آخر الأخبار

Advertisement

أزمة بناء الدولة في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية - الدكتور زهير لعميم، العدد 46 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


  أزمة بناء الدولة في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية - الدكتور زهير لعميم، العدد 46 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


رابط تحميل المجلة التي تتضمن المقال بصيغتها الرقمية PDF الرابط أذناه:


https://www.allbahit.com/2022/08/46-2022-24.html



الدكتور زهير لعميم

 دكتور في الحقوق - باحث في القانون العام والعلوم

السياسية كلية الحقوق مراكش

 أزمة بناء الدولة في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية

The crisis of State-Building in the Sahel-Sahara region of Africa

    مقدمة:

 تعتبر عملية بناء الدولة قضية محورية وذات راهنية على مستوى الجغرافية السياسية في إفريقيا ومنطقة الساحل الإفريقي على الخصوص،  لذلك حظيت إشكالية بناء الدولة فيها باهتمام كبير كإحدى القضايا الكبرى التي تعاني منها مجموعة من دول الساحل والصحراء، بسبب العديد من مشاكل الإرث الكولونيالي ونظرا لطبيعة البنية الثقافية والسياسية التي تسم الأنظمة فيها، أدًى بالكثير منها إلى الفشل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، انعكس سلبا على كل مؤشرات التنمية، بسبب غياب الإرادة السياسية القوية من أجل بناء الدولة الديمقراطية والخروج من الأزمات الأمنية والتنموية التي تواجهها.

 ومن منطلق أهمية الدولة في الدراسات الدولية والاستراتيجية، وبتعبير فرانسيس بيكون "الدولة تصاب بالجروح لكنها لا تموت"، كانت الدولة وما تزال منذ معاهدة ويستفاليا (1648)، تتصدر الموضوعات في العلاقات الدولية، فمهما حدث من تغيرات وتحولات وتعدد في الفاعلين تبقى الدولة ذلك الإطار القانوني وتلك الفكرة التي تدور حولها كل المبادرات والتغيرات في العلاقات الدولية.

          وتكتسي موضوعة الدولة أهمية بالغة وخاصة في إفريقيا، حيث شهد موضوع بناء الدولة حضورا في القارة، فرض اهتماما من طرف الباحثين وصناع القرار والساسة لانعكاساته السلبية على الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية، وما يترتب عن ذلك من تهديدات للأمن والسلم الدوليين، وما تفرزه من تهديدات أمنية كلاسيكية وجديدة، تؤدي إلى فرض مجموعة من الضغوط والإكراهات والتحديات على دول الجوار على اعتبار أن الأزمة تتجاوز الحدود الضيقة إلى التمدد في مجالات واسعة.

          ورغم تعدد تعاريف مفهوم بناء الدولة والمقاربات التي تناولته، فإننا ننطلق من التعريف الذي قدمه فرانسيس فوكوياما بكونه عملية تقوية المؤسسات القائمة وبناء مؤسسات جديدة فاعلة وقادرة على البقاء وتحقيق الاكتفاء الذاتي، بدءا بتوفير الأمن والنظام العام والخدمات العامة، والدفاع عن الوطن ضد الغزو الخارجي، مرورا بتوفير الحق في التعليم والبيئة السليمة وانتهاء بموضوع السياسات الصناعية والاجتماعية وإعادة توزيع الثروة[1].

          لذلك تعالج الورقة موضوع أزمة بناء الدولة في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية وتأثيرها على الأمن الإقليمي من خلال الإشكالية التالية: إلى أي مدى تشكل أزمة بناء الدولة محددا ثابتا يهدد السلم والأمن الإقليميين ويضعف كل فرص التنمية فيها؟، حيث تهدف الدراسة إلى معرفة طبيعة أزمة الدولة في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية وخصائصها والوقوف على التحديات التي تنتجها وانعكاساتها على مؤشرات التنمية في المنطقة، عبر اعتماد المنهج الوصفي التحليلي و ذلك بتوصيف طبيعة الدولة وأزمة البناء التي تسم الدولة في منطقة الساحل الصحراوي ودراسة تأثيرها على الأمن والتنمية بالمنطقة، والمنهج النسقي من خلال إبراز المدخلات والمحددات التي تؤثر على قدرات الدولة الإفريقية ومخرجاتها على مستوى الأمن والتنمية فيها.

          وتتجسد المبررات الموضوعية للورقة من خلال كون إفريقيا القارة الأكثر تميزا بظاهرة الانقسامات داخل الدولة الواحدة وأكثرها مواجهة للصعوبة في البناء المؤسسي ولاحتلال مجموعة من الدول الإفريقية للمراتب الأولى في ضعف مؤشرات التنمية وضمن مصاف الدول الفاشلة، على الرغم مما تزخر به من مؤهلات وموارد كفيلة بتحقيق نهضة اقتصادية وأمن شامل.

          ونسعى من خلال الورقة إثبات فرضيتين، ترتبط الأولى بكون التفاعل الجدلي بين مخلفات الإرث الكولونيالي وبنيوية الدولة، أنتجا فشل مشروع بناء الدولة في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية، أما الثانية فيشكل العجز في متطلبات بناء الدولة العائق البنيوي أمام أمن إفريقيا وتنميتها واستقرارها.

لذلك تنطلق الورقة بداية من تشخيص لمظاهر أزمة بناء الدولة في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية (أولا) ثم إبراز التحديات المطروحة على الدولة في منطقة الساحل والصحراء (ثانيا).

أولا: مظاهر أزمة بناء الدولة في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية

           تعتبر عملية تشكيل الدولة في إفريقيا من أهم القضايا السياسية إثارة للجدل وصعوبة في الفهم والتفسير، لأن الدولة بعناصرها ومقوماتها المختلفة-الشعب والإقليم والحكومة- لم تأخذ شكلا نهائيا محددا أو ثابتا، وهذا ما شكل مصدر تهديد للعديد من الدول الإفريقية، نتيجة عدم التجانس وضعف الدولة المركزية وغياب المشاركة والإشراك السياسي، وباتت الدول تواجه العديد من التحديات الجديدة واللاتماثلية التي تهدد كيانها ومستقبل بقائها، لذلك أضحى التركيز على مصطلح الدولة العاجزة وما يتصل بها من أوصاف كالدولة الفاشلة أو الضعيفة من الناحية الوظيفية أو الدولة المنهارة من الناحية الهيكلية.

          إن بناء الدولة عملية مركبة تستهدف كل المستويات والبنى السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ويمكن إدراج الغاية منها في أربع مداخل أساسية:

-الشرعية السياسية كمفهوم مركزي في علم السياسة ومرتكز أساسي في دراسة العديد من القضايا ذات العلاقة ببناء الدولة الحديثة كالتطور السياسي والاقتصادي والتحول الاجتماعي، ورهانات الديمقراطية وحقوق الإنسان وأسس ممارسة السلطة.

-الاستقرار السياسي والأمني، ويقصد به وجود نظام مقبول من العلاقات بين مختلف أصناف المجتمع وقواه الحية، ويقابل ذلك حالة من الاضطراب، ويتم ذلك من خلال ضبط قواعد العملية السياسية وفق معايير المشاركة وضمان الحقوق المدنية وهو ما يتيح تحقيق التنمية والبناء.

-دولة الحق والقانون كنظرية دستورية وسياسية تهدف تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكومين على أساس القانون والعدالة، من خلال إيجاد علاقة متوازنة بين طرفي العلاقة.

-بناء القدرات من خلال تنمية وتعزيز قدرة المجتمع باستمرار لكي يحسن مؤشراته ويتجاوز مشكلاته، ومن هنا تكمن القدرة في تحقيق الأهداف من خلال نشاط المؤسسات والأفراد التي تسعى إلى تحسين وتوزيع الأدوار بهدف تحقيق التنمية وبناء الدولة. وهذه الغايات التي تؤسس للدولة الحديثة، تجد صعوبات في تحقيقها بالنسبة لدول الساحل والصحراء وتجسد فعلا أزمة بناء للدولة فيها من خلال مجموعة من المظاهر السلبية:

1-تعددية إثنية وثقافية كمصدر صراع للدولة في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية

          تعود نشأة الدولة الإفريقية الحديثة إلى سياقات مؤتمر برلين(1984/1985)، الذي قامت بموجبه القوى الاستعمارية الأوروبية بتقسيم الحدود دون إشراك البنيات المحلية بالمنطقة، وهو ما أدى إلى تقسيم كثير من الإثنيات بين عدة دول مما أنتج صراعات داخلية التي تعتبر حصيلة هذا التعدد الهجين الذي خلفته سياسات الاستعمار الأوروبي، وتبرز المشكلات الإثنية على مستويين، يتمثل الصراع الأول بين الإثنيات والقبائل من أجل موارد الحياة ومقدراتها، ويتجسد المستوى الثاني في الصراع مع السلطة أو النظام الحاكم بسبب التهميش وغياب الإنصاف والعدالة، وهي سمة غالبة على أغلب دول منطقة الساحل والصحراء بعد الاستقلال.

     إضافة إلى ما خلفه التقسيم الاستعماري للحدود التي لم تراع الاندماج الاجتماعي والتاريخي للمجتمعات المحلية، الشيء الذي فكك بنية المجتمعات الإفريقية، وخلق مجموعات منفصلة ومفككة، ممّا أدى إلى توتر دائم في منطقة الساحل والصحراء وأضعف سيادة الدول فيها، كما أدى غياب فلسفة المواطنة في هذه الدول، إلى انتشار الفساد السياسي والمحاباة السياسية بمنطق القبيلة، وضعف الأداء المؤسسي، لاستحالة بناء آليات الوقاية أو حل النزاعات الداخلية[2].

     وبناء على ما يواجهه الإقليم من أوضاع مزرية، فإن أحد المشكلات الأمنية والمهددة للتنمية بإفريقيا، يرجع إلى الاحتمالية المتزايدة للصراعات الإثنية والعرقية، وإشكالية التكامل الوطني داخل دول القارة الإفريقية جمعاء، سواء في منطقة الساحل والصحراء، أو على مستوى دول القرن الإفريقي ومنطقة الحزام السوداني[3].

       لقد نتج عن ضعف التجانس الاجتماعي والقبلي للمنطقة، أزمات سياسية وأمنية كبيرة، نتيجة المخططات الاستعمارية التي قسمت البنى الإفريقية المحلية، مثل أزمة دارفور في السودان حيث تمَ تقسيم هذا الأخير إلى دولتين، دولة السودان تحت قيادة عمر البشير ودولة جنوب السودان، بزعامة سال فكير، وكذلك مشاكل الطوارق في مالي والنيجر والاضطرابات العرقية في موريتانيا، والاصطدامات الإثنية في تشاد، والحرب الأهلية بين التوتسي والهوتو في رواندا، تنضاف إليها العديد من التنظيمات الجهادية التي تستغل هذه الظروف لتمرير استراتيجياتها الإرهابية.

        فمن ناحية جمعت الخريطة الاستعمارية داخل الدولة الوحيدة جماعات لم يسبق لها العيش معا، ولم يسبق لها التفاعل مع بعضها البعض في إطار واحد، كما هو المثال في دولة أنغولا، ومن ناحية أخرى فصلت الحدود السياسية، التي أنتجها الاستعمار، روابط التواصل بين جماعات عرقية متجانسة ثقافيا وتابعة لكيانات سياسية مختلفة[4].

         لقد عرفت الدول في منطقة الساحل والصحراء أزمات مركبة، تفاعل فيها السياسي بالأمني والاقتصادي، نتيجة الانحطاط الاجتماعي والصراع العرقي، وفشل الديمقراطية والحكامة طيلة عقود من الزمن بدأت إرهاصاتها منذ تحقيقها لاستقلالها من الناحية الشكلية على الأقل، فتشاد مثلا كحالة يمكن إسقاطها على العديد من دول المنطقة، فخلال سبعينيات القرن الماضي، شهدت موجة عنف وصراع حول الحكم تعمق بفعل أزمة سياسية حادة، فبعد تولي فرانسوا تومبالباي الحكم، قام بوضع مسؤولين من جماعة السارة التي ينتمي إليها على رأس الإدارات، وبدأ يفرض ثقافة جماعته على كامل البلاد مما أفرز استياء عميقا داخليا وخارجيا. وقد أدّى ضعف اقتصاد الدولة، ووهن الجهاز الأمني، وتفكك المجتمع، إلى تهيئة الظروف لنشوب أزمة عامة عصفت بالبلاد، ونفس الوضع في إفريقيا الوسطى حيث الصراع بين ميليشيا " سيليكا " ومجموعات للدفاع الذاتي تسمى" أنتي بالاكا"، التي لم تلبث أن هاجمت المجموعات المسلمة في المدن الغربية، الشيء الذي ساهم في تجذر العنف والتطرف، وتنامي الشعور بالحقد، وارتفاع نسب الهجرة واللجوء إلى الدول المجاورة، وخلّف مآسي إنسانية جعلت وكالات الغوث الإنساني تواجه معضلات تأمين الأمن والغذاء لهم[5].

        لقد شكلت حالة إفريقيا الوسطى، وضعية التفكك التدريجي للدولة في اتجاه "الصوملة"،  في غياب آلية أمنية جماعية إقليمية، قادرة على احتواء الأزمات وتدبيرها، التي تعتبر حاضنة الجماعات الإرهابية، وتهريب البشر واستغلالهم، ممّا سمح للتدخل الأجنبي الفرنسي بقيادة البعثة الدولية للدعم(MISCA)، من أجل نزع السلاح لميليشيا "سيليكا" وللجماعات المسلحة الأخرى، التي انتشرت بشكل كبير في هذا البلد، الذي مزقته الحرب والصراعات، لكن التدخل الفرنسي المدعوم أمميا، عرف فشلا في استتباب الأمن والاستقرار، لغياب رؤية شاملة تعزز الجوانب الاقتصادية والاجتماعية[6].

2-ضعف الانتماء الوطني والفشل في بناء الدولة-الأمة

        شكلت إفريقيا على مر عقود من الزمن، منطقة جاذبة لاستقطاب دولي كبير، نظرا لما تشكله من مصدر للثروات البشرية( حقب الاسترقاق) ومنبعا للموارد المعدنية والنفطية والمنجمية التي تزخر بها القارة الإفريقية، كما تعرف اهتماما دوليا بحكم ما باتت تعرفه هذه المنطقة من تحديات وتهديدات إنسانية وأمنية، تهدد السلم والأمن الدوليين، نتيجة العديد من المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، التي تتجاوز في تأثيرها وأثرها المجال الضيق، إلى المجال الأوسع، خصوصا في ظل تنامي أزمات لاتماثلية[7]، نتيجة الفراغ الأمني المهول في بعض المجالات الإفريقية، لغياب التنسيق الإقليمي بين الدول، الذي تمخض عن توالي الانقلابات العسكرية والحروب الأهلية وضعف الحكم الرشيد، الذي كان له نتائج وخيمة على الأوضاع السياسية والإنسانية بالمنطقة، وكذلك لطبيعة الدولة الحديثة في إفريقيا وما ارتبط بأزمة التنمية داخلها  وضعف النسيج المجتمعي الذي انعكس سلبا على الانتماء للأمة والدولة معا.

         وقد عملت الدول الإفريقية بعد استقلالها على فرض هيمنتها وأيديولوجيتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من أجل بناء الدولة الحديثة، غير أنها حافظت على ملامح الفترة الاستعمارية بحضور أساليب القمع والجبر والإكراه، خصوصا أن النخب التي تركها المستعمر، شكلت في جوانب منها أدوات لاستمرار نفس النسق وخدمة الأجندة الاستعمارية التي تفاوضت مع الحركات التحررية، التي تطالب بالاستقلال على أساس المحافظة على المصالح الاقتصادية والسياسية للدولة المستعمر، مما خلق تبعية وانقساما للدول الإفريقية بين نماذج وإيديولوجيات مختلفة، ولَّد صراعات وتهديدات متبادلة، شكلت في مجملها "حروبا بالوكالة "، عن القوى العظمى، التي كانت تتنافس على الهيمنة على إفريقيا خصوصا في مرحلة الحرب الباردة.

         وهذا ما أنتج فشلا للحكومات التي تولت قيادة الدول الحديثة النشأة بعد التقسيم الاستعماري لإفريقيا، في تحقيق سلطتها على أراضيها وخلق توليفة اجتماعية، مبنية على أساس المساواة في الحقوق والواجبات، وتوفير ضمانات العدالة للجميع، وتوفير الأمن والتعليم والصحة والفرص الاقتصادية، هذا الفشل كان نتيجة لتراكم أزمة الدولة بإفريقيا، التي غلب عليها الطابع القبلي والعشائري، الذي هيمن على السياسات المحلية، حيث لا وجود لانتماء وطني، فالانتماء والولاء للقبيلة والعرق والإثنية، وهو ما كرّسه السياسيون بمحاباة إثنياتهم وقبائلهم[8].

         وتجمع أدبيات الانتقال الديمقراطي على شرط أولي للديمقراطية وهو شرط الدولة، أي الحسم في المسالة الوطنية، وفي جوهر الجماعة السياسية التي ينتمي إليها الجميع، حيث نستخلص من كتابات العديد من الباحثين دروسا مهمة حول الديمقراطية، فجلهم يرون بأولوية شرط الدولة والحسم في المسألة الوطنية، ومسألة الهوية، وبالتالي لا يمكن أن نتكلم عن مشروع ديمقراطي في بنية لا تعرف ضرورات العيش المشترك ولا تملك تصورا موحدا عن الماضي والحاضر والمستقبل[9].

          ويعد ارتباط الشعوب في القارة الإفريقية بالدولة المركزية ضعيفا للغاية مقارنة بالروابط القبلية، وعليه فالفرد يحدد موقعه في المجتمع بانتمائه لقبيلة معينة وليس للوطن، ويشكل ضعف الانتماء الوطني عائقا يؤكد عجز الدولة في خلق كيان سياسي يلبي الحاجات الأساسية للشعوب ويحظى بالقبول من طرفهم، فغياب دول الدولة في الشؤون الأمنية مثلا يؤدي إلى اهتمام القبيلة بتأمين نفسها وتوفير الحماية والاستقرار لسكانها في مقابل ضعف المؤسسات الأمنية للدولة أو فشلها أو تسييسها، كما ان الدولة تعاني من الحروب الأهلية وتوالي نزعات الانفصال وتفشي الفساد وضعف البنية التحتية ومركزية السلطة، مما يقوي دور القبائل وبالتالي تعزيز الانتماء القبلي على حساب الانتماء الوطني، وكلها مؤشرات قوية تدل على ضعف مؤسسات الدولة وعجزها عن تحويل الولاء للدولة وتقوية صلة المواطنة وتحقيق الحدود الدنيا من التوافقات السياسية والإجماع الداخلي.

          يحتاج التوافق السياسي والإجماع الداخلي إلى بيئة سياسية واجتماعية حاضنة للرفع من فرص نجاحه، تضمن تشبيك علاقات سياسية تؤدي إلى تحقيق تقاربات سياسية من جهة، وتشكيل مدركات جماعية ذات خلفية ثقافية واجتماعية من جهة أخرى[10]، وبالتالي خلق إمكانيات للنخب السياسية الحاكمة من أجل تصحيح الاختلالات السياسية والاقتصادية والمجالية، عبر المأسسة الدستورية والمؤسسية التي تراعي آمال وتطلعات المواطنين في الحرية والديمقراطية وتسريع عملية التعافي السياسي التي ستسمح بالرفع من وثيرة التعافي الاقتصادي خصوصا مع تهيئة البيئة المناسبة للاستثمار ومحاربة الفساد والقضاء على العراقيل البيروقراطية.

3-إشكالية الشرعية السياسية وغياب النظم الديمقراطية

     أي نظام حاكم لا بد أن يستند على شرعية سياسية تبرر وجوده من أجل القيام بمهامه، حتى تسمح له بأن يكون فاعلا في النظام الدولي وقادرا على إرضاء حاجيات المواطنين على المستوى الداخلي، وبحكم الضعف والعجز الذي يسم مؤسسات الدولة الإفريقية وأجهزتها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهذا ما ينعكس على نموذج الدولة القائم في المنطقة، الفاقد للشرعية في كافة صورها الدستورية والديمقراطية ولشرعية الانجاز والمواطنة، وهذا المشهد تكرس من خلال عدم حضور الدولة في مواجهة التحديات وبالمقابل حضور القوى العشائرية والقبلية، إضافة إلى التدخل الخارجي الذي فرض نخبا وأنظمة تدين بالولاء للمستعمر القديم، فيكون المقابل دعم الحزب الواحد أو فرض هيمنة قيادة معينة أو المساعدة في الانقلابات العسكرية على أنظمة لا ترغب في بقائها أو لا تستجيب لمصالحها.

          ولا تقتصر مشاكل القارة فقط على تركة المرحلة الكولونيالية فقط بل تتعلق كذلك بأداء نظم الحكم في بلدان القارة من خلال فترة ما بعد الاستقلال والذي شابه قدر كبير من الفساد والاستبداد مما انعكس سلبا على إدراك تلك النظم للقضايا الحيوية للتنمية، والمشاركة السياسية وتحقيق الأمن، مما تسبب في اندلاع حروب أهلية وانقلابات عسكرية وسبب حالة من التوترات والأزمات السياسية والإنسانية، ونشر الفقر والإحباط والتوتر الإثني والتطرف الديني لدى قطاعات واسعة عزز الانفصال والصراع السياسي.

       تعكس أزمة بناء الدولة الوطنية إحدى المعضلات الكبيرة للمشكلة السياسية والأمنية، التي تعانيها دول القارة الإفريقية بشكل عام ومنطقة الساحل والصحراء على الخصوص، وذلك في شكل الرواسب التاريخية التي أنتجتها الحدود الجغرافية المتوارثة عن الاستعمار، والتي لم يراع فيها التنوع الإثني والقبلي، وخصوصيات المجتمعات الإفريقية، بالإضافة إلى التبعية التي ما تزال تربط النظم السياسية الإفريقية بسياسات الدول الاستعمارية[11].

          وحين تحليل أزمتي مالي وليبيا على سبيل المثال لا الحصر، فإننا نخلص إلى ارتباطها بأربعة عوامل أساسية: الخلاف حول السلطة، الصراع من أجل القوة، فقدان الثقة في القيادة السياسية ثم غياب لعملية التنشئة السياسية، مما نتج عن ذلك غياب أو ضعف فلسفة المواطنة والدولة الوطنية، بما ساهم في تلاشي الأداء المؤسسي، وعدم القدرة على بناء آليات الرقابة والوساطة ذات الفعالية والمصداقية.

          لذا يظل الحديث عن الشرعية السياسية والحكامة والديمقراطية في إفريقيا ذا شجون، بحكم التاريخ الذي شهدت خلاله القارة أزمات سياسية، نتيجة غياب للحكم الرشيد وتوالي الانقلابات العسكرية، مما خلق عدم استقرار سياسي وانتشارا للفساد، رغم إقامتها مؤسسات، ورغم أن إفريقيا تقريبا في سنوات التسعينيات أقامت نظما انتخابية، واختفت منها " موضة" الانقلابات العسكرية، حيث لم تشهد انقلابا عسكريا ماعدا ما حصل في إفريقيا الوسطى، وفي غامبيا عام 1994 وفي موريتانيا عام 2008، ومالي في 2013، لكن يجب أن لا ننسى أن بين 1966 إلى عام 1976، شهدت إفريقيا أكثر من مئة انقلاب ومحاولة انقلابية. وبالتالي فإن سيطرة نظم الحكم الديكتاتورية والاستبدادية على طبيعة الحياة السياسية في معظم الدول الإفريقية، بشكل أوجد الصراع على السلطة، وذلك بممارسة جميع أشكال العنف، وهذا ما تمّ التعبير عنه بانقلابات عسكرية واغتيالات سياسية، وحروب أهلية مستمرة[12]. ويمكن القول إن إفريقيا قطعت مع هذه الممارسات الماضوية، التي كان يغذيها الصراع الإيديولوجي، وأصبحت تعيش مرحلة من الاستقرار النسبي، لكن لم تحقق التنمية والواقع المنشود، بسبب الفساد في المؤسسات السياسية والإدارة والاقتصاد، مما يجعل من هياكلها في بعض الدول مجرد أوعية جوفاء.

4-أزمة التوزيع وسؤال العدالة المجالية

           تبرز إشكالية أزمة التوزيع في التفاوتات الطبقية الحادة التي تعكس صراعا طبقيا، أفرز أقلية أوليغارشية منفردة بكل الموارد المتاحة فيما يتحمل عبء الحرمان الأكثرية الغالبة، وهذا ما يظهر جليل في كل من مالي وليبيا مثلا وأنتج العصيان المدني والتمرد المستمر للأقليات وظهور النزعات الانفصالية فيما يعرف بقوس الأزمات الذي يتسم بالانقسامات الداخلية الناتجة عن سوء توزيع الثروات واستفادة الجميع من مقدرات البلد رغم كل الإمكانيات الطاقية والمعدنيةـ تظل منطقة الساحل متخلفة اقتصاديا بسبب غياب الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتوالية، وعدم وجود خطط اقتصادية لاستغلال هذه الثروات، بما يعود على هذه الدول بالتنمية، وكذلك نقص الخبرة وندرة الكفاءات وضعف البنى التحتية مما أنتج تهديدا للأمن الإقليمي والدولي مصدره غياب الحكامة وعدم قدرة الدول لى حفظ استقرارها مما أفرز أزمات مستعصية مرتبطة بتدفقات الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة والحروب الانفصالية وفضائل التمرد.

         ويمكن إيعاز أزمة التنمية في إفريقيا إلى الفساد السياسي المرتبط بغياب العدالة المجالية وسوء توزيع مقدرات الدولة، الذي يوظف السلطة والحكم لتحقيق أهداف شخصية، أو لخدمة أقلية حاكمة، وفي هذا الإطار فإن مؤشرات الشفافية الدولية، تبرز المواقع المتدنية للعديد من البلدان الإفريقية، خصوصا منطقة الساحل، وفي مثل هذا السياق من الطبيعي أن يتعمق التفاوت الطبقي والاجتماعي، وأن تتأثر الحقوق الاقتصادية، وأن تتسع رقعة الفقر، بعيدا عن غاية التنمية الإنسانية، وهي عوامل مساعدة وحاضنة للفكر المتطرف، الذي يعيش في أوساط الهشاشة والفقر.

     حيث كشف مؤشر مدركات الفساد لعام 2020، الصادر عن منظمة الشفافية العالمية[13]، عن أن الفشل المتواصل لمعظم الدول في الحد من الفساد على نحو فعال يساهم في مفاقمة أزمة الديمقراطية في العالم.

 

 

جدول مؤشر مدركات الفساد لبعض دول منطقة الساحل والصحراء الإفريقية

لسنة 2020، الصادر عن منظمة الشفافية العالمية

المعدل

الترتيب

الدولة

100/40

180/86

بوركينا فاسو

100/29

180/134

موريتانيا

100/30

180/129

مالي

100/17

180/170

ليبيا

100/32

180/123

النيجر

100/21

180/160

تشاد

100/12

180/179

جنوب السودان

 

           وعليه فإن مشاكل القارة الإفريقية، لا تقتصر فقط على تركة المرحلة الكولونيالية فقط، بل تتعلق كذلك بأداء نظم الحكم في بلدان القارة خلال فترة ما بعد الاستقلال، والذي شابه قدر كبير من الفساد والاستبداد، مما انعكس سلبا على إدارة تلك النظم للقضايا الحيوية للتنمية، والمشاركة السياسية وتحقيق الأمن، والتي اتسم التعامل معها من قبل نظم الحكم بقدر كبير من الفشل وعدم الكفاءة، ممًا تسبب في اندلاع حروب داخلية وانقلابات عسكرية في الكثير من الفترات، وأشاع حالة من التوترات والأزمات السياسية والإنسانية، ونشر الفقر والإحباط والتوتر الإثني، والتطرف الديني لدى قطاعات واسعة من الساكنة الإفريقية، الشيء الذي عزَّز الانفصال والصراع السياسي.

          وتحتاج دول منطقة الساحل والصحراء الإفريقية بهذا الخصوص إلى مبدأ العدالة بإنصاف حسب تصور جون راولز[14] عندما يعتبر أن الإنصاف شرط أساسي وإجرائي لبناء الدولة المعاصرة، الذي يقوم حسبه على اتفاق الشركاء والفاعلين السياسيين والاقتصاديين على مبادئ العدل وتقييم الجوانب التوزيعية لموارد الدولة ومقدراتها، وتوزيع للثروات التي تشكل أساس التعاون الاجتماعي المؤطر في نسق يتضمن الحقوق والواجبات[15].

ثانيا: تحديات مستقبل الدولة في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية

      إن المظاهر السالفة الذكر تبرز بجلاء ما تعانيه الدولة في إفريقيا  ومنطقة الساحل والصحراء على الخصوص من عجز في تشكيل مقومات الدولة الحديثة بعد الاستعمار، الذي جعلها تتسم بطابع العنف والتخلف وتوسم بالعاجزة والفاشلة، مع ما خلفه ذلك من صور الفقر والهجرات الغير شرعية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وسوء العلاقات البين-إفريقية وتنامي قضايا التمرد والانفصال، وهذا ما يفرض تجاوزه من خلال إعادة بناء الدولة على أسس الحكم الرشيد والديمقراطية وفلسفة المواطنة لمواجهة التحولات والتحديات المطروحة في الأفق كالتنمية والعولمة والتنافس الدولي حتى لا يعلن عن "موت" الدولة، مع ما يعنيه ذلك من مخاطر وتهديدات وسيناريوهات كارثية.

1-منطقة الساحل والصحراء ورهان التنمية

    شكلت نهاية الحرب الباردة منعطفا أساسيا في التحول والتغيير الذي وسم سيادة الدولة الوطنية، وأدوارها ووظيفتها، كما همّ أيضا حضور الدولة وبقاءها، في ظل تنامي التهديدات الأمنية التقليدية والجديدة، مع تنامي أدوار فاعلين جدد، إضافة إلى مدى تحقق رهان التنمية داخل الدولة، باعتباره غاية تسعى إليها من أجل مواجهة كل عوامل تهديد الاستقرار، فللأمن علاقة جدلية مع التنمية والعدالة والديمقراطية.

          إن تحقيق عملية التنمية والاستقرار يقتضي توفير البيئة الحاضنة والكفيلة بتهيئة ظروف الاستثمار سواء من الناحية الأمنية والسياسية وضمان المن القانوني والمؤسساتي، وبالتالي فعلاقة التنمية بالأمن علاقة تلازمية، حيث تثبت الوقائع أنه لا يمكن التفكير في التنمية في بيئة مملوءة بالمخاطر وحبلى بالاضطرابات والنزاعات والحروب الأهلية ونزعات التمرد والانفصال التي تتغذى في منابت البؤس والحرمان والتهميش مما يغذي الانزواء والانغلاق في قضايا الهوية.

          لذلك فالدولة في المنطقة مطالبة بتحقيق ظروف التنمية في أبسط معانيها كعملية تقتضي مجابهة التخلف الاقتصادي والاجتماعي، مع ما يتبعه ذلك من نتائج إيجابية وتغييرات أساسية في حياة الفرد والمجتمع على جميع الأصعدة، عبر محاربة مظاهر الفساد وإنهاء عسكرة الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وإرساء أنظمة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان والأقليات بما يؤسس لدولة الحق والقانون والحكامة الجيدة.

          لكن السؤال المحوري الذي يطرح نفسه بشدة في المجال السياسي الإفريقي، هو كيف يمكن التخلص من حالة التخلف الاقتصادي والاجتماعي الذي تعانيه دول الساحل والصحراء وتدفعها نحو الفشل الدولي، إن الإجابة على هذا السؤال تقتضي منا كباحثين التركيز على مسألة الوقوف على ذلك بشكل متوازن، من خلال الاهتمام بالتكامل بين التنمية الاقتصادية من جهة والتنمية الاجتماعية من جهة أخرى.

          وهذا الأمر ممكن إفريقيا من خلال مجموعة من النماذج، ففي 2001 مثلا شهدت تشاد انتخابات رئاسية تعددية تمت في بيئة ديمقراطية سليمة ونزيهة كما وصفها المراقبون التي فاز بها إدريس بيبي. كما يبقى التعاون والعمل الإفريقي المشترك مدخلا لتحقيق التنمية، فتجمع دول الساحل والصحراء، من أبرز التجمعات الإقليمية، خارج منظمة الاتحاد الإفريقي، وهو أكبر تجمع إقليمي في القارة الإفريقية، سواء من حيث المساحة (%41 من مجموع التراب الإفريقي) أو من حيث السكان، بما يقارب 600 مليون نسمة (%43 من مجموع الساكنة الإفريقية)، كما تجاوز ناتجها الداخلي الإجمالي 1000 مليار دولار، وتتوفر على موارد طبيعية هائلة وإمكانات للتكامل، وقدرات نمو واعدة.

               بالإضافة إلى كون هذا المجال يشكل فرصة واعدة فإنه يؤشر كذلك على بؤرة انعدام للأمن، يلقي بظلاله على أزمة إنسانية واسعة، يتعرض لها 12 مليون شخص في خمسة بلدان وفق تقرير للجنة الدولية للصليب الأحمر[16]، معتبرة أن النزاع المسلح والجريمة العابرة للحدود، وتغير المناخ، تتسبب في معاناة إنسانية ونزوح وتشريد داخل إفريقيا، والهجرة إلى أوروبا، كما توفر تربة خصبة لتكاثر المتطرفين، وهذا ما دعا إلى تبني استراتيجية تتأسس على مجموعة من التوجهات التي سطرها مؤتمر إعادة هيكلة الأمانة التنفيذية والتي تتأطر بالقرارات التالية:

·       تعزيز فعالية الأجهزة التنفيذية وكفاءتها وفق التوجهات الصادرة عن مؤتمر إعادة هيكلة الأمانة التنفيذية.

·       إرساء مختلف الهياكل المؤسسية المنصوص عليها في المعاهدة المنقحة لتجمع دول الساحل والصحراء، لاسيما المجلس الدائم للسلم والأمن، والمجلس الدائم المكلف بالتنمية المستدامة.

·       إعداد استراتيجية للتنمية البشرية في فضاء الساحل والصحراء، وبرامج لإدماج الشباب.

·       التنزيل الفعلي لاستراتيجية الأمن والتنمية لتجمع دول الساحل والصحراء(2015-2050).

·       إعداد سياسة مشتركة حول أمن الحدود واعتماد خطة عمل تنفيذية.

          لذلك يشكل انخراط المغرب في تجمع دول الساحل والصحراء أهمية كبيرة، في منطقة لها مشاغل أمنية عميقة ومباشرة، وهذا ما جعل الفاعلين المغاربة، يؤكدون باستمرار أن غياب الاستقرار وخلق دويلات هشة بالمنطقة، سيشكل مصدر تهديد للمنطقة ولإفريقيا في مجملها، مع صعود التهديدات العابرة للأوطان، وانتشار التهريب والاتجار بالبشر والسلاح، كما أن المنطقة تشكل ملاذا ل" تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ومجموعات متكاثرة من الجماعات المسلحة، التي تستخدمه مسرحا لعملياتها[17].

       وبالتالي فالتنمية تشكل الهدف الأسمى الذي تسعى إليه كل المقاربات السياسية والاقتصادية والتصورات التي تهتم بتوسيع قدرات الأفراد والفرص المتاحة لهم، من أجل تمتيعهم بحد أدنى من الأمن الشامل، الذي يسعى إلى حماية أرواحهم وتحسين سبل عيشهم وضمان استقرارهم النفسي والمادي والجسدي، وهذا ما يجسد تلازمية العلاقة بين الأمن والتنمية، فالارتقاء بحياة الناس وتمكينهم من سبل العيش الكريم، يشكل دعامة أساسية للشعور بالأمن المستدام، كما أن البعد الأمني آلية أساسية للعمل على تحقيق الرفاه والحياة الكريمة في مجتمع متعايش ومتفاعل.

       ولتحقيق التنمية المستدامة، أكدت مجموعة من التقارير والدراسات الدولية[18]، على أن ذلك يستوجب تحقيق الأمن الإنساني عبر العمل على خلق الانسجام بين الإنسان والبيئة السليمة من خلال الالتزام بما يلي:

·       نظام سياسي يكفل ضرورة المشاركة الفعّالة للمواطنين في عملية صنع القرار.

·       إيجاد نظام اقتصادي يوفر المعرفة التقنية على أساس الاعتماد الذاتي والحكامة.

·       العمل على إيجاد نظام اقتصادي عالمي يوازن بين الحفاظ على البيئة والتنمية.

·       إيجاد نظام اجتماعي يوفر حلولا للتوترات الناجمة عن التنمية غير المتناغمة.

·       نظام تكنولوجي يبحث عن حلول جديدة.

·       نظام دولي يراعي الأنماط المستديمة للتجارة والتمويل.

·       نظام إداري مرن يملك القدرة على التصحيح الذاتي.

2-تحديات العولمة والتنافس الدولي حول المنطقة

نظرا للتحولات التي فرضتها سياقات النظام العالمي الجديد والتحول إلى عالم معولم، أضحت إفريقيا بصفة عامة ومعها منطقة الساحل والصحراء ضمن استراتيجيات التحول في سياسات الدول الكبرى في اتجاه المنطقة، وهو ما يوحي بتقوية فرص الاستثمار لكنه ينذر بمخاطر التبعية والمديونية وارتهان القرار السيادي لصالح القوى الاقتصادية والسياسية، فالدول المانحة والمؤسسات المالية تفرض شروطا قاسية كإعادة الهيكلة وتحرير السوق وخوصصة المؤسسات العمومية مما يضعف السيطرة الحكومية وسلطة الدولة على الاقتصاد المحلي، لذلك على الدول الإفريقية نهج سياسة تكاملية بينية تراعي الخصوصيات الإفريقية لمواجهة نتائج العولمة ومجابهة القدرة على التفاوض من موقع القوة في إطار الشراكات مع القوى الدولية وذلك يفترض دولا مستقرة ومؤسسات إقليمية وقارية ذات فاعلية.

وفي هذا الإطار تجسد منطقة الساحل والصحراء فضاءا جغرافيا ملائما لتفسير معادلات التنافس الإقليمي والدولي من أجل وهم الزعامة الإقليمية والدولية أو الحفاظ على مصالح جيو استراتيجية تتقاطع مع فلسفة الاستعمار القديم/الجديد تجاه المجال الساحلي الصحراوي مع تسجيل صعود قوى دولية أخرى، تضع بلدان المنطقة ضمن أجنداتها الخارجية باسم الحفاظ على الأمن والاستقرار[19]. لذلك فإن التعاون بين الدول الإفريقية، وتوحيد سياسات مشتركة، من شأنه تقوية الموقف الإفريقي في المحافل الدولية، وتجاوز منطق الهيمنة والتبعية للقوى المهيمنة في العلاقات الدولية، التي تبحث عن خدمة قضاياها وتنمية مواردها بانتهازية تستنزف قدرات إفريقيا ومواردها النفطية والمعدنية والبشرية، لذلك على الدول الإفريقية، ضرورة مراجعة العلاقات بينها على ضوء المتغيرات الدولية والإقليمية، وإحلال نظرة التنسيق المشترك، في ظل رؤية متماسكة للواقع الجديد، تستهدف تحقيق المصالح الإفريقية المشتركة، والتمسك بما تم إحرازه في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وهذا صلب المقاربة المغربية، من منطلق أن التعاون البين إفريقي هو أخذ وعطاء، وتعاون متوازن بين أطراف متقاربة القوة والمكانة  كما يمكن الانفتاح على التجارب الدولية لبعض التجارب الديمقراطية الواعدة التي عاشت مشاكل وتعقيدات تشبه إلى حد بعيد ما تعيشه بعض الدول الإفريقية التي تحولت من أنظمة شمولية إلى ديمقراطيات واعدة[20].

          ويقدم لومومبا كاسونغو lumumba kasongo كأحد أبرز المفكرين الأفارقة مقاربة محلية لإشكالية العولمة وقضايا التنمية في إفريقيا من الناحية المؤسساتية ، حيث يرى ضرورة إعادة بناء الدولة من طرف الأفارقة أنفسهم وحسب سياقاتهم التاريخية والثقافية، ولكي تتمكن هذه الدول من ذلك، عليها حل المشاكل المتعلقة بالفقر وإشكالية العدالة والديمقراطية وفعالية السياسات، حيث وضع من أجل ذلك نقاطا محددة تتمثل في أولوية استعادة وامتلاك الدولة من خلال السيطرة على مواردها، ثم تسيير البلاد من خلال إرادة الشعب ومصالحه، وكذا العمل على تقوية التكامل والتعاون الإفريقي لمواجهة تحديات العولمة[21].

3-مواجهة التهديدات اللاتماثلية على المنطقة

         تفرض التحديات الأمنية الجديدة على دول منطقة الساحل والصحراء تجاوز النظرة التقليدية للأمن كمرادف للعسكرة، وذلك بإيلاء الاهتمام الأكبر للرفع من الأمن الإنساني بمفهومه الشامل كالأمن الصحي والبيئي والغذائي والروحي، عبر إعطاء أدوار كبرى للفاعلين وتوسيع مجال المشاركة وتكريس قيم المواطنة من خلال نموذج للحكم الرشيد الذي يساوي بين المواطنين والمجالات وتركيز الجهود التنموية لمحاربة الفقر والهشاشة وتحسين نوعية الحياة، فالظروف البيئية الصعبة والتهميش ومركزة السلطة والثروة تولد الصراعات التي تترك المجال فارغا لتوغل الجماعات الإرهابية وجماعات الجريمة المنظمة وميليشيات تجار البشر والهجرة غير الشرعية والعديد من التهديدات المماثلة التي تفرض مواجهتها من أجل استكمال عملية بناء الدولة، وفي هذا السياق يرى فوكوياما في كتابه-بناء الدولة- أن العالم يسير نحو تقوية بناء الدولة من خلال إيجاد مؤسسات حكومية جديدة وتقوية المؤسسات القائمة ويجادل بأن بناء الدولة يشكل أحد أهم قضايا المجتمع الدولي، ذلك أن الدول الضعيفة الفاشلة تبقى مصدر العديد من المشاكل والتهديدات.

          مع هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق اتجهت أنظار الجماعة الإرهابية إلى منطقة الساحل والصحراء التي أضحت "الأرض الموعودة"[22] مستفيدة من شساعة المنطقة وصعوبة التحكم فيها، رغم أن الأمر ليس بالمستجد في المنطقة التي شهدت منذ تسعينيات القرن الماضي تواجد الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة، انظم بعضها إلى داعش، وقد تواترت العمليات الإرهابية بشكل نوعي سواء في مالي وبوركينا فاسو والتشاد والنيجر التي أوقعت العديد من الضحايا من السكان المحليين أوفي صفوف القوات العسكرية الأجنبية والأممية، مما يفسر تحول المنطقة إلى عمق استراتيجي كنقطة تمركز جديدة للجماعات الإرهابية وهو ما ترجم توجه البغدادي في أبريل 2019 عبر رسالة إلى أتباعه للتوجه نحو الساحل الإفريقي والتمركز في الصحراء وإعادة ترتيب الصفوف بعد انحسارهم في منطقة الشام.

          وتمتد منطقة الساحل والصحراء على مسافة تتجاوز 5000كلم وهي عبارة عن صحراء مترامية الأطراف تخترق مجموعة من الدول وتتميز بصعوبة مراقبة حدودها والتحكم في تنقل سكانها كما تتميز بتعددية إثنية معقدة وظروف اقتصادية واجتماعية وأمنية صعبة جعلت منها أرضا مناسبة لنمو الإرهاب وما يرتبط به من ظواهر أخرى كالهجرة غير الشرعية والمخدرات والاتجار بالبشر وكل الممارسات غير القانونية لغياب الدولة القادرة على مواجهتها بالمنطقة.

          وإذا كانت هذه التنظيمات الإرهابية انطلقت مع العشرية السوداء في الجزائر وعودة العرب الأفغان في بداية تسعينيات القرن الماضي، فإن الوضع استفحل بشكل كبير بعد الثورة الليبية التي أنتجت فراغا أمنيا كبيرا وفوضى بالمنطقة مع تمدد السلاح وتهريبه من مخازن نظام القذافي إضافة إلى انتشار المرتزقة الذين كانوا يحاربون في صفوف الجيش الليبي بين العديد من الدول في غياب أي رؤية لإدماجهم في الجيوش النظامية، مما جعلهم بدون مورد فكانوا قوة استقطاب للتنظيمات والجماعات المتطرفة بالمنطقة التي وجدت فيهم التجربة القتالية والدراية بجغرافية المنطقة وصراعاتها وإثنياتها.

مع تواصل الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الهشة، فإن تطور العمليات الإرهابية مايزال مستمرا رغم مشاركة القوات العسكرية الأجنبية في المنطقة التي تحاول حماية المصالح الاستراتيجية لها مثل فرنسا والولايات المتحدة الامريكية، إلا أن ذلك ساهم في تزايد عمليات الجماعات الإرهابية ووجدت مبررا لتدخلاتها انطلاقا من فلسفة ضيقة في تفسير النصوص الدينية والمرجعيات الفكرية التي تنهل منها.

          فمنذ 2014، أطلقت فرنسا عملية" برخان" وقوامها 4500 جندي، كما عملت على تدريب وتجهيز القوات المحلية،  من جهتها عززت الولايات المتحدة الأمريكية حضورها العسكري من خلال قوات " الأفريكوم" التي تشهد تواجد 7500 جندي أمريكي بالإضافة إلى الدعم الاستخباراتي والاستعانة بالقيادات المحلية ورغبتها في إنشاء أكبر قاعدة عسكرية في تاريخها بالنيجر في افق2024[23]، إضافة إلى تواجد قوات أممية تحت مسمى "مينوسما MINUSMA" و قوات "جيش الساحل" التي تشكلت من 5 دول (مالي، التشاد، النيجر، موريتانيا، بوركينافاسو)، ورغم ذلك لم تساهم كل هذه المبادرات في انحسار نفوذ الجماعات الإرهابية التي زادت من نسق تدخلاتها واستمرارية استقطاب الموارد البشرية الجديدة، مستفيدة من حالة الفوضى والضعف السياسي والاقتصادي والأمني الذي تعاني منه أغلب دول الساحل، إلى جانب توالي الانقلابات العسكرية والصراعات القبلية والإثنية حول الموارد والأراضي، إضافة إلى غياب إرادة إقليمية ودولية قوية لمواجهة الظواهر المهددة للأمن والسلم الدوليين.

          كل هذه العوامل المطردة والمتفاعلة فيما بينها، تجعل من المنطقة مشروع قلق إقليمي ودولي لما تمثله من موقع استراتيجي لتغذية الإرهاب ومختلف الممارسات المرتبطة به، مع إمكانية تصديره وتمدده للبلدان المجاورة بحكم موقعه الجغرافي وتماسه مع شمال إفريقيا وأروبا والشرق الأوسط، في ظل غياب تنسيق بين الحكومات المحلية وضعف المؤسسات القارية على احتواء الأزمات ولغياب إرادة حقيقية من طرف القوى الغربية ذات المصالح الاستراتيجية بالمنطقة، مع انعدام تصور واضح للقضاء على الفقر والفساد والتغيرات المناخية، مما يؤشر على توسع الإرهاب بشكل سريع لوجود تحالفات وتنسيق بين مختلف التنظيمات الإرهابية، فما تفرق في الدول والحكومات اجتمع في الجماعات الإرهابية.

خاتمة:

           إن ضعف نموذج بناء الدولة في إفريقيا، ساعد على ظهور فاعلين من غير الدول، استغلت الفراغ الأمني والاقتصادي والاجتماعي، الذي تركته الدول الضعيفة، خصوصا في منطقة الساحل والصحراء، التي تمّ اختراقها بشكل كبير من قبل الجماعات الإرهابية، مثل  "جماعة بوكو حرام"، التي انطلقت من نيجيريا واستطاعت أن تخترق الدول المجاورة لها، كالكاميرون وتشاد، إضافة إلى التهديدات النابعة من تداعيات الهجرة غير الشرعية، والتهريب العابر للحدود بمختلف أشكاله، وبالتالي تداخلت هذه التهديدات مع ضعف الدولة المركزية إلى تشكيل مناطق أزمات أمنية تهدد الاستقرار بالمجال الإفريقي برمته.

        فحين يتم تحليل طبيعة الأزمات في إفريقيا، فإننا نخلص إلى ارتباطها بأربعة عوامل، تتمحور حول الخلاف حول السلطة، الصراع من أجل القوة، فقدان الثقة في القيادة السياسية ثم غياب لعملية التنشئة السياسية، مما نتج عن ذلك غياب أو ضعف فلسفة المواطنة والدولة الوطنية، بما ساهم في تلاشي الأداء المؤسسي، وعدم القدرة على بناء آليات الوقاية والوساطة ذات الفعالية والمصداقية.   كما تتميز الحياة السياسية بانتشار واضح لمظاهر الحياة القبلية، التي يغلب فيها الولاء للقبيلة على الوطن، خصوصا أن بعض القبائل تعرف امتدادات مجالية عابرة لأوطان متعددة، كأقلية الطوارق التي تتوزع على خمس دول (مالي، النيجر، ليبيا، الجزائر، بوركينافاسو)، وهذا ما خلق تأثيرا سلبيا على تماسك الدولة الوطنية، وعليه فإن أزمة الهوية والاندماج تطرح نفسها بقوة في استحضار الأزمة في إفريقيا، التي تتجسد في غياب وحدة العناصر المادية والنفسية المتكاملة، والتمايز، والديمومة، والجهد المركزي.

          وتتميز العملية السياسية باختلالات هيكلية عميقة، ترتبط بطبيعة النظم السياسية المنغلقة، وضعف المشاركة السياسية، وانعدام وتقييد حرية التعبير والإعلام، فضلا عن تأثير المؤسسة العسكرية في إدارة عملية الانتقال(ليبيا، الجزائر، السودان...)، على الرغم من رغبة هذه الدول في الديمقراطية، وهذا ما يفرض على الدول بناء مناخ جديد يحس فيه المواطنون بالأمن والحماية، في إطار تدبير يتميز بالشفافية والوضوح، وحكم القانون، وربط المسؤولية بالمحاسبة، والعدالة الاجتماعية، التي تلامس كل المناطق والمجالات، وهي كلها مبادئ أساسية للحكامة الجيدة، التي يفترض اتباعها من طرف الدول الإفريقية حتى تخرج من أزماتها البنيوية، التي جعلت البنك الدولي يعتبر الأزمة في إفريقيا أزمة حكم رشيد من قبل سلطة محتكرة، غير شرعية ولا تخضع للمساءلة.

             وفي هذا الصدد، وتحقيقا للتنمية كغاية وللحكامة كآلية، وجب على إفريقيا اتخاذ تدابير دائمة وفعالة لمرافقة مختلف الفاعلين المؤسسيين، من أجل تدبير المخاطر المحدقة بالقارة، في ظل سياقات العولمة التي صاحبتها مجموعة من التحديات، تقتضي التفكير بعمق في إيجاد الاستراتيجيات الناجعة لتدبير الأزمات والمخاطر، من أجل توجيه مختلف الفاعلين (الدولة، السلطات المحلية، المجتمع المدني، المقاولة...)، مع التطورات الدولية في أفق التكامل الإقليمي والقاري، على أساس الجودة والإنجاز والأداء وتبادل الخبرات من التجارب الناجحة التي عرفتها بعض الدول.

       كما أن الانعكاسات الإيجابية للتنمية الداخلية والاستقرار الاجتماعي والسياسي، يصل مداها إلى المستوى الإقليمي والدولي، لأن فشل البلدان في تحقيق أمنها الداخلي، يصبح مصدر الكثير من المشكلات العالمية والإقليمية، من الفقر إلى الجريمة إلى الإرهاب والهجرة غير الشرعية، أو ما يطلق عليه اليوم بالأخطار الجديدة، التي لم تعد محدودة في مجال ضيق، بل ممتدة في المجال، مما يؤدي إلى تراكم التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والبيئية، ويشكل ضغوطا على النظام الإقليمي الإفريقي كما في الحالتين الليبية والمالية، اللتين تشكلان أعقد الأزمات الإفريقية الراهنة.

           وإجمالا، يمكن القول من باب الموضوعية إن الدولة في إفريقيا لا تتأطر في نموذج واحد، بل في أشكال مختلفة ومتباينة القوة والعجز والقدرة على الاستمرارية، ودرجة الاستجابة لطموحات شعوبها، ونميز في هذا الإطار بين القومية والمستقرة نسبيا ثم الدول الضعيفة فالدول الفاشلة.

        إن الأنماط السابقة الذكر والتي تشكل طبيعة الدولة في إفريقيا، تتداخل وتتأرجح بينها الدول والوحدات السياسية حيث تنتقل من صنف إلى آخر بطريقة تنازلية أو تصاعدية، فبين الاستقرار والفشل، هناك بنيات أمنية وسياسية واجتماعية قابلة للتبدل والتغير، حسب درجة الانسجام الداخلي وحضور التوافقات المجتمعية، في إطار دولة المواطنة التي لم تترسخ بعد في البنيان الثقافي والفكري للأنظمة الإفريقية، مما يفتح الأفق أمام سيناريوهات متعددة بين متفائل بإمكانية تحقيق دولة المواطنة والحق والقانون بإفريقيا، وبين متشائم يعتقد باستمرار الأزمات الإفريقية، تحت إكراه الضغوطات الداخلية أو بتدبير خارجي في إطار الفوضى الخلاقة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع:

فرانسيس فوكوياما، بناء الدولة، النظام العالمي ومشكلة الحكم والإدارة في القرن الواحد والعشرين، العبيكان، المملكة العربية السعودية، ترجمة مجاب الإمام .

حسن الحاج علي أحمد " الدولة الإفريقية ونظريات العلاقات الدولية"، مجلة السياسة الدولية، العدد 160 أبريل 2005.

الحافظ النويني، أزمة الدولة ما بعد الاستعمار في إفريقية: حالة الدولة الفاشلة (نموذج مالي)، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 422-423، 2014.

تييري فيركولون ( مدير مشروع إفريقيا الوسطى بمجموعة الأزمات العالمية)" ازمة إفريقيا الوسطى..تعددت الأسباب و الصراع واحد"، سلسلة تقارير الصادرة عن مركز الجزيرة للدراسات، منشورة على الرابط بتاريخ 25 مارس 2014.

عبد العالي الحور " التحديات الجيوسياسية في منطقة الساحل والصحراء وانعكاساتها على الأمن القومي العربي"، مجلة رهانات، ع38، 2016.

كمال لقصير، التوافق السياسي وبناء الدولة في التجارب المغاربية، سلسلة قضايا، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، قطر، 05 فبراير 2014.

عربي بومدين،" أزمة الدولة في منطقة الساحل الإفريقي: دراسة في الأسباب وتحديات البناء"، مجلة قراءات إفريقية، منشور بتاريخ 11 يناير 2018.

حمدي عبد الرحمان حسن " إفريقيا والقرن الواحد والعشرين: رؤية مستقبلية"، مركز البحوث والدراسات، القاهرة، 1997.

جون راولز، العدالة كإنصاف، ترجمة حيدر حاج إسماعيل، ط1، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2009.

محمد أمين بن جيلالي، بناء الدولة: المفهوم والنظرية وأسئلة الراهن، دراسات سياسية، القاهرة، المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، 11 أكتوبر 2016 .


[1]-فرانسيس فوكوياما، بناء الدولة، النظام العالمي ومشكلة الحكم والإدارة في القرن الواحد والعشرين، العبيكان، المملكة العربية السعودية، ترجمة مجاب الإمام ص 11.

[2] -Gérard-François DUMONT «La géopolitique des populations du Sahel »,in : https://bit.ly/38nQDSS

[3] - حسن الحاج علي أحمد " الدولة الإفريقية ونظريات العلاقات الدولية"، مجلة السياسة الدولية، العدد 160 أبريل 2005، ص 17.

[4] - الحافظ النويني، أزمة الدولة ما بعد الاستعمار في إفريقية: حالة الدولة الفاشلة (نموذج مالي)، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 422-423، 2014، ص 60.

[5] -تييري فيركولون ( مدير مشروع إفريقيا الوسطى بمجموعة الأزمات العالمية)" ازمة إفريقيا الوسطى..تعددت الأسباب و الصراع واحد"، سلسلة تقارير الصادرة عن مركز الجزيرة للدراسات، منشورة على الرابط بتاريخ 25 مارس 2014: https://bit.ly/2SF29T9                                                   

[6] -TALAL Salahdine « Centre Afrique : éviter l’écueil de la somalisation « , publications centre AMADEUS, le 30 avril 2014, voir le lien suivant : https://bit.ly12vr3tbi/

[7] - الحرب الاتماثلية أو الاتناظرية أو الحرب غير المتوازية أو حروب الجيل الرابع، كلها مسميات ذات معنى واحد، تشير إلى الحروب الجديدة التي تتميز بعدم مركزيتها و لم تعد مؤطرة بالمفاهيم التقليدية، و تعد الحرب الاتماثلية من المفاهيم الحديثة التي ارتبطت بتقييم الخبراء الأمريكيين للتهديدات التي تواجهها واشنطن بعد نهاية الحرب الباردة، حيث خلصوا إلى أن زوال الاتحاد السوفياتي أفرز تهديدات أمنية جديدة بين جيوش نظامية و مجموعات غير رسمية لا ترتبط بمجال أو سيادة ( الجماعات الإرهابية، جماعات التهريب، العصابات الإجرامية ...).

[8] - عبد العالي الحور " التحديات الجيوسياسية في منطقة الساحل والصحراء وانعكاساتها على الأمن القومي العربي"، مجلة رهانات، ع38، 2016، ص12.

[9] - Juan Linz and Alfred Stepen, Problems Of Democratic Transitions and Consolidation In Southern Europe, South America And Post Communist Europe, USA, Johns Hopkins University, press,1996,p13.

[10] -كمال لقصير، التوافق السياسي وبناء الدولة في التجارب المغاربية، سلسلة قضايا، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، قطر، 05 فبراير 2014، ص03.

[11] - عربي بومدين،" أزمة الدولة في منطقة الساحل الإفريقي: دراسة في الأسباب وتحديات البناء"، مجلة قراءات إفريقية، منشور بتاريخ 11 يناير 2018، على الرابط التالي: https://bit.ly/38yg7gx        

[12] - حمدي عبد الرحمان حسن " إفريقيا والقرن الواحد والعشرين: رؤية مستقبلية"، مركز البحوث والدراسات، القاهرة، 1997، ص 9.

[13] - منظمة الشفافية الدولية هي منظمة مجتمع مدني دولية، تعنى بمكافحة الفساد، تصدر تقارير حول الدرجة النسبية لانتشار الفساد في القطاع العام، منشور بتاريخ دجنبر 2018، الرابط:      www.transparency.org/cpi2018      

جون راولز، العدالة كإنصاف، ترجمة حيدر حاج إسماعيل، ط1، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2009، ص 61.-[14]

[15]-محمد أمين بن جيلالي، بناء الدولة: المفهوم والنظرية وأسئلة الراهن، دراسات سياسية، القاهرة، المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، 11 أكتوبر 2016 ص 15.

[16] - من التقرير السنوي للجنة الدولية للصليب الأحمر حول أفريقيا، منشور بتاريخ 27 يونيو 2013، على الرابط :        https://bit.ly/31PTv8H       

[17] -بنجامين نيكلز " المغرب ينخرط في تجمع دول الساحل"، مقال منشور بموقع Carnegie Endowment For International Peace، منشور بتاريخ 3 يناير 2013، على الرابط التالي:  https://bit.ly/2vyrmeh

[18] - تقرير مستقبلنا المشترك، الصادر عن اللجنة العالمية للبيئة و التنمية سنة 1987، ترجمة محمد كامل عارف، علي حسين حجاج، عالم المعرفة، العدد 142، المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب، الكويت، أكتوبر 1989، ص 92-93.

[19]-عبد الواحد أولاد مولود، المغرب والتهديدات الأمنية بمنطقة الساحل والصحراء الإفريقية: دراسة لحالة الإرهاب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، السنة الجامعية 2017/2018، ص 264.

[20]-للتوسع في الموضوع، ينظر ادريس لكريني، تدبير أزمات التحول الديمقراطي: مقاربة للحراك العربي في ضوء التجارب الدولية، الطبعة الأولى 2020، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، ص139 وما يليها.

[21]-Fonchingong Tangie, The State and Development in Africa, p01 in :                                                                                                                                                                                                                                  https://codesria.org/IMG/pdf/tangie.pdf?1422        

2- حنان زبيس، منطقة الساحل والصحراء هل باتت الجنة الموعودة للإرهابيين؟، المجلة الإلكترونية الشهرية العربية ليدرز بتاريخ 23دجنبر 2019، منشورة على الرابط: https://bit.ly/3wMeOWV .

[23]- نفس المرجع السابق.


إرسال تعليق

0 تعليقات