.

- الفكرة الثانية: اعتبار المجرم أهم من الجريمة لأنه يهدد المجتمع ويملك بداخله قوة وغرائز تدفعه إلى ارتكاب الجريمة[10]، ولا يمكن إذن للمجتمع أن يواجه الجريمة ويقضي على آثارها إلا إذا نظر إلى الأسباب الذاتية والشخصية التي تحتم على الفرد ارتكاب الجريمة.

وكلما تعذر القضاء على هذه الأسباب وجب القضاء على الجاني نفسه حتى يتحقق الهدف المتوخی، فعند أنصار هذه المدرسة، فالجريمة هي نتيجة عوامل متنوعة تختلف باختلاف الظروف المحيطة بالجاني ولا علاقة لها بحرية الاختيار وإنما هي نتيجة عوامل متنوعة تختلف باختلاف الظروف المحيطة بالجاني ولا علاقة لها بحرية الاختيار لدى الجاني.

نستنتج أن كل من المدرسة التقليدية والوضعية تميزت بالتجريد المفرط والمتطرف ولعل هذا ما أدى إلى ظهور الحاجة إلى مدارس أكثر اتزانا، وبالتالي ظهرت المدرسة التقليدية الحديثة ومدرسة الدفاع الاجتماعي.

المطلب الثالث: المدرسة التقليدية الحديثة

إذا كانت المدرسة التقليدية اهتمت بالظروف المادية المحيطة بالجريمة والمدرسة الوضعية ركزت اهتماماتها على المجرم، فإن المدرسة الحديثة حاولت التوفيق بين المدرستين وجاءت بنظرية متكاملة ومتزنة، حيث حضت أفكارها باهتمام كبير من طرف مختلف التشريعات ومنها المشرع المغربي الذي أخذ بمبادئ المدرسة فيما يخص المسؤولية الجنائية وتفريد الجزاء الجنائي.

ويعتبر "سالي" المؤسس الفعلي للمدرسة التقليدية الحديثة وأحد مجددي المدرسة التقليدية حيث أصدر كتاب تفريد العقاب 1898[11] وفي وقت عرفت فيه الدراسات القانونية تطورا بالغ الأهمية. ومن أهم ما جاءت به هذه المدرسة هو إقامة نوع من التوازن بين الحرية والجبرية[12] حيث قالت أن حرية الاختيار هي أساس هذه المسؤولية إلا أن هذه الحرية ليست مطلقة حسبها وليست متساوية عند جميع الأفراد ولعل هذا ما أدى بأنصارها إلى ضرورة تقدير حدين للعقوبة، حد أدنى وحد أقصى، والدفاع عن مبدأ تفريد الجزاء لتمكين القاضي من تمتيع الجاني بظروف التخفيف حسب ما يراه من تفاوت في حرية الاختيار بين الجناة في ظروف كل نازلة.

المطلب الرابع: مدرسة الدفاع الاجتماعي

مدرسة الدفاع الاجتماعي أقامها "مارك أنسل" والذي جاء بتقنيات جديدة لتفريد الجزاء الجنائي، كما جاء بمجموعة من المبادئ الأساسية كالشرعية في التجريم والحرية في الاختيار كأساس للمسؤولية الجنائية وضرورة إبقاء الجزاء بنوعيه العقوبة والتدبير الوقائي، وكذلك ضرورة تناسب الجزاء مع الخطأ.

ومن هنا يتبين لنا أن هناك نوع من الاتفاق بين "سالي ومارك أنسل" حول وضعية العقوبة والقانون الجنائي وحول ضرورة التفريد الذي لا ينبغي أن يضحي بمبدأ الشرعية الجنائية والوسائل والتقنيات التي يطالب بها عند اللجوء إلى تفريد الجزاء منطلقا في ذلك من الاهتمام بالواقع والارتباط به حيث لا يعتبر الجريمة خرق للقواعد القانونية فقط ولكنها نتيجة للظروف الاجتماعية والنفسية للجاني كذلك وبالتالي، لا يجب التعامل مع الجاني على أساس الجزاء بل وعلى أساس الحماية أيضا[13].

بالنسبة للمسؤولية يعتبرها مذهب الدفاع الاجتماعي عنصرا أساسيا، فالمسؤولية الجنائية هي حرية الاختيار والإحساس بها الذي يرتبط بتصرف الإنسان ونشاطه معناه أن المسؤولية مرتبطة بوعي الإنسان بها وبشخصه الذي يظهر به[14].

انطلاقا مما سبق يمكن القول أن أهم ما جاءت به المدارس المتزنة الأخيرة، فيما يتعلق بتفريد الجزاء يتمحور حول ما يلي

ü أن الهدف من العقوبة هو إصلاح الجاني وإعادة إدماجه.

ü أن تفريد الجزاء يتطلب إعطاء الجريمة والمجرم نفس الاهتمام.

ü أن تحديد العقوبة وتفریدها يقوم على توزيع الاختصاصات بين المشرع والقاضي وإدارة السجون.

ü أن التفريد يتناقض مع العقوبة الثابتة ويتطلب قابلية تخطيطها كلما ظهرت الحاجة لذلك.

المبحث الثاني: صور تفريد الجزاء الجنائي على ضوء التجربة المغربية 

كشفت التطورات الحديثة التي لحقت بالسياسة الجنائية عن مبدأ التناسب، ويتوجه مضمون هذا المبدأ إلى أن المشرع نبه إلى ضرورة مراعاة التناسب بين مقدار العقوبة الجنائية والجريمة التي تقررت لها هذه العقوبة وظهر بموازاته مبدأ المساواة في العقاب کرد فعل عن نظام عدم المساواة الذي اتسمت به الإدارة الجنائية في النظام القديم[15]، لكن المساواة في القانون الجنائي أدت إلى عدم المساواة بين أناس مختلفين، لأن العقاب وإن كان واحدا فإنه يختلف في الحقيقة باختلاف النوع والسن والظروف وغير ذلك من الأحوال، فالشكلية التي اتسم بها الاتجاه المحافظ كادت تقضي على المبررات التي من أجلها نودي بمبدأ الشرعية، وذلك بالهبوط بالقضاة إلى مستوى الآلة في تطبيقهم للقانون بحرمانه من أي سلطة تقديرية ولعل هذا ما يضر بطبيعة الحال بمبدأ المساواة أمام القانون الذي يتطلب بالضرورة أن يؤخذ بعين الاعتبار التغييرات التي أحاطت بارتكاب الجريمة، ومن ثم فإن المساواة الحقيقية هي المساواة بين الجناة في الألم.

ومن هنا ظهر التفريد للتعبير عن هذا المنطق الذي هو في الحقيقة عصب السياسة الجنائية فالمعنى الحقيقي للمساواة هو تماثل العقوبة كلما تماثلت الظروف والأوضاع ومن ثم فلا تعارض بين مبدأ المساواة في العقوبة ومبدأ تفريدها، ولما كان تفريد العقوبة يحقق العدالة والمساواة فقد أخدت به النظم الجنائية الحديثة على ثلاث مستويات ابتداءا من المرحلة التشريعية إلى المرحلة القضائية تم إلى مرحلة تنفيذ العقوبة.

المطلب الأول: التفريد القانوني للجزاء 

رغم جهل المشرع للمجرم قبل ارتكابه الجريمة فإنه ينطلق من معطيات عامة من أجل تحديد العقوبة، حيث وضع التقسيم الثلاثي للجرائم والجنايات والجنح والمخالفات كما أنه ميز بين المجرم العادي والمجرم السيالي وبين المجرم المتعود على الجريمة والمجرم المبتدئ، كما أنه نص على مجموعة من التدابير القضائية، ومن أجل تمييزه عن المجرم الحدث وضع سياسة جنائية خاصة بالأحداث هدفها إصلاح الجاني بدل الزج به داخل السجن، وفضلا عما سبق فإنه نص على بعض الأعذار القانونية المعنية والمخففة من العقاب، فضلا عن الظروف التي ترفع العقوبة كما نص المشرع على العقوبات التخييرية.

إذن أن التفريد القانوني هو ذلك الذي يراعيه المشرع عند تحديده التدرج في العقوبة حسب ظروف المجرم والجريمة، فيفرض على القاضي تطبيق عقوبة أخف أو أشد لاختلاف الظروف المتعلقة بالجريمة والجناة ويتمثل التفريد القانوني أو التشريعي في تفريد شخصية المجرم أو حسب طبيعة الجريمة.

الفقرة الأولى: التفريد حسب شخصية المجرم

نجد أن المشرع أورد الظروف التي تخفف العقوبة وكذلك الظروف التي تؤدي إلى تشديدها نظرا لعودته إلى ارتكابها. 

أولاً: أعذار تخفيف العقوبة

لقد أورد المشرع أسباب حددها وأوجب تخفيف العقوبة عند توفرها وكان السن من العوامل الرئيسية التي ساهمت بقسط وفير في شخصية القانون الجنائي وإكسائه الصيغة الذاتية، ومن ثم تكريس مبدأ التدرج في العقوبة ومقادریها وهو نفسه ما کرسه المشرع المغربي نفسه.

والأعذار القانونية المخففة تنقسم إلى نوعين

- بالنسبة للأعذار القانونية المخففة العامة:

وقد سميت بالأعذار المخففة العامة لأنها تنطبق على السن / التمييز أو ما يسمى بالأهلية الجنائية.

- بالنسبة للأعذار القانونية المخففة الخاصة:

ولقد سميت بالأعذار المخففة الخاصة، لأنها وردت بمناسبة مجموعة من الجرائم المحددة على سبيل الحصر ولا ينتج أثرها إلا عليها.

وإذا رجعنا إلى القانون الجنائي المغربي، نجد أن الأعذار القانونية المخففة للعقوبة تمتثل في:

- حالة قتل الأم لوليدها[16].

- حالة القتل، الضرب والجرح المرتكب نهارا بقصد دفع تسلق أو كسر سور أو حائط أو مدخل منزل أو بيت مسكون أو أحد ملحقاته[17].

- حالة القتل، الضرب أو الجرح الذي يرتكبه أحد الزوجين ضد الزوج الآخر وشريكه عند مفاجئتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية[18].

- حالة الضرب أو الجرح حتى ولو أدى إلى الموت دون نية إحداثه بسبب مفاجئة رب الأسرة لأشخاص في منزله وهم في حالة اتصال جنسي غير مشروع[19].

ثانياً: الظروف المشددة في العقاب

يمكن تعريف الظروف المشددة بأنها تلك الظروف المحددة في القانون والتي توجب تشديد العقوبة المقررة للجريمة. وهذا ما نستنتجه من خلال الفصل 152 ق.ج الذي نص: "تشديد العقوبة المقررة في القانون بالنسبة لبعض الجرائم ينتج عن ظروف متعلقة بارتكاب الجريمة أو بإجرام المتهم، وهذه الظروف محددة في القانون على سبيل الحصر، وبالنسبة لجرائم معينة من جنايات وجنح حيث نص المشرع في الفصل 153 يحدد القانون ظروف التشديد المتعلقة بجنايات أو جنح معينة" وهي ظروف متعددة ومتنوعة وردت بصورة متفرقة في الكتاب الثالث، وهي نوعان:

- الظروف المتعلقة بارتكاب الجريمة: 

وهي مجموعة من الظروف المادية أو العينية التي تتعلق بالملابسات العائدة للجانب المادي أو العيني في الجريمة، حيث لا يمكن أن يساوي المشرع بين مرتكب جريمة السرقة بالنشل وهي جريمة بسيطة مع من يرتكب هذه الجريمة، باستعمال السلاح أو بالكسر أو بالتسلق أو أن يتم ارتكابها ليلا حيث يعتبر حمل السلاح والكسر والتسلق ظرف مشدد في جريمة السرقة ويتعلق بكيفية ارتكاب الجريمة، كما يعتبر الليل ظرف مشدد يتعلق بزمن ارتكاب هذه الجريمة ومثال ذلك، فقد عاقب المشرع المغربي على جريمة السرقة في الفصل 505  من ق.ج بالحبس من سنة إلى 5 سنوات وغرامة من 200 إلى 500 درهم إلا أنه في حالة توافر أحد ظروف التشديد کارتكابها ليلا أو باستعمال مفاتيح مزورة أو بواسطة الكسر أو التسلق، فإن العقوبة تكون السجن من 5 سنوات إلى 10[20].

والملاحظ أن هذه الظروف المشددة العينية تسري على الفاعل الأصلي والمساهمين والمشاركين معه في الجريمة، حتى ولو كانوا يجهلون تماما توافرها في النازلة.

- الظروف المتعلقة بإجرام المتهم:

وهي ظروف شخصية منها ما يتعلق بالخطورة الإجرامية للمجرم کسبق الإصرار والترصد حيث شدد المشرع جريمة القتل العمد من السجن المؤبد إلى الإعدام وهذا ما نص عليه الفصل293 [21] والمشرع شدد هذه العقوبة وعيا منه بالخطورة التي يحملها الجاني والمتمثلة في تصميمه وعزمه المسبق على ارتكاب فعله الإجرامي.

ومنها ما يتعلق بملابسات تعود إلى الصفة المتوفرة في الجاني أو نوع العلاقة التي تربطه بالمجني عليه ومثال ذلك حالة الفصل 547 من ق.ج الذي يعاقب جريمة خيانة الأمانة بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات وغرامة من 200 درهم إلى 2000 درهم لكن هذه العقوبة تشدد فتصبح حبسا من سنة إلى 5 سنوات وغرامة إذا ارتكبها عدل أو حارس قضائي[22]... 

والفصل 486 من ق.ج الذي عاقب على جريمة الإغتصاب[23] لكنه تشدد في العقوبة في الفصل 487[24]  إذا كان الفاعل من أصول الضحية أو له سلطة عليها.

من خلال ما سبق يتبين لنا أهمية ظروف التشديد، لذلك نجد المشرع أعطاها اهتماما خاصا حيث يلاحظ أنه أناط بالقانون وحده، تحديد هذه الظروف وتقديرها.

ثالثاً: العقوبات التخييرية

لقد أقر "سالي" أن نظرية العقوبات التخييرية أو المتوازية، تتلخص في وضع المشرع اثنين من العقوبات الأولى مشينة والثانية غير مشينة، حيث يترك القاضي سلطة اختيار العقوبة المناسبة لكل مجرم على حدة[25]، هذا ما جعل معظم التشريعات الحديثة، تأخذ بنظام العقوبات التخييرية إلا أن معظم هذه العقوبات تتمحور حول الحبس أو الغرامة وهذا هو النهج الذي سلكه المشرع المغربي، حيث أننا إذا تفحصنا نصوص القانون الجنائي يلاحظ أنه اقتصر على عقوبتين فقط هما الحبس أو الغرامة[26].

وفضلا عما نص عليه القانون الجنائي نجد أن المشرع المغربي ينص على العقوبات التخييرية في قانون الصحافة وكذلك القانون المنظم للانتخابات الصادر 1959، وفي المدونة المتعلقة بحوادث السير حيث أن معظم نصوصها تنص على عقوبات تخييرية باستثناء حوادث السير القاتلة حيث تكون العقوبة الحبس والغرامة، وتطبيق هذا النظام قاصر على الجنح والمخالفات دون الجنايات لخطورتها.

بهذا يكون المشرع المغربي قد انضم إلى التشريعات التي أخذت بنظام العقوبات التخييرية وإن كان ذلك في نطاق جد محدود، إلا أن ظروف التخفيف المنصوص عليها في الفصل 174 من ق.ج[27] كفيل بنقل القاضي إلى العقوبات التخييرية لما يتمتع به من سلطة تقديرية في تفريد الجزاء وهذا ما سأتناوله في المطلب الثاني.

المطلب الثاني: التفريد القضائي للجزاء 

يتمثل التفريد القضائي في منح القاضي الجنائي سلطة تقديرية واسعة الاختيار العقوبة المناسبة في نوعها ومقدارها للحالة الجرمية التي ينظرها وهي سلطة يمنحها له المشرع، إذ أن هذا الأخير يقرر للجريمة عقوبة بحد أدنى وحد أقصى للعقاب ثم يترك للقاضي الجنائي أن يختار بين هذين الحدين أو دون الحد الأدنى حسب جسامة الجريمة وظروفها وخطورة المجرم.

وهكذا تكون قضية تقدير العقوبة قضائيا عنصرا أساسيا من عناصر التقنية الجديدة لتوزيع العقوبة، واحتلت مركز الصدارة في تقيد حق الدولة في العقاب ذلك أن المشرع عند تحديده للعقوبة على الجريمة، فإن القاضي يركز أكثر على المجرم، ومن هنا يعمل القاضي على استخراج التحديد الواقعي للجريمة، انطلاقا من التحديد التشريعي للمجرم. ولعل هذا ما سأتطرق إليه في الفقرات التالية:

الفقرة الأولى: السلطة التقديرية للقاضي في الجزاء الجنائي

أولاً: تطور سلطة القاضي في تقدير العقوبة

لبيان مفهوم سلطة القاضي التقديرية لا بد من التطرق لتصور هذه السلطة وكما هو معروف عبر التاريخ أن السلطة كانت دائما مطلقة بيد رئيس القبيلة أو الجماعة في المجتمعات البدائية، وقد كان يمارس رئيس القبيلة سلطة القضاء فيحكم على الجناة بما يشاء من الأحكام دون أي ضابط أو قاعدة يلتزم بها، كما باشر أغلب الملوك القدماء سلطة القضاء بأنفسهم ثم عهدوا بسلطاتهم القضائية لاحقا لأفراد من الطبقة الخاصة فمارسوا القضاء بصورته المطلقة وقد أدى كل هذا إلى الاستبداد القضائي واستعمال السلطة وبالتالي الإساءة إلى استعمال سلطات القضاء.

ونتيجة للعيوب التي ظهرت يستند هذا النظام إلى تعاون كل من المشرع والقاضي بحيث يقوم الأول بتحديد العقوبة الملائمة للجاني، ويتولى الثاني توقيع العقوبة الملائمة للمجرم ضمن تحديد المشرع للجرائم والعقوبات فيقدر القاضي العقوبة المناسبة بين الحدين الأعلى والأدنى المقررين للجريمة مراعيا فيه ظروف المجرم وظروف ارتكاب الجريمة وهو ما يعرف بالتفريد القضائي للعقاب.

 

ثانياً: ماهية سلطة القاضي التقديرية في تقدير العقوبة

لقد ظهرت سلطة القاضي التقديرية كردة فعل للقاعدة القانونية "بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" وخولت هذه السلطة القاضي الجنائي سلطة في تقدير العقوبة واختيار العقوبة التي تتناسب والظروف التي أحاطت بوقوع الجريمة والمجرم، خاصة وأن المجرم دائما يبقى غير معروف للمشرع وأن هذا الأخير يكتفي بوضع العقوبة للشخص العادي وفي الظروف العادية.

ويستلزم إعمال القاضي لسلطته التقديرية الاستعانة بالمنطق والمقتضی القانوني في تحليل الوقائع والاستدلال والنطق بالحكم، لأن القانون ما هو إلا علم من العلوم الإنسانية التي تتفق والواقع الاجتماعي وواقع الحياة وأسلوبها ومن ثم يقوم القاضي بتقدير الوقائع ثم يبحث عن القاعدة القانونية الواجبة التطبيق والتي تحقق أقصى درجات العدالة في إصدار الحكم[28].

ومن ثم فإن القاضي الجنائي لن يستطيع تقدير العقوبة إلا بعد تكييف للوقائع المطروحة أمامه وبعد أن يطابق وقائع الفعل للنص الذي حدده المشرع ومن ثم كان التكييف لبيان العوامل التي تؤدي إلى تحقيق المطابقة بين الواقعة والنص.

لكن ما هو التكييف؟ 

التكييف معناه رد واقعة الدعوى على النص القانوني الذي يؤثمها[29] وهو أيضا، يعني ثبوت الوقائع وصحة نسبتها إلى المتهم فهو العلاقة بين الوقائع والقانون وينتهي بمنح الوقائع إسما قانونيا ينطوي في القانون الجنائي على نتيجة ملازمة هي تطبيق العقوبة المنصوص عليها بهذا الاسم، ويتوقف لصحة الاسم القانوني الممنوح للوقائع على الإمساك المنضبط للعلاقة التي تربط هذه الوقائع بقواعد القانون الجنائي[30].

ولصحة التكييف يجب تحديد النموذج القانوني للجريمة الذي يضم كل العناصر اللازمة لقيام الجريمة والتي لو تخلف أحدها لامتنع قيامها أي تحديد أركان الجريمة الركن المادي والمعنوي والنية الإجرامية.

ويكون القاضي اقتناعه في حسم النزاع من خلال الاعتماد على وسائل الإثبات القانونية والمنطقية كالمعاينة والفحص والإطلاع والانتقال إلى مكان الجريمة والاستدلال والقرائن والاعتراف والشهود والاستجواب والواقع أن تقدير القاضي الجنائي هو تقدير شخصي بالدرجة الأولى يعتد بشخصية الجاني ومدى مسؤوليته الجنائية عن الفعل المرتكب وبالتالي، فإن السلطة الممنوحة للقاضي في تقدير العقوبة وملائمته بين الواقع والظروف وأحوال المجرم والجريمة يخرج النص التشريعي من قالب نص التجريم إلى ساحة التطبيق. 

نستنتج إذن أن سلطة القاضي التقديرية هي الرخصة الممنوحة له في اختيار العقوبة التي يراها مناسبة لحالة المتهم وظروف ارتكاب الجريمة في ضوء الحدود المقررة بالقانون ومن ثم فهي القدرة على الملائمة بين الظروف الواقعية للحالة المعروضة والعقوبة التي يقررها القانون.

 ثالثاً: القيود الواردة على سلطة القاضي التقديرية

إن القضاء الجنائي هو قبل كل شيء مؤسسة اجتماعية ذات صبغة أوجدتها المدنية المتحضرة لتكون قيمة على حرية المواطنين في أنفسهم ورأيهم، ولتكون درعا يحميهم من التسلط والاعتداء ناشدة بينهم العدالة والطمأنينة إلى حاضرهم ومستقبلهم.

لذلك فإن مهمة القاضي الجنائي في غاية التعقيد، فالنظريات المختلفة حول أهداف العقاب ومعاملة المدنيين تتضمن عدة اعتبارات متناقضة من الصعب التمييز بينهما وكذلك التوفيق بينها، حيث يلزم القاضي اليوم بالاهتمام بالاعتبارات أوسع كثيرا من مجرد التطبيق القانوني في قضية معينة، هذه الاعتبارات التي تشتمل احتياجات المجتمع، مما يتطلب المشاركة إلى حد كبير في الحوار مع الآخرين، حول أنواع القيم والاتجاهات التي يجب تطويرها وحمايتها عن طريق جهاز العدالة الجنائية، والواقع أن مسألة التقدير هذه لا يجب أن تترك لمطلق السلطة التقديرية للقاضي ولو في إطار مبدأ الشرعية وفي الحدود المرسومة من قبل الشارع لأن المدى المتروك بين الحدين الأدنى والأقصر قد يصل في بعض الأحيان إلى حد غير معقول لذلك فمن واجب محكمة النقض أن تمارس رقابة خاصة في هذا الصدد حتى يتم توحيد اتجاهات القضاء لتحقيق سياسة جنائية قوامها العدالة.

وعليه، هناك مجموعة من الضوابط التي ينبغي التقيد بها، ثم سأتطرق إلى الرقابة القضائية على سلطة القاضي تقديرية.

1)- مبدأ الشرعية الجنائية: 

يعد مبدأ الشرعية الجنائية ضمانة أساسية في كافة التشريعات الحديثة، التي عملت على تكريسه والنص عليه في صلب دساتيرها ونذكر منها على سبيل المثال الدساتير المغربية لسنة 1962، 1970، 1972، 1992، وكذا دستور 1996 كما نص عليه الفصل 3 من القانون الجنائي المغربي[31].

يقتضي هذا المبدأ تحديد نصوص التجريم والعقاب، تحديدا دقيقا ومحكما لكي لا يبقى الباب مفتوحا للتأويل أو الخروج عنه، فالقاضي الذي لا يجد عقوبة في القانون يجب عليه أن يخلي ساحة المتهم، كما أنه يلتزم بتطبيق الجزاء المفروض قانونا على جريمة معينة، يسوغ له أن يتوسع في تفسير النص القانوني إلى درجة القياس، بل يجب عليه التحري عن الإرادة الحقيقة للمشرع وأن لا يتجاوز هدفه من إصدار القاعدة القانونية.

كما أن النصوص الجنائية، لا تكتسي صبغة الشرعية إلا إذا كانت صادرة عن المشرع وحده ممثلا في الهيئات أو الجهات المختصة بإصدار هذه القوانين، لأن العدل يقتضي أن يقوم المشرع ببيان الجرائم وعقوباتها، لكي يكون الفاعل على بينة بعواقب ما هو بصدد الإقدام عليه.

2)- الخطورة الإجرامية: 

إن مفهوم الخطورة الإجرامية له أهمية بالغة في النظام القانوني المعاصر بوصفه مفترض للجزاء، ذلك أن الخطورة هي الضابط الذي يستند إليه القاضي لتحديد نوع ومقدار هذا الجزاء، أكثر من ذلك فالمشرع يجيز للقاضي عند انتفاء الخطورة الإجرامية بالنسبة للجاني والعدول عن تطبيق العقوبة وهو ما يسمى بوقف التنفيذ.

والخطورة الإجرامية لا تنحصر أهميتها فقط في طور النطق بالحكم بل تتعداه إلى طور التنفيذ أيضا إذ أنها تعتبر مناطا للعديد من الأنظمة العقابية في المؤسسات السجنية، كنظام الإفراج الشرطي ونظام الاختبار القضائي، لذلك اعتبرها الفقه أداة التقييم في كافة مراحل الدعوى ولعل هذا ما سار عليه المشرع المغربي في الفصل 141 من ق.ج[32].

3)- شخصية المجرم: 

إن دراسة مفهوم شخصية المجرم يهدف إلى عدة جوانب خاصة تلك التي ساهمت في سلوك المجرم سبيل الجريمة وتتظافر عدة عوامل في تكوين هذه الشخصية، وهذه العوامل عديدة ومتنوعة[33]، يرجع بعضها إلى التكوين النفسي للمجرم والبعض الآخر إلى الوسط أو المحيط العائلي، وطريقة التعايش في هذا الوسط ويرجع الباقي إلى الوسط الاجتماعي ككل[34].

4)- الرقابة القضائية على سلطة القاضي التقديرية:

فالقاضي الجنائي أثناء اختياره للجزاء الجنائي المناسب لشخصية المجرم بواسطة منحه سلطة تقديرية تتيح له الكشف عن سائر الجوانب والعوامل النفسية والاجتماعية الكامنة منذ زمن بعيد، لكن هذا لا يعني أن القاضي لا يمكن له أن يخطأ في تقدير هذا الجزاء، خاصة إذا كان المشرع لم يضع بين يديه معايير دقيقة لإرشاده في مهمته؟ 

تجاوزا لكل ما يمكن أن يقع فيه القاضي من خطأ أثناء ممارسته لسلطته التقديرية فقد أوجدت أغلب الدول حاليا محكمة عليا تعرف بمحكمة النقض أو الإجراء أو محكمة التمييز أو التعقيب تتولى الرقابة على الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية والاستئنافية وتتجلى هذه الرقابة في عدة جوانب يمكن حصرها في السهر على مراعاة القانون من لدن المحاكم الزجرية، ويمثلها في المغرب المجلس الأعلى محكمة النقض حاليا، الذي أصبح يعطي الضمان القوي لسير العدالة فضلا عن مجموعة من الإجراءات القضائية والوقائية[35] التي تهدف إلى الوقاية من السقوط في الخطأ.

المطلب الثالث: التفريد الإداري أو التنفيذي للجزاء الجنائي

لم يعد السجن في الزمن المعاصر، مجرد مكان مخصص لعزل المحكوم عليهم طيلة فترة العقوبة المحكوم بها بل تحول في ظل السياسة العقابية الحديثة إلى مرفق اجتماعي غايته تقويم وإصلاح النزلاء[36] وقد استفادت الإدارة العقابية من النتائج التي توصلت إليها الدراسات الإجرامية فيما يتعلق بشخصية المحكوم عليه، وما يطراأعليها من تغيير بفعل الجزاء الجنائي فقد يتاح للقائمين على التنفيذ العقابي بالتعديل من طبيعة العقوبة أو من مدتها أو من طريقة تنفيذها، حسب ما يضمن أعلى شخصية المجرم ومدى استجابته للتأهيل والإصلاح.

والتفريد التنفيذي أو الإداري للعقوبة هو الذي تتولاه السلطة التنفيذية في حدود المبادئ والقواعد العامة التي يحددها المشرع، فكثيرا ما يعهد هذا الأخير إلى السلطة التنفيذية باعتبارها الجهة القائمة على التنفيذ العقابي وإدارة المؤسسات والمنشآت العقابية، التي يتم التنفيذ فيها، بمهمة تفريد العقوبة عندما تكون هي الأجدر على تقدير ملائمتها لظروف الجريمة والمجرم من ناحية وتحقيقها للغاية منها كما رسمها القانون من ناحية أخرى.

ومن بين صور التفريد التنفيذي ما يسمح له لجهة التنفيذ من نقل المحكوم عليه بعد فترة إلى أحد السجون العامة، إذا رأت أن التطور الإيجابي الذي طرأ على شخصيته لم يعد يناسب ظروف المؤسسة التي هو فيها. ومثال هذا النوع من التفريد إمكانية إسقاط الجزء المتبقي من العقوبة بعد فترة من البدأ فيها أو في تنفيذها وفقا لنظام الإفراج الشرطي أو العفو عن العقوبة كلها أو بعضها أو إبدالها بأخف منها متى كان سلوك المحكوم عليه ينبئ عن عدم العودة إلى طريق الجريمة في المستقبل.

وسأحاول أن أقتصر في هذا المطلب بالتحدث عن التفريد التنفيذي من خلال المعاملة العقابية أولا ثم نماذج من التفريد التنفيذي.

الفقرة الأولى: التفريد التنفيذي من خلال المعاملة العقابية

تعني المعاملة العقابية مجموعة أساليب التنفيذ العقابي التي تحقق الأغراض المبتغاة من العقوبة وهي تأهيل المحكوم عليه عن طريق تهذيبه أو علاجه أو أنها مجموعة المبادئ والأسس التي تحدد أقل الأوضاع والمعايير المقبولة لمعاملة مختلف طوائف المسجونين البالغين، وتنظيم لهم العقاب الحديث وسأتحدث من الفحص الأول ثم التصنيف ثانيا[37].

أولاً: الفحص

يمكن القول أن الفحص هو نوع الدراسة الفنية التي يقوم بها أخصائيون في مجالات مختلفة لإجراء الدراسة على المحكوم عليه لتحديد شخصية وبيان العوامل الإجرامية التي دفعته إلى ارتكاب الجريمة، حتى يمكن الملائمة بين ظروفه الإجرامية وبين الأساليب العقابية التي تجعل الجزاء الجنائي المحكوم به يحقق تأهيله.

والفحص ثلاثة أنواع هي:

1)- الفحص السابق للحكم: وهو بالفحص القانوني الذي يهدف أساسا إلى تحديد نوع ومقدار التدبير الجنائي اللازم للمتهم، وقد نصت تشريعات عديدة على هذا النوع من الفحص استجابة لما تم إقراره من مفاهيم حديثة في مجال السياسة العقابية.

 2)- الفحص اللاحق للحكم: وهو الذي يمهد السبيل إلى تصنيف المحكوم عليه، لتقرير المعاملة العقابية لكل طائفة حتى يحقق الجزاء غرضه التأهيلي، ويجب أن يكون هذا النوع من الفحص امتداد للنوع الأول، والسبيل إلى ذلك يكون بنقل ملفه الشخصي إلى مركز الفحص[38].

3)- الفحص التجريبي: وهو الذي يجري بعد دخول المحكوم عليه المؤسسات العقابية يقوم به القائمون على المؤسسة من إداريين وحراس، فيلاحظون سلوك المحكوم عليه أثناء إقامته بالمؤسسة ومدى تجاوبه معهم، والعلاقة بينه وبين زملائه وذلك من شأنه أن يعين في تحديد طريق معاملته.

وأهم الجوانب الشخصية التي تكون موضوعا للفحص، هي الجانب العضوي البيولوجي والجانب العقلي والجانب النفسي وكذلك يمتد إلى دراسة حياة المحكوم عليه الاجتماعية[39].

ثانياً: التصنيف

إن مبدأ تصنيف السجناء قد أسيء فهمه في أغلب أنحاء العالم وقد أشار إلى هذه الحقيقة العالم الجنائي الشهير[40] "بول باتان" في كتابه "سبيل الإصلاح المعاصر" ويقول أن سبب سوء الفهم نابع من عدم فهم الوظيفة الأساسية للتصنيف بأنها وضع كل صنف من المسجونين عن جرائم القتل في محل والسرقة في محل آخر وأن هذا الفصل هو موضوع انتقاد كبير وهو بدوره ليس له صلة بموضوع تصنيف السجناء الذي نحن بصدده. 

والتصنيف العلمي للمحكوم عليهم يختلف طبقا للمدلولين الأمريكي والأوروبي:

1)- المدلول الأمريكي:

أن التصنيف في المعنى العقابي هو في المقام الأول أسلوب يحقق التنسيق بين التشخيص والتوجيه والمعاملة في كل حالة على حدة في صور فعالة وهو يكاد يشمل كل نظام التنفيذ العقابي.

2)- المدلول الأوروبي:

يقسم المحكوم عليهم طبقا للمدلول الأوروبي إلى فئات مختلفة في المؤسسات المختلفة المتخصصة بالإستناد إلى السن، الجنس وغيرها وبعدها يتم تقسيمهم إلى مجموعات مختلفة داخل كل مؤسسة.

الفقرة الثالثة: نماذج التغريد التنفيذي

وسنقتصر في هذه الفقرة بالتحدث عن الإفراج المقيد بشروط أولا والتخفيف التلقائي للعقوبة والعفو منها ثانيا، والقاضي المكلف بتطبيق العقوبة ثالثا.

أولاً: الإفراج المقيد بشروط

يعد الإفراج المقيد بشروط من بين أهم الإجراءات التي تتحكم في مواكبة المعتقلين حيث يرمي إلى منح السجين فرصة لمواجهة الذات وتشجيعه على الانضباط داخل السجن، كما يمنح له الفرصة من أجل التشبث بحسن السلوك لأن عدم احترام ذلك سيكون سببا لعودته إلى السجن من جديد.

ولقد عرف المشرع المغربي الإفراج المقيد بشروط في المادة 59 من ق.ج حيث نصت على ما يلي: "الإفراج المقيد بشروط هو إطلاق سراح المحكوم عليه قبل الأوان لتحسن حالته وسلوكه داخل السجن على أن يظل مستقيم السيرة في المستقبل، أما إذا تبين عليه سوء السلوك أو إذا أخل بالشروط التي حددها القرار بالإفراج المقيد فإنه يعاد إلى السجن لتتميم ما تبقى عليه من عقوبة.

ولقد حددت المواد من 622 إلى 632 من قانون المسطرة الجنائية المغربي، الإجراءات التشكيلية المرتبطة بهذا الموضوع، وبالرجوع إلى هذه المواد نجد المشرع قد وضع مجموعة من الشروط للاستفادة من هذا الإجراء حيث يجب أن يقضي المحكوم عليه نصف العقوبة إذا كان الأمر يتعلق بجنحة وثلثي العقوبة بالنسبة للجنايات أو بعقوبة جنحية من أجل وقائع وصفت بجناية وإذا تعلق الأمر بمحكوم عليه بالإقصاء.

ثانياً: التخفيف التلقائي للعقوبة أو العفو منها 

التخفيف التلقائي للعقوبة يتيح إمكانية استفادة كل معتقل محكوم عليه، أبان عن حسن سلوكه من تخفيض قد يصل إلى 3 أشهر كحد أقصى عن كل سنة أو بتخفيض مدته سبعة أيام في الشهر إذا كان محكوم عليه بعقوبة أقل من سنة.

الملاحظ أن هذا الإجراء لا يشكل وسيلة للتقليل من عدد المعتقلين فحسب ولكنه وسيلة لنشر السكينة والاطمئنان داخل صفوف المحكومين.

 أما بالنسبة للعفو الملكي السامي فهو بدوره يهدف إلى تحقيق أهداف نبيلة ويخلف ارتياحا في نفوس المعتقلين كما يجدد لديهم الأمل في مستقبل أفضل وفي اندماج سليم داخل النسيج الاجتماعي بعد الإفراج، وهذا هو الهدف من العقوبة شريطة أن يتم اختيار لائحة المستفيدين منه بطرق سليمة من طرف الإدارة المشرفة على المؤسسة السجنية ولقد[41] نص عليه المشرع في المادة 53 من ق.ج وهو منظم بظهير رقم 387.57.1 الصادر 6 فبراير 1958 .

ثالثاً: التدخل القضائي في مرحلة تطبيق الجزاء الجنائي

لقد ظهر مبدأ التدخل القضائي في مرحلة تنفيذ الجزاء الجنائي نتيجة المجهودات فقهية منفردة أو مجتمعة ثم التعبير عنها في إطار المؤتمرات الدولية وقد تم تأسيس فكرة هذا التدخل على أسانيد وأسس تشريعية متنوعة مرتبطة أساسا بالهدف من الجزاء الجنائي وبالجاني محل توقيع هذا الجزاء بحيث يكون الهدف في النهاية هو إعادة تأهيل الجاني اجتماعيا أولا تطبيق العقوبة.

 خـــاتـــمـــة:

نستخلص من خلال الدراسة أن تفريد الجزاء الجنائي، يعتمد على ما يتمتع به القاضي الجزائي من سلطة تقديرية في اختيار العقاب المناسب لكل واقعة تعرض عليه على حدة وبالتالي فهو أدق أنواع التفريد الجنائي، وأن وسائل القاضي الجنائي عند استعماله لسلطته التقديرية في تحديد العقوبة محددة بنصوص قانونية، متمثلة في التدرج الكمي مع اختيار نوع العقوبة، تمكن القاضي من اختيار العقوبة لكنه مقيد بالحدود القانونية التي رسمها له المشرع وبالتالي فإن سلطته في هذا المجال ليست مطلقة بل مقيدة.

وفي الأخير نؤكد على أن تفريد الجزاء الجنائي ليس بالأمر السهل كما أن استعمال القاضي لسلطته التقديرية، تعتمد في جانب كبير على فطنة القاضي وتمرسه، الأمر الذي يستوجب ضرورة تخصص القاضي الجنائي والحفاظ على استقراره الوظيفي، ولعل هذا ما سينعكس حتماً على اكتسابه مزيد من الخبرة والتمرس وبناء سلطته التقديرية في اختيار العقاب على أسس سليمة ومدروسة.

لائحة المراجع:

محيي الدين أمزازي، العقوبة، منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية، طبعة 1999.

عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجزء الثالث.

لطيفة مهداتي، حدود سلطة القاضي التقديرية في تفريد الجزاء، طبعة 2007.

صايش عبد المالك، مدى نجاعة العقوبات السالبة للحرية في مكافحة الجريمة، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، طبعة  2015.

محمد الجبور، الوسيط في قانون العقوبات، دار وائل، طبعة 2012.

محمد عياد الحلبي، شرح قانون العقوبات الأردني، طبعة 1، 1993.

سليمان عبد المنعم، النظرية العامة للقانون الجنائي الأردني، طبعة 1993.

عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجزء الثالث.



[1]- محيي الدين أمزازي، العقوبة، منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية، طبعة 1999، ص275.

[2]- عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجزء الثالث، ص38.

[3]- عبد الواحد العلمي، ص38.

[4]- عبد الواحد العلمي، ص38.

[5]- محيي الدين أمزازي، ص94.

[6]- محيي الدين أمزازي، ص276.

[7]- محيي الدين أمزازي، مرجع سابق، ص276.

[8]- محيي الدين امزازي، مرجع سابق، ص276.

[9]- محمود السقا، عقوبة الإعدام، الرباط، 1978، ص79.

[10]- محيي الدين أمزازي، ص102.

[11]- محيي الدين أمزازي، ص102.

[12]- العلمي عبد الواحد، ص49.

[13]- العلمي عبد الواحد، ص44.

[14]- محيي الدين أمزازي، ص296.

[15]- عن محيي الدين أمزازي، مرجع سابق، ص300.

[16]- الفصل 397 من ق.ج.م.

[17]- الفصل 417 من ق. ج.م.

[18]- الفصل 417 من ق. ج.م.

[19]- الفصل 420 من ق.ج. م.

[20]- الفصل 505 من ق. ج.م.

[21]- الفصل 293 من ق.ج.م.

[22]- الفصل 547 من ق.ج.م.

[23]- الفصل 486 من ق.ج.م.

[24]- الفصل 487 من ق.ج.م.

[25]- الفصل 153 من ق.ج.م.

[26]- لطيفة مهداتي، حدود سلطة القاضي التقديرية في تفريد الجزاء، طبعة 2007، ص3.

[27]- الفصل 174 من ق. ج.م.

[28]- صايش عبد المالك، مدى نجاعة العقوبات السالبة للحرية في مكافحة الجريمة، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، طبعة  2015، ص21.

[29]- Ste Fami, Le Vasseur, Criminologie, p : 275.

[30]- فوزية عبد الستار، مرجع سابق، ص227.

[31]- الفصل 3 من ق.ج.م.

[32]- محمد الجبور، الوسيط في قانون العقوبات، دار وائل، طبعة 2012، ص512.

[33]- محمد عياد الحلبي، شرح قانون العقوبات الأردني، طبعة 1، 1993، ص553.

[34]- سليمان عبد المنعم، النظرية العامة للقانون الجنائي الأردني، طبعة 1993، ص553.

[35]- عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجزء الثالث.

[36]- محمد أبو العلا عقيدة، مرجع سابق، ص222.

[37]- أحمد شوقي أبو خطوة، المساواة في القانون الجنائي، دار النهضة العربية، القاهرة، 1991، ص18 وما بعدها.

[38]- عثمانية لخميسي، مرجع سابق، ص175.

[39]- فتوح عبد الله الشادلي، مرجع سابق، ص554.

[40]- محمد نجيب حسني، علم العقاب، ص231.

[41]- عبد الواحد العلمي، شرح القانون المتعلق بم. ج.م.


إرسال تعليق

0 تعليقات