آخر الأخبار

Advertisement

أحكام الاستئناف في ضوء "الفصل" 135 من قانون المسطرة المدنية - الدكتور الطاهر كركري، العدد 45 من مجلة الباحث، منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي

 

 

أحكام الاستئناف في ضوء "الفصل" 135 من قانون المسطرة المدنية - الدكتور الطاهر كركري، العدد 45 من مجلة الباحث، منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


رابط تحميل العدد المتضمن للمقال بصيغته الرقمية pdf  الرابط أذناه:



الدكتور الطاهر كركري

    عضو مختبر الأبحاث القانونية والسياسية والاقتصادية جامعة سيدي

   محمد بن عبد الله فاس

أحكام الاستئناف في ضوء "الفصل" 135 من قانون

 المسطرة المدنية المغربي

 Appeal judgments in the light of" Chapter " 135 of the code of Civil Procedure

ملخص:

   يميز الفصل 135من قانون المسطرة المدنية بين الاستئناف الأصلي والاستئناف الفرعي والاستئناف الناتج، حيث إن لكل مما ذكر له شروط خاصة به ومميزات تميزه عن الآخر، إلا أنه بالرغم من ذلك، فإن الإشكال أنه - الفصل- تحدث عن هذه الأنواع من الاستئناف في فقرة واحدة بجمل متتابعة مما تسبب معه  في خلط.

  مما يلاحظ معه أن هذا الخلط جعل قضاء - الموضوع- أحيانا يضطر إلى التأويل مما أدى ببعض القرارات الصادرة عنه أن تكون مخالفة للصواب، الشيء الذي جعل معه محكمة النقض تتدخل  لإعادة الأمور إلى نصابها.

مما ينبغي معه على المشرع إعادة صياغة النص، ليسهّل على القضاء المأمورية، ويقصّر الطريق على المتقاضين.

مقدمة:

  ينص "الفصل" 135 من قانون المسطرة المدنية المغربي، على أنه" يحق للمستأنف عليه رفع استئناف فرعي في كل الأحوال ولو كان قد طلب دون تحفظ تبليغ الحكم ويكون كل استئناف ناتج عن الاستئناف الأصلي مقبولا  في جميع الأحوال".

  يتضح أن "هذا الفصل يميز - بالإضافة إلى الاستئناف الأصلي- بين الإستئنافين: الاستئناف الفرعي والاستئناف الناتج"[1].

  إذن ما هي أهداف التمييز بين الاستئنافين، هل هو ضروري وجوهري أم أن التمييز ينصب على الشروط والآثار الذي يترتب على كل منهما ليس إلا؟ هل هذا "الفصل" استطاع استيعاب الاستئنافين دونما حاجة إلى تأويل أو تفسير؟. 

  لمحاولة الإجابة، يتطلب الأمر وضعه - الفصل- في إطاره التاريخي وتناول تعريف كل من الاستئنافين (المطلب الأول) ومميزات كل منهما عن الآخر من حيث الشروط والآثار، والعلاقة التي تربطهما بالاستئناف الأصلي، مع نماذج تطبيقية لقرارات قضائية (المطلب الثاني)

المطلب الأول: الإطار التاريخي للاستئنافين وتعريف كل منهما

أولا:الإطار التاريخي للاستئنافين

  سبق أن تناول قانون المسطرة المدنية القديم الصادر سنة 1913 الاستئنافين الفرعي والناتج في فصله 227، وهو ما تم الاحتفاظ به في قانون نفس المسطرة لسنة 1974- الحالي-  كما وقع تعديله وتتميمه، وذلك في الفصل 135- موضوع الدراسة-

  لكن ما يلاحظ أن  الفصل 227 كان في صياغته وترتيب مقتضياته أكثر دقة وبيانا، عكس الفصل135  الحالي، فإنه يتحدث بإجمال وخلط بين الاستئنافين: الفرعي والناتج[2]، فلو عالج الاستئناف المثار في فقرة خاصة لكان أوضح[3].

 

 

ثانيا: تعريف الاستئنافين

1- يقصد بالاستئناف الفرعي ذلك الذي يتقدم به الطرف الموجه ضده الاستئناف الأصلي أي المستأنف عليه، وذلك عندما يكون الحكم الصادر ابتدائيا قضى مثلا بالاستجابة لبعض طلباته، ولم تكن لديه رغبة في الطعن بالاستئناف، إلا أنه عندما توصل باستئناف أصلي تقدم به خصمه قرر تقديم استأنف فرعي[4]، يطالب الحكم له ببقية طلباته[5].

وقد عرف المجلس الأعلى- محكمة النقض حاليا- الاستئناف الفرعي:" أنه الاستئناف الذي يكون ناتجا عن الاستئناف الأصلي وردا عليه, وهو لا يتناول موضوع النزاع برمته، وإنما يقتصر على بقية الطلبات التي وقع إغفالها ورفضها ابتدائيا"[6]، وهذا النوع من الاستئناف لا يمارس إلا مرة واحدة[7]، ويشترط  لقبوله:

-        أن يكون هناك استئناف أصلي[8].

-        أن يرفع الاستئناف الفرعي من قبل المستأنف عليه وحده، إما شخصيا وإما بالوكالة أو بالنيابة عنه.

-        أن يرفع فقط في مواجهة المستأنف الأصلي دون غيره من الخصوم الآخرين إلا إذا كان تضامن بينهم وبين المستأنف الأصلي، أو كان النزاع غير قابل للتجزئة[9].

-        أن يقدم خارج أجل الاستئناف[10].

-        أن يرفع قبل قرار التخلي الصادر عن المستشار المقرر عضو هيئة الحكم[11].

  "وفيما يخص آثاره، فتجدر الإشارة إلى أن قضاة الاستئناف لا يمكنهم أن يغيروا حكما في اتجاه أصلح للمستأنف عليه إذا لم يرفع هذا الأخير استئنافا فرعيا واكتفى بطلب تأييد الحكم الصادر، وإن فعلوا فسيكونون قد حكموا بما لم يطلب منهم أو بأكثر منه"[12].

2- يقصد بالاستئناف الناتج، أنه يقدم كرد فعل عن الاستئناف الأصلي[13] كله وليس في جزء منه وذلك في الحالات التي يتعذر فيها تقديم استئناف  فرعي، وهو يرتبط بالنزاعات المتعددة الأطراف أي التي تقوم بين ثلاثة أطراف أو أكثر[14].

  فهذا النوع من الاستئناف يتسم بخاصية أنه يتيح فرصة التدخل لكل شخص ولو لم يكن مستأنفا عليه إذا كان طرفا في المرحلة الابتدائية ولو تم إرضاؤه في جميع ادعاءاته[15].

  ومثال الاستئناف  الناتج أن يتم رفع دعوى مسؤولية تقصيرية في مواجهة عدة أشخاص كأطراف مدعى عليهم ويتقدم الخاسر للدعوى كمستأنف باستئناف أصلي ضد أحد هؤلاء الأطراف فقط دون الباقين، ويكون من المحتمل أن تصدر محكمة الاستئناف قرارا بالاستجابة لطلب المستأنف فيتقدم الأطراف الذين لم يوجه الاستئناف الأصلي في مواجهتهم باستئناف مثار لأنه في هذه الحالة يتعذر عليهم تقديم استئناف فرعي وكذلك يتعذر عليهم تقديم مقال التدخل أمام محكمة الاستئناف ، لأنهم كانوا أطرافا في الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى[16].

المطلب الثاني: التمييز بين الاستئنافين، وعلاقتهما بالاستئناف الأصلي، مع نماذج تطبيقية لقرارات قضائية

أولا: التمييز بين الاستئنافين وعلاقتهما بالاستئناف الأصلي

  لا يشترط في صحة وقبول الاستئناف الناتج عن الاستئناف الأصلي ما يشترط لقبول الاستئناف الفرعي.

  فالاستئناف الفرعي يمكن  التقدم به في كل وقت ولو بعد انصرام أجل الاستئناف القانوني, وهو غير خاضعا للبيانات الإلزامية المنصوص عليها في الفصل142  من قانون المسطرة المدنية، والمتعلقة بذكر الوقائع والأسباب التي إن لم تذكر يترتب عنها البطلان[17]، ويقدم في مواجهة المستأنف الأصلي.

  أيضا في حالة تنازل المستأنف الأصلي عن استئنافه لا يؤثر هذا التنازل على الاستئناف الفرعي ولا يؤدي إلى سقوطه[18].

   لكن إذا لم يقبل الاستئناف الأصلي، لعيب في مقاله أو لتقديمه خارج أجله، فإن الاستئناف الفرعي بالتبعية يكون غير مقبول هو الآخر[19]، وهو ما قالت به محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في قرارها الصادر في 26/2/1988:"وحيث إنه ما دام الاستئناف الأصلي غير مقبول بسبب عدم احترام الإجراءات المسطرية الجوهرية، فإن مصير الاستئناف الفرعي هو بدوره عدم القبول اعتمادا على قاعدة: الفرع يتبع الأصل"[20]، وهو نفس توجه محكمة النقض المصرية[21].

 أما الاستئناف الناتج عن الاستئناف الأصلي، فهو غير الاستئناف الفرعي، إذ لا يشترط في صحته وقبوله، أن يقدم من المستأنف عليه ضد المستأنف الأصلي، وهذا ما يميزه عن الاستئناف الفرعي[22].

 ويمكن القول أنه إذا كان الاستئناف الفرعي يقتصر توجيهه ضد المستأنف أصليا قصد الحكم بباقي المطالب التي لم يستجب لها، فإن الاستئناف الناتج أو المترتب عن الاستئناف الأصلي يصح توجيهه ولو ضد غير المستأنف أصليا، إذا كانت غايته تحميل باقي أطراف النزاع ما أعفى منه المستأنف أصليا، في حالة الاستجابة لملتمساته[23].

ثانيا: نماذج تطبيقية لقرارات  قضائية

1- القرار الصادر عن محكمة النقض عدد518 ب بتاريخ12/3/1996":

" تكون المحكمة قد خرقت الفصلين 135و120 من ق، م م عندما صرحت بسقوط الاستئناف الفرعي نتيجة تنازل المستأنف الأصلي عن استئنافه"[24].

2- القرار الصادر عن محكمة النقض عدد 518 ت  الصادر بتاريخ 12/3/1996:

" الاستئناف الأصلي الصحيح شكلا لا يؤثر التنازل عنه على الاستئناف الفرعي الذي يبقى مستقلا بذاته إذ لا يمكن أن ينصب التنازل عن الطلب إلا عن حق مسموح بالتخلي عنه ويملك الطرف التصرف فيه وتكون المحكمة قد أولت الفصل135 من ق م م تأويلا غير صحيح عندما صرحت بسقوط الاستئناف الفرعي"[25].

3- القرار عدد518 الصاد عن محكمة النقض 12/3/96:

" وحيث ثبت صدق ما عابته الوسيلة على القرار من كونه أخطأ في تأويل الفصل 135 من ق، م م الذي ينص على أن الاستئناف الفرعي الناتج عن الاستئناف الأصلي مقبول في جميع الأحوال..، ولذلك تكون المحكمة قد أولت الفصل 135المذكور تأويلا غير صحيح عندما صرحت بسقوط الاستئناف الفرعي نتيجة تنازل المستأنف الأصلي عن استينافه وعرضت القرار المطعون فيه للنقض"[26].

4- القرار عدد414 الصاد عن محكمة النقض 26/5/2015:

"حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار ذلك أنه إن كان للمستأنف عليه طبقا للفصل 135 من ق،م م الحق في رفع استئناف فرعي في كل الأحوال فإن ذلك الاستئناف مرتبط بالاستئناف الأصلي وجودا وعدما..، فالمحكمة عندما قضت بعدم قبول الاستئناف الأصلي المرفوع من لدن الطاعنة فإن ذلك يستتبعه عدم قبول الاستئناف الفرعي المقدم من طرف المستأنف عليها..[27].

خاتمة:

  يلاحظ  أنه بالرغم من أن الأساس القانوني للاستئنافين الفرعي والناتج منصوص عليه في الفصل 135 من قانون المسطرة المدنية، إلا أن الإشكال أنه تحدث عنهما في فقرة واحدة بجمل متتابعة مما تسبب معه خلطا في الأذهان، عكس ما كان منصوص عليه في  قانون المسطرة المدنية القديم الصادر سنة 1913 الذي تحدث عنهما كل في فقرة خاصة به مستقلة عن الأخرى، إذ قال  في الفقرة الأولى الخاصة بالاستئناف الفرعي:"للمستأنف عليه حق رفع استئناف فرعي في كل الأحوال، ولو كان طلب- دون تحفظ- تبليغ الحكم..."، وقال في الفقرة الثانية الخاصة بالاستئناف الناتج:" وكل استئناف تسبب فيه الاستئناف الأصلي، يكون كذلك مقبولا في جميع الأحوال".

  كما يلاحظ أن الخلط المذكور جعل القضاء أحيانا يضطر إلى التأويل مما أدى ببعض القرارات الصادرة عنه أن تكون مخالفة للصواب، فتتدخل محكمة النقض لإعادة الأمور إلى نصابها.

  لذلك يفضل في ضوء التعديل والتحيين الذي سيمس قانون المسطرة المدنية، أن يعاد النظر في الفصل موضوع الدراسة.

 

لائحة المراجع

كتب:

1- أدولف رييولط: قانون المسطرة المدنية في شروح، مطبعة المعارف الجديدة الدار البيضاء، 1996.

2- جواد امهلول: الوجيز في المسطرة المدنية، طبعة 2015.

3- حليمة بنت المحجوب: دراسة في قانون المسطرة المدنية، طبعة 2018.

4- نور الدين لبريس: نظرات في قانون المسطرة المدنية، طبعة 2012.

5-عبد الكريم الطالب: الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، طبعة 2013.

مجلات:

6 - مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 73/2011

7 - مجلة المعيار، عدد 35/2011/2006



[1] - قرار محكمة النقض، بتاريه 2008 منشور  في مجلة قضاء المجلس الأعلى(محكمة النقض حاليا) عدد 70 أورده جواد امهلول: الوجيز في المسطرة المدنية،طبعة 2015 ص:224

[2] - نور الدين لبريس: نظرات في قانون المسطرة المدنية، طبعة 2012 ص/168 بتصرف

[3] - أدولف رييولط: قانون المسطرة المدنية في شروح، مطبعة المعارف الجديدة الدار البيضاء، ص:122

[4] - حليمة بنت المحجوب: دراسة في قانون المسطرة المدنية، طبعة 2018 ص: 171

[5] - حليمة بنت المحجوب: دراسة في قانون المسطرة المدنية، طبعة 2018 ص: 175

[6] -  قرار رقم 406 صادر بتاريخ20/02 /1985–ملف مدني- عدد92956، أورده عبد الكريم الطالب: الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، طبعة 2013،ص:267

[7] - قرار المجلس الأعلى - محمكة النقض حاليا-1995 بتاريخ25/6/1995 أورده محمد بن لمقدم: الطعون لا تمارس أمام القضاء إلا مرة واحدة: مجلة المعيار، عدد35، ص: 131

[8] - فالمجلس الأعلى- محكمة النقض حاليا-" قرر أن قبول الاستئناف الفرعي خاضع لوجود استئناف أصلي مقبول": أدولف رييولط: قانون المسطرة المدنية في شروح، مطبعة المعارف الجديدة الدار البيضاء، ص:122

[9] - عبد الكريم الطالب: الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، طبعة 2013،ص: 267 بتصرف

[10] - نور الدين لبريس: نظرات في قانون المسطرة المدنية، م،س، ص:174

[11] - أدولف رييولط: قانون المسطرة المدنية في شروح، م،س، ص:122

[12] - نفس المرجع، ص: 123

[13] - الاستئناف الأصلي تطرق له الفصل 134 من ق،م م ، ويقصد بهذا النوع من الاستئناف ذلك الذي يتقدم به المستأنف الذي لم يصدر الحكم الابتدائي في صالحه، ويجب أن يتم داخل الأجل القانوني تفاديا لعدم قبوله شكلا.

[14] - حليمة بنت المحجوب:  م،س، ص :175-176

[15] - أدولف رييولط: قانون المسطرة المدنية في شروح،م،س،ص:123

[16] - أوردته حليمة بنت المحجوب في المرجع السابق ص 176، نقلا عن الطيب الفصايلي: القانون القضائي الخاص،ط2/1993 ج1/174

[17] - الوجيز في المسطرة المدنية: م، س، ص: 124-125 بتصرف

[18] - دراسة في قانون المسطرة المدنية،م،س، ص: 174

[19] - نظرات في قانون المسطرة المدنية، م،س،ص:169

[20] - قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، عدد542 ، بتاريخ 26/2/1988 ملف عدد1887/87، منشور بنجلة المحاكم المغربية، عدد57/1988 ص:101 ومابعدها

[21]  الطعن رقم 845 السنة 43 ق. منشور في مؤلف محمد أحمد عابدين: خصومة الاستئناف أمام المحاكم المدنية، الناشر منشأة المعارف بالإسكندرية، طبعة  1987 ص:113

[22] - نظرات في قانون المسطرة المدنية، م،س،ص:169

[23] - حيثيات  القرار عدد 1125الصادرفي 16 مارس 2010 ملف مدني عدد3275 /1/5/ 2008:"  مجلة قضاء المجلس الأعلى- محكمة النقض حاليا-، عدد 73/2011 ص:16

[24] - القرار أورده: جواد امهمول: الوجيز في المسطرة المدنية، م،س،ص:224

[25] - نفس المرجع والصفحة

[26] - القرار أوردته: حليمة بنت المحجوب: دراسة في قانون المسطرة المدنية، م،س، ص:174

[27] - القرار أوردته: حليمة بنت المحجوب: دراسة في قانون المسطرة المدنية، م،س، ص:175


إرسال تعليق

0 تعليقات