آخر الأخبار

Advertisement

المجتمع المدني: قراءة في النشأة والمقومات والأدوار الدستورية - الدكتور محمد مهداوي، العدد 46 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


  المجتمع المدني: قراءة في النشأة والمقومات والأدوار الدستورية - الدكتور محمد مهداوي، العدد 46 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


رابط تحميل المجلة التي تتضمن المقال بصيغتها الرقمية PDF الرابط أذناه:


https://www.allbahit.com/2022/08/46-2022-24.html



الدكتور محمد مهداوي

دكتور في القانون العام والعلوم

 الإنسانية

المجتمع المدني: قراءة في النشأة والمقومات والأدوار الدستورية

Civil society: a reading on the emergence, components and constitutional roles

    مقدمة:

 قديما قيل بأن الإنسان حيوان اجتماعي بطبعه، تفيد هذه المقولة الأرسطية بأن الإنسان قد عمل، منذ العصور البدائية، على تنظيم وتقنين حياته حتى يضمن لنفسه العيش والبقاء، فكانت لذلك كل الأحداث السياسية والظواهر الطبيعية والاقتصادية، والقضايا الاجتماعية، وسؤال المواطنة والتنمية، من اكتشافات وتجارب علمية، تشكل وقائع دفعت الأفراد والجماعات، على حد سواء إلى استنباط وتطوير أساليب ممارسة حياتهم اليومية[1].

وتأسيسا على ذلك، يمكن اعتبار التكتلات البشرية نواة الوجود السياسي في كل المجتمعات، على غرار الأحزاب السياسية، والنقابات المهنية، والجمعيات، وما يسمى في الدراسات الحديثة بالمجتمع المدني.

إن ثمة فرضية ترتكز عليها جل الدراسات الاجتماعية مفادها أن المجتمع لا يمكن أن يتطور ويتحرر إلا إذا كان يسائل كيانه ويتساءل حول معاني وجوده، أي لا يعزو حقيقته لقوى الغيب ولا يجعل من قيمه وممارساته معطيات بديهية وطبيعية، بل يصوغها في طروحات إشكالية دونما اعتبار لوجهة الثقافة السائدة مهما تعددت مشاربها[2].

بعد أن تحررت البلاد من يد المستعمر وشرعت في تشييد صرح الدولة، بوضع ترسانة من التشريعات والقوانين لتنظيم العلاقات بين المواطنين والسلطة العليا المسؤولة عن تدبير البلاد، انبرى المواطن للدفاع عن الحريات وعن حقوق الإنسان في شكل تطوعي واختيار حر، ويعني هذا أن خدمة المجتمع مبنية على المساهمة الحرة والفعل التطوعي دون إلزام وإجبار، وهذه تبقى هي أسس قيام المجتمع المدني.

إن البحث في اللبنات الأولى لوضع أسس وأبعاد المجتمع المدني أمر غير يسير تتضارب بشأنه النظريات والآراء والمقاربات الفكرية والسياسية. كما أنها تتباين حسب اختلافات البنيات الثقافية والبيئية للجماعات المؤسسة له. لذا حرصنا على عدم الخوض في متاهات السجالات والنقاشات الجدلية التي اعتمدت في رصدها بغية إثبات هذا الرأي أو ذاك، معتمدين بالأساس على الطروحات المشهود بتجردها ونجاعة منهجيتها، دون أن يعني ذلك ارتكازنا إليها بالمطلق، كحائقق لا يدخلها الباطل من يمينها أو شمالها.

إن البحث في مفهوم المجتمع المدني قد يبدو للوهلة الأولى على أنه مفهوم بسيط، سهل التنزيل، لكونه بات متداولا بشكل كبير، ومألوف كشعار ثابت في الخطابات المطلبية لكافة القوى السياسية[3]. وعنوانا لمعظم الحوارات والندوات التي يتم عقدها من قبل المنظمات غير الحكومية[4]؛ فهو – المجتمع المدني- يتميز بالاستقلالية المؤسساتية والتنظيم التلقائي وروح المبادرة والعمل التطوعي – كما أسلفنا الذكر – بالإضافة إلى الممارسة من أجل خدمة الصالح العام والدفاع عن حقوق الفئات الضعيفة[5].

إن الباحث المهتم والذي يريد الخوض في غمار فك تشابكات العلاقات الممكنة التي يتأسس عليها المجتمع المدني يجب أن يتميز بالحذر الإبستمولوجي في مقاربة هذا الموضوع لفك الترابطات المتلازمة والمتداخلة من خلال وعيه التام بأن المجتمع المدني هو أحد إبداعات الفكر السياسي الغربي نشأ وتطور في بيئة أوربية، وأن المجتمع العربي بصفة عامة، والمجتمع المغربي بصفة خاصة وضع له ترسانة تشريعية وقانونية ودستورية لممارسة أنشطته ومبادراته.

إن مفهوم المجتمع المدني هو مفهوم سياسي بالدرجة الأولى؛ ومن هنا ارتبط بمفاهيم أخرى، كالوطن والدولة والليبرالية والديمقراطية ؛ فلا يمكن إنجاح تجربة ديمقراطية خارج مجتمع مدني ناضج، كما لا يمكن أن نتصور مجتمعا مدنيا متقدما في ظل نظام سلطوي- تسلطي أو حكم استبدادي[6]. وبالتالي فالمجتمع المدني هو المجتمع غير الحكومي، وهو سلطة من بين خمس سلط هي: السلطة الدينية، السلطة الحكومية، السلطة التشريعية، السلطة القضائية، وسلطة المجتمع المدني[7].

لقد أصبح المجتمع المدني من بين العناصر الأساسية لتفسير معطيات التحول السياسي في عدد كبير من البلدان، إذ أصبح هذا المفهوم حاضرا بقوة في النقاش العمومي والسياسي والإعلامي والعلمي، من أجل إثارة الانتباه إلى أن آليات قيام المجتمع المدني تتعلق بقيم الهوية والديمقراطية من خلال علاقة تشاركية تنشد ولو نسبيا المثالية، لتبني نموذجا تصبح فيه الممارسة السياسية في خدمة المجتمع المدني. هذا الأخير تحول مع الربيع الديمقراطي الى قوة للتدخل غير المباشر، بوسائل غير حكومية وغير عنيفة، في صناعة القرار السياسي الرسمي في كيان الدولة، وهو أيضا (المجتمع المدني) قوة مجتمعية للتدخل المباشر في صناعة حزمة من القيم والمفاهيم وتحقيق التنمية المستدامة، والهيمنة الأيديولوجية في المجتمع، ومن مهامه الدستورية بالمغرب التدخل لحماية مبدأ القانونية في كيان الدولة، وحماية مبدأ الكرامة والعزة في كيان المجتمع[8].

وسنحاول في هذه الورقة البحثية فك الخيوط المتشابكة للإشكالية التي نود مقاربتها وفق بناء منهجي علمي اكاديمي، ومن خلال إجابات جادة وعميقة، ترتكز على دراسة قانونية وسياسية، وذلك لاستجلاء الترابطات الممكنة، والعلاقات المختلفة التي تجمع بين عناصرها، والاشكالية التي نود فك اللبس والغموض اللذان يكتنفانها، هي التي جعلتني متخوفا بعد الشيء في جدية الآراء والحلول والنتائج التي يمكن التوصل اليها، وتتمثل الإشكالية في المجتمع المدني المغربي وسؤال النشأة والمقومات والادوار الدستورية؟ وذلك من خلال محورين الأول يناقش التطور التاريخي للمجتمع المدني مركزا على النشأة والمقومات. والمحور الثاني سيتناول أهم الأدوار الدستورية الجديدة من خلال الوثيقة الدستورية الأخيرة لسنة 2011.

المحور الأول: السيرورة التاريخية للمجتمع المدني: النشأة والمقومات:

لم يعرف المجتمع المدني في البلدان العربية والمغاربية إلا حديثا، ولم يبرز بشكل جلي وبصفة رسمية إلا في الثمانينات من القرن الماضي، ورغم الاختلافات الجوهرية الواضحة والسياقات التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية لنشأة المجتمع المدني في الدول المغاربية، إلا أنه أصبح له دور اعتباري في هيكلة وشكل الدولة الحديثة نظرا لمساهمته بكيفية ملموسة وفعالة في المجهود التنموي، وفي دمقرطة النقاش العمومي[9]. فلقد شكل المجتمع المدني بكل مكوناته ثروة حقيقية تساهم في البناء الحضاري للأمم، وقد عرف تطورا كبيرا على مر التاريخ، حتى أصبح شريكا إستراتيجيا للقطاع العام والخاص باعتباره فضاء جماعيا مشتركا لتحقيق أهداف واضحة تخدم القيم والصالح العام[10]، إذن فكيف نشأ هذا المجتمع المدني؟ وما هي مقوماته وشروطه؟

أولا: قراءة في نشأة المجتمع المدني:

كلما انبرى باحث إلى تحديد الجذور التاريخية لمفهوم معين، إلا وجد نفسه منغمسا بقصد أو بغير قصد في تقصي ومراجعة الفكر الفلسفي والتاريخي للحضارة اليونانية، لأنها مهد الفكر الإنساني، وهبط المفكرين والفلاسفة، ولهذا الاعتبار نجد أن السيرورة التاريخية لفكرة المجتمع المدني، يمكن القول أنها انتقلت من كونها أداة معيارية للتحليل النظري للتحولات الكبرى التي عرفتها المجتمعات الغربية، بدءا بميلاد المدينة الدولة في النظرية السياسية اليونانية وارتباطها بمفهوم المواطنة كإطار قانوني يحدد حقوق وواجبات المواطن اليوناني، ونجد ذلك عند أفلاطون في كتابة '' الجمهورية''، حيث طرح أفكارا جد متقدمة حول الدولة المدينة، كما رسم صورة للمجتمع المدني كمجتمع عاقل داخل دولته المثالية: إلا أن تلميذه أرسطو اعتبر المجتمع المدني كمجموعة سياسية تخضع للقوانين؛ أي أنه لم يكن يميز بين الدولة والمجتمع المدني، وبالتالي فالمجتمع المدني في فلسفة أرسطو، هو تجمع سياسي، أعضاؤه هم المواطنون الذين يعترفون بقوانين الدولة ويتصرفون وفقا لها[11].إلى اعتبارها النواة الجوهرية لنظرية العقد الاجتماعي، وبكونها مدخلا أساسيا لتفسير الصراع الاجتماعي داخل الفضاء العمومي كنتاج للبنية الفوقية عند (هيغل وغرامشي)، أو امتداد للبنية التحتية عند (كارل ماركس)، قبل أن تتحول فكرة المجتمع المدني إلى أحد أهم المحركات لما يسمى بالحراك الاجتماعي المدني في أوربا الشرقية لمناهضة وحدانية الدولة والحزب الحاكم، والتأسيس لمرحلة ولوج الديمقراطية الليبرالية واقتصاد السوق في نهاية القرن الماضي[12]. أما عند فلاسفة العقد الاجتماعي، فأول من أرسى دعائم المجتمع المدني نجد مفكرين كبار أهمهم توماس هوبز وجون لوك في إنجلترا، وجان جاك روسو في فرنسا، حيث اعتبروا مفهوم المجتمع المدني مرادف لمفهوم المجتمع السياسي، اذ اعتبر طوماس هوبز المجتمع المدني هو ذلك المجتمع الذي يقوم على التعاقد وعلى أساس سلطة الدولة تحت مسمى '' سلطة صاحب السيادة'' لاعتبار وحيد هو أن العيش في المجتمع لا يكون إلا في إطار الدولة[13].

أما جون لوك فاعتبر المجتمع المدني ذلك المجال الذي يدخله الأفراد طواعية دون سابق شروط لضمان حقوقهم المتساوية التي تمتعوا بها في ظل القانون الطبيعي؛ رافضين مسألة الحكم الملكي المطلق؛ لإيمانهم الراسخ بأنه كلما ازدادت قوة الدولة، ضعف المجتمع المدني، وهنا برزت فكرة الملكية الفردية كشرط أساسي لبناء المجتمع المدني[14].

لكن وجهة نظر جون جاك روسو، فتتلخص بشكل عام نظريته عن المجتمع المدني في رفضه المطلق للمصلحة الذاتية والحساب العقلاني للمنفعة، لأنه يعتبر المجتمع المدني مجتمع صاحب سيادة؛ ونشأته سابقة على ظهور الدولة، وأن الدولة تستمد مشروعيتها من إرادة أفراد المجتمع الذي تشكل قبل وجودها[15].

أما الكسيس دي توكفيل، الذي اعتبر فكرة المجتمع المدني ظهرت في أمريكا والتي ميزت  المجتمع الأمريكي وجعلته أكثر حداثة وتقدما عن المجتمع الأوروبي، وحاول أن يعطي صورة أكثر حضارية لاعتبار أن المجتمع المدني هو المشاركة الطوعية والإرادية للأفراد الأحرار داخل الدوائر المختلفة لتنظيمات المجتمع المدني، التي تخفف من سيطرة الدولة على تلك الروح الطوعية، لأن التنظيمات المدنية أو مؤسسات المجتمع المدني هي القادرة على تحقيق الديمقراطية وهي العين الفاحصة والمستقلة للمجتمع[16].

وعند جورج فريديك هيغل، فقد كانت له رؤية مختلفة، فرغم الدراسات الفكرية وإبداع الفلاسفة في تقديم مفهوم جديد للمجتمع المدني داخل الفكر السياسي الغربي، حيث أن هيغل فشل في تحقيق درجة الحرية القصوى، وانتهى إلى مذهب رجعي، يرى أن مقدور الدولة هو حل النزاعات الاجتماعية وتدعيم القيم الأساسية وإعلاء الصالح العام بين المصالح المتصارعة؛ لأنه – هيغل – ينطلق من المفهوم العقلاني للدولة، مع أنه في الحقيقة لا يمكن أن تنشأ الدولة من دون قاعدتها الطبيعية في العائلة، والاصطناعية في المجتمع المدني إنها شروطها الضرورية[17].

لكن '' كارل ماركس'' أخذ توجها خاصا، حيث ذهب في تحديده على أن للمجتمع المدني لا يشكل مجرد تجمع لعدد من الأفراد، ولكنه مجموع العلاقات والتفاعلات التي يدخلها الأفراد، والتي تمثل حالة إقصاء للفئات الدنيا في المجتمع، وبالتالي إظهار حالة الصراع من أجل تحقيق مصالح متعارضة؛ وهو أيضا انعكاس للأوضاع الطبقية في المجتمع والتي تجسد لمرحلة تحول تاريخي، مرتبطة أساسا بالأوضاع الاقتصادية[18]. كما يرى أن المجتمع المدني ما هو إلا انعكاس لصراع الطبقات في المجتمع المدني وما هو إلا البديل المفترض عن الدولة التي ستزول لا محالة بوجوده[19].

أما إذا أردنا أن نلقي نظرة على مستوى مفهوم المجتمع المدني عند '' أنطونيو غرامشي''، فنجده قد عرفه على أنه من بين أحد مستويي الأبنية الفوقية للنظام السياسي؛ الأول يطلق عليه المجتمع المدني، وهو مجموع الهيئات التي توصف بأنها هيئات خاصة، والمستوى الثاني، هو المجتمع السياسي؛ ويقابل هذين التصنيفين وظيفة الهيمنة التي تمارسها الطبقة أو الجماعة الحاكمة في المجتمع كله من جهة، ووظيفة السيطرة المباشرة التي تمارسها من خلال مؤسسات الدولة وحكم القانون من جهة أخرى[20].

إن هذا الطرح الذي قدمه أنطونيو غرامشي يريد أن يبرز لنا أن المجتمع المدني هو ذلك الفضاء الذي يتسع لكل شرائح المجتمع الواحد الذي يضم الفئات المتنورة من نقابات وأحزاب سياسية ومدارس وجامعات ووسائل الإعلام والرأي العام وغيرها من الهيئات التي تتجسد في هيأة شبكة معقدة من الممارسات والعلاقات الاجتماعية بين الأفراد.

تانيا : المجتمع المدني في المغرب:

لعل البوادر الأولى لظهور مفهوم المجتمع المدني بالمغرب، ترجع بالأساس إلى الأنشطة الجمعوية في عهد الحماية الفرنسية تثمل في مناهضة المستعمر والدفاع عن الحرية واستقلال البلاد، أما غداة الاستقلال فقد عرف المجتمع المغربي انتشارا واسعا وواضحا لمنظمات وجمعيات حكومية وغير حكومية، حيث أضحى الفاعل المدني المغربي من أكبر الفاعلين المدنيين في الوطن العربي سواء من حيث كمه أو تنوعه. إذ يمكن اعتبار المجتمع المدني من بين المفاهيم المتداولة بإفراط في السنوات الأخيرة بالمغرب؛ ويكاد يمثل أحد أهم المصطلحات في المعجم السياسي المغربي المعاصر، لأنه يساهم في عملية التحديث السياسي حسب نظرية التنمية، فالمجتمع المدني هو بمثابة الإطار المتعدد الأبعاد يجمع ما بين دوره التنموي والتأطيري في آن واحد، فهو إذن قاطرة التنمية بمختلف تمظهراتها، يسهر على تأطير المواطنين في أفق تأهيل نخب وفعاليات مدنية قادرة على الاضطلاع بمهمة تسيير وتدبير الشأن المحلي؛ لأن الحديث عن المجتمع المدني يقتضي الانتقال من مجتمع الرعايا إلى مجتمع المواطنين[21]. وسنحاول رصد مفهوم المجتمع المدني في المغرب من خلال بعض المقاربات لبعض المفكرين المغاربة الذين كانت لهم رؤى مختلفة حول أسس ومفهوم المجتمع المدني وكيفية تشكله في المغرب.

1-المجتمع المدني عند عبد الله حمودي:

إن عبد الله حمودي المفكر المغربي، يرى من خلال تصوره أن المجتمع المدني هو ذلك الفضاء الخاص الذي يتموقع بين الأسرة والدولة، لكنه منفصل عنهما[22]؛ فقد اختلف – عبد الله حمودي- كثيرا مع بعض الباحثين الأنكلوساكسونيين مثل '' ارنست غيلينز''، و '' دافيدهارت''، و '' جونواتربوري'' في تحليلهم لبنية الحياة في القبيلة المغربية، إذ اعتبرها مجانبة للصواب، وذلك لعدم تمكنهم ومعرفتهم بخصوصية الدولة المغربية وتركيبتها،  لأن تحليل الرأسمال الاجتماعي واللامادي بالمغرب كأساس لمقاربة بنية وتعبيرات المجتمع المدني يتطلب المرور عبر مستويات متعددة من التحليل انسجاما مع التحولات المعيارية والمادية والرمزية التي عرفها المجتمع المدني في إطار علاقاته مع النظام السياسي[23] .

وتتجدد وظيفة المجتمع المدني حسب المفكر المغربي عبد الله حمودي في تحقيق مجموعة من الأهداف المحددة، مثل تقليص الهوة بين الفقراء والأغنياء، الدفاع عن مصالح مهنة أو حرفة معينة؛ هذا هدف محدد، تنشأ له مؤسسات خاصة، بأساليب معينة (جمعيات اجتماعية، نوادي، منظمات...[24].

2-عبد الله العروي:

وأنت تقرأ مقدمة كتاب عبد الله العروي'' مجمل تاريخ المغربي'' تجده يريد أن يوجه انتباهك إلى أهمية العنصر البشري في التغيير وبناء الحضارات ، حيث يقول: '' يتطلب التجديد ظروفا ذهنية واجتماعية، جماعية وفردية، لا تتحقق إلا بشروط كثيرة وفي أمد طويل''[25]، فعبد الله العروي، استطاع أن يصوغ أطروحة متكاملة عن واقعنا التاريخي''، وإن كان التاريخ في نظره هو ما نقرأه عن أحداث ماضية، دراسة رموز، قائمة، قائمة حاليا، ودالة عن تلك الأحداث، لا يهمنا هنا أن تكون الرموز بقايا مادية أو نقوشا، أو شهادات شفوية...[26]، لقد حلل واقعنا العربي وامتداداته الفكرية والسياسية والثقافية، كاشفا بذلك عن أسباب تأخرنا وعوائق تقدمنا، وللانفلات من هذا الوضع، يدعو إلى اعتماد أدوات تحليل نظرية متميزة، ومنهجية نقدية تاريخية مهمة[27]. ومن هنا تبدو المحددات الأساسية التي انطلق منها العروي والتي عبر عنها من خلال الزخم الفكري الكبير في كتاباته المتعددة نذكر منها: '' العرب والفكر التاريخي''، '' الإيديولوجية العربية المعاصرة''، '' أزمة المثقفين العرب، تقليدية أم تاريخية''...، من خلال هذه الكتابات دعا إلى القطيعة مع التراث، والتوجه إلى التحديث والعصرنة وتبني قيم الحداثة، وتطوير سبل الممارسة الديمقراطية وهوامش الحرية المتاحة للتعبير الاجتماعي الجمعوي والحزبي والنقابي[28]. وذلك قصد إرساء معالم فكر يمكن من الانخراط في التاريخ الكلي أو السياق الحضاري العام[29]، خاصة أن الظهير الشريف الصادر بتاريخ 15 نونبر 1958 كان أول تشريع قانوني لتنظيم الحريات العامة بالمغرب، وإن خضع لتعديل سنة 1973 إلا أن الدولة ظلت تضيق الخناق على الحريات – في سياق الظروف السياسية المتشنجة- أن تفرض مجموعة من القيود خاصة في الجانب المتعلق بحرية الجمعيات[30]، مما يثير جدلا وبالملموس أن الجمعيات الغير الحكومية لا تزاول أنشطتها بشكل طبيعي وتطوعي في انفصال تام عن رقابة السلطة، ويرى العروي أن مفهوم المجتمع المدني استنبط من التطور الذي وقع في أوربا؛ وهو يدور حول المفاهيم التالية: سلطة الفرد، حريته، حقه، تدبيره لشؤونه، وهيمنته على الطبيعة؛ أما مكونات المفهوم، فتتجلى في: الفردية، العقلانية، الحرية ، الديمقراطية، العلمية أو العلمانية بمعنى العلم الحديث[31].

3-محمد عابد الجابري:

يعد محمد عابد الجابري من طينة المفكرين الكبار على المستوى الوطني، له كتابات متنوعة، تناول قضايا متعددة تهتم بدراسة طرق تفكير العقل العربي، ويرى أن هنا فارق بين المجتمع البدوي، ومجتمع المدن، ويعتبر أن المجتمع المدني هو أولا وقبل كل شيء مجتمع المدن، وأن مؤسساته ينشئها الأفراد فيما بينهم لتنظيم العلاقات في ظل المجتمع الواحد سواء كانت هذه العلاقات اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية؛ إذن فهي مؤسسات إرادية يخلقها المواطنون وينضمون إليها وينخرطون فيها كما يمكنهم الانسحاب منها، وهي تختلف تمام الاختلاف عن مؤسسات المجتمع البدوي القروي لاعتبارها مؤسسات '' طبيعية''؛ ينتمي إليها الفرد بالفطرة منذ ولادته لا يستطيع الانسحاب منها، مثل القبيلة والطائفة[32]. وبالتالي يعتبر المجتمع تحصيل حاصل لأنه يقوم بدور إستراتيجي هام في التخفيف عن الدولة والجماعات الترابية، العديد من أعبائها المتعلقة بما هو اجتماعي وتنموي؛ وفي بلورة السياسات العمومية على كافة الأصعدة، سواء المحلية أو الجهوية أو الوطنية، على أساس تبني إبستيمولوجية الديمقراطية التشاركية[33].

4-عبد الله ساعف:

أعزى عبد الله ساعف أن المجتمع المدني في المغرب يتخبط في مشكلة تتمثل بشكل واضح في تغول الدولة وانتشار سلطتها الواسعة في كل مجالات الحياة الاجتماعية؛ مما يجعل المجتمع المدني يخضع لمراقبة مستمرة، ويعيش تحت رحمة السلطة مما يعوق إمكانية تحرر الأفراد وتمتعهم سلطة القرار واستقلال المؤسسات الاجتماعية، ومنع القيام بأي حركة تجنيد اجتماعية تحد من سلطاتها، وبالتالي فعبد الله ساعف يؤكد على أن هناك جيوب المقاومة لظهور مجتمع مدني حقيقي، وذلك لضعف حضوره في الوثيقة الدستورية، وكذلك طبيعة المؤسسات القائمة، وهذا ما يبرز من خلال الثقافة السياسية الموسومة بكونها نخبوية، محصورة في فئات ضيقة[34].

تالتا : مقومات وشروط المجتمع المدني.

ساهمت مجموعة من المرجعيات الدولية والوطنية في تعديل قانون 1973، حيث لعبت في هذا الإطار المواثيق الدولية دورا أساسيا في تكريس مجموعة من الحقوق[35]، التي ساعدت المجتمع المدني- بالأخص الجمعيات- على القيام بأدوارها عبر تحديد رؤيتها وتجديد مقاربتها وترشيد خططها وبرامجها[36]. وذلك من أجل الدفاع والترافع عن مصالح الشعب المشتركة ومصالح الأمة والإنسانية قاطبة. وإذا كان المجتمع المدني هو الكفيل على ممارسة هذه الأدوار فما هي المقومات التي يرتكز عليها؟ وما هي شروطه؟

إن الركائز الأساسية والمقومات الرئيسية لتبلور المجتمع المدني تتجلى في:

- الاستقلالية عن كل الضغوطات الخارجية الرسمية أو شبه الرسمية؛

- التخصص في الأعمال والمشاريع التي تنفع المجتمع البشري بصفة خاصة والمجتمع الإنساني بصفة عامة؛

- احترام الشرعية القانونية والتنظيمية للجمعيات والهيئات المدنية،

- ومن المقومات الأساسية للمجتمع المدني التطوعية والاختبار الحر؛

- الالتزام بالواجب والاستجابة للضمير الإنساني والمواطنة الحقة؛

- تكامل المجتمع المدني مع الدولة عن طريق البحث والتحقيق وتقديم الاقتراحات والاستشارة وإعلان الاحتجاج البناء والنقد الهادف؛

- المساهمة في التغيير واقتراح البديل البناء الفعال لصالح الإنسان مع تحقيق التنمية الشاملة[37]؛

- كما أن العلاقة بين المجتمع المدني والدولة ينبغي أن تستند على سبع قواعد للحكامة الجيدة:

+ المشاركة المدنية المستقلة والحرة والمسؤولية؛

+حكم القانون؛

+ الشفافية؛

+ المساواة وتكافؤ الفرص؛

+ المساءلة والمحاسبة؛

+ بناء التوافق.

+ الاستجابة للانتظارات المجتمعية وتطلعات المواطنات والمواطنين وحاجياتهم اليومية للكرامة والرفاه والعدالة الاجتماعية[38].

إذا كانت هذه بعض المقومات الأساسية التي ينبني عليها المجتمع المدني، والتي لا محالة ستفتح له المجال من أجل النهوض والمساهمة في المشاريع التنموية، ولن  يتأتى له ذلك إلا في خلق حالة من التعبئة القوية لمجموع القدرات والطاقات، وأيضا بفضل ترسيخ القيم المواطناتية وتعزيز السلوك الديمقراطي داخل هذه الهياكل الجمعوية، أي يجب أن يقوم وفق مجموعة من الشروط الضرورية؛ كتحقيق الديمقراطية، وإرساء دولة الحق والقانون، واحترام حقوق الإنسان، والاعتراف بحريات المواطنين الفردية والجماعية، وتكوين نظام انتخابي تمثيلي شفاف ونزيه في سبيل خدمة المصلحة العامة (الوطن، والشعب) على حد سواء، ثم هناك شروط أخلاقية لا يمكن الحديث عن المجتمع المدني بدونها كالتسامح وتقبل الآخر، والإيمان بالاختلاف والقبول بالرأي الآخر المخالف، وحب الغير والتضحية بالذات في سبيل المصلحة العامة، وإيثار منطق الحوار والتعايش، ونبذ العنف والتهميش والإقصاء وسياسة التغريب والتطرف والإرهاب.

هذه الشروط كلها مكتملة تمكن المجتمع المدني من ممارسة دوره في دعم التطور الديمقراطي للمجتمع، وترسيخ ثقافة التعاون واحترام الآخر والتنافس والصراع السلميين[39].

وفي إطار هذه المقومات والشروط التي نعتبرها لبنات أساسية لقيام المجتمع المدني لابد من تعزيز الترسانة القانونية المنظمة لقيام الجمعيات وممارسة أنشطتها بفصل ثلاث ركائز أساسية:

- حرية الممارسة الجمعوية كشكل من أشكال المشاركة المدنية في الحياة العامة؛

- حق الجمعيات في الولوج لمختلف أنواع الدعم العمومي مع المرونة في الإجراءات والمساطر المتبعة؛

- الحكامة الجيدة وربط ممارسة هذه الحرية، وهذا الحق بالمسؤولية والمحاسبة[40]؛

المحور الثاني- الأدوار الجديدة للمجتمع المدني من خلال دستور 2011.

إن التحولات العميقة والمعقلنة التي عرفها المغرب في شتى المجالات، خاصة التحولات السياسية والاجتماعية التي يعيشها مغرب قيد التحول، أبانت بشكل ملموس.

المساحة المهمة للمجتمع المدني ضمن الخريطة القانونية لدستور 2011، حيث تمت الإشارة إليه من خلال الوثيقة الدستورية بعدة مسميات (جمعيات، منظمات غير حكومية)، كما تتضمن الكتلة النصية للقوانين التنظيمية، قانونين تنظيمين يهمان المجتمع المدني ويتعلقان بالملتمسات والعرائض، ليعكس ذلك التطور العميق الذي حدث على مستوى علاقة الدولة بالمجتمع.

لا شك أن دستور 2011 تجاوز منطق الإنصات والحوار، إلى المشاركة الفعلية في عملية إعداد واتخاذ القرار العمومي، وأخذ الحلول المقترحة من طرف هيئات المجتمع المدني بعين الاعتبار[41].

تأسيسا على ذلك؛ نجد أن الدستور الأخير منح أدوارا جديدة لمؤسسة المجتمع المدني، وذلك بنقل دورها من الطابع الاستشاري الثانوي إلى الطابع التشاركي، حيث مكنت الوثيقة الدستورية المواطنين والمواطنات من المشاركة في صناعة القرار العمومي عبر مجموعة من الآليات، التي أسهمت بشكل كبير في تعزيز دور المجتمع المدني في تدبير الشأن العام، وذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل 12 من دستور المملكة: '' تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية في إطار الديمقراطية التشاركية في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا تفعيلها وتقييمها وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة، طبق شروط وكيفيات يحددها القانون[42].

انطلاقا مما سبق؛ سنحاول الوقوف على الأدوار الجديدة التي ميز بها الدستور 2011 المجتمع المدني والذي أعطى له أهمية بالغة باعتباره مؤسسات و هيئات منظمة ومعترف بها، وميزها عن دور الفرد المواطن في المشاركة في صناعة القرار العمومي.

اولا- دور المجتمع المدني في اتخاذ وصناعة القرار العمومي.

وأنت تتصفح الدباجة المتصدرة للوثيقة الدستورية- التي أضحت جزءا من الدستور- سيثير انتباهك الإشارات القوية التي تؤكد على مواصلة المملكة المغربية مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات الدولة الحديثة، التي ترتكز على المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة وإرساء مجتمع متضامن، وقد أكدت ذلك الفقرة التانية من الفصل السادس التي تنص على أن : '' تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحريات المواطنين والمواطنات، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية[43]، أما الفصل الثامن من الدستور الأخير فقد منح شرعية دستورية للمفاوضات الجماعية، كما أناط بالهيئات النقابية للأجراء، والمهنيين، والمشغلين، مهمة الدفاع عن الحقوق والمصالح الاقتصادية والاجتماعية للفئات التي تمثلها[44]، وهذا يؤشر وبالملموس وبشكل جلي على إشراك هذه الهيئات في عملية اتخاذ القرارات، إذن فهي تشارك في التشريع.

وقد ذهب الدستور الجديد بعيدا لباقي هيئات المجتمع المدني إذ نجده يؤسس بشكل بارز ومؤثر في مسألة اتخاذ القرار العمومي، حيث نصت الفقرة الثالثة من المادة الثانية عشر: '' أن تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية في إطار الديمقراطية التشاركية في إعداد القرارات والمشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية''، كما نجد المادة الثالثة عشر تؤكد على أن : '' تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في إعداد السياسات العمومية، ونجد أن الدستور أيضا نص بشكل غير مباشر في مجموعة من فصوله على ضرورة إشراك المجتمع المدني في مسلسل اتخاذ القرار العمومي، حيث أشار الفصل السادس والعشرون إلى دور الدولة في تدعيم تنمية الإبداع الثقافي والفني ، والبحث العلمي والتقني والنهوض بالرياضة...، أما الفصل الثاني والثلاثون فقد أكد على ضرورة اتخاذ السلطات العمومية تدابير توسيع مشاركة الشباب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والسياسية، وكذلك مساعدتهم على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية، وتيسير ولوجهم للثقافة، والعلم، والتكنولوجيا...[45].

فعلا لقد خطا الدستور الجديد (الأخير) خطوات نوعية إذ نجده يؤسس لمرحلة جديدة بعيدا عن السلطة وتدخلها، والانفراد في اتخاذ القرارات العمومية، إلى فتح باب الحوار والمشاركة الفعلية في إعداد وصناعة واتخاذ القرار العمومي، والأخذ بالحلول والبدائل المقترحة من طرف هيئات المجتمع المدني والعمل بها.

لقد أصبح من الضروري الآن، وبشكل حاسم لا يترك مجالا للشك، توحيد أنماط المشاركة في صناعة القرار العمومي في أنماط موحدة وطنيا في إطار التوافق عليها من طرف كل الفاعلين، لنتجاوز الاكتفاء بتقديم العرائض والملتمسات وإنشاء هيئات مشتركة للتشاور المنصوص عليهم في الدستور إلى تبني وسائل أخرى كإحداث اللجان الاستشارية، والاجتماعية العمومية.

تقنية المبادرة الذاتية...[46].

تانيا- مشاركة المجتمع المدني في تنفيذ القرارات العمومية:

أصبح من الضروري اليوم في إطار التحولات المجتمعية، وأهمية العنصر البشري ومكانته داخل النسيج المجتمعي، إشراك المجتمع المدني في تنفيذ القرارات العمومية، مما يجعل هذا الأخير باعتباره المتخصص في المجال التنموي والثقافي والاجتماعي، يتوفر على فرص مهمة لتقوية مركزه في السهر على تنفيذ القرارات العمومية في كثير من المجالات، والدستور الأخير لم يكتف فقط بالتأكيد على ضرورة إشراك المجتمع المدني في عملية اتخاذ القرار العمومي، ولكن أيضا إشراكه في تنفيذها[47]. فإدخال المجتمع المدني في عملية تنفيذ القرارات العمومية؛ يلزم الجميع بعملية التنمية في مختلف  مجالاتها وذلك لحل مجموعة من مصادر التوتر الاجتماعي، وتحقيق عدالة توزيعية.  وعليه سنحاول إبراز دور المجتمع المدني كشريك في إرساء المقاربة التشاركية، وأيضا كعنصر أساسي في التنمية.

أ-المجتمع المدني شريك في إرساء المقاربة التشاركية:

لقد تعدد المتدخلون في السياسات العمومية، بل هناك تنوع في الفاعلين السياسيين في هذا المجال، من فاعلين رسميين وآخرين غير رسميين، كما أن صناعة هذه السياسات، كان إلى زمن طويل حكرا على المؤسسات العمومية، لكن مع الدستور الأخير، نجد أن بمقتضاه أصبح لمنظمات المجتمع المدني دورا مهما في التدخل في صناعة السياسات العمومية، حيث نص دستور 2011 على اشتراك المجتمع المدني والفاعلين الاجتماعيين في صياغة السياسات العمومية في مختلف مراحلها من الإعداد إلى التنزيل، تم إلى التنفيذ إلى آخر مرحلة وهي مرحلة التقييم، في إطار الديمقراطية التشاركية المنفتحة على الجميع، وقد اعتبرت هذه الأخيرة شكلا من أشكال التدبير المشترك للشأن العام، يتأسسوا على تقوية مشاركة السكان في تدبير أمورهم، وهي تشير الى نموذج "سياسي '' بديل يستهدف زيادة انخراط ومشاركة المواطنين في النقاش العمومي واتخاذ القرار السياسي[48]. لأن جمعيات المجتمع المدني يمكنها الاهتمام بالمشاكل الغائبة عن اهتمام السلطة العمومية وتستطيع التواصل مع الأفراد عن قرب، فالمجتمع المدني يسعى إلى نسج علاقات فاعلة في شأنها تقوية الديمقراطية المحلية وتعزي التقارب بين مختلف الشركاء للرفع بالمسار التنموي.

فرغم هذا التوجه الدستوري الذي أسس له دستور 2011 والذي أقر على انتقال المغرب من الديمقراطية التمثيلية إلى الديمقراطية التشاركية إلا أن تنزيلها على مستوى الممارسة، لا زال محتشما لا يرقى إلى المستوى المطلوب، في غياب الإشراك الفعال لجميع الفاعلين في صياغة القوانين التنظيمية اللازمة لاستكمال البناء المؤسساتي، وذلك بما يضمن مشاركة المجتمع المدني في مرحلة متقدمة وعلى مستويات متقدمة خلال عملية صنع القرار.

ب- أي علاقة للمجتمع المدني بالتنمية؟:

لا شك أن المجتمع المدني يعتبر نقطة تحول مهمة في معظم المجتمعات المتحضرة، أو في المجتمعات التي هي قيد التحول، لأنه شريك هام وأساسي في قيادة وصياغة وصناعة عملية التنمية، لأن تنظيماته تتمتع بقوة اقتراحية وتبحث دوما عن الحلول الناجعة، كما أن له تأثير هام وفعال في حياة الأفراد، لأن مسألة التشاركية قائمة على تطوير وبناء قدرات المجتمع المدني، واحترام استقلالية تأثر بشكل كبير في تميز هذه المجتمعات وتمنح عملية التنمية بعدها المجتمعي[49].

إن المهتم بالنسيج الجمعوي والمتتبع لحجم الأعمال والاشتغال الدؤوب لهذا الأخير على مختلف الأصعدة داخل المغرب يعي جيدا الدور المحوري الذي يلعبه المجتمع المدني في تنمية المجتمع المحلي من خلال إرساء قيم المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان، وعلى مستوى ورشات التكوين والتأطير والأنشطة الهادفة المختلفة، وذلك بالنظر لتنامي دور المجتمع المدني في مجال التنمية بأبعادها الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، وكذا الحقوقية، مما لا يترك مجالا للشك بأن الفعل الجمعوي يستند على مركزين أساسيين وهما الديمقراطية والتنمية.

لقد أصبح مطلب التنمية في شموليتها مطلبا ملحا للتخفيف من مختلف المشاكل وتحقيق مطالب المواطنين من اجل العدالة الاجتماعية والعيش الكريم داخل مجتمع يسوده العدل وتكافؤ الفرص وتعليم جيد وصحة للجميع وفتح آفاق التشغيل، أصبح لزاما إشراك المجتمع المدني في عملية التنمية في الوقت الراهن وذلك راجع للدور المحوري الذي أصبحت تلعبه الجمعيات باعتبارها تقدم الحلول والبدائل، وقدرتها على تعبئة الموارد البشرية، لتحقيق مستويات تنموية راقية خدمة للفرد الذي يبقى رأسمال لا مادي ورأسمال اجتماعي لأي دولة.

إن الدستور الجديد، يتوخى بشكل أو بآخر من خلال إشراك المجتمع المدني في تنفيذ القرارات العمومية إلى تغيير بنية وثقافة هذا الأخير، ودفعه إلى إحداث حركية جديدة بداخله، وبالتالي يصبح قادرا على الإنتاج والاستمرارية على الفعل التنموي في مختلف المجالات، ليتحول المجتمع المدني إلى فاعل تنموي حقيقي ينفذ المشاريع والسياسات ويسلم حصادها إلى الساكنة[50].

تالتا- المجتمع المدني وتقييم القرارات العمومية:

إن الرؤيا الاستشرافية لمغرب حديث ينعم بالتنمية والتقدم، يدعونا إلى إعطاء اهتمام كبير لتدبير الشأن العام وفق التوجه الدستوري الجديد من خلال تبني الديمقراطية التشاركية التي تدفع نحو إشراك المجتمع المدني ومن خلال إخضاع المخططات والسياسات العمومية للتقييم والمراقبة، عبر مأسسة رقابة وتقييم القرارات العمومية لاستخلاص النتائج وربط المسؤولية بالمحاسبة، فالإدارة التي لا تخضع للرقابة والتقييم لن تواكب التحولات المجتمعية ولن تأبه للحقوق والحريات، وتجعل نفسها خارجة عن القانون غير متبوعة بالمحاسبة، سيكون تأثيرها جد سلبي على تقديم خدمات جيدة للمرتفقين، فالطرق الحديثة للتسيير أصبحت تنشد ضرورة وجود رقابة مجتمعية على مصالح المجتمع في ظل تنامي وعي المواطنين لأهمية وجود إدارة مسؤولة، كما يبقى الدور التشاوري للمجتمع المدني دورا طلائعيا،في اطار الاستشارات العمومية اذ يستمد شرعيته ومرجعيته  من خلال النص الدستوري حيث ينص الفصل الأول من الدستورعلى" نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية اجتماعية من مرتكزاته الديمقراطية التشاركية...يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة[51]،  فالمجتمع المدني يمكن أن يساهم بقوة في إخضاع المرافق العمومية لمعايير الجودة، والشفافية والنزاهة ومحاربة الرشوة والمحسوبية، وإعمال النزاهة والمصلحة العامة، بل يمكن أن تشارك في إخضاع الأموال العمومية للمراقبة والتقييم من خلال الأدوار التي تقوم بها كل من الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد، والجمعية الوطنية لمحاربة الرشوة ودورهما في تفعيل الدستور من أجل إشاعة ثقافة المحاسبة.

 

 

خاتمــــــة:

 وختاما نشير أنه قد حاولنا قدر المستطاع أن نتتبع حفريات الدلالة من أجل الإحاطة بمفهوم المجتمع المدني، وذلك من خلال استقصاء وجهة نظر مجموعة المفكرين الغربيين والعرب والمغاربة ، مع النبش في النشأة والسيرورة التاريخية، والتركيز على التطور الذي عرفه هذا المفهوم، عبر العصور والأزمنة وفي مختلف الحضارات، ومن مجتمع لأخر، لنثبت أن المغرب بدوره عرف زخما كبيرا، ونقاشا مستفيضا من حيث تبلور هذا المفهوم، وقد سعى جاهدا على تبني المقاربة التشاركية بفضل فتح المجال أمام كل مكونات المجتمع المدني للانخراط في تقديم الحلول والبدائل والمقترحات، وقد الدستور الأخير لسنة2011صلاحيات واسعة في تجويد أداء  مؤسسات الدولة والجماعات الترابية في تنزيل السياسات العمومية وتنفيذها ومراقبتها، ومن هنا تبقى الدعوة صريحة اذ ينبغي على النسيج الجمعوي استغلال الطاقات الشبابية الإيجابية المفعمة بروح المبادرة والتطوع لتقديم الجديد والبديل.

ان الرهانات اليوم المطروحة على فعاليات المجتمع المدني تستدعي تحدي العراقيل وتجاوز الاكراهات وتليين الصعوبات والبحت عن التمويل، من أجل المشاركة في صناعة السياسات العمومية، وتقوية اداء

المؤسسات.

لكن السؤال المطروح اليوم هل فعلا يتم اشراك جمعيات المجتمع المدني في صياغة السياسات العمومية وصناعة القرار العمومي والوقوف على النتائج المحققة؟.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع:

محمد كلاوي، '' المجتمع والسلطة: دراسة في إشكالية التكوين التاريخي والسياسي للمؤسسات والوقائع الاجتماعية''، الطبعة الأولى، 1995.

مايكل إدواردز، '' المجتمع المدني، النظرية والممارسة''، ترجمة عبد الرحمان شاهين، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، السنة 2015، الطبعة الأولى.

غازي الصوراني، ،'' تطور مفهوم المجتمع المدني وأزمة المجتمع العربي''، مركز دراسات الغد العربي، الطبعة الأولى،2004.

محمد الغيلالني، '' محنة المجتمع المدني، مفارقات الوظيفة ورهانات الاستقلالية''، دفاتر وجهة نظر، رقم 6، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، السنة 2005.

جون أهرنبرغ، '' المجتمع المدني، التاريخ النقدي للفكرة''، ترجمة علي حاكم صالح وحسن ناظم، مراجعة: فالح عبد الجبار، مركز دراسات الوحدة العربية، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت،2008.

محمد مهداوي، "السياسات العمومية والانتقال الديمقراطي في الخطاب السياسي بالمغرب"، أطروحة دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، جامعة الحسن الاول، كلية العلوم القانونية والسياسية ، سطات، 2019.

محمد مهداوي، " المشاركة السياسية للمرأة المغربية وتمكينها من صناعة القرار السياسي"، مجلة الباحث، العدد 36، 2021.

ليلى الرطيمات، '' المجتمع المدني ودوره في التحول الديمقراطي بالبلدان المغاربية''، مجلة مسالك، عدد مزدوج، 55/56، 2004.

نور الدين قربال،'' المبادرة التشريعية والرقابية للمجتمع المدني: دراسة مقارنة على ضوء دستور 2011، الطبعة الأولى، 2014.

ستيفين ديلو، '' التفكير السياسي والنظرية السياسية والمجتمع المدني''، ترجمة، ربيع وهبة، مراجعة علا أبوزيد، المجلس الأعلى للثقافة؛ المشروع القومي للترجمة، القاهرة، العدد 467، السنة 2003.

سعيدة الكداري، '' المجتمع المدني والديمقراطية المحلية: أي تقاطعات؟''، مجلة ابن خلدون للدراسات القانونية والاقتصادية والاجتماعية، العدد1، ماي 2021.

عبد الجبار رخيص عباس، '' المجتمع المدني المفهوم والظهور العالمي''، الحوار المتمدن، على قناة اليوتوب، 22/11/2007، زرت الموقع، بتاريخ 20/03/2022 على الساعة 15h21mn، m.ahewar.

صالح ياسر، '' المجتمع المدني والديمقراطية، بعض إشكاليات المجتمع المدني والمجتمع السياسي والديمقراطي''، مطبعة الرواد، للطباعة والنشر، بغداد، العراق،2005.



[1]- محمد كلاوي، '' المجتمع والسلطة: دراسة في إشكالية التكوين التاريخي والسياسي للمؤسسات والوقائع الاجتماعية''، الطبعة الأولى، 1995، ص:7.

[2][2] -B. Ettienne:'' Problème de la recherche islamique au Maroc, in Islam et politique au Maghreb,'' C.N.R.S, 1987, P:195.

[3]- مايكل إدواردز، '' المجتمع المدني، النظرية والممارسة''، ترجمة عبد الرحمان شاهين، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، السنة 2015، الطبعة الأولى،ص:29.

[4]- غازي الصوراني، ،'' تطور مفهوم المجتمع المدني وأزمة المجتمع العربي''، مركز دراسات الغد العربي، الطبعة الأولى،2004،ص:28.

[5]- محمد الغيلالني، '' محنة المجتمع المدني، مفارقات الوظيفة ورهانات الاستقلالية''، دفاتر وجهة نظر، رقم 6، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، السنة 2005، ص:5.

[6] - جون أهرنبرغ، '' المجتمع المدني، التاريخ النقدي للفكرة''، ترجمة علي حاكم صالح وحسن ناظم، مراجعة: فالح عبد الجبار، مركز دراسات الوحدة العربية، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت،2008، ص:509.

[7] - محمد مهداوي، "السياسات العمومية والانتقال الديمقراطي في الخطاب السياسي بالمغرب"، أطروحة دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، جامعة الحسن الاول، كلية العلوم القانونية والسياسية ، سطات، 2019، ص.116.

[8] - محمد مهداوي، " المشاركة السياسية للمرأة المغربية وتمكينها من صناعة القرار السياسي"، مجلة الباحث، العدد 36، 2021، ص.112.

[9]- ليلى الرطيمات، '' المجتمع المدني ودوره في التحول الديمقراطي بالبلدان المغاربية''، مجلة مسالك، عدد مزدوج، 55/56، 2004، ص:111.

[10]-نور الدين قربال،'' المبادرة التشريعية والرقابية للمجتمع المدني: دراسة مقارنة على ضوء دستور 2011، الطبعة الأولى، 2014،ص:5.

[11]- ستيفين ديلو، '' التفكير السياسي والنظرية السياسية والمجتمع المدني''، ترجمة، ربيع وهبة، مراجعة علا أبوزيد، المجلس الأعلى للثقافة؛ المشروع القومي للترجمة، القاهرة، العدد 467، السنة 2003،ص:41.

[12]- سعيدة الكداري، '' المجتمع المدني والديمقراطية المحلية: أي تقاطعات؟''، مجلة ابن خلدون للدراسات القانونية والاقتصادية والاجتماعية، العدد1، ماي 2021، ص:479.

[13]- سعيد بن سعيد العلوي وآخرون، '' المجتمع المدني في الوطن العربي''، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت، السنة 1992، ص:64.

[14]- عبد الجبار رخيص عباس، '' المجتمع المدني المفهوم والظهور العالمي''، الحوار المتمدن، على قناة اليوتوب، 22/11/2007، زرت الموقع، بتاريخ 20/03/2022 على الساعة 15h21mn، m.ahewar.

[15]- صالح ياسر، '' المجتمع المدني والديمقراطية، بعض إشكاليات المجتمع المدني والمجتمع السياسي والديمقراطي''، مطبعة الرواد، للطباعة والنشر، بغداد، العراق،2005، ص:79.

[16]-أماني قنديل، '' تطوير مؤسسات المجتمع المدني''، الشبكة العربية للمنظمات الأهلية ، دار نويار، القاهرة، 2004،ص:48.

[17]- زكرياء أقنوش، '' مفهوم المجتمع المدني في النظر السياسي''، مجلة مسالك، عدد مزدوج، 55/56، 2004،ص:54.

[18]- مارتينا فيشر،'' المجتمع المدني ومعالجة الصراعات''، ترجمة يوسف حجازي، مركز برغوف للإدارة البناءة للنزاعات، 2009،ص:28.

[19]- علي الدين هلال، '' العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في التحليل السياسي المعاصر''، المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد 15، صيف 2008، ص:4.

[20]- أحمد حسن،'' الجماعات السياسية الإسلامية والمجتمع المدني''، الدار الثقافية للنشر، القاهرة، السنة 2000، ص:117.

[21]- محمد ضريف، '' الحقل السياسي المغربي: الأسئلة الحاضرة والأجوبة الغائبة''، المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي الطبعة الأولى، الدار البيضاء، 1998، ص: 110.

[22]-  عبد الله حمودي، '' مصير المجتمع المدني، رؤية أنتروبولوجية لقضايا الثقافة والسياسة والدين والعنف''، مجلة وجهة نظر، سلسلة دفاتر وجهة نظر، العدد5، 2004، ص:42.

[23]- سعيدة الكداري، مرجع سابق، ص:480.

[24]- عبد الله حمودي، مرجع سابق، ص:42.

[25]- عبد الله العروي، '' مجمل تاريخ المغرب''، المركز الثقافي للكتاب، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2018،ص:12.

[26]-عبد الله العروي المرجع نفسه،ص:13.

[27]- نبيل فازيو، '' عبد الله العروي ومفاهيم الحداثة الغربية''، مجلة المستقبل العربي، العدد 439، شتنبر 2015، ص:28.

[28]- القنطري محمد: '' المجتمع المدني وحماية المال العام بالمغرب''، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق أكدال، الرباط، 2016،ص:67.

[29]-عبد الله العروي، '' مفهوم الإيديولوجيا'' ، المركز الثقافي العربي، بيروت، الدار البيضاء، الطبعة السابعة، 2008،ص:129.

[30]-محمد الطوزي: '' هوية وغايات وقيم الحركة الجمعوية، العمل الجمعوي بالمغرب، عناصر إستراتيجية الفضاء الجمعوي''، طبعة 2000، ص:34

[31]- عبد الله العروي، '' الإيديولوجيا العربية المعاصرة: صياغة جديدة''، المركز الثقافي الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الثانية، 1995، ص:35.

[32] - محمد عابد الجابري، '' المجتمع المدني: تساؤلات وآفاق وعي المجتمع المدني بذاته عن المجتمع المدني في المغرب العربي''، دار توبقال للنشر

[33]- فاتن شهبون، '' المجتمع المدني بين إكراهات التمويل وآفاق التنمية''، مجلة مسالك العدد، 55/56، سنة 2004،ص:83.

-[34] عبد الله ساعف، '' المجتمع المدني في ظل الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية''، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، مارس 2004، ص:219.

-[35] عادل الوردي، '' الحماية القانونية والقضائية للحرية في تأسيس الجمعيات بالمغرب على ضوء المقتضيات الدستورية الجديدة''، المجلة المغربية للسياسات العمومية، العدد الثالث، 2015، ص:167.

-[36] واصف منصور، '' المجتمع المدني الضرورات والتحديات والمحاذير''، مركز الدراسات للوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت،2007،ص: 169.

[37]- حميد حمداوي، '' المجتمع المدني أساس التنمية البشرية في العالم العربي''، مجلة الفرقان، العدد 74، 2014، ص: 18.

[38]- التقرير التركيبي، الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، المملكة المغربية الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، 2014، ص:52.

[39]- محمد مورو: '' المجتمع الأهلي'' آفاق معرفية متجددة، منشورات العرفان، ص: 84.

[40]- التقرير التركيبي،'' الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، أبريل 2014، ص:29.

[41]- محمد أعراب/ محمد بوزيد، '' المجتمع المدني المغربي، قراءة في آليات المشاركة وصياغة القرار''، مجلة مسالك العدد، 55/65،ص:75.

[42]- أنظر الفصل 12 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.

[43]- أنظر الفصل السادس من دستور 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91، بتاريخ 29 يونيو 2011، والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011، ص: 3600.

[44]- ندير المومني، '' مشاركة المجتمع المدني في السياسات العمومية''، مجلة الأبحاث، عدد 52، فبراير – مارس 2010، ص:147.

[45]- أنظر مجموعة من فصول الدستور، الفصل 29-32-33 من دستور المملكة المغربية 2011.

[46]- جون كلايطون طوماس،'' مشاركة الجمهور في القرارات العمومية، مهارات وإستراتيجيات جديدة للمتدربين بالحكومة''، ترجمة فايزة حكيم و أحمد منيب،ص:30-31، دون الإشارة إلى الطبعة ودار النشر، والمطبعة.

[47]- الإستراتيجية الإنمائية الوطنية، "مذكرات توجيهية في السياسات العمومية"، إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، الأمم المتحدة منشورة منذ 2007.

[48]- منية بلمليح،'' العرائض كآليات الديمقراطية التشاركية''، منشورات المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، عدد خاص 12، '' الجماعات الترابية وتدبير الشأن العام الترابي''، سنة 2019، ص:7.

[49]- بشرى جبران، '' الجماعات الترابية ومشاركة المجتمع المدني في التنمية المحلية''، بحث لنيل شهادة الماستر، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الحقوق، فاس، السنة الجامعية 2013-2014.

[50]- زهير الخيار، '' المجتمع المدني والحكامة''، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد:8، سنة 2007، ص:26.

[51] - محمد التيجاني، " المجتمع المدني والسياسات العمومية- الفرص والإمكانات من خلال الديمقراطية التشاركية-"، مكتبة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2020، الرباط، ص.17.


إرسال تعليق

0 تعليقات