آخر الأخبار

Advertisement

خصوصية الجزاء الزجري للجريمة الاستهلاكية في مرحلة تكوين العقد - الحسين الشماخ - منشورات موقع الباحث القانوني

 

خصوصية الجزاء الزجري للجريمة الاستهلاكية في مرحلة تكوين العقد

الحسين الشماخ

                         دكتور في القانون الخاص، تخصص قانون  الأعمال                                         

       مقـــدمــة:

تعد مرحلة تكوين العقد من المحطات الأساسية التي يمر منها العقد الاستهلاكي، ومن أجل حماية المستهلك اقتضت الضرورة تحصين هذه المرحلة بمجموعة من الالتزامات القانونية التي تشكل قطب الرحى للحماية المرجوة أثناء إبرام العقد، ودعم قدرة المستهلك على مكافحة كافة الاختلالات العقدية التي قد تواجهه في أية لحظة وحين. ومن ثم، تأسيس عقد متوازن[1] بين المتعاقدين، لكون مبدأ التوازن العقدي أصبح من أهم المبادئ القانونية التي أتت على أنقاض مبدأ سلطان الإرادة وما عرفه من مساوئ، إنه نظرة حديثة ومتجددة تسعى إلى تصحيح وتعديل العلاقة بين طرفي العقد، من منطلق أن مبادئ العقد الصحيحة لا يمكن أن تنكشف أمام النظرة الضيقة للعقد، والتي تعتبره مجرد صراع بين طرفين متناحرين كل يحاول فرض إرادته على الآخر.

 

وتثمينا من المشرع للجهود المبذولة في مجال الاستهلاك ورغبة منه في تحصين المراكز القانونية وتحقيق الانتظارات المشروعة للمستهلكين، اقتضت المصلحة العامة

ضرورة تدخل القانون الجنائي في عقود الاستهلاك، من منطلق أن أصالة التلاقح بين القانونيين المدني والجنائي عميقة إلى حد التداخل والانصهار في بعض الأحيان،[2] بغية توفير البعد الحمائي المنشود في هذه المرحلة نظرا لما تعرفه من اضطراب اقتصادي وليست فقط مجرد اعتداء على مصالح الأفراد. لذا، فإنها قد تقود إلى تقرير الجزاء الجنائي الذي يصبح ضروريا إلى جانب الجزاء المدني الذي لا يعد لوحده كافيا[3] في هذه الفترة.

 

 

وعليه، فقد أضحى تدخل الجزاء الجنائي في التصرفات الاستهلاكية ضرورة ملحة لتحقيق أهداف النظام العام الاقتصادي الحمائي،[4] لكونه يمثل الحماية التي يطمئن إليها المشرع حينما يقدر عدم كفاية الحماية المقررة للمستهلك في فروع القانون الأخرى ولاسيما القانون المدني.[5]

وعلاوة على ذلك، يلعب الجزاء الجنائي مجموعة من الأدوار الوظيفية التي تجمع بين الطابع الردعي بالضرب على أيدي المهنيين المخلين، وكذا الدور التكميلي مع الجزاء المدني للسعي نحو تخليق مرحلة تكوين العقد الاستهلاكي.

 

وانطلاقا من المزايا التي يتسم بها هذا الجزاء وما يحققه من فوائد لبناء تصرف قانوني متوازن، فإن الإشكال الذي يثار هنا هو: ــ مدى كفاية المقتضيات المنظمة لهذه المرحلة في ضمان حماية زجرية فعالة تتماشى وخصوصية التصرفات الاستهلاكية؟

 

لتوضيح ذلك، سنعمل على إبراز تجليات جزاء الإخلال بتوفير المعلومات قبل التعاقد (المحور الأول)، على أن نردفها بمدى فعالية هذا الجزاء في حماية المستهلك من البيوع المحظورة (المحور الثاني) من خلال الوقوف على مواطن الضعف والقوة في البعد الزجري المعتمد حتى يتسنى لنا إماطة اللثام عن القيمة المضافة للحماية الزجرية الموظفة في هذه المرحلة.



[1] - العقد المتوازن (contrat égalitaire): "عقد يبرم بين طرفين - أو أكثر- في وضعيتين متكافئتين ويتمتعان بنفس مستوى         

    المعرفة التقنية لمحل التعاقد، من ذلك مثلا: العلاقة العقدية التي تربط بين شخصين محترفين.

  ــ للتوسع أكثر يرجع إلى: ــ الحسين الشماخ، الحماية القانونية لمرحلة تكوين العقد ـ العقد الاستهلاكي نموذجا-، رسالة لنيل شهادة

     الماستر في القانون الخاص، كلية الحقوق فاس، 2013-2014.

[2] - بتول صراوة عبادي، التضليل الإعلاني التجاري، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية،2011، ص: 189.

[3] - مجيدة الزياني، الحماية الجنائية لتكوين العقود المدنية، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية

     والاقتصادية والاجتماعية عين الشق - بالدار البيضاء، 2006-2007، ص: 43.

[4]- منير قاسم صالح الجيلالي، حماية المستهلك بين القوانين العامة والخاصة- أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص بوجدة،

     2013-2014، ص: 9.

[5]- وفي نظر الفقيه الفرنسي M. Carbonnier أن هدف النظام العام الحمائي الاقتصادي هو حماية الطرف الضعيف اقتصاديا

     في بعض العقود المدنية.

-M. le Doyen Carbonnier, droit civil. T. II. 1968, N°, 116.

  ــ أوره: - حسن عبد المومن، العقد والجزاء الجنائي- دراسة مقارنة -، دار النهضة العربية، 1993، ص: 105.


للمطالبة بتتمة المقال - يمكن التواصل مع ادارة الموقع عبر البريد الالكتروني التالي:

Majalatlbahit2017@gmail.com

إرسال تعليق

0 تعليقات