آخر الأخبار

Advertisement

حرية المعتقد بين الكونية و الخصوصية حالة المملكة المغربية - الدكتور علي دومي، العدد 45 من مجلة الباحث، منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


 حرية المعتقد بين الكونية و الخصوصية حالة المملكة المغربية - الدكتور علي دومي، العدد 45 من مجلة الباحث، منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


رابط تحميل العدد المتضمن للمقال بصيغته الرقمية pdf  الرابط أذناه:




    الدكتور علي دومي

   دكتور في الحقوق - المغرب

حرية المعتقد بين الكونية و الخصوصية حالة

  المملكة المغربية: 1998-2019

Freedom of belief between universality and privacy is the case of the kingdom of Morocco

    مقدمة:

عرفت المجتمعات القديمة والحديثة أشكالا متنوعة من الطقوس الدينية، مارستها وفق خصوصياتها الديموغرافية والعرقية والجنسية والاجتماعية والفكرية والأمنية والسياسية، سواء فيما يتعلق بالطقوس الدينية الوضعية أو المعتقدات الدينية السماوية.

لقد مرت هذه الطقوس والعادات والتقاليد والمعتقدات الدينية الوضعية والسماوية، بمراحل تطور جوهرية، عاشها الإنسان في إطار جدال اجتماعي وفكري، خلق آثارا ملموسة لازالت شواهدها ومعالمها واضحة، أنثروبولوجيا وسوسيولوجيا وسياسيا، بين الشعوب و المجتمعات الحالية، عبر كافة المجالات العالمية وعلى رأسها الفضاء المتوسطي، نظرا لما عاشه من تناوب على الحكم بين حضارات مختلفة، كالفينيقية والقرطاجية والإغريقية والرومانية والإسلامية .فضلا عن التأثيرات التي عاشتها هذه المنطقة بسبب تلاقح المنطقة مع الحضارات المشرقية، كالبابلية والآشورية والفارسية و الكونفوشيستية.

إن هذه التجاذبات الحضارية التي عاشتها المنطقة المتوسطية، لم تخرج عن دائرة الدفاع عن العقيدة[1]. فكانت كل فئة تفرض ممارسة عاداتها وطقوسها ومعتقداتها الدينية، حينما تهيمن سياسيا وعسكريا و ترابيا. وازدادت حدة هذه الصراعات في عهد سيطرة الحضارة الرومانية ،و من بعدها الإسلامية، حيث باتت المنطقة تعرف حالة من المد و الجزر بين ضفتي المتوسط، تجلت في تعاظم أزمة الهجرة و اللجوء بين القطبين (الشمال و الجنوب) بهدف البحث عن فضاءات أرحب لممارسة أنشطة الحياة في مختلف مجالاتها، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،ولكن بشكل أساس من أجل ممارسة حرية المعتقد[2] ، خاصة مع الصراع الذي عاشته قوى الحكم مع الكنيسة في زمن الإمبراطورية الرومانية ، و ما نتج عن ذلك من حقد و اضطهاد للرومان في الشمال و للشعوب الإسلامية في الجنوب. وهو الأمر الذي جابهته أفكار عصر الأنوار منذ القرن السابع عشر ميلادي، مخلصة العالم من جبروت تحالف رجال الدين والدولة ضد الشعوب.

واليوم اتخذ الصراع بين رجال الدين و الدول و الشعوب مظاهر أخرى. بحيث نجد في شمال المتوسط فصل تام على مستوى المؤسسات بين الدين والدولة. لكن على مستوى الممارسة لازالت شواهد الاضطهاد الديني بارزة ضد بعض الأقليات،  فالمسلمون يعانون من حرق المساجد  و منع الفتيات من ارتداء الحجاب[3]. أما المسيحيون البروتستانت فيعانون من الإشارات العنصرية، و اليهود يعانون من معاداة السامية، و بإيعاز من لوبيات ثقافية أو سياسية أو دينية . و في جنوب المتوسط ساد التطرف الديني ، وصعدت حركات إسلامية معتدلة للحكم[4]. لكن مازالت حركات إسلامية لم تمارس الحكم [5]، بل تعارضه على الخصوص في مجال الحريات ، كحرية العقيدة.

 وفي كلتا الحالتين: سواء الشمال أو الجنوب، نجد أن المضايقات التي تنصب على ممارسة حرية العقيدة، سواء من طرف الأنظمة الغربية الديمقراطية، أو الجنوبية الإسلامية ،أو أطراف أخرى " كاللوبيات الدينية والاقتصادية والجماعات والجمعيات والحركات"، قد  تركت تأثيرا واضحا على الأفراد والشعوب ، يتجلى في أحد تمظهراته في الدفع بهم نحو الهجرة أو اللجوء ، وهو أمر أصبح مفضوحا من خلال انتشار شبكات التواصل الاجتماعي ،  بحيث في كل لحظة يظهر فرد ما، من الجنوب الإسلامي أو الشمال الغربي الديمقراطي العلماني  أو المسيحي، مصرحا و مقرا ومعترفا بتخليه عن ديانته الأصلية، ومعتنقا لديانة جديدة ، وبذلك قد يتحول المسلم إلى نصراني أو يهودي ، كما يمكن أن يتحول النصراني إلى يهودي أو مسلم، فينعت المتحول دينيا بالمرتد وحتى الملحد ، وتوجه له أصابع الاتهام بالخيانة و ترتفع أصوات الحقد والكراهية تجاهه،  وتكثر المطالب بمعاقبته حد السيف.

وأمام هذا المشهد فإننا نتساءل عن حرية الإنسان في ممارسة معتقداته؟ وما يرتبط بهذه الإشكالية من أزمات كالهجرة واللجوء ؟ وعلى هذا الأساس تبرز إشكالية عامة ، تبحث في الضمانات التي تقدمها منظومة حقوق الإنسان والحريات العامة لممارسة حرية المعتقد ، تجنبا لكل أثار سلبية على الفرد وجماعته.

و بالرجوع إلى منظومة حقوق الإنسان ، نجد أن حرية المعتقد قد حظيت بحماية عدة نصوص قانونية واتفاقيات دولية ، كما عرفت متابعة كثيفة من طرف عدة هيئات و منظمات حقوقية وطنية و دولية،

و حررت في شأنها عدة تقارير، وصدرت لها عدة توصيات لبعض الدول و الأنظمة،  من أجل حمايتها و حماية ممارسيها ، نظرا لما يرتبط بهذه الحرية من ظواهر أمنية واجتماعية وسياسية مهددة لاستقرار الشعوب و الأنظمة ، خاصة في المتوسط ، كأزمة الهجرة و اللجوء و ما يخلفه ذلك من انعكاسات سلبية على استقرار المنطقة و تنميتها، الأمر الذي يدعو إلى سن سياسات عمومية لتدبير هذه الحرية و احتواء آثارها . ومن هذا المنطلق نتساءل: كيف يدبر المغرب ممارسة حرية المعتقد في علاقتها بمنظومة حقوق الإنسان والحريات العامة ؟ تجنبا لآثارها وانعكاساتها السلبية على الاستقرار الروحي والأمني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمواطنين والوطن ؟

المبحث الأول: مطلب كونية حرية المعتقد.

 تاريخيا، دخلت كونية حرية المعتقد في الأدبيات الحقوقية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، خاصة مع ميلاد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأنظمة حكم ديمقراطية حماية لحقوق الأفراد. وهو الأمر الذي تعزز مع صدور العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية سنة 1966، من أجل تفعيل أمثل لما تضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

 لقد شكلت هاتين الوثيقين المرجع القانوني الدولي للحقوقيين والمجتمعات عبر كافة أقطار العالم، مما انعكس على ممارسة الدول، حيث حاولت إدخال هذا البعد الحقوقي الدولي في أنظمتها الداخلية. وتكرس هذا الوضع كذلك مع عمل الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان[6] ، والإجراءات الخاصة التي تشرف عليها المؤسسات الحقوقية الدولية ، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة أو المستقلة.

ومن هذا المنطلق شكلت حرية المعتقد إحدى الحريات المدنية الأساسية للإنسان، من منظور ما تشير إليه هذه المواثيق الدولية، وما تتابعه المؤسسات الحقوقية السابقة الذكر.


المطلب الأول: الضمانات التي تقدمها منظومة حقوق الإنسان لممارسة حرية العقيدة.

 اهتمت منظومة حقوق الإنسان بأمر التدين والعقيدة كباقي الحريات الأخرى، ودافعت عن ذلك بمختلف الوسائل القانونية والدعوية والإجراءات المؤسساتية العملية ، وشجعت المنتظم الدولي على التعاطي بإيجابية مع حرية المعتقد، لكونها من الحريات الأساسية في حياة الأفراد، وخصتها  بمتابعة إعلامية شاملة، من خلال تقديم كل الخروقات و المضايقات التي تمسها في كافة أنحاء العالم، ومن خلال تقارير نشطاء حقوق الإنسان، والأعمال التقييمية لمؤسسات الأمم المتحدة المعنية بقضايا الحقوق الدينية. فماهي أبرز الضمانات القانونية والمؤسساتية الدولية الداعية لاحترام حرية المعتقد؟ و كيف تجاوب المغرب معها ؟

الفقرة الأولى: الضمانات القانونية الأممية وعلاقتها بالتشريع المغربي.

 تتمثل هذه الضمانات في كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقيات الدولية.

فبالنسبة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فقد اعتبر حرية المعتقد أمرا كونيا لا يمكن إخضاعه لتقييد، "حيث أعطى لكل شخص الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذه الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر، والممارسة والتعليم بمفرده أو مع جماعة وأمام الملأ أو على حدة "[7] .

 وعليه فإن هذه المادة تضمن في الأصل حقين للمواطن: حق حرية التدين، بمعنى اعتناق الديانة التي يريد على مستوى الفكر والوجدان .وحق ممارسة الشعائر الدينية المرتبطة بهذا الدين الذي اختاره إما بشكل فردي أو جماعي.

إن الحق الأول (اعتناق ديانة ما)،أمر فردي يتم داخل فكر و وجدان الشخص، وبالتالي فهولا يتعارض مع أي مصلحة أخرى للغير، وهو أمر لا تقيده الديانات.

غير أن الإشكال يطرح على مستوى الحق الثاني أي (حرية ممارسة الشعائر الدينية). وفي هذه الإطار جاء العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية، ليؤكد ما تضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من جهة، و ليضع بعض الشروط لحماية ممارسة هذا الحق  من جهة ثانية، إذ نص على أن[8]:

 1 - لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما. و حريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد ،و إقامة الشعائر والممارسة والتعليم ، بمفرده وجماعة وأمام الملأ أو على حدة.

2 - لا يجوز تعريض أحد لإكراه، من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره.

3 -لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده، إلا للقيود التي يفرضها القانون، والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة، أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة ،أو حقوق الآخرين و حرياتهم الأساسية.

4 - تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء ، أو الأوصياء عند وجودهم، في تأمين تربية أولادهم دينيا و خلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة.

 من خلال هذه المادة ، وضع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إطارا أكثر وضوحا لحق ممارسة التدين، بحيث اعتبر الأمر في المقام الأول شأنا خاصا يستوجب الحرية المطلقة ، و في الفقرة الثانية أزاح الضغوط التي يمكن أن تمارس ضد الشخص لإجباره على ارتداء دين معين. أما في الفقرة الثالثة ، فجعل تقييد حرية ممارسة الدين مرتبطة بوجود نصوص قانونية تؤطر ذلك، فلا قيد خارج النص القانوني ، والذي بدوره لا يمكن اعتباره إلا إذا كان يهدف إلى حماية النظام العام[9] أو الصحة العامة أو الأخلاق العامة[10]. وختمت هذه المادة بالفقرة الرابعة، التي تتعهد فيها الدول باحترام رغبة الآباء في تربية الأبناء دينيا و خلقيا.

إن هذا الإطار القانوني الكوني لممارسة حرية التدين ، كثيرا ما يتم اعتبار تأويله يتعارض مع القوانين الوضعية الوطنية. و في الحالة المغربية ، ترعى الدولة حرية الدين في تحد مع هاجس الحفاظ على  النظام العام أو الآداب العامة. بحيث أن القوانين المغربية[11] تحمل الدولة مسؤولية حماية ممارسة الشعار الدينية بالنسبة للديانات الأخرى . وهذه القوانين يبقى لها معنى إيجابي ما دام تضمن لكل متدين حرية ممارسة شعائره ، ما عدا حينما يتعلق الأمر بالضوابط الأمنية، فإن هذه القوانين تنعكس ضد الممارسين. وهوما يطرح على الدولة المغربية تحديا، بشأن إمكانية خلق نوع من المصالحة، بين الحق في حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية من جهة، وحق الدولة في الحفاظ على النظام العام من جهة ثانية[12].

الفقرة الثانية : الضمانات المؤسساتية الدولية ودورها في تعزيز ممارسة حرية المعتقد في المغرب.

واكبت مجموعة من المنظمات الحقوقية، الوطنية والدولية، التطورات التي شهدتها وضعية ممارسة حرية المعتقد في المغرب ، خاصة بعد مرحلة ما بات يعرف في الأدبيات التاريخية بالربيع الديمقراطي الذي حدث سنة 2011.

 فعلى المستوى الدولي، تتابع عدة هيئات الوضع الحقوقي داخل الدول بشكل عام، مثل منظمة أمنستي و ترانسبرنسي ،و فريدوم هاوس ، إلى جانب عدة هيئات أممية كلجنة حقوق الإنسان.

وعلى المستوى الوطني، تابعت المنظمات الحقوقية ممارسة الحريات الدينية للأقليات، ونادت بالمضايقات التي سجلتها في حق هذه الفئات ، كما أنها رصدت كذلك ملامح التطور في علاقة هذه الأقليات الدينية بالسلطة، وذلك من خلال عرضها لتقاريرها السنوية أو المقدمة للهيئات الحقوقية الأممية. ونتطرق في هذا الصدد كمثال معبر، إلى التقرير الموازي للتقرير الحكومي الدوري السادس، الخاص بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المقدم للجنة حقوق الإنسان بتاريخ 15 يونيو 2015، والذي رفعته كل من المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ، وجمعية عدالة ، وحركة أنفاس ديمقراطية.

 لقد قدمت هذه المنظمات الحقوقية الوطنية من خلال هذا التقرير، رصدا شاملا لوضعية الحقوق المدنية والسياسية بالمغرب بشكل عام . وفي مجال الحريات الدينية جاء في التقرير بأن الدستور يعترف بذلك، غير أن القانون الجنائي لا يتماشى والسياق الدستوري: " إذا كان الدستور قد أقر بشكل صريح حرية التفكير، فإن القانون الجنائي قد تضمن مقتضيات غاية في الخطورة تتضمن تمييزا بين الديانات، عندما تجرم كل من قام بأعمال لزعزعة عقيدة مسلم، بينما لا يشير إلى زعزعة عقيدة متدينين آخرين".[13]

وأشارت كذلك إلى أن هذا السياق الجانح عن روح الدستور، يعبر عن نفسه من خلال وقائع أخرى . فهي قذ سجلت كذلك " المضايقات التي يتعرض لها بعض معتنقي الديانات المسيحية والمذهب الشيعي الإسلامي، مما يمس بمبدإ حماية حرية المعتقد وضمان ممارسة الشعائر والطقوس الدينية، في إطار الاحترام والمساواة والتسامح "[14].

وهو ما دفع بهذه المنظمات الثلاث إلى تقديم عدة توصيات:[15]

- حياد الدولة إزاء الأديان.

- إعمال القصد الجنائي في الجرائم المتعلقة بازدراء الأديان.

- التنصيص على مبدأ تجريم استغلال الدين لحماية حرية المعتقد.

- حرية كل واحد في التمتع بحقه في ألا يضايق، أو يهدد أو يضطهد أو يحاكم، لمجرد رغبته في الاختلاف عن الآخرين، في اختيار قناعاته ومعتقداته والتعبير عنها.

- تجريم حملات التحريض، وفتاوى التكفير والقتل من أعلى منابر خطب الجمعة، سواء ضد المواطنين  لأسباب سياسية أو عرقية ، أو ضد أتباع الديانات الأخرى.

  كل هذه التوصيات وما سبق من رصد لواقع الممارسة الدينية في المغرب، لا يخرج عن السياق الدولي في مجال المطالبة بحرية ممارسة المعتقدات، كما دعا إلى ذلك المقرر الخاص بحرية المعتقد عبر التقارير المقدمة لهيئة الأمم المتحدة[16].وهو ما سنتطرق إليه في المطلب الموالي.

المطلب الثاني: التوصيات الأممية للمغرب بخصوص حرية الدين.

مع مطلع القرن 21 أصبح المغرب يتفاعل مع المنتظم الدولي الحقوقي  ، خاصة مع ما بات يعرف بالإجراءات التي تتبعها الأمم المتحدة والهيئات الحكومية التابعة لها ، من أجل تقويم أوضاع حقوق الإنسان بمختلف مناطق العالم. ومن أهم الإجراءات التي تحظى باهتمام أكثر نجد : آلية الاستعراض الدوري الشامل ، وآلية المقرر الخاص المعني بحرية التدين.

فما هي الضمانات التي تقدمها هاتين الآليتين لحماية حرية المعتقد ؟وكيف يتفاعل المغرب مع ذلك؟

الفقرة الأولى : التوصيات المنبثقة عن آلية الاستعراض الدوري الشامل.

يمثل الاستعراض الدوري الشامل آلية إجرائية لعمل الأمم المتحدة، في مجال النهوض بحماية منظومة حقوق الإنسان عبر مختلف دول العالم، بحيث تعمل هذه الآلية على استعراض جميع المعطيات المتعلقة بحالة حقوق الإنسان في بلد ما، وتخضع له كل دولة بشكل دوري كل  خمس سنوات ، وتطبق هذه الآلية وفق الإجراءات التالية:
1 - تقديم الدولة المعنية بإجراء الاستعراض الدوري الشامل لتقرير عام ومفصل، حول وضعية حقوق الإنسان التي ميزت مدة خمس سنوات، وذلك أمام أنظار الجمعية العامة للأمم المتحدة.

2 - مناقشة التقرير المقدم، إلى جانب الملاحظات والأسئلة التي سبق لمنظمات حقوق الإنسان، الأممية والدولية والإقليمية والمحلية، تسجيلها بشأن الوضع في الدولة المعنية، مع تقديم أجوبة في شأن ذلك.

3 - تحرير تقرير عام تحت إسم "تقرير النتائج"، و يتضمن الأسئلة المقدمة للدولة، والتوصيات في شأن أوضاع حقوق الإنسان.

4 - متابعة الدولة المعنية لتنفيذ التوصيات التي طرحت خلال دورة الاستعراض الدوري الشامل، بهدف الإجابة عنها في التقرير اللاحق بعد خمس سنوات.

بناء على ما تقدم ، وبالعلم كذلك بأن المغرب قد سبق له أن خضع لهذا الاستعراض الدوري الشامل ثلاث مرات ، خلال سنوات 2008 و 2013 و 2018 . نسجل بأنه قد حصل تقدم في النقاش في مسألة حرية المعتقد بشكل تدريجي ،على مستوى التقارير التي قدمتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان ، وكذلك عبر تقارير ذوي المصلحة من جمعيات وهيئات حقوقية وطنية وإقليمية ودولية.

وهكذا نسجل بأن التقرير الوطني الذي قدمه الفريق المعني بالاستعراض الدوري الشامل، لم يتطرق خلال الجولة الأولى لقضية  حرية المعتقد بشكل مباشر، بل تناولها في بعدها الأفقي وليس العمودي، من خلال رصده لأهم الإصلاحات القانونية والمؤسساتية المعنية بحماية حقوق الإنسان بشكل عام. وكذلك الأمر نفسه حصل مع تقرير الجولة الثانية والثالثة، حيث قدم المغرب الإصلاحات الكبرى في مجال حقوق الإنسان من قبيل[17]:

- القانون التنظيمي المتعلق بإعادة تنظيم الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ، والرامي إلى احترام قواعد التعبير ذات الصلة بتعددية الفكر والرأي.

- القانون المتعلق بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة.

- الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، كالانضمام إلى البروتوكولين الاخياريين لاتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. و البروتوكول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

لم تكن التقارير المقدمة إلا أرضية للنقاش العميق الذي يتم بمناسبة العرض ، بحيث إلى جانب ذلك  تقدم تقارير أخرى ، كالتقرير الذي تعرضه المفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان في الموضوع ، والمبني على شهادات و ملاحظات و زيارات الهيئات الأممية المعنية بحقوق الإنسان. و في هذا الإطار ، وضعت حرية المعتقد في المغرب في صلب النقاش الحقوقي ، حيث أشارت هذه التقارير إلى أن :

" الدستور (المغربي) يعترف بحرية العبادة، ولكنها أشار في الوقت نفسه إلى أن المغرب يحظر محاولة استمالة المسلمين السنيين المالكيين إلى دين آخر"[18]. وقدم المركز الأوروبي للقانون والعدالة أمثلة عن الاضطهاد أو التمييز على أساس الدين. وتمت دعوة المغرب إلى مواءمة قوانينه مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان في ما يتعلق بالعمل التبشيري.[19]

وفي الجولة الثالثة للاستعراض ، أشارت  كذلك المفوضية السامية الأممية لحقوق الإنسان إلى أن هناك "معلومات واردة تفيد بفرض قيود في الواقع العملي على ديانات غير تلك المعترف بها رسميا"[20] .

 الملاحظ من خلال ما تقدمه المفوضية السامية لحقوق الإنسان من تقارير، أن قضية حرية المعتقد في  المغرب لازالت مطروحة للنقاش ، على اعتبار أن هناك اتهام للمغرب بالتمييز و التضييق في شأن حرية المعتقد ، خاصة في ما يتعلق بمسألة التبشير، والردة عن الدين الإسلامي، وفرض القيود على الديانات الأخرى. وهو الأمر الذي بينته كذلك تقارير أصحاب المصلحة خلال دورات الاستعراض ، حيث أشار التحالف الدولي للدفاع عن الحرية إلى أن " المسيحيين وأقليات دينية أخرى يواجهون التمييز والملاحقة. ولاحظ وجود قيود شتى على معتنقي الديانات الأخرى غير الإسلام ، بما في ذلك مراقبة الاجتماعات.وأشار أيضا إلى أن قانون العقوبات يعاقب على التحريض على تغيير الدين. الأمر الذي يفتح المجال واسعا للتأويل"[21].

 إن التأويل الذي يبرر به المغرب موقفه هو أن الأقليات الدينية لا يمكن أن تنشط  خارج الإطار القانوني المحدد لها. فباستثناء الجماعات اليهودية والكاثوليكية والبروتستانتية المنظمة،  فإن باقي الأقليات الأخرى لا يمكنها أن تقوم بأنشطتها الدينية  إلا في إطار قانون الحريات العامة.  و كل ممارسة تخالف هاتين الصيغتين تعطي الحق للسلطات  في التدخل.

وفضلا عن ذلك ، فإن ممارسة الأقليات الدينية لمعتقداتها  وطقوسها بشكل علني، وسط غالبية ساحقة لديانة  موحدة  كالإسلام في المغرب مثلا  ، كثيرا ما يثير حساسية اجتماعية تأخذ شكل مضايقات و استفزازات و ملاسنات أو جدال فكري ،أو فقهي ديني وأحيانا سياسي أو أمني . و هو الأمر الذي غالبا ما لا يتم التحكم فيه أو السيطرة عليه، خاصة في الشارع العام . وهذا الأمر لا يرتبط بوضعية المجتمع المغربي فحسب. بل يسري على مجتمعات أخرى كالمجتمع الأروبي، والشاهد على ذلك كما استدل به مجلس أوربا في تقريره الذي رفعه إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بمناسبة خضوع المغرب للجولة الثالثة من الاستعراض الدوري الشامل ، بحيث استشهد بما  قضت به المحكمة الأروبية لحقوق الإنسان في أحد قراراتها[22] ، حيث جاء فيه :

" الذين يختارون حرية المجاهرة بدياناتهم، بصرف النظر إذا كانوا يفعلون ذلك بحكم انتمائهم إلى أكثرية أو أقلية دينية، لا يمكن أن يتوقعوا عدم التعرض لأي انتقادات، بل يجب أن يبدو تسامحا وقبولا إزاء الآخرين."[23]

الفقرة الثانية :  تقارير المقرر الخاص المعني بحرية الدين.

على غرار مجموعة من الحقوق المدنية والسياسية، التي تراقبها الأمم المتحدة عبر مختلف أقطار العالم، بهدف تقويم السياسات العمومية التي تطبقها الدول في سبيل ضمان هذه الحقوق للمواطنين ، ودفاعا عن كل الممارسات التي من شأنها تقويض استفادة المواطنين من ذلك ، قامت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بعد صدور القرار رقم 20 سنة 1986، بتعيين مقرر خاص بالتعصب الديني. ثم غيرت الإسم سنة 2000 إلى المقرر الخاص المعنى بحرية الدين والمعتقد[24].  وعهد إلى هذا المقرر من خلال قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 37/6 للقيام بالمهام التالية.

1 - التشجيع على اعتماد تدابير على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، لضمان تعزيز وحماية الحق في حرية الدين أو المعتقد.

2 - تحديد العقبات القائمة والمستجدة، التي تعترض التمتع بالحق في حرية الدين أو المعتقد، وتقديم توصيات  بشأن سبل ووسائل تذليل تلك العقبات .

3-مواصلة  الجهود لدراسة الإجراءات الحكومية، التي تتعارض مع أحكام إعلان القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز، القائمين على أساس الدين.

ويعمل المقرر الخاص على هذه المهام من خلال الوسائل التالية[25].

أ- إحالة النداءات العاجلة ورسائل الادعاء إلى الدول، في ما يتعلق بالحالات التي تشكل انتهاكا لممارسة الحق في حرية الدين أو المعتقد.

ب - إجراء زيارات قطرية للدول المعنية بغية تقصي الحقائق.

ج - تقديم تقارير سنوية إلى مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة، لوصف واقع ممارسة حرية الدين عبر العالم.

وبالنسبة للحالة المغربية ، فإن المقرر الخاص منذ تعيينه سنة 1986، لم يقم بأي زيارة في شأن مهامه  قصد التقصي ، كما أنه لم يوجه أي ادعاء إلى المغرب بشأن بعض الشكايات حول انتهاك لحقوق الإنسان التعبدية. وهو ما يعني أن وضعية المغرب تبقى جد متقدمة في هذا الإطار مقارنة مع حالات أخرى كالأردن أو تونس مثلا اللتين زارهما سنتي 2013 و 2018.

 غير أن هذا لم يمنع المقرر الخاص المعني بحرية الدين، من تضمين بعض الملاحظات العامة والخاصة، على مستوى تقاريره السنوية التي يقدمها لمجلس حقوق الإنسان ، كي تتعامل معها الدول في تدبيرها لحرية التدين.

وفي هذا الصدد، أشار بأنه تلقى معلومات عن قوانين وسياسات رسمية، تؤثر في قدرة المجتمعات المحلية اليهودية على إظهار دينها ، وأبلغ ممثلو المجتمع المحلي اليهودي المغربي المقرر الخاص، أن السجناء اليهود يمنعون من جلب الأطعمة المسموح باستهلاكها وفقا للشريعة اليهودية إلى السجون.[26]

 وفضلا عن الملاحظات الخاصة، فإن تقارير المقرر الخاص السنوية، تنطوي على عدة توصيات وإجراءات عامة، بهدف تعزيز حماية ممارسة حرية الدين عبر مختلف الدول. و من جملة التوصيات العامة، نشير إلى إشكالية تقييد حرية الدين أو المعتقد تحت ذريعة الحفاظ على النظام العام. وهو ما عالجه من خلال تصور يدعو إلى ضرورة توافق الإجراءات والتدابير التي تتخذها الدول لحماية النظام العام، مع الشروط الخمسة التالية[27]:

1 - أن يكون التدبير المقصود منصوصا عليه في القانون.

2 - أن يكون ضروريا لأغراض حماية السلامة العامة، أو النظام العالم أو الصحة العامة أو الآداب العامة ، أو حقوق الآخرين وحرياتهم.

3 - أن يتفق مع مبدأ التناسب.

4 - أن يطبق على نحو لا ينتقص من الحقوق المكفولة في طريق حرية الدين.
5 - ألا يكون تمييزا من حيث الغرض أو التأثير.

وبالرجوع إلى هذه الشروط الخمسة، نلاحظ أنها  واضحة وغير قابلة للتأويل أو سوء التقدير باستثناء الشرط الخامس الداعي إلى عدم التمييز على أساس الدين، باعتبار أن التمييز يبقى مفهوما مطاطيا.

ولقد تصدى المغرب لذلك من خلال تجريم هذا الفعل ، من خلال القانون الجنائي .حيث عرف التمييز بأنه :

" كل تفرقة بين الأشخاص الطبيعيين ... بسبب الانتماء أو عدم الانتماء الحقيقي أو المفترض لعرق، أو لأمة أو لسلالة أو لدين معين"[28] . وعاقب على ذلك ب: " الحبس من شهر إلى سنتين وبالغرامة من 1200  إلى 50,000 درهم"[29] .

 عموما، تبقى آلية المقرر الخاص إجراء فعالا في رصده لتطور ممارسة حرية المعتقد ، من خلال تقييمه للوضعية ، بناء على زياراته وملاحظاته وتوصياته. كما أنها آلية لفضح كل الإجراءات التي تهضم حقوق الإنسان في الاستفادة من حرياته ، فضلا عن كونها آلية رقابية أممية، وهو ما يجعل منها ضمانة  حقيقية  للدفاع عن الحريات العامة و حمايتها.

 وعليه، فإن الأقليات الدينية يمكنها المطالبة بدعوة المقرر الخاص بحرية المعتقد، من أجل زيارة البلد والوقوف على كل المعطيات القانونية والمؤسساتية التي تنظم حريتها الدينية وتحميها.

المبحث الثاني : تدبير ممارسة حرية الدين بالمغرب وآثارها.

شكلت السياسة الدينية في المغرب إحدى الثوابت، التي يقوم عليها النظام السياسي عبر تاريخ المغرب الحديث.بحيث كان  دوما ينظر إلى معطى الدين كمكون أصيل لهوية المواطن المغربي. واستخدم هذا المكون في الدود عن حيازة الوطن ، كما لعب دورا كبيرا في توحيد المجتمع المغربي سياسيا واجتماعيا، بشكل متفوق على البعد الإثني أو الجغرافي. ومع مطلع القرن الواحد والعشرين ، رسخ المغرب الهوية الدينية على مستوى الدستور، وأخرجها من دائرة التنافس السياسي. وجعلها على مستوى النص والممارسة من اختصاص فاعلين محددين . و وضعت لها إستراتيجية وطنية، تتوخى إصلاح كل الجوانب والمجالات المرتبطة بالحياة الدينية للمغاربة. لكن هذا التوجه لم يستطع أن يرضي كافة الأطراف ، بحيث لا زالت بعض الأقليات الدينية تحتج على المغرب بكونه يقيد حريتها في ممارسة شعائرها الدينية .

المطلب الأول : تأطير الحقل الديني بالمغرب.

اختار المغرب توجها واضحا في مجال تأطير الحقل الديني ، من خلال الحسم في مكونات المؤسسة الدينية وتنظيم عملها. فعلى المستوى المؤسساتي، بات الفاعل الديني في المغرب منحصرا على إمارة المؤمنين، والمجلس العلمي الأعلى والزوايا. فضلا عن القطاع الوزاري الوصي، غير المحسوب على الفاعل السياسي. و بفعل هذه المكونات الموحدة وراء إمارة المؤمنين، أصبح المغرب متحكما في الإجراءات الدينية ، التي يقوم بها حفاظا على الهوية الدينية للمواطنين و الوطن ، وحفاظا على حقوق الأقليات الدينية.

فما هي اختصاصات هؤلاء  الفاعلين؟ وما هي الإجراءات التي يقومون بها  لتأطير الحرية الدينية بالمغرب ؟

الفقرة الأولى : الفاعلون في تأطير الحقل الديني.

يعتبر تدبير الحقل الديني مهمة من اختصاص عدة فاعلين في النظام السياسي المغربي، على رأسهم ملك البلاد ، حيث يتربع على هرم السلطة الدينية، سواء بصفته الرسمية أو المعنوية التاريخية . و يساعده في ذلك متدخلون آخرون ، وهم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، و المجلس العلمي الأعلى، و الزوايا.

1 – الملك: وفق الدستور المغربي لسنة 2011 ،  فالملك يعتبر أميرا للمؤمنين بموجب منطوق الفصل 40.

وعليه فإن حماية المؤمنين فوق التراب المغربي هي من اختصاص الملك ، سواء كانوا مسلمين أو غير ذلك.

كالمسيحيين واليهود . ولقد أكد ذلك الملك في الخطاب الذي ألقاه أمام بابا الفاتيكان ، خلال الزيارة التي قام بها هذا الأخير للمغرب سنة 2019 حيث قال". تأتي زيارتكم للمغرب، في سياق يواجه فيه المجتمع الدولي، كما جميع المؤمنين، تحديات كثيرة.وهي تحديات من نوع جديد، تستمد خطورتها من خيانة الرسالة الإلهية وتحريفها واستغلالها، وذلك من خلال الانسياق وراء سياسة رفض الآخر، فضلا عن أطروحات دنيئة أخرى.   وفي عالم يبحث عن مرجعياته وثوابته، فقد حرصت المملكة المغربية على الجهر والتشبث الدائم بروابط الأخوة، التي تجمع أبناء إبراهيم عليه السلام، كركيزة أساسية للحضارة المغربية، الغنية بتعدد وتنوع مكوناتها. ويشكل التلاحم الذي يجمع بين المغاربة، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم، نموذجا ساطعا في هذا المجال. فهذا التلاحم هو واقع يومي في المغرب. وهو ما يتجلى في المساجد والكنائس والبيع، التي ما فتئت تجاور بعضها البعض في مدن المملكة.وبصفتي ملك المغرب، وأمير المؤمنين، فإنني مؤتمن على ضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية. وأنا بذلك أمير جميع المؤمنين، على اختلاف دياناتهم.وبهذه الصفة، لا يمكنني الحديث عن أرض الإسلام، وكأنه لا وجود هنا لغير المسلمين. فأنا الضامن لحرية ممارسة الديانات السماوية.وأنا المؤتمن على حماية اليهود المغاربة، والمسيحيين القادمين من الدول الأخرى، الذين يعيشون في المغرب."[30]

وبذلك فإن المغرب يقدم التزاما على أعلى مستوى في هرم السلطة بحماية المؤمنين، مهما اختلفت دياناتهم.ويظهر هذا الأمر كذلك من خلال اعتماد وزير غير منتمي سياسيا، للسهر على تدبير الشؤون الدينية. وهي إشارة إلى الداخل والخارج ، بأن تدبير الدين لا يخدع لمنطق التناوب أو التنافس السياسي داخل المغرب. بقدر ما هو يعتبر من الثوابت في النظام السياسي المغربي . ويؤطر هذا التوجه  عمل باقي الفاعلين في تدبير الحقل الديني.

2 - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية:

 منذ الاستقلال، تعتبر هذه الوزارة ذات سيادة بالنسبة للمؤسسة الملكية وباقي مكونات النظام السياسي المغربي،  و أسندت لشخصية[31] واحدة على امتداد خمس ولايات تشريعية[32] ، بغض النظر عن تناوب القوى السياسية عن الحكم ، نظرا لحساسية اختصاصاتها في تدبير الشؤون الدينية.

إن حساسية تدبير هذا القطاع، كانت في السابق تتخذ بعدا أمنيا، أكثر منه كإستراتيجية عمومية مندمجة تعالج إشكالية التدين في المغرب . لكن مع تطور مفهوم السياسات العمومية وضرورة ملاءمتها لمنظومة حقوق الإنسان، صار المغرب يتلمس طريقه في وضع وصنع سياسة عمومية لتدبير القطاع الديني. وهو ما تبلور مع المستجدات التي ميزت الساحة الوطنية والدولية بعد أحداث 11 شتنبر 2001، وتفاقم ظاهرة الإرهاب، بحيث اعتمد المغرب مقاربة جديدة في تدبير القطاع الديني، تجلت في الانفتاح على المتدخلين في مختلف مجالات الحياة الأمنية والاجتماعية والإدارية والروحية، فضلا عن اتخاذ عدة إجراءات تنظيمية وتربوية، بهدف تأطير المواطنين والمتدخلين من مرشدين وأئمة ووعاظ وعلماء.

3 - المجلس العلمي الأعلى و فروعه :

 مباشرة بعد اعتلاء الملك محمد السادس العرش سنة 1999 ، برز دور المجلس العلمي الأعلى، كسلطة دينية تعمل على التحكم في إصدار الفتوى والأحكام في النوازل والمستجدات،  بهدف قطع الطريق عن باقي الجهات الداعية إلى التطرف والتعصب الديني. ولقد اختار المجلس العلمي المنهج الوسطي المعتدل في معالجة القضايا والإشكالات الدينية المطروحة عليه ، معتمدا في ذلك على الخبرات العلمية التي يتكون منها[33] ، بحيث أنه لم يعد يقتصر على حفظة القرآن والحديث النبوي فقط . بل انفتح على حساسيات علمية وازنة في مختلف المجالات العلمية. وازداد إشعاع المجلس من خلال عمل فروعه  الجهوية ، التي قربت الشأن الديني من المواطنين ، وانفتح المجلس بذلك على جيوب التدين في مختلف ربوع الوطن ، بحيث لم تعد الممارسات الدينية خفية على القيمين على تدبير هذا الحقل ، بفعل الاندماج الذي حققه المجلس من خلال فروع مع كل الحساسيات الدينية.

4 – الزوايا:

  كانت ولازالت الزوايا المنتشرة في المغرب مدارس دينية بامتياز، غير أنها تقوم بوظائف أخرى أبرزها الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي. ولما تشعبت الممارسات الدينية، انتبه القيمون على تأطير الحقل الديني إلى ضرورة تفعيل أدوار هذه الزوايا بشكل أكثر فاعلية، في تربية الأفراد على القيم الدينية السمحة ، بغض النظر عن جنسياتهم أو لونهم أو دينهم أو ثقافتهم ، فارتفع بذلك صوت التسامح الديني على حساب صوت التطرف والتعصب الديني . ونذكر على سبيل المثال، الزاوية البوتشيشية ودورها في التعريف بالدين الإسلامي الوسطي المعتدل، من خلال استقبالها لزوار كثر من مختلف مناطق العالم.  دون إغفال الأدوار التي تقوم بها باقي الزوايا الأخرى كالزاوية التجانية  ذات الطابع الدولي الإفريقي ، فضلا عن الزوايا ذات  الطابع المحلي كالزاوية الشرقاوية .

 

الفقرة الثانية : الإجراءات المتخذة لتأطير الحقل الديني.

قامت المملكة المغربية بعدة إجراءات من أجل حماية حرية ممارسة المعتقدات. و لمقاربة مدى صدقية هذه الإجراءات و واقعيتها ، سنعتمد في رصدها على تقارير هيئات خارجية[34]، و ليس على ما تصدره وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية.بحيث تم الاعتراف بأن الحكومة لا تتدخل في الجمعيات الدينية، على اعتبار أن الدستور يكفل لها القيام بأنشطتها ، ما عدا في الحالات التي تكون فيها الأنشطة الدينية موجهة لغاية أو لهدف غير مشروع ،و يتنافى مع القوانين أو الآداب العامة، أو يهدف إلى المس بالدين الإسلامي أو بوحدة التراب الوطني أو النظام الملكي أو يدعو إلى التمييز.

 كذلك، تستفيد الأقليات الدينية من إعفاءات ضريبية على الموارد المستوردة الضرورية لممارسة الشعائر الدينية. وتمنح لها الأراضي والعقارات لإقامة منشآتها الدينية، خاصة بالنسبة للجماعات الإسلامية أو اليهودية المعترف بها ، والمجموعات المسجلة بوصفها جمعيات.

من جهة أخرى، تقوم الدولة كذلك بالحرص على معاقبة كل شخص عرقل عبادة، أو حضور شعيرة من شعائر أي دين ،  بالحبس والغرامة وفق منطوق القانون الجنائي.

وفي مجال تعليم الدين، تسمح الدولة بتعليم الدين الإسلامي السني بالمؤسسات العمومية. وهو أمر منطقي وقانوني على اعتبار أن الأطفال تحت وصاية أولياء أمورهم. وبالتالي مادام 99% من المواطنين من المسلمين، فأكيد أن 99% من التلاميذ يستلزم الأمر تعليمهم الإسلام.[35] أما الأقليات الأخرى ، خصوصا اليهودية والمسيحية، فلها مدارسها الخاصة ، حيث يتلقى الأطفال ثقافة أبائهم . و الباقي فلا يشكل إلا فئة قليلة العدد من المسلمين ذوو مذاهب أخرى، الطائفة الأحمدية المسلمة، الشيعة، البهائيين، موزعين على البلاد. ولكن رغم محدودية عددهم فالدين متاح للممارسة والتعليم بالمؤسسات التعليمية بالنسبة لهم ، بغض النظر عن كون المذهب المالكي السني هو المعتمد بالمغرب بين المؤسسات الدينية الرسمية وغير الرسمية ، على اعتبار أنه يعمل بالراجح بين المذاهب السنية الأربع ، كما وقع مع انتاج مدونة الأسرة مثلا ، بحيث كثيرا ما تلتقي المذاهب السنية الأربع في الأحكام الشرعية.وفي حالة الاختلاف يرجع المذهب الأكثر واقعية بالنظر لظروف الزمان والمكان والمجتمع. وهو ما يميل إليه المذهب المالكي السني، على اعتبار ما يتميز به من وسطية واعتدال. أما الفتاوى فيصدرها المجلس العلمي الأعلى، لكنها لا تصبح سارية المفعول إلا بعد التصديق عليها من طرف الملك بواسطة ظهير،  مع العلم أن الملك هو كذلك أمير للمؤمنين بغض النظر عن دينهم ، أكان الإسلام أم المسيحية أم  اليهودية. وهو ما يعطي الضمان أكثر إلى أن الفتوى لا يمكن أن تكون إلا لما يحقق الصالح العام للأطياف الدينية كلها .

قضائيا تعمل الدولة كذلك على احترام القضاء الخاص بهذه الأقليات، فهناك محاكم خاصة وقوانين خاصة تحكم الأحوال الشخصية لليهود ، كحالة الزواج أو الارث في ما بينهم .كما بات القضاء يعترف بما تنص عليه المواثيق الدولية بخصوص حرية المعتقد، و يقدر الديانات السماوية الأخرى[36].

وفي ما يخص الشيعة والبهائيون وآخرون ، فإنهم لا يمنعون دائما من ممارسة الشعائر. فلقد أشار البعض منهم إلى أنه كان بإمكانه ممارسة الشعائر الدينية.وأفاد عدد من المجموعات الدينية أنه استمر في التعاون مع السلطات ،وقام أحيانا بإبلاغها عن اجتماعات كثيرة مخطط لها ، وكانت السلطات توفر أحيانا الحماية الأمنية لها. كذلك حضر الأجانب الشعائر الدينية بدون قيود في أماكن العبادة، الخاصة بالكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية والبروتيستانتية المعترف بها رسميا.

          أيضا ، قام الملك بتوجيه إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير التعليم، بمراجعة المناهج والمقررات الدراسية الدينية المقررة في المدارس الحكومية والخاصة ، لاستبعاد أي مراجع متطرفة أو متعصبة بهدف تعزيز الاعتدال والتسامح والتعايش الديني.

         وفي مجال التعاون الديني الدولي، أنشأ المغرب  مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بمدينة فاس سنة  2005 ، "بهدف توحيد جهود العلماء المسلمين في المغرب و باقي البلدان الإفريقية ، و المساهمة في ترسيخ قيم التسامح و العيش المشترك و الاعتدال في المجمعات الإفريقية"[37]

المطلب الثاني: نتائج تأطير الحقل الديني في المغرب.

 ما من شك  في أن المجهودات التي بذلها الفاعلون في تدبير الحقل الديني في المغرب، قد أنتجت ثقافة دينية وممارسة عقدية موحدة، ومتسمة بالقيم الإنسانية النبيلة ، كالتسامح والتضامن والتواصل بين مختلف الأطياف الدينية في المغرب ، فضلا عن مساهمتها في تحصين النشء من الغزو الديني المتطرف، والداعي للحقد والكراهية والإرهاب.غير أن هذا الواقع العام لا ينفي وجود إشكالات معقدة على مستوى  ممارسة حرية المعتقد، وما يرتبط بها من أزمات كالهجرة واللجوء.

الفقرة الأولى : اصطدام بعض الممارسات الدينية مع النظام العام.

بالرجوع إلى الخريطة الدينية في المغرب، نجد أن الدين الإسلامي يشكل الغالبية المطلقة ، ف 99 % من السكان هم من المسلمين ، غير أن هناك أقلية دينية محدودة جدا من المسيحيين واليهود والهندوس والبوذيين واللادينين ، وهذه الأقلية كثيرا ما تخرج باتهامات للمغرب بكونه لا يحترم حرية المعتقد ، معللة ذلك إما بالمتابعة القضائية أو المضايقات في الشارع ، أو بالحصار على ممارستها لشعائرها الدينية ، خاصة ممن تخلفوا عن الإسلام واعتنقوا ديانة أخرى ، أو الذين لا ينتمون لمذهب الإمام مالك كالشيعة مثلا . وفي هذا الصدد نعرض لحالتين بارزتين :

1 - حالة حركة "مالي".

 تعرف هذه الحركة نفسها على شبكة الانترنت، بأنها حركة عالمية نسوية علمانية للدفاع عن الحقوق الجنسية والإنجابية (المثليون والمثليات، وثنائيو وثنائيات الميل الجنسي، والمتحولون والمتحولات جنسيا). أسستها الناشطة الحقوقية ابتسام لشكر سنة 2009. كما أنها تدافع أيضا على حق الإفطار العلني في رمضان.و طالبت بإلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي الذي يعاقب بالحبس و الغرامة المالية على هذا الفعل.

وبفعل هذه الأنشطة أصبحت زعيمة الحركة محطة اهتمام الإعلام الوطني والدولي . كما أنها خلقت جدلا واسعا في وسط الرأي العام المغربي ، خاصة بعد اعتقالها يوم الجمعة 17 غشت 2018 بتهمة السكر العلني وإحداث الفوضى ،وإزعاج راحة المواطنين.

تسعى هذه الحركة إلى علمنة الدولة المغربية من خلال دفاعها عن الحريات الفردية خاصة للنساء، ومطالبتها للدولة بحمايتهن من الهيمنة الذكورية ذات المرجعية الدينية الإسلامية.لكن هذا التوجه يطرح على الدولة عدة تحديات سياسية و اجتماعية و قيمية و أمنية ، نظرا لوجود تيارات مخالفة من جهة ، ولمخالفة التاريخ الديني للشعب المغربي من جهة ثانية.

 

2 - جمعية "رساليون تقدميون".

 هي جمعية غير معترف بها، تضم في عضويتها أفرادا ينتمون للتيار الشيعي في المغرب. تهدف إلى "الدفاع عن حقوق الأقليات الدينية والمذهبية ، والقبول بالاختلاف والتنوع الثقافي والعرقي والديني و الإثني  و بحرية المعتقد".[38] وفي أحد حواراته[39] ، تحدث زعيم التيار الشيعي بالمغرب والعقل المدبر لتأسيس الجمعية، عن عدة قضايا ونقط تزعج السلطات المغربية، يعتبرها أساسا في نهجه، حيث أنه لا يعتبر التيار الشيعي أقلية في المغرب ، على اعتبار الحضور التاريخي للدين الإسلامي الشيعي في المغرب. بحيث يحتفظ لهذا التيار بعدة شواهد تبين أنه متجذر في هوية المغاربة. ويضرب بعض الأمثلة على ذلك بالعادات والتقاليد، وبعض الرموز الدينية كالمولى إدريس الأكبر المدفون بمدينة زرهون.

ولذلك ، فهو يعتبر وجود هذا التيار أمرا واقعيا من جهة، ولبنة جديدة في المجتمع المدني من جهة ثانية، تسعى  إلى تنظيم الحقل الديني ، و نبذ التعصب و التطرف الديني و الإرهاب [40]. واعتبر أن صراعهم كتيار ديني ليس مع المجتمع المغربي، بقدر ما هو مع السلطة.

في كلتا الحالتين ، تتدخل السلطة إما بدافع الحفاظ على النظام العام[41] ، أو الآداب العامة، على اعتبار أن ما يقوم به أنصار "حركة مالي " أو " الرساليون التقدميون " مجرم بالقانون، في حين تتهم هذه الجهات المغرب بالتضييق الديني ، وكل طرف يدلي بمبرراته، فالسلطات المغربية تعتبر الأمر خروج عن القانون، والطرف الثاني يدفع بأنه مضطهد دينيا . والحالة هذه يصعب معها ترجيح طرف ما، على اعتبار أن الإطار القانوني يصب في صالح السلطات المغربية، والدعوة إلى احترام حرية الأقليات الدينية في صالح الحركتين . وبذلك فإنه ينظر إلى هذا الاصطدام على أن ظاهره صراع ديني، بينما  باطنه سياسي .

الفقرة الثانية : الانعكاسات التي ترتبت عن تصادم الممارسة العقائدية في المغرب.

 تسببت الممارسات العقائدية المخالفة للنهج الديني الإسلامي في المغرب في عدة مشاكل دستورية و سياسية واجتماعية:

1 – دستوريا:

 بالرجوع إلى نص الدستور المغربي لسنة 2011، نجده يتطرق إلى مسألة الحرية الدينية من خلال عدة نصوص . ففي التصدير تقول الفقرة الثانية بأن " المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وصيانة وتلاحم وتنوع مقومات هويتها الوطنية الموحدة. بانصهار مكوناتها العربية الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية، و الغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية . كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوء الدين الإسلامي الصدارة فيها ". وجاء كذلك في الدستور " الإسلام دين الدولة ، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية "[42].

  تأسيسا على ذلك ، يرى البعض أن النص الدستوري لا يقيد الحرية الدينية ، بينما يعتبر آخر أنه يشكل قيدا أمام هذه الحرية. فالمدافعون عن الطرح الأول ، يعتبرون أن التنصيص بكون الدولة تدين بدين رسمي ، أمر لا يتعارض مع مبادئ الديمقراطية. فبعض الدول الغربية العلمانية والمتقدمة لديها دين رسمي حسب الدستور، كالدنمارك والنرويج. إذا فمسالة التدين لا تقف أمام الحريات الدينية على المستوى الدستوري ، ولا تعيقها. لكن تطبيق النص الدستوري هو ما يثير الجدل حول تحكم الدولة في حرية المعتقد.

فحسب بعض الباحثين كأحمد عصيد[43] فالإعلان الدستوري على أن الإسلام هو دين الدولة، لا يعني أن القوانين والتشريعات مصدرها الأول سيكون هو الدين،  بل هو واحد من مصادر متعددة. وهذا الأمر صار واقعا متعارفا عليه في المغرب . وبالتالي فإن الهوية الدينية للدولة (الإسلام)، لا تعني الإقصاء في حق الديانات الأخرى. كما أن المذاهب الإسلامية بدورها لا تقصي بعضها البعض، رغم أن هناك اختلافات فيما بينها في قضايا عديدة كالزواج أو الإرث. وهو الأمر الذي سبق للمغرب أن تعامل معه بحكمة في إطار إصدار مدونة الأسرة. بحيث أنه لم يأخذ بمذهب واحد، بل  حاول أن يطور النص، اعتمادا على التوفيق بين الواقع ونصوص المذاهب الأربع.

 إن هذا الاتجاه الذي يدفع على الدولة الطابع الديني، يجد معارضة من الاتجاه الآخر الذي يضفي على الدولة هذا الطابع ، من خلال ربطها بالدين الإسلامي، لكنه يقدم في نفس الوقت تبريرات علمية مقنعة إلى حد ما، حينما ينظر إلى الشريعة الإسلامية على أنها متطورة ومتغيرة حسب تغير الظروف من مكان وزمان و مجتمع. وبذلك فهو لا يخرج الإسلام من دائرة هذه التحولات التي تعيشها الشعوب اليوم ، بل إنه يدافع على كون التشريع اليوم وإن كان يعتمد على مصادر أخرى، فإنه لا يتعارض مع الشريعة ، فهي قادرة على احتواء الظواهر والمستجدات من خلال تفعيل أدوات علمية حديثة في استنباط الأحكام، كما أن مفهوم الإسلام باعتباره مفهوما شاملا لباقي الديانات الأخرى السماوية،  فهو يحترم طبعا الطقوس التعبدية لباقي الديانات.من منطلق قول الله : " لا إكراه في الدين" . لكن هذا الرأي لا يقبل به الطرف الأول ، ويعتبر أن مناصريه يستغلون ذلك لحساب مصالحهم السياسية و الاجتماعية.

2- سياسيا:

 تعرف القوى السياسية تجاذبات عدة ، من خلال نظرتها للدين. ففي المغرب نجد قوى سياسية حداثية تقدمية[44] تؤمن بالحريات العامة من منظورها الكوني، وقوى سياسية تتبنى الخطاب الإسلامي المعتدل[45] ، وأخرى تتبنى السلفي الراديكالي[46]. وكل واحدة من هذه القوى ترمي القوى الأخرى بخطاب معارض فيما يخص حرية التدين ، فالتقدميون ينادون بالحرية الدينية وفق ما تنص عليه المواثيق الدولية، وما تنادي به المنظمات والهيئات الحقوقية الدولية. ويتهمون التيار السياسي السلفي، وحتى الوسطي المعتدل بالتضييق على حرية المعتقد . فيما يدعو التيار السياسي الوسطي المعتل، إلى ضرورة التوفيق بين القانون الدولي لحقوق الإنسان في مجال حرية المعتقد ، وما يعيشه المغرب من واقع وتاريخ مشترك في التدين. أما الطرف السلفي فينعت خصومه السياسيين التقدميين والإسلاميين المعتدلين، بالركوب على موجة الحريات العامة وحقوق الإنسان، بهدف تدجين الشعب المغربي دينيا، وطمس أحد مكونات هويته الدينية.

3- اجتماعيا:

 برزت في المغرب تحديات اجتماعية مختلفة، في علاقة بممارسة حرية المعتقد، وعلى رأسها أزمة الهجرة واللجوء، بحيث لم تعد الهجرة مجرد ظاهرة اجتماعية واقتصادية بالدرجة الأولى . بل صارت تمثل تحديا دينيا أيضا للدول، سواء كانت الدولة دولة استقرار أو دولة عبور أو دولة هجرة. والحالة هذه نجد أن المغرب يمثل الوضعيات الثلاثة.

 وفي جميع الحالات ، فإن تحدي التوفيق بين الهجرة وما تحمله من ضرورة احترام كونية حرية المعتقد من جهة، وضرورة الحفاظ على الهوية الدينية للمغرب من جهة ثانية ، أصبح يطرح بقوة.

 وعليه، فقد انفتح المغرب دينيا على دول جنوب الصحراء باعتبارها بلدان مصدرة للهجرة ، وعمل بذلك على الدخول في تعاون مع هذه البلدان على مستوى التأطير الديني، بحيث تستقبل دار الحديث الحسنية سنويا عددا من الطلبة الأفارقة، بهدف تكوينهم في مجال الإرشاد والوعظ ، لنشر التعاليم الدينية الداعية إلى قيم التسامح بين الشعوب، مهما اختلفت جنسياتهم ومذاهبهم.

أيضا عمل المغرب على منح الإقامة لعدد من المهاجرين الأفارقة، وسمح لهم بالاندماج  في النسيج الاجتماعي المغربي مع مراعاة حقوقهم الدينية.

وفي مسالة اللجوء ،  نورد هنا بأن بعض الحالات قد اتخذت من اشكالية حرية المعتقد سببا لهجرة المغرب وطلبا للجوء في دول أخرى ، على اعتبار أنها تتعرض لمضايقات بسبب توجهها الديني الذي يخالف

الثواب الدينية المغربية . ونسوق كمثال بارز على ذلك حالة  " قاسم الغزالي "[47] ، الذي لجأ إلى سويسرا بسبب المضايقات التي قال بأن تعرض لها ، والتهديدات بالقتل التي تلقاها ، بعد إعلانه كفره وإلحاده ، كما ذكر ذلك في روايته " الدار البيضاء-جنيف. الرحلة رقم 8J504"، والتي قال فيها  "لم أعلم أنه بسبب كتاباتي سأهدد بالقتل و أطرد من المدرسة و أتابع قضائيا ، لأجد نفسي مضطرا لأعيش بقية حياتي بالمنفى"[48].

خاتمة :

منذ فتح سجل حقوق الإنسان في المغرب  إبان فترة حكومة التناوب الديمقراطي سنه 1998. راكم المجتمع المغربي رصيدا مهما في مجال حماية الحقوق والحريات. وتعاظم هذا الزخم الحقوقي خلال فترة الربيع الديمقراطي وميلاد دستور 2011. الذي بات يعترف بحقوق الإنسان في بعدها الدولي ، ووفق ما تنص عليه الهيئات والمنظمات الحقوقية الدولية. وبذلك بات المغرب يتوفر على رصيد تشريعي حقوقي متميز على المستوى الإقليمي والدولي. لكن واقع الممارسة لازال يثير  عدة إشكالات، بخصوص التضييق الذي تمارسه السلطات على بعض الحقوق والحريات والفئات، كحرية المعتقد بالنسبة للأقليات الدينة.

فعلى المستوى القانوني ، يظهر جليا بأن المغرب تعامل مع البعد الديني من زاوية مضامين الشريعة الإسلامية ، لكنه في نفس الوقت قام بتكييف النصوص وأحاطها بضمانات قوية في ما يخص الحقوق الدينية للأقليات على مستوى القانون الجنائي ، بحيث دعا إلى عدم التمييز على أساس الدين ، وعاقب على ذلك بالحبس والغرامة المالية.كما حمى حقوق البيع والكنائس اليهودية والمسيحية ، وأعطى للأقليات الأخرى الحق في ممارسة شعائرها الدينية في إطار جمعيات ، و وفق مقتضيات ظهير الحريات العامة.

 وعلى المستوى المؤسساتي، باتت إمارة المؤمنين الحامية لهذه الأقليات الدينية، وفق  ما ينص على ذلك الدستور. و هو السياق الذي تشتغل عليه الحكومة المغربية من خلال القطاع الوصي.لكن رغم كل هذه الضمانات القانونية والمؤسساتية الوطنية والدولية، التي تفاعل معها المغرب بكل إيجابية، لازالت بعض الأصوات الأقلية تحتج بالتضييق على حرياتها في ممارسة شعائرها الدينية، وتتخذ من ذلك ذريعة للهجرة واللجوء، وهو الأمر الذي ترد عليه السلطات المغربية بأنه لا يمت للدين بصلة ، وإنما يشكل تهديدا للنظام العام أو الآداب العامة.

المراجع :

الكتب و المجلات

1 - خالد مصطفى فهمي : الحماية القانونية  للمعتقدات و الشعائر الدينية و عدم المييز في إطار الاتفاقيات الدولية و القانون الوضعي و الشريعة الإسلامية. دراسة مقارنة. دار الفكر الجامعي . الإسكندرية . 2012

2 - قاسم الغزالي .الدار البيضاء-جنيف. الرحلة رقم8J540  .القاهرة . الطبعة الأولى. 2013.

3 - MOHSINE AL AHMADI : LA LIBERTE DE CROYANCE ENISLAM MAROCAIN. IN. REMALDE. N/54/2006   

4-Charlotte denizeau: droit des libertés fondamentales. vuibert.imrpimvert. 2010.

5- NICOLAS GUILLET : liberté de religion et mouvements à caractère sectaire. Librairie générale de droit et jurisprudence. Paris.2003.

القوانين :

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

الدستور المغربي لسنة 2011

القانون الجنائي المغربي

التقارير:

1-التقرير الموازي للتقرير الحكومي الدوري السادس الخاص بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المقدم للجنة حقوق الإنسان بتاريخ 15 يونيو 2015 ، والذي رفعته كل من المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ، وجمعية عدالة ، وحركة أنفاس ديمقراطية

2 - تقرير المقرر الخاص بحرية المعتقد المقدم للجمعية العامة للأمم المتحدة خلال انعقاد الدورة 63 . يوم 16 شتنبر 2008.

3 - تقرير المقرر الخاص بحرية المعتقد المقدم لمجلس حقوق الإنسان الدولي  خلال انعقاد الدورة 34 . يوم 17 يناير.2017

4 - التقرير الذي أعدته المفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان بمناسبة خضوع المغرب للجولة الثانية للاستعراض الدوري الشامل

5 - التقرير الذي أعدته المفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان بمناسبة خضوع المغرب للجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل

6 - التقرير الذي قدمه المغرب من طرف وزير حقوق الإنسان أمام أنظار مجلس حقوق الإنسان الدولي بجنيف، يوم 02 مارس 2017.

7 - القرار الذي أصدرته المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان ، يوم 20 شتنبر 1993 في قضية : OTTO-PREMINGER-INSTITUT *AUSTRIA

8 - تقرير أصحاب المصلحة الذي جمعته المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بناء على تقارير المنظمات الوطنية و الدولية المعنية بحقوق الإنسان ، و المقدم خلال الجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل للمغرب ، خلال الدورة 27 لمجلس حقوق الإنسان سنة 2018.



[1]   - العقيدة في اللغة العربية : " هي من فعل عقد و اعتقد كذا بقلبه وليس له معقود أي عقد رأي، و المعاقدة أي المعاهدة، وتعاقد القوم فيما بينهم و المعاقد مواقع العقد ". أخد هذا التعريف عن : د، خالد مصطفى فهمي   الحماية القانونية  للمعتقدات و الشعائر الدينية و عدم التمييز في إطار الاتفاقيات الدولية و القانون الوضعي و الشريعة الإسلامية. دراسة مقارنة. دار الفكر الجامعي . الإسكندرية. 2012 . ص 15

و يقصد بها كذلك حسب نفس المرجع ( ص 16) : " العقيدة هي الجانب النظري الذي يطلب الإيمان به أولا و قبل كل شئ إيمانا لا يرقى إليه شك و لا تؤثر فيه شبهة ".

وعرف القضاء العقيدة بأنها : "ما يسره الإنسان داخل نفسه و يعقد عليها قلبه و عزمه و تكون عليه نواياه ". نفس المرجع الصفحة 16.

[2]  -يقصد  بحرية العقيدة : " حرية الإنسان في أن يعقد قلبه و ضميره على الإيمان بشيء معين إيمانا سليما من الشك ، مبنيا علىى عقيدة راسخة ، ألزم فيها الإنسان نفسه و عاهدها عهدا راسخا في الإيمان ، و بما استقر في قلبه ".المرجع نفسه . ص 17

[3]  - في فرنسا مثلا،صدر القانون رقم 2004/228 بتاريخ 15 مارس 2004،والذي يقضي بمنع ارتداء كل ما من شأنه أن يظهر الانتماء إلى دين معين، وبموجب هذا القانون تم ادخال بند جديد في مدونة التربية(البند 141)،وتم منع ارتداء الحجاب رغم معارضة مجلس الدولة الفرنسي. للتفصيل أكثر في ذلك يرجى الاطلاع على:

Charlotte denizeau: droit des libertés fondamentales. vuibert. imrimvert.2010.page 255

 [4] - حزب العدالة و التنمية في المغرب . و حزب النهضة في تونس .

[5]  - حركة العدل و الإحسان في المغرب .

[6] - اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها سنة 1948 – الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية لسنة 1950 – الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لسنة1951

الاتفاقية المتعلقة بالأشخاص عديمي الجنسية لسنة 1954 – الاتفاقية الخاصة بمنع التمييز في مجال التعليم لسنة 1960 – الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لسنة 1965 – اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979 – الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان و الشعوب لسنة 1981- اتفاقية حماية حقوق الطفل لسنة 1989 – الميثاق العربي لحقوق الإنسان...

[7]  - المادة 18  من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .

[8]  - المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .

[9]  - يتكون هذه المفهوم حسب القانون الجنائي المغربي من عدة عناصر أهمها : إهانة علم المملكة و رموزها والإساءة لثوابتها. و إهانة المقابر و حرمة الموتى.

[10]  - يندرج ضمن هذه المفهوم حسب القانون الجنائي المغربي الحالات التالية :

         - الإجهاض :

         - انتهاك الآداب العامة : كالعري ، الاغتصاب ، الفساد ، الاستغلال الجنسي ، المتاجرة في الأفلام الاباحية 

[11] - الدستور – القانون المدني – القانون الجنائي -  ظهير الحريات العامة .

[12] - MOHSINE AL AHMADI : LA LIBERTE DE CROYANCE ENN ISLAM MAROCAIN. IN. REMALDE. N/54/2006. PAGE : 139

 [13] - التقرير الموازي للتقرير الحكومي الدوري السادس الخاص بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المقدم للجنة حقوق الإنسان بتاريخ 15 يونيو 2015 ، والذي رفعته كل من المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ، وجمعية عدالة ، وحركة أنفاس ديمقراطية. ص 12.

[14]  -  نفس المرجع. ص 12.

[15]  - نفس المرجع. ص 13.

[16]  - للمزيد يرجى الاضطلاع  على :

- تقرير المقرر الخاص بحرية المعتقد المقدم للجمعية العامة للأمم المتحدة خلال انعقاد الدورة 63 . يوم 16 شتنبر 2008.

- تقرير المقرر الخاص بحرية المعتقد المقدم لمجلس حقوق الإنسان الدولي  خلال انعقاد الدورة 34 . يوم 17 يناير 2017.

[17]  - التقرير الذي قدمه المغرب من طرف وزير حقوق الإنسان أمام أنظار مجلس حقوق الإنسان الدولي بجنيف، يوم 02 مارس 2017.

[18]  - التقرير الذي أعدته المفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان بمناسبة خضوع المغرب للجولة الثانية للاستعراض الدوري الشامل ، خلال الدورة 13 سنة 2012 ، ص9 .

[19]  - التقرير الذي أعدته المفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان بمناسبة خضوع المغرب للجولة الثانية للاستعراض الدوري الشامل ، خلال الدورة 13 سنة 2012 ، ص9 .

[20]  - التقرير الذي أعدته المفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان بمناسبة خضوع المغرب للجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل، ص 7 .

[21]  - تقرير أصحاب المصلحة المقدم من طرف المفوضية السامية لحقوق الإنسان خلال الجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل الذي خضع له المغرب خلال الدورة 27 لمجلس حقوق الإنسان . سنة 2018. ص 7.

[22] -  القرار الذي أصدرته المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان ، يوم 20 شتنبر 1993 في قضية : OTTO-PREMINGER-INSTITUT *AUSTRIA

[23] - تقرير أصحاب المصلحة الذي جمعته المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بناء على تقارير المنظمات الوطنية و الدولية المعنية بحقوق الإنسان ، و المقدم خلال الجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل للمغرب ، خلال الدورة 27 لمجلس حقوق الإنسان سنة 2018. ص 7.

[24] - الموقع الرسمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان//www.ohchr.org  https :  تمت زيارة الموقع بتاريخ : 24 أكتوبر2019، على الساعة: 15H30min

[25] - الموقع الرسمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان//www.ohchr.org  https :  تمت زيارة الموقع بتاريخ : 24 أكتوبر2019، على الساعة: 15H30min

[26] - التقرير المؤقت للمقرر الخاص المعني بحرية الدين و المعتقد ، المقدم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار أعمال الدورة 74 ، بتاريخ 20 شتنبر 2019. ص 15 .

[27] - التقرير المؤقت للمقرر الخاص المعني بحرية الدين و المعتقد ، المقدم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار أعمال الدورة 73 ، بتاريخ 5 شتنبر 2018. ص 24 .

[28] - الفصل 430 من القانون الجنائي المغربي

[29] - الفصل 431 من القانون الجنائي المغربي

[30] - مقتطف من خطاب ملك المغرب أمام بابا الفاتيكان في ساحة مسجد حسان بمدينة الرباط ، يوم السبت 30 مارس 2019 .

[31] - يتعلق الأمر ب : أحمد توفيق من مواليد (22 يونيو 1943) مفكر، مؤرخ،و روائي مغربي ، يشغل منصب وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية منذ سنة 2002. ويعتبر أقدم وزير في تاريخ الحكومة المغربية.

[32] - يتعلق الأمر بحكومة : الاشتراكيين بقيادة عبد الرحمان اليوسفي. و حكومة الاستقلال بقيادة عباس الفاسي. و حكومة التكنوقراط بقيادة إدريس جطو. و الحكومتين الإسلاميتين لما  بعد الربيع العربي بقيادة كل من عبد الإله بنكيران و سعد الدين العثماني.

[33] - يتكون المجلس العلمي الأعلى من الملك و 15 من كبار العلماء ، و الكاتب العام ، و رؤساء المجالس العلمية و عددهم 30.

[34] - تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لسنة 2016 بشأن وضعية الحريات الدينية في المغرب.( مكتب الديمقراطية و حقوق الإنسان ).

[35]  - كما تنص على ذلك المادة 5 من إعلان 1981 ، بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب و التمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد.

[36] - يرجى الاطلاع على القرار رقم 718 الصادر بتاريخ 22/11/2018  عن محكمة الاستئناف بتازة.

[37] -    https://ar.ma.wikipedia.org/  تمت زيارة الموقع بتاريخ 26 نونبر 2019 على الساعة 10H15 min

[38] - مقتطف من مقال  منشور على موقع : hespress.com  تحت عنوان : شيعة مغاربة يؤسسون جمعية " رساليون تقدميون " نشر بتاريخ 18/ 04/ 2019. اطلع عليه بتاريخ : 19/10/2019 ، على الساعة : 17H20min

[39]- حوار منشور على الموقع الإلكتروني :  meghrebvoices.com بتاريخ 27 يونيو 2018 . اطلع  عليه بتاريخ 19 / 10 / 2019 على الساعة  17H30min

[40] - حوار لزعيم التيار الشيعي بالمغرب " عبد الرحمان الشكراني : مع جريدة : تيل كيل عربي " نشر بتاريخ 4 يونيو 2018 على الموقع الإلكتروني : ar.telquel.ma  اطلع عليه يوم 19/10/2019 على الساعة 17H40min  .

[41] - NICOLAS GUILLET : librté de religion et mouvements à caractère sectaire. Librairie générale de droit et jurisprudence. Paris.2003.page 39-

[42] - الفصل الثالث من الدستور المغرب لسنة 2011

[43] - أحمد عصيد : ولد يوم 14 يوليو 1961،كاتب و شاعر مغربي وباحث في الثقافة الأمازيغية وناشط حقوقي علماني "انساني"[1] , حصل على الإجازة في الفلسفة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بـ الرباط سنة 1984

[44] - اليساريون مثل: اليسار الاشتراكي الموحد، حزب التقدم و الاشتراكية ، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، النهج الديمقراطي ، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان...

[45] - المحافظون مثل : حزب الاستقلال ، حزب العدالة و التنمية.

[46] - السلفيون الرادكاليون مثل: حركة العدل و الإحسان.

[47]  - للتعرف أكثر على شخصية قاسم غزالي تم تصفح الموقع الالكتروني: ar.ma.wikipedia.org/  بتاريخ 2 دجنبر 2019، على الساعة 20h15 min

[48]  - قاسم الغزالي .الدار البيضاء-جنيف. الرحلة رقم8J540  .القاهرة . الطبعة الأولى. 2013. ص 11.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات