آخر الأخبار

Advertisement

تكنوقراط المغرب على عرش السياسات الحكومية - الأستاذ جمال فوزير- منشورات مجلة الباحث للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية وموقع الباحث القانوني


  تكنوقراط المغرب على عرش السياسات الحكومية - الأستاذ جمال فوزير- منشورات مجلة الباحث للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية وموقع الباحث القانوني


رابط تحميل العدد الذي يتضمن المقال بصيغته الرقمية pdf أسفله:






           الأستاذ جمــال فــوزي

        باحث في القانون العام المملكة المغربية

        تكنوقراط المغرب على عرش السياسات الحكومية

Morocco's technocrats are on the throne of government policies

ملخص:

تصدر المشهد الاعلامي الوطني والدولي، في الآونة الأخيرة، نقاش سياسي وأكاديمي، تناول الصعود الواضح للتكنوقراط والاعتماد المستمر عليهم في إدارة وتدبير الشأن العام، وتقديمهم بوصفهم بديلا عن الحكومات السياسية المنتخبة، واعتبارهم حلا لجميع الأزمات التي يعيشها العالم.

إن الموقع الذي تبوأه التكنوقراط داخل النسق السياسي المغربي، هو قمة الهرم الإداري المتحكم في صناعة السياسات العمومية، بحيث أن تواجد مثل أولئك الموظفين بهذه المستويات يؤهلهم أكثر إلى التأثير وبفعالية كبيرة في بنيات ومراكز القرار العام، كممتهنين للفعل الإداري وبالتالي كصانعين مركزيين للسياسات الحكومية.

تهدف هذه الورقة إلى تبيان مدى الاعتماد المفرط للنظام السياسي المغربي على التكنوقراط في إعداد وبلورة السياسات الحكومية، انطلاقا من التفوق التقني والكفاءة المهنية المميزين لهم، وانطلاقا من الكم الهائل من المعلومات الاستراتيجية التي يمتلكونها والتي مكنتهم من القيام بمهام الدراسة والاستشارة. كما ترمي هذه المقالة إلى الكشف عن أهم تجليات وتمظهرات التفوق التقني للتكنوقراط على مستوى بلورة وصناعة السياسات العامة، ومدى مساهمة هذه النخبة في تحقيق التنمية المنشودة.

الكلمات المفتاح:

التكنوقراط – السياسات الحكومية – التفوق التقني – الكفاءة المهنية – فعالية التدبير.

مقدمة:

يُمَكننا مدخل صناعة النخبة من تفسير بعض الظواهر المرتبط بظاهرة النخبوية عموما وبالتكنوقراطية على وجه الخصوص؛ إذ لم يعد التكنوقراط يؤدي دور الاستشارة العلمية فحسب، بل قد يتجاوز ذلك، بتطلعه إلى القيام بأدوار سياسية، تمكنه من المحافظة على الامتيازات، بالرهان على التقرب من أصحاب القرار الحقيقيين[1].

إن الاهتمام الكبير بمفهوم النخبة، أفضى إلى تعددية كبيرة في المفاهيم التي أعطيت لها. غير أن هناك نوعا من الاتفاق حول مضمونها، الذي يشير إلى أنها فئة أقلية من عَلية القوم وصفوته، تكتسب الثروة أو المعرفة وتساهم في تنفيذ أو تمثيل أو تدبير جزء من السلطة السياسية، وهي تحظى بنفوذ وامتياز كبيرين[2]، وتتبوأ أعلى المناصب في التنظيمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

جدير بالذكر أن بزوغ "التكنوقراط" في العالم الغربي، يرجع إلى ديناميتين سياسيتين؛ الأولى مرتبطة بصعود الجهاز الاداري وما صاحبه من عقلانية في التدبير، والثانية لها علاقة بالنقاش حول أثر العولمة وهيمنة الجوانب المالية العالمية على الاقتصاد وسيادة الخبرة التقنية، ونزع الصفة السياسية عن التسيير[3]، بإقصاء السياسي وتعويضه بالإداري الكفء، من أجل رسم سياسات حكومية فعالة[4].

وتكمن قوة التكنوقراطيين في تزايد الأدوار التي أصبح العلم يؤديها في جميع مناحي الحياة الصناعية والعسكرية منها، كما أن لهم الكلمة الفصل في إعداد المخططات الاستراتيجية، ولهم تأثير كبير على الحكم والحكام، لكن دون أن يعني ذلك حلولهم مكان السياسيين في أي نظام سياسي كان[5]. ويعتبرون أنفسهم الوحيدين المؤهلين للحديث باسم الدولة مستمدين شرعيتهم الذاتية من الكفاءة والحياد السياسي ودرجة قربهم من صناع القرار وامتلاكهم لمصدر المعلومة الاستراتيجية. هذا بالإضافة إلى خطابهم المتفائل وبُعد نظرهم في اتخاذ القرارات الاستراتيجية ورسم السياسات العمومية[6].

 وغالبا ما يشير مفهوم التكنوقراط إلى فئة اجتماعية تستثمر الإنتاجات العلمية من أجل خدمة السلطة[7]، وهو المفهوم المرتبط بالمنظور الايديولوجي الذي يسعى إلى "تكنقرطة" السلطة[8]. كما يحيل مفهوم التكنوقراطية على "إدارة المجتمع بواسطة تقنيين، تحكمهم محددات ودوافع تكنو-اقتصادية، بهدف الانتقال من نظام السوق نحو تكنوقراطية عالية الفعالية في مواجهة مختلف الأزمات الاقتصادية"[9].

إن الظاهرة التكنوقراطية بالشكل الذي تم تعريفها أعلاه، تبقى، على العموم، معطا بنيويا داخل الحياة السياسية المغربية، المتأثرة بـ"النمطية الإدارية"، من خلال الحضور القوي للموظفين وسط المؤسسات العمومية وارتباط الشرائح الجديدة بالإدارة، وسيادة فكرة التراتبية في كل شيء، يترأسها رئيس (باطرون) يقوم بعملية التشجيع أو الزجر[10].

وفي ظل ما كان يشهده العالم من أزمة على مستوى مجموعة من المرافق العامة إبان نهاية الحرب العالمية الثانية، سارعت بعض الأنظمة السياسية الغربية كالولايات المتحدة الأمريكية إلى الاعتماد وبشكل قوي على التكنوقراط في تدبير السياسات الحكومية لمختلف المجالات الحيوية للدولة. خاصة وأن ظهور التكنوقراط فيها، كان مرتبطا بنتائج الأزمة الاقتصادية العالمية منذ 1932، وحجم النقاش الدائر فيها حول موضوع التقنيين وكيف ساهموا في تجاوز هذه الأزمة[11].

أما في فرنسا فقد تبنت الحكم الجديد للتكنوقراط بعد الجمهورية الرابعة بدعم من المدرسة الوطنية للإدارة ومجموع المدارس والمعاهد العليا للإدارة عبر تكوينها عدة أجيال شكلت النخبة التقنية في فرنسا بل وحتى في مستعمراتها السابقة[12]. مما أدى إلى تربعها على رأس الهيئات الكبرى لجهاز الإدارة، والذي سيزكيه فيما بعد، فعل اختراق "السياسي"، من خلال هجرة العديد من الكفاءات التقنية إلى المجال السياسي، لتصبح هيئات كبرى تشكل لوحدها نسقا مغلقا[13].

وفي خضم التحولات الميدانية والدينامية الاجتماعية التي عرفتها الحياة السياسية المغربية، برزت نخبة تكنوقراطية مرتبطة بنمط الإنتاج الرأسمالي وما أنتج من تحولات اجتماعية باعتماد الجهاز البيروقراطي والجيش النظامي، الذين ورثتهما الدولة عن المستعمر[14]. كما كان لظهورها مجموعة من العوامل المتداخلة بين ما هو تاريخي وأمني من جهة، وبين ما هو اجتماعي واقتصادي من جهة ثانية. إذ بادر المستعمر الفرنسي، إلى تشكيل نخبة مغربية متعلمة تعليما بسيطا تشكل له وساطات مع السكان، والتي سيتم اختيارها من أبناء عائلات الأعيان والإقطاعيين المغاربة والتي معظمها من العائلات التي خدمت المستعمر، وكانت له عونا حقيقيا في تثبيت كيانه الاستعماري[15].

وشكلت تلك النخبة، الحامي الرسمي لمصالح فرنسا بالمغرب؛ إذ استغلت هيمنتها على الإدارة التقليدية التي كانت تحكم المغرب قبل وإبان فترة الحماية، وتولت الإدارة في عهد الاستقلال، لتمثل بذلك بداية بزوغ قوة اجتماعية جديدة مؤهلة لتولي إدارة الملفات الكبرى[16]. وشكلت الخيار الأفضل للنظام السياسي في المغرب، والبديل القادر على تثبيت الحكم وإرساء سياسات حكومية، وهذا ما ستحققه هذه النخبة بكفاءتها وقدراتها العلمية العالية في إطار دولة المؤسسات الجديدة[17].

ونؤكد في هذا الإطار، أن مجال السياسات الحكومية، شكل على مر الأزمان، ساحة مواتية لتفاعل وتداخل رؤى ومصالح وتوجهات الفواعل المتدخلة في الحياة السياسية[18]. وستسعى المؤسسة الملكية، في هذا الإطار، إلى التحكم في صياغة السياسات العمومية خدمة لتقوية مشروعيتها عبر تقوية الجهاز الحكومي التنفيذي والتحكم فيه، بالاستعانة بالفاعل التكنوقراطي الذي برز في الحياة السياسية المغربية والذي استفرد بصناعة السياسات العامة، من خلال الكفاءة وتفوق المنطق التقني لديه وكذا احتكار المعلومة الاستراتيجية[19].

انطلاقا مما سبق، يتضح أن تناول موضوع تكنوقراط المغرب من الأهمية بمكان، نظرا لتواجده المستمر في مواقع تدبير السياسات الحكومية، مما يساعد على فهم وتفسير الأداء الحكومي وعلاقته بخصوصية وجود ملكية مهيمنة على الجهاز التنفيذي بالمغرب. هذا بالإضافة إلى أن فهم الدور الهام الذي يؤديه التكنوقراط في وضع السياسات العامة، يساعد على فهم جيد لردود الأفعال التي يعبر عنها المواطن المغربي عبر توالي المظاهر الاحتجاجية المختلفة، إن على مستوى الواقع المعيشي أو على مستوى الواقع الافتراضي عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.

إن صعود النخبة التكنوقراطية اللافت للنظر وتبوؤها أسمى مناصب المسؤولية في الدولة، وهيمنتها على رسم وتنفيذ السياسات العامة الحكومية؛ يضع هذه النخبة بالمغرب موضع التساؤل حول فعالية الاعتماد عليها وتجليات هيمنتها وتفوقها.

يطرح موضوع التكنوقراط أبعادا متعددة للبحث، مما يفرض الاستعانة بمجموعة من الأساليب والأدوات المنهجية المتكاملة فيما بينها. فلا يكفي أن نعتمد المنهج الوصفي فقط، إذ لا بد من دراسة متكاملة، تستحضر نهجا توليفيا يضم التحليل الوظيفي والبنيوي والنسقي والسوسيو- قانوني.

لقد ساهم تموقع التكنوقراط بالقرب من صناع القرار الحقيقيين في هيمنتهم على مسار صناعة السياسات الحكومية. وهذا ما سينعكس على هذه الفئة على مستوى هيمنتهم على مجال صناعة القرار. وتتجلى هذه الهيمنة، من جهة، في التفوق التقني والكفاءة المهنية للنخبة التكنوقراطية (الفرع الأول)، ومن جهة أخرى، في احتكارهم لمصادر المعلومات الاستراتيجية وقيامهم بمهمات الدراسة والاستشارة (الفرع الثاني).

·       الفرع الأول: التفوق التقني والكفاءة المهنية

شكل مسار صناعة السياسات العامة بالمغرب المجال الخصب للنخبة التكنوقراطية من أجل إبراز كفاءاتها وقدراتها التقنية المؤهلة لرسم معالم سياسة اجتماعية واقتصادية. لكن الكفاءة والتفوق التقني الذي يميز التكنوقراط (الفقرة الأولى)، لن يتم تقييمها إلا بالحديث عن النتائج الكمية والنوعية لمجموع مخططاتها التي سيكون رضا المواطن عليها هو المقياس الوحيد لفعاليتها (الفقرة الثانية).

·       الفقرة الأولى:  الكفاءة والتفوق التقني لدى التكنوقراط

دفعت النجاحات الاقتصادية التي حققها التكنوقراط والموظفون السامون في الإدارات المركزية، من خلال تدخلاتهم خلال رسم السياسات الاجتماعية والاقتصادية للدول الغربية كفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، إلى استجلاء التجربة التقنية بالمغرب في هذا المجال[20]. هكذا، فقد وُضعت هذه النخبة في مواقع مهمة على مستوى الدواوين الوزارية والمؤسسات الكبرى للدولة والمقاولات العمومية وشبه العمومية، والتي ستعمل من خلالها، على إبراز ما مدى قدرتها في تطوير البنية التحتية في مجالات التخطيط وبلورة المشاريع وتدبير القطاعات الحيوية.

لقد كان تدخل الموظفين الكبار (مديري الدواوين والمفتشين العامين والكتاب العامين...) في رسم التوجهات الكبرى للدولة على مستوى صناعة السياسات العامة، انطلاقا من كفاءتهم وتفوقهم في المعارف الاقتصادي بالدرجة الأولى[21]. حيث سيتم الاعتماد عليهم في صياغة سياسة اقتصادية في مجال رسم السياسات الحكومية. هكذا تشكلت دائرة شبه مغلقة من الأطر العليا، تحكمت في رسم المعالم الكبرى للسياسات العامة بالمغرب، بدافع العقلنة والتفوق التقني[22].

كما أن الظرف الاقتصادي الهش للمغرب غداة الاستقلال، وعدم مسايرته للتحولات الماكرو اقتصادية العالمية، وكذا توالي فترات الأزمات الاقتصادية وتفاقم ميزان العجز، وأثر عولمة الأسواق وهيمنة الجوانب المالية العالمية على الاقتصاد الوطني[23] ، والسعي إلى إقرار أنظمة وتدابير وميكانيزمات جديدة للفعل العمومي[24]، كل هذا، ساهم، وبشكل واضح، في الاستعانة بالنخبة التقنية المتخصصة.

فقد لجأت الدولة المغربية إلى الاعتماد على التكنوقراط بهدف إخراج الدولة من أزماتها الاقتصادية وإعادة التوازن للبنية الاقتصادية التي اعتمد فيها على مبدأ "كنزي"، الذي تكون فيه الدولة مراقبة وموجهة للاقتصاد وضابطة له في الآن نفسه، وهذا يرجع بالطبع إلى مخاوف الدولة وهواجسها الأمنية المتمثلة في سعيها للهيمنة والسيطرة على السياسة الاقتصادية، وتحقيق مصالح معينة لنخب مقربة من مواقع اتخاذ القرار.

هكذا، تم بسط سلطة الدولة، الضرورية لضبط التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، على مجموع التراب الوطني، مما سمح لها بممارسة مراقبة شبه تامة على الدواليب الاقتصادية والاجتماعية[25]. ومع تزايد دور الجهاز الإداري ومنه التكنوقراطي في المجال الاقتصادي والاجتماعي، سيبرز دور الموظفين السامين المكلفين بتتبع القضايا التي تقع خارج دائرة اهتمام الوزراء جزئيا أو كليا، ما سيمكنهم من المحافظة على النظام التدخلي للإدارة العليا الذي يميزهم[26]، وفي ذلك ضمان لبقائهم في مراكزهم. هذا سيجعلهم يحققون استقلالية عن باقي الوظائف، ويشعرهم ذلك بالتميز عن غيرهم، مما يدفعهم إلى فرض امتيازات، وتحسين وضعيتهم في الأسواق المالية، لتتشكل بذلك طبقة برجوازية حافظت على وضعها المالي والاجتماعي عبر تحالفها مع النظام السياسي[27].

ومن أجل المحافظة على النظام التدخلي المركزي ذاته، تم تعيين العشرات من المهندسين ككتاب عاميين للوزارات، وفي مناصب سامية داخل الإدارة الترابية كعمال وولاة. لكن التحول الذي عرفه المغرب منذ ظهور المفهوم الجديد للسلطة، سيغير من التصور المحكوم بالهواجس الأمنية التي كان ينظر إليه منصب العامل والوالي، حيث أصبح هذا الأخير معنيا بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتشجيع الاستثمارات الخارجية أكثر مما هو معني بالمهمة الضبطية[28]. مما يفسر تعيين مجموعة من المهندسين كولاة وعمال، سواء على صعيد الإدارة المركزية أو الإدارة اللاممركزة، وذلك منذ حركة 21 يوليوز 2009 التي تم فيها تعيين تسعة ولاة تكنوقراط دفعة واحدة.

ويبدو، في الظاهر، أن سعي الدولة وراء النخبة التقنية، إنما كان بغرض اللجوء إلى عقلنة التدبير، بالاعتماد على القدرات التدبيرية والوظيفية لهذه النخبة والتي لا تنتمي لأي مرجعية حزبية أو ايديولوجية. فالتكنوقراط، بحكم موقعه، ينخرط في إعداد القرارات الحكومية في مجال مواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والإدارية ويساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، ومحاربة البطالة، والنهوض بالأوضاع الفردية والجماعية للمغاربة.

غير أن انخراط هذه الفئات في رسم وتنفيذ سياسات وبرامج تنموية للبلاد، وذلك بمباركة من المؤسسة الملكية التي تملك سلطات واسعة في مسار تصور وصناعة السياسات العامة، سيؤدي إلى التدخل وبشكل مباشر في مجال التنفيذ الذي أصبح يتزايد باستمرار بغرض خدمة مشروعية القصر. وما برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلا نموذجا واضحا في هذا الصدد[29].

ولكن، يبقى الرضا العام للمغاربة على السياسات العامة، والبرامج الإنمائية التي تسعى إليها الدولة بتوجهها العام، هو المعيار الوحيد للتأكد من كفاءة هذه النخبة[30].

·       الفقرة الثانية: فعالية التفوق التقني للتكنوقراط

لقد كان الاعتماد على النخبة التقنية في مجال السياسات العامة فرصة لبروز فاعل جديد، اعتمد على ما يملكه من معارف علمية وتقنية عالية وعلى احتكار المعلومة وبُعد نظره[31]، ليهيمن على مراكز صناعة السياسات العامة، غير أن هذه الكفاءات لا يمكن تقييمها إلا من خلال نتائج هذه السياسات على المستويين الاقتصادي والاجتماعي عبر مقياس الرضا العام للمواطنين المعنيين بمضمونها.

إن اقتحام التكنوقراط لأسمى المواقع الإدارية والاقتصادية والسياسية، قد عزز دورهم في إنتاج واتخاذ القرارات الاستراتيجية. وقد مكنهم ذلك من امتلاك آليات مراقبة المعلومات وقدرتهم على استعمال الوسائل التقنية والحديثة في مجالات التدبير المعقلن للمؤسسات العمومية. وفي هذا الإطار، شكلت مجموعة من المخططات التنموية في المجالين الاجتماعي والاقتصادي، والتي تبناها المغرب منذ عهد الاستقلال، المحك الحقيقي لتقييم فعالية التفوق التقني لفئة التكنوقراط. ولأن معيار الفعالية، يعتبر أهم معايير تقييم السياسات العامة وإبراز النتائج المباشرة للمخرجات على المجموعات المستهدفة[32]، كان لابد من تقييم بعض المشاريع التنموية التي أشرف عليها التكنوقراط في المغرب.

وفي هذا الإطار، فقد جاء مشروع التحديث الجديد في السنوات الأولى من الاستقلال، والذي تبنى برنامج الإنعاش الوطني، كبديل للمخطط الخماسي، الذي كان يهدف تحقيق الاستقلال الاقتصادي عبر إعادة هيكلة النظام الاقتصادي المغربي في اتجاه الدخول في مسلسل القضاء على البطالة[33]. لقد شكل هذا البرنامج نموذجا من المشاريع التي اعتُمد فيها  بشكل قوي على التكنوقراط مقابل الاستغناء عن الفاعل السياسي، حيث أن التسيير الفعلي لعمليات وأوراش هذا المشروع ظلت مرتبطة بالديوان الملكي، خصوصا مع رئاسة اجديرة لهذا الأخير[34]. إذ بعد سقوط حكومة عبد الله ابراهيم، سيتم مراجعة استراتيجية المخطط الخماسي الذي اقترحته الأحزاب السياسية (1960- 1964)[35]، من قبل ما يسميهم محمد عابد الجابري بدعاة "الليبيرالية الواقعية"، الذين دعوا إلى ضرورة إشراك رجال الأعمال في تدبير أمور الدولة وتسيير هياكلها وتنميتها، وتكريس السياسة الليبيرالية التي نهجتها الدولة كاختيار، بالاعتماد على نخبة تقنية تلقت تكوينها بالمؤسسات الخارجية للبلاد[36]. وهكذا طرح برنامج الإنعاش الوطني لمحاربة البطالة بالاعتماد فيه على تمويل ثلاثي المصدر (القمح الأمريكي وميزانية الدولة وميزانية الجماعات المحلية).

طُرح بعد ذلك المخطط الثلاثي، الذي سيركز على الفلاحة والصادرات والسياحة، ونادى بتقليص تدخل الدولة في المجالات الاقتصادية الأخرى، مقابل تشجيع سياسة ليبرالية. ثم جاء المخطط الخماسي(1986ـ 1972) كامتداد للاختيارات والأولويات التي ميزت المخطط السابق، مع إعطاء بعض الأولوية للقطاع الصناعي، بتشجيع الفلاحة التصديرية وتحديث وسائل الإنتاج. ثم تبعه بعد ذلك المخطط الخماسي الثالث (1973ـ 1977) بسياسة جديدة ذات طابع نقدي للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي أفرزتها مرحلة الستينات، وعمل على تشجيع عمليات النمو في الأقاليم المهمشة بانتهاج سياسة اللامركزية، ومغربة الاقتصاد الوطني، وعرفت هذه الفترة إدماج نسبة مرتفعة من الموظفين الكبار على مستوى الدواوين الوزارية والتي وصلت إلى أكثر من 90%[37]. فيما بعد، تم الإعلان عن المخطط الثلاثي (1978ـ 1980) الذي حاول أن يلطف من الأزمة الاقتصادية الناتجة عن ارتفاع أسعار البترول وانخفاض الطلب على الفوسفاط،  فأفرز مكانة مهمة للقطاع الخاص في عملية التنمية، وعمل على الاعتناء بالمقاولات الصغرى والمتوسطة وأوصى بالتقليل من نفقات الدولة جراء انعكاس سنوات الجفاف التي عرفها المغرب في تلك الفترة. لكن إقرار سياسة "التقويم الهيكلي" في بداية الثمانينات سوف يؤدي إلى بطئ في النمو الاقتصادي وتدهور التنمية الاجتماعية[38]. ولن يتم التخفيف من هذه السياسة وانعكاساتها إلا مع برنامج الأولويات الاجتماعية سنة 1993، والذي هدف بالأساس إلى تطبيق استراتيجية للتنمية الاجتماعية تشمل العديد من المجالات كالتعليم الأساسي، والصحة والإنعاش الوطني.

إن مجمل الاستراتيجيات التنموية التي نهجها المغرب منذ الاستقلال إلى غاية 2004 بنجاحاته وإخفاقاتها والتي كانت معظمها بتدبير تكنوقراطي، عجزت إلى حد ما، في تلبية طموحات ومتطلبات الشعب المغربي، وكانت نتائجها محدودة، مما حتم البحث على إعداد سياسات حكومية جديدة ومتطورة تمليها ضروريات المرحلة، سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي[39]. وبقدر ما كانت "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" التي أعلن عنها الملك يوم 18 ماي 2005، بديلا لهذه الاستراتيجيات، بقدر ما كانت إحدى تجليات فشل السياسات الحكومية السابقة. خاصة وأن عددا من التقارير الدولية من منظمات متخصصة رصدت فيها الأوضاع الاجتماعية الصعبة ببلادنا، وهو ما كان أيضا قد رصده تقرير الخمسينية الذي أقر بمدى ضعف البرامج الحكومية السابقة والخاصة بمحاربة الفقر والبطالة والتهميش والعوز الاجتماعي ومحو الأمية وتعميم التدريس[40]، وفيها اعتراف بفشل السياسات الأولى التي همش فيها التكنوقراط الاعتناء بالعنصر البشري وتنميته[41].

لكن سرعان ما تم الاعلان على فشل المشروع التنموي الذي جاءت به المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ذاتها، من قبل أعلى سلطة بالمغرب. كانت هذه المبادرة قد سعت إلى ترقيع الموجود في أفق تحسينه، بعيدا عن جوهر السياسات العمومية، على أن يكون المجتمع المدني، هو الكفيل بالعمل على هذه السياسة الترقيعية[42]، عوض أن تسعى إلى إعادة توجيه السياسات العمومية نحو ديمقراطية مجالية وتنموية، والتي دعا إليها تقرير الخمسينية.

وقد شكلت أحداث الحسيمة ثم أحداث جرادة، وكثير من الاحتجاجات في مناطق عديدة من المغرب، إيذانا بفشل المبادرة في تخفيف حدة الفقر والهشاشة وفرصة للتفكير في نموذج تنموي فعال. وكان لافتا أن المناطق التي شهدت هذه الاحتجاجات هي المناطق نفسها التي تكلم عنها تقرير الخمسينية وهي نفسها التي شهدت مجموعة من التدخلات في إطار هذه المبادرة، دون أن يكون لها الأثر الايجابي على حياة المواطنين[43].

إن مختلف السياسات الحكومية المتبناة منذ بداية سنوات الثمانين، والتي أطلق عليها سياسات "الليبيرالية الجديدة"، وإن أدت بعضها إلى نتائج إيجابية، فإنها تدفعنا إلى القول بفشلها، نظرا لكون معدلات النمو الاقتصادي لم تحقق قفزة نوعية، وبقيت معضلة البطالة قائمة، ولم يتم التخلص من اللجوء إلى الاقتراض الخارجي أو الداخلي[44].

إن الثقافة الإدارية المغربية وعلى رأسها ثقافة وزارة الداخلية، التي تسيطر عليها ثقافة تكنوقراطية، لا يهما سوى ضبط المجال وجعل المجتمع السياسي والمدني تابع للدولة، هي التي تقف حجرة عثرة أمام مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لتصبح هذه الأخيرة مجرد امتداد للسياسات الاجتماعية السابقة. وتتأكد بذلك، مسؤولية الدولة في فشل مثل هذه المبادرات، من خلال المشاركة المتعاظمة للموظفين السامين في النشاط التنفيذي للحكومة[45].

ولا يمكن إغفال معطى مهم، يساهم وبشكل فعال في عدم تحقيق السياسات الحكومية المبرمجة لأهدافها، هو تمركز النخبة التكنوقراطية المكلفة بإعداد وتنفيذ هذه السياسات في العاصمة فحسب، والذي يجعلهم في منأى عن خصوصيات الأقاليم. وهذا التوجه المركزي ساعد التكنوقراط على تقوية نفوذهم على مستوى مراكز القرار دون الاكتراث للمشاكل الاقليمية والمحلية[46]. ومما ساعد أيضا، على فقدان تلك البرامج والمخططات لفعاليتها ونجاعتها، هو عدم خضوعها للتتبع والتقييم الذي لم تكن السلطات الحكومية تعيره اهتماما كبيرا[47].

ولتدارك الوضع، عين الملك محمد السادس لجنة النموذج التنموي الجديد التي صاغت تقريرا[48]، قدمت فيه عام 2021 النتائج الأساسية والتوصيات الكفيلة ببناء النموذج التنموي الجديد المبني على "تحرير الطاقات وبناء الثقة لتسريع المسيرة نحو التقدم والازدهار من أجل الجميع".

لكن بالرغم من أن هذا التقرير لم يلامس بشكل دقيق بعضا من جوانب إخفاقات السياسات التنموية على مدى السنوات الماضية، ولم يستطع فهم التعثرات التي منيت بها بعض من هذه السياسات. تبقى فكرة "ميثاق التنمية" كإطار عمل توافقي طويل الأمد بقيادة تكنوقراطية، من أهم الحسنات التي جاء بها والذي يستخدم كمرجعية لتنسيق توالي السياسات العمومية مع الحفاظ على التوجه العام الذي يتجاوز الانقسامات السياسية ومختلف المقاربات الحكومية المحدودة في الزمن الانتخابي[49].

يبدو أن تقرير النموذج التنموي الجديد يسير في اتجاه تقوية نفوذ التكنوقراط في رسم السياسات العامة للدولة من خلال تحضير السياسة الاقتصادية الحاضرة والمستقبلية المبنية على الكثير من الخبرة التقنية وعلى الكثير من ضبط مصادر المعلومة، مما يمكنهم من الانفتاح على القيام بمهمات الدراسة والاستشارة.

·       الفرع الثاني: ضبط مصادر المعلومة والقيام بمهمة الدراسة والاستشارة

إن تأثير التكنوقراط على الحياة السياسية بالمغرب جلي في هيمنته على صناعة السياسات الحكومية، عبر تفوقه التقني من خلال الكفاءة والخبرة والتخصص، من جهة، وعبر ضبط مصادر المعلومة من جهة أخرى. حيث تمنح الاحترافية للبيروقراطية والتكنوقراطية شرعية خاصة تعتمد على امتلاك المعرفة والتحكم في مصدر المعلومة، الذي يساهم في تحول السلطة من أيدي السياسيين إلى فضاءات كبار الموظفين والكفاءات التكنوقراطية (الفقرة الأولى) ويساعدهم في ذلك انفتاحهم على القيام بمهمات الدراسة والاستشارة للمؤسسة الملكية (الفقرة الثانية).

·       الفقرة الأولى: ضبط مصادر المعلومة الاستراتيجية

إن عملية صنع القرار عملية معقدة، نظرا لتداخل العناصر المؤثرة في القرار ذاته وكذا لتعدد واختلاف تراتبيتها من رئيس الدولة والحكومة والبرلمان وجماعات الضغط والدواوين والفاعلين التقنيين والسياسيين الآخرين الرسميين منهم وغير الرسميين... غير أن من يمتلك مصادر المعلومات الاستراتيجية تكون له الحظوة الكبرى.

أصبح التكنوقراط النخبة التي تقوم بوضع التخطيط الاستراتيجي لجميع السياسات الحكومية، نظرا لكفاءتها العلمية العالية في مجالات تخصصها، ونظرا لامتلاكها الآليات والسبل التي توفر لها الظروف المواتية لصناعة السياسات واتخاذ القرارات الاستراتيجية، وقدراتها الضبطية في مجال الحصول على المعلومات الاستراتيجية[50].

تؤدي المعلومة دورا هاما في مجال صناعة القرار والهيمنة عليه[51]، وهذا ما يجعل الموظفين الكبار في الجهاز الإداري المغربي، بما يستحوذون عليه من وثائق ومصادر للمعلومات في شتى المجالات، يتأهلوا للحلول محل السياسيين قصد التخطيط والإعداد للسياسات الحكومية[52].

إن الضبط الشديد للمعلومات وضمان تدفقها بانسياب سلس، يفترض وجود قنوات للتواصل وشبكات للتحالف على المستوى التراتبي للمهام الإدارية. وهذا ما ضمنه للنخبة التكنوقراطية قربُها من صناع القرار الحقيقيين بالمغرب[53].

كما أن التحالفات التي سيلجأ إليها التكنوقراط مع المؤسسة الملكية، ستضمن له توفير كم هائل من المعلومات تساعدهم على التحكم في صناعة السياسات العامة. حيث وفر نظام اللامركزية المعتمد في التدبير الإداري بالمغرب، عبر موظفي وزارة الداخلية (ولاة وعمال وباشوات وقياد وشيوخ ومقدمين) قاعدة من البيانات والمعلومات الهامة. وتعتبر وزارة الداخلية بجميع أجهزتها المتواجدة في جميع أقاليم المملكة، بمثابة خزان لا ينضب، من المعلومات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التي تمكنهم من اتخاذ القرارات الاستراتيجية. هذا بالإضافة إلى أنها عبارة عن شبكة غير رسمية من الأفراد والعائلات المنتشرة في أنحاء البلاد[54].

على هذا الأساس، تعززت العلاقة بين وزارة الداخلية والديوان الملكي، وأصبحت المصدر الرئيسي والموثوق به. وهذا لم يكن ليحدث، لولا حادثة الانقلابين العسكريين لسنتي 1971 و1972، وكذا من خلال عمل وزير الدولة في الداخلية الأسبق ادريس البصري، الذي استطاعت كافة مرافق وزارته المركزية والمحلية وكذا هيئاتها التابعة لها في الخارج من قنصليات وسفارات من توفير كم هائل من المعلومات التي تمكن المؤسسة الملكية من اتخاذ القرارات الاستراتيجية[55].

وللتذكير فإن المنصب الوزاري لم يكن وحده مستقطباً للمهندسين والنخبة التكنوقراطية؛ فقد تم تعيين العشرات من المهندسين ككتاب عامون للوزارات، بل أصبح تواجدهم تواجدا مستمرا في الإدارة الترابية ولو بشكل متباين وعلى امتداد فترات معينة، حيث أضحى واضحا تمركز هذه النخبة وبشكل كبير على رأس الإدارة الترابية كعمال وولاة.

إن التحول الذي عرفه المغرب منذ ظهور المفهوم الجديد للسلطة، غير من التصور المحكوم بالهواجس الأمنية الذي كان ينظر به إلى منصب العامل والوالي، حيث أصبح هذا الأخير معنيا بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتشجيع الاستثمارات الخارجية. وهذا يفسر تعيين مجموعة من المهندسين كولاة وعمال، سواء على صعيد الإدارة المركزية والإدارة اللاممركزة، وخاصة مع حركة 21 يوليوز 2009، التي تم فيها تعيين تسعة ولاة تكنوقراط دفعة واحدة، بالإضافة إلى تعيينات أخرى شملت أصدقاء الملك في مناصب عليا من الدولة[56].

وهذا ينطبق كذاك على مديري الإدارات المركزية الذين يتولون السهر على تنفيذ السياسات الحكومية، حيث يقومون بمهمة التسيير والإشراف اليومي على سير المديريات، مما يمكنهم من امتلاك معلومات وتقديم معطيات تقنية وإبداء آرائهم حول مختلف الخيارات الممكنة المتعلقة بالمديريات. وهذا يتأكد من خلال احتكاكهم المستمر بالملفات الحكومية ومساهماتهم في الاجتماعات الوزارية واللجان الوزارية الدائمة والاجتماعات البين-وزارية[57].

وهناك من الباحثين من تحدث عن ديكتاتورية التكنوقراط من باب أنهم يعملون وبكل إصرار، على المحافظة على المعلومات الاستراتيجية والسر المهني، خصوصا في بعض المواقع التي تثير حساسية وطنية أو دولية[58]. ويتجلى ذلك بشكل واضح على مستوى الدفاع الوطني والمؤسسة الأمنية. فكل تقنية وخبرة أو كل معلومة في الاختيارات العسكرية يؤثر فيها الضباط ذوو الاختصاص التقني، ويعتمد على السرية التامة للمعلومات الاستراتيجية التي تفرضها خصوصيات هذا القطاع[59].

وجدير بالذكر، فإن المؤسسة الأمنية تعتبر من المؤسسات المحورية داخل النظام السياسي المغربي إلى جانب المؤسسة الملكية والدفاع الوطني[60]. وهي تشكل القناة الرئيسية للتحكم في نخب النظام، وتحديد مواصفات من يتم تعيينهم في المناصب السامية في هرم الجهاز الإداري، عبر التنقيب في أخص خصوصياتها الشخصية والعائلية[61] وضبط المعلومات الاستراتيجية.

هكذا، يتمكن التكنوقراط من خلال تملكه لمصادر المعلومات الاستراتيجية من الانفتاح على القيام بمهمات الدراسة والاستشارة.

·       الفقرة الثانية: القيام بمهام الدراسة والاستشارة

إن امتلاك التكنوقراط لمصادر المعلومات يساعد بشكل كبير في اتخاذ القرارات أثناء صياغة السياسات الحكومية، وتربعهم على عرش السياسات العامة للدولة بتقديمهم الاستشارة وتقربهم بالديوان الملكي الذي أصبح مركزا لكل قرار ومفتاح عمل الحكومة[62]. فالجهاز الاستشاري للملك يصنف ضمن ما يسمى بالنخبة المخزنية أيضا، بالنظر إلى ما يتوفر عليه من مميزات استثنائية مرتبطة بالكفاءة العالية وقوة التأثير في بعض الملفات[63]، وتمركزه في مواقع استراتيجية من المجتمع وكذا تحكمه في السلطة[64].

وهذا يتضح من خلال تدخلهم الواسع على أكثر من مستوى، كتحضير السياسة الاقتصادية وسياسة الدفاع الوطني والسياسة التعليمية والبحث العلمي... وقد تأكد دور الدراسة والاستشارة التي يقوم بها الديوان الملكي عند تشكيل حكومة أحمد عصمان 1977؛ وبعد إلغاء منصب مدير الديوان وتعويضه بأربع مستشارين للملك: محمد عواد وادريس السلاوي وأحمد بنسودة وأحمد رضا اجديرة، وأضيف إليهم السادة عبد الهادي بوطالب وأندري أزولاي ومحمد علال سي ناصر بعد وفاة المستشار اجديرة سنة 1995[65]. وما يميز مستشاري الملك العلاقة الشخصية والحميمية مع شخص الحسن الثاني بحكم الولاء التام الذي أبدوه اتجاه شخصه[66]، كما يميزهم أيضا تمييز في المهام التي يكلف بها كل واحد، بالرغم من غياب أي تأطير قانوني أو دستوري لمهامهم، فليس هناك أي نص في الدساتير كلها يشير إلى المستشار سواء في ارتباطه بالمؤسسة الملكية أو في علاقته بباقي المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها المجلس الوزاري أو مجلس الحكومة[67]. إلا أنه أصبح حاضرا بشكل مكثف في الحياة السياسية، سواء خلال حضوره في اجتماعات المجلس الوزاري، وحضورهم في بعض جلسات العمل أو التظاهرات الاقتصادية التي يترأسها الملك سواء كانت تتعلق بتوقيع اتفاقيات لمشاريع تنموية أو استثمارية (منح دول الخليج، مشروع رونو، مشروع الميناء المتوسطي، مشروع الحسيمة منارة المتوسط، مشاريع الطاقات المتجددة..) أو حضورهم المتميز ضمن الشخصيات السياسية خلال الاستقبالات الملكية[68]. وهذا يبرز بوضوح مشاركة هؤلاء المستشارين في وضع واتخاذ القرارات[69].

كما أن أسلوب الملك محمد السادس في الحكم، الذي قام منذ البداية على تفويض بعض صلاحياته، جعله، يقوم بتعيين عدة مستشارين جدد[70]، كان من بينهم المرحوم مصطفى الساهل، وعمر عزيمان، وعبد اللطيف المنوني، ثم فؤاد عالي الهمة وياسر الزناكي، والطيب الفاسي الفهري، حيث لم يسبق للمؤسسة الملكية أن توفرت، منذ استقلال المغرب على مثل هذا الكم من المستشارين متنوعي الاختصاصات، فهم على دراية بالحقول السياسية والدستورية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والدينية والدبلوماسية... وهذا ما دفع بعدد من المتتبعين للشأن العام المغربي إلى أن يحاكي هذا "الاستقطاب" خطوة لتشكيل حكومة ظل موازية للجهاز التنفيذي الأول، الذي قاده حزب العدالة والتنمية في ظل دستور المملكة الجديد لسنة 2011[71].

ويكفي أن نذكر الدور الحاسم الذي يقوم به مستشارو الملك كتكنوقراط، في اعتماد مشاريع تعديل وإصلاح المنظومة التعليمية، بناء على معطيات وبتوجيه من فاعلين آخرين كتوصيات البنك الدولي لسنة 1995، واللجنة الملكية لإعداد الميثاق الوطني للتربية والتكوين[72].

كما نشير أيضا إلى بروز نفوذ المستشار الراحل ذاته عبد العزيز مزيان بلفقيه، صانع التقرير الخمسيني[73]، ومهندس العهد الجديد بالمغرب[74]، حيث ظهر ذلك من خلال اقتراحه مجموعة من الأسماء الوزارية التكنوقراطية التي انضمت إلى حكومة الفاسي، وأيضا من خلال حجم وثقل الملفات التي كان يضطلع بها. فقد كلفه الملك محمد السادس بالشؤون الاقتصادية وبأضخم الأوراش والاصلاحات الكبرى[75].

ويقوم أعضاء الديوان الملكي بإبداء آرائهم حول القضايا التقنية، ويعطون انطباعاتهم حول الاقتراحات الحكومية، مسلحين بالثقة الملكية التي يتمتعون بها. كما هناك من المستشارين من يشاركون في تدبيج الخطب الملكية التي تعتبر من أهم القنوات التي تعلن عبرها أهم القرارات التي تحدد السياسات العامة بالمغرب[76].

ويتجلى الدور الاستشاري للتكنوقراط أيضا، في قيام كبار الموظفين في الدواوين الوزارية الذين يعملون على إعداد الاجابات المفصلة للوزير والمتعلقة بالمطالب السياسية والاجتماعية. أو من خلال ما يسمى بلجنة المستشارين التقنيين، والذين يتصفون بقدر كبير من الفعالية داخل الدواوين الوزارية نظرا لمهامهم التي تطال التسيير اليومي لكل وزارة والملفات التي يصادق عليها الوزير[77].

وقد تقوى دور الدواوين الوزارية بالمغرب، ومن ضمنها ديوان الوزير الأول، بإحداث منصب سام لمكلف بالدراسات بمختلف الوزارات تناط به مهام تقنية وإدارية تتصدرها أولويات البرنامج الحكومي الذي تقدم به الوزير الأول، أي أن مهمته تنطوي على ترجمة الرهانات إلى مشاريع مبنية على معطيات ومعلومات اقتصادية واجتماعية دقيقة، إضافة إلى استحضار أولويات المخطط الاقتصادي[78].

هكذا، أصبح ديوان الوزير الأول بمثابة شبكة من العلاقات المبنية على الزبونية دون اعتبار موضوعي، فإذا كان الوزير الأول تكنوقراطيا، تكون الوزارة الأولى منبتا خصبا للتكنوقراط ويؤسس لصعودهم على أكثر من مستوى[79]. أما إذا كان رجل سياسة، كما كان عليه الأمر بالنسبة لأحمد بلا فريج وعبد الله إبراهيم ثم لعبد الرحمن اليوسفي وعبد الاله بنكيران وسعد الدين العثماني، فالوزارة الأولى، أو رئاسة الحكومة في الدستور الجديد في هذه الحال، تصبح حلبة للصراعات الحزبية الضيقة الشيء الذي يؤدي إلى ضعف الأداء الحكومي ومنه الأداء التمثيلي.

ونشير إلى أن المغرب وخلال فترة طويلة من مسار حياته السياسية، قد عرف نوعا من الدواوين التي يمكن أن نسميها بالدواوين التكنوقراطية التي تتميز بهيمنة مطلقة للتكنوقراط والتي تصل نسبتهم إلى 90 %، ولا يعرف مشاركة المنتمين حزبيا إلا في حالات نادرة[80]. وتتمثل هذه الدواوين في ديوان الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالدفاع، وديوان وزير الداخلية، خاصة إذا علمنا أن منصب رئيس الديوان الأخير يكون برتبة وال، ويستحيل على المنتمين إلى الأحزاب أن يلجوه[81].

هكذا تصبح مهمتي الدراسة والاستشارة، من المهام التي اختص بها التكنوقراط وساهم عبرها بشكل جلي في اتخاذ القرارات الاستراتيجية في السر قبل العلن. ويمتلك أصحابها وزنا سياسيا وقوة اقتراحية كبيرة تفرض في كثير من الأحيان وجودها على المشهد السياسي في البلاد.

خاتمة:

شكلت النخبة التكنوقراطية، عبر التاريخ، الخيار الأفضل للمؤسسة الملكية عوضا عن المرجعيات الحزبية المنافسة لها، من أجل تثبيت الحكم وإرساء سياسات حكومية معينة، وهذا ما ستحققه بكفاءاتها وقدراتها العلمية العالية في إطار دولة المؤسسات الجديدة بجهاز إداري بيروقراطي يزاوج بين المرجعية التقليدية والمرجعية الحديثة.

إذ أصبحت التكنوقراطية معطا بنيويا في النظام السياسي المغربي ونسقا محوريا في الجهاز الإداري وعمودا أساسيا في بلورة السياسات العامة، لا يتأتى فهم العديد من جوانب اشتغال الدولة المغربية دون فهم خلفيات وروافد صعود هذه النخبة.

ختاما، يمكن الجزم أن الاعتماد المفرط للنظام السياسي المغربي على التكنوقراط وبالتالي الاستفراد بالسلطة، يقوض معالم الانتقال الديمقراطي الذي تصبو إليه المكونات السياسية المغربية المختلفة، وفيه عودة إلى البعد الأمني والتقني عوض السياسي والدستوري والقانوني. وفي ذلك كله، تعبير واضح عن الخوف من الديمقراطية ومخرجاتها.

ومن أجل القطع النهائي مع الازدواجية الموروثة في بنية الحكم، والانتقال الحقيقي للديمقراطية وتحقيق تنمية سياسية حقيقية، تمنح للشعب حق الرقابة والمحاسبة والإشراك في الحكم والتسيير، لابد من إرجاع الثقة المفقودة بين المؤسسات والنخب من جهة والشعب المغربي من جهة أخرى، تفاديا للوقوع في مأزق انفصال الدولة عن المجتمع.

لائحة المراجع

الكتب باللغة العربية

·   جون واتر بوري، أمير المؤمنين، الملكية والنخبة السياسية المغربية، ترجمة عبد الغني أبو العزم وعبد الأحد السبتي وعبد اللطيف الفلق، مؤسسة عبد الغني للنشر، الرباط، الطبعة الثالثة، 2013.

·   عبد الوهاب الكيالي، موسوعة السياسة، المجلد الأول، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1981.

·   عمر بندورو، النظام السياسي المغربي، سلسلة القانون العام، المكتبة الشعبية، فاس، الطبعة الأولى، 2002، ص: 72.

·   محمد الرضواني، التنمية السياسية في المغرب: تشكل السلطة التنفيذية وممارستها، من سنة 1956 إلى سنة 2000، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى، 2016.

·   محمد الرضواني، الدواوين الوزارية في المغرب، 1956-2015، البنية والوظيفة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى، 2018.

·   محمد شقير، القرار السياسي في المغرب، دار الألفة، 1992.

·   محمد شقير، المؤسسة الأمنية بالمغرب، بين حماية النظام وسلامة المواطن، افريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2016.

·   مصطفى الشابي، النخبة المخزنية في مغرب القرن التاسع عشر، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، مطبعة فضالة، المحمدية، الطبعة الأولى، 1995.

·   المملكة المغربية، تقرير الخمسينية: المغرب الممكن، اسهام في النقاش العام من أجل طموح مشترك، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 2006.

الأطروحات والرسائل الجامعية

·   حسن الدغيمر، «الموظفون السامون بالمغرب»، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط، 1996.

·   مهتدي بوزكري، «النخب القروية، الإدارة الترابية وسياسة التنمية القروية، مساهمة في دراسة الرهانات السوسيو-سياسية للفاعلين»، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، 2010.

·   خالد فريد، «شخصانية السلطة وأثرها على العمل المؤسساتي للدولة الحديثة في دراسة مقارنة لإشكالية القرار العام»، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق، مراكش، 2005.

·   عبد الحفيظ ادمينو، «نظام البيروقراطية الإدارية بالمغرب»، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط، 2002.

المقالات

·   إدريس جنداري، "النخبة التكنوقراطية، المرجعية التقليدية في خدمة المفهوم الحديث"، مجلة وجهة نظر، عدد مزدوج: 56-57، ربيع وصيف 2013.

·   حسن طارق، " السياسات العمومية: بين السياسة والإدارة، ملاحظات حول الحالة المغربية"، دفاتر السياسة والقانون، العدد: 06، 2016.

·   شريف تشيت، "الحق في الاحتجاج السلمي، بين سنده القانوني وواقع ممارسته بالمغرب"، مجلة مسالك، العدد: 51-52، السنة الخامس عشرة، 2018.

·   عبد الرحمان النوضة، "نقد النخب"، مجلة الربيع، عدد مزدوج 2-3، صيف وخريف 2015.

·   محمد شقر، "أدوار مستشاري الملك، تجسيد لإرادة القصر وحكومة الظل"، منشور على الرابط الالكتروني: https://www.hespress.com/orbites/.

·   عبد اللطيف الهلالي، خالد فريد، "القرار العام بين الإدارة والسياسة: أي دور للتكنوقراط في عقلنة السياسات العامة (دراسة مقارنة)"، دفاتر السياسة والقانون، العدد: 06، 2016.

·   عبد الله ساعف، "الحالة المغربية"، كيف يصنع القرار في الأنظمة العربية، دراسة حالة: الأردن، الجزائر، السعودية، السودان، سورية، العراق، الكويت لبنان، مصر، المغرب، اليمن، مؤلف جماعي: أحمد يوسف، حسن عبد الله جوهر، تحرير وتنسيق: نفين مسعد، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، 2010.

·   لحسن حداد، "النموذج التنموي الجديد بالمغرب... أوجه الابتكار ومواطن القصور"، جريدة الشرق الأوسط، العدد: 15534، بتاريخ الأربعاء - 29 شوال 1442 هـ - 09 يونيو 2021.

·   محمد الرضواني، "المغرب: الانتخابات التشريعية وآفاق الانتقال الديمقراطي"، مجلة نوافذ، العدد: 39-40، مارس، 2009.

مراجع باللغة الجنبية

·       Abdallah SAAF, « Changement et continuité dans le système politique marocain», Le Maroc au présent d'une époque à l'autre, une société en mutation, Ouvrage collectif édité par Centre Jacques-Berque, Fondation du Roi Abdul-Aziz Al Saoud pour les Études Islamiques et les Sciences Humaines, ISBN, 2015, p. p. 535-568.

·       Christophe GUETTIER, Institutions Administratives, édition DALLOZ, Paris, 4ième édition, 2008.

·       http://www.universalis.fr/encyclopedie/technocratie.

·       Jean MEYNAUD, "Les techniciens et le pouvoir", Revue française de science politique, 7 année, n°1, 1957.

·       Jean MEYNAUD, "Qu'est-ce que la technocratie ?", Revue économique, volume 11, n°4, 1960.

·       Jean-Luc CHAPPEY et Bruno BELHOSTE, «La Formation d'une technocratie. L'École polytechnique et ses élèves de la Révolution au Second Empire», Annales historiques de la Révolution française, n°337,2004.

·       Olivier SCHRAMECK, les cabinets ministériels, Dalloz, Paris, 1995.

·       Pierre MULLER, Les politiques publiques, QUE SAIS-JE?, PUF, Paris, Dixième édition, 2013.

·       Pierre VERMEREN,«La formation des élites marocaines, miroir de la mondialisation?», Le Télémaque, 2011 (n° 39).

·       Seguin EVE, "L'analyse politique de la science, Technocratie versus discours scientifique", Politix, vol. 9, n°36, Quatrième trimestre 1996.

·       Thierry DESRUES, «L’emprise de la monarchie marocaine entre fin du droit d’inventaire et déploiement de la «technocratie palatiale», L’Année du Maghreb, disponible sur le site : http://journals.openedition.org/anneemaghreb/372, visité le 08 mai 2021, à 17h 40min.



[1]Jean MEYNAUD, "Qu'est-ce que la technocratie?", In: Revue économique, volume 11, n°4, 1960. p. 508. www.persee.fr/doc/reco, généré le 19/04/2017.

[2]عبد الرحمان النوضة، "نقد النخب"، مجلة الربيع، عدد مزدوج 2-3، صيف وخريف 2015، ص: 159.

[3]Jean MEYNAUD, "Qu'est-ce que la technocratie ?", op. cit, p : 497.

[4]Jean MEYNAUD, "Les techniciens et le pouvoir", Revue française de science politique, 7ᵉ année, n°1, 1957, p. 7, disponible sur le site: http://www.persee.fr/doc/, généré le 19/04/2021.

[5]عبد الوهاب الكيالي، موسوعة السياسة، المجلد الأول، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1981، ص: 781.

[6]Jean-Luc CHAPPEY et Bruno BELHOSTE, «La Formation d'une technocratie. L'École polytechnique et ses élèves de la Révolution au Second Empire», Annales historiques de la Révolution française, n°337,2004, p.  226.

[7]Seguin EVE, "L'analyse politique de la science, Technocratie versus discours scientifique", Politix, vol. 9, n°36, Quatrième trimestre 1996, P. 181. http://www.persee.fr/doc/, généré le 17/11/2021.

[8]Ibid, p. p : 182-183.

[9]«TECHNOCRATIE», Encyclopædia Universalis, consulté le 2 avril 2021. URL: http://www.universalis.fr/encyclopedie/technocratie.

[10]Abdallah SAAF, «Changement et continuité dans le système politique marocain», Le Maroc au présent d'une époque à l'autre, une société en mutation, Ouvrage collectif édité par Centre Jacques-Berque, Fondation du Roi Abdul-Aziz Al Saoud pour les Études Islamiques et les Sciences Humaines, ISBN, 2015, p. p. 535-568.

[11]Jean MEYNAUD. "Qu'est-ce que la technocratie ?", op. cit, p. p : 499-500.

[12]Ibid.

[13]Pierre MULLER, Les politiques publiques, QUE SAIS-JE ?, PUF, Paris, Dixième édition, 2013, p. 21.

[14]عبد الحفيظ ادمينو، «نظام البيروقراطية الإدارية بالمغرب»، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط، 2002، ص: 21.

[15] عبد الحفيظ ادمينو، ص: 23.

[16]Pierre VERMEREN, «La formation d   es élites marocaines, miroir de la mondialisation?», Le Télémaque, 2011/1 (n° 39), p. 53.

[17]محمد الرضواني، التنمية السياسية في المغرب: تشكل السلطة التنفيذية وممارستها، من سنة 1956 إلى سنة 2000، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى، 2016، ص. ص: 34-40.

[18]Christophe GUETTIER, Institutions Administratives, édition DALLOZ, Paris, 4ième édition, 2008, p. 69.

[19]عبد الله ساعف، "الحالة المغربية"، كيف يصنع القرار في الأنظمة العربية، دراسة حالة: الأردن، الجزائر، السعودية، السودان، سورية، العراق، الكويت لبنان، مصر، المغرب، اليمن، مؤلف جماعي: أحمد يوسف، حسن عبد الله جوهر، تحرير وتنسيق: نفين مسعد، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، 2010، ص: 521.

[20]حسن طارق، " السياسات العمومية: بين السياسة والإدارة، ملاحظات حول الحالة المغربية"، دفاتر السياسة والقانون، العدد: 06، 2016، متاح على الرابط الالكتروني: http://revues.univ-ouargla.dz/index.php/numero-06-2016. تمت زيارته بتاريخ 28 مارس 2021.

[21]حسن الدغيمر، «الموظفون السامون بالمغرب»، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط، 1996، ص: 233.

[22]عبد اللطيف الهلالي، خالد فريد، "القرار العام بين الإدارة والسياسة: أي دور للتكنوقراط في عقلنة السياسات العامة (دراسة مقارنة)"، دفاتر السياسة والقانون، العدد: 06، 2012، متاح على الرابط الالكتروني: https://revues.univ-ouargla.dz/index.php/numero-06-2012-. تمت زيارته بتاريخ 18 فبراير 2021.

[23]حسن طارق، مرجع سابق.

[24]عبد الحفيظ ادمينو، مرجع سابق، ص: 274.

[25]حسن الدغيمر، مرجع سابق، ص: 215.

[26]المرجع نفسه، ص: 216.

[27]عبد اللطيف الهلالي، مرجع سابق.

[28]حسن طارق، مرجع سابق.

[29]محمد الرضواني، "المغرب: الانتخابات التشريعية وآفاق الانتقال الديمقراطي"، مجلة نوافذ، العدد: 39-40، مارس، 2009، ص: 109.

[30]عبد اللطيف الهلالي، خالد فريد، "القرار العام بين الإدارة والسياسة: أي دور للتكنوقراط في عقلنة السياسات العامة"، مرجع سابق.

[31]Jean-Luc CHAPPEY et Bruno BELHOSTE, « La Formation d’une technocratie. L’École polytechnique et ses élèves de la Révolution au Second Empire ». Op. cit, p. 226.

[32]Pierre MULLER, Les politiques publiques, op. cit, p. 61.

[33]المملكة المغربية، تقرير الخمسينية: المغرب الممكن، اسهام في النقاش العام من أجل طموح مشترك، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 2006، ص: 151.

[34]مهتدي بوزكري، «النخب القروية، الإدارة الترابية وسياسة التنمية القروية، مساهمة في دراسة الرهانات السوسيو-سياسية للفاعلين»، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، 2010، ص: 167.

[35]عبد اللطيف الهلالي، مرجع سابق.

[36]المرجع نفسه.

[37]حسن الدغيمر، مرجع سابق، ص: 33.

[38]أنظر تقرير الخمسينية، مرجع سابق، ص:155.

[39]المرجع نفسه، ص. ص:157-159.

[40]عبد اللطيف الهلالي، مرجع سابق.

[41]Thierry DESRUES, «L’emprise de la monarchie marocaine entre fin du droit d’inventaire et déploiement de la «technocratie palatiale», L’Année du Maghreb, disponible sur le site : http://journals.openedition.org/anneemaghreb/372, visité le 08 mai 2021, à 17h 40min.

[42]عبد اللطيف الهلالي، مرجع سابق.

[43]أنظر تقرير الخمسينية، مرجع سابق، ص: 159.

[44]شريف تشيت، "الحق في الاحتجاج السلمي، بين سنده القانوني وواقع ممارسته بالمغرب"، مجلة مسالك، العدد: 51-52، السنة الخامس عشرة، 2018، ص:22.

[45]حسن الدغيمر، مرجع سابق، ص: 197.

[46]Jean MEYNAUD, La technocratie : Mythe ou réalité?, Les Éditions Payot, Paris, 1964, p . 49.

[47]عبد اللطيف الهلالي، مرجع سابق.

[48]التقرير متاح على الرابط: https://www.csmd.ma/rapport. تمت زيارته يوم 10 نونبر 2021.

[49] لحسن حداد، "النموذج التنموي الجديد بالمغرب... أوجه الابتكار ومواطن القصور"، جريدة الشرق الأوسط، العدد: 15534، بتاريخ الأربعاء - 29 شوال 1442 هـ - 09 يونيو 2021.

[50]حسن طارق، مرجع سابق، ص: 65.

[51]Pierre MULLER, Les politiques publiques, op. cit, p. 28.

[52]محمد شقير، القرار السياسي في المغرب، دار الألفة، 1992، ص: 29.

[53]عبد اللطيف الهلالي، مرجع سابق.

[54]عبد الله ساعف، مرجع سابق، ص: 526.

[55]المرجع نفسه.

[56]Thierry DESRUES, op. cit. p. 134.

[57]محمد الرضواني، التنمية السياسية في المغرب: تشكل السلطة التنفيذية وممارستها، مرجع سابق، ص: 212.

[58]Jean MEYNAUD, La technocratie : Mythe ou réalité? op. cit, p. 48.

[59]عبد اللطيف الهلالي، مرجع سابق.

[60]محمد شقير، المؤسسة الأمنية بالمغرب، بين حماية النظام وسلامة المواطن، افريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2016، ص: 174.

[61]المرجع نفسه، ص: 217.

[62]عمر بندورو، النظام السياسي المغربي، سلسلة القانون العام، المكتبة الشعبية، فاس، الطبعة الأولى، 2002، ص: 72.

[63]مصطفى الشابي، النخبة المخزنية في مغرب القرن التاسع عشر، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، مطبعة فضالة، المحمدية، الطبعة الأولى، 1995، ص: 98.

[64]جون واتر بوري، أمير المؤمنين، الملكية والنخبة السياسية المغربية، ترجمة عبد الغني أبو العزم وعبد الأحد السبتي وعبد اللطيف الفلق، مؤسسة عبد الغني للنشر، الرباط، الطبعة الثالثة، 2013، ص: 134.

[65] حسن الدغيمر، مرجع سابق، ص: 239.

[66]خالد فريد، «شخصانية السلطة وأثرها على العمل المؤسساتي للدولة الحديثة في دراسة مقارنة لإشكالية القرار العام»، اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق، مراكش، 2005، ص: 263.

[67]عبد الله ساعف، مرجع سابق، ص: 527.

[68]محمد شقر، "أدوار مستشاري الملك، تجسيد لإرادة القصر وحكومة الظل"، منشور على الرابط الالكتروني: https://www.hespress.com/orbites/، بتاريخ 16 أكتوبر 2016، تم زيارة الموقع بتاريخ 09 يناير 2021.

[69]حسن الدغيمر، مرجع سابق، ص: 240.

[70]بالإضافة إلى احتفاظه ببعض مستشاري والده، كالمرحوم عبد العزيز مزيان بلفقيه، ومحمد معتصم، وعباس الجراري والمرحومة زليخة نصري، وأندري أزولاي.

[71]محمد شقير، "أدوار مستشاري الملك .. وحكومة الظل"، مرجع سابق.

[72]عبد اللطيف الهلالي، مرجع سابق.

[73]Thierry DESRUES, op. cit. p. 114.

[74]ادريس جنداري، "النخبة التكنوقراطية، المرجعية التقليدية في خدمة المفهوم الحديث"، مجلة وجهة نظر، عدد مزدوج: 56-57، ربيع وصيف 2013، ص: 11.

[75]محمد شقير، "أدوار مستشاري الملك .. وحكومة الظل"، مرجع سابق.

[76]عبد الله ساعف، مرجع سابق، ص: 528.

[77]Olivier SCHRAMECK, les cabinets ministériels, Dalloz, Paris, 1995, p. 81.

[78]خالد فريد، عبد اللطيف الهلالي، "القرار العام بين الإدارة والسياسة: أي دور للتكنوقراط في عقلنة السياسات العامة"، مرجع سابق.

[79]المرجع نفسه.

[80]محمد الرضواني، الدواوين الوزارية في المغرب، 1956-2015، البنية والوظيفة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى، 2015، ص: 124.

[81]المرجع نفسه، ص: 143.

إرسال تعليق

0 تعليقات