آخر الأخبار

Advertisement

تنفيذ المقررات التحكيمية الصادرة في منازعات العقودالادارية ذات الطابع الدولي - الأستاذة لينــــة البــــريني، العدد 48 من مجلة الباحث القانونية، منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


  تنفيذ المقررات التحكيمية الصادرة في منازعات العقودالادارية ذات الطابع الدولي - الأستاذة لينــــة البــــريني، العدد 48 من مجلة الباحث القانونية، منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


رابط تحميل عدد المجلة الذي يشمل على المقال PDF الرابط أذناه:







الأستاذة لينــــة البــــريني

     محامية بهيئة المحامين ببني ملال - باحثة بسلك الدكتوراه بكلية العلوم

   القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس.

 تنفيذ المقررات التحكيمية الصادرة في منازعات العقود

الادارية ذات الطابع الدولي بالصيغة التنفيذية

على ضوء الاجتهاد القضائي

Implementation of arbitration decisions issued in disputes of administrative contracts of an international nature

مقدمة :

إن تذييل المقرر التحكيمي بالصيغة التنفيذية مسألة تتسم بالخصوصية لارتباطها ارتباطا جدليا بمبدأ السيادة الوطنية للدولة المستدل فيها بالحكم التحكيمي مما يجعل الصيغة التنفيذية، تتأثر بنظرة القاضي الوطني الذي يبت في طلب الصيغة التنفيذية، وهو ما يتعارض مع منطق التجارة الدولية التي تأبى القيود وترفض مثل هذه المؤثرات.

هذا، وقد استلهم المشرع المغربي المبادئ الكبرى للاعتراف وتنفيذ المقررات التحكيمية الأجنبية من اتفاقية نيويورك لسنة 1958 شأنه شأن مجموعة من القوانين المقارنة، ولاسيما العربية منها([1]) .

وليست هناك أية صعوبة تذكر إذا كان حكم التحكيم الدولي([2]) في تنفيذه يخضع لاتفاقية جماعية، أو ثنائية مصادق عليها، كما هو الحال مثلا بالنسبة للأحكام التحكيمية الأجنبية الخاضعة لاتفاقية نيويورك لسنة 1958، إذ يقضي الفصل الثالث منها على أن تعترف كل دولة من الدول المتعاقدة بقوة أي مقرر تحكيمي([3])، و تسمح بتنفيذه وفق قواعد المسطرة المتبعة في التراب المستدل فيه بالمقرر، و يترتب على ذلك أن طلب تنفيذ الحكم التحكيمي الدولي لا يخضع للمسطرة الواردة في باب التحكيم([4])، إلا أن الصعوبة تكمن إذا كان الحكم التحكيمي الدولي لا يخضع لأية اتفاقية دولية، فهل عند طلب تنفيذه يخضع لمسطرة تنفيذ الأحكام القضائية الأجنبية، أم أنه يخضع لمسطرة تنفيذ الأحكام التحكيمية الوطنية؟.

يرى الأستاذ عبد الله درميش([5]) أنه إذا سكت المشرع يعامل الحكم التحكيمي الدولي معاملة الحكم التحكيمي الوطني في تذييله بالصيغة التنفيذية بالمغرب، و هو نفس المقتضى الذي نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 54 من اتفاقية واشنطن التي جاء فيها ما يلي:" ... يخضع تنفيذ الحكم للقوانين المتعلقة بتنفيذ الأحكام للنفاذ في الدولة المطلوب تنفيذه في أرضها"، وعليه سيتم التطرق للاعتراف و تنفيذ المقررات التحكيمية من خلال نقطتين تخصص الأولى لطلب الاعتراف و تنفيذ  الأحكام التحكيمية الأجنبية أو الدولية (المطلب الأول)، أما الثانية فسيتم التطرق من خلالها للأمر بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي أو الدولي (المطلب الثاني).

المطلب الأول: طلب الاعتراف أو التنفيذ

إن الحكم التحكيمي لا يكون قابلا للتنفيذ بمجرد صدوره عن الهيئة التحكيمية([6])، بل لابد له من تقديم طلب للقضاء المختص قصد الحصول على الصيغة التنفيذية، وهذا الطلب يتقدم به الطرف المحكوم لصالحه.

وأغلب التشريعات تشترط شروطا خاصة، وإجراءات معينة لسلوك مسطرة إعطاء الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي كما تحدد الجهة القضائية المختصة بمنح هاته الصيغة، لذا سيتم تناول طلب تنفيذ الحكم التحكيمي الأجنبي، أو الدولي من خلال التطرق لإجراءات طلب تنفيذ الحكم التحكيمي (الفقرة الأولى)، وكذا الجهة القضائية المختصة نوعيا ومكانيا للأمر بتنفيذ المقررات التحكيمية الأجنبية أو الدولية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: إجراءات طلب تنفيذ الحكم التحكيمي

تحدد الكثير من القوانين، ومنها القانون المغربي إجراءات خاصة من أجل تقديم طلب يرمي إلى تنفيذ الحكم التحكيمي لأن الأمر يتعلق بالتوجه إلى القضاء الرسمي للدولة قصد إضفاء الصيغة التنفيذية على الحكم التحكيمي الأجنبي أو الدولي، وهذه الإجراءات في الغالب هي إجراءات تتعلق بالحكم التحكيمي كوضعه بكتابة ضبط المحكمة المختصة (أولا)، أو الطلب الذي يتقدم به أحد الأطراف قصد الحصول على الصيغة التنفيذية (ثانيا).

أولا: إيداع الحكم التحكيمي

لقد نص الفصل 31-327 من القانون رقم 05-08([7]) على أن يتم ايداع أصل الحكم التحكيمي مصحوبا بنسخة من اتفاق التحكيم مع ترجمتهما إلى اللغة العربية([8]) (إذا كانتا مكتوبين بلغة أجنبية) لدى كتابة ضبط المحكمة، وقد أعطى نفس الفصل لأحد الأطراف، أو المحكمين الحق في القيام بهذا الإيداع([9]).

وقد حدد المشرع المغربي من خلال الفصل 31-327 من القانون رقم 05-08 آجالا محددا لإيداع الحكم التحكيمي([10]) ، غير أنه لم يرتب أي أثر على عدم القيام بهذا الإجراء، أو التأخر في القيام به داخل أجل السبعة أيام سواء في ظل ظهير 1974، أو في إطار القانون رقم 05-08 المتعلق بالتحكيم، والوساطة الاتفاقية، وهو نفس الأمر الذي درج القضاء على العمل به، ونسوق في هذا الصدد قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء جاء فيه ما يلي:" الأمر الذي يدل بصورة صريحة على أن مقتضيات الفصل 320 من ق. م. م تتعلق بالتحكيم الداخلي، ليست هناك أية إشارة في المقتضيات المنظمة للتحكيم في الفصول المشار إليها أعلاه، تستلزم ايداع حكم التحكيم الأجنبي بكتابة ضبظ المحكمة داخل أجل معين، ولا يمكن تبعا لذلك فرض أجل لإيداع مقرر تحكيمي أجنبي لم ينص عليه المشرع، وأن القول بذلك يجافي ما يطالب به من أن يكون دور القضاء مساعدا للتحكيم احتراما لإرادة الأطراف، وليس معرقلا له..."([11]).

ويمكن للأطراف أن يحددوا لهيئة التحكيم أجلا معينا قصد ايداع الحكم التحكيمي بكتابة ضبط المحكمة تحت طائلة المسؤولية التقصيرية([12]) .

إلا أنه هناك حالات تكون فيها هيئة التحكيم غير ملزمة بإيداع الحكم التحكيمي، ولا بتسليمه للأطراف دون وجود أية مسؤولية، وذلك في حالتين اثنتين:

عند وجود مؤسسة تحكيمية تتبع لها هيئة التحكيم، وفي هذه الحالة تكون المؤسسة التحكيمية هي المسؤولة عن إيداع الحكم، وتسليمه للأطراف.

عندما تكون الأتعاب لم تدفع   بعد لهيئة التحكيم أو لمؤسسة التحكيم([13]).

وجدير بالذكر أن هناك مجموعة من التشريعات المقارنة تلزم كاتب الضبط الذي وضع الحكم التحكيمي لديه، أن يسلم للشخص الذي أودعه محضرا بذلك إلا أن المشرع المغربي لم ينص على هذا المقتضى بل جرت العادة في مختلف محاكم المملكة بأن يؤشر كاتب الضبط على نسخة من طلب إيداع حكم التحكيم ويضع عليها طابع المحكمة، وتاريخ الإيداع ويسلمه لصاحبه([14]).

ولابد من الإشارة إلى أن للإيداع مزايا عديدة نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

§   حماية الحكم التحكيمي: يصبح هذا الأخير تحت يد القضاء، الذي يصبح بدوره مسؤولا عن حمايته من الضياع، أو التلف.

§   رفع يد المحكمين عن الحكم التحكيمي: فيما معناه أنه لم تعد للمحكمين أية سلطة على المقرر التحكيمي، إذ لا يمكنه لا تعديله، ولا تغييره.

§   سهولة الرجوع إليه عند الحاجة كما هو حال الأحكام الصادرة عن القضاء الرسمي.

ورغم أهمية الايداع، ومزاياه الكثيرة إلا أنه لا يعطي القاضي حق إصدار الأمر بتنفيذ المقرر التحكيمي الأجنبي، أو الدولي، إلا بعد تقديم المعني بالأمر لطلب بذلك([15])، وهذا الطلب هو الذي سأتناوله في النقطة الموالية.

ثانيا: طلب تنفيذ الحكم التحكيمي

 إن قانون المسطرة المدنية المغربي لم ينص على طلب تنفيذ الحكم التحكيمي، ولا على شروط صحته، إلا أن الفصل الثالث من نفس القانون ينص على أن القاضي يبت في حدود طلبات الأطراف.

وبالتالي فإن طلب تنفيذ الحكم التحكيمي يتم بواسطة طلب موجه إلى الجهة القضائية المختصة، ومن شكلياته تقديمه كتابة، وأن يشار فيه إلى طالب التنفيذ، وإلى المنفذ ضده مع تحديد عنوانه، وأسانيد طلبه، إن هاته الشكليات هي ما تجعل طلب تنفيذ المقررات التحكيمية شبيهة بالمقال الافتتاحي للدعوى([16]).

ويجب أن يكون طلب تنفيذ الحكم التحكيمي مرفقا بالوثائق التالية([17]):

§   أصل الحكم التحكيمي، أو نسخة منه حسب الحالات([18]).

§   نسخة من اتفاق التحكيم، والمراد بهذه النسخة هو أن يتأكد القاضي من مدى احترام المحكمين لاتفاق التحكيم، وأن هذا الأخير قد صدر من ذي أهلية، وصفة.

§   ترجمة مصادق عليها لحكم التحكيم، واتفاق التحكيم إذا كانا صادرين بلغة غير اللغة العربية، وهذه الترجمة يجب أن تكون صادرة عن ترجمان محلف، ومقبولة ترجمته لدى المحاكم، وإذا كانت الترجمة صادرة في بلد غير البلد الذي يراد فيه التنفيذ فإنه يكون بالأحرى أن تصادق المحكمة أولا على الترجمة قبل إرفاقها بطلب التنفيذ.

وتعتبر هاتان الوثيقتان الحد الأدنى من الوثائق التي يجب على طالب التنفيذ الإدلاء بهما، وإذا كان قانون الدولة المستدل فيها بالحكم التحكيمي، أو المطلوب فيها الاعتراف بهذا الحكم، وتنفيذه يتطلب وثائق أخرى زيادة على هاتين الوثيقتين فإن الطالب لا يكون ملزما بذلك لكون اتفاقية نيويورك، والتي يتطلب فصلها الرابع الإدلاء بالوثيقتين السالفتي الذكر فقط، لها الأولوية في التطبيق على النص الداخلي([19]).

       ومن التشريعات من يضيف أن طلب التنفيذ يجب أن يرفق بما يفيد تبليغ الحكم التحكيمي للمحكوم ضده([20])، والقوانين التي تشترط تبليغ المحكوم عليه هي تلك التي تحدد آجالا للطعن بالبطلان ضد الحكم التحكيمي، كالقانون المصري الذي يحدد أجل 90 يوما للمحكوم ضده قصد الطعن بالبطلان ضد الحكم التحكيمي، وقاضي التنفيذ لا يصدر أمره بتخويل الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي إلا بعد انصرام أجل الطعن بالبطلان.

وإذا جاءت كل إجراءات طلب التنفيذ صحيحة، وبالطريقة التي يستلزمها القانون فإن هذا الطلب يجب أن يوجه إلى الجهة المختصة للنظر في طلب التنفيذ، وهو الأمر الذي سنتطرق له في النقطة الموالية.

 الفقرة الثانية: الجهة القضائية المختصة للأمر بتنفيذ الحكم التحكيمي الدولي

قبل الخوض في تحديد الجهة القضائية المختصة بالرقابة على حكم التحكيم الصادر في منازعات العقود الإدارية ذات الطبيعة الدولية فإنه يجب التنويه بأن نطاق هذه الرقابة لا يتعدى كونها رقابة شكلية ومحدودة تنحصر في إطار مراقبة مدى التقيد بالشروط الشكلية لطلب تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية، وفي سلامته من الأسباب التي تبيح الطعن في هذا الحكم، أو في الأمر الصادر عن رئيس المحكمة المختصة، والمتعلق بطلب التنفيذ دون أن تتعدى – الرقابة-  ذلك لموضوع النزاع([21]).

اختلفت التشريعات العربية حول الجهة المختصة التي تنظر في الاعتراف بالحكم التحكيمي الدولي، وتنفيذه، ففي تونس يقدم الطلب إلى محكمة الاستئناف بتونس العاصمة، وهو الأمر الذي أخذ به كل من المشرعين السوري، والمصري، أما المشرع المغربي فقد حدد الجهة القضائية المختصة نوعيا، ومكانيا من خلال الفصل 46-327 من القانون رقم 05-08([22]) الذي ينص على ما يلي:" يعترف بالأحكام التحكيمية الدولية في المملكة إذا أثبت وجودها من يتمسك بها ولم يكن هذا الاعتراف مخالفا للنظام العام الوطني، أو الدولي.

يخول الاعتراف، والصيغة التنفيذية لهذه الأحكام في المغرب وفق نفس الشروط لرئيس المحكمة التجارية التي صدرت في دائرتها، أو رئيس المحكمة التجارية التابع لها مكان التنفيذ إذا كان مقر التحكيم بالخارج"

إلا أنه، ونظرا لخصوصية التحكيم في العقود الإدارية ذات الطبيعة الدولية، وبالرغم من وضوح الفصل 46-327 من القانون رقم 05-08، وإسناده الاختصاص لجهة القضاء التجاري عوضا عن جهة القضاء الإداري فإنه يمكن الجزم بأنه، وإن تم إقصاء القضاء الإداري تشريعيا([23])، فإن اختصاص القضاء الإداري بصفته جهة رقابية على حكم التحكيم الدولي، أو الأجنبي الصادر عقب التحكيم في العقود الإدارية قد عاد على يد القضاء([24]).

فقد جاء في إحدى حيثيات الأمر الصادر عن السيد رئيس المحكمة التجارية بالرباط، بمناسبة الطلب المقدم من قبل " شركة ساليني كونستروتوري س ب أ" ضد الدولة المغربية، ما يلي:" حيث إن الحكم التحكيمي موضوع طلب التذييل بالصيغة التنفيذية صدر في إطار نزاع ناشئ عن تنفيذ صفقة عمومية تتعلق بإنجاز المدار الطرقي المتوسطي.

وحيث إنه واستنادا إلى الفصل 310 من ق. م. م فإنه يوجه اختصاص النظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي الصادر في إطار النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة إلى المحكمة الإدارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها، أو إلى المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذه يشمل مجموع التراب الوطني.

وبذلك فالطلب الحالي موجه لجهة غير مختصة، ويتعين التصريح بذلك"([25]).

ولعل ما ذهب إليه القضاء المغربي لا يشكل نشازا، بل ساير في ذلك ما أقره القضاء الفرنسي([26])، ونظيره المصري([27]) في الموضوع.

إلا أن الإشكال يثور حينما نعمد إلى قراءة نص الفصل 46-327، و كذا نص الفصل 310 من القانون رقم 05-08 قراءة حرفية إذ أن الفصل الأخير يسند الاختصاص النوعي للبت في طلبات تنفيذ المقررات التحكيمية الأجنبية الصادرة في نزاع يكون أحد أطرافه شخص من أشخاص القانون العام إلى القضاء الإداري([28])، لم يرد فصل مماثل له في باب التحكيم الدولي، و هذا ما جعل البعض([29]) يقر بوجود تناقض ما بين الفصلين أعلاه مستندين على حرفية النص، و الصواب أن القراءة الصحيحة للفصلين يجب أن تبتعد عن التفسير الحرفي للفصل 46-327، و أن تأخذ في عين الاعتبار الظرفية السياسية و التاريخية التي جاء فيها القانون رقم 05-08، الأمر الذي يعني أن المشرع المغربي لم يرد سلب القضاء الإداري الاختصاص النوعي للبت في طلبات تنفيذ المقررات التحكيمية الأجنبية.

إلا أن الهفوة التي سقط فيها مشرع القانون رقم 05-08 الذي كان مبرمجا منذ وضعه لكي ينظم التحكيم في المادة التجارية فقط دون المواد الأخرى من خلال إصداره في شكل مدونة مستقلة عن ق. م. م، والتي لم يكتب لها أن ترى النور لأن المشرع المغربي انتهى في نهاية المطاف إلى إدارج القانون رقم 05-08 ضمن ق. م. م دون الأخذ بعين الاعتبار أن المسودة أنداك لا تحمل في طياتها مقتضيات تتعلق بالتحكيم في المواد الأخرى، الأمر الذي جاءت معه الصيغة النهائية مشوبة بالغموض و بالعيوب و ببعض الثغرات([30])التي تنبه لها واضعوا قانون التحكيم و الوساطة الاتفاقية رقم 95.17[31] سواء من خلال المادة الأولى في فقرتها الأخيرة من الباب الأول، و الذي خصص للتعريف بالتحكيم و بالقواعد العامة حيث جاء فيها ما يلي:" { رئيس المحكمة المختصة }: رئيس المحكمة الابتدائية، أو رئيس المحكمة الابتدائية الإدارية، أو رئيس المحكمة الابتدائية التجارية، أو من ينوب عنه.".

كما أن القانون رقم 95.17 أعطى مكنة الأمر بمنح الصيغة التنفيذية للقضاء الإداري في شخص رئيس المحكمة الإدارية من خلال المادة 68  التي جاء فيها ما يلي:" يرجع اختصاص النظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية، عندما يتعلق الأمر بنزاع يكون أحد أشخاص القانون العام طرفا فيه، إلى رئيس المحكمة الابتدائية الإدارية التي سينفذ الحكم التحكيمي في دائرتها، أو إلى رئيس المحكمة الابتدائية الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني".

هذا و لا تملك الهيئة المختصة حق مراجعة الحكم التحكيمي، أو تعديله بالزيادة، أو النقصان، و لا أن تبحث في ملائمة التعليلات التي أسس عليها الحكم، و هو الأمر الذي سبق لاستئنافية البيضاء أن أكدت عليه في أحد قراراتها([32]) إذ جاء في إحدى حيثيات هذا الأخير ما يلي:" ... عملا بالفصل 321 من ق. م. م، فإن المحكمة التي يستأنف أمامها الأمر بإعطاء الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين لا يجوز لها أن تنظر في  موضوع القضية، و لا تملك تعديل حكم المحكمين، و لا إلغاؤه، أو إضافة شيء إليه، و لا أن تراقبه إلا ما تعلق بالنظام العام بما فيه أحكام الفصل 306 من ق. م. م"، و هو الأمر الذي تأكد مرة أخرى في قرار آخر صادر عن نفس الاستئنافية، و الذي جاء فيه ما يلي:"  و حيث إن دفع المستأنف عليها بعدم توصلها  بالبضاعة المطلوب ثمنها نظرا لغرقها في البحر لا يستند على أي أساس قانوني مادامت سلطة القاضي المطلوب منه الاعتراف و التذييل بالصيغة التنفيذية لا تمتد إلى تحقيق القضية الصادر فيها الحكم التحكيمي، أو أن يعيد النظر فيها، إذ تقتصر سلطته على التأكد من مشروعيته الظاهرة للحكم، أي خلوه من العيوب الإجرائية الظاهرة، و لا يجوز له أن يبحث موضوع النزاع، أو يراقب ما قضى به الحكم في جوهر النزاع"([33])، إلا أنه و إن كانت الجهة المختصة بمنح الصيغة التنفيذية ليس من حقها التطرق إلى موضوع النزاع فإنها تملك قدرا من الرقابة على أحكام المحكمين، إذ أنها ملزمة بالتأكد من أنها غير مشوبة بالبطلان المتعلق بالنظام العام، و خصوصا ما رسمه الفصل 306 من ق. م. م دون أن تكون لها الصلاحية بأن تقدر صحة الأسباب و العلل التي اعتمدها الحكم التحكيمي، إذ يكفي أن تراقب وجود هذه التعليلات، و أن لا تكون متناقضة([34]).

كما يجب أن يكون الحكم التحكيمي صادرا في مسألة يجوز فيها التحكيم، وهو شرط لازم لأن الاتفاق على التحكيم في مسائل لا يجوز فيها التحكيم فيه مساس بالنظام العام المغربي وقد نصت عليه كذلك اتفاقية نيويورك في الفصل الخامس منها، والاتفاقية الأوروبية في مادتها السادسة.

وعلة استلزام هذا الشرط أن هناك مسائل تعلو مستوى المصالح الخاصة، وتندرج ضمن المصالح العامة التي يفضل المشرع ترك الفصل فيها للقضاء الرسمي، و هو الأمر الذي جاء في إحدى حيثيات قرار صادر عن محكمة النقض:" و حيث إن رقابة القاضي المانح للصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي في ظل القانون الملغى، أو القانون الجاري به العمل، لا تقتصر فقط على ما تعلق بعدم مساس مقتضياته بمفهوم النظام العام، وإنما تمتد حتى لمراقبة عدم بته في مادة غير تحكيمية و خرقه أو تجاوزه لسند التحكيم، و تثبته من صفة أطراف سند التحكيم، و احترامه حقوق دفاعهم و الإجراءات الشكلية الأخرى، و لما كان التدليس المبرر لطلب إعادة النظر حسب مفهوم الفصل 402 من ق. م. م، هو ذلك الذي يكتشف بعد صدور الحكم المطعون فيه، لا الذي كان معلوما قبله، فإن التدليس المدعى به موضوع الدعوى الماثلة كان مكتشفا قبل صدور الحكم التحكيمي المطعون فيه بإعادة النظر، و كان في متناول الطالب التمسك به أمام القاضي المانح للصيغة التنفيذية الذي له حق بسط رقابته على الحكم التحكيمي الصادر متأثرا به، ولذلك كانت المحكمة على صواب فيما نحت إليه من " أن الأمر لا يتعلق بالتدليس المعتمد في مفهوم الفصل 402 من ق. م. م، و إنما يندرج تحت رقابة القاضي المانح للصيغة التنفيذية"، و لم تخلط بين الطعن بإعادة النظر في الحكم التحكيمي، و رقابة قاضي التذييل بالصيغة التنفيذية عليه و من تم لم يخرق قرارها أي مقتضى، و أتى معللا بشكل سليم، والسبب على غير أساس"([35]).

المطلب الثاني: الأمر بتنفيذ المقررات التحكيمية الأجنبية أو الدولية

يقتصر دور القاضي على نظام  المراقبة دون المراجعة، بمعنى أن القاضي المستدل أمامه بالحكم التحكيمي الدولي أو الأجنبي يتعين عليه أن يقوم بالتحقق من توافر الشروط الخارجية للحكم دون أن يلجأ إلى مراجعة الحكم في موضوعه سواء من حيث الواقع، أو القانون، لأن في نظام المراجعة مساس بالحجية التي يكتسبها الحكم التحكيمي و فيه أيضا  إهدار لقيمته الدولية، و مجافات للتعاون الدولي في ميدان القضاء، و خلق صعوبات، و تعقيدات قانونية وواقعية أمام القاضي البعيد عن ظروف القضية، و مناخها، إضافة إلى أنه ليس جهة استئنافية، و الجهة المختصة بنظر الطعن ببطلان الحكم([36])، ناهيك على أن اتفاقية نيويورك لا تسمح بنظام  المراجعة في أصل الموضوع من جديد([37]).

ولتفعيل سلطته الرقابية الخارجية على حكم التحكيم أوكل له المشرع المغربي مهمة التحقق من توافر شرطين أساسين:

أولهما: قابلية النزاع للتحكيم (الفقرة الأولى)، و ثانيهما عدم مخالفة هذا الحكم التحكيمي للنظام العام الوطني، و الدولي(الفقرة الثانية)، و هما من أسباب رفض منح الصيغة التنفيذية التي يملك القضاء التمسك بها من تلقاء نفسه، و يمارس من خلالها دورا رقابيا واضحا، و في هذا الصدد قضى المجلس الأعلى قبل تسميته محكمة النقض في قرار له صادر بتاريخ 7-7-1992 على ما يلي:" لما كان النزاع الذي صدر فيه القرار المطعون فيه يتعلق بمنح الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين، فإن المحكمة لم يكن لها إلا أن تتأكد من أن مقررهم لم يكن مشوبا بعيب البطلان، و بالخصوص ما يتعلق بالنظام العام، و لا يجوز لها أن  تنظر في الموضوع الذي فصل فيه المحكمون"([38]).

الفقرة الأولى: قابلية النزاع للتحكيم

إن أهم وجه من أوجه رفض منح الصيغة التنفيذية لأحكام المحكمين عدم قابلية النزاع للتحكيم، وفي هذا إعمال للسياسة العامة التي ينتهجها المشرع بشأن نظام التحكيم بصفة عامة، والنطاق الذي يمارس فيه، فعند ممارسة القضاء لدوره الرقابي من خلال التحقق من قابلية النزاع للتحكيم من عدمه يعود في ذلك إلى قانونه الوطني، وليس للقانون المطبق على النزاع([39]) .

وقد تصدت غالبية التشريعات الحديثة لتحديد المسائل التي لا يجوز فيها التحكيم([40])، و المشرع المغربي لم يخرج بدوره عن هذه القاعدة، حيث نص على عدم جواز إبرام اتفاق التحكيم بشأن تسوية النزاعات التي تهم حالة الأشخاص، وأهليتهم، أو الحقوق الشخصية التي لا تكون موضوع تجارة ( الفصل 309 من ق. م. م)([41])، و كذا عدم جواز أن يكون محل التحكيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة، أو الجماعات المحلية، أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية، و كذا المقتضيات المتعلقة بتطبيق قانون جبائي ( الفصل   310من ق. م. م)([42]).     

الفقرة الثانية: عدم مخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام الوطني والدولي

معرفا لمفهوم النظام العام الوطني، والدولي ذهب القرار عدد 220 الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار  البيضاء إلى ما يلي:" و حيث إن الأمر المستأنف حينما رفض تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية في جزئه المتعلق بتمديد شرط التحكيم لشركة اينا هولدينغ أسس قضائه على كون هذا التمديد فيه مساس بالنظام العام المغربي، و يعتبر إجراء باطلا مستوجبا لرد الطلب  في مواجهتها مستندا في ذلك  إلى كون القانون الواجب التطبيق بمقتضى العقد الذي ورد فيه شرط التحكيم هو القانون السويسري، و الذي ثبت – لقاضي التذييل- أنه لا يتضمن أي  مقتضى قانوني صريح يخص تمديد اتفاق التحكيم للغير.

لكن حيث إن مفهوم النظام العام الذي وجب على قاضي الصيغة التنفيذية مراقبة مدى عدم خرق تنفيذ (أو الاعتراف بـ) الحكم التحكيمي له لا علاقة له بما طبقه المحكمون على النزاع من قوانين، أو قواعد، وما اعتمدوه من تفسير، وتأويل لهذه القوانين، والقواعد إذ أن هذا المفهوم مرتبط بالمبادئ الأساسية سواء الإجرائية، أو الموضوعية السائدة في النظام القانوني لمحكمة التذييل، أو الاعتراف، وليس بالمبادئ الأساسية في بلد القانون الذي اختاره الأطراف للتطبيق على النزاع، أو لبلد تنفيذ العقد، أو لبلد مقر التحكيم.

وحيث إن السؤال الذي وجب على قاضي الصيغة التنفيذية طرحه أثناء نظره في طلب الاعتراف، أو، التذييل بالصيغة التنفيذية هو:

هل النتيجة المادية الملموسة التي يرتبها الحكم التحكيمي تصطدم مع مقتضيات النظام العام أم لا؟

(تراجع بهذا الخصوص مقالة القاضي موهيب معمري، رئيس غرفة محكمة النقض اللبنانية تحت عنوان: l’exécution des sentences arbitrales étrangères et des sentences rendues localement en droit libanais, p: 16).

و حيث إن المتفق عليه دوليا أن النظام العام الدولي، و الوطني يتضمن: المبادئ الأساسية المتعلقة بالعدالة، و الأخلاق الحميدة التي تسعى الدولة إلى حمايتها، و القواعد، و الأحكام التي تهدف خدمة المصالح الأساسية، أو الاجتماعية، أو الاقتصادية للدول، و المتعارف عليها تحت  اسم القوانين التوجيهية، أو الآمرة مطلقا loi de police ، و الالتزامات الدولية التي يجب على الدولة احترامها اتجاه الدول الأخرى، أو المنظمات الدولية ( تراجع في هذا الشأن التوصيات عدد 2/2002 لرابطة القانون الدولي  بخصوص الطعن المبني على مفهوم النظام العام كسبب لرفض الاعتراف أو تذييل المقررات التحكيمية المنبثقة – أي التوصيات الصادرة على المؤتمر السبعين لرابطة القانون الدولي المنعقد بنيودلهي الهند من 2 إلى 6 أبريل 2002-.

و كمثال لهذه المبادئ الأساسية المرتبطة بالنظام العام الدولي، و الوطني القواعد العليا المشتركة بين الأمم كالقواعد التي تحرم الرشوة للموظف العام، و الاستيلاء على المال العام غصبا، و تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، و بتنفيذ الالتزامات بحسن نية، و الوفاء بالعهود، و كمثال لبعض  القوانين التوجيهية، أو الآمرة مطلقا تلك المتعلقة بحماية المنافسة الاقتصادية، و بحماية المستهلك، و بالقانون الجنائي، و بالقانون المتعلق بصعوبات المقاولة ( خاصة منه  قاعدة وقف المتابعات الفردية)، و بالأحكام القطعية الثابتة في الشريعة الإسلامية ( مثلا أحكام الإرث).

و حيث إن الأمر المستأنف بالإضافة إلى كونه لم يبين مقتضى النظام العام الذي من شأنه الاعتراف بالحكم التحكيمي القاضي بتمديد شرط التحكيم لشركة اينا هولدينغ ،أو مقتضيات القانون السويسري ليخلص بأن هذا القانون لا يتضمن أي مقتضى صريح يخص تمديد اتفاق التحكيم للغير، و باعتماده على القانون السويسري المطبق على النزاع للقول بوجود خرق للنظام العام المغربي دون أن يبين أي علاقة بين القانون المذكور، و النظام العام المغربي يكون قد جانب إطار مهمته المحددة بمقتضى الفصل 46-327 من ق. م. م ، ولم يجعل لقضائه أساسا قانونيا سليما"([43]).          

إضافة إلى الشرطين أعلاه فإن اتفاقية نيويورك تقتضي ألا يقع رفض تذييل الأحكام التحكيمية الأجنبية إلا في أحوال معينة تناولتها إحدى القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف التجارية بقولها:" وحيث إن المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك نصت على أنه لا يرفض طلب الاعتراف، والتذييل إلا إذا قدم الطرف المطلوب ما يثبت توفر أحد الأسباب المذكورة على سبيل الحصر([44])، وهي:

أهلية أطراف التحكيم طبقا للقانون الواجب التطبيق، أو عدم صحة اتفاق التحكيم طبقا للقانون الذي اختاره أطراف النزاع، وفي حالة عدم الاتفاق على ذلك طبقا لمكان صدور الحكم.

إن الطرف الذي صدر الحكم ضده لم يبلغ بشكل صحيح بمنطوق الحكم، أو بإجراءات التحكيم، أو أنه لم يكن بمقدوره أن يبدي دفاعه.

إن الحكم قد انصب على خلاف ما ترد الإشارة إليه في مشارطة التحكيم، أو أن الحكم يتضمن قرارات تتجاوز ما نصت عليه مشارطة التحكيم.

إن تشكيل هيئة التحكيم، أو إن إجراءات التحكيم لا تتطابق مع ما اتفق عليه الأطراف، أو مع قانون الدولة التي جرى فيها التحكيم في حالة عدم وجود اتفاق بين الأطراف على ذلك.

إن الحكم لم يصبح بعد ملزما للأطراف، وأنه بطل، أو أوقف العمل به من السلطة المختصة في البلد الذي صدر فيه الحكم طبقا لقانون ذلك البلد.

وإن المستأنف عليها يقع عليها عبئ إثبات أي حالة من الحالات المذكورة"([45]) .

و بإمعان النظر في أسباب الرفض الواردة في الفصل الخامس من اتفاقية نيويورك يتضح أنها نفس  الحالات التي توجب التشريعات الداخلية عادة انعدام توفرها في أحكام المحكمين حتى يتم الاعتراف بها، أو يؤمر بتنفيذها، و هذا دليل على أن الأصل هو الاعتراف بالحكم التحكيمي، و تنفيذه متى توافرت شروط ذلك، والاستثناء هو عدم الاعتراف، و عدم التنفيذ إّذا توافرت إحدى الأسباب، و هذا إن دل على شيء إنما يدل على أن اتفاقية نيويورك لم تترك لمحاكم الدول المنضمة إليها كامل الحرية لرفض الاعتراف بأحكام المحكمين، و تنفيذها، و إنما وضعت في الفصل الخامس نظاما موضوعيا، و إجرائيا متكاملا ينظم هذه المسألة.  

لائحة المراجع:

عبد الله درميش: القضايا المعاصرة للتحكيم الدولي، الرقابة القضائية على الأحكام التحكيمية الأجنبية والدولية في الدول المعاصرة، مقال منشور في المجلة المغربية للوساطة والتحكيم، العدد 04، لسنة 2009.

عبد الله درميش: مفهوم التحكيم الدولي إلى أين؟، مقال منشور بدفاتر محكمة النقض التحكيم والوساطة الاتفاقية، العدد 25، لسنة 2016.

محمد وردي: الاعتراف والتنفيذ في الاتفاقيات الثنائية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية، ظهر المهراز، فاس، السنة الجامعية 2012-2013.

محسن شفيق: دراسة في قانون التجارة الدولية، مقال منشور في مجلة القانون والاقتصاد للبحوث القانونية والاقتصادية، العددين 3-4 لسنة 1974.

محمد فاضل الليلي: تذييل أحكام التحكيم بالصيغة التنفيذية، مقال منشور بالمجلة المغربية للوساطة والتحكيم، العدد5، لسنة 2011.

حمزة أحمد حداد: التحكيم في القوانين العربية، الجزء الأول، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2007.

مصطفى بونجة: التحكيم الداخلي والدولي في العقود الإدارية والمدنية، دراسة لأهم الاشكالات العملية والنظرية وفقا للقانون المغربي والقوانين المقارنة، الطبعة الأولى 2015، المطبعة الأمنية –الرباط.



[1] - منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

- القسم الثاني من الباب الثالث من مجلة التحكيم التونسية، من الفصل 79 إلى الفصل 82.

- الفصل 56 من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994.

- المادة 54 من قانون التحكيم السوري رقم 4 لسنة 2008.

- المواد من 52 الى 56 من قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001.

[2] - لابد هنا من التفرقة بين صفتي المقررات التحكيمية الأجنبية، و الدولية، فإذا  كان من السهل التميز بين التحكيم الوطني الذي ينتمي بجميع عناصره، و مقوماته إلى دولة معينة، و بين التحكيم غير الوطني ( الأجنبي، أو الدولي) الذي تتخلل أحد عناصره، أو مكوناته إحدى العناصر الأجنبية، أو لا ينتمي برمته إلى دولة معينة، كما هو الحال في المعاملات التجارية الدولية، التي تعتبر مرتعا خصبا لتحكيم لا يكون وطنيا أبدا، و انما يوصف إما بالأجنبي، أو الدولي، فإن الوقوف على التمييز بين تعبير " دولية التحكيم" ، و" أجنبيته" هو من المسائل المعقدة، و الدقيقة في نفس الوقت لتشابك هذين المصطلحين  فيما بينهما، و لأن الأمر يتطلب اضفاء جنسية دولة معينة على تحكيم لم تجتمع كل عناصره في دولة واحدة، كما أن  الأمر قد يؤدي كذلك إلى تنازع عدة جنسيات بالنسبة لتحكيم واحد.

و بالفعل فإن التحكيم الذي ليس وطنيا محضا في بلد معين يمكن أن يكون كذلك في بلد آخر، غير أنه يمكن أن يكون أيضا دوليا، أي منقسما بين بلدان مختلفة بما يكفي لانتمائه إلى عدة أنظمة قانونية وطنية، أو منفصلا عن كل هذه الأنظمة  بما يكفي == == لوصفه بالدولي حقيقة، إلا أن التمييز عمليا يكون ضعيفا، لأنه إذا كان مثلا تحكيم تونسي صرف، و أثير في المغرب، فهذا يدل على أنه له نقطة ارتباط واحدة على الأقل بالمغرب كإقامة الطرف المحكوم عليه بموجب الحكم المطلوب تنفيذه في المغرب، و في إطار دقة التمييز بين صفة الأجنبية، و الدولية عقدت عدة مؤتمرات دولية عرفت جدلا قويا حول التفرقة بين حكم التحكيم الأجنبي، و حكم التحكيم الدولي خصوصا عند وضع مشروع اتفاقية نيويورك، إذ اقترحت غرفة التجارة الدولية بباريس استعمال مصطلح" قرار التحكيم الدولي" الذي يعتمد على قاعدة مادية أكثر ملائمة، أو على بعض الاعتبارات كعادات التجارة الدولية التي تكون مجموعة قواعد تطبق على مختلف أوجه النشاط التجاري الدولي، بغض النظر عن الأنظمة القانونية للدول. إلا أن اتفاقية نيويورك لسنة 1958 فضلت استعمال مصطلح " الأجنبية" ومن خلال استقراء الفصل الأول منها نلاحظ أن صفة الأجنبية لا تسبغ فقط على القرارات التي تنتمي إلى دولة غير الدولة المطلوب فيها الاعتراف بالمقررات التحكيمية، وتنفيذها، بل كذلك المقررات الغير معتبرة بمثابة مقررات وطنية في الدولة المطلوب فيها الاعتراف بها، وتنفيذها.

ويفهم من ذلك أن تعبير الدولية أوسع من تعبير الأجنبية، لأن التحكيم الدولي يشمل التحكيم الأجنبي، أي ذلك الذي يقطع صلته بأي نظام قانوني وطني، وكذلك التحكيم الذي يرتبط في عنصر، أو أكثر من عناصره المتعددة بنظام، أو نظم قانونية لدولة، أو لعدد من الدول.

وتأسيسا عليه فإن التحكيم يوصف بالدولي حينما لا يمكن أن ترتبط المنازعة فيه، أو التحكيم نفسه بدولة معينة، وبذلك فإنه يشمل معظم حالات التحكيم التي توصف بالأجنبية.

فالتحكيم حسب رأي كل من "فوشار"، و"لا ليف" يكون دوليا عندما لا يتعلق من جميع النواحي بدولة واحدة، وذلك بطبيعة النزاع، وجنسية الطرفين، أو المحكمين، أو الموقع، أو المسطرة، أو عندما لا تنتمي سائر نقاط الاتصال إلى نفس الدولة بكيفية مجتمعة.

ويمكن أن يظهر الطابع الدولي لتحكيم ما على مستويين: الأول تحكيم دولي بسبب العناصر الخارجية المختلفة التي تطبع سير هذه الآلية لفض النزاعات، أما المستوى الثاني فيتعلق بموضوع النزاع الذي يكون موضوعا للتحكيم.

 في حين يقصد بالصفة الأجنبية لحكم تحكيمي كونه لم يصدر في الدولة المطلوب إليها هذا الاعتراف، وهذا التنفيذ كدولة ذات سيادة، بل صدر من هيئة تحكيم انعقدت في دولة أجنبية متمتعة بسيادة أخرى بصرف النظر عن موضوع التحكيم.

والخلاصة أن التحكيم الأجنبي هو الذي يجري وفق اجراءات منصوص عليها في قانون أجنبي واحد، أو وحده الذي يجب أن يستند إلى قانون وطني تعينه قواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص.

أما التحكيم الدولي فهو الذي يشتمل على عنصر أجنبي كاختلاف جنسية الخصوم أو مكان التحكيم، أو أن تكون عناصره مزيجا من تشريعات وطنية مختلفة.

- عبد الله درميش: القضايا المعاصرة للتحكيم الدولي، الرقابة القضائية على الأحكام التحكيمية الأجنبية والدولية في الدول المعاصرة، مقال منشور في المجلة المغربية للوساطة والتحكيم، العدد 04، لسنة 2009، ص: 6-7-8.

- عبد الله درميش: مفهوم التحكيم الدولي إلى أين؟، مقال منشور بدفاتر محكمة النقض التحكيم والوساطة الاتفاقية، العدد 25، لسنة 2016، ص: 09.

- محمد وردي: الاعتراف والتنفيذ في الاتفاقيات الثنائية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية، ظهر المهراز، فاس، السنة الجامعية 2012-2013، ص: 64.

- محسن شفيق: دراسة في قانون التجارة الدولية، مقال منشور في مجلة القانون والاقتصاد للبحوث القانونية والاقتصادية، العددين 3-4 لسنة 1974، ص: 44.

[3]- إن التزام الدول المتعاقدة بالاعتراف بقوة الحكم التحكيمي، و تنفيذه هو جوهر الاتفاقية، و قطب رحاها الذي تدور حوله، و هو الالتزام الذي نص عليه الفصل الثالث بقوله " تعترف كل دولة من الدول المتعاقدة بقوة أي مقرر تحكيمي وتسمح بتنفيذه وفق قواعد المسطرة المتبعة في التراب المستدل فيه بالمقرر..."، بمعنى أن هذه القاعدة تعتبر هي الأصل في نظام الاتفاقية لأنها تفرض التزاما عاما على الجهات القضائية للدول المنضمة للاتفاقية بالاعتراف بالحكم التحكيمي، و تنفيذه، و يمنع عليها رفض تنفيذه إلا في حالات ضيقة جدا واردة  على سبيل الحصر في الاتفاقية.( للمزيد من التفصيل حول هذه النقطة الرجو الرجوع إلى الفصل الخامس من الاتفاقية ، و كذلك حول تحليلها دور التحكيم التجاري الدولي، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، العددان 64، و 65، يناير – أبريل 1992 ، ص: 11).

[4] - هذا ما أكدته محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في القرار الصادر عن الغرفة التجارية عدد 980 بتاريخ 23-05-1985، في الملف عدد 83/1573 إذ جاء في إحدى حيثياته ما يلي:" حيث إن قانون المسطرة المدنية في باب التحكيم لا يميز بين القرار التحكيمي الأجنبي، والوطني من حيث المسطرة الواجب سلوكها للحصول على الصيغة التنفيذية (غير منشور).

[5] - عبد الله درميش: القضايا المعاصرة للتحكيم ...   م.س، ص: 10.

[6] - هناك بعص الدول لا تتطلب أي إجراء لتنفيذ الحكم التحكيمي بل ينفذ مباشرة بعد صدوره: كالنمسا، والنرويج، كما أن هناك بعض الدول تتطلب فقط تأشيرة موظف إداري كالسويد، وفنلندا.

 ورغم هذا يجب الحصول على أمر بالتنفيذ حتى، ولو كان قانون الدولة التي صدر في دائرتها هذا الحكم يجيز تنفيذ القرارات الأجنبية، - ومن بينها الحكم المغربي - دون قيد، أو شرط.  وتكاد أغلب التشريعات تشترط لنفاذ الحكم التحكيمي تذييله بالصيغة التنفيذية من سلطة عامة هي في قليل من القوانين موظف إداري مثل السويد، وفنلندا، وفي كثير من القوانين هي السلطة القضائية إما في مسطرة غير تواجهية، أو كما يسميها البعض صيغة تنفيذية رجائية، أو في مسطرة حضورية، ويطلق عليها التواجهية.

[7] - يقابل هذا الفصل المادة 78 من قانون التحكيم والوساطة الاتفاقية التي جاء فيها ما يلي:" يثبت وجود الحكم التحكيمي بالإدلاء بأصله مرفقا باتفاق التحكيم أو نسخ من هاتين الوثيقتين تتوفر فيهما شروط الصحة المطلوبة==

== إذا كانت الوثيقتان المذكورتان غير محررتين باللغة العربية، وجب الإدلاء بترجمة لهما مشهود بصحتها من لدن مترجم مقبول لدى المحاكم".

[8] - جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يلي:" حيث تتمسك الطاعنة ضمن أوجه استئنافها بعدم ارفاق طلب منح الصيغة التنفيذية لحكم التحكيمي بنسخة عقد التحكيم المترجمة إلى اللغة العربية طبقا لمقتضيات المادة 4 من اتفاقية نيويورك المؤرخة في 10-06-1958 ما يجعل المقرر التحكيمي باطلا، ويتعين معه إلغاء الأمر القاضي بتذييله بالصيغة التنفيذية.

وحيث إنه طبقا للمادة الرابعة من اتفاقية نيويورك المؤرخة في 10-06-1958، يشترط لقبول  الاعتراف ، و تذييل حكم تحكيمي أجنبي بالصيغة التنفيذية  أن يدلي الطالب بأصل الحكم  التحكيمي، أو صورة منه مستوفية  لشروط التصديق، أصل اتفاق التحكيم سواء كان شرطا في عقد، أو اتفاق  تحكيم أبرم بعد قيام النزاع ،أو صورة منه  مستوفية لشروط التصديق، و أنه  اذا لم تكن  الوثائق المذكورة محررة باللغة  الرسمية  للبلد المراد التنفيذ فيه فعلى الطالب أن  يقدم ترجمة رسمية للوثائق المذكورة بلغة البلد المطلوب التنفيذ فيه  على أن تكون معه الترجمة منجزة من طرف ترجمان رسمي، أو محلف من قبل جهة دبلوماسية أو قنصلية.

وحيث إن اكتفاء المستأنف عليها بالإدلاء بمجرد ترجمة جزئية حرة لاتفاق التحكيم لا يقوم مقام الترجمة الكلية الرسمية لاتفاق التحكيم المتطلبة وفق المادة الرابعة من الاتفاقية الآنفة الذكر ما ينفي معه شرط من شروط قبول طلب الاعتراف، أو تذييل الحكم التحكيمي الأجنبي بالصيغة التنفيذية.

وحيث يتعين تبعا لذلك اعتبار الاستئناف دون حاجة لبحث باقي أوجهه الأخرى، وإلغاء الأمر المستأنف، والحكم من جديد بعدم قبول الطلب".

- قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 2217/2011، الصادر بتاريخ 17/05/2011ـ، في الملف عدد 5414/2010/4، (غير منشور).

[9] - تنص الفقرة الثانية من الفصل 31-327 من القانون رقم 05-08، والموافقة للمادة 65 من مشروع قانون التحكيم والوساطة الاتفاقية في فقرتها الثانية كذلك على ما يلي:" يودع أصل الحكم التحكيمي مصحوبا بنسخة من اتفاق التحكيم مع ترجمتها إلى اللغة العربية لدى كتابة ضبط المحكمة من لدن أحد المحكمين، أو الطرف الأكثر استعجالا داخل أجل سبعة أيام كاملة التالية لتاريخ صدوره".

[10] - هاته الآجال حسب المادة 31-327 من القانون رقم 08-05 حددت في سبعة أيام كاملة.

1)       [11] - قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء عدد 3875/08، في الملف عدد 1193/1/2007- 1795/2008/4، الصادر بتاريخ 26-08-2008، منشور بأشغال الندوة الدولية بالناظور المعنونة ب: " الوسائل الودية لفض المنازعات الوساطة التحكيم الصلح- مقاربات، وتجارب متعددة، منشورات الحقوق المغربية سلسلة الأعداد الخاصة، العدد الرابع، ماي 2012"، ص: 208، وما يليها إلى حدود 2015.

- أنظر كذلك القرار عدد 1818 الصادر عن الغرفة التجارية القسم الأول بالمجلس الأعلى -سابقا محكمة النقض حاليا- بتاريخ 09-12-2010في الملف التجاري عدد 2009/1/3/168، منشور بدفاتر محكمة النقض، التحكيم والوساطة الاتفاقية، العدد 25، لسنة 2016، ص: 283 وما بعدها إلى حدود 289.

[12] - محمد فاضل الليلي: تذييل أحكام التحكيم بالصيغة التنفيذية، مقال منشور بالمجلة المغربية للوساطة والتحكيم، العدد5، لسنة 2011، ص: 68.

[13] - حمزة أحمد حداد: التحكيم في القوانين العربية، الجزء الأول، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2007، ص: 454.

[14] - محمد فاضل الليلي: تذييل أحكام التحكيم...، م.س، ص: 69.

[15] - تنص الفقرة الأولى من الفصل الثالث من ق.م.م على ما يلي:" يتعين على المحكمة أن تبت في حدود طلبات الأطراف، ولا يسوغ لها أن تغير تلقائيا موضوع…"

فيما معناه أن القاضي يبث في حدود الطلب.

[16] - وهو الأمر الذي ذهب إليه الاجتهاد القضائي المغربي، من خلال مجموعة من القرارات نذكر على رأسها القرار عدد 1489/2006 الصادر بتاريخ 31-03-2006، عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، في الملف عدد 4/2005/3890 والذي جاء في إحدى حيثياته ما يلي:" .... حيث يتجلى من وثائق الملف، والأمر المستأنف أن الشركة فان رول تقدمت لرئيس المحكمة التجارية بمقال التمست من خلاله تذييل الحكم التحكيمي الصادر عن مركز الوساطة والتحكيم لغرفة التجارة، والصناعة، والخدمات بالدار البيضاء..."، قرار منشور بالمجلة المغربية للوساطة، والتحكيم، العدد 5، السنة 2011، ص: 198 وما يليها إلى حدود 204.

[17] - ينص الفصل الرابع من اتفاقية نيويورك على أنه يجب على الفريق الذي يطلب الاعتراف، والتنفيذ أن يقدم في آن واحد، مع الطلب الأوراق التالية:

أ- أصل المقرر التحكيمي يشهد بصحته قانونا، أو نسخة منه تتوفر فيها الشروط المطلوبة لصحتها.

ب- أصل اتفاق التحكيم المكتوب وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل الثاني، أو نسخة من هذا الاتفاق التحكيمي تتوفر فيه الشروط المطلوبة لصحته.

[18] - في هذا الصدد جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يلي:" حيث تمسكت المستأنفة بكون نسخة الحكم المدلى بها و خلافا لما ورد بالأمر المستأنف لا يمكن الاعتداد بها لكونها مجرد نسخة شمسية يشهد شخص يدعى ايمانويل جوليفي بأنها مطابقة للأصل، و أنه كان على المستأنف عليهما أن يقوما على الأقل بتصحيح إمضاء هذا الشخص لدى السلطات القنصلية المغربية أو الديبلوماسية بفرنسا حتى يسوغ لهما الاستدلال بهذه النسخة في المغرب تطبيقا لاتفاقية التعاون القضائي بين المغرب، و فرنسا المؤرخة في 05/1/1975، و البرتوكول الإضافي المؤرخ في 10/08/1981.

لكن حيث إن الثابت من المادة 28 من نظام غرفة التحكيم الدولية أنه يمكن تسليم نسخ مصادق عليها طبقا للأصل من طرف الأمانة العامة للغرفة دون أي إجراء آخر، وحيث إن الثابت من نسخة الحكم التحكيمي المدلى بها أنها فعلا نسخة مطابقة للأصل، وأن السيد ايمانويل جوليفي باعتباره مستشارا عاما في الغرفة هو من شهد على هذه الصحة مما يكون معه ما أثير بخصوص تطبيق اتفاقية التعاون بين فرنسا، والمغرب لا يجد مجالا لتنزيله على النازلة ويبقى نظام غرفة التجارة الدولية هو الواجب التطبيق إذ أن الأطراف بلجوئهم إلى التحكيم لدى هذه الغرفة يكونون قد ارتضوا الاحتكام إلى هذا النظام"

- قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 220، الصادر بتاريخ 15-01-2015، في الملف رقم 2669/8224/2013(غير منشور)

وجاء في قرار آخر ما يلي:" وحيث أنه خلافا لما تمسك به الطرف المستأنف من كون المستأنف عليها لم تدل بأصل الحكم التحكيمي فإن الثابت من المقال الرامي إلى تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية أنه أرفق بأصل الحكم التحكيمي الحامل للتوقيعات الأصلية للمحكمين"

- قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم: 4049/214، الصادر بتاريخ 22-07- 2014، في الملف عدد 4/13/2115، (غير منشور).

[19] - ذلك أن الفصل 39-327 من القانون رقم 08-05 المتعلق بالتحكيم، والوساطة الاتفاقية يستوجب عدم الإخلال بما ورد في الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من لدن المملكة، والمنشورة بالجريدة الرسمية، نفس النص حافظ عليه قانون التحكيم والوساطة الاتفاقية رقم 95.17  من خلال المادة 71 منه.

كما جاء في إحدى حيثيات قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء:" إن الاتفاقية الدولية بشأن الاعتراف، وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية هي الواجبة التطبيق"، قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء عدد 2006/5369، الصدر بتاريخ 12-03-1998، في الملف عدد 1095/98، (غير منشور).

[20] - من هذه التشريعات المشرع المصري الذي نص على هذا المقتضى من خلال المادة 56 من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994.

[21] - للمزيد من التفاصيل حول نطاق الرقابة القضائية على حكم التحكيم بصفة عامة، وحكم التحكيم المتعلق بالعقود الإدارية المرجو الرجوع إلى:

- نهال اللواح: القاضي الوطني والتحكيم التجاري الدولي ـ دراسة مقارنةـ أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية، الاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، السنة الجامعية 2012-2013، ص: 651-652.

- مصطفى بونجة: التحكيم الداخلي والدولي في العقود الإدارية والمدنية، دراسة لأهم الاشكالات العملية والنظرية وفقا للقانون المغربي والقوانين المقارنة، الطبعة الأولى 2015، المطبعة الأمنية –الرباط،، ص: 325-326.

[22] -   القانون رقم 08-05 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-07-169 بتاريخ 19 ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007)، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5584، الصادرة بتاريخ 25 ذي القعدة 1428 (6 ديسمبر 2007).

[23] - وهنا نتحدث عن القانون رقم 05-08 فقط، وليس التشريع المغربي بصفة عامة إذ أن الفصل 08 من القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الادارية يعطي الاختصاص للقاضي الإداري للبث في تنفيذ المقررات التحكيمية الصادرة في المادة الإدارية، والفصل هذا باعتباره نصا خاصا يطبق بالأولوية على القانون رقم 05-08 الذي يندرج ضمن قانون المسطرة المدنية الذي يعتبر نصا عاما، تطبيقا للمبدأ القائل بأولوية تطبيق النص الخاص على النص العام.

[24] - مصطفى بونجة: تنفيذ الأحكام التحكيمية وفقا للتشريع المغربي، مقال منشور بالمجلة المغربية للتحكيم العربي والدولي، العدد الثاني 2016، ص: 82-83.

[25] - أمر رقم 670 صادر عن رئيس المحكمة التجارية بالرباط، بتاريخ 18-06-2012 في الملف رقم 414/3/2012،

- منشور كذلك بمجلة التحكيم العالمية العدد، 22 لسنة 2014، في باب الاجتهاد القضائي المغربي، مع تعليق أستاذنا خالد زاهر، ص: 825 وما يليها إلى حدود828.

- أنظر كذلك قرار محكمة النقض عدد 241، الصادر عن الغرفة الإدارية ( القسم الأول) بتاريخ 7-03-2013، في الملف عدد 414/3/2012، و التي أيدت الأمر المستأنف أمامها و الصادر عن رئيس تجارية البيضاء ، نظرا لكون الأحكام المتعلقة بالاختصاص النوعي تستأنف أمام محكمة النقض باعتبارها هيئة استئنافية طبقا للفقرة الثانية من المادة 13 من القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية التي جاء فيها ما يلي:" و للأطراف أن يستأنفوا الحكم المتعلق بالاختصاص النوعي أيا كانت الجهة القضائية الصادر عنها أمام محكمة النقض التي يجب عليها أن تبث في الأمر داخل أجل ثلاثين يوما يبتدئ من تسلم كتابة الضبط بها لملف الاستئناف".

[26] - حاولت محكمة التنازع الفرنسية إيجاد حل للتمييز بين اختصاص القضاء الإداري في مجال التحكيم في العقود الإدارية من جهة، و من جهة ثانية مجالات تدخل القضاء العادي في مجال التحكيم في العقود الإدارية، ذلك أن هذا الحكم  اعتبر في تعليله فيما ذهب إليه بأن الطعن المنصب على المقررات التحكيمية الصادرة في فرنسا، و المبنية على اتفاق تحكيمي، و المتعلقة بنزاع حول تنفيذ، أو فسخ العقود المبرمة بين أحد أشخاص القانون العام الفرنسي من جهة، و من جهة ثانية  بين أحد أشخاص القانون الخاص الأجانب، و المتعلقة بمصالح التجارة الدولية من جهة أخرى، يعود الاختصاص فيه للقضاء العادي للنظر في== == هذه الطعون. في حين أنه إذا تعلق الأمر بالطعون المنصبة على المقررات التحكيمية الصادرة بفرنسا والمبنية على اتفاق تحكيمي، والمتعلقة بنزاع حول تنفيذ، أو فسخ العقود المبرمة بين أحد أشخاص القانون العام الفرنسي من جهة، ومن جهة ثانية بين أحد أشخاص القانون الخاص الأجانب، والمتعلقة بعقود الشراكة، وعقود احتلال الملك العام، وعقود التدبير المفوض، والصفقات العمومية، ففي هذه الحالة يعود الاختصاص للقضاء الإداري للنظر في هذه الطعون.==

==- Malik LAAZOUZI : l’impérativité, l’arbitrage international des contrats administratifs et le conflit de loi à propos de l’arrêt du tribunal des conflits du 17 mai 2010, INSERM c/ fondation sausgstad, revue critique de droit international privé 2011, p : 653.

[27] - في هذا الصدد جاء في أحد الأحكام الصادرة عن محكمة القضاء الاداري بالقاهرة ما يلي:" وحيث أنه ترتيبا على ما تقدم، فإن الدفع بعدم اختصاص هذه المحكمة ولائيا بنظر الدعوى الماثلة على سند من أحكام المادة التاسعة من القانون رقم 27 لسنة 1994، و التي أناطت بمحكمة استئناف القاهرة الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إذا كان التحكيم تجاريا دوليا سواء جرى في مصر، أو في الخارج ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر، فهذا الدفع في غير محله ذلك أن المنازعة الماثلة لا تتعلق بعقد من عقود التجارة الدولية، و إنما تتعلق بعقد إداري ثبت في حقل القانون العام، و تحت مظلته، و على ما سلف البيان، و لا يغير مما تقدم كون هذا العقد يصطبغ بصبغة تجارية فإن ذلك لا ينفي عنه كونه عقدا إداريا"، حكم محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، الدائرة السادسة، عقود و تعويضات،  في الدعوى رقم 18628 لسنة 59 ق، بتاريخ 19-02-2006، أورده محمد عبد المجيد اسماعيل: القانون العام الاقتصادي، و العقد الاداري الدولي الجديد .... م.س، ص: 583.

[28] - تجدر الإشارة إلى أن الاختصاص المنعقد للمحكمة الإدارية ينعقد لقضاة الموضوع لإعطاء الصيغة التنفيذية وليس لرئيسها في نطاق سلطاته الولائية.

[29] - ومنهم على سبيل المثال:

- محمد صابر: ملاحظات حول القانون رقم 05-08 المتعلق بالتحكيم، مقال منشور بدفاتر محكمة النقض، التحكيم والوساطة الاتفاقية، العدد 25، لسنة 2016، ص: 91-92.

- مصطفى بونجة ونهال اللواح: نطاق التحكيم في المنازعات الإدارية وفقا لقانون المسطرة المدنية المغربي، مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية، العدد 111، لسنة 2013، ص: 87.

[30] - خالد زاهر: تعليق على بعض الأوامر والقرارات القضائية، مقالة منشور بمجلة التحكيم العالمية، العدد 22، لسنة 2014، ص: 837.

[31] - ظهير شريف رقم 34.22.1 صادر في 23 شوال 1443 ( 24 ماي 2022) بتنفيذ القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، منشور بالجريدة الرسمية عدد 7099، المؤرخة في: 13 ذو القعدة 1443 ( الموافق لـ 13 يونيو 2022).

[32] - قرار استئنافية الدار البيضاء الصادر بتاريخ 14-11-1997، في الملف عدد97/1784، منشور بمجلة الإشعاع، عدد 16، ص: 186.

- كذلك نفس المقتضى جاء في القرار رقم 2295 الصادر عن استئنافية القنيطرة بتاريخ 10-10-1995، في الملف عدد 93/3169، منشور بمجلة الاشعاع، عدد 27، ص: 227.

[33] - قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، عدد 3875/08، ملف عدد 1193/1/2007- 1795/2008/4، صادر بتاريخ 26-08-2008، قرار منشور بأشغال الندوة الدولية بالناظور" الوسائل الودية لفض المنازعات الوساطة التحكيم الصلح"، م.س، ص: 208، وما بعدها إلى حدود 215.

[34] - وهذا ما جاء في إحدى حيثيات القرار عدد 1766، الصادر عن المجلس الأعلى قبل تسميته محكمة النقض بتاريخ 07-07-1992، منشور بمجلة القضاء، والقانون، عدد 144، ص: 151.

[35] - القرار عدد 1/3 الصادر عن الغرفة التجارية بمحكمة النقض (القسم الأول) بتاريخ 03-01-2013 في الملف عدد 1500/1/3/2011، منشور بدفاتر محكمة النقض، التحكيم والوساطة الاتفاقية، العدد 25، لسنة 2016، ص: 203-204.

[36] - محمود مختار بربري: التحكيم التجاري الدولي، دار النهضة العربية، الطبعة الثانية 1999، ص: 295.

[37] - عبد الله درميش: القضايا المعاصرة للتحكيم الدولي...، م.س، ص: 18.

[38] - القرار رقم 1766 الصادر غن المجلس الأعلى – سابقا محكمة النقض حاليا- بتاريخ 7-7-1992، في الملف المدني عدد 1277/1988، قرار منشور بمجلة القضاء، والقانون، العدد 144، ص: 155-156.

[39] - سعيد المعتصم: دور القضاء في مراقبة عمل المحكمين" دراسة مقارنة"، مقال منشور بأشغال الندوة الدولية التي نظمتها الكلية المتعددة التخصصات بالناظور، تحت عنوان " الوسائل الودية لفض المنازعات الوساطة- التحكيم- الصلح"..........، م.س، ص: 144.

[40] - ومن أبرزها التشريع الفرنسي، ونظيره المصري.

[41] -أصبحت المادة 15 من قانون التحكيم والوساطة الاتفاقية والمقابلة للفصل أعلاه تنص على ما يلي:" لا يجوز أن يبرم اتفاق التحكيم بشأن تسوية النزاعات التي تهم حالة الأشخاص وأهليتهم أو الحقوق الشخصية الخارجة عن دائرة التعامل".

[42] - أصبح المادة 16 من مشروع قانون التحكيم والوساطة الاتفاقية، تقابل الفصل المشار اليه أعلاه.

[43] - قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، رقم 220، الصادر بتاريخ 15-01-2015، في الملف رقم 2669/8224/2013(سبقت الإشارة له).

[44] - هنا نلاحظ أن اتفاقية نيويورك استبعدت الأعباء التي تقع عادة – استنادا إلى القواعد العامة- على عاتق طالب التنفيذ، و لذلك فإن هذه الاتفاقية قد سلكت منهجية أخرى مخالفة للمنهجية العامة في الإثبات، و افترضت توفر جميع شروط التنفيذ، ووضعت على عاتق الخصم (المطلوب في التنفيذ) اثبات توافرها، بمعنى أن اتفاقية نيويورك قد قلبت عبء الإثبات، و عكست القاعدة العامة  السائدة في القانون، التي تكرس قاعدة الإثبات على المدعي، و ألقت بهذا العبء على المطلوب في التنفيذ بحكم أنه هو المحكوم عليه في الحكم التحكيمي مما يتحتم عليه أن يدفع عنه مشقة تنفيذ الحكم التحكيمي، و ذلك بأن يدلي بما يفيد أن الحكم التحكيمي المراد تنفيذه عليه لا يستجمع كل الشروط التي تجعله صحيحا.

وهكذا على طالب التنفيذ في ظل اتفاقية نيويورك ليحصل على أمر بالصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي أن يتقدم بطلبه إلى الجهة القضائية المختصة، وبالحد الأدنى من الوثائق المنصوص عليها في الفصل الرابع مما يجعل على كاهل الخصم لدفع هذا التنفيذ أن يثبت إحدى الحالات المنصوص عليها في الفصل الخامس من ذات الاتفاقية.

[45] - قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 1719/2010، الصادر بتاريخ 02-04-2010، في الملف عدد 5601/2009/04 (غير منشور).


إرسال تعليق

0 تعليقات