آخر الأخبار

Advertisement

العدد 103 من سلسلة الأبحاث المعمقة بعنوان إجراءات الدعوى التحكيمية – اعداد ذ معروف عبد الحق- تقديم ذ محمد القاسمي - منشورات موقع الباحث القانوني



 
العدد 103 من سلسلة الأبحاث المعمقة بعنوان إجراءات الدعوى التحكيمية – اعداد ذ معروف عبد الحق- تقديم ذ محمد القاسمي - منشورات موقع الباحث القانوني




لتحميل الكتاب بصيغته الرقمية pdf في الرابط أسفله:







مقدمة:

إن التحكيم أقدم مؤسسة لتدبير المنازعات القائمة بين الأفراد عرفته معظم الحضارات القديمة، وقد اهتم العرب به قبل ظهور الإسلام، حيث كان في العصر الجاهلي يلجأ إلى المحكمين كشيوخ وكبار القبائل[1] الذين كانوا يطبقون الأعراف وتقاليدهم إذ كان الوجهة الوحيدة للفصل في الخلافات إلى أن جاء الإسلام، الذي بدوره أكد على الاحتكام لقوله عز وجل ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أنفُسِهِم حَرَجاً مِّمَّا قَضَيتَ وَيُسَلِّمُوا تَسلِيــــماً﴾[2]. وكثيرة هي المنازعات التي تم عقد التحكيم للفصل فيها من أشهرها وقعة صفين[3].

إن الأصل في التحكيم أنه ظهر قبل ظهور فكرة القانون نفسه، باعتباره سلوك غريزي وضرورة اجتماعية وحقاً طبيعياً، حتى قيل إن التحكيم ظاهرة تاريخية وأنه أصل القضاء[4].

بالمغرب، فقد أُدخل التحكيم من خلال نشر الدين الإسلامي وتعاليمه إذ اعتمدوه في تدبير النزاعات المتعلقة بالمعاملات التجارية الداخلية وحتى في الخلافات الزوجية[5]، حيث كانوا يحتكمون إلى شخص مشهود له بالاستقامة والنزاهة والفطنة في الأسواق الأسبوعية لتدبير الخلاف القائم بينهم والعمل بما قضى به. إلا أن أول توثيق له كان في عهد المولى إسماعيل وتحديداً سنة 1693 تاريخ إبرام معاهدة سان جيرمان مع الدولة الفرنسية التي تضمنت في أحد بنودها إمكانية الفصل في بعض المنازعات الخاصة عن طريق التحكيم[6].

إلا أنه بمجرد أن أصبحت الدولة قوية واحتكرت العدالة، ووفقاً لسلطتها القضائية صارت هي صاحبة الولاية للنظر في المنازعات بين أفرادها، فهي الجهة التي تفصل في المنازعات يلجأ إليها الأشخاص سواء كانوا طبيعيين أو اعتباريين. ولاعتبارات معينة تم التراجع عن ذلك وعياً بما يميز التحكيم عن قضاء الدولة، باللجوء إلى التحكيم للفصل في المنازعات القائمة والمحددة أو المحتملة وغير القائمة لحظة إبرام اتفاق التحكيم، دون الحاجة إلى القضاء العام في الدولة، والاختصاص بالفصل في جميع منازعات الأفراد إلا ما استثني بنص خاص.

وقد عَرَفَ المغرب أول تنظيم تشريعي للتحكيم بمقتضى قانون المسطرة المدنية (12 غشت 1913) بمقتضى الفصول من 527 إلى 543، ثم بعده جاء قانون المسطرة المدنية لسنة 1974[7] (الفصول 306 إلى 327)، هذا الأخير الذي تم تعديله بمقتضى القانون 08.05[8] واستمر تطبيقه إلى جانب نصوص قانونية أخرى تنظم التحكيم متناثرة في بعض القوانين كمدونة الشغل[9] (المادة 567 وما بعدها) والبيع العقار في طور الإنجاز[10].


تتمة البحث في الرابط أعلاه:




[1]- إذ نجد الشاعر الجاهلي الأعشى في مدحه لأحد المحَكمين فقال:

            حكمتموه فقضى بينكـــــم            أبلج مثل القمر الزاهر

            لا يأخذ الرشوة في حكمه            ولا يبالي غبن الخاسر

[2]- سورة النساء، الآية 65.

[3]- حين اشتد القتال في موقعة "صفين" بين جيش علي بن أبي طالب وجيش معاوية ابن أبي سفيان تم تحكيم أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص وكتب عقد تحكيم وأعلنت هدنة. راجع ابن الأثير، الكامل في التاريخ، الحلبي، 1303ﻫ، ص:134.

[4]- Jean Gaudemet : Institutions de l'antiquité, 2 éd, Sirey, Paris1982, p :64.

[5]- لقوله تعالى ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِمَا فَابعَثُوا حَكَمًا مِنْ أهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أهْلِهَا، إِنْ يُريدا إصْلاحاً يُوَفِّقِ الله َبْيَنُهما إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً خَبِيراً﴾ سورة النساء، الآية 35.

[6]- رحال البوعناني: التحكيم الاختياري في القانون المغربي الداخلي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس الرباط، السنة الجامعية 1996-1997، ص: 39 وما بعدها.

[7]- ظهير شريف رقم1.74.447 الصادر بتاريخ 11 رمضان1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، ج.ر عدد 3230 مكرر بتاريخ 30/09/1974، ص: 2741.

[8]- ظهير شريف رقم 1.07.169 الصادر في 19 من ذي القعدة 1428 (28 نوفمبر 2007) بتنفيذ القانون رقم 08.05 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية، ج.ر عدد 5584 بتاريخ 6/12/2007، ص:3894.

[9]- ظهير شريف رقم 1.03.194 الصادر بتاريخ 14 من رجب 1424 (11 سبتمبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، ج.ر عدد5167 بتاريخ 8/12/2003، ص: 3969.

[10]- ظهير شريف رقم 1.16.05 الصادر في 23 من ربيع الآخر 14370(3 فبراير2016) بتنفيذ القانون رقم 12-107 بتغيير وتتميم القانون رقم 44.00 بشأن بيع العقارات في طور الإنجاز المتمم بموجبه الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود.

[11]- ظهير شريف رقم 1.22.34 الصادر بتاريخ 23 من شوال 1443 (24 ماي 2022) بتنفيذ القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، ج.ر عدد 7099 بتاريخ 13 ذو القعدة 1443 (13 يونيو 2022)، ص: 3579.

[12]-  تطبيقا للمادة 103 من ق.ت.و.إ التي نصت على أنه: "تظل مطبقة بصورة انتقالية مقتضيات الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بالظهير المعتبر بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 من رمضان 1394 (28 سبتمبر 1974)، كما تم تغييره وتتميمه، على:

- اتفاقات التحكيم أو الوساطة المبرمة قبل تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ؛

- الدعاوى التحكيمية الجارية أمام الهيئات التحكيمية أو النزاعات المعروضة على الوساطة، أو الدعاوى المتعلقة بهما، المعروضة أمام المحاكم في التاريخ المذكور في البند الأول أعلاه إلى حين تسويتها النهائية واستنفاذ جميع طرق الطعن".

[13]- إذ جاء الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 56 لثورة الملك والشعب (20 غشت 2009) المخصص لإطلاق الإصلاح الشامل والعميق للقضاء، ويليه الخطاب الملكي ل 9 مارس2011 الذي تم إعلان جلالته عن تكوين لجنة خاصة لمراجعة الدستور، ثم خطاب 8 ماي 2012 لتنصيب أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة.

[14]-  إن التحكيم لا نعتبره من الوسائل البديلة لحل النزاعات، وإنما هو قضاء خاص مواز لقضاء الدولة. إذ في رأينا أن الوسائل البديلة تنحصر في الصلح والوساطة الاتفاقية حيث يتم بمقتضاهما تحرير محضر، بينما التحكيم يخلص إلى إصدار حكم تحكيمي فاصل في جوهر النزاع.

[15]- ابن فرحون (برهان الدين المالكي) هامش تبصرة حكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، ج الأول، ط الأولى، ص: 55. 

كما تعددت التعاريف الفقهية القانونية للتحكيم، انظر:

- ناريمان عبد القادر: اتفاق التحكيم، دار النهضة العربية، ط الأولى، القاهرة 1984، ص:25.

- عبد الحميد المنشاوي: التحكيم الدولي الداخلي، منشأة المعارف، الإسكندرية 1995، ص: 7.

- كمال إبراهيم: التحكيم التجاري الدولي، دار الفكر العربي، ط الأولى 1991، ص: 67.

- Jean robert : L'arbitrage droit interne droit international privé, 6 éd, Dalloz 1993, P :3.

-Philippe Fouchard, Emmanuel Gaillard et berthold goldman: Traite de l’arbitrage commercial international, Paris, Lifec,1996, P: 11-12.

- Matthieu de boisseson: Le Droit Francaise De L’arbitrage Interne et International, GLN JOLY, 1990, P: 192.

- Huys Marcel, Keutgen Guy : L’arbitrage en droit belge et international, Bruylant, Bruxelles,1981, P :3.

[16]-  عبد العزيز الحضري: استئناف الأحكام المدنية في التشريع المغربي، ج الأول، حق الاستئناف، ط الأولى 2009، ص: 67.



إرسال تعليق

0 تعليقات