آخر الأخبار

Advertisement

حقوق الانسان بين النظرة الوردية والنظرة التشاؤمية الباحث رشيد العيادي - منشورات موقع الباحث القانوني


حقوق الانسان بين النظرة الوردية والنظرة التشاؤمية

الباحث رشيد العيادي

Ø   مقدمة

قمة الجنون البشري أنه يتكلم عن المبادئ المثالية خطابا ويقبُرها ممارسة. ولما كان الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين الخاصين، يحملان أكبر المفاهيم وأشرفها عند الإنسانية من قبيل العدالة والحرية والكرامة والمساواة والانصاف والحق والواجب والفضيلة والتعاون... ويحثان على تحقيقها والذود عنها ضد من سولت له نفسه التعدي عليها وعدم احترامها كمبادئ سامية من حق كل الانسان أن يتمتع بها. لكن الذي يبدو أن الإعلان العالمي والعهدين الدوليين اكتفيا بالصدى فقط، كمن صاح في الجبال فَسُمِعَ صدى صوته في الآفاق، ثم ولى تاركا أخطاءه الأولى التي يشهد عليها التاريخ، مقترفا أخطاء أخرى يسجلها عليه التاريخ والقانون والدين والفلسفة والسوسيولوجيا وحقول علمية أخرى. إن إشكالية حقوق الانسان المعقدة التي ينصرها المناضلون اليوم في شعاراتهم في كل أرجاء العالم، لم تجد طريقها إلى الحل بعد، بل أكثر من ذلك أصبحت عصية عن الحل لعدة اعتبارات كثيرة منها النظرية والعملية.

لذلك، ومن هذا المنطلق، تأتي هذه المساهمة للمشاركة في النقاش الحقوقي واكراهاته كنقاش معرفي(ابستيمولوجي) وأخلاقي، وذلك عبر اتباع الخطة التالية التي تنقسم إلى مطلبين، المطلب الأول: إشكالية حقوق الانسان، سنتناول فيه ثلاث فقرات رئيسية، الفقرة الأولى: الأساس والأصل المتنوع لحقوق الانسان، الفقرة الثانية: العالمية والخصوصية والعولمة، الفقرة الثالثة: الجانب الوردي لحقوق الانسان

أما المطلب الثاني: حقوق الانسان خطاب مثالي وانتهاك واقعي. سيتم تناوله هو الآخر وفق فقرتين أساسيتين، الفقرة الأولى: نظرية الظل لخطاب حقوق الانسان الفقرة الثانية: حقوق الانسان بين الدين الإسلامي والحق في التبرير

 

Ø   المطلب الأول: إشكالية حقوق الانسان

الانسان بحقوقه، فإذا كان يملك كل حقوقه كان كامل الإنسانية، وإذا انتقص له من حق من الحقوق، كان في ذلك انتقاص من انسانيته، وكلما تعددت الحقوق التي تسلب من الانسان يكون الانتقاص من انسانيته بنسبة ذلك المقدار.[1]ويتساوى الانسان في ذلك أي كان عرقه ونسبه ومصدره، فلا فرق بيننا نحن الآدميين لا في اللون ولا في العرق ولا في الدين ولا في اللغة... فلقرون طويلة كان يتم إقحام هذه العناصر في الحروب والصراعات التي تشب بين الأمم، ليس فقط كسبب وعلة أولية سابقة لتكريس التمايز والتفاوت، بل كعناصر ضاغطة حاضرة باستمرار لتجييش وإذكاء فتيل الخصومة والعداوة، تعمل باستمرار على تزكية العنف بأنواعه وأشكاله. ولما استفاق الانسان من هذه الأوهام وجد نفسه غاصا في حروب عالمية وأخرى أثنية وهذه قومية وتلك أهلية، وعلى إثر ذلك، شرع المجتمع الدولي ينثر عن ثيابه غبار الحروب آملا في سلام دائم وعيش كريم وكرامة إنسانية ينشد بهما العيش المشترك بعدما نال غصّة الحقد ومرارة الفوضى. وما كان عنده من سبيل إلا أن يبحث عن أصل لتلك الحقوق من أجل تبرير الاجماع عليها من طرف كل الأطراف، لكن السؤال هل نجح منطق التبرير هذا؟ ألم يجد أمامه أي تحفظات؟ وإن وجدت، فلماذا؟ ما موقع خصوصية الدول من عالمية حقوق الانسان؟ هل لحقوق الانسان أصل واحد أم العكس، متنوعة؟ ما موقف حقوق الانسان من عودة الدين للفضاء العمومي؟ وما موقف الدين من حقوق الانسان؟ هذه الأسئلة وأخرى، والتي بمقتضاها، نقسم هذا المطلب إلى ثلاث فقرات أساسية، الفقرة الأولى سنتناول فيها الأساس والأصل المتنوع لحقوق الانسان، الفقرة الثانية: الكونية والخصوصية والعولمة، الفقرة الثالثة: الجانب الوردي من حقوق الانسان.

ü    الفقرة الأولى: الأساس والأصل المتنوع لحقوق الانسان

 هناك تنوع واختلاف كبير في الآراء حول بداية تاريخ حقوق الانسان، وكذا المرجعية التي تستند عليها، وبموجب ذلك تفرقت الآراء وتباينت، فهناك من صاح مدافعا أن حقوق الانسان هي عبارة عن جزء من قائمة الأعراف التي تعود تعاليمها وقيمها الى المجتمع الغربي غداة القرن التاسع عشر، ولعل أكثر المدافعين عن هذا الرأي نجد الحقوقية آن ماير، إلا أن هذا الزعم يخلط بين حقوق الانسان كمفهوم نظري واختراع غربي، وحقوق الانسان كثقافة وممارسة، صحيح ان مفهوم حقوق الانسان كعدة نظرية تم تدبيجه في القرن التاسع عشر في الغرب، لكن غير صحيح أن ننسب بداية ممارسة حقوق الانسان والدفاع عنها إلى المجتمع الغربي، بدليل أن معظم الأعراف السياسية والثقافية غير الغربية لا يعوزها ممارسة حقوق الانسان. فيما يرجع آخرون إلى أن حقوق الانسان تعود إلى الأصول الاغريقية واليونان القديمة وروما، حيث كان المصطلح وثيق الصلة بمبادئ القانون الطبيعي[2] إلا أن تبرير القواعد العامة لحقوق الانسان تحت مسمى القانون الطبيعي لا يخلو من لبس، لأن من الصعب تقرير ما الذي يدخل تحت مفهوم القانون الطبيعي وما الذي يخرج عنه، مما قد يقود إلى إقرار قوانين قد تكون انتهاك لحقوق الانسان، مثال ذلك، أنه عندما كانت اسبانيا في مرحلة استكشافها للعالم الجديد سئل فرانسيسكو فيكتوريا أحد العلماء الأوائل في مجال القانون الطبيعي هل يجوز للنصارى استخدام القوى العسكرية لإجبار الهنود على اعتناق النصرانية؟ أجاب فرانسيسكو بالنفي، ومع هذا فقد منح للإسبانيين الحق بموجب القانون الطبيعي أن يبشروا بالنصرانية كما لهم الحق في المرور عبر الأراضي الهندية، وإذا رفض الهنود هذين الأمرين  يحق للإسبانيين استخدام القوة العسكرية ضدهم. وهذه الحادثة لم تسلم من النقد، بحيث يقول تيرنر جونسون معلقا على هذا: لقد رأى فيكتوريا أن تلك الحقوق التي تحدث عنها حقوقا عالمية وطبيعية، لم يعرف عنها الهنود شيئا.[3]  ويعلق روبيرت جورج كيف أن تبرير القانون الطبيعي لغاية حقوق الانسان، تبرير ضعيف بالقول: نحن البشر حيوانات عاقلة، لكن لم نبلغ بعد الكمال في العقلانية، ولذا نحن معرضون لارتكاب الأخطاء الأخلاقية والفكرية ويمكننا التصرف بشكل عار من المنطق تماما، لا سيما عندما نتأثر بعواطفنا الجياشة التي تسير في اتجاه معاكس للنداءات العقلانية، بل حتى عندما نتبع نداء ضمائرنا كما يتحتم علينا أخلاقيا فنحن معرضون للوقوع في الخطأ، حيث إن القرار المبني على الضمير ربما يكون غير صائب، وقد أخفق أناس من اعظم المفكرين على وجه هذه الأرض في التوصل الى حق الانسان في الحرية الدينية، وأعتقد أن إخفاقهم هذا كان متأصلا في جملة من الأخطاء الفكرية في الحرية حول ما يفترضه هذا الحق وما يستلزمه... [4]

وإلى جانب هذين التبريرين، يرجع بعض الدارسين والباحثين المسلمين أن أصل حقوق الانسان يعود الى الإسلام، معتمدين في ذلك على نصوص قرآنية وأحاديث نبوية تحث على جملة من المبادئ التي يتكلم عنها الحقوقيين اليوم، وطبقا لذلك، فهؤلاء الباحثين المسلمين يعتبرون أن تلك الرزنامة من المبادئ التي يدعو إليها الإعلان العالمي لحقوق الانسان وما شابهه من الإعلانات والبيانات التي توالت أو أسبقت سوى ترجمة للمبادئ التي يدعو إليها القرآن الكريم. لكن هذا الرأي لم يسلم هو الآخر من النقد بل والتجريح والتسفيه أحيانا، بحيث هناك من يقول عن هذا أنه زعم لا أساس له من الصحة.

إلا أن هناك من دهب أبعد من هذا، فهذه ميتشلين إيشاي تؤكد أن حقيقة أصل حقوق الانسان مسألة خاضعة للأبعاد والميولات السياسية تُمنح الميزة فيها لنظام قويم قيمي معين ضد التحديات المواجهة لهذا النظام القويم الأساسي. ولهذا يجد المرء مثل هذه المزاعم الكثيرة حول أصول حقوق الانسان.[5]

يبدو أن هذا التنوع وهذا الاختلاف الكبير الذي يحوم حول أصل حقوق الانسان، إن دل على شيء فإنما يدل على أن مختلف الجهات والدول والدارسين لديهم تصورات مختلفة عن بعضها حول حقوق الانسان، بل الأكثر من ذلك هناك اتجاه آخر يقول ان حقوق الانسان أداة إمبريالية جديدة تستخدمها الدول الغنية من أجل خدمة مصالحها، الشيء الذي تصبح معه تعاليم حقوق الانسان ليست بالعالمية ولن تكون كذلك ما دام الوضع هكذا.

ü    الفقرة الثانية: العالمية والخصوصية والعولمة

تهتم هذه الفقرة بمناقشة الجدل الدائر قديما وحديثا حول "الخصوصية" و"العالمية" في موضوع حقوق الانسان وربطها بمفهوم ثالث وهو "العولمة" كافتراض مسبق حول الخلط الذي يقع فيه الكثير في قضية العالمية والعولمة. خصوصا إذا أضفنا مفاهيم كبرى مرتبطة بهما من قبيل "اقتصاد السوق" و "الحداثة" و "ما بعد الحداثة" و " التدخل الإنساني" و" تقرير المصير" و"الحل السلمي للنزاعات"...وغيرها من القضايا التي تتشابك مع حقوق الإنسان وتثير نقاشاً حاداً وساخنا ومعقدا في نفس الوقت.

إن الشرعة الدولية لحقوق الإنسان حين حددت الحقوق الثقافية، فإنها استندت إلى المبادئ التالية:

1.المساواة بين الثقافات.

2.رفض التمييز بين الأمم والشعوب، كبيرها وصغيرها.

3.عدم الاعتراف بفكرة التفوق أو الهيمنة الثقافية، وما تستند إليه من مفاهيم عنصرية أو شوفينية.

ويقول د.عبد الحسين شعبان (كاتب عراقي، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في المملكة المتحدة.) معلقا على هذا الأمر بالقول: ولا شك أن الحق في الهوية الثقافية للشعوب، يعطى الحق للأشخاص والجماعات في التمتع بثقافاتهم الخاصة، وبالثقافات الأخرى المحلية والعالمية. والحق في الثقافة يعنى حق كل ثقافة لأمة أو لشعب أو لجماعة في الوجود والتطور والتقدم في إطار ديناميتها الداخلية، وبعوامل التأثر الخارجية، مع حفاظها على خصوصيتها واستقلالها، ولكن دون إهمال للعوامل المشتركة ذات البعد الإنساني، ولقيم التعايش والتفاعل بين الأمم والشعوب والجماعات.[6] وهكذا يبدو أن الأمر لا يحيل على أي تناقض بين خصوصية ثقافة ما وعالمية حقوق الانسان نظرا للمشترك الثقافي الذي يجمع جل الثقافات. إلا أن هذا الأمر لا يعد حجة منطقية ومقبولة إزاء أنصار الخصوصية، بدعوى أن الإعلان العالمي لحقوق الانسان هو نتاج الفلسفة المثالية منذ عصر التنوير والثورة الفرنسية سنة 1789، وبالتالي فهو نتاج ظروف خاصة وبثقافة معينة، بحيث لم تشارك الثقافات الأخرى في بلورة تلك المفاهيم وصياغتها، التي منها الدول العربية والإسلامية. لكن الاشكال المطروح هو عندما تستخدم دعوى الخصوصية من أجل عدم احترام حقوق البشر وحرياتهم من طرف بعض الدول والحكومات.

من الجيد أن نشير أن نقاش الخصوصية والعالمية الذي لا ينتهي، ليس هو مربط الاشكال، بل الاشكال في استغلال المفاهيم والمصطلحات من أجل تبرير التعدي على حقوق الدول والافراد، فمفاهيم مثل السيادة، والحل السلمي للنزاعات، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، وحق تقرير المصير، قد استخدمت لأغراض سياسية، ووظفت لخدمة مصالح الدول العظمى، لكن المشكل ليس في رسالة القواعد ومضمونها بل في التأويل والتفسير والاستغلال الذي تخضع له هذه القواعد من طرف الدول العظمى لخدمة سياستها الامبريالية.

وبالتالي النقاش لم يصبح حول الخصوصية والعالمية بل تحول بموجب هذه الممارسات إلى الخصوصية والعولمة والعالمية، فمفهوم العالمية تعبير عن المشترك الإنساني والمبادئ الإنسانية المستندة إلى العدالة والمساواة بين الدول والحضارات. أما العولمة فهي أداة سياسية للهيمنة الجديدة على العالم، سياسياً واقتصادياً، وفكرياً، وإعلامياً، وعسكرياً، وعلى جميع المستويات. قد تبدأ باقتصاد السوق، والسوق الحرة والانفتاح وتنتهي بالهيمنة على نظام المعلومات وتوجيهه بشكل يؤدي إلى الخضوع وانتهاك الخصوصية ومحاولة تغيير الهوية بحجج شتى[7]. ولعل هذا الاتجاه هيمن بما لا يدع مجالا للشك على ثقافة حقوق الانسان المعاصرة، فأصبحنا نرى شعارات تنضوي على حقوق شاذة تخدم الاتجاه الليبرالي المتوحش باسم الحرية والديمقراطية والفردانية... وهذا ما أدى إلى ميوعة حقوق الانسان وإقبار مبادئها في الممارسة الدولية.

إذا النقاش لابد أن يدير وجهه إلى هذه الإشكالية المتمحورة حول خصوصية الدول ومد العولمة الامبريالي، من أجل إيضاح كل الملابسات التي تكتسي لبوسات مقبولة وهي في الحقيقة ليست سوى أشكال استعمارية جديدة. ذلك هو الحل.

ü    الفقرة الثالثة: الجانب الوردي لحقوق الانسان

عندما يطالع الانسان جميع البيانات والاعلانات الخاصة بحقوق الانسان من أقدمها إلى حديثها (إعلان الاستقلال الأمريكي سنة 1776، إعلان حقوق الانسان والمواطن سنة 1789، الإعلان العالمي لحقوق الانسان سنة 1948، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية سنة 1966 والعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية سنة 1966...) سيجد هناك جملة من المبادئ الإنسانية التي تدعو إليها هذه الوثائق، والتي في الحقيقية هي مبادئ لا يمكن لشخص سوي أن يقول عنها أنها مبادئ ليست بالإنسانية وليست بالمشتركة كهم إنساني، فمن بين هذه المبادئ نجد بشكل مجمل: الحق في الحياة، الحق في الحرية، الحق في الكلام والتعبير، الحق في المشاركة السياسية الحرة، الحق في العدل، المساوة بين البشر، الحق في الممارسة الدينية، احترام الأديان، حق التنقل، الحق في العمل، الحق في التنمية، سلامة الجسد والنفس، نبد الظلم والتعذيب، منع التمييز، الحق في اللجوء، الحق في المحاكمة العادلة، الحق في الحماية من استغلال السلطة، الحق في حماية الكرامة والسمعة، حقوق (الأقليات)،  الحق في المشاركة في الجمعيات، الحق في الملكية، الحق في تأسيس عائلة، الحق في التعليم، الحق في الصحة، الحق في السرية، الحق في التنقل والسكن، الحق في العيش الكريم... إن هذه المبادئ الإنسانية المؤسسة لثقافة حقوق الانسان تجعلنا نؤمن جميعا بمشتركنا الإنساني والثقافي هذا. لكن التجربة أثبتت أن هذه الحقوق دائما ما تنتهك بوحشية عبر العالم، لهذا يبقى هذا الجانب الوردي لحقوق الانسان ليس سوى دعاية تحاول أن تشغلنا عن كل الانتهاكات التي وراءها.

Ø   المطلب الثاني: حقوق الانسان خطاب مثالي وانتهاك واقعي.

في عالم اليوم، أصبحت التناقضات مرتاحة لبعضها، بل أصبح يُنضر إليها بأنها مسألة عادية مادامت لا تهدد المصالح ولا تزعج أصحابها. فالليبرالية لا تلقي بال لأسباب وعلة موت الإنسان مادامت هي مستمرة على أنقاضه، لأنها تنتصر للأقوى فقط. لهذا في نظرها حقوق الانسان نافعة مادامت تعتبر أداة ودريعة لتنفيذ مخططاتها الهوجاء، فيمكن أن يُضحى بدولة أو إنسان من أجل دوامها. وهذا ما أسميته بنظرية الظل لحقوق الانسان أو الجانب المتشائم منه (الفقرة الأولى)، وهو الأمر الذي سيجعل من حقوق الانسان تندحر وتصبح خطاب تتناوله الندوات والمؤتمرات والطلاب في أبحاثهم لتغذية أطروحاتهم. بمعنى أن هذه الحقوق ستصاب بالتقهقر والميوعة، كحكاية ساخرة، فكلما ارتفع الكلام عن قضية وتمجيدها في الخطاب دلّ ذلك عن فقدانها واقعيا. وفوق ذلك وذاك، ورغم مرضها لا تستحي الليبرالية برمي الثقافات المتنوعة بالتخلف، وهي لا تعرف أنه ليس هناك مجتمع متخلف ومجتمع متقدم، هناك فقط مجتمع ناقص دراسة وتحليل لثقافته وحضارته كما عبر عن ذلك جاك بيرك. لهذا سنرى الحملات التي كتبت عن الديانة الإسلامية وثقافته والعداوة التي تصنع تجاهه باعتباره دين يهدد الإنسانية مستقبلا كما قال صاحب كتاب صدام الحضارات، وهذه الأقوال ليست إلا دليل عن ضعف الاطلاع ورفض الآخر المختلف وجعله تابعا. وهذا ليس دفاعا عن دين معين بالقدر ما هو دفاع عن الحق في التدين والممارسة الدينية وخصوصية الدول الإسلامية وغير الإسلامية التي لا تتعارض مع أسمى المبادئ التي تقرها الوثائق الدولية. (الفقرة الثانية).

ü    الفقرة الاولى: نظرية الظل لخطاب حقوق الانسان

من المعلوم أن حقوق الانسان في يومنا هذا تحوز شعبية كونية، ولا يوجد نظام حاليا لا يحاول أن يدّعي أن دولته دولة الحق وقانون. والحق أن القاء نظرة متفحصة على الأفكار والممارسات المتعلقة بحقوق الانسان من شأنه أن يكشف عددا كبيرا من المشاكل، لذا لطالما سلّم مفهوم حقوق الانسان نفسه أمام نشاط النقاد، ويتفاوت أمر هؤلاء النقاد، من نقد متعاطف إلى نقد مناوئ وراديكالي. ولقد كشفت هذه الانتقادات عن نظرية الظل التي يخفيها خطاب حقوق الانسان، بحيث أن هذا الخطاب أصبح يُستخدم لتبرير مجموعة من الممارسات التي لا تمت إلى حقوق الانسان بصلة، مثل التدخل العسكري في أجزاء أخرى من العالم، بينما كانت أعذار التدخل سابقا محصورة في " أعباء الرجل الأبيض" " ونشر النصرانية" وغير ذلك. يقول بريكمون في كتابه ("الليبرالية الإنسانية: استخدام حقوق الانسان لترويج الحروب"): عندما يمارس الديكتاريون أو الملوك أو الرؤساء أو الأرستقراطيون أو الاستعماريون سلطتهم على الآخرين يحتاجون إلى أيديولوجية تبرر لهم أفعالهم، وتكون صيغة التبرير دائما في معظم الحالات على هذا النحو: إذا مارس طرف من الأطراف سلطته على طرف آخر فإن الطرف الأول يفعل ذلك من أجل مصلحة الطرف الآخر.[8] وما يؤكد بشكل واضح أن حقوق الانسان تحمل معها وجها آخر، وهو عبارة عن جرثومة الوجه البديل، وجه الذئب الذي تكلم عنه هوبز للإنسان، الانسان العنيف والمدمر والفوضوي والتحكمي؛ القولة الشهيرة للفيلسوف الكاثوليكي الفرنسي جاك ماريتين، معلقا على المناقشات التي سبقت صياغة الإعلان حيث يقول: اتفقنا على هذه الحقوق شريطة ألا يسألنا أحد عن السبب، فبمجرد أن يقول البعض "لماذا" يبدأ "الجدال." وما قولته تلك إلا تبيان يوضح أن الجدال والنقد والسؤال يثمر عن شيء جديد في حقوق الانسان غير مرحب به عند دعاة حقوق الانسان، وهو أن نقاشها ينبئ عن إشكاليات لا مجال لحلها، فمن بين النقاشات مثلا التي سبقت الإعلان هي عن طبيعة مفهوم الانسان، الذي لم يتفق عليه أثناء النقاش، هل هو كائن حيواني أم كائن اجتماعي أم كائن اقتصادي. مما يحيل إلى أن مفهوم الانسان لم يتم الاتفاق عليه فما بالك بحقوق الانسان كمفهوم، الذي رأينا في المطلب الأول الاختلاف الدائر حوله[9].

إذا فمن بين الإشكالات التي تمخض عنها هذا الارتباك وتفضيل المصالح على رسالة حقوق الانسان، ما رأيناه من مقاومة شديدة لإصلاح نظام الرعاية الصحية الذي تقوم به إدارة أوباما هو انعكاس للرفض الكلي لفكرة حقوق الانسان الاجتماعية في المجتمع الأمريكي. إذن والحالة هاته، من حقنا أن نتساءل بالقول: أليس التدخل العسكري في العراق يعتبر انتهاكا لحقوق الانسان والقانون الدولي؟ ولماذا يتم التغاضي عن الانتهاكات الجسيمة عندما يكون ارتكابها من الحلفاء أو الأصدقاء؟ ولماذا يتم استخدام حقوق الانسان بوصفها أداة سياسية ضد الأعداء، فغالبا ما يتم تهديد الأعداء بالعقوبات الاقتصادية تحت مسمى انتهاك حقوق الانسان؟

كان السياسي الأمريكي جورج كينان هو أفضل من عبر عن هذه الحقيقة. فقد اشتهرت عنه مقولته عام 1948 في وثيقة سرية لوزارة الخارجية الأمريكية: نحن نملك 50 بالمائة من ثروات العالم، وإن كنا نمثل 6,3 من سكان العالم، ومهمتنا الأساسية في الفترة الحالية الحفاظ على هذا التباين ولسنا بحاجة إلى نخدع أنفسنا بأننا يمكن أن نتحمل اليوم ترف الإيثار وحب الغير-لابد أن نتوقف عن هذه الأهداف الوهمية وغير الواقعية مثل حقوق الانسان-فنحن نتعامل بمفاهيم القوة المباشرة.[10] في الحقيقية، يبدو أن خطاب حقوق الانسان لم يأخذ على سبيل المثال الرأسمالية بشكل جاد كما قال فريمان. فخدمات الإقراض في العالم الرأسمالي اليوم إزاء الدول الأقل نماء هو أمر بالغ الخطورة، بحيث أن هذه الدول الفقيرة قد تضحي بالاحتياجات الغذائية والصحية. لأن بعض الدول الافريقية مضطرة للإنفاق على خدمات القروض أكثر من الانفاق على الصحة والتعليم. وللفائدة كأداة رأسمالية دور كبير في هذا الأمر.

 ولتوضيح الفكرة أكثر فإن أحد فلاسفة الفلسفة الحديثة الذي هو طوماس بوغه[11] تلميذ جون راولز، ربط بين حقوق الانسان والفقر العالمي والاقتصاد العالمي، فهو أولا يقول بأن أنه في ظل القواعد الحالية التي تنظم حقوق الانسان والاقتصاد العالمي، تنبئ بأن حقوق الانسان لا تبشر بأي تحسن وستظل على ماهي عليه، لذا هو يدعو إلى هندسة جديدة لهذه القواعد لتكون فوق وطنية، لأن هذه القواعد الحالية تنتج واقع غير حقوقي وظالم وغير عادل، وبالتالي يجب أن تتغير. ويقدم طوماس بوغه أرقام مخيفة مرتبطة بانتهاكات حقوق الانسان على المستوى العالمي، مما يدل على أن هذه المبادئ والقواعد لم تساعد على تجاوز انتهاك حقوق الانسان العالمية، بل أكثر من ذلك الأمر مرشح للارتفاع.

فهناك 2000مليون ليس لديهم ولوج للأدوية الصحية

844 مليون ليس لديهم ماء صالح للشرب

750 يعانون الأمية

150 مليون (من 7 سنين إلى 15 سنة) يشتغلون في أماكن صعبة كعبيد (النسيج أو الدعارة أو الأعمال الشاقة)

450 مليون ماتت بسبب الفقر.

ويرجع طوماس بوغه هذا الوضع المزري القائم إلى المؤسسات الكبرى التي تخدم مصالح الأغنياء، ومن بين المراوغات التي استخدمتها هذه المؤسسات هي استبدال خطاب حقوق الانسان بخطاب التنمية عبر الترويج له على مستوى الاعلام، بحيث يتم الترويج إلى أن مسألة حقوق الانسان في تحسن وأنها مسألة وقت لا غير. وينتقد طوماس بوغه هذا الزعم بالقول إنه لا يجب أن نقارن العالم بما كان عليه العالم في الماضي، لنقول إن الأمور تحسنت، بل يجب أن نقارنه بما سيكون عليه في المستقبل، فافتراض كون أن هناك تحسن يجعل أمر التنمية تدريجي وبطيء، وبالتالي فخطاب التنمية خطاب أيديولوجي، لهذا لابد من القطع معه وإقرار التحسن هنا والآن، ولا يجب أن ننتهك حقوق الانسان بتعويضها بأهداف التنمية. ويضيف كذلك أنه لا شك، والحالة هاته، أن خطاب حقوق الانسان خطاب مغري لأن الأرقام تكذب ذلك.

إن هذا الأمر جعل طوماس بوغه يدخل في نقاش حاد مع أستاذه جون راولز وكذلك الفيلسوف أمارت ياصن وبيتر سينكر، بحيث أن جون راولز وأمارت ياصن يرفضان أن يكون هذا الوضع المزري سببه الاقتصاد العالمي، ويعتمدون في ذلك على تجارب وطنية من قبيل الصين، على سبيل المثال لا الحصر، ويقولون بأن الأمر سببه يرجع إلى العوامل الداخلية للدول، المتمثلة في الثقافة السياسية الداخلية وليس إلى الاقتصاد العالمي ودليلهم أن بعض الدول حققت النمو ويعيش شعبها في رخاء، بالإضافة إلى ذلك، رفض طوماس بوغه رأي بيتر سينكر الذي يركز على الاحسان والمساعدة، لأنها في رأيه لن تحل إشكال الفقر العالمي. ودليله في ذلك في غاية الأهمية، بحيث يقول إن الأمر يمكن أن نشبهه بوضع الطلبة، فأنا كأستاذ عندما ادرس بالطريقة الإحصائية، تؤثر على الطلبة؛ فالطلبة العلميين يكونون أكثر عطاء ويحصلون على نقط عالية أما طلبة العلوم الإنسانية فيحصلون على نقط ضعيفة، وذلك هو الشأن بالنسبة للمؤسسات الدولية، فالطريقة التي تكوِّن هذه المؤسسات وبنيتها وتركيبها هي التي تسبب الفرق، وهي التي تجعلها تؤثر في الصين ولا تؤثر في نجيريا. فمثلا منظمة التجارة العالمية لها تأثير مباشر على المؤسسات الوطنية مثل نجيريا فيما يخص البيترول، لكن تأثيرها بالمقابل على صين مختلف.

لهذا يقول طوماس بوغه النظام العالمي هو من الأغنياء وإليهم، فلا يهم الوضع السياسي القائم في البلدان بل المهم هو تدفق الثروات إليها ومصالحها الاقتصادية، لذلك نرى أن منظمة التجارة العالمية تلحق الضرر على الدول بطريقة ملطفة، فهي مؤسسات قوية وتفرض شروط مرتبطة بالضرائب الجمركية، وتفرض أثمنة منتوجاتها. فقواعد اللعب تقول إن الرابح هو فقط من يقنع الدول الكبرى برضائها عليه، سواء كان ذلك بالانقلاب أو الخيانة أو الخضوع. وعبر هذه الطرائق تضمن الدول الكبرى مصالحها، بوضع حكام رهن إشارة هؤلاء الدول ولا يهم من يحكم، بل المهم هو شخص يضمن تدفق الثروات. ويلخص جون جاك روسو هذه المعادلة العالمية بالمقارنة بين العملاق والقزم، فكلما خطى العملاق خطوة تكون في صالح العملاق وليس القزم، وكذلك شأن العلاقات الدولية، فالقوي هو الذي يصنع القواعد التي تسير في صالحه.

ولا ريب أن يلاحظ هذا في الانتخابات الأمريكية القريبة، فالكل يدعم المرشح بثروات هائلة تصل للملايير لأجل السلطة. فمن المنظور الأخلاقي المنافسة طريق لتحقيق النجاح، لكن في المجال الاقتصادي تؤثر المنافسة في موازين الاقتصاد، فاللوبيين (البوينغ في أمريكا صانعة الطائرات مثلا) قريبين من السلطة الأمريكية، وهم جماعة ضغط يؤثرون في البرلمان الأمريكي ... وهنا تغيب مسألة المنافسة لتحل هذه القوى الضاغطة في التأثير في القوانين الاقتصادية. وفي هذا الصدد استطاع البرلمانيين في واقعة سابقة في أمريكا أن يسنوا ما سموه "بالعطلة الضريبية" لكي يضفوا المشروعية على استرجاع الأموال من الخارج، بدريعة أن ذلك من شأنه أن يخلق فرص الشغل داخل أمريكا.

وفيما يخص الواقع في الدول الفقيرة، فقد أجرى طوماس بوغه دراسة في ستة دول (3 في إفريقيا و3 في آسيا) ووجد أن هناك علاقة بين العنف والفقر، لأن العنف يعيق تنمية المجتمعات والأفراد، كونه عنف متعدد، فأن تكون متشرد وألا يكون لك ولوج إلى الأمن وألا تتوفر على الأكل... هو عائق كبير نحو التنمية، فالدور الذي يلعبه التعرض للعنف هو سبب في تغير حياة الأفراد رأسا على عقب.

هكذا يخلص طوماس بوغه "معلنا أن المسؤول عن الفقر العالمي هو الدول الغربية(نحن). في حين أنه ممكن فقط ب 2 بالمائة من الثروة العالمية لتحقيق حقوق الانسان في ظل التعاون الدولي والعدالة العالمية". لكن الاشكال أن الأموال تصرف في أشياء تافهة، فعلى سبيل المثال، وفي إطار حديثه عن العدالة الدوائية أعلن أن 90 بالمائة من شركات انتاج الدواء تذهب في أدوية إنتاج الشعر والتجميل... هذه الأدوية التي لا يمكنها أن تحل المشاكل الاجتماعية. بالمقابل 10 بالمائة من المصاريف لهذه الشركات تختص بالأمراض الخطيرة، لكن لا تبدل هذه الشركات أية مجهود للقضاء على هذه الأمراض.

ü    الفقرة الثانية: حقوق الانسان بين الدين الإسلامي والحق في التبرير: في سبيل حداثة متعددة الأصوات

إن السؤال المركزي الذي يجب أن نطرحه ونجعله نصب أعيننا في خضم إشكالية حقوق الانسان والدين، هو كيف يمكن أولا تدبير التعددية الدينية في علاقتها بفلسفة حقوق الانسان وبالفضاء العمومي العالمي؟ وكيف يمكن تعزيز مسلسل دمقرطة المجتمع عن طريق تعزيز التعاون بين مختلف الفاعلين في الفضاء العمومي سواء أكانوا علمانيين أم دينيين؟ وكيف يمكن استثمار القيم التي يدافع عنها الدين للدفاع عن القيم التي يدافع عنها العقل؟ خصوصا بعد العودة القوية للدين في الفضاء العمومي في مطلع الألفية الثالثة. وكيف يمكن لخطاب حقوق الانسان أن يقبل بحداثة متعددة الأصوات لا تروم إقصاء أي حضور عقدي أوديني.

يمكن حل هذه المعضلة بالتفكير بتطبيق مبدأ التبرير الذي يسعى إلى إحداث تغير نموذجي في التفسيرات التقليدية المتشددة للشريعة من طرف الفقهاء وفي التفسيرات الاقصائية للقانون الدولي لحقوق الانسان، وفي هذا الصدد نعمل على تغليب المصلحة العامة في نظام الدين الإسلامي التي تدعم الفكرة النواة لخطاب حقوق الانسان وقاعدة هامش التقدير في قوانين حقوق الانسان لتقبّل ظروف المسلمين الخاصة التي تمليها عقيدتهم الدينية، كأن يرفض المسلمين الإجهاض مثلا لكونه يدخل تحت قاعدة تحريم قتل النفس. وبالمقابل يقبل المسلمين بالتعايش مع الذين يدينون بغير ديانتهم والذين لا يدينون بأي دين. وأن يقطعوا مع حكم الردة الذي يبدو أنه في عصر الخلافة كان يعتبر خروج عن الدولة وبمثابة مرادف للمفهوم المعاصر الذي يسمى الخيانة العظمى[12]، على اعتبار أن الدين كان هو أساس الدولة الإسلامية. ولما تغيرت الظروف الآن، وفك ارتباط الدين الاسلامي بالدولة(نسبيا). فلقد أصبح من المقبول عدم إكراه أي فرد على قناعات معينة، وتجد هذه الدعوى صداها في الآية الكريمة: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"(البقرة الآية 655). ونجد هذا الأمر يتوافق مع المادة الثامنة عشر من الإعلان العالمي لحقوق الانسان التي تقول: لكل شخص الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.[13] وبالتالي فالأمر واضح حول إمكانية التلاقي في المشترك الثقافي وإصابة التعايش المشترك بين مختلف الفئات والعقائد، مع الحفاظ على خصوصية كل ثقافة. وإذا كان الدين الإسلامي يدعو إلى الكرامة والفضيلة فعليه، بالمقابل بموجب الحق في التبرير، ألا يقبل بالدعوة لتلك الحقوق المائعة والهوجاء التي تمثل النموذج الليبرالي المعاصر لحقوق الانسان، فدعاة حقوق الانسان المتشددون دائما ما يتنقدون زي المرأة المسلمة بدعوى انتهاك كرامتها وحقها في امتلاك جسدها، لكن بالمقابل أليس عرض صورة المرأة وكشفها فيما يشبه العري في كل مكان، وعلى لوحات الإعلانات وفي كافة وسائل الاعلام انتهاكا لحقوق الانسان، فماذا يعني كون العالم متحررا إذا كان لا يقبل الآخرين الذين يختلفون معه حتى في رؤيتهم عن الملبس. ومن الجيد أن نشير إلى أن بعض المنظمات الحقوقية مثل هيومن رايتس ووتش ومجموعة حقوق الأقلية واتحاد هلنسكي الدولي لحقوق الانسان اعتبرت القانون الفرنسي الذي يحظر الحجاب انتهاكا لحقوق الانسان. وفي هذا الصدد قالت إرين آوه إلى أن إعطاء الناس حرية الايمان ثم حرمانهم من الحق في ممارسة هذا الايمان يبطل أهمية تلك الحريات[14]. بل هناك من يطالب ويدافع عن انتهاكات جسيمة في حق الكرامة مثل حرية تداول المواد الإباحية، بل وأحيانا يتطرقون إلى استغلال الأطفال في المواد الإباحية. والظاهر أن الأمر لا يخرج عن الدعوة إلى تسهيل جسد المرأة للاستهلاك الليبرالي المتوحش. بالإضافة إلى السكر المبالغ فيه الذي يذهب العقل ويسبب هلاك النفس وتعدي على الآخرين، يعتبر دعوة باطلة. فهذه الحقوق ليست سوى عائق وخطاب أريد له أن يكون ملهي عن الحقوق الأساسية المتعلقة بالعيش الكريم والحقوق السياسية والمدنية. وإذا كانت الثقافة الإسلامية ترفض هذه الأمور وتتهم جراء ذلك بعدم دعمها لحقوق الانسان، فبالمقابل على خطاب حقوق الانسان أن يتهم بعدم قبوله اختلاف الثقافات الأخرى. يقول البابا الفاتيكان بندكت السادس عشر، خلال تعليقه على رفض الممارسات الدينية في الفضاء العام: إن التسامح الذي يجعل الرب قضية رأي خاص، ولكن يستثنيه من الحياة العامة ومن واقع حياتنا ما هو إلا نفاق وليس تسامحا... وعندما يجعل الانسان نفسه السيد الوحيد لهذا العالم وسيد نفسه فلا مكان للعدل. وهو ما قال به شوبنهاوير عندما أعلن "أن عدالة البشر لا يعول عليها" [15]

وبعيدا عن هذه الاتهامات المتبادلة يقدم هابرماس مسألتين أساسيتين لحل هذه المعضلة في إطار مشروعه حول الفضاء العمومي الحواري النقاشي، المسألة الأولى وهي أن على المؤمنين ترجمة قناعاتهم الدينية إلى لغة علمانية تكون مقبولة لدى الجميع، وفي مقابل هذه الترجمة المطلوبة من رجال الدين لردم الهوة بين العلم والدين والقبول بالمعرفة العلمية حتى لو تناقضت من حيث الظاهر مع المعرفة الدينية التقليدية المتداولة نجد هابرماس يلح بالمقابل على بذل المجتمع العلماني لمجهود يمكنه من الكف عن اتهامه للدين بانه غير عقلاني، فالحدود بين حجج علمانية وحجج دينية هي في كل الأحوال حدود غير قابلة للاستمرار. ولذلك فإقامة حدود لا يمكن الاعتماد عليها لهي بمثابة عمل تعاوني يفرض على الفريقين القائمين أن يتقبل كل منهما منظور الفريق الآخر.[16] فالعدالة تقتضي حق التواجد في الفضاء العمومي السياسي لكل الأصوات المختلفة في زمن أصبح العلم وحده غير قادر على أن يحسم النقاش في كل القضايا.

ثم إن الاجتهاد في الإسلام يفتح الباب على مصراعيه لرؤية نقدية من أجل تجاوز البقع السوداء في التاريخ الإسلامي نحو اسلام مسالم وعالمي. ولا بد لتحقيق ذلك أن نتجاوز المبدأ الذي وضعه بعض الفقهاء والذي هو ليس بآية قرآنية ولا بحديث نبوي. هذا المبدأ يقول: لا اجتهاد مع وجود نص. إذ أن هذا المبدأ يكرس الجمود ولا يشجع على لحاق ركب الحداثة، الحداثة بمعناها العالمي لا بمعناها الغربي؛ إذ أن الحداثة ساهمت فيها جميع الثقافات وبشكل أكثر ثراء الثقافات الإسلامية والشرقية، وبالتالي لا ينبغي للاستعمال السيء للحداثة أن يدفعنا إلى الاعتقاد الخاطئ أن الحداثة ملكه لوحده. ولعل ما شاركت به الثقافة الشرقية القديمة هي مسألة التعددية الدينية، وهذا الأمر يقر به الفيلسوف المسيحي جون هيك بحيث يقول: زعم البعض بأن موقف التعددية الدينية هي نتاج خاص وحصري بمرحلة ما بعد التنوير الليبرالي الغربي. وهذا لعمري خطأ فادح ومغالطة كبرى مادامت فكرة التعددية الدينية ظهرت وقيل بها قبل عصر الأنوار الأوروبي بوقت طويل. وقد تم تلقين الدرس التعددي من طرف مفكرين مثل الرومي وابن العربي في القرن 13. ومثل "كابير" و "ناناك" وآخرون في القرن 15 بالهند. وبالفعل سبق وان تم إقرار التعددية الدينية قبل وقت بعيد في أوامر ومراسيم الامبراطور البوذي" أشوكا" في القرن الثاني قبل الميلاد. ففكرة تعود أصولها الأولى إلى حضارات الشرق القديمة التي استلهم الغرب الحديث إرثها وزخمها الإنساني والحضاري الغني... لذلك فإن اعتبار التعددية الدينية من ابتكار الحداثة الغربية خطأ ومغالطة كبرى ناتجة عن الجهل [17]

إن التاريخ الفقهي يعطينا نماذج عن تجاوز مبدأ لا اجتهاد مع وجود، فعمر ابن الخطاب لم يطبق حد السرقة في إحدى المرات، "وكذلك نجد فتوى ابن عرضون الفقيه المغربي في حق المرأة في نصف إرث زوجها (كحق الشقاء)، كما أن الشيخ القرضاوي أفتى كذلك بالاجتهاد مع وجود نص حسب ما قيل عنه."[18] ففي إطار هذا الاجتهاد فمسائل العقيدة مصونة وثابتة، ولا ينالها الاجتهاد، بل الاجتهاد يشمل فقط أمور العبادات وأمور المعاملات. وطريقة الاجتهاد في هذا الجانب قد تعتمد على التصرف في ثنائية" خصوصية السبب لتعليق تطبيق النصوص التي حولها خلاف بشأن مساسها بحقوق الآخرين ونعمل عمومية اللفظ ونحتفظ به كأساس للتشريع إذا كان لا يمثل أي رفض من قبل أطراف المتناقشين. لهذا يبقى الرهان هو فك الإشكاليات النظرية مما سيسهل قبولها عمليا كما ألمح إلى ذلك ذات مرة ألتوسير. فاليوم مدعون من أي وقت مضى كي نفكر بمنظور كوني شمولي لا ينفي الآخر المختلف، وأن نستخلص العلاقة بين الإنسانية بكليتها وبين الله الواحد المنبع الوحيد للوحي والخلاص، فواقع الأمر يقول لن يكون هناك سلم بين سكان العالم إذا لم يكن سلم بين رؤى العالم المختلفة، خصوصا رؤى ديانات العالم. ولن يكون هناك سلم بين سكان العالم مادام هناك رؤية تزعم لنفسها التفوق على الجميع.

فحتى دعوى الليبرالية التي تقول إن الحرية هي الحل كرؤية تلقى قبولا اليوم، في الحقيقة أن لم تعد تحل كل المشكلات، توجد مشكلات لا ينفع فيها اللجوء إلى مبدأ الحرية الصرف.[19] على اعتبار أنها تلوي على مفارقات لا يلتفت لها، ومن أهم هذه المفارقات التي سجلها جون ستيوارت ميل في كتابه "في الحرية" بحيث يقول: تنشأ المفارقات من كون الليبرالية تفترض أن الانسان كائن عاقل-بيد أن الانسان ليس عاقلا في كل المجتمعات وليس عاقلا باستمرار في نفس المجتمع. وبالتالي الضمانات التي تجعلنا نطمئن إلى كل ما ينتج عن هذا الانسان ليست موجودة، وبالتالي لا يجب أن نتركه بدون مراقبة وندعه باسم الحرية أن يفعل ما يشاء.

Ø    خلاصة:

"إن المرء يستطيع أن يقول بالكلام ما يريد، وأن يشير بالكلام إلى أي شيء. أما أن يقرر ويشرع وينفذ... فهذا يحتاج إلى طبع خاص وشكيمة قوية." تعود هذه القولة للروائي الكبير دوستويفسكي في روايته "المراهق" وهي عبارة عن قولة تختصر وتبين الهوة الكبيرة بين مبادئ الإنسانية كحقوق الانسان والتحديات والاكراهات التي تواجه تفعيلها نظريا وعمليا. نظرا للنقاش المستمر حولها وكذا الانتهاكات التي تتعرض لها من عند أكبر الدول تقدما ومن طرف طبقاتها العليا، وهذا يعني أن القذارة لا تصعد إلى الطبقة العليا في المجتمع كما كان يحدث في السابق، وإنما يحدث نقيض هذا في عصرنا.

ورغم هذا العبث الذي أريد له ان يكون منظم، لا زال مثقفونا فرحين بما أتاهم الآخر فاسدا كان أم نافعا. قشّروا المثقف عندنا، لست أهزأ، إني أقول صراحة أزيلوا عن مثقفينا قشورهم، فتروا العجب، قد تجدون أمراضا نقلها من ثقافات أخرى مزهوا بها على أنها صيد ثمين. لنقل اختصارا إنه يكتفي بصيد الضفادع. العالم ليس بخير، وربما هو كذلك لأن البشر لعنوا ما قد ينير لهم الطريق. وتحولت طاقتهم إلى مارد يلهو بلعبة خطرة اسمها الحرية. ولقد أثبتت هذه الحرية من المنظور الليبرالي أنها مفيدة حقا للملوك والسادة الغربيين، وهي لهذا يجب أن تنمو وتتوطد، أما نحن فالآخرة هي التي أتبتت نجاحها فلذلك هي الأخرى تنمو وتوطد. لهذا سيظل النقاش محتدم بين الآخرة والحرية لأنهما ليس من نفس العالم. شأنهما في ذلك شأن الجسد الروح.

 

Ø    الهوامش:

Ø     حسين جميل، حقوق الانسان في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت فبراير 1986، ص: 11

Ø     جمال الدين زرابوز، حقوق الانسان في الإسلام، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد، المملكة العربية السعودي، ترجمة مركز الترجمة جامعة الملك سعود: 180  

Ø     المرجع السابق، ص: 182

Ø     المرجع السابق، ص: 109

Ø     الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في العالم العربي، عن المنظمة العربية لحقوق الانسان، ط الأولى، سنة 2003، ص: 97

Ø     نفس المرجع السابق ص: 100

Ø     جمال الدين زرابوزو، حقوق الانسان في الإسلام، مرجع سابق ص: 92

Ø     المرجع السابق، ص: 236

Ø     طوماس بوغه، يدرس في جامعة يال، ويعد فيلسوف أساسي في الفلسفة الحديثة ومرجع أساسي في حقوق الانسان والعدالة العالمية، ولقد نقلت هذه الأفكار منه مباشرة في ندوة دراسية لماستر الإدارة والديمقراطية وحقوق الانسان، بحيث تحدث بشكل مسهب عن مشروعه حول حقوق الانسان والعدالة العالمية. 

Ø     لتوسع أكثر الاطلاع على كتاب محمد الغزالي، حقوق الانسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، الطبعة الرابعة، نهضة مصر للطبعة والنشر، 2005ص: 74

Ø     الإعلان العالمي لحقوق الانسان.

Ø     جمال الدين زرابوزو، حقوق الانسان في الإسلام، مرجع سابق ص: 359، 363، 360

Ø     الفيلسوف شوبنهاوير، عن العيش الكريم، تأملات في الحياة والناس، ترجمة عبد الله زارو،دار أمان، الطبعة الأولى، 2018، ص: 116

Ø     مقال تحت عنوان: دور الدين في الفضاء العمومي، نموذج النظرية النقدية لهابرماس، محمد الأشهب، أستاذ الفلسفة-جامعة ابن زهر-أكادير.

 



[1] حسين جميل، حقوق الانسان في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت فبراير 1986، ص: 11

[2]  يشار بالقانون الطبيعي إلى جملة من المبادئ المستنبطة من الطبيعة التي يجب التمسك بها سواء كانت هذه المبادئ جزء من المجتمع (القانون الوضعي) أم لا.  فهو عبارة عن مجموعة من القواعد الثابتة وغير المكتوبة والواجبة الانطباق على كافة الأفراد في كل المجتمعات نظرا لأنها تجد مصدرها في الطبيعة ذاتها. فهو نوع من الأخلاقية الواجبة الانطباق في كل (زمان) و (مكان) مثل أفكار العدالة والمساواة، إنه قانون متأصل بفعل طبيعة الانسان. وأشهر تعريف في للقانون الطبيعي قدمه شيشرون بحيث يقول: القانون الطبيعي هو القانون المثالي الذي يتكون من مجموعة من القواعد العامة والأبدية والثابتة الموجودة في الطبيعة، لا تتغير بتغير الزمان والمكان.

[3] جمال الدين زرابوزو، حقوق الانسان في الإسلام، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد، المملكة العربية السعودي، ترجمة مركز الترجمة جامعة الملك سعود: 180  

[4]  المرجع السابق، ص: 182

[5]  المرجع السابق، ص: 109

[6]  الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في العالم العربي، عن المنظمة العربية لحقوق الانسان، ط الأولى، سنة 2003، ص: 97

 نفس المرجع السابق ص: 100[7]

[8]  جمال الدين زرابوزو، حقوق الانسان في الإسلام، مرجع سابق ص: 92

[9]  لابد من ان نقدم نبذة مختصرة عن صياغة الإعلان العالمي لحقوق الانسان، بحيث أعدت مسودة من لجنة مختصة بقيادة السيدة إلينور روزفلت، أرملة الرئيس الراحل فرانكلين روزفلت، تكونت اللجنة من ثمانية عشر عضوا من مختلف بلدان العالم وكان على رأسها أستراليا وبلجيكا وبيلاروسيا وشيلي والصين ومصر وفرنسا والهند وإيران ولبنان وبنما والفلبين وأوكرانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وأروغواي والاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا. وأثناء كتابة المسودة تم توزيع استبيان يتضمن أسئلة بشأن تقاليد وثقافات مختلفة، ومنها الثقافة الصينية والإسلامية والهندوسية، وبعد تلقي عدد من الردود من جميع أنحاء العالم رأت اللجنة أن لديها توافق كافي في الآراء بشأن حقوق الانسان الأساسية للمضي قدما في صياغة هذا الإعلان. وبعد مواصلة العمل لعام ونصف في إعداد الصيغة النهائية لهذه الوثيقة تألفت لجنة الصياغة النهائية إلى جانب السيدة روزفلت من الفيلسوف الصيني تشونغ تشانغ رئيسا مشاركا للجنة وتشارل مالك الفيلسوف الوجودي اللبناني وعالم القانون الفرنسي رينيه كاسان، وهكذا شارك في وضع المسودة الأصلية للوثيقة عدد من الشخصيات التي تتمتع بوجهات نظر واسعة، لكن غير كافية لأن اللجنة لم تمثل كافة العلوم الأخرى، اكتفت فقط بالفلسفة والقانون ونسيت علم النفس وعلم الاجتماع والتاريخ ومتخصصين في الدراسات المقارنة حول الأديان، وعلوم اللغة...  لكون وجهات نظر هذه العلوم مهمة جدا ولها مفعولها. ورغم عدم تمثيلية اللجنة فإن الاختلافات الأيدولوجية والفلسفية الجوهرية بين اللجنة ظهرت، فاتشارل مالك أثار تعريف الطبيعة الإنسانية، هل هو كائن اجتماعي أم اقتصادي أم كائن حيواني؟ وأثار ذلك نقاش حاد حول الحقوق الجماعية والفردية التي امتصت في النهاية " الفرد البشري بفرديته وقداسته على مركزية عقل الفرد البشري ووعيه، وحرمة حقوق الملكية الفردية، وحماية الفرد من الدولة الدينية وكافة أشكال الاكراه الخارجي، مما أثار موقف تشارل مالك ردود فعل قوية من ممثلي الشيوعية اليوغسلافية مثل فلاديسلاف ريبنيكار (1900-1955) والمبعوث الروسي فالنتين تيبلياكوف ، يقول فلاديسلاف: استخدمت الطبقة الحاكمة في معظم بلدان العالم السيكولوجية الفردية للحفاظ على امتيازاتها الخاصة ، لذا يجب ألا يهتم الإعلان المعاصر لحقوق الانسان فقط بالحقوق التي تصب في مصلحة الطبقة الحاكمة، ومن جانبه تساءل فالنتين تيبلياكوف كيف يمكن للمرء أن يفهم الحقوق والواجبات الفردية للمرء عن حقوق وواجبات المجتمع الذي يعيش فيه. ولم يكن من المثير للدهشة أن يمنح ممثلو الاتحاد السوفياتي الأولوية للحقوق الاجتماعية والاقتصادية وما يقابلها من الواجبات المدنية في حين فضل الممثلون الأمريكيون أن تكون الأولوية للحقوق السياسية والمدنية. وفي نهاية المطاف عندما تم اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الانسان امتنعت الكتلة السوفياتية، وتم اعتماد الإعلان، ومع ذلك نجد أنصار حقوق الانسان اليوم لا يذكرون أن قطاعا كبيرا من دول العالم امتنع عن اعتماد هذا الإعلان. وتذكر ميتشلين إيشاي بعض تفاصيل الاعتماد على هذا الإعلان بالقول: عندما طرحت هذه الوثيقة المهمة-وإن كانت غير ملزمة-للتصويت عليها كان عدد الدول الأعضاء بالأمم المتحدة ثمان وخمسين دولة فقط، صادقت خمسون دولة منها على الإعلان بينما امتنعت بيلاروسيا وتشيكوسلوفاكيا وبولندا والمملكة العربية السعودية وجنوب افريقيان وأوكرانيا، والاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا، بحيث انتاب هذه الدول القلق إزاء هذه الوثيقة التي تغلب عليها النزعة الفردية. (جمال الدين زرابوزو، حقوق الانسان في الإسلام) بتصرف.

[10]  المرجع السابق، ص: 236

[11]  طوماس بوغه، يدرس في جامعة يال، ويعد فيلسوف أساسي في الفلسفة الحديثة ومرجع أساسي في حقوق الانسان والعدالة العالمية، ولقد نقلت هذه الأفكار منه مباشرة في ندوة دراسية لماستر الإدارة والديمقراطية وحقوق الانسان، بحيث تحدث بشكل مسهب عن مشروعه حول حقوق الانسان والعدالة العالمية. 

[12]   لتوسع أكثر الاطلاع على كتاب محمد الغزالي، حقوق الانسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، الطبعة الرابعة، نهضة مصر للطبعة والنشر، 2005ص: 74

[13]  الإعلان العالمي لحقوق الانسان.

[14]  جمال الدين زرابوزو، حقوق الانسان في الإسلام، مرجع سابق ص: 359، 363، 360

[15] الفيلسوف شوبنهاوير، عن العيش الكريم، تأملات في الحياة والناس، ترجمة عبد الله زارو،دار أمان، الطبعة الأولى، 2018، ص: 116

[16]  مقال تحت عنوان: دور الدين في الفضاء العمومي، نموذج النظرية النقدية لهابرماس، محمد الأشهب، أستاذ الفلسفة-جامعة ابن زهر-أكادير.

[17]   جون هيك، مقال التعددية الدينية والإسلام، ترجمة عن الإنكليزية (ألقي هذا العرض في مركز الثقافة والفكر الإسلامي بطهران في فبراير 2005.

[18]  عبد الصمد الديالمي، نحو ديمقراطية جنسية إسلامية، (باقي عناصر الإحالة غير مشار إليها في الكتاب) ص: 72

[19] عبد الله العروي: مفهوم الحرية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1983 ص: 69

 

إرسال تعليق

0 تعليقات