آخر الأخبار

Advertisement

أثر الكفاية الذاتية لقانون المحاماة على تدخل المحامي في القضايا العقارية - الأستاذ مصطفى صادق - مجلة الباحث - العدد 40 - منشورات موقع الباحث


 أثر الكفاية الذاتية لقانون المحاماة على تدخل المحامي في القضايا العقارية - الأستاذ مصطفى صادق - مجلة الباحث - العدد 40 - منشورات موقع الباحث


رابط تحميل العدد الذي يشمل المقال بصيغة pdf أذناه:


https://www.allbahit.com/2022/03/40-2022-26.html





      الأستاذ مصطفى صادق

        عضو المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب - باحث

     في صف الدكتوراه

    أثر الكفاية الذاتية لقانون المحاماة على تدخل المحامي في القضايا العقارية

 The effect of the self-sufficiency of the legal profession on the lawyer’s intervention in real estate cases

 مقدمة:

 عرف مبدأ وجوب تنصيب محام أمام القضاء تطورا ملحوظا على مستوى التشريع المغربي، ابتداء من مقتضيات ظهير 18 نونبر 1916 باعتباره أول قانون مغربي أحدث بصفة مبدئية حق المحامي في احتكار مهام النيابة أمام المحاكم[1] وانتهاء بالقانون القانون رقم 28.08[2] الساري المفعول خلال كتابة هذه الأسطر.

واذا كان المشرع المغربي قد عامل قضايا التحفيظ معاملة خاصة منذ البدايات الأولى للقانون المنظم للمهنة، فإن تحديد ماهية قضايا التحفيظ ضمن القضايا العقارية، أي تحديد القضايا التي تدخل في الأحكام الخاصة به كانت بدورها محل تساؤل من طرف الباحثين، لما لتحديد المقصود من عبارة التحفيظ العقاري من أثر على شمول أو قصر الخصوصية على نوع أو أنواع معينة من القضايا العقارية.

   نحاول في هذا البحث مقاربة الموضوع من زاويتين اثنتين، نرى في الأولى تطور التشريع المنظم لهذه النقطة بخصوص الموقف من مبدأ الإلزامية، ونرى في النقطة الثانية تعامل القضاء مع التطور التشريعي وبيان الموقف منه على مستوى قضاء الموضوع وأيضا على مستوى قضاء القانون.

الفقرة الأولى: تطور موقف المشرع من إلزامية تنصيب المحامي في قضايا التحفيظ العقاري.

نحاول في هذه النقطة ملامسة جانب من هذا الإطار التشريعي من خلال التساؤل عن مدى كفاية القانون المنظم للمهنة دون حاجة إلى فتح نوافذ قانونية أخرى يمكن من خلالها استجلاء موقف المشرع بشكل شمولي، أم أن اتجاه المشرع نحو حذف الاستثناء الصريح من متن القانون المنظم للمهنة يستتبع القول بأن المشرع لم يفرد أية خصوصية لقضايا التحفيظ العقاري ومن ثمة لا مجال للحديث عن استثنائها من عموم ما أطر به باقي القضايا؟ ثم ماذا نقصد بقضايا التحفيظ العقاري التي أثير بشأنها الكثير من النقاش قبل أن يحسم المشرع في تحديدها؟ وهل يمكن أن يكون هذا التحديد سببا للتعامل مع كل القضايا التي تندرج ضمن التحديد القانوني لقضايا التحفيظ بنفس المنهج الإجرائي، وبالتالي سيسري على الواحدة منها ما يسري على جميع قضايا التحفيظ من دخولها في دائرة الاحتكارية أو خروجها من هذه الدائرة على حد سواء؟

أولا: تطور موقف قانون مهنة المحاماة من إلزامية تنصيب محامي في قضايا التحفيظ العقاري، وسؤال الكفاية الذاتية.

  استثنت المادة 66 من ظهير 10/01/1924 صراحة قضايا التحفيظ العقاري من القضايا الخاضعة لمبدأ تنصيب محام أمام المحاكم الابتدائية وكذا أمام محاكم الاستئناف، وقد ورد  فيها أن العرائض والمذكرات الدفاعية وبوجه عام جميع المستنتجات الختامية في مختلف القضايا ماعدا القضايا الجنائية وقضايا التحفيظ العقاري المرفوعة لدى المحاكم الابتدائية وأمام محاكم الاستئناف، فيقدمها وجوبا المحامي المقبول وحده لإجراء المسطرة الكتابية، هذا ما لم يرخص بصفة خاصة للخصم من طرف رئيس المحكمة أو نائبه في إجراء المسطرة بنفسه إذا كان متوفرا على الكفاءة اللازمة أو بواسطة أحد الأشخاص المنصوص عليهم في الفقرة السابقة المتوفرة فيهم شروط الكفاءة. واستمر هذا الوضع مع تعديل 19/12/1968 والى غاية تعديل 05 يونيو 1979 وذلك عندما نص المشرع في المادة 34 منه على أنه تقدم وجوبا بواسطة محام المقالات والمذكرات الدفاعية بوجه عام كل المستنتجات في جميع القضايا باستثناء القضايا الجنائية كلما كانت المسطرة كتابية بمقتضى القانون عدا إذا رخص للطرف بصفة خاصة بتتبع المسطرة بنفسه عند توفره على الكفاءة اللازمة أو بواسطة أحد الأشخاص المنصوص عليهم في الفصل 33 من قانون المسطرة المدنية المتوفرة فيه نفس الكفاءة. حيث أبقت على استثناء وحيد بخصوص نوع القضايا الخارجة عن دائرة احتكارية المحامي، إضافة إلى تأطير هذه الدائرة بالطبيعة الكتابية للمسطرة، بمعنى أنها استثنت قضايا التحفيظ من هذا الاستثناء، وبقيت التعديلات اللاحقة وفية لهذا التوجه بشأن عدم شمول قضايا التحفيظ بالاستثناء من احتكارية المحامي، وهجرت كما سبق الحديث ع ذلك ربط الاحتكارية بطبيعة المسطرة لتتمدد دائرة الاحتكارية وتشمل قضايا أخرى.

   فهل يعني ذلك أن المشرع كرس شمول قضايا التحفيظ العقاري بمبدأ إلزامية تنصيب محامي أم أن التفاصيل التي تتضمنها مواد القانون المنظم للمهنة تجعل الفهم يذهب إلى أن المشرع لم يغير موقفه بشان استثناء قضايا التحفيظ من دائرة الإلزام بتنصيب محام ولو مع هجر الاستثناء لفظيا؟

  نشير في البداية إلى أن تحرير المسألة يقتضي البحث في مدى قابلية الانفتاح على نوافذ قانونية أخرى لتأطير مبدأ الإلزامية أم يتعين الوقوف عند النص المنظم لمهنة المحاماة دون تجاوزه إلى أي نص قانوني آخر، ومن ثمة الانصياع لحكم القانون في هذا الشأن.

    لا شك أن مقارنة بين النصوص القانونية ستوضح أن الإطار القانوني المنظم لمهنة المحاماة يسمح في العديد من المناسبات بالإحالة على نصوص قانونية أخرى قد تكون مكملة لمقتضى القاعدة القانونية، ومن ذلك مثلا : ما نصت عليه المادة 32 من قانون مهنة المحاماة بخصوص استثناء بعض القضايا من مبدأ الإلزام ولا سيما القضايا التي تختص المحاكم الابتدائية بالنظر فيها ابتدائيا وانتهائيا، فالمشرع في هذه المادة وضع نوعا من أنواع القضايا دون بيان لماهيتها حيث ترك نافذة أخرى من نوافذ القانون، وقد تكون نوافذ أخرى رديفة لقانون المسطرة المدنية هي من تحدد ماهية هذه القضايا.   ومن ذلك ما كان يتبناه المشرع من ربط بين إلزامية تنصيب المحامي والمسطرة الكتابية إلى غاية تعديل 10/09/1993 حيث نص في القانون رقم 79/19 (5 يونيو 1979) على وجوب تقديم المقالات وغيرها من المكتوبات بواسطة محام، كلما كانت المسطرة كتابية وفي جميع القضايا باستثناء القضايا الجنائية، ومعلوم أن تحديد طبيعة المسطرة يخرح عن اختصاص هذا النص،   أضف إلى ذلك أن المادة الثانية في فقرتها الأخيرة اعتبرت أن هذا النص هو بمثابة الحد الأدنى من الحقوق، حين نصت على أنه مهنة المحاماة '' تمارس طبقا لمقتضيات هذا القانون، مع مراعاة الحقوق المكتسبة.'' ومن ثمة فإنه لا يسلم القول بأن قانون مهنة المحاماة يحوز الكفاية الذاتية[3]، بل لا بد من تكملته بقوانين إجرائية وأحيانا موضوعية تحيل عليها نصوصه بشكل صريح أو أن تطبيق النص في حد ذاته متوقف على الاستعانة بها.

    ومن ناحية أخرى نرى أن فرض إلزامية المحامي أو الإعفاء منها يجد سنده أيضا في نصوص أخرى غير النص المتعلق بتنظيم المهنة، بمعنى أنه يتصور أن يشارك النص المنظم لمهنة المحاماة نصوص أخرى تفرض أو تعفي من تنصيب المحامي، وفي ذلك إمعان في إفراغ النص من مرجعيته الأساس، بجعله أولا لا ينظم كل المسائل المتعلقة بتدخل المحامي في القضايا، ومن جهة أخرى يرخص لنصوص أجنبية عنه للتشريع بخصوص مسائل هي من صميم اختصاصه، أي أنه كما يقول علماء الأصول غير جامع ولا مانع، ولنضرب على ذلك أمثلة من قبيل ما ينص عليه الفصل 354 من ق م م الذي يتجاوز طبيعة المسطرة ولا يأخذ بالاعتبار انتهائية الأحكام، والذي ورد فيه

ترفع طلبات النقض والإلغاء المشار إليها في الفصل السابق بواسطة مقال مكتوب موقع عليه من طرف أحد المدافعين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض.

يمكن للمحكمة عند عدم تقديم مقال أو تقديمه موقعا عليه من طرف طالب النقض نفسه أو من طرف مدافع لا تتوفر فيه الشروط المقررة في الفقرة السابقة أن تشطب على القضية تلقائيا من غير استدعاء الطرف.

في حين نصت الفقرتان 4 و5 من الفصل 354 من قانون المسطرة المدنية (الجاري وقت كتابة هذه الأسطر) المتعلق بشكليات طلبات النقض:

"تعفى الدولة من مساعدة المحامي طالبة كانت أو مطلوبا ضدها وذلك خلافا لمقتضيات الفقرتين 1 و2 أعلاه.

يوقع في هذه الحالة على مقالاتها ومذكراتها الوزير المعني بالأمر أو موظف منتدب لهذا الغرض ويمكن أن يكون هذا الانتداب عاما يشمل نوعا من القضايا".[4]

    كما نص الفصل 382 من نفس القانون ينص على أنه يمكن لوزير العدل أن يأمر الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بأن يحيل على هذه المحكمة بقصد إلغاء الأحكام التي قد يتجاوز فيها القضاة سلطاتهم. و يقع إدخال الأطراف في الدعوى من طرف الوكيل العام للملك الذي يحدد لهم أجلا لتقديم مذكراتهم دون أن يكونوا ملزمين بالاستعانة بمحام.

1.        و نص الفصل 373 من ذات القانون على أنه لا يلزم أن يكون طلب تجريح قاض من قضاة محكمة النقض بواسطة محام.

  ودائما في نفس السياق، نصت المادة 529 من القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية[5]:

"تعفى من مؤازرة المحامي كل من النيابة العامة والدولة سواء كانتا مدعيتين أو مدعى عليهما.

يتولى التوقيع على مذكرات الدولة عند عدم التجائها إلى محام، الوزير الذي يعنيه الأمر أو موظف مفوض له تفويضاً خاصاً".

ونص الفصل 250 من مدونة الجمارك المتعلق بتمثيل إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بجلسات المحاكم في إطار متابعة الأفعال المخالفة للقوانين والأنظمة الجمركية:

"يمكن أن تعين الإدارة من يمثلها في الجلسة، ويعرض ممثلها القضية على المحكمة ويودع طلباتها".[6]

   فمن خلال ما تقدم يبرز بجلاء توجه المشرع إزاء مسألة احتكارية النص المنظم لمهنة المحاماة، للتشريع بخصوص تدخل المحامي في القضايا، وان كانت الإرادة تتجه إلى تكريس مبدأ الكفاية الذاتية لقانون المحاماة، ولا أدل على ذلك من استغنائه عن الربط العضوي بن ضرورة تنصيب المحامي وطبيعة المسطرة الكتابية[7] إلى انفتاح المشرع عن نوافذ قانونية أخرى يجعل من هذه الإرادة غير عاملة في الوقت الراهن.

تطور موقف المشرع من موقع قضايا التحفيظ ضمن القضايا العقارية.

لا شك أن قضايا التحفيظ العقاري تندرج ضمن القضايا العقارية لاعتبار موضوعها الذي هو العقار، لكن مفهوم قضايا التحفيظ لم يكن محل اتفاق بين الباحثين بالنظر لما عرفه القانون المغربي من تعامل خاص مع قضايا التحفيظ سواء بالنص على قوانين خاصة من تعني بمسطرة تحفيظ العقارات، أو بالنص على وضعه ضمن حالات الاستثناء من الأصل العام عند تنظيمه مجالا من المجالات، وذلك كما هو الحال بالنسبة لأثر الطعن بالنقض على تنفيذ الأحكام، حيث نص الفصل 361 من ق م م على أنه:

 لا يوقف الطعن أمام محكمة النقض التنفيذ إلا في الأحوال الآتية:

1 - في الأحوال الشخصية؛

2 - في الزور الفرعي؛

3 - التحفيظ العقاري.

 يمكن علاوة على ذلك للمحكمة بطلب صريح من رافع الدعوى وبصفة استثنائية أن تأمر بإيقاف تنفيذ القرارات والأحكام الصادرة في القضايا الإدارية ومقررات السلطات الإدارية التي وقع ضدها طلب الإلغاء[8].

علاوة على أن المشرع استثنى بشكل صريح قضايا التحفيظ من عموم حكم الإلزام، وقد سبقت الإشارة إلى أن المشرع استثنى هذا النوع من القضايا بنص صريح من الخضوع لشرط تنصيب المحامي أمام محكمتي أول درجة وثاني درجة، وذلك بمقتضى المادة 66 فق 4 من ظهير 10/01/1924 كما وقع تغييره بالظهير المؤرخ في 10/02/1950 بعد أن كان ظهير 18 نونبر 1916 أول قانون مغربي أحدث بصفة مبدئية حق المحامي في احتكار مهام النيابة أمام المحاكم.[9] وحافظ ظهير 10/01/1924 على مبدأ الاحتكارية في مجال النيابة لفائدة المحامي،  والى غاية تعديل 05 يونيو 1979 وذلك عندما نص المشرع في المادة 34 منه على أنه تقدم وجوبا بواسطة محام المقالات والمذكرات الدفاعية بوجه عام كل المستنتجات في جميع القضايا باستثناء القضايا الجنائية كلما كانت المسطرة كتابية، حيث لم يعد لقضايا التحفيظ أي امتياز يذكر، وبالتالي لم تعد تخرج عن مبدأ الإلزام. على الأقل بالنسبة لهذا القانون، ما يدفعها إلى التساؤل عن مفهوم قضايا التحفيظ لتحديد ماهية القضايا التي تدخل في الأحكام الخاصة به.

  لقد وقع التساؤل من طرف المهنيين حول المقصود من عبارة التحفيظ العقاري بمناسبة البحث في أثر الفصل 361 من ق م م. وانقسم إلى اتجاهين اثنين:[10]

-      الاتجاه الأول: يفسر هذه العبارة تفسيرا ضيقا، ويقضي بأن هذه العبارة تشمل العقارات التي توجد في طور التحفيظ ليس إلا. وقد أعطى المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) هذا المفهوم في قرار له[11] حيث ذهب إلى أن المقصود بدعوى التحفيظ العقاري في الفصل 361 من ق م م، التي يؤدي الطعن بالنقض فيها إلى وقف التنفيذ هي مجموع الإجراءات التي يقام بالنسبة لملك غير محفظ وتنتهي بإنشاء الصك العقاري له. وهذا التوجه في نظرنا ينطلق من الإطار التشريعي الذي يعنى بإجراءات تحفيظ العقار الإدارية والقضائية حتى يصبح داخلا في نظام التحفيظ العقاري، وما يعضد هذا الطرح هو أن المشرع نفسه قبل التعديل الأخير الذي عرفه ظهير التحفيظ العقاري والذي كان متزامنا بالمناسبة مع تشريع آخر هو التشريع المطبق على العقارات المحفظة[12]، ميز بين ظهير التحفيظ العقاري وأعطاه هذا الوصف، وبين التشريع المطبق على العقارات المحفظة. بحيث جعل فاصلا بين ما يعتبره تحفيظ، وما يخالفه من تنظيم للتصرفات والوقائع التي تتعلق بالعقارات المحفظة، تماما كما أحال بمقتضى هذا التشريع المذكور أخيرا على قواعد الشريعة الإسلامية فيما يرجع إلى الوقائع والتصرفات الواردة على العقارات غير المحفظة. ومن ثمة فالتشريع نفسه ميز بين قانون التحفيظ العقاري الذي يطبق حصرا على مساطر نقل العقار من الوضع العادي إلى وضع العقار المحفظ وما يرافق ذلك من مساطر إدارية وقضائية. وان كان ينظم في جزء منه إشهار الحقوق العينية العقارية المقامة على العقارات المحفظة وتسجيلها في السجلات العقارية، فإنه أكد على أن المقصود بالتحفيظ جعل العقار المحفظ خاضعا لنظام هذا الظهير من غير أن يكون في الإمكان إخراجه منه فيما بعد.[13] قبل أن يطور المشرع موقفه من مفهوم الحفيظ العقاري بمقتضى الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913)[14] والذي سيعتمده جانب آخر من الفقه ليعزز به موقفه من مفهوم التحفيظ العقاري كما يلي:

-      الاتجاه الثاني: يفسر هذه العبارة تفسيرا موسعا يشمل كل القضايا المتعلقة بالتحفيظ، سواء تعلق الأمر بعقار في طور التحفيظ، أو بعقار انتهت بشأنه مسطرة التحفيظ ، وسنده أن ظهير التحفيظ العقاري، هو قانون واحد لا يعرف التجزئة، وينظم الإجراءات المسطرية للتحفيظ والتعرض، كما ينظم الإجراءات المتعلقة بإشهار الحقوق العينية العقارية المترتبة عن العقارات المحفظة و رتب آثار تختلف في تقييد التصرفات والحقوق عنها بالنسبة للتحفيظ الذي أحاطه بقاعدة عدم جواز الرجوع في طلب التحفيظ، وبقاعدة التطهير وببطلان العقود إلى غير ذلك من الآثار القوية والحاسمة في تثبيت الحق. أما آثار التقييد فلم يحطها إلا بحجية نسبية قابلة لإثبات العكس وفق القواعد العادية للإثبات دون أن تكون مشمولة بقاعدة التطهير. وكل ذلك مضمن في نص واحد. ما يؤكد شمولية مفهوم التحفيظ العقاري. ولعل تطور موقف المشرع المغربي يتجه صوب هذا الرأي، حيث انه حدد طبيعة التحفيظ والغرض منه[15] بمقتضى الفصل 1 من ظهير التحفيظ العقاري بعد تعديله بمقتضى القانون رقم 14.07 الذي نص على أنه يرمي التحفيظ إلى جعل العقار المحفظ خاضعا للنظام المقرر في هذا القانون من غير أن يكون في الإمكان إخراجه منه فيما بعد ويقصد منه:

- تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطهير يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم، وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به؛

- تقييد كل التصرفات والوقائع الرامية إلى تأسيس أو نقل أو تغيير أو إقرار أو إسقاط الحقوق العينية أو التحملات المتعلقة بالملك، في الرسم العقاري المؤسس له.

 ما يدل على أن كل التصرفات والمنازعات المتعلقة بها أو بوقائع قانونية متعلقة بعقار محفظ أو في طور التحفيظ إلا وتندرج ضمن المفهوم الشمولي لقضايا التحفيظ العقاري.  ما سيثير التساؤل عن أثر هذا التحول على عمل القضاء بخصوص مبدأ إلزامية تنصيب محامي في قضايا التحفيظ العقاري، لا سيما إذا ما اعتبرنا أن القانون المنظم لمهنة المحاماة ليس بالقانون الجامع المانع لهذا الإلزام، فهل عرف العمل القضائي بدوره تحولا بخصوص هذه النقطة، أم أنه ظل ثابتا على الموقف الذي اتخذه قبل تعديل 1979 الذي فصلنا فيه أعلاه.

الفقرة الثانية : تعامل القضاء مع تطور موقف المشرع من إلزامية تنصيب المحامي في قضايا التحفيظ العقاري

نحاول الجواب في هذه النقطة عن السؤال التالي: ما مدى إلزام شرط تنصيب محام في قضايا التحفيظ، أي هل يمكن لطالب التحفيظ أو المتعرض أن يرافع شخصيا دون الاستعانة بمحام؟

تبعا لعدم كفاية القانون المنظم لمهنة المحاماة في تأطير هذه المسألة، فإن ضرورة اتخاذ موقف يضمن الأمن القضائي والثبات الذي هو شرط أصيل في تحقيقه، جعلت القضاء يقارب هذا الإشكال من خلال نوافذ قانونية مختلفة. وهي إضافة إلى قانون المهنة، ظهير التحفيز العقاري كقانون إجرائي خاص، ثم قانون المسطرة المدنية كمرجع إجرائي في الأحوال التي لا يوجد فيها نص  في القانون الإجرائي الخاص.

   فمن خلال ما نص عليه المشرع في الفصول 35 و 37 و 42 من ظهير التحفيظ العقاري لا نجد ما يشير إلى إلزام من ذكر بتنصيب محام عنهما من جهة، ومن جهة أخرى نسجل ما انتهى إليه المشرع في القانون المنظم لمهنة المحاماة من ضرورة تقديم المقالات والمذكرات بواسطة محام[16] ما يجعل هذه المقتضيات متناقضة فيما بينها، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، إذا ما ستحضرنا مقتضيات قانون المسطرة المدنية التي توجب تقديم العرائض والمذكرات من طرف محام متوفرة فيه شروط معينة عند الطعن بالنقض. لذلك كان على القضاء أن يتخذ موقفا من هذه الحزمة القانونية وهو ما سنسلط عليه الضوء انطلاقا من التمييز بين قضاء الموضوع ممثلا في محكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف، وقضاء القانون ممثلا في محكمة النقض من خلال نقطتين كالآتي: أولا: شرط تمثيل الأطراف بواسطة محام أمام محاكم الموضوع. ثانيا : شرط تمثيل الأطراف بواسطة محام أمام محكمة النقض.

أولا : شرط تمثيل الأطراف بواسطة محام أمام محاكم الموضوع.

   ينص الفصل 35 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه عندما يرى القاضي المقرر أن القضية قد أصبحت جاهزة يخبر الأطراف بيوم الجلسة العلنية التي ستعرض فيها وذلك قبل موعدها بثمانية أيام على الأقل بعد التوصل بالاستدعاء.  كما أن الفصل 37 من نفس القانون يقرر عند افتتاح المناقشات ... الاستماع إلى الأطراف ويقدم ممثل النيابة العامة إن اقتضى الحال مستنتجاته، ثم يفصل في القضية إما في الحين وإما بعد المداولة.

 وفي نفس السياق ينص الفصل 42 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه بمجرد توصل كتابة الضبط لدى محكمة الاستئناف بالملف، يعين الرئيس الأول مستشارا مقررا وينذر هذا الأخير المستأنف بالإدلاء بأسباب استئنافه ووسائل دفاعه خلال أجل لا يتعدى خمسة عشر يوما، ثم يستدعي الأطراف المعنية بالأمر للاطلاع على ما أدلى به المستأنف لإبداء منازعاتهم  ووسائل دفاعهم في أجل آخر مماثل. ومن ذلك فإن نصوص ظهير التحفيظ العقاري تخاطب الأطراف شخصيا دون ذكر لتمثيل، ومنه أيضا أن للمستأنف تقديم أسباب الاستئناف بشكل شخصي ودون حاجة إلى تنصيب محام حيادا عن الشرط المنصوص عليه بالمادة 34 من قانون المحاماة. والذي لا يطبق من خلال ما ذكر على قضايا التحفيظ، وهذا ما كرسته محكمة النقض (المجلس الأعلى) في عدة قرارات لها منها القرار المؤرخ في 8 ابريل 1992 الذي جاء فيه: أن وضع المقالات والمذكرات من طرف المحامين أو من الخصم شريطة السماح له بإجراء المسطرة بنفسه، إنما يكون في المسطرة التي يوجب القانون أن تكون كتابية أو تتم بواسطة العرائض والمذكرات، وان المسطرة في نطاق التحفيظ العقاري، لا يجب أن تكون كتابية ولو حتى أمام محكمة الاستئناف وذلك حسب ما يستفاد من الفصل 42 من الظهير المذكور، ولذلك فإن تطبيق الفصل 34 من قانون المحاماة في غير محله[17]

وفي نفس السياق ذهبت نفس المحكمة إلى أن الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية لا يطبق على قضايا التحفيظ العقاري، وتبقى المسطرة فيها شفوية، وقد أجابت عن هذا الوضع المحكمة بقولها: إن قضايا التحفيظ لا تدخل ضمن القضايا المدنية فإن تعليلها يبقى صحيحا[18] ومن ثمة فإن تنصيب المحامي ليس إلزاميا في قضايا التحفيظ العقاري، فللخصوم مباشرة المسطرة شخصيا في قضاياهم والدفاع فيها عن أنفسهم دون إجبارهم على تنصيب المحامي.[19]

والملاحظ في هذا الإطار أن القضاء المغربي لازال متشبثا بفكرة ارتباط إلزامية تنصيب محامي من جهة، وطبيعة المسطرة الكتابية من جهة ثانية، فكون المسطرة في قضايا التحفيظ شفوية وليست كتابية معان هان الأطرف معفون من تنصيب محامي، وهذا في حد ذاته خلط بين مؤسسات حسم المشرع نفسه فيه، حينما اختار عدم ربط إلزامية تنصيب المحامي بطبيعة المسطرة كما سبق وان ذكرنا بشيء من التفصيل.

وفي هذا السياق يذهب بعض الباحثين[20] إلى وجوب تنصيب محام في قضايا التحفيظ مستندا إلى عدة مبررات من بينها:

-      إن تراجع قانون المحاماة عن استثناء قضايا التحفيظ العقاري من زمرة القضايا غير الخاضعة لمبدأ وجوب تنصيب محام أمام القضاء لا يمكن أن يفهم منه إلا إصرار المشرع على إخضاعها لمقتضيات المادة 32 من قانون المحاماة.[21] وقبل ذلك لمقتضيات المادة 34 من قانون المحاماة لسنة 1979.

-      إن مقتضيات المادة 31 من قانون المحاماة، لم تسمح بإعمال مقتضيات خاصة عند التعارض، كان ينص صراحة على العبارة الآتية:''ما لم تنص مقتضيات قانونية خاصة خلاف ذلك.'' مما يستفاد من ذلك أنه ينسخ ضمنيا جميع المقتضيات القانونية المخالفة.

-      إذا كانت مقتضيات المواد 35،37،42 من قانون التحفيظ العقاري، تعتبر مقتضيات قانونية إجرائية خاصة بقضايا التحفيظ العقاري. فان مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 31 من قانون المحاماة تعتبر مقتضيات قانونية إجرائية خاصة بمبدأ تنصيب محام أمام القضاء. وبالتالي فهي قواعد إجرائية أخص من القواعد الإجرائية الخاصة الواردة في ظهير التحفيظ العقاري فيما يخص المبدأ المذكور.

-      إذا كانت مقتضيات المواد 35، 37، 42 من قانون التحفيظ العقاري، لم تنص صراحة على عدم خضوع قضايا التحفيظ العقاري لمبدأ تنصيب محام أمام القضاء. ولم تلزم المتقاضي بمتابعة قضيته شخصيا أمام محكمة التحفيظ العقاري، بل إن ما جاء فيها تعتبر صياغة عرضية لم يتوخى منها المشرع المغربي ترتيب أي أثر قانوني من هذا القبيل. وبالتالي يمكن القول بأنه ليس هناك أي تعارض حقيقي بين مقتضيات قانون التحفيظ العقاري وقانون المحاماة بخصوص خضوع هذه القضايا لمبدأ تنصيب محام أمام القضاء.

-      إن شكليات وطريقة إحالة قضايا التعرض على التحفيظ العقاري من طرف المحافظ على المحكمة وفقا للمادة 25 من قانون التحفيظ العقاري المؤرخ في 12 غشت 1913 بعد توليه تهيئ الملف وإعداده. لا يمنع خضوع هذه القضايا لمبدأ تنصيب محام أمام القضاء، إذ يجب إنذار الأطراف بذلك وان لم يكونوا هم أنفسهم من قيدوا المقال أمام المحكمة كما هو الشأن في باقي القضايا التي تخضع لمقتضيات المادة 31 من ق م م.

-      إن القول ولو بشكل مجرد بخضوع قضايا التحفيظ العقاري لمبدأ تنصيب محام أمام قضاء التحفيظ العقاري، يعتبر إيجابيا على أكثر من مستوى، فهو في مصلحة المتقاضي نظرا لتعقيدات المساطر العقارية بصفة عامة. وفي مصلحة القضاء لما في ذلك من رفع من مستوى التقاضي والمرافعات أمام القضاء.

وهذه المبررات على وجاهتها لا تسلم من الملاحظات التي يمكن أن تبرر موقف القضاء المتمسك بعدم إلزام طرفي دعوى التحفيظ بتنصيب محام، ومن ذلك:

أن صلاحية المحكمة في قضايا التحفيظ منحصرة طبقا للفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري في الشق الموضوعي منها، حيث تبت في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته ومشتملاته ونطاقه، وتحيل الأطراف للعمل بقرارها، بعد اكتساب الحكم قوة الشيء المقضي به، على المحافظ على الأملاك العقارية الذي له وحده النظر في قبول أو رفض مطلب التحفيظ كلا أو بعضا مع الاحتفاظ بحق الطعن المنصوص عليه في الفصل 37 مكرر. وتبعا لذلك فحكمها لا يمكن أن يخرج عن ضربين[22]:

صحة التعرض: إذا كان التعرض مؤسسا على حجج مثبتة للحق، سواء أتعلقت بكامل الوعاء العقاري حيث تحكم بصحة التعرض كليا، أو فقط في حدود منه فتحكم بصحة التعرض جزئيا عينا أو نسبة.

عدم صحة التعرض: إذا لم يثبت المتعرض صحة ادعائه أو رجحت حجة طالب التحفيظ على حجته بسبب من أسباب الترجيح.

و الجدير بالتنويه أيضا أنه ليس من صلاحيات المحكمة البت في شكل الطلب، ولا يمكنها التصريح بعدم قبول دعوى التحفيظ. وفي المقابل لا يستساغ أن تقضي المحكمة بعدم صحة التعرض إذا أخل المتعرض بـ ''واجب'' تنصيب محام، تماما كما لا يمكنها أن تحكم بصحة التعرض إذا لم ينصب طالب التحفيظ محاميا ينوب عنه. ما سيجعل القضاء في معضلة حقيقية أن تبنى مبدأ الإلزامية في ضوء قانون يكبل يده عن البت في شكل الدعوى، وبل ويحصر منطوق الحكم بشكل حتمي إما في الصحة أو عدم الصحة. وهذه النقطة وحدها كفيلة ببيان عدم التناسق الذي تعاني منه القواعد الإجرائية الذي تؤطر هذا النوع من الدعاوى، وهي أيضا كافية لجعل كثير من المبررات التي يستند إليها مدعو الإلزامية غير كافية لصحة التوجه.

-        فتراجع قانون المحاماة عن استثناء قضايا التحفيظ العقاري من زمرة القضايا غير الخاضعة لمبدأ وجوب تنصيب محام أمام القضاء لم يواكب بتراجعه عن التمييز بين تمثيل الأشخاص الذاتيين والمعنويون والمؤسسات العمومية وشبه العمومية والشركات، أمام القضاء[23] وبين التأهيل في نطاق تمثيل الأطراف دائما لتقديم المقالات والمستنتجات والمذكرات الدفاعية في القضايا.[24] ومؤدى ذلك أن المشرع نفسه فتح المجال أمام أطراف الدعوى الذين لا يرغبون في إنابة غيرهم، ولا هم ملزمون قانونا بتقديم مقالات أو مذكرات، فمطلب التحفيظ محال من طرف المحافظ، و التعرض مقدم أمام المحافظ أو أمام المهندس القائم بالتحديد، و مذكرة بيان أوجه التعرض غير إلزامية لان وجه التعرض يعبر عنه أثناء المرحلة الإدارية عند التعرض على المطلب. وباقي مقتضيات ظهير التحفيظ تجعل المحكمة مدعوة إلى البحث في الوثائق المحالة عليها وتطبيقها على الوعاء العقاري للنزاع مع إمكانية الاستماع إلى الأطراف بما يوحي أن تدخل الأطراف أنفسهم في الدعوى يكاد يكون ثانويا مقارنة مع الملف المحال من المحافظ، وكلها مؤيدات تجعل من استنتاج رغبة المشرع في إخراج قضايا التحفيظ نهائيا من دائرة الاستثناء من إلزامية المحامي غير دقيق، لاسيما وأن مقتضيات المواد 35،37،42 من قانون التحفيظ العقاري، لم تنص أيضا على خضوع قضايا التحفيظ العقاري لمبدأ تنصيب محام أمام القضاء. ولم تحرم المتقاضي من متابعة قضيته شخصيا أمام محكمة التحفيظ العقاري، وبالتالي لا يمكن اعتبار ما جاء فيها صياغة عرضية أو نصوص غير قابلة للإعمال ونفس النتيجة يمكن الوصول إليها بخصوص استغناء المشرع عن اعتبار المادة 31 من قانون المحاماة، ذات مقتضيات تكميلية يمكن مخالفتها بنصوص إجرائية أخص وقد سبق وان ضربنا على ذلك أمثلة من بينها ما ورد بالفصل 382 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على أنه يمكن لوزير العدل أن يأمر الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بأن يحيل على هذه المحكمة بقصد إلغاء الأحكام التي قد يتجاوز فيها القضاة سلطاتهم. و يقع إدخال الأطراف في الدعوى من طرف الوكيل العام للملك الذي يحدد لهم أجلا لتقديم مذكراتهم دون أن يكونوا ملزمين بالاستعانة بمحام. وأيضا ما و نص الفصل 373 من ذات القانون على أنه لا يلزم أن يكون طلب تجريح قاض من قضاة محكمة النقض بواسطة محام. وهي نصوص إجرائية لا يمكن  التسليم بان المادة 32 المذكورة نسختها  ضمنيا.

 

 

ثانيا :  شرط تمثيل الأطراف بواسطة محام أمام محكمة النقض.

ان التباين في مسألة مدى اشتراط تمثيل الأطراف بواسطة محام أمام محاكم الموضوع بين تجاذب النصوص القانونية، والآراء الفقهية، وأيضا العمل القضائي، وان في حدود جد ضيقة لكونه مستقر على عدم إلزامية هذا التمثيل في قضايا التحفيظ، غير وارد بالنسبة للطعن بالنقض أمام محكمة القانون. ذلك أن هذا الطعن يلزم أن يتم على شكل عريضة كتابية تحترم الشروط الواردة في الفصل 354 من ق م م[25] تحت طائلة عدم قبول عريضة النقض، كما أن التمثيل بواسطة محام لا يقتصر على طالب النقض فحسب، إنما كذلك على المطلوب في النقض، على اعتبار أن مذكرات الجواب وغيرها من المستندات التي ينوي الطرف استعمالها، لا بد أن ترفق بمكتوب موقع من لدن محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض.[26]  ونرى أن هذا الإلزام في شأن تمثيل الأطراف يتجاوز تباين النصوص القانونية بين ما يتعلق بظهير التحفيظ العقاري و القانون المنظم لمهنة المحاماة، إلى نص أخص يرتبط عضويا بممارسة الدعوى أمام محكمة النقض. وبالتالي فهو مرجح على غيره من النصوص في التطبيق. ولا يستثنى من ذلك إلا ما استثناه ذات النص. ومن ذلك مثلا إعفاء الدولة ـ طالبة كانت أو مطلوبة ـ من تنصيب محام. وبالتبعية طالبة للتحفيظ أو متعرضة على حقوقها.[27] ولا يتوسع في تفسير هذا الاستثناء أو يقاس عليه بأن تأخذ المؤسسات العمومية نفس الحكم وتعفى من تنصيب محام شأنها شأن الدولة. وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض في قرار لها جاء فيه: بما أن المحافظ على الأملاك العقارية هو رئيس لمصلحة خارجية للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية التي هي مؤسسة عمومية، فإنه غير معفي من الاستعانة بمحامي وفق أحكام قانون المحاماة.[28] وان كان ذلك يثير الملاحظات التالية:

لم يستعمل المشرع في قانون المسطرة المدنية صفة المحامين الا عندما قصد استثناء الدولة من الاستعانة بمحامي،  حيث نص الفصل 354 من ق م م على أنه : ترفع طلبات النقض والإلغاء المشار إليها في الفصل السابق بواسطة مقال مكتوب موقع عليه من طرف أحد المدافعين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض. ويتعين  مراعاة مقتضيات الفقرتين 4 و5 من الفصل 354 المذكور، حيث إن يوقع على هذه المذكرة من له الصفة وفقا للفقرة الأولى من الفصل المذكور كما جاء في الفقرتين الأخيرتين من الفصل 354 من ق م م :تعفى الدولة من مساعدة المحامي طالبة كانت أو مطلوبا ضدها وذلك خلافا لمقتضيات الفقرتين 1 و2 أعلاه. يوقع في هذه الحالة على مقالاتها ومذكراتها الوزير المعني بالأمر أو موظف منتدب لهذا الغرض ويمكن أن يكون هذا الانتداب عاما يشمل نوعا من القضايا. ما يدفع إلى طرح السؤال عن السبب وراء اختيار المشرع عبارة المدافعين عوض المحامين، مع أن نفس الفصل تضمن إعفاء الدولة من مساعدة المحامي وليس المدافع؟

2.     ليس هناك من داع للتمييز بين المدافع والمحامي، بل لم يعد هناك سند لاستعمال هذا المصطلح مادام أن القانون يعتبر أن المحامين المسجلين بجداول هيئات المحامين بالمملكة، هم وحدهم المؤهلون، في نطاق تمثيل الأطراف للقيام بمهام النيابة القانونية في تديم المقالات والمكتوبات الدفاعية، اللهم إذا قصد المشرع عموما المدافعين من غير المحامين، كما هو الشأن بالنسبة للأشخاص المنصوص عليهم في  الفصل 33 من ق م م والذي ورد فيه:

يجب أن يكون للوكيل موطن بدائرة نفوذ المحكمة.

يعتبر تعيين الوكيل اختيارا لمحل المخابرة معه بموطنه.

لا يمكن لمن لا يتمتع بحق تمثيل الأطراف أمام القضاء أن يرافع نيابة عن الغير إلا إذا كان زوجا أو قريبا أو صهرا من الأصول أو الفروع أو الحواشي إلى الدرجة الثالثة بإدخال الغاية.

ومعلوم أن هذا الفصل وما يليه[29] ينظم الوكالة في التقاضي لغير المحامين، وهو ما لم يتم إلغاؤه إلى غاية كتابة هذه السطور، رغم توالي التعديلات التي لحقت بقانون المحاماة والتي كان آخرها سنة 2008[30] وقد تلاها سنة 2011[31]  تعديل قانون المسطرة المدنية دون أن يشمل الإلغاء هذه المقتضيات[32] بل إن القضاء نفسه ما فتئ يعتمد على مقتضيات هذا الفصل من أجل حل مسائل تتعلق بمحل المخابرة مع الوكيل، ويمزجها مع المقتضيات المتعلقة بوكالة المحامي،[33] ويرتب على ذلك قرارات قضائية مرجعية، ومن ذلك ما ورد بقرار لمحكمة النقض[34] اختيار المتقاضي لمحاميه وكيلا عنه يعتبر اختيارا للمخابرة معه موطن هذا الوكيل طبقا للفصل 33 من قانون المسطرة المدنية، وبالتالي فإن إشعار المطلوب بأداء صائر الخبرة مكتب محاميه يعتبر إشعارا صحيحا ومنتجا لأثره القانونية، وأنه طبقا للفصل 44 من القانون رقم 08.28 بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة، فإن المحامي  يمكنه أن يطلب من موكله تسبيقا جديدا أثناء سير الدعوى، أو مناسبة أي إجراء اقتضته المسطرة وفي هذه الحالة يوافي موكله بتوضيح عن مصاريف الدعوى، وهو ما يعني أن المحامي، الذي هو صلة الوصل بين المتقاضي والمحكمة، يمكن إشعاره من طرف المحكمة بأداء المصاريف التي يتطلبها سير الدعوى.

كما أن محكمة النقض أكدت مضمون الفصل المذكور بخصوص حصر حق تمثيل الأطراف أمام القضاء أو المرافعة عن الغير في الزوج أو القريب أو من ورد ذكرهم في الفصل 33 من  ق م م دون أن ينطبق ذلك على الشركة الخاصة في رفع الدعوى باعتبارها وكيلة عن الدائنة بمقتضى توكيل خاص، مادامت لا تتوفر فيها الشروط المنصوص عليها في هذا الفصل.[35]

وقد سارت محكمة النقض في هذا الاتجاه في عدة قرارات[36] ما يضع الأمن القانوني وأيضا الأمن القضائي على محك حقيقي وذلك اعتبارا لما يلي:

-      لم تستوعب المقتضيات القانونية بشكل منسجم و منطقي مسألة تدخل المحامي في القضايا العقارية، فمن جهة لا يضمن القانون المتعلق بمهنة المحاماة مبدأ الكفاية الذاتية في تأطير هذه المسألة، فهو كما سبقت الإشارة إلى ذلك غير مانع لغيره من النوافذ القانونية من إضافة حالات غير واردة فيه، كما أنه غير جامع لكل الحالات التي تدخل فيه حكمه. ومن جهة ثانية نجد القضاء قد اتخذ موقفا مختلفا إزاء مبدأ إلزامية المحامي في قضايا التحفيظ العقاري استنادا إلى المكنة المتاحة بسبب عدم تضمن قانون المحاماة لمبدأ الكفاية الذاتية، و بغية الخروج من المعضلة القانونية التي وُضع القضاء فيها، وهي عدم إمكانية الحكم بعدم قبول طلب التعرض، أو حتى بعدم صحة التعرض تجاوزا للشكل إلى الموضوع. أو الحكم بصحة التعرض إذا ما استنكف المتعرض أو طالب التحفيظ عن تنصيب محام في دعوى التعرض على مطلب التحفيظ.

-      وامتدادا لهذه النتيجة، يستعصي على المنطق القانوني استيعاب التمييز الذي يعامل به القضاء مضطرا- أنواع القضايا العقارية بخصوص هذه المسألة. فالميزة التي أقرها لدعاوى التحفيظ، لا تعتبر في جميع الدعاوى التي تدخل في مفهوم دعاوى التحفيظ، رغم أن القانون نفسه من وضع بمقتضى الفصل الأول من ظهير التحفيظ العقاري بعد تعديله بمقتضى القانون رقم 14.07 مفهوما موسعا للتحفيظ العقاري حينما نص على أنه يرمي التحفيظ إلى جعل العقار المحفظ خاضعا للنظام المقرر في هذا القانون من غير أن يكون في الإمكان إخراجه منه فيما بعد ويقصد منه:

- تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطهير يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم، وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به؛

- تقييد كل التصرفات والوقائع الرامية إلى تأسيس أو نقل أو تغيير أو إقرار أو إسقاط الحقوق العينية أو التحملات المتعلقة بالملك، في الرسم العقاري المؤسس له.

خاتمة:

من خلال ما سبق، يتبين أن ثمة أزمة قضائية تتجلى واضحة في تبني المفهوم الضيق للتحفيظ عند التقرير في إلزامية المحامي، وهجر هذا المفهوم إلى المفهوم الموسع كما يحدده القانون، بل وكما تبناه القضاء نفسه في أكثر من مناسبة،[37] عند البت في غير هذه المسألة من الدعاوى العقارية. ما يجعلنا نلح في طلب تعديل هذه النصوص وجعلها أكثر انسجاما مع مبادئ الأمن القانوني والأمن القضائي. وذلك باتخاذ موقف واضح من هذه المسألة والنص في صلب القانون المتعلق بمهنة المحاماة على استثناء قضايا التحفيظ العقاري[38] مع تحديد أكثر دقة لنوع هذه القضايا، حتى يخرج القضاء من هذه المعضلة وتنسجم قراراته مع مختلف النوافذ القانونية التي تؤطر المسألة، ويغلب عليها التعارض بل والتناقض في كثير من الأحيان.

لائحة المراجع:

محمد بفقير / مدى خضوع قضايا التحفيظ العقاري لمبدأ وجوب تنصيب محام أمام القضاء/ مؤلف دراسات قضائية الجزء الثالث / ط 2003 مطبعة النجاح الجديدة .

محمد بفقير/مدى إلزامية تنصيب محام |أمام المحاكم الابتدائية/دراسات قضائية ج 5 ط 1 – 2006/ مطبعة النجاح الجديدة..

الظهير الشريف رقم 1.02.255 بتاريخ 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002)؛ الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 27 ذي القعدة 1423 (30 يناير 2003)، ص 315؛ كما تم تغييره وتتميمه.

ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.77.339 بتاريخ 25 شوال 1397 (9 أكتوبر 1977) يصادق بموجبه على مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة الراجعة لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة؛ الجريدة الرسمية عدد 3389 مكرر بتاريخ 29 شوال 1397 (13 أكتوبر 1977)، ص 2982؛ كما تم تغييره وتتميمه.

القانون رقم 04.82 الصادر الأمر بتنفيذه بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.87.16 بتاريخ 22 من ربيع الأول 1414 (10 شتنبر1993)، الجريدة الرسمية عدد 4225 بتاريخ 4 جمادى الأولى 1414 (20 أكتوبر 1993)، ص 2037.



[1] محمد بفقير / مدى خضوع قضايا التحفيظ العقاري لمبدأ وجوب تنصيب محام أمام القضاء/ مؤلف دراسات قضائية الجزء الثالث / ط 2003 مطبعة النجاح الجديدة ص 45 وما بعدها.

[2] - الجريدة الرسمية عدد 5680 بتاريخ 7 ذو القعدة 1429 (6 نوفمبر 2008)، ص 4044.

[3] استعرنا هذه العبارة من القانون الصرفي للدلالة على ان قانون مهنة المحاماة يجب ان يكون كافيا لوحده في تأطير تدخل المحامي في القضايا، لايحتاج الى نوافذ قانونية تكميلية لا بالإضافة ولا بالانقاص.

[4] (ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية؛ الجريدة الرسمية عدد 3230 مكرر، بتاريخ 13 رمضان 1394 (30 شتنبر 1974)، ص 2741 ؛ كما تم تغييره وتتميمه).

[5] الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.255 بتاريخ 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002)؛ الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 27 ذي القعدة 1423 (30 يناير 2003)، ص 315؛ كما تم تغييره وتتميمه

[6] (ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.77.339 بتاريخ 25 شوال 1397 (9 أكتوبر 1977) يصادق بموجبه على مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة الراجعة لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة؛ الجريدة الرسمية عدد 3389 مكرر بتاريخ 29 شوال 1397 (13 أكتوبر 1977)، ص 2982؛ كما تم تغييره وتتميمه).

[7]  انظر ما تم تفصيله أعلاه.

 

[8] - نسخت الفقرة الأخيرة من الفصل 361 أعلاه، بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 04.82 الصادر الأمر بتنفيذه بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.87.16 بتاريخ 22 من ربيع الأول 1414 (10 شتنبر1993)، الجريدة الرسمية عدد 4225 بتاريخ 4 جمادى الأولى 1414 (20 أكتوبر 1993)، ص 2037.

[9][9] محمد بفقير/مدى إلزامية تنصيب محام |أمام المحاكم الابتدائية/دراسات قضائية ج 5 ط 1 – 2006/ مطبعة النجاح الجديدة/ ص56.

[10] محمد خيري/قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي / م س / ص 312.

[11] قرار رقم 125 الصادر بتاريخ 2 يونيو 198 أشار اليه محمد خيري / م س / ص 313.

[12] ظهير شريف صادر في 19 رجب 1333 (02/06/1915) بتحديد التشريع المطبق على العقارات المحفظة.

[13] الفصل الأول من ظهير التحفيظ العقاري بتاريخ 9 رمضان 1331 (12 غشت 1913) بشأن التحفيظ العقاري.

[14] - الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.177 في 25 من ذي الحجة 1432 (22 نوفمبر 2011)  المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذو الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011)، ص 5575.

[15] - تم تغيير وتتميم أحكام الفصول 1 و6 و8 من الباب الأول أعلاه بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 14.07، سالف الذكر.

[16] حمزة رفيق/ م س ص 41

[17] ملف مدني عدد 1401/87 منشور بندوة ثمانين سنة من التحفيظ ص 19 ذكرته كنزة الريكوش/ الاجراءات المسطرية لدعوى التعرض على مطلب التحفيظ، رسالة ماستر/ نوقشت بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش/ السنة الجامعية 2009 ـ 2010 ص 15.

[18] قرار عدد 2105 صادر عن محكمة النقض (المجلس الأعلى) بتاريخ 24/10/1990 ملف مدني عدد 1837/87 نفس المرجع ص 16

[19] عمر أزوكار/ م س / ص 169.

[20]-محمد بفقير، مدى خضوع قضايا التحفيظ العقاري لمبدأ وجوب تنصيب محام أمام القضاء، م س , ص 45 و ما بعدها.

[21] نشير إلى أن المادة المتحدث عنها تحدد الأشخاص المخول لهم في إطار تمثيل الأطراف تقديم المقالات والمذكرات.

[22] مع اعتبار الإشهاد بتنازل المتعرض عن تعرضه.

[23] - الفصل 31 من القانون المتعلق بمهنة المحاماة.

 [24] المادة 32 من قانون المحاماة والتي تحدث عن الأشخاص المخول لهم في إطار تمثيل الأطراف تقديم المقالات والمذكرات.

[25] ينص الفصل 354ترفع طلبات النقض والإلغاء المشار إليها في الفصل السابق بواسطة مقال مكتوب موقع عليه من طرف أحد المدافعين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض.

[26] ينص الفصل 365 من ق م م على أنه يجب: على الأطراف المعنية بالأمر أن يقدموا مذكرات جوابهم وكذا المستندات التي يريدون استعمالها في ظرف ثلاثين يوما من تاريخ التبليغ.

يتعين - مع مراعاة مقتضيات الفقرتين 4 و5 من الفصل 354 - أن يوقع على هذه المذكرة من له الصفة وفقا للفقرة الأولى من الفصل المذكور .....

[27] جاء في الفقرتين الاخيرتين من الفصل 354 من ق م م :تعفى الدولة من مساعدة المحامي طالبة كانت أو مطلوبا ضدها وذلك خلافا لمقتضيات الفقرتين 1 و2 أعلاه.

يوقع في هذه الحالة على مقالاتها ومذكراتها الوزير المعني بالأمر أو موظف منتدب لهذا الغرض ويمكن أن يكون هذا الانتداب عاما يشمل نوعا من القضايا.

[28]قرار عدد 8ـ116 وتاريخ 27/02/2018 ملف رقم 8700ـ1ـ8ـ2017 غير منشور.

[29] ونقصد على وجه التحديد الفصلين 34 و 35 من ق م م المحددين لنطاق وشروط الوكالة في التقاضي لغير المحامين:

وقد جاء الفصل 34 من ق م م انه : يجب على الوكيل الذي لا يتمتع بحق التمثيل أمام القضاء أن يثبت نيابته بسند رسمي، أو عرفي مصادق على صحة توقيعه بصفة قانونية، أو بتصريح شفوي يدلي به الطرف شخصيا أمام القاضي بمحضر وكيله.

غير أن الإدارات العمومية تكون ممثلة بصفة قانونية أمام القضاء بواسطة أحد الموظفين المنتدبين لهذه الغاية.

1.    كما ورد في الفصل 35 من نفس القانون : لا يصح أن يكون وكيلا للأطراف:

1-        الشخص المحروم من حق أداء الشهادة أمام القضاء؛

2-        المحكوم عليه حكما غير قابل لأي طعن بسبب جناية أو جنحة الزور، أو السرقة أو خيانة الأمانة أو النصب، أو التفالس البسيط أو بالتدليس أو انتزاع الأموال أو محاولة انتزاعها؛

3-        الوكيل الذي وقع حرمانه من تمثيل الأطراف بمقتضى إجراء تأديبي؛

4-        العدول والموثقون المعزولون.

[30] وذلك بموجب الظهير الشريف رقم 1.08.101 صادر في 20 من شوال 1429 (20 أكتوبر 2008) بتنفيذ القانون رقم 28.08

[31] ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974)  بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية. الجريدة الرسمية عدد 3230 مكرر، بتاريخ 13 رمضان 1394 (30 شتنبر 1974)، ص 2741.

[32] - دون احتساب الصيغ الواردة عليه في بعض الفصول وآخرها صيغة 20/03/2014.

[33] وقد سبقت الإشارة الى ان بعض الباحثين طرحوا سؤالا مهما حول مصير مهنة الوكيل الشرعي في ضوء قانون المحاماة لسنة 1993 المنظم بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ في 18 صفر 1344 الموافق 7 شتنبر 1925 وحصر مهامه في تمثيل الأطراف أمام المحاكم في قضايا الأحوال الشخصية والميراث الإسلامي وكذا القضايا العقارية باستثناء النزاع المتعلق بالتحفيظ والنزاعات الراجعة للعقارات المحفظة. حيث انقسم الفقه الى قسمين احدهما اعتبر ان مهمة الوكيل الشرعي انتهت مع الأدوار الجديدة للمحامي والتي نصت على مبدأ الاحتكارية، منذ تعديل 1968 بالمرسوم الملكي، ومنهم من اتخذ موقفا مخالفا حيث اعتبر ان النص المؤسس لمهنة الوكيل الشرعي لم يلغ وبالتالي لا زال العمل ساريا به، كما ان القضاء ذهب قبيل تعديل سنة 1993 الى نفس الاتجاه. (انظر للمزيد: محمد بفقير / م س / ص 64 وما بعدها.) والغرض من طرح هذا الاستشهاد هو للتدليل على عدم استيعاب النصوص القانونية المتفرقة لمبدأ الانسجام الذي يحقق الامن القانوني، فقانون المحاماة لم ينص بشكل صريح على الغاء هذه المقتضيات، وبالتالي سيكون للسؤال محل جدي عند مقارنته بمقتضيات الفصل 33 من ق م م محل الدراسة. وفي هذا السياق صدر قرار عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) يعتبر أن الوكيل الشرعي وان كان مقبولا للترافع امام المجلس الأعلى بمقتضى قرار من سيادة وزير العدل، فان صلاحيته للترافع امام المجلس المذكور محصورة في قضايا الأحوال الشخصية والميراث الإسلامي. قرار عدد 908 بتاريخ 05/12/1979 ملف مدني عدد 76127 منشور بمجلة رابطة القضاة عدد 8 – 9 ص 81.

[34] بالقرار عدد 457-8 الصادر بتاريخ 04/10/2016 ملف عدد 5690-1-8-2015 منشور في كتاب الخبرة والخبراء من خلال اجتهاد محكمة النقض الصادر عن محكمة النقض سلسلة إصدارات المكتب الفني العدد 3 مطبعة الأمنية الرباط 2017.

يمكن الاطلاع على القرار كاملا بموقع السادة الخبراء القضائيون على الانترنت. https://www.cnej.ma

[35] قرار عدد 505 بتاريخ 1602/2005 ملف عدد 737/03 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 66 ص 34.

[36] قرار عدد 1057 ملف عدد 84585 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 32 ص 39.

قرار عدد 3216 ملف عدد 92795 بتاريخ 30/11/1988 منشور بمجلة المحامي عدد 18 ص 65.

قرار عدد 8112 بتاريخ 08/02/1993 منشور بمجلة الاشعاع عدد 13 ص 127.

انظر للمزيد مؤلف محمد بفقير قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي منشورات دراسات قضائية سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين/ ط 6 2020 / الجزء 1 ص 192 وما بعدها.

     

  [37] جاء في قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ 27/09/2018 تحت عدد 866/3 في الملف الإداري عدد 3664/4/3/16 أن الفصل 1 من القانون رقم  07-14 عرف التحفيظ العقاري والغرض منه:

أولا  : تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطهير يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم، وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به؛

  ثانيا:  تقييد كل التصرفات والوقائع الرامية إلى تأسيس أو نقل أو تغيير أو إقرار أو إسقاط الحقوق العينية أو التحملات المتعلقة بالملك، في الرسم العقاري المؤسس له. ومؤدى ذا التعريف أن عبارة التحفيظ العقاري المنصوص عليها في الفصل 361 من قانون المسطرة المدنية. لا تقتصر على مسطرة التحفيظ العقاري كما ذهب الى ذلك عن خطأ القرار المطعون فيه، وانما تشمل جميع ماهو منصوص عليه في الفصل أعلاه وترتب عنه جميع الاثار المنصوص عليها في الفصل 361 من قانون المسطرة المدنية.

[38]  كما سبق لقانون مهنة لمحاماة أن تبنى الاستثناء بشأنه قبل تعديل 1979 السابق بيانه، وتبين من خلال ما ذكرنا من أسباب ومؤيدات أن المشرع لم يستثن هذا النوع من القضايا عبثا، بل كان موقفه معتبرا للانسجام بين المساطر المختلفة التي تنظم الدعوى العقارية، ولاسيما دعاوى التحفيظ العقاري.


إرسال تعليق

0 تعليقات