آخر الأخبار

Advertisement

التأصيل الفقهي والقانوني للوعد بجائزة الموجه للجمهور - الدكتور عبد اللطيف أكدي، العدد 48 من مجلة الباحث القانونية، منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


التأصيل الفقهي والقانوني للوعد بجائزة الموجه للجمهور - الدكتور عبد اللطيف أكدي، العدد 48 من مجلة الباحث القانونية، منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي 


رابط تحميل عدد المجلة الذي يشمل على المقال PDF الرابط أذناه:






الدكتور عبد اللطيــف أكــدي

دكتور في الحقوق - أستاذ التعليم العالي مساعد كلية العلوم القانونية

والاقتصادية والاجتماعية بأكادير

 التأصيل الفقهي والقانوني  للوعد بجائزة الموجه للجمهور

Law and Jurisprudence of The Promise of Reward to the Public

 

مقدمة:

عرف الفقه، القانون المدني بأنه "القانون الذي يحكم العلاقات الخاصة بين الأفراد إلا ما يدخل منها في نطاق نوع آخر من فروع القانون الخاص"[1]، ويتضح من هذا التعريف أن القانون المدني ينظم مختلف الروابط القانونية الخاصة بما يحتويه من قواعد تخص المعاملات المالية وقواعد تخص الأحوال الشخصية، وإذا كانت بعض التشريعات قد درجت على الجمع بين هذه القواعد في مدونة واحدة، فإن المشرع المغربي فرق بين القواعد المتعلقة بالأحوال الشخصية في مدونة الأسرة[2]، وبين القواعد المتعلقة بالمعاملات المالية من خلال ق ل ع[3]، وكذا م ح ع[4].

       والالتزام حسب القانون الروماني هو رابطة قانونية يلتزم بمقتضاها المدين بأداء معين لفائدة الغير[5]، بالتالي يتضح من خلاله أن خصائص الالتزام كونه رابطة قانونية بين شخصين أو أكثر، مع إبرازه في ذات الوقت للجانب السلبي في الالتزام، حيث إن أحد طرفي العلاقة التعاقدية يكون ملزما اتجاه الطرف الآخر بأداء معين باعتباره الطرف المدين.

        وتلعب الارادة دورا مهما في إنشاء الالتزام أو نقله أو تعديله أو إلغائه وسواء تم ذلك في إطار العقد، أو في إطار تصرف قانوني أحادي الجانب، حيث يجد الالتزام منبعه في الارادة المنفردة لأحد الطرفين دون الحاجة إلى تطابقها مع إرادة الطرف الآخر، وهذا يعني أن التصرف القانوني قد يكون عملا تم بإرادة واحدة كالوعد الموجه إلى الجمهور بجائزة، وكالتنازل عن حق من الحقوق كحق الارتفاق.

        والوعد بجائزة هو تعبير عن الارادة موجه إلى الجمهور؛ بمقتضاه يلتزم المعلن بتقديم أداء معين لأي شخص يقوم بعمل معين، بحيث يصبح المعلن ملزما به بالرغم من عدم قيام عقد بين الطرفين، فكثيرا ما تطالعنا الصحف أو وسائل التواصل الاجتماعي بإعلانات عن جائزة لمن يعثر على شيء ضائع أو لمن يفوز بمسابقة للقيام ببحث علمي، فإذا ما أنجز هذا الوعد فإن صاحبها يستحق الجائزة، ويصبح المعلن أو الواعد ملزما بها بالرغم من عدم قيام عقد بين الطرفين.

        بالتالي فالواعد يلتزم على هذا النحو بإرادته وحدها، ودون الحاجة إلى قبول من الطرف الآخر الذي يعتبر دائنا بالالتزام، مما يجعل مصدر الالتزام[6] هو الارادة المنفردة التي عبر عنها المعلن أو الواعد، وليس العقد الذي يستلزم ارادتين متطابقتين، كما يستلزم تلاقي هاتين الارادتين.

       والوعد بجائزة على هذا النحو يعتبر تصرفا قانونيا لأنه يتمثل في أن الارادة تتجه إلى إلزام صاحبها، وقد عنيت بتنظيم أحكامها تشريعات كثيرة كالقانون المصري والسوري واللبناني والقانون الايطالي.

       وكلها تشريعات استمدت قواعدها بخصوص عقد الوعد بجائزة من خلال الشريعة الاسلامية الغراء التي كانت سباقة للأخذ بها والتنصيص عليها، إلا أن الاختلاف كان من حيث التسمية بحيث استعملت مصطلح الجعالة، من خلال ما جاء في سورة سيدنا يوسف عليه السلام "ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم"[7]، ودليلها كذلك من السنة النبوية ما جاء في حديث اللديغ، وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري، كما سوف نرى في متن هاته الدراسة.

       بالتالي فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار الفقه الألماني الوضعي هو الرائد في الأخذ بالمذهب المادي للإرادة المنفردة باعتبارها مصدرا للالتزام، حيث سبقته الشريعة الاسلامية الغراء كما سبق ذكره، والتي عرفت هذه النظم من جعل وايجاب ملزم حوالة حق قبل أن تستقر في الفقه الألماني الحديث.

     ولعقد الوعد بجائزة أهمية دقيقة على اعتبار أنه من العقود الصادرة من طرف إرادة واحدة، بالتالي استقر التشريع المغربي ومعه الفقه والقضاء على تنظيم وحماية الطرف الذي قام بتنفيذ مضمون الوعد.

ويطرح موضوع الدراسة إشكالية غاية في الدقة، والتي سوف نعمل على التعرض لمضامينها وكذا لمحاولة الإجابة عنها طوال مراحل هاته المساهمة، مفادها:

إلى أي حد استطاع المشرع المغربي، وهو يأخذ بالإرادة المنفردة كمصدر من مصادر الالتزام، تنظيم عقد الوعد بجائزة، وكيف عالج الاشكالات المطروحة بخصوصها؟

للإجابة على هاته الإشكالية تبين لنا تقسيم هاته الدراسة على النحو التالي: المبحث الأول: الإرادة المنفردة كمصدر من مصادر الالتزام. المبحث الثاني: الأحكام العامة لعقد الجعالة (الوعد بجائزة).

المبحث الأول: الإرادة المنفردة كمصدر من مصادر الالتزام

       كي ينشأ الالتزام لا بد من وجود سبب يؤدي إلى ذلك، ويسمى هذا بمصدر الالتزام، وقد أقر القانون عدة مصادر، منها تلك التي تلعب فيها الارادة دورا جوهريا في إنشاء الالتزام، وهي التصرفات القانونية، أي العقد والارادة المنفردة، بالتالي فالإرادة المنفردة هي العمل القانوني الصادر من جانب واحد كما سنرى، وعليه فما هي محددات الإرادة المنفردة، ثم كيف عالج المشرع ومعه الفقه التصرف القانوني وخاصة عقد الوعد بجائزة نموذجا، الأمر الذي سوف نعالجه تباعا من خلال مطلبين.

المطلب الأول: محددات الإرادة المنفردة

     للحديث عن محددات الارادة المنفردة باعتبارها مصدرا من مصادر الالتزام، وهو تصرف قانوني يقوم به شخص معين بإرادته وحده، دون حاجة إلى إرادة شخص آخر، بالتالي فهو يرتب بهذا الشكل آثار قانونية، وهو ما سوف نقوم بدراسة هذا المطلب من خلال؛ تبيان مختلف التوجهات الفقهية الحديثة التي تأخذ وتعترف بالإرادة المنفردة (الفقرة الثانية)، والتي بطبيعة الحال استمدت كافة توجهاتها من خلال الفقه الاسلامي المتجذر وذلك ما سوف نتناوله في الفقرة الأولى.

الفقرة الأولى: مفهوم الإرادة المنفردة في الفقه الاسلامي

      تترتب على الارادة المنفردة في الفقه الاسلامي آثار قانونية عديدة، كإنشاء الالتزام، ونقل حق عيني وانقضاء حق، فالإرادة المنفردة تعد عند المذهب المالكي مصدرا عاما للالتزام[8]، ومن هذه الآثار نجد:

أولا: تصرفات تتم بإرادة منفردة، لكنها في الفقه الغربي تعد عقودا.

ثانيا: تصرفات تتم بإرادة منفردة ولكنها لا تنشئ الالتزام.

ثالثا: تصرفات تتم بإرادة منفردة وتنشئ الالتزام: ومن هذه التصرفات الوعد، والوعد هو التزام مستقبلي يفرضه الشخص على نفسه لمصلحة غيره، والوعد عند الجمهور ملزم ديانة لا قضاء، أما عند المالكية فقد اختلفوا فيه، فبعضهم يرى أنه ملزم ولكنه يسقط بالموت والافلاس، والبعض الآخر يعتبره غير ملزم مطلقا، ويذهب قول ثالث إلى أنه ملزم إذا كان على سبب، دخل الموعود من أجل الوعد في السبب أو لم يدخل، كان يعد شخص آخر بمبلغ من المال من أجل مساعدته على الزواج، فهنا يلتزم الواعد بذلك سواء تزوج الموعود أم لم يتزوج، وقول رابع يرى أنه ملزم إذا كان على سبب، ودخل الموعود من أجل الوعد في السبب، كان يعد شخص آخر بمبلغ من المال من أجل مساعدته على الزواج، فهنا يلتزم الواعد شرط أن يكون الموعود قد تزوج[9].

ومن هذه التصرفات كذلك الجعالة وهو وعد بجعل معلوم على عمل معين، ويرى بعض الفقهاء أنه من تصرفات الارادة المنفردة في حين أن بعضهم الآخر يخالف ذلك[10].

الفقرة الثانية: الإرادة المنفردة في النظرية الحديثة

       ظلت النظرية التقليدية[11] هي السائدة حتى القرن التاسع عشر، حيث بدأ الفقه الألماني بقيادة سيجل يقول بإمكان الأخذ بالإرادة المنفردة (volonté unilatérale) كمصدر عام للالتزام، ولم يقتصر الأمر على سيجل بمفرده بل سار على دربه عدد من الفقهاء الفرنسيين أمثال؛ ديموج، جيني وجوسران[12]، واعتنقت الكثير من القوانين الوضعية هذه النظرية الحديثة مثل القانون السويسري، البولوني، الايطالي، والأردني[13]، إلا أن القانون الألماني نفسه ورغم مولد النظرية من رحم فقهه إلا أنه لم يستطع أن يجعل من الإرادة المنفردة مصدرا عاما للالتزام وإنما جعلها مصدرا استثنائيا له[14]، ويعد الالتزام في القانون الألماني عنصرا ماليا، ويكفي لإنشاء الالتزام وِفقه أن يكون المدين موجودا وقت نشوئه، ويترتب على ذلك أن هذا القانون يعد الارادة المنفردة مصدرا إراديا للالتزام فضلا عن العقد، وهذا ما يستفاد من المادة 305 من التقنين المدني الألماني (BGB) لسنة 02/01/2002، التي تقرر أنه باستثناء الحالات التي ينص عليها القانون، فإن وجود عقد بين طرفين أمر ضروري لإنشاء التزام بموجب تصرف قانوني، وكذلك من أجل تعديل مضمونه[15]، ويترتب على ذلك أن المبدأ في القانون الألماني هو أن الالتزامات الارادية لا يمكن أن تنشأ إلا من عقد، ولكن استثناء من ذلك يجوز بموجب نص قانوني أن ينشأ الالتزام الإرادي من إرادة المدين المنفردة.

        ويرى الفقهاء الألمان أن المنطق القانوني يقبل أن يلتزم الشخص بإرادته المنفردة، فهو حر في أن يرتب على عاتقه ما يريد من التزامات، ولكن هذا لا يعني بحد ذاته أنه يمكن أن يجبر الدائن على قبول تلك الالتزامات، وذلك لأنه لا يمكن إلزام شخص بقبول حق لا يريده[16]، ويترتب على ذلك أن الواعد في الوعد بجائزة يلتزم بإرادته المنفردة، طبقا لما جاء في المادة 657 من التقنين المدني الألماني التي تنص على أن من يعد عن طريق إعلان عام بجائزة من أجل القيام بعمل، وخاصة من أجل الحصول على نتيجة، يلتزم بدفع الجائزة لمن أنجز العمل حتى لو كان هذا الأخير قد قام بالعمل دون النظر إلى الجائزة[17]، وقد انتقلت هذه النظرية إلى القانون الوضعي الفرنسي عن طريق الفقيه سالي (Saleilles) وظهر مؤيدون لها في هذا القانون[18].

        وعليه فإن المدرسة الحديثة الألمانية تتبنى المذهب المادي للالتزام على أساس أنه حالة قانونية يلتزم بمقتضاها الشخص بإعطاء شيء (Obligation de Donner) أو القيام بعمل (Obligation de Faire) أو الامتناع عن عمل (Obligation de ne pas Faire)، وعلى ذلك إجازة حوالة الحق، والوعد بجائزة واعتبرت الإرادة المنفردة مصدرا للالتزام، إلا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار الفقه الألماني هو الرائد في الأخذ بالمذهب المادي، حيث سبقته الشريعة الاسلامية الغراء التي عرفت هذه النظم من جعل وإيجاب ملزم حوالة حق قبل أن تستقر في الفقه الألماني الحديث.

المطلب الثاني: التصرف القانوني عقد الوعد بجائزة نموذجا

        إن التصرفات القانونية هي الأعمال القانونية التي تتجه فيها الارادة إلى إحداث أثر قانوني، كإنشاء حق شخصي أو عيني، أو نقله أو تعديله أو إنهائه، وهذه التصرفات إما تكون ثنائية الأطراف كالعقد، أو أن تكون أحادية كتصرفات الارادة المنفردة، والصورة الأوضح والسائدة هي عقد الوعد بجائزة التي تتكون من إرادة واحدة دون النظر للطرف الآخر، بالتالي فما هو التصرف في القانون الوضعي (الفقرة الأولى)، وما هو عقد الوعد بجائزة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: التصرفات في القانون الوضعي

     فرق القانون بين نوعين من التصرفات التي تصدر عن الانسان:

أولا: الواقعة القانونية

      وهي كل حدث يرتب القانون عليه أثر معينا، وهذه الواقعة قد تكون بفعل الطبيعة، أو من عمل الانسان.

1- الواقعة الطبيعية: وهي التي تحدث بفعل الطبيعة دون أن يكون للإنسان دخل فيها، وكثيرا ما يترتب عنها آثار قانونية، وتكون سببا في اكتساب الحقوق، أو في انقضائها، ومثالها واقعة الميلاد والوفاة.

2- الواقعة التي تكون بفعل الإنسان: وهي الأعمال المادية التي تصدر عن الإنسان، فتترتب عليها آثار قانونية بصرف النظر عن نية من صدرت عنه وهي:

* الفعل النافع: الإثراء بلا سبب.

* الفعل الضار: الضرر، الخطأ، العلاقة السببية.

* وقائع أخرى: كالاستيلاء ووضع اليد...الخ.

وهذا النوع من التصرف في القانون تقابله في الفقه الاسلامي التصرفات الفعلية.

ثانيا: التصرفات الإرادية

         وهي اتجاه الإرادة إلى إحداث أثر قانوني، بحيث يترتب الأثر القانوني على مجرد اتجاه الإرادة إلى إحداثه، سواء كان هذا الأثر هو إنشاء الحق كالهبة، أو نقله أو تعديله كالتجديد أو إنهاءه كالإبراء[19].

       وقد اشترط القانون فيها شروطا لا بد من توافرها حتى ينظر إليها كأساس للتصرف القانوني، وهي:

* أن يعبر عنها في العالم الخارجي، وهي إما تعبير صريح أو ضمني.

* أن يصدر التعبير عن شخص ذي أهلية.

* أن يكون الباعث للإرادة مشروعا.

* أن تكون الإرادة خالية من العيوب.

    وهذا النوع من التصرفات يطلق عليها الأعمال القانونية، أو التصرفات القانونية[20]، وهو ما يقابله في الفقه الاسلامي بالتصرف القولي.

       وبالنظر لتعريف التصرف في الفقه الاسلامي والقانون الوضعي يتضح أن كلمة التصرف في الفقه الاسلامي[21] أعم وأشمل منها في القانون الوضعي، لأنها تطلق على كل ما يصدر عن الإنسان من أفعال مادية، أو أقوال، بينما في القانون الوضعي تطلق على ما يصدر عن الإنسان من أقوال فقط، فيكون بينهما عموم وخصوص، فكل تصرف قانوني يعتبر تصرفا شرعيا، وليس كل تصرف شرعي يعتبر تصرف قانوني[22].

الفقرة الثانية: عقد الوعد بجائزة

      تطلب منا الأمر تبيان المقصود بالوعد سواء من الناحية اللغوية أو الاصطلاحية، ثم تحديد مفهوم الوعد بجائزة.

أولا: تعريف الوعد

         الوعد مصدر للفعل وعد، وهو من المصادر المجموعة يقال: وعد ووعود، والعدة: اسم يوضع موضع المصدر، وكذلك الموعدة، والميعاد، والمواعدة، وقت الوعد وموضعه، والاتعاد قبول الوعد.

         والوعد يستعمل في الخير والشر، يقال وعدته خيرا، ويقال وعدته شرا، فإن أريد استعمال اللفظ في الخير فقط قالوا: الوعد والعدة، وإن أرادوا قصره على الشر قالوا: الايعاد والوعيد، أو زادوا الهمزة في أوله وأدخلوا الباء على الموعود به يقال: أوعدته بالضرب، كما يطلق الوعد على العهد يقول الله تعالى في شأن موسى (عليه السلام)، مع قومه "أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي"[23]، كما يطلق الوعد على الإخبار بحدوث خير في المستقبل، يقال أرض واعدة كأنها تعد بالنبات، وسحاب واعد كأنه يعد بالمطر وهكذا[24].

تعريف الوعد اصطلاحا: اختلف في تعريفه إلا أن جل التعاريف متقاربة في المعنى[25]، ونختار منها ما عرفه ابن عرفة المالكي بأنه "إخبار عن إنشاء الخير معروفا في المستقبل"[26].

ثانيا: تعريف الوعد بجائزة[27]

         يعتبر الوعد بجائزة (La Promesse de Récompense) الصورة النموذجية للتعبير عن الإرادة الصادرة من طرف واحد، لذلك نجد مجموعة من القوانين الغربية والعربية نصت عليها، بحيث نجد أن المشرع الألماني ينص في مادته 657 من قانونه المدني على أن "كل من يعد بجائزة بطريقة الاعلان العام للقيام بعمل أو على الخصوص الحصول على نتيجة، يلتزم بإعطاء تلك الجائزة".

        ونص المشرع الايطالي في قانونه لسنة 1989 على أن "من وجه وعدا للجمهور بجائزة، يعطيها لمن يوجد في مركز معين أو يقوم بعمل معين يلتزم بتلك الوعد متى صار علنيا".

       أما بالنسبة للتشريعات العربية نجد أن المشرع الجزائري نص في المادة 123 من القانون المدني على أنه "من وجه وعد بالجائزة للجمهور يعطيها، وعين له أجل بإعطاء الجائزة لمن قام بهذا العمل ولو قام به دون النظر إلى الوعد بالجائزة".

       أما المشرع الأردني نص بدوره على هذه المؤسسة القانونية واعتبارها من صور التعبير عن الارادة المنفردة، وذلك من خلال المادة 255 من القانون المدني والتي جاء فيها أنه "من وجه للجمهور وعدا بجائزة يعطيها.. 2- إذا لم يعين الواعد أجلا للقيام بالعمل جاز له الرجوع في وعده بإعلان للكافة على أن لا يؤثر ذلك في حق من أتم العمل، قبل الرجوع في الوعد...".

       وتنص المادة 162 من القانون المدني المصري "1- من وجه للجمهور وعدا بجائزة يعطيها عن عمل معين التزم بإعطاء الجائزة لمن قام بهذا العمل، ولو قام به دون نظر إلى الوعد بالجائزة أو دون علم بها.

2- وإذا لم يعين الواعد أجلا لقيام بالعمل، جاز له الرجوع في وعده بإعلان للجمهور، على ألا يؤثر ذلك في حق من أتم العمل قبل الرجوع في الوعد، وتسقط دعوى المطالبة بالجائزة إذا لم ترفع خلال ستة أشهر من تاريخ إعلانه العدول للجمهور".

        أما المشرع المغربي فقد تناول بدوره هذه المؤسسة القانونية من خلال قانون الالتزامات والعقود، والذي نص في الفصل 15 منه على أن "الوعد عن طريق الاعلانات أو أي وسيلة أخرى من وسائل الاشهار بمنح جائزة لمن يعثر على شيء ضائع أو يقوم بأي عمل آخر، يعتبر مقبولا ممن يأتي بالشيء أو يقوم بالعمل ولو فعل ذلك وهو جاهل الوعد، وفي هذه الحالة يلتزم الواعد من جانبه بإنجاز ما وعد به".

         وعليه فنجد أن أغلب التعاريف اتجهت إلى اعتبار أن الوعد بالجائزة هو عبارة عن إعلان يقوم به الواعد، يتضمن التزاما منه بإعطاء جائزة لمن يقوم بعمل معين، من تم فإن الوعد بالجائزة هو تصرف قانوني من جانب واحد ينتج آثاره متى قامت أركانه.

المبحث الثاني: الأحكام العامة لعقد الجعالة (الوعد بجائزة)

        يبقى عقد الجعالة من العقود القديمة جدا، فقد تمت الإشارة إليه في القرآن الكريم في قصة سيدنا يوسف عليه السلام، وتم استخدامه أيضا في عهد النبي محمد (ص)، وإلى يومنا هذا لا زال يعتمد عليه، إلا أنه تمت صياغته وفقا للنصوص القانونية الوضعية فأصبح يستعمل في إطار ما يسمى بعقد الوعد بجائزة، وتناول المشرع المغربي هاته المؤسسة من خلال ق ل ع، بحيث نجده اعتبر بخصوص الوعد بجائزة "بأنه مجرد الوعد لا ينشئ التزاما"، وهذا ما يجسد بأن الارادة المنفردة إذا ما كانت مجردة من التنظيم التشريعي لا يرتب عليها القانون أي أثر، وعليه تبين لنا دراسة هذا المبحث من خلال مطلبين، إذ نعالج في المطلب الأول عقد الجعالة في الفقه الاسلامي، ثم نتناول في المطلب الثاني عقد الوعد بجائزة من خلال التقنين الوضعي.

المطلب الأول: عقد الجعالة في الفقه الاسلامي

         إن الجعالة عقد جائز يحتمل الغرر، وتصح مع العامل غير المعين، ولا يشترط فيها قبول العامل المبهم، وأن العامل في الجعالة يستحق الأجر بإنهاء العمل لا بانتهاء المدة، وتصح على مدة مجهول، ولا يستحق العامل في الجعالة شيئا من الجعل إلا بانتهاء كامل العمل وإلا فلا شيء له من الجعل، ولا يجوز فيها اشتراط دفع الأجر مقدما، وأخيرا فإن محل العقد هو منفعة الآدمي، وهذا كله بخلاف الإجارة[28].

الفقرة الأولى: المحددات العامة لعقد الجعالة

أولا: مشروعية الجعالة

       الجعالة لغة بمعنى الأجر، واصطلاحا أن يجعل جائز التصرف شيئا متمولا (أي مملوكا)، معلوما لمن يعمل له عملا معلوما أو مجهولا مدة معلومة أو مجهولة.

الجُعل والجعال والجعيلة والجُعالة والجٍعالة (بكسر الجيم) والجعالة، كل ذلك ما جعله له على عمله، وأجعله جعلا واجعله له: أعطاه إياه[29].

    اصطلاحا: عند الحنفية عرفها ابن عابدين، بأنها ما جعل للإنسان من شيء على فعل[30].

وعند المالكية عرفها ابن عرفة بأنها عقد معاوضة على عمل آدمي بعوض غير ناشئ عن محله به لا يجب إلا بتمامه لا بعضه ببعض[31].

وعرفها ابن رشد بأن يجعل الرجل للرجل جعلا على عمل يعمله إن أكمل العمل، إن لم يكمله لم يكن له شيء وذهب عناؤه باطلا[32].

وعند الشافعية عرفها الرميلي بأنها "التزام عوض معلوم على عمل معين معلوم أو مجهول لمعين أو مجهول"[33].

وحكم الجعالة مشروعة، أساس مشروعيتها ما يلي:

     من القرآن الكريم: قوله تعالى "قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم"[34]، فهو وإن كان ورد في شرع من قبلنا، فقد جاء في شرعنا ما يقرره، فيستأنس به للمشروعية وإن كان لا يعتبر دليلا[35].

      من السنة النبوية الشريفة: روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال، انطلق نفر من أصحاب النبي (ص) في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء، لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله أني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا. فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ "الحمد لله رب العالمين"، فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبة، قال فأوفوهم جُعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: أقسموا فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي (ص) فذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله (ص) فذكروا له فقال: "وما يدريك أنها رقية؟" ثم قال "قد أصبتم، اقسموا واضربوا لي معكم سهما" فضحك رسول الله (ص)[36].

      فقوله (ص) تقرير لفعلهم، وهو دليل على مشروعية الجعل[37]، كذلك قوله (ص) "من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه" متفق عليه، وهذه صورة من صور الجعالة، حيث أعلن الرسول (ص) عن مكافأة من يقتل قتيلا في المعركة.

      وتبقى الحكمة من مشروعيتها، الحاجة إليها لإنجاز أعمال لا تفيد بها الاجارة، لما لها من شروط لا تتوفر في الإجارة، لذلك تطلب وجود الجعالة تيسيرا على الناس ورفع الحرج عنهم[38].

ثانيا: أركان وشروط عقد الجعالة

1- أركان عقد الجعالة

- الجاعل: وهو صاحب العمل الذي يلتزم بالجعل، ويشترط به أن يكون بالغا عاقلا راشدا، وغير مكره[39]، ولا يشترط أن يكون الجاعل مالكا للشيء المراد إحضاره، أو المراد إنجازه، وتجوز الجعالة من أجنبي ويلزمه الجعل[40].

- العامل: وهو الذي يقوم بالعمل، ويستحق الجعل عليه، ويمكن أن يكون غير معين[41].

- الصيغة: وهي لفظ يدل على الإذن في بداية العمل المطلوب بعوض ملتزم[42]، كأن يقول لمعلم إن علمت ولدي القراءة والكتابة فلك كذا.

- العمل: وهو ما يشترطه صاحب المال "الجاعل" لاستحقاق الجعل، ولا يشترط أن يكون العمل معلوما كالمنفعة في الاجارة، فتجوز على عمل مجهول، ويصح أن يكون العمل في الجعالة غير محدد بفعل أو زمن، ويمكن أن يستغرق العمل جهدا كبيرا أو وقتا طويلا أو قصيرا فكل ذلك جهالة في العمل وتصح هنا للحاجة لذلك.

- الجُعل: أو العوض، وهو ما يلتزم به الجاعل للعامل، ويشترط أن يكون معلوما، فهو عقد معاوضة، ولا يجوز أن يكون العوض مجهولا[43].

2- شروط الجعالة

ما يشترط في الجاعل: أن يكون مكلفا، راشدا، مختارا.

- لا يصح تعليق الجعالة على موافقة أجنبي، وذلك لأن عقود المعاوضات المالية لا تقبل التعليق.

- عدم مشاركة غير المجعول له في تحصيل الجعالة.

- عدم جواز اشتراط الجاعل على المجعول له عدم بيع الجعل؛ لمخالفته مقتضى العقد.

- يجوز للمجعول له أن يطلب من الجاعل إحضار من يضمن له بقاء الجعالة.

- استحقاق العامل أجرة المثل إن فسخ الجاعل بعد شروعه في العمل.

- اشتراط المجعول له بقاء الجعالة إلى أن يأتيه ما يدل على فسخها.

- عدم اشتراط المجعول له زيادة في الجعل عن كل يوم يتأخر فيه الجاعل عن تسليم الجعل.

- تجوز الجعالة بلا تحديد لمدة العمل، باتفاق القائلين بمشروعيتها، ويترجح القول بجواز الجعالة المقيدة بزمن محدد.

- لا يجوز ربط الجعل في الجعالة بمؤشر متغير، لما يفضي إليه من الجهالة والغرر، التي على خلاف قصد الشارع.

- يتعين بيان نوع نقد الجُعل في الجعالة، إذا كان الجعل من الأموال النقدية، واشتراط أحد المتعاقدين نقدا معينا ليكون جُعلا جائز.

- اشتراط المجعول كون الجعل منفعة عين لمدة معينة جائز، لأن المنافع أموال بذاته.

- يجوز للمتعاقدين في عقد الجعالة الاتفاق على مكان معين ومحدد لتسليم الجعل فيه.

- شرط علم المجعول له بعقد الجعالة حين عثوره على المجعول عليه.

- اشتراط المجعول له على الجاعل أن يزيد في الجعل عند حدوث نقص في قيمة الجعل عن حد معين.

الفقرة الثانية: أحكام وتطبيقات عقد الجعالة

أولا: حكم عقد الجعالة        

1- إنها عقد جائز[44] وغير لازم، فلكل من العامل والجاعل فسخ العقد متى شاء دون رضى الطرف الآخر، ودون علمه أيضا، لأنها عقد ينصب على عمل مجهول بعوض فيجوز لكل من المتعاقدين فسخه[45].

وإن تم العمل لزم العقد ووجب الجعل، لأنه استقر بتمام العمل فأشبه الربح بالمضاربة[46].

2- لا يستحق الجعل إلا بإذن صاحب العمل، فإن أذن له بالعمل ولم يشرط له جعلا، فقولان: الأول أنه لم يستحق شيئا، والثاني أنه يستحق أجرة المثل، إذا كان معروفا أن هذا الشخص يقوم بهذا النوع من الأعمال مقابل جعل[47].

3- لا يستحق العامل الجعل إلا بالفراغ من العمل، وإن اشترك أكثر من شخص بالعمل استحقوا الجعل مقسما بينهم بالتساوي، وإن تفاوت عملهم لأن العمل لا ينضبط إلا إذا وزع الجعل بنسبة ما قام به كل منهم[48].

4- تجوز الزيادة والنقص في الجعل قبل الفراغ من العمل، لأنه عقد جائز[49]، وذلك على حالتين: الأولى إحداث الزيادة أو النقص قبل الشروع بالعمل وهنا التغيير جائز، الثانية: بعد الشروع بالعمل فتجب أجرة المثل للعامل[50].

5- إذا اختلف العامل وصاحب المال، فإن اختلفا في شرط الجعل، أو العمل الذي شرط له الجعل، ففي الصورتين يصدق صاحب المال بيمينه، لأن العامل يدعي عليه شرط الجعل في العقد والأصل عدمه، ويشترط عليه شغل ذمته والأصل براءة ذمته[51].

       وإذا اختلفا في قدر الجعل أو صفته أو جنسه، تحالفا أي حلف كل منهما على إثبات قوله ونفي قول الآخر، فإذا تحالفا سقطت أقوالهما، واستحق العامل أجرة المثل[52].

واختلف العلماء في مشروعية عقد الجعالة على قولين:

القول الأول: ذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى القول بمشروعية الجعالة، وأنها عقد جائز، واستدلوا بالكتاب والسنة ومن المعقول[53].

القول الثاني: ذهب الحنفية إلى عدم جوازها، لما فيه من الغرر.

والمرجح الذي يظهر لي –والله أعلم- القول الأول وذلك لاعتماد أصحابه على مصدر التشريع الكتاب والسنة، والذي أمرنا بهما بالاتباع.

ثانيا: تطبيقات عقد الجعالة

1- إصلاح الأراضي واستزراعها: وذلك بأن تجعل الدولة مبلغا معينا من المال لمن يقوم باستصلاح أرض معينة، أو يبحث في الأرض عن أماكن صالحة لإقامة مشاريع زراعية.

2- التنقيب عن البترول والمعادن المختلفة: وذلك في الحالة التي يكون استحقاق الجعل فيها مشروطا بالوصول إلى المعدن مثلا، دون النظر إلى مقدار العمل أو زمنه.

3- عمليات التسويق والسمسرة وارتباطها بالجعالة: في حال استحقاق الجعل، يكون هذا الجعل مشروطا بإبرام العقد الذي تم التوسط من أجله.

4- تحصيل الديون المعدومة والمشكوك فيها: وتكون في الحالة التي يكون الجعل فيها مشروطا بتحصيل الدين كله، وبذلك يستحق الجعل كله، أو تحصيل مقدار منه فيستحق من الجعل بنسبة ما حصله من الدين.

5- الجوائز والمسابقات: كأن يتم تخصيص جائزة مالية، لمن يشتري من محل معين، أو منح بطاقة تخفيض على المشتريات، أو جعل معين لمن يشتري كمية معينة، أو مثل العينات المجانية، أو جعل للعامل إذا قام ببيع كمية معينة.

6- تسهيل إجراءات العمل والتشغيل: مثل مكاتب التوظيف.

7- تحقيق الاكتشافات والاختراعات والتصاميم: ويكون استحقاق الجعل مشروطا بحصول الاكتشاف أو تسجيل براءة اختراع، أو إنشاء تصميم مطابق للشروط المبينة من الجاعل.

8- اشتراط الجعل على الاقتراض بالجاه: فقد يذهب شخص إلى آخر ذي جاه، ويطلب منه أن يقترض له من شخص آخر، أو من بنك مبلغا معينا مقابل جعل يعطيه إياه، وهذه الصورة مباحة شرعا عند الشافعية والحنابلة، لأن ذا الجاه لم يعط الشخص، المال من ماله الخاص فهو ليس قرضا جر نفعا، ولكن لو أعطاه المال من ماله الخاص لكان محرما قطعا، أما المالكية فقد حرموا هذه الصورة إلا إذا احتاج صاحب الجاه إلى السفر ليحصل على القرض، فيجوز أخذ نفقة سفره.

9- عقود الصيانة: وهو عقد مستحدث مشروع، لا يخالف الشريعة الاسلامية، ويتم تكييفه فقهيا على أنه عقد جعالة حيث إن عقود الصيانة لا تنطوي على تحديد مقدار العمل بشكل دقيق، وبه جهالة وغرر وهو من الغرر اليسير المغتفر، الذي لا يؤدي إلى النزاع ويتم بصورتين:

* أن يلتزم مالك العين بصيانتها وتقديم قطع الغيار من عنده، أو يلتزم بدفع ثمن قطع الغيار لمن يقدمها، وتكيف فقهيا أنها جعالة رافقها بيع.

* أن تلتزم الجهة المتعهدة بالصيانة بتقديم قطع الغيار مع العمل، إذا كانت قطع الغيار يمكن تحديد عددها، وصفتها تحديدا ينفي النزاع وهذا عقد جعالة أيضا.

أما إذا كانت قطع الغيار غير قابلة للتحديد الدقيق، بصفتها ونوعها وعددها، فلا يجوز التعاقد على تقديم قطع الغيار من قبل الجهة المتعهدة بالصيانة، وذلك للجهالة الكبيرة المؤدية للنزاع[54].

المطلب الثاني: عقد الوعد بجائزة في التقنين الوضعي

      ويقابل الجعالة في الشريعة الوعد بجائزة في القانون، وتعرف بأنها "تعبير عن الارادة يتجه إلى إحداث أثر قانوني هو إنشاء الالتزام بجائزة في ذمة الواعد"[55]، ويقترح البعض[56] أن تسمى بالتعهد بجائزة؛ لأن ذلك أدق، وتختلف الجعالة عن الوعد أيضا في أن الجعالة تكون على عمل مستقبل عند جمهور الفقهاء، فإذا كان الجاعل يعلم أن العمل قد تم بالفعل؛ فإن ذلك يعد وعدا وليس جعالة، ويصبح في القانون الوعد بجائزة على عمل قد تم.

    كما يتضح أيضا أن كلا من الوعد والجعالة يتم بالإرادة المنفردة في الفقه الاسلامي إلا أن الجعالة عقد مسمى عند الجمهور يرتب التزاما، وتطبق بشأنه أحكام العقود بخلاف الوعد فإنه وإن تم بالإرادة المنفردة إلا أن الراجح أنه غير لازم في الفقه الاسلامي، وكذلك الوعد بجائزة فهو وإن تم بإرادة منفردة إلا أنه يرتب التزاما في الحال[57].

الفقرة الأولى: طبيعة وخصائص وأركان عقد الوعد بجائزة

أولا: طبيعة وخصائص عقد الوعد بجائزة

1- طبيعة الوعد بجائزة

     يعد الوعد بجائزة تبرعا إذا كان العمل الموعود عليه يحقق للموعود له مصلحة ولا يحقق مصلحة للواعد، كالوعد بجائزة لمن يكتشف دواء لمرض معين أو يقدم بحثا علميا متميزا في مجال معين من مجالات العلوم، ويكون معاوضة إذا حقق مصلحة للواعد أيضا كالوعد بجائزة لمن يجد شيئا مفقودا أضاعه الواعد، وكالوعد بجائزة لمن يقدم أفضل تصميم لبناء فندق[58].

2- خصائص الوعد بجائزة

   يتبين من تعريف الوعد بجائزة بأنه يتمتع بالخصائص الآتية:

1- كونه تعبير موجه إلى شخص غير معين من الجمهور.

2- كونه لا يحتاج لانعقاده إلى أي تعبير يصدر من شخص آخر.

وبهذا يمتاز الوعد بجائزة عن الايجاب الموجه إلى الجمهور، إذ أن هذا الايجاب هو تعبير عن الارادة لا يرتب أثره إلا إذا اقترن به تعبير آخر مطابق له وهو القبول، الذي يصدر من أحد أفراد الجمهور الذي وجه له الايجاب، وبناء عليه فالإيجاب عنصر في تكوين العقد الذي لا ينعقد إلا إذا اقترن قبول هذا الايجاب.

3- يعتبر من التعابير غير المتلقاة (Déclaration non Réceptrice) أي التي تنتج أثرها القانوني بمجرد صدورها عن صاحبها، ودون اشتراط وصولها إلى علم من وجهت إليه (أحد أفراد الجمهور)، وذلك لأن من يقوم بالعمل الموعود عليه يستحق الجائزة، حتى ولو قام بالعمل دون علم بوجود الجائزة[59]، وليس هو من التعابير المتلقاةDéclaration) Réceptrice) أي التي لا تأخذ حكمها إلا إذا وصلت إلى علم الشخص الذي وجهت إليه كما في عزل الوكيل أو في الايجاب الملزم[60].

ثانيا: أركان الوعد بالجائزة

    من خلال الفصل 15 من ق ل ع يتطلب الوعد بجائزة ضرورة توفر الشروط التالية:

1- صدور إرادة باتة من طرف الواعد.

2- توفر الواعد على الأهلية الكاملة للالتزام بما وعد به.

3- أن تخلوا إرادة الواعد من عيوب الرضى.

4- قيام إرادة الواعد على محل كامل الشروط.

5- توجه إرادة الواعد على سبب مشروع، فقد يكون الوعد بجائزة صادر على سبيل الدعاية، كالتاجر الذي يعد بإعطاء جائزة لمن يجد عيبا في بضاعته، ولا مانع من أخذه بوعده متى صدرت منه إرادة جدية في هذا المعنى[61].

6- أن توجه الارادة إلى الجمهور، فإذا وجهت إلى شخص معين أو أشخاص معينين، خرجت عن أن تكون وعدا بجائزة بالمعنى المقصود، فتوجيه الارادة إلى الجمهور، أي إلى أشخاص غير معينين بالذات، هو الذي يكسو الوعد بجائزة طابعه الذي يتميز به[62].

7- أن يكون توجيه الارادة للجمهور بطريق علني، حتى يتيسر لعدد كبير من الناس العلم بهذه الارادة، وتكون عن طريق النشر في الصحف أو توزيع النشرات أو المناداة في الطرقات.

8- أن تتضمن الارادة أمرين على الأقل وهما:

- وجود جائزة معينة يلتزم الواعد بإعطائها للفائز بها، ولا حرج في نوعيتها أو قيمتها.

- شيء معين يقوم به الفائز حتى يستحق الجائزة.

الفقرة الثانية: أحكام الالتزام أو الوعد بالجائزة

أولا: الوعد بجائزة محدد المدة

       إذا حدد الواعد مدة اشترط فيها تمام العمل داخلها، التزم نهائيا بإرادته ولم يكن له حق الرجوع، بالتالي إذا انقضت هذه المدة دون أن يقوم أحد بالعمل المطلوب انقضى التزام الواعد بانقضاء مدته، ولو قام بعد ذلك شخص بهذا العمل، ولا يكون حينها الواعد مسؤولا نحو هذا الشخص بمقتضى الوعد[63].

        أما إذا تم القيام بالعمل المطلوب داخل المدة المحددة أصبح من قام بهذا العمل دائنا للواعد بالجائزة الموعودة، سواء قام بالعمل عن رغبة في الحصول على جائزة أو لم تكن لديه تلك الرغبة، بل سواء كان يعلم بالجائزة وقت قيامه بالعمل أو لم يكن يعلم بها، وسواء أتم العمل بعد إعلان الجائزة أو قبل إعلانها، الأمر الذي يجعل الالتزام بالوعد التزاما بإرادة منفردة.

     وهو ما نجده منصوص عليه في الفصل 16 من ق ل ع والذي جاء فيه "يفترض فيمن حدد أجلا لإنجاز الفعل (الموعود بالجائزة من أجله)، أنه تنازل عن حقه في الرجوع عن وعده إلى انتهاء ذلك الأجل".

ثانيا: عدم تحديد مدة الوعد بالجائزة

      يعتبر الوعد بجائزة من أهم تطبيقات التصرف بالإرادة المنفردة، فهو يتم بإرادة منفردة هي إرادة الواعد الذي يعلن للجمهور عن جائزة لأي شخص يقوم بعمل.

    في هاته الحالة إذا قام شخص بالعمل المطلوب في مدة معقولة استحق الجائزة حتى لو لم يكن يعلم بها، أو علم بها ولكنه قام بالعمل دون رغبة فيها، لأن الواعد إنما يلتزم بإرادة منفردة.

     لكن يبقى للواعد حق الرجوع في وعده ما دام لم يحدد له موعد، إلا أن هذا الرجوع يجب أن يكون بالعلانية ذاتها التي تم بها الوعد، وهذا الحق في الرجوع يطرح مجموعة من الاشكالات المتعلقة بعملية تنفيذ الوعد.

- فإذا لم يكن هناك أحد قد أتم العمل، تحلل الواعد نهائيا من نتائج وعده بعد أن رجع فيه.

- إذا كان هناك من بدأ في تنفيذ هذا العمل ولكنه لم يتممه، فإن له الرجوع على الواعد بتعويض عادل، ويكون بقيمة ما أصابه من ضرر ودون تجاوز لقيمة الجائزة، وذلك بمقتضى المسؤولية التقصيرية، ويترتب على ذلك أن الرجوع على الواعد في هذه الحالة يتقادم بالمدة التي تتقادم بها المسؤولية التقصيرية[64]، الأمر الذي نجده من خلال الفصل 16 من ق ل ع والذي جاء فيه "لا يجوز الرجوع في الوعد بجائزة بعد الشروع في تنفيذ الفعل الموعود بالجائزة من أجله".

- إذا كان العمل المطلوب قد تم قبل رجوع الواعد، استحق من قام بالعمل الجائزة كاملة، ولم يؤثر في حقه رجوع الواعد في وعده، بالتالي يكون الواعد ملتزما بالجائزة وذلك بمقتضى إرادته المنفردة[65].

- إذا أنجز العمل الموعود عليه بالجائزة من قبل عدة أشخاص أو اشترك عدة أشخاص في إنجازه، بحيث عرض المشرع المغربي من خلال ق ل ع في فصله 18 للحالات التي ينجز فيها العمل الموعود عليه بالجائزة من قبل عدة أشخاص في وقت واحد أو في أوقات مختلفة، أو يشترك في إنجازه عدة أشخاص كل منهم بقدر فيه، بالتالي بين كيفية استحقاق الجائزة في مختلف هذه الحالات.

ونجد أن المادة 123 مكرر 1 من القانون الجزائري في فقرتها الثانية نصت بأن "الواعد إذا لم يحدد للعمل المطلوب مدة معينة، فإنه يلتزم بوعده ما دام لم يرجع عن هذا الوعد، فيلتزم بإعطاء الجائزة لمن قام بالعمل قبل رجوعه عن وعده، ويكون لمن قام بالعمل هنا الحق في الجائزة".

ولأن الواعد لم يحدد مدة معينة، فمن العدل أن لا يبقى ملزما بوعده لمدة غير محددة، حيث يجوز له العدول عن وعده، ويكون ذلك بنفس طريقة إعلان الوعد للجمهور على ألا يسبب ضررا بمصلحة الغير[66].

خاتمة:

     في خاتمة هاته الدراسة لا يسعنا إلا أن نؤكد على أن المشرع المغربي واقتداء بنظيره الفرنسي الذي استمد أحكامه بخصوص الالتزام؛ من الفقه الألماني الحديث، الذي اعتبر أن الارادة المنفردة كمصدر من مصادر الالتزام، وأن التصرفات سواء كانت وقائع قانونية أو تصرفات إرادية، لا بد من وجود الارادة للتعاقد سواء كانت من جانبين أو من جانب واحد كعقد الوعد بجائزة الموجه للجمهور، والتي نظمها ق ل ع من خلال مجموعة من النصوص القانونية واعتبرها من العقود الصادرة بإرادة منفردة تصدر من الواعد نحو الجمهور.

     وأن الفقه الاسلامي كان سباقا لمعالجة مثل هاته العقود إلا أنه يسميها بعقد الجعالة هذا العقد الذي لقي تأصيله من خلال القرآن الكريم وكذا السنة النبوية كما سبقت الاشارة إليه، وأن هذا الفقه اعتبرها من العقود التي يجوز التعامل بها والأخذ بها، ومن هذا المنطلق اعتمدها المشرع المغربي.

    وحاولنا من خلال هاته الدراسة الإجابة على مجموعة من الاشكالات العملية المتعلقة بعقد الوعد بجائزة، إلا أن المطالب لازالت تجاه القضاء للاجتهاد أكثر، هذا الاجتهاد يكون في تناغم تام مع التطورات التكنولوجية التي  تعرفها المجتمعات.

في الأخير نتمنى أن تكون هاته الدراسة قد استوفت جميع عناصر الاشكالية المطروحة لاسيما في شقها المتعلق بالإشكالات العملية بخصوص عقد الوعد بجائزة، وأملنا كبير في المزيد من الدراسات العلمية التي تعنى بالموضوع؛ تعمل على تكملة ما أغفل، لكون ذلك من سمة بني البشر.

لائحة المراجع:

- المعاجم

- أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الافريقي المصري، لسان العرب، مادة جعل، دار صادر بيروت لبنان، الطبعة الأولى.

- الكتب الفقهية

- تقي الدين أبو العباس احمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن عبدالله بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني، الفتاوى الكبرى، مطبعة دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1408 هـ/1984.

- عمدة القارئ في شرح صحيح البخاري، الجزء الأول.

- فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الامام مالك للشيخ عليش، الجزء الأول.

- ابن عابدين، حاشية رد المحتار، الجزء الثالث، دار الفكر للطباعة والنشر بيروت لبنان، الطبعة الثانية 2000.

- شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي، المعروف بالحطاب الرُّعيني المالكي، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، دار الفكر، الطبعة الثالثة، 1412هـ - 1992م.

- الرملي شمس الدين، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، الجزء الخامس، دار الفكر بيروت، الطبعة الأخيرة 1404 هـ/ 1984م.

- ابن رشد، المقومات، الجزء الخامس، دار صادر بيروت لبنان.

- الخن مصطفى، الفقه المنهجي على مذهب الامام الشافعي، الجزء الثالث دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع دمشق، الطبعة الرابعة 1413 هـ/1992 م.

- الشربيني محمد، مغني المحتاج إلى معرفة الفاظ المنهاج، الجزء الثاني، دار إحياء التراث العربي، طبعة 1978.

- الشيرازي ابراهيم بن علي، المهذب في فقه الامام الشافعي، الجزء الأول، مطبعة عيسى البابي الحلبي مصر، الطبعة الأولى.

- البهوتي منصور بن يونس، كشاف القناع عن متن الاقناع، الجزء الرابع، مطبعة الحكومة بمكة، طبعة 1394 هـ.

- الكتب المتخصصة

- عبدالرزاق السنهوري، مصادر الحق في الفقه الاسلامي- دراسة مقارنة بالفقه الغربي-، الجزء الأول، مقدمة –صيغة العقد، دار إحياء التراث العربي وتوسعة التاريخ العربي بيروت، طبعة 1953/1954.

- مصطفى الزرقاء، المدخل إلى نظرية الالتزام العامة في الفقه الاسلامي، دار القلم دمشق، الطبعة الأولى 1999.

- جلال العدوي، أصول الالتزام –مصادر الالتزام-، منشأة المعارف الاسكندرية، طبعة 1997.

- موسى أبو ملوح، مصادر الالتزام –الكتاب الأول- المصادر الارادية، طبعة 1995.

- أنوار سلطان، مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني، الجامعة الاردنية عمان، الطبعة الأولى 1987.

- عبدالقادر الفار، مصادر الالتزام، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان، طبعة 1996.

- عبدالقادر الفار، المدخل لدراسة العلوم القانونية، (النظرية العامة للحق)، مطبعة دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان الأردن، الطبعة الأولى 2006.

- محمد الصغير البعلي، المدخل للعلوم القانونية (نظرية القانون، نظرية الحق)، مطبعة دار العلوم عنابة الجزائر، طبعة 2006.

- سيف رجب قزامل، النيابة عن الغير في التصرفات المالية، دار الفكر الجامعي الاسكندرية، الطبعة الأولى 2008.

- ابن قدامة أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي، الشهير بابن قدامة المقدسي، المغني، مكتبة القاهرة، طبعة 1388هـ - 1968م.

- اسماعيل غانم، في النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام، مكتبة عبدالله وهبة القاهرة، طبعة 1966.

- عبدالناصر العطار، نظرية الالتزام في الشريعة الاسلامية والتشريعات العربية، مطبعة السعادة، طبعة 1975.

- عبدالرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، مصادر الالتزام، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان، طبعة 1998.

- مصطفى الزرقاء، شرح القانون المدني السوري، نظرية الالتزام العامة -المصادر، العقد والارادة المنفردة، مطبعة دار الحياة دمشق، الطبعة الرابعة 1964، بند 359.

- مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، الجزء الأول، مصادر الالتزامات، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى 2020.

- الرسائل الجامعية:

- عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله الشويهي، الشروط الجعلية في عقد الجعالة وتطبيقاتها المعاصرة، بحث تكميلي لنيل درجة الماجستر، جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية، المعهد العالي للقضاء قسم الفقه المقارن، السنة الجامعية 1429/1430 هـ.

- المجلات:

- فواز صالح، الارادة المنفردة بوصفها مصدرا للالتزام، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 28، العدد الأول 2012.

- مجلة الاقتصاد الإسلامي العدد 177 السنة الخامسة عشرة، شعبان 1416 هـ، ديسمبر 1995م.

- عبدالحي حجازي، مدى خيار الدائن بين التنفيذ والفسخ، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، مطبعة جامعة عين الشمس، العدد الثاني السنة الثانية 1960.

- الكتب الأجنبية:

- H,L, et J.Mazeaud et F.Chabas, obligation, leçon de droit civil, tome 2, volume 1, obligations-théorie générale, 9éme édition, delta, 2000, n 358.



[1]- احمد حسن البرعي، نظرية الالتزام في القانون المغربي، مصادر الالتزام، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 1981، ص 07.

[2]- قانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.04.22 بتاريخ 12 من ذي الحجة 1424 موافق 3 فبراير 2004، الجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 5 فبراير 2004، ص 418.

[3]- ظهير 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بشأن قانون الالتزامات والعقود، المعدل والمتمم بموجب القانون رقم 43.20 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.20.100 بتاريخ 16 من جمادى الأولى 1442 (31 ديسمبر 2020)، الجريدة الرسمية عدد 6951 بتاريخ 27 جمادى الأولى 1442 (11 يناير 2021) ص 271.

[4]- القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 (22 نوفمبر 2011)، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذي الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011)، ص 5587.

[5] -H,L, et J.Mazeaud et F.Chabas, obligation, leçon de droit civil, tome 2, volume 1, obligations-théorie générale, 9éme édition, delta, 2000, n 358, p 04.

[6]- مصادر الالتزام في الفقه والقانون المغربي هي:

1- العقد؛

2- الارادة المنفردة؛

3- الإثراء بلا سبب؛

4- العمل غير المشروع؛

5- القانون.

[7]- سورة يوسف، الآية 72.

[8]- عبدالرزاق السنهوري، مصادر الحق في الفقه الاسلامي- دراسة مقارنة بالفقه الغربي-، الجزء الأول، مقدمة –صيغة العقد، دار إحياء التراث العربي وتوسعة التاريخ العربي بيروت، طبعة 1953/1954، ص 41 وما يليها.

[9]- فواز صالح، الإرادة المنفردة بوصفها مصدرا للالتزام، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 28، العدد الأول 2012، ص 151.

[10]- عبدالرزاق السنهوري، مصادر الحق في الفقه الاسلامي، م س، ص 41 وما بعدها.

- مصطفى الزرقاء، المدخل إلى نظرية الالتزام العامة في الفقه الاسلامي، دار القلم دمشق، الطبعة الأولى 1999، ص 113 وما يليها.

[11]- حيث إن النظرية التقليدية الفرنسية قد بقيت وفية للتقاليد التي ورثتها عن القانون الروماني والتي ترجع في أساسها إلى أن الالتزام ما هو إلا رابطة بين شخصين دائن ومدين، وظلت هذه النظرية سائدة حتى أوائل القرن التاسع عشر، وتذهب للقول أن الالتزام الذي يتولد عن عمل قانوني لا يكون مصدره إلا عقدا أي توافق ارادتين، وعلى ذلك فإنها لا تقبل بأن تكون الإرادة المنفردة مصدرا للالتزام ولو بشكل استثنائي.

- جلال العدوي، أصول الالتزام –مصادر الالتزام-، منشأة المعارف الاسكندرية، طبعة 1997، ص 291.

[12]- موسى أبو ملوح، مصادر الالتزام –الكتاب الأول- المصادر الإرادية، طبعة 1995، ص 367.

[13]- أنوار سلطان، مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني، الجامعة الأردنية عمان، الطبعة الأولى 1987، ص 291.

[14]- عبدالقادر الفار، مصادر الالتزام، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان، طبعة 1996، ص 172.

[15]- نص المادة 305 من التقنين المدني الألماني باللغة الفرنسية:

- L’article 305 du code civil allemand déclare que "A moins de dispositions contraires de la loi, un contrat entre les parties intéressées est nécessaire pour l’établissement d’une obligation par acte juridique, ainsi que pour le changement de son contenu."

- H,L, et J.Mazeaud et F.Chabas, obligation, leçon de droit civil, tome 2, volume 1, obligations-théorie générale, 9éme édition, delta, 2000, n 358, p 358.

[16] - H,L, et J.Mazeaud et F.Chabas, obligation op. cit, p 357 et suiv.

[17] - نص المادة 657 من التقنين المدني الالماني باللغة الفرنسية:                         

- L’article 657 du code civil allemand dispose que "celui qui, par une annonce publique, promet une récompense pour l’accomplissement d’une action, notamment pour l’obtention d’un résultat, est obligé à payer la récompense à celui qui a accompli cette action, quand même celui-ci n’aurait pas agi en vue de la récompense."

- Souligné par H,L,j, Mazeaud et F. Chabas, op .cit, p 358.

[18]- فواز صالح، الإرادة المنفردة بوصفها مصدرا للالتزام، م س، ص 148 وما بعدها.

[19]- عبدالقادر الفار، المدخل لدراسة العلوم القانونية، (النظرية العامة للحق)، مطبعة دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان الأردن، الطبعة الأولى 2006، ص 135.

[20]- محمد الصغير البعلي، المدخل للعلوم القانونية (نظرية القانون، نظرية الحق)، مطبعة دار العلوم عنابة الجزائر، طبعة 2006، ص 129.

[21]- قال ابن تيمية "إن تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم".

- تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن عبدالله بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني، الفتاوى الكبرى، مطبعة دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1408 هـ/1984.

[22]- سيف رجب قزامل، النيابة عن الغير في التصرفات المالية، دار الفكر الجامعي الاسكندرية، الطبعة الأولى 2008، ص 27.

[23]- سورة طه، الآية 86.

[24]- أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الافريقي المصري، لسان العرب، مادة جعل، دار صادر بيروت لبنان، الطبعة الأولى، ص 461-464.

[25]- من ذلك ما عرفه العيني، أبو محمد محمود بن احمد العيني الحنفي، بأنه "الإخبار بإيصال الخير في المستقبل".

- عمدة القارئ في شرح صحيح البخاري، الجزء الأول، ص 256.

[26]- فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك للشيخ عليش، الجزء الأول، ص 254.

[27]- المادة 657 و 658 من القانون المدني الألماني، المادة 8 من قانون الالتزامات السويسري، المادة 4 من القانون الفرنسي الايطالي، المادة 163 من القانون السوري، المادة 164 من القانون الليبي، المادة 185 من القانون العراقي، المادة 179 من القانون اللبناني.

[28]- عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله الشويهي، الشروط الجعلية في عقد الجعالة وتطبيقاتها المعاصرة، بحث تكميلي لنيل درجة الماجستر، جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية، المعهد العالي للقضاء قسم الفقه المقارن، السنة الجامعية 1429/1430 هـ، ص 38.

[29]- أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الافريقي المصري، لسان العرب، مادة جعل، م س.

[30]- ابن عابدين، حاشية رد المحتار، الجزء الثالث، دار الفكر للطباعة والنشر بيروت لبنان، الطبعة الثانية 2000، ص 674.

[31]- شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي، المعروف بالحطاب الرُّعيني المالكي، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، دار الفكر، الطبعة الثالثة، 1412هـ - 1992م، ص 42.

[32]- ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، الجزء الخامس، دار صادر بيروت لبنان، ص 630.

[33]- الرملي شمس الدين، نهاية المحتاج الى شرح المنهاج، الجزء الخامس، دار الفكر بيروت، الطبعة الأخيرة 1404 هـ/ 1984م، ص 415.

[34]- سورة يوسف، الآية 72.

[35]- الخن مصطفى، الفقه المنهجي على مذهب الامام الشافعي، الجزء الثالث دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع دمشق، الطبعة الرابعة 1413 هـ/1992 م، ص 144.

[36]- البخاري أبو عبدالله محمد بن اسماعيل، ت 265 هـ.

[37]- الخن مصطفى، الفقه المنهجي على مذهب الامام الشافعي، م س، ص 143.

[38]- الشربيني محمد، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، الجزء الثاني، دار إحياء التراث العربي، طبعة 1978، ص 429.

[39]- الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، م س، ص 466.

[40]- الشربيني محمد، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، م س، ص 429.

[41]- الشيرازي ابراهيم بن علي، المهذب في فقه الامام الشافعي، الجزء الأول، مطبعة عيسى البابي الحلبي مصر، الطبعة الأولى، ص 411.

[42]- الشربيني محمد، مغني المحتاج إلى معرفة الفاظ المنهاج، م س، ص 429.

[43]- الشيرازي ابراهيم بن علي، المهذب في فقه الامام الشافعي، م س، ص 411.

[44]- الشيرازي ابراهيم بن علي، المهذب في فقه الامام الشافعي، م س، ص 418.

[45]- البهوتي منصور بن يونس، كشاف القناع عن متن الاقناع، الجزء الرابع، مطبعة الحكومة بمكة، طبعة 1394 هـ، ص 225.

[46]- ابن قدامة أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي، الشهير بابن قدامة المقدسي، المغني، مكتبة القاهرة، طبعة 1388هـ - 1968م ، ص 232.

[47]- الشيرازي ابراهيم بن علي، المهذب في فقه الامام الشافعي، م س، ص 411.

[48]- الشيرازي ابراهيم بن علي، المهذب في فقه الامام الشافعي، م س، ص 412.

[49]- ابن قدامة المقدسي، المغني، م س، ص 232.

[50]- الشيرازي ابراهيم بن علي، المهذب في فقه الامام الشافعي، م س، ص 412.

[51]- البهوتي منصور بن يونس، كشاف القناع عن متن الاقناع، م س، ص 226.

[52]- البهوتي منصور بن يونس، كشاف القناع عن متن الاقناع، م س، ص 226.

[53] - قال الإمام الشاطبي: الأدلة العقلية غير مستقلة بالدلالة، وإنما تستعمل مركبة على الأدلة السمعية، أو معينة في طريقها، أو محققة لمناطها، أو ما شابه ذلك، لا مستقلة بالدلالة، لأن النظر فيها نظر في أمر شرعي، والعقل ليس بشارع، الموافقات، له: 1 ص 13.

[54]- محمد الأمين الضرير، تطبيقات الاجارة والجعالة على عقود الصيانة، الرابط الالكتروني:

- https://al-maktaba.org/book/8356/21529

اطلعنا عليه بتاريخ 08/06/2022، على الساعة الرابعة عصرا و 44 دقيقة.

- مجلة الاقتصاد الإسلامي العدد 177 السنة الخامسة عشرة، شعبان 1416 هـ، ديسمبر 1995م، ص 579.

[55]- اسماعيل غانم، في النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام، مكتبة عبدالله وهبة القاهرة، طبعة 1966، ص 396.

[56]- عبدالناصر العطار، نظرية الالتزام في الشريعة الاسلامية والتشريعات العربية، مطبعة السعادة، طبعة 1975، ص 292.

[57]- عبدالرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، مصادر الالتزام، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان، طبعة 1998، ص 1464 وما بعدها.

[58]- مصطفى الزرقاء، شرح القانون المدني السوري، نظرية الالتزام العامة 1 المصادر، العقد والارادة المنفردة، م س، ص 433.

[59]- مصطفى الزرقاء، شرح القانون المدني السوري، نظرية الالتزام العامة -المصادر، العقد والارادة المنفردة، مطبعة دار الحياة دمشق، الطبعة الرابعة 1964، بند 359، ص 435.

[60]- مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، الجزء الأول، مصادر الالتزامات، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى 2020، ص 319.

[61]- عبدالحي حجازي، مدى خيار الدائن بين التنفيذ والفسخ، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، مطبعة جامعة عين الشمس، العدد الثاني السنة الثانية 1960، ص 393 وما بعدها.

[62]- عبدالرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، مصادر الالتزام، م س، ص 1466.

[63]- عبدالرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، مصادر الالتزام، م س، ص 1467.

[64]- تتقادم دعوى المسؤولية التقصيرية بمرور خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه الى علم الفريق المتضرر من الضرر.

- ينص الفصل 106 من ق ل ع على أنه "إن دعوى التعويض من جراء جريمة او شبه جريمة تتقادم بمضي خمس سنوات، باستثناء دعوى التعويض من جراء الأضرار الناجمة عن انفجار الألغام فإنها تتقادم بمضي خمس عشرة سنة، وتبتدئ الآجال المذكورة من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق المتضرر الضرر ومن هو المسؤول عنه، وتتقادم في جميع الأحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر".

[65]- عبدالرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، مصادر الالتزام، م س، ص 1469.

[66]- تكون أحكام الرجوع بحسب الأحوال التالية:

- إذا قام شخص بالعمل وأتمه قبل اعلان الرجوع عن الوعد، فإنه يكون مستحقا للجائزة، ولا يؤثر فيه العدول.

- إذا شرع شخص في القيام بالعمل، وصدر العدول عن الواعد، قبل أن يتم هو هذا العمل، فلا يكون مستحقا للجائزة، ولكنه يستطيع أن يطالب الواعد بالتعويض عن الضرر الحاصل له من التنفيذ على أساس المسؤولية التقصيرية، على ألا يتجاوز هذا التعويض قيمة الجائزة.

- إذا لم يقم أي شخص بالعمل المطلوب يتحلل الواعد من وعده بدون أي إشكال.


إرسال تعليق

0 تعليقات