آخر الأخبار

Advertisement

الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي - الدكتور أحمد ابراهيم محمد - مجلة الباحث - العدد 40 - منشورات موقع الباحث


 الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي - الدكتور أحمد ابراهيم محمد - مجلة الباحث - العدد 40 - منشورات موقع الباحث


رابط تحميل العدد الذي يشمل المقال بصيغة pdf أذناه:


https://www.allbahit.com/2022/03/40-2022-26.html





الدكتور أحمد ابراهيم محمد

        باحث في السياسة والقضاء جامعة الأزهر

     الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي

 achiev and judges

 ملخص

هذا البحث الذي بين أيدينا يبحث في المبدأ العام الرئيسي في الإثبات الجنائي وهو مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي، ومن خلال هذا المبدأ فإننا سنتعرض لبيان ماهية مبدأ الاقتناع الذاتي وذلك من حيث التعريف به وبيان مبرراته وما يتعلق به من أحكام ونطاق هذا المبدأ، ثم التعرض للقيود والاستثناءات التي ترد على هذا المبدأ، ثم نبين التطبيق العملي لهذا المبدأ على أدلة الاثبات في الدعوى الجنائية وهي الاعتراف والشهادة والخبرة والقرائن، والدليل الكتابي، مستعينين في ذلك برأي الفقه والقضاء والتشريعات المقارنة، ثم في الأخير وضعنا خاتمة فيها خلاصة البحث بالإضافة إلى مجموعة من النتائج والتوصيات المرجوة.

Abstract

This research, which we have in hand, examines the main general principle in criminal evidence, which is the principle of self-conviction of the criminal judge, and through this principle, we will discuss the nature of the principle of self-conviction in terms of its definition, explanation of its justifications and related provisions and scope of this principle, then exposure to restrictions And the exceptions to this principle, and then we show the practical application of this principle to the evidence of evidence in the criminal case, namely confession, testimony, experience, clues, and written evidence, using the opinion of jurisprudence, judiciary and comparative legislation, and then in the end we put a conclusion in which a summary of the research in addition to a set of results And recommendations desired.

مقدمة:

 الهدف الأساسي من ممارسة القاضي لسلطته في مجال تقدير الأدلة هو الوصول إلى الحقيقة، وفيما إذا كان من الممكن أن يتحول الشك المفترض إلى يقين قائم، ومن المعروف أن التحقيق الابتدائي يسعى في المقام الأول إلى جمع الأدلة وتقديرها تقديرًا أولياء، أما مرحلة المحاكمة فتهدف أساسًا إلى تمحيص الأدلة وتقديرها بصفة نهائية، وعليه فيجوز القول بأن الشك في مرحلة التحقيق الابتدائي يفسر أحيانًا ضد مصلحة المتهم، وأما في مرحلة التحقيق النهائي فيفسر الشك لمصلحته وبقوة القانون.

وهذا القول صحيح في جملته والسبب في ذلك هو أنه إذ رجحت أدلة إدانة المتهم بعد انتهاء التحقيق الابتدائي فهذا يكون كافياً لرفع الدعوى الجنائية ضده، مع الرجحان لا ينفي الشك بشكل تام، بل إنه يتسع لقدر منه، وأما حكم الإدانة فلا يبني إلا على اليقين، ولهذا يكون صحيح القول بأن الشك لا يمنع سلطة الاتهام من رفع الدعوى، لكن الشط يعتبر مانع للإدانة وموجب بحكم البراءة خلال نظر الدعوى أمام قاضي الموضوع.

ونشير إلى أن الاتهام يبدأ في العادة بالشك فيما إذا كان المتهم قد قام بارتكاب الجريمة، وقاضي الموضوع بعد ذلك يستهدف أساسًا تمحيص هذا الشك وتحري الوقائع التي نتج عنها، ليصل إلى حكمه فيما إذا كان هذا الشك قد تحول إلى يقين بني عليه الإدانة، أم أن ما لديه من أدلة لا تكفي للوصول على هذا اليقين وفي هذا الوقت يبقى الشك قائم ومعه تستحيل الإدانة[1]

وهذا يعني أن الشك أو الشبهة هي نقطة الانطلاق في الإجراءات الجنائية، ومنذ ارتكاب الواقعة يكفي مجرد الشك للاستمرار في الإجراءات ضد المتهم، فالشبهة في مرحلة الاتهام، تكفي لترجيح جانب الاتهام، وكذلك مرحلة التحقيق الابتدائي، فإن هذا الشك القائم في صالح الاتهام، والذي بناء عليه اتخذت في الإجراءات ضد المتهم، يكون قابلًا لأن يتلاشى أو يتضاعف، وذلك لأن سلطة التحقيق الابتدائي مكلفة أساسًا بالبحث عن الأدلة التي تفيد في الكشف عن الحقيقة على نحو إما ينتهي بتعزيز الشك أو الشبهة أو بنفيهما، بالتالي فإذا تعززت الشبهة انقلبت لاحتمال وهو أمر يعني تضاعف فرص الترجيح في صالح الاتهام، وفي هذه الحالة تحال الدعوى للمحكمة من أجل الفصل فيها، وعليه تعمل المحكمة على استبعاد كل فرص الشك في ثبوت الجريمة ونسبتها للمتهم، والقاعدة هي أن الشك في مرحلة الاتهام يفسر المتهم بينما في مرحلة الحكم يفسر في صالحه.

أهمية البحث:

الإثبات الجنائي يتم بكل الطرق الخاصة بالإثبات، كما أنه يقوم على إعطاء القاضي الجنائي سلطة واسعة في تقدير الأدلة، والبحث عن أي دليل والقيام بأي إجراء يراه لازما لكشف الحقيقة، حيث أنه يلعب دور إيجابي في الإثبات، على خلاف القاضي المدني والذي يكون مقيد بأدلة محددة، وقد حددها القانون وبين شروطها كما أنه لا يملك القاضي المدني أن يتجاوزها، والسبب في منح القاضي الجنائي كل هذه السلطة الواسعة، يكمن في كون الإثبات الجنائي يستهدف الوقائع المادية والمعنوية وليس تصرفات قانونية مثل العقود بالتالي فهي لا تعد بشكل مسبق، والسبب في ذلك هو أن الجريمة تقع بشكل مفاجئ من هنا فإنه يلزم منح هذا القاضي سلطة واسعة في تقديره للدليل الجنائي، ومن هنا تبرز أهمية هذا البحث وضرورة تدعيمه، وبشكل خاص إذا ما عرفنا أن الإثبات الجنائي يستهدف مجموعة من الوقائع المعنوية، مثل القصد الجرمي.

أهداف البحث:

يهدف هذا البحث إلى تحقيق مجموعة من الأهداف العملية والواقعية، هي:

1.التعرض لمفهوم وإطار ونطاق مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي.

2.التعرف على الاستثناءات التي ترد على مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي.

3.التعرف على مبدأ الاقتناع الذاتي وعلى أدلة الإثبات الاعتراف والشهادة والخبرة والقرائن والدليل الكتابي من خلال التعرض لرأي الفقه والقضاء والتشريعات المقارنة محل الدراسة.

مشكلة البحث:

تظهر مشكلة البحث في أنه وعلى الرغم من ورود النص الصريح على مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي، وعلى الرغم من ذلك فالمشرع لم يحدد الضوابط التي تكفي لهذا الأمر الذي يخشى معه من أن تتم إساءة استخدام هذا المبدأ وذلك بسبب السلطة المطلقة المعطاه للقاضي الجنائي بوزن الأدلة، وعلى الرغم من كون هذا المبدأ قد ورد بشكل مطلق مما يستدعي التحوط من خلال أخذ المبررات التشريعية والعملية والفقهية للأخذ بهذا المبدأ.

منهج البحث:

تم اتباع المنهج الوصفي التحليلي من خلال وصف عنوان البحث باعتباره مبدأ مهم يحتاج إلى تفسير وبيان ثم المنهج التحليلي من خلال المقارنة بين مجموعة من التشريعات العربية المقارنة، وتحليلها بشكل يساعد على فهم هذا المبدأ.

خطة الدراسة:

المبحث الأول: إطار مبدا الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي.

المطلب الأول: ماهية وأسس القناعة القضائية.

المطلب الثاني: مدلول مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي.

المبحث الثاني: القيود والاستثناءات على مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي.

المطلب الأول: قيود مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي.

المطلب الثاني: استثناءات مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي.

المبحث الثالث: مبدأ الاقتناع الذاتي وأدلة الإثبات.

المطلب الأول: الاعتراف والشهادة والخبرة.

المطلب الثاني: القرائن والدليل الكتابي.

خاتمة بها النتائج والتوصيات.

المراجع والمصادر.

المبحث الأول: إطار مبدا الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي

من الممكن أن نتعرض لبيان إطار مبدا الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي من خلال التعرف على مقصود هذا المبدأ ومفهومه، ثم بيان مدلول الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي، ونعرض لكل من هذين العنصرين في مطلب مستقل على النحو التالي:

 

 

المطلب الأول: ماهية وأسس القناعة القضائية

مبدأ الاقتناع الذاتي أو ما يسمى بحرية القاضي بالاقتناع من المبادئ الحديثة بشكل نسبي في القانون الجنائي، فأول ظهور تشريعي لهذا المبدأ كان في نهاية القرن الثامن عشر، حيث ورد في قانون تحقيق الجنايات الفرنسي وقانون العقوبات الفرنسي الصادرين عام ١٧٩١م، حيث أنه قد ورد في المادة ٢٤ ‏من القسم السادس من قانون تحقيق الجنايات حيث أوجب على المحلفين أن يبنوا قناعتهم بصورة خاصة على الأدلة والمناقشات التي تطرح أو تلك التي تدور أمامهم، ومن خلال قناعتهم الشخصية يطالبهم القانون والمجتمع بأن يقوموا بإصدار أحكامهم على المتهمين، كذلك فقد ورد في المادة ٣٧٢ ‏من قانون العقوبات الفرنسي ١٧٩١ ‏بنفس المضمون[2]، ويقصد بهذا المبدأ أن القاضي الجزائي يحكم وفقأ للعقيدة التي تتكون لديه في الدعوى بكامل حريته، وأن له مطلق الحرية في تقدير قيمة الدليل، والأخذ بما يرتاح ضميره له من الأدلة ويطرح ما سواه[3]، وله أن يستمد قناعته من أي دليل وله تجزئة الدليل فيأخذ ببعضه ويطرح البعض الآخر، فالاقتناع الذاتي قد تتكون من شذرات متفرقة من الظروف والأدلة[4].

والاقتناع يقصد منه التوصل لأحد أمرين:

الأول: إذعان القاضي وتسليمه بنشوء حق الدولة في معاقبة المتهم حال ثبوت الجريمة اليقيني.

والثاني: هو إذعانه وتسليمه بعدم نشوء حق الدولة في معاقبة المتهم ويكون ذلك في حالة عدم ثبوت الجريمة أو الشك في وقائعها أو في نسبتها للمتهم[5].

فإذا كان الاقتناع القضائي بنشوء حق الدولة في معاقبة المتهم

فإذا كان الاقتناع القضائي بنشوء حق الدولة في معاقبة المتهم إذا تمت إدانته يأتي نقضًا وهدمًا لأصل البراءة في المتهم، فإن ذلك يستوجب أن يصل الاقتناع إلى حد الجزم، كما أنه من جهة أخرى يعتبر الاقتناع بالإدانة أو البراءة هو استخلاص لهما من عناصر الإثبات المطروحة على بساط البحث كاستخلاص النتائج من المقدمات، وهو الأمر الذي يستوجب توائم هذا الاستخلاص مع مقتضيات العقل والمنطق[6].

وهذا المبدأ يوصف بالاقتناع الذاتي للقاضي وذلك من أجل الدلالة على قيام القاضي بالحكم في دعواه وفقًا لما يمليه عليه ضميره بواسطة أدلة يستشعر منها قدرته على توليد وتكوين يقينه بثبوت الاتهام ضد المتهم[7].

كذلك يوصف هذا المبدأ بالوجداني، حيث يكون اقتناع القاضي الجنائي متروكًا لوجدانه واطمئنانه الداخلي بثبوت الواقعة التي تعرض عليه أو عدم ثبوتها[8].

وهذا الوصف قد لا يكون كافيًا أيضًا للتعبير عن حقيقة وجوهر الاقتناع ذلك لأن الاقتناع في حد ذاته لا يكون إلا داخلي ونابعًا من ذات الشخص، فلا يعقل لذلك أن ينشا الاقتناع من غير ذات القاضي أو فرضه عليه من الخارج أي من ذات أخرى غير ذاته، ومن هنا من الممكن أن نقول أن وصف الاقتناع بالعقلي أو العقلاني هو وصف يصيب جوهر هذا المبدأ على اعتبار أن حقيقة ما يمارسه القاضي من عملية ذهنية تجاه ما يقدم إليه من أدلة في الدعوى تنشا أصلًا من وعيه وإدراكه لجميع أدلة الدعوى.

المطلب الثاني: مدلول مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي

لقد استقر القانون والفقه في العالم العربي على قاعدة قانونية ثابتة هذه القاعدة تقول: إنه لا سلطان على عمل القاضي إلا للقانون، كما يرتكز عمله ضمن حدود القانون[9].

وضمن حدود القانون فللقاضي أن يناقش كل الأدلة التي لها أصل في أوراق الدعوى، المقدمة من قبل الخصوم، فله أن يقبلها وينظر فيها ولكنه غير ملزم بالأخذ بدليل بعينه، فإما أن يأخذ بما جاء فيه وإما أن يطرح الدليل الذي لا يطمئن إليه ضميره، ويستبعده، وإن عدم اقتناع محكمة الموضوع بقسم من شهادات الشهود واقتناعها بالقسم الآخر وهو مالا يستلزم رد البينات، لأنها تحكم بحسب قناعاتها التي تستخلصها من البينات التي تقدم إليها، إلا أن الدليل الذي يأخذ به القاضي يجب أن يكون كافيً؛ فلا يجوز لأية محكمة في قضية جزائية أن تحكم بإدانة شخص، دون أن يتوفر أمامها بينات كافية مثل حصول الاقتناع بارتكاب المتهم للجريمة التي يدان من أجلها[10].

كذلك فإن للقاضي الجنائي سلطة واسعة في وزن الأدلة والتنسيق فيما بينها، واستخلاص النتائج التي تؤدي إلى اقتناعه بها والاعتماد عليها في إصدار الحكم، إما بالبراءة أو بالإدانة، وهذا ما نصت عليه المادة 151 من قانون الإجراءات الجنائية الكويتي فنصت على أن: "تعتمد المحكمة في اقتناعها على الأدلة المستمدة من التحقيق، الذي أجرته في القضية أو من التحقيقات السابقة على المحاكمة، ولها الحرية المطلقة في ترجيح دليل على دليل، وتكوين اقتناعها حسبما يوحيه إليه ضميرها"، وهذا ايضًا ما أخذ به القضاء في مصر والعراق والأردن، والسبب في ذلك هو أن القاضي له أن يحكم بحسب العقيدة التي تكونت لديه[11].

ونجد أن لقاضي الموضوع الحرية المطلقة في تكوينه لاعتقاده وتقدير الدليل المقدم إليه، بأخذه إذا اقتنع به ويطرحه كذلك إذا تطرق الشك لوجدانه دون رقابة عليه من محكمة التمييز عليه في ذلك.

ونعرض في نقطتين متتاليتين لرأي القانون والقضاء والفقه في مفهوم مبدأ حرية القاضي الجنائي في تكوين اقتناعه الذاتي:

1.ما جاء في القانون والقضاء في تثبيت هذا المبدأ:

يعتبر المشرع الأردني من أوائل التشريعات العربية التي أرست مبدأ حرية القاضي الجنائي في الاقتناع بالفقرة الأولى من المادة 147 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، والتي قد نصت على أنه تقام البينة في الجنايات والجنح والمخالفات بجميع طرق الاثبات ويحكم القاضي بحسب اقتناعه وقناعته الشخصية.

كما نصت كذلك المادة 291 من قانون الإجراءات الجنائية المصري على أن: "للمحكمة أن تأمر ولو من تلقاء نفسها أثناء نظر الدعوى بتقديم أي دليل تراه لازمًا لظهور الحقيقة".

كذلك فقد نصت المادة 302 على أن: "القاضي يحكم بالدعوى بحسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته، ومع ذلك فلا يجوز له أن يبني حكمه على إيجاز دليل لم يطرح أمامه في الجلسة".

وأما القانون الكويت فقد نصت المادة 151 من قانون الإجراءات الجنائية منه على أن: "المحكمة تعتمد في اقتناعها على الأدلة المستمدة من التحقيق ولها الحرية المطلقة في ترجيح دليل على دليل وتكون اقتناعها حسبما يوحيه إليه ضميرها".

ومن هنا يتبين لنا أن القانون والقضاء قد اتفقا على اعتماد الدليل الذي تقتنع به المحكمة وترجحه على الأدلة الأخرى، وأنه يتوجب على المحكمة تقدير البينات والدلائل وتحديد الوقائع التي اقتنعت بصحتها قبل اصدار حكمها[12].

وكلما اطمئن القاضي إلى صدق دليل منها كان له أن يأخذ به، وكلما تعذر الاطمئنان إليه تعذر الأخذ به، بغير رقابة من أحد عليه في مبررات اطمئنانه عنه أو عدم اطمئنانه، متى كان في تقديره العام لم يخرج عن حدود الاتزان في فهم الدليل وعن حدود المنطق المقبول في الاستدلال به، فالمحكمة الجزائية تحكم وفقًا لما يقتنع به ضميرها، ما دامت هناك بينات تستطيع الوصول إلى النتيجة التي استخلصتها، لأن القانون ترك لقاضي الموضوع الحرية المطلقة في تكوين اعتقاده وتقدير الدليل المقدم له، ويجب أن تكون قناعة القاضي وما توصل إليه من نتائج في تكوين عقيدته واقتناعه الوجداني مستندة إلى أسس قوية وثابتة[13].

2.ما جاء في رأي الفقه في تثبيت هذا المبدأ:

يرى الدكتور أحمد فتحي سرور أن الحرية التي منحها المشرع للقاضي في تقدير قيمة الأدلة، تعني أن عليه أن يبحث عن الأدلة اللازمة، دون أن يصل التقدير الحر لديه إلى حد التحكم الكامل، فالاقتناع يجب أن يخضع بشكل دائم للعقل والمنطق، كما أنه لا يجوز أن يعني مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي إطلاق حريته في أن يحل تخميناته وتصوراته محل أدلة الإثبات مهما كانت وجاهتها[14].

ولا بد أن يكون اقتناع القاضي يقينيًا وأن يستمد اقتناعه من أدلة صحيحة طرحت أمامه، وتناقش فيها الخصوم بصورة علنية، فيمنع على المحكمة أن تبني حكمها على دليل لم تطرحه في المناقشة في جلساتها حتى لو كان له أصل في أوراق الدعوى، فينبغي على القاضي أن يستمد عقيدته من أدلة مشروعة ووليدة إجراءات قانونية صحيحة، وكذلك لا يجوز للقاضي الاستناد إلى أدلة غير قضائية كأن يحكم بناء على معلوماته الشخصية أو مشاهدته أو على الاشاعات المتداولة في المجالس الخاصة، فالدليل الذي جاء وليد إجراءات مخالفة للنظام العام لا يؤاخذ به، فحرية القاضي بالاقتناع تعني إطلاق حريته في الإثبات بجميع الأدلة المشروعة بدون تقييده بدليل معين باستثناء ما قد نص عليه القانون؛ لأن القانون إذا نص على طريقة معينة للإثبات وجب التقيد بهذه الطريقة كذلك فإن له أن يستخلص الواقعة بطريق الاستنتاج والاستقراء وجميع الممكنات العقلية ما دام ذلك سليمًا متفقًا مع حكم العقل والمنطق اعتمادًا على الأدلة المقدمة إليه في الدعوى، وأما التحكم الكامل وبناء الدليل على علمه الشخصي أو ما يتراءى له بالعين المجردة فلا يعتد به دليل، وإذا لم يقتنع يقينيًا بالدليل بقي الشك على ما هو عليه، ومن ثم تستحيل الإدانة[15].

المبحث الثاني: القيود والاستثناءات على مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي

المطلب الأول: قيود مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي.

لقد منح المشرح الحرية للقاضي الجنائي في الاقتناع بالأدلة، كما أنه قد أعطاه كذلك حرية الأخذ ببعضها ثم طرح البعض الآخر، وعلى الرغم من ذلك فهناك قيود على حرية القاضي في الاقتناع ليست كيفية، وهذه قناعة مبنية على تدقيق الوقائع وتمحيصها، وفي إطار القانون ومن الممكن أن نعرض لتلك القيود على النحو التالي:

1.الالتزام بطرق الإثبات الخاصة في المسائل غير الجنائية:

وهذا القيد يعتبر أحد أهم القيود التي ترد على مبدأ الاقتناع الذاتي، فقد أوجب القانون على القاضي أن يلتزم في إثبات المسائل الغير جنائية من خلال وعن طريق طرق الإثبات المقررة الخاصة بإثبات هذه المسائل، وهذا القيد قد ورد في المادة (١٤٩‏) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني[16].

وكذلك هو ما نصت عليه المادة (٢٢٥‏) من قانون الإجراءات الجنائية المصري[17].

والسبب في هذا القيد هي ارتباط قواعد الإثبات بطبيعة الموضوع الذي ترد عليه، لا بنوع القضاء الذي يفصل فيها[18].

2.كذلك يجب أن يكون الدليل الذي يعتمده القاضي له أصل في ملف الدعوى، وتناقش به الخصوم بشكل علني:

وهذا القيد أوردته المادة (١٤٨ ‏/ ١)، من قانون أصول المحكمات الجزائية الأردني ونصت عليه ويعرف بمبدأ شفوية المحاكمة وتطبيقا لهذا القيد لا تعتمد المحكمة تقرير الطبيب الشرعي الذي يبين سبب الوفاة إلا إذا حضر الطبيب إلى المحكمة وتمت مناقشته في فحوى التقرير من قبل المحكمة والخصوم

كما أنه قد نص على هذا المبدأ القانون العراقي، فقد نصت المادة (213) من قانون اصول المحاكمات الجزائية على أنه: "لا يجوز للمحكمة ان تستند في حكمها الى دليل لم يطرح للمناقشة او لم يشر ليه في الجلسة والى ورقة قدمها احد الخصوم من دون ان يتمكن باقي الخصوم من الاطلاع عليها وليس للقاضي ان يحكم في الدعوى بناء على علمه الشخصي "(

3.كذلك لا يجوز أن يبنى الحكم إلا على أدلة كاملة توفرت فيها شروط الأدلة الكاملة التي تطلبها القانون:

ونجد أن هذا القيد يؤدي لنتيجة هامة هي استبعاد القرائن أو الاستدلالات وحدها، فلا يجوز للقاضي أن يبني حكمه على استدلالات فقط [19]، وهي ما يطلق عليها في القانون الأردني الأدلة التي تؤخذ على سبيل الاستئناس مثل الشهادة بدون يمين أو استعراف الكلب البوليسي لوحده فقط، أو أقوال متهم ضد متهم بدون وجود قرينة أخرى تؤيدها [20].

وفي القانون العراقي نجد نص المادة (213/أ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقية هذه الأدلة على الوجه التي: "تحكم المحكمة في الدعوى بناء على اقتناعها الذي تكون لديها من الأدلة المقدمة في أي دور من أدوار التحقيق أو المحاكمة وهي الإقرار وشهادة الشهود ومحاضر التحقيق والمحاضر والكشوف الرسمية الأخرى وتقرير الخبراء والفنيين والقرائن والأدلة الأخرى المقرر قانونًا".

4.أن يأتلف الاقتناع والمنطق ويسلم به العقل:

وهذا القيد المقصود به أن ما يعتمده القاضي من أدلة يلزم أن تؤدي عقلا للنتيجة التي خلص إليها، فمثلا لا يجوز الاعتماد على شهادة شاهد ضعيف البصر ورأى المتهم من مسافة بعيده[21].

5.أن يكون الاقتناع يقينيا:

وهذا معناه أن تكون قناعة القاضي قاطعة ولا يخالطها الشك ولا يشوبها الاستفهام، وذلك لأن الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين، كما أن الشك يفسر لصالح المتهم، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال فسد به الاستدلال، وهذا الاقتناع اليقيني يجب أن يكون في مرحلة المحاكمة، أما في مرحلة التحقيق فلا يشترط أن تصل قناعة المدعي العام إلى درجة اليقين بل أن تترجح لديه الإدانة على البراءة.

لكي تكون قناعة القاضي سليمة في تقديرها للأدلة، يجب أن تكون النتيجة التي توصل إليها تتفق مع العقل والمنطق، وتكون مطابقة للنموذج المنصوص عليه في القانون وهو ما يطلق عليه بالحقيقة القضائية، والتي يشترط فيها أن تتفق مع الحقيقة الواقعية، فحرية القاضي الجنائي أن لا يبنى حكمه على مجرد الظن والتخمين بل يجب التأكد، وبشكل جازم مبني على اليقين بأن المتهم الماثل أمامه هو من قام بارتكاب  الفعل المجرم، فالحقيقة لا يمكن توافرها إلا باليقين لا مجرد الظن والاحتمال، باعتبار أن هذا الشرط- أن تبني الأحكام على الجزم واليقين- ما هو إلا نتيجة مترتبة ومنطقية على قاعدة الأصل في الإنسان البراءة. فالأحكام الصادرة بالبراءة يجب ألا تبقى إلا على حجج قطيعة الثبوت تفيد الجزم واليقين فإذا ما ثار في نفس القاضي نوع من الشك وجب عليه أن يفسره لمصلحة المتهم فالدليل اليقيني هو الذي يجسد حقيقة الواقعة أمام المحكمة تأكيدا لا يداخلها في  حقيقته شك، فتقتنع بحدوث الواقعة كما دل عليها الدليل[22].

 

 

 

6.التسبيب:

وهذا القيد يعتبر أهم القيود التي ترد على حرية القاضي في تكوين اقتناعه والتسبيب هو بسط الاعتبارات القانونية والواقعية التي أدت إلى تكوين عقيدة المحكمة[23].

وتبدو أهمية التسبيب في أنه ضمانة كبرى لمصلحة الخصوم، حيث أنه يدفع المحكمة إلى تمحيص الأدلة والبحث والتحقيق للوصول إلى الحقيقة وبالتالي إلى نتائج منطقية من وقائع الدعوى[24].

فيرد على مبدأ القناعة القضائية قيد آخر يتمثل في بيان القاضي للأسباب  التي بني عليها حكمه أو قراره، فالقاضي يكون ملزما بتسبيب أحكامه وقراراته ولكنه غير ملزم بتسبيب اقتناعه[25].

وهذا ما استقر عليه قضاة المحكمة العليا :" أن قناعة القضاة مشروطة بضرورة تسبيب قرارهم دون تناقض مع العناصر الموجودة بملف الدعوى والمناقشات التي  دارت حولها أمامهم"[26].

المطلب الثاني: استثناءات مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي.

مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي مبدأ ليس على إطلاقه بل ترد عليه مجموعة من القيوم، وهذه القيود هي:

1.القرائن القانونية:

وهذه القرائن نوعان، نوع منها قطعي لا يقبل إثبات العكس، ونوع آخر بسيط قابل لإثبات العكس[27]، ويعتبر من قبيل القرينة القانونية القاطعة والتي لا تقبل إثبات العكس هي أن سن التمييز سبع سنوات، بمعنى أن الطفل الذي لم يبلغ السابعة من عمره يعد عديم التمييز وغير مسؤول جزائيا.

والقرينة القانونية التي تمثل قيدًا على القناعة القضائية هي القرينة القانونية القاطعة التي لا تقبل إثبات ما يخالفها، مثال ذلك حالة الصغير الذي لم يبلغ وقت ارتكاب الجريمة سن المسؤولية الجزائية التي يحددها القانون وهي تمام السابعة من العمر في القانون المصري وتمام التاسعة في القانون العراقي بحسب ما ورد في قانون رعاية الأحداث رقم 76 لعام 1983م.

2.النص الصريح على الالتزام بأدلة محددة لإثبات الجريمة:

فاستثناء من هذا المبدأ فمن الممكن أن يحدد القانون أدلة محددة من أجل إثبات جريمة معينة، بالتالي فيجب على القاضي أن يلتزم بهذه الأدلة كما أنه لا يجوز له أن يتجاوزها لأدلة أخرى، كما ورد هذا القيد في المادة (١٤٧‏/٢‏) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني[28].

فيجب أن تكون قناعة القاضي الجنائية مستخلصة من أدلة متساندة (مبدأ تساند الأدلة) أو مجتمعة، وعليه يجب أن تكون الأدلة في الإثبات الجنائي متساندة ويعزز بعضها البعض ، وبينت محكمة التمييز العراقية هذا في أحد قراراتها حيث جاء فيه: "الشهادات العيانية المنفردة المؤيدة بشهادات على السماع المعززة بالكشوف والتقارير الطبية وبقرينة هروب المتهم رغم التحري عنه والإعلان عن موعد محاكمته تكفي لإثبات جريمة القتل" [29].

 

 

3.الحجية القانونية لمحاضر المخالفات والأحكام:

وهذه نصت عليها المادة 221 من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي، فنصت على: "تعتبر المحاضر والتقارير والكتب الرسمية التي يحررها الموظفون والمستخدمون المتخصصون في المخالفات حجة بالنسبة للوقائع المكونة للجريمة ونسبتها إلى فاعلها ووصفها القانوني".

بالتالي فلا يستطيع القاضي بعد اصدار الحكم التعديل في حكمه الصادر في هذه الأمور مهما توصلت قناعته القضائية في خطأ الأمور التي اشتملت عليها المادة المذكورة بل يتم اتباع طرق الطعن التي يحددها المشرع لمثل تلك الأحكام.

كما أن من القيود الواردة على القناعة القضائية ما يتعلق بالشهادة وقد نصت المادة 213/أ من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي على نصاب الشهادة بقولها: "لا تكفي الشهادة الواحدة مهما اطمأنت إليها قناعة المحكمة فلا يجوز إصدار الحكم بناء عليها.

المبحث الثالث

مبدأ الاقتناع الذاتي وأدلة الإثبات

في هذا المبحث نتناول لأدلة الاثبات في الدعوى الجزائية ونعرض في هذا المبحث لمبدأ الاقتناع الذاتي ونتعرض لأدلة الإثبات ونعرض لأدلة الاثبات على النحو التالي:

المطلب الأول: الاعتراف والشهادة والخبرة

أولًا: الاعتراف:

الاعتراف هو الإقرار من قبل المتهم على نفسه بالتهمة التي أسندت إليه، لذلك فلا يعتبر هذا اعتراف لما يسلم به المحامي عن موكله، كما أنه لا يعد اعتراف للمتهم على شركائه كما أنه ليس سوى استدلال، كما أنه لا يجوز أن يحلف المتهم اليمين فالمبادئ الراسخة في التشريع الجنائي أن المشتكى عليه لا يجوز أن يحلف اليمين بأي حال من الأحوال حتى ولو لم يكن يحاكم أمام المحكمة نفسها لاختلاف الاختصاص الشخصي، وقد ورد هذا الحظر في بعض التشريعات منها قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي رقم ١٧ ‏لسنة ١٩٦٠[30]، وقانون الإجراءات الجنائية السوداني[31]، مع أن أغلب التشريعات لم تنص عليه، وقد اجاز المشرع العراقي للمحكمة اذا تبين لها ان الاعتراف سليم مما يشوبه وان المتهم يقدر نتائج الاعتراف أن تأخذ به وحده في الادانة من دون الحاجة الى ادلة اخرى وفي جميع الجرائم ما عدا المعاقب عليها بالإعدام[32].

والاعتراف بكامله يخضع لقناعة المحكمة، فيجب على المحكمة أن تستمع لاعتراف المتهم وأن تقوم بتسجيله، وهذا الاعتراف يخضع لقناعتها الوجدانية

ويعتبر الاعتراف دليلا كاملا وكافيا لإصدار الحكم متى اقتنعت به المحكمة، وليس بلازم أن يؤيد بأدلة أخرى، وأن الباحث لا يتفق مع بعض الفقه الذي يرى أنه لا يجوز أن يتم الاكتفاء بالاعتراف فقط، وذلك استنادا إلى الحجج التالية:

كما أن الاجتهاد القضائي يتفق مع رأي الباحث وهذا ما استقر عليه اجتهاد محكمة التمييز الموقرة (١-لمحكمة الموضوع الاكتفاء باعتراف المتهم بالتهمة المسندة إليه، عملا بأحكام المادة (216/2‏) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، ولا يرد الاحتجاج بعدم دعوة الشهود، لأن الاعتراف بينة قانونية وقد قنعت بها المحكمة)[33].

وهذا ما أكدته محكمة النقض المصرية، أيضا: (من الجائز أن يكون الاعتراف وحده دليلا تأخذ به المحكمة ولو مع بطلان القبض والتفتيش)[34].

أن رفض الاعتراف يعني إطالة أمد النزاع في قضايا قد تكون واضحة ولا لبس فيها، مما يعد إرهاقا للمحاكم بسماع بينات النيابة وبينات الدفاع والذي يأخذ وقتا طويلا.

أن رفض الأخذ بالاعتراف يضر المتهم نفسه ولا يصب في مصلحته دائما، حيث إن رفض الأخذ بالاعتراف والاكتفاء به يضر بالمتهم في الحالات التالية:

يحرم المتهم من الاستفادة من الاعتراف كسبب رئيسي من الأسباب المخففة التقديرية للعقوبة والتي ترجع لتقدير القاضي.

إن رفض الأخذ بالاعتراف قد يحرم المرأة من العذر المخفف القانوني الوارد في المادة (17/2‏) عقوبات أردني [35]، والذي يستبدل عقوبة الإعدام للمرأة الحامل بالأشغال الشاقة المؤبدة، حيث إن إطالة أمد القضية سوف يؤدي إلى ولادة المرأة قبل صدور الحكم ويحرمها من هذا العذر القانوني.

إن رفض الأخذ بالاعتراف سوف يؤخر استفادة المتهم من نظام إعادة الاعتبار سواء في الجنايات أو الجنح، ذلك أن مدة التجربة أو الاختبار التي يتطلبها القانون لا تبدأ إلا من لحظة انتهاء تنفيذ العقوبة أو سقوطها، ولا شك أن مدة المحاكمة سوف تضاف إلى فترة العقوبة.

إن رفض الاكتفاء بالاعتراف قد يفوت على المتهم الاستفادة من العفو الخاص، حيث إن العفو الخاص لا يطال إلا من صدر بحقه حكم مكتسب الدرجة القطعية.

إلا أن الباحث يرى أنه وان كان هذا هو القاعدة العامة إلا أنه يمكن أن يقرر استثناء خاص بالنسبة للجرائم المعاقب عليها بالإعدام، فيرى الباحث أنه يجب ألا يأخذ بالاعتراف فقط بل يجب سماع الأدلة وذلك لخطورة هذه العقوبة وجسامتها.

ثانيًا: الشهادة:

الشهادة تعتبر أحد أهم وسائل الإثبات المباشرة، حيث أنها عيون العدالة وأذانها، بل إنها هي الوسيلة الطبيعة الخاصة بإثبات الدعوى الجزائية، والشهادة هي: رواية شخص عما أدركه بإحدى حواسه المختلفة عن واقعة معينة، ومما يلاحظ أن قانون العقوبات الأردني وقانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي أنهما لم يقوما بوضع قيود على الشهادة من حيث سوابق الشاهد أو من حيث سلوكه، وترك الأمر له على إطلاقه وهذا بلا شك على العكس من موقف المشرع المصري، فقانون العقوبات المصري في المادة (25) يحرم كل من حكم بعقوبة جنائية خلال مدة العقوبة من أداء الشهادة فقط إلا على سبيل الاستدلال، وهو ما نص عليه ايضًا قانون العقوبات الفرنسي في المادة (٣٤ ‏/ ٣)[36].

ولكن هل يشترط عدد معين في الشهادة؟

لم يتطلب قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي عدد معين في الشهادة[37]، فالشهادة الفردية تكون مقبولة أمام المحكمة ومن الممكن الحكم على أساسها في حال إذا ما اقتنعت بها المحكمة، وهذا هو ما قد استقر عليه اجتهاد محكمة التمييز المصرية وذلك في العديد من أحكامها، ولمحكمة الموضوع أن تؤسس قناعتها على أي بينة قانونية تقدم في الدعوى، سواء كانت شهادة فردية أو غيرها، مع ملاحظة أن بعض قوانين الأصول الجزائية تتطلب أكثر من شاهد لإثبات الدعوى الجزائية، كما هو الحال في قانون أصول المحاكمات العراقي المادة ٢١٣ ‏/ ب، والقوانين الألمانية والبرتغال والنمسا وهولندا [38].

ثالثًا: الخبرة: حيث تعرف الخبرة على أنها إبداء رأي فني من شخص مختص فنيا، في شأن واقعة ذات أهمية في الدعوى الجزائية، والخبرة تخضع باعتبارها نوع من البينات في تقدير قيمتها والاستناد إليها في الحكم لصلاحية محكمة الموضوع، وذلك يستلزم لأن تكون الخبرة متفقة مع ‏القانون، وبناء على ذلك فيكون لمحكمه التمييز أن تنقضها في حال مخالفتها للقانون، ولا بد أن تكون الخبرة الجديدة مساوية للخبرة السابقة أو أقوى منها، بالتالي فإذا ‏تكونت الخبرة الأولى من خبير واحد فالخبرة الثانية لا بد وأن تكون ثلاثية، وإذا كانت الأولى ثلاثية فالثانية تكون خماسية وهكذا، وبالتالي لا يجوز أن تطرح المحكمة الخبرة لتناقضها مع اعتراف المتهم أو أقوال الشهود [39].

وقد نص القانون العراقي في المادة (69) منه على موضوع الخبير بقولها: (يجوز للقاضي او المحقق من تلقاء نفسه او بناء على طلب الخصوم ان يندب خبيراً……)، أن طلب تعيين خبير هو طريق من طرق الدفاع المباحة للخصوم ، والتي لا يجوز حرمانهم من الانتفاع به، كما أنه: (من الطلبات الهامة لتعلقه بتحقيق الدعوى ولإظهار وجه الحق فيها، فاذا لم تر المحكمة اجابته لعدم حاجة الدعوى اليه وجب الرد عليه في الحكم بما يبرر رفضه، فإذا هي لم تفعل كان حكمها معيباً لقصوره في البيان) [40].

المطلب الثاني: القرائن والدليل الكتابي

أولًا: القرائن:

والقرائن عبارة عن الصلة الضرورية التي ينشئها القانون بين مجموعة من الوقائع المعينة، أو هي عبارة عن النتيجة التي يتحتم على القاضي أن يستخلصها من واقعة معينة وهي عبارة عن استنباط واقعة مجهولة من واقعة معلومة[41]، كما أن هذا التعريف يجمع بين القرائن القانونية وكذا القضائية كما أنها تكون قانونية إذا ما نص عليها القانون، وأما تلك القضائية فهي تلك التي يستنبطها القاضي من خلال ظروف الدعوى، كما أن القرينة القانونية من الممكن أن تكون قاطعة وهي لا تقبل إثبات العكس، كسن التمييز سبع سنوات، فهذه قرينة قانونية قاطعة على انعدام التمييز لمن هو دون السابعة إلا أن هناك قرائن قانونية تقبل إثبات العكس، كما هو الحال في أن من يحلف اليمين يجب أن يبلغ خمسة عشر عاما، فيجوز للمحكمة تحليف من لم يبلغ خمسة عشر عاما إذا رأت أنه يدرك كنه اليمين[42]، وهذا النوع من القرائن يجري عليه مبدأ الاقتناع الذاتي مع أنها قرائن قانونية.

وأما ما يخص القرائن القضائية فنجد أنها لا تصلح لأن تكون أدلة كاملة، وهي من الممكن أن يتم إثبات عكسها واعتمادها باعتبارها دليل كامل مرهون بقيدين [43].

أن يكون استخلاص الواقعة المجهولة من الواقعة المعلومة منطقي.

أن يكون الاستنتاج على سبيل الجزم واليقين وليس على الشك والتخمين.

وقد نص قانون اصول المحاكمات الجزائية في الماجة (213/أ) على أن تحكم المحكمة في الدعوى بناء على اقتناعها الذي تكون لديها من الأدلة المقدمة في أي دور من أدوار التحقيق أو المحاكمة ومنها: 5-والقرائن والأدلة الأخرى المقررة قانونًا.

ثانيًا: الدليل الكتابي:

وهذا الدليل هو عبارة عن ورقة تحمل بيانات في شأن واقعة لها أهمية في إثبات ارتكاب وقوع ‏الجريمة ونسبتها للمتهم  كما أن الدليل الكتابي من الممكن أن يكون جسم الجريمة مثل ورقة النقد المزيف، وقد يكون مجرد دليل على الجريمة مثل الاعتراف الخطي وقد يجمع بين الصفتين معا مثل ورقة الشيك الذي لا يقابله رصيد، والقاعدة العامة في إثبات ‏الدعوى الجزائية أن جميع الأدلة سواء أكانت كتابية أم غيرها تخضع لتقدير القاضي الجزائي، ودون فرق بين المحررات العرفية والرسمية، فلا يتقيد القاضي الجزائي بما جاء في قانون البينات من أن المحررات الرسمية المنظمة حجة على الناس كافة بما دون فيها من أفعال مادية قام بها الموظف العام في حدود اختصاصه، أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره، وذلك ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا [44]، ولم ينص قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي عليه إلا أنه موجود في قانون الاثبات والقانون المدني وأحكام التمييز، في المادة 491 من القانون المدني والمادة (18) من قانون الاثبات العراقي التي نصت على أنه: (يجوز ان يثبت بجميع طرق الاثبات ما كان اثباته بالكتابة في حالتين اولا: اذا فقد السند الكتابي بسبب لا دخل لإرادة صاحبه فيه. ثانيا: اذا وجد مانع ادبي او  مادي حال دون الحصول على دليل كتابي) [45].

فلا يجوز اثبات ما يخالف الدليل الكتابي الا بمثله ولو كان بين الطرفين مانع ادبي، مطالبة المدعي للمدعي عليه بثمن المصوغات الذهبية البالغة (800) دينار ينبغي اثباته بالبينة التحريرية استنادا لأحكام قانون الاثبات؛ اذا رافقت انشاء الدليل الكتابي غش أو تدليس فيجوز للخصم أن يثبت خلاف هذا الدليل بكافة طرق الاثبات بما فيها الشهادة والقرائن"[46].

 

 

 

خاتمة:

من خلال البحث في حرية القاضي بالاقتناع والسلطة التقديرية للقاضي الجنائي في تمحيص الأدلة تبين أن المشرع العربي قد عالج موضوع الأخذ بالأدلة في عملية عقلية منطقية تتلمس الحقيقة وتسعى إلى تحقيق العدالة بعيدًا عن استبداد القضاة وتحكمهم المطلق، وبعيدًا عن منحهم الحرية المطلقة في الأخذ بالأدلة التي تقع تحت أيديهم دون رقابة أو إشراف، ونخلص إلى أن الحقيقة القضائية لا تدرك بشكل مباشر، بل يتم التوصل إليها من خلال تدقيق وتمحيص أدلة الإثبات، فهي ليست شيء مطلق ولكنها نشاط ذهني موضوعي، ولذلك فالحقيقة التي يعلنها الحكم الجنائي لا يلزم دومًا أن تكون هي ذاتها الحقيقة المطلقة فهي نسبية، كما أن عملية تكوين القناعة تستلزم الاستدلال الدقيق والحذر لوقائع الدعوى وظروفها المحيطة من قبل القاضي الجنائي الذي يجب أن يكون على قدر عال من الإدراك والدقة والتروي والذكاء والمنطق السليم والمنهجية المنتظمة فالقناعة القضائية هي المرتكز التي تقوم عليه سلطته التقديرية في مجال تقدير الأدلة، فهي عنوان الحقيقة ومحل ثقة الخصوم والكافة طالما أحيطت بالضمانات الكافية، ويمكن أن نعرض لأهم النتائج والتوصيات على النحو التالي:

أولًا: النتائج:

1.لا يجوز للقاضي أن يحكم بناء على معلوماته الشخصية أو بناء على ما رآه أو سمعه بنفسه.

2.لا يسوغ تقدير الدليل دون مناقشته وتمحيصه ومواجهة الخصوم به.

3.لا يجوز أن يؤسس اقتناع قاضي الموضوع على استنتاج سيئ ينطوي على مخالفة المنطق والعقل.

4.لا يجوز الاعتماد على الأدلة التي ثارت حولها الشك في إصدار الأحكام ولا على العلم الشخصي للقضاة.

5.للقاضي أن يأخذ بالدليل الذي يرتاح إليه ضميره ووجدانه وأن يطرح جانبًا الدليل الذي لا يرتاح إليه، كما أن للقاضي أن يستعين بالأمور العلمية والفنية في مجال كشف الحقيقة.

6.لا بد من تحديد مفهوم سلطة القاضي الجنائي في تقدير الأدلة بطريقة عقلية ومنطقية للوصول إلى الحقيقة، وإتاحة الفرصة للقضاة بممارسة سلطتهم التقديرية وفقًا لمبادئ العدالة والنزاهة والحياد.

ثانيًا: التوصيات:

1.إلزام القضاة بتعليل الأحكام الصادرة منهم وبيان الأسباب التي أدت لذلك.

2.يلزم ابراز القدرة الفائقة للمبادئ الت يرسيها قضاة المحكمة خاصة محكمة النقض في إرساء تراث من الاحكام العادلة المبنية على العقل واليقين.

3.منح القضاة سلطة واسعة في وزن الأدلة والتنسيق فيما بينها، واستخلاص النتائج التي تم اعتمادها في إصدار الحكم.

4.حتى يكون اقتناع القاضي يقينيًا عليه أن يستمد اقتناعه من أدلة لها أصل في الأوراق، وأن تطرح في جلسات الحكم وأن تتم مناقشتها من قبل الخصوم.

5.يلزم تشجيع القضاة على تأسيس أحكامهم على الجزم واليقين والعقل والدقة وليس على الشك أو الاحتمال.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع والمصادر:

أحمد الخملبشي، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الثاني، الرباط، مطبعة المعارف الجديدة، 2001م، الطبعة الخامسة

أحمد فتحي سرور، الوسيط، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى

حسام أحمد العطار، تسبيب الأحكام القضائية دراسة في قانون المرافعات المصري والفرنسي، العدد الثاني، الجزء الثاني، السنة الثامنة والخمسون، يوليو 2016م

عبد العزيز سهيل المحامي، احكام القضاء العراقي على مواد القانون المدني، ج2، مطبعة التضامن للطباعة والنشر، بغداد، 1963م

كامل السعيد، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، مكتبة دار الثقافة عمان، ط ٣، ٢٠١٠‏م

عوض محمد عوض، المبادئ العامة في قانون الإجراءات الجنائية، الإسكندرية، منشأة المعارف

فاضل زيدان محمد، سلطة القاضي الجنائي في تقدير الأدلة مكتبة دار الثقافة عمان ط ٣ ‏، ٢٠١٠م

حسن الجوخدار، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردنية مكتبة دار الثقافة عمان ط1

كمال عبد الواحد الجوهري، تأسيس الاقتناع القضائي والمحاكمة الجنائية العادلة، دار محمود للنشر والتوزيع، 2011م

خالد حمد، القناعة القضائية في مجال تقدير الأدلة الجنائية، مجلة البحثية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، مؤسسة خالد الحسن، مركز الدراسات والأبحاث، عدد3، 2015

نبيل حميد البياتي، تسبيب الأحكام الجزائية في القانون العراقي ، رسالة ماجستير ، مقدمة إلى جامعة بغداد، كلية القانون ،1983م

مأمون محمد سلامة، قانون الإجراءات الجنائية معلقًا عليه بالفقه وأحكام النقض، دار الفكر العربي، 1986، الطبعة الأولى.

مروك نصر الدين، محاضرات في الإثبات الجنائي، الجزء الأول، دار هومة، 2003م

محمد سعيد نمور، أصول الإجراءات الجزائية دار الثقافة عمان، 2005

محمد الحلبي، شرح قانون الإجراءات الجزائية، القدس، دار الفكر، 2012

محمد علي السالم عياد الحلبي، حرية القاضية الجنائية في الاقتناع الذاتي في قوانين مصر والأردن والكويت، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، مجلس النشر العلمي، مجلد31، عدد3، 2017م

محمد عيد الغريب، حرية القاضي الجنائي في الاقتناع اليقيني وأثره في تسبب الأحكام الجنائية، دون طبعة، الناشر دار النهضة العربية، القاهرة، 2008م

محمد علي الكيك، أصول تسبيب الأحكام الجنائية مطبعة الإشعاع ط ١‏، ١٩٨٨م

محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجنائية، ط. دار النهضة العربية، ط.1، 1988م

محمود مصطفى، شرح قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة ط ١٢‏ ١٩٨٨م

القوانين:

قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني رقم 9 لعام 1961م.

قانون الإجراءات الجنائية المصري رقم 150 لعام 1950م.

قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي لرقم 17 لعام 1960م.

قانون الإجراءات الجنائية السوداني لعام 1991م.

قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لعام 1971م.

قانون العقوبات الأردني رقم 16 لعام 1960م.

أحكام المحاكم:

نقص مصري، 10 نوفمبر 1981م، مجلة أحكام النقض، سنة 32، رقم 147، ص853

القرار رقم 31/هيأة عامة ثانية /1973 في 7-4 -73 ، النشرة القضائية ، يصدرها المكتب الفني في محكمة التمييز العراقية ، السنة الرابعة ، العدد الثاني ،1973 ، ص36.

تمييز جزاء رقم ١٩٩٢ ‏/ ٦٢ ‏فصل بتاريخ ١٩٩٢ ‏/ ٠٣ ‏/ ٢٨ ‏(هيئة عادية). منشور على الصفحة (٢١٣٢ ‏) من العدد (1 ‏) من مجلة نقابة المحامين لسنة (١٩٩٣ ‏).

طعن رقم ١٠١٦ ‏لسنة ٤٣ ‏ق جلسة ١٦ ‏/ ١٢ ‏/ ١٩٧٣م

قرار محكمة النقص المصرية في 29 مايو سنة 1951 رقم 233 ، ص21، مجموعة القواعد القانونية، ج2

تمييز عراقي رقم 530/م متفرقة/87/1988 في 6/12/1987 مجموعة الاحكام العدلية العراقية، العدد (4) لسنة 1987، ص81؛ قرار رقم 196/م2/1972، الاستاذ ابراهيم المشاهدي، المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز، 1988م



[1] عوض محمد عوض، المبادئ العامة في قانون الإجراءات الجنائية، الإسكندرية، منشأة المعارف، ص592

[2] فاضل زيدان محمد، سلطة القاضي الجنائي في تقدير الأدلة مكتبة دار الثقافة عمان ط ٣ ‏، ٢٠١٠م، ص42

[3] محمد سعيد نمور، أصول الإجراءات الجزائية دار الثقافة عمان، ٢٠٠٥، ص ٢٠٨

[4]  حسن الجوخدار، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردنية مكتبة دار الثقافة عمان ط1، ص346

[5] كمال عبد الواحد الجوهري، تأسيس الاقتناع القضائي والمحاكمة الجنائية العادلة، دار محمود للنشر والتوزيع، 2011م، ص18

[6] خالد حمد، القناعة القضائية في مجال تقدير الأدلة الجنائية، مجلة البحثية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، مؤسسة خالد الحسن، مركز الدراسات والأبحاث، عدد3، 2015، ص130

[7] مأمون محمد سلامة، قانون الإجراءات الجنائية معلقًا عليه بالفقه وأحكام النقض، دار الفكر العربي، 1986، الطبعة الأولى، ص856 وما بعدها.

[8] أحمد الخملبشي، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الثاني، الرباط، مطبعة المعارف الجديدة، 2001م، الطبعة الخامسة، ص167

[9] محمد الحلبي، شرح قانون الإجراءات الجزائية، القدس، دار الفكر، 2012، ص31

[10] محمد علي السالم عياد الحلبي، حرية القاضية الجنائية في الاقتناع الذاتي في قوانين مصر والأردن والكويت، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، مجلس النشر العلمي، مجلد31، عدد3، 2017م، ص340

 [11] نقص مصري، 10 نوفمبر 1981م، مجلة أحكام النقض، سنة 32، رقم 147، ص853

[12] محمد علي السالم عياد الحلبي، حرية القاضية الجنائية في الاقتناع الذاتي في قوانين مصر والأردن والكويت، مرجع سابق، ص344

[13] محمد علي السالم عياد الحلبي، حرية القاضية الجنائية في الاقتناع الذاتي في قوانين مصر والأردن والكويت، مرجع سابق، ص345

[14] أحمد فتحي سرور، الوسيط، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، ص466

[15]  محمد علي السالم عياد الحلبي، حرية القاضية الجنائية في الاقتناع الذاتي في قوانين مصر والأردن والكويت، مرجع سابق، ص346

[16]  المادة ١٤٩‏من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني: (إذا وجد ادعاء بالحق الشخصي مع القضية الجزائية وجب على القاضي اتباع قواعد الإثبات الخاصة به).

[17]  المادة ٢٢٥‏من قانون الإجراءات الجنائية المصري: (تتبع المحاكم الجنائية في المسائل نمير الجنائية التي تفصل فيها تبعا للدعوى الجنائية طرق الإثبات المقررة في القانون الخاص بتلك المسائل).

[18]  محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجنائية، ط. دار النهضة العربية، ط.1، 1988م، ص ٤٣١

[19]  محمود مصطفى، شرح قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة ط ١٢‏ ١٩٨٨، ص ٤٢٤.

[20]  المادة (١٤٨ ‏/ ٢ ‏) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني.

[21]  حسن الجوخدار، المرجع السابق، ص ٣٥٣

[22] محمد عيد الغريب، حرية القاضي الجنائي في الاقتناع اليقيني وأثره في تسبب الأحكام الجنائية، دون طبعة، الناشر دار النهضة العربية، القاهرة، 2008 ، ص 129

[23]  محمد علي الكيك، أصول تسبيب الأحكام الجنائية مطبعة الإشعاع ط ١‏، ١٩٨٨، ص ٤٩

[24]  حسام أحمد العطار، تسبيب الأحكام القضائية دراسة في قانون المرافعات المصري والفرنسي، العدد الثاني، الجزء الثاني، السنة الثامنة والخمسون، يوليو 2016م، ص730

[25]   نصت الفقرة أ / المادة 224 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن : "يشمل الحكم أو القرار على اسم القاضي أو القضاة الذين أصدروه واسم المتهم وباقي الخصوم وممثل الادعاء العام ووصف الجريمة المسندة إلى المتهم ومادتها القانونية والأسباب التي استندت إليها المحكمة في إصدار حكمها أو قرارها ..." نبيل حميد البياتي ، تسبيب الأحكام الجزائية في القانون العراقي ، رسالة ماجستير ، مقدمة إلى جامعة بغداد، كلية القانون ،1983، ص7.

[26] مروك نصر الدين، محاضرات في الإثبات الجنائي، الجزء الأول، دار هومة، 2003 ، ص609.

[27]  أحمد فتحي سرور، المرجع السابق ص ٧٥٥

[28]  المادة ١٤٧ ‏/ ٢من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني: (إذا نص القانون على طريقة معينة للإثبات وجب التقيد بهذه الطريقة).

[29]   القرار رقم 31/هيأة عامة ثانية /1973 في 7-4 -73 ، النشرة القضائية ، يصدرها المكتب الفني في محكمة التمييز العراقية ، السنة الرابعة ، العدد الثاني ،1973 ، ص36.

[30]  ينظر: المادة ١٥٨ ‏من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي

[31]  المادة (٤‏/د) من قانون الإجراءات الجنائية السوداني (د/ يحظر الاعتداء على نفس المتهم وماله ولا يجبر المتهم على تقديم دليل ضد نفسه ولا توجه إليه اليمين إلا في الجرائم نمير الحدية التي يتعلق بها حق خاص للغير.)

[32]  المادة 181/د من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي، وينتقد البعض موقف المشرع العراقي هذا لأنه ينطوي على اشكال في التطبيق ويتناقض مع مفهوم الاثبات في المواد الجنائية ذلك ان اكتفاء المحكمة في الحكم مع اعتراف المتهم وحده دون ان تسنده ادلة اخرى يبعد الاثبات عن أساسه الموضوعي.

[33]  تمييز جزاء رقم ١٩٩٢ ‏/ ٦٢ ‏فصل بتاريخ ١٩٩٢ ‏/ ٠٣ ‏/ ٢٨ ‏(هيئة عادية). منشور على الصفحة (٢١٣٢ ‏) من العدد (1 ‏) من مجلة نقابة المحامين لسنة (١٩٩٣ ‏).

[34]  طعن رقم ١٠١٦ ‏لسنة ٤٣ ‏ق جلسة ١٦ ‏/ ١٢ ‏/ ١٩٧٣ ‏المستشار مصطفى هرجه، المرجع السابق ص ٢٤٠

[35]  المادة (١٧‏) عقوبات أردني.

[36]  حسن الجوخدار، المرجع السابق ص ٣١٦

[37] سعد صالح شكصي، وسهى حميد سليم، دور الشاهد في حسم الدعوى الجزائية، مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية، ص332

[38]  فاضل زيدان محمد، المرجع السابق، هامش ص ٢٠٤

[39]  كامل السعيد، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، مكتبة دار الثقافة عمان، ط ٣، ٢٠١٠‏، ص ٧١٥

[40]  قرار محكمة النقص المصرية في 29 مايو سنة 1951 رقم 233 ، ص21، مجموعة القواعد القانونية، ج2، ص669.

[41]  فاضل زيدان محمد، المرجع السابق ص ٣٢١

[42]  كامل السعيد، المرجع السابق ص ٧٨٦

[43]  محمود محمود مصطفى، المرجع السابق ص ٤٤٧

[44]  المادة (٧‏) من قانون البينات الأردني

[45] عبد العزيز سهيل المحامي، احكام القضاء العراقي على مواد القانون المدني، ج2، مطبعة التضامن للطباعة والنشر، بغداد، 1963، ص141.

[46] تمييز عراقي رقم 530/م متفرقة/87/1988 في 6/12/1987 مجموعة الاحكام العدلية العراقية، العدد (4) لسنة 1987، ص81؛ قرار رقم 196/م2/1972، الاستاذ ابراهيم المشاهدي، المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز، 1988، ص12.


إرسال تعليق

0 تعليقات