لتحميل عدد المجلة الذي يتضمن المقال بصيغته الرقمية pdf الرابط أذناه:
https://www.allbahit.com/2022/12/49-2022-30-pdf-httpsdrive.html
الأستاذ عبد الله ايت الطالب
رئيس مصلحة
كتابة النيابة العامة بإبن جرير - باحث في سلك الدكتوراه بكلية العلوم القانونية –
جامعة القاضي عياض مراكش
حدود رقابة محكمة النقض على سلطة قاضي الموضوع الجنائي عند تقديرية
العقوبة
The limits of the Cassation Court's control over the
judge's authority at the discretion of
the sentence
مقدمة:
إذا سلمنا بأن التناسب التشريعي
بين الجرم والعقوبة المستحقة، يتحقق في مرحلة التقنين التشريعي للجزاء، فإن
التناسب القضائي يتحقق في مرحلة تطبيق العقوبة، وهي الفترة التي يسمح فيها للقاضي
الزجري نظرا لما يمتلكه من صفات ومزايا بسلطة تقديرية في اختيار صنف وكم الجزاء
العقابي الذي يوقع على المتهم كرد فعل للجرم المقترف. ولأن ممارس القاضي للسلطة
التقديرية في تحديد العقوبة وجرعتها تكون تكملة للعمل التشريعي، وذلك باستخراج
التحديد الواقعي للعقوبة من التحديد المجرد لها، بغية تحقيق الملائمة بين ذلك
التحديد التشريعي وبين مختلف الحالات الواقعية.
اعتبارا لذلك أعطت جل الأنظمة
الجنائية للقاضي الزجري صلاحية حصر العقوبة بين حدها الأقصى والأدنى، طبقا لقاعدة
تفريد العقاب، وإمكانية منح الظروف المخففة، أووقف تنفيذ العقوبة، كما منحه
صلاحيات اختيار العقوبات المناسبة والمستحقة من العقوبات التي سنها المشرع الجنائي[1]. مما يفيد وضوحا أن
القاضي الزجري يتوفر على سلطة تقديرية واسعة في تدبير العقوبة باعتماد المعايير
المحددة في النص التجريمي والخاصة بالحدين الأدنى والأقصى، ومراعاة ظروف التشديد
العينية أو الشخصية إن توافرت.
إلا أن الواقع الحالي أظهر أن
استغلال القاضي الجنائي لمفهوم السلطة التقديرية عند تحديد واختيار العقوبة
وإفرادها أدى في كثير من الأحيان إلى مشكلة اختلال التناسب عند التقدير القضائي للعقوبة،
إضافة إلى تفشي ظاهرة التضخم العقابي وتباينه في القضية الواحدة، مما عجل بضرورة
المناداة بتوحيد معايير التقدير القضائي للعقوبات على مستوى الممارسة، وتفعيل دور
الرقابة القضائية على أحكام قضاة الدرجة الدنيا[2].
وللإحاطة بهذه الإشكالات سنتناول
في هذه الدراسة انعكاسات غياب مبدأ التناسب القضائي (المبحث الأول)، قبل أن نتطرق
لنطاق رقابة محكمة النقض على قاضي الموضوع الجنائي في اختيار وتقدير العقوبة(المبحث
الثاني).
المبحث الأول: انعكاسات غياب مبدأ التناسب عند التفرد القضائي للعقوبة.
تعد سلطة القاضي التقديرية
مقصودا هي سلطته في التقويم والتقدير، سواء كانت متعلقة بتقدير الأدلة أو البراءة أي
السلطة التي تمكن القاضي من الحكم بقدرته على التقدير والتقييم والقياس[3]. أو بتعبير أدق سلطة
القاضي الجنائي في التوفيق والموازنة أساسا بين المصالح المتعارضة بما فيها مصلحة
الفرد في المحافظة على حقوقه وحرياته، ومصلحة الدولة في صون كيانها ونظامها[4]. واعتبارا لذلك فإن مجال
السلطة التقديرية للقاضي الزجري: يشمل شقين: أولهما يقترن بقناعاته في تقدير وسائل
الإثبات المعروضة أمامه لتكوين قناعته الصميمة حول نسبة الجرم إلى المتهم أو
براءته منها. والثاني يتعلق بتقدير العقوبة المناسبة له في إطار الفريد القضائي
للعقاب. وهو ما يهمنا حاليا.
وإذا كانت فكرة تفريد العقاب لا
يثير أي إشكالات من الناحية النظرية الصرفة، إذ أن القاضي الجنائي يمتلك سلطة في
تقدير العقوبة وتفريدها في نطاق الحدين الأدنى والأقصى المقررين في القانون مراعيا
في ذلك خطورة السلوك الإجرامي وشخصية الجاني وظروفه (الفصل 141 من القانون
الجنائي)، إلا أنه في المقابل فإن الممارسة القضائية أفرزت تفاوتا من محكمة إلى
أخر ومن قاض إلى أخر وحسب ظروف كل قضية على حدا، وكذا تبعا لتباين طبائع أو أمزجة وقناعات
قضاة الأحكام الزجرية[5].
وتجسيدا لمنطق اتساع هامش السلطة
التقديرية المسموح بها للقاضي الزجري في تفريد العقوبة وتقديرها، وما لذلك من أثار
هامة على تنزيل سياسة العقاب، تضمن المؤتمرين الدوليين السابع والثامن لقانون
العقوبات[6]، وكذلك مؤتمر الأمم
المتحدة الخامس لمكافحة الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد في جنيف سنة 1975 توصيات
بهذا الشأن منها:
-
أن السياسة الجنائية العصرية في تفريد العقاب تفترض ضرورة منح القاضي سلطة تقديرية
واسعة في تقدير العناصر المختلفة للدعوى، أساسا فيما يتعلق بتقدير الأدلة وإثبات
الإدانة، وتحديد واختيار العقوبات والتدابير الوقائية.
-
كون مبدأ قانونية الجرائم والعقوبات الذي هو الضمانة الجوهرية للحريات
الفردية لا يمكن أن يحول دون منح القاضي الجنائي سلطة التفريد للعقاب.
-
ولتفعيل السلطة التقديرية المقررة للقاضي الزجري يجب أن يضع القانون رهن إمرته
مجموعة متنوعة ومتعددة من العقوبات والتدابير الوقائية، حتى يتسنى له اختيار وتقدير
العقوبة المستحقة أو التدبير المناسب والملائم.
ولاشك أن مشكلة التقدير القضائي
للعقوبة، تزايدت حدتها مع السنوات الأخيرة وأضحت شغلا شاغلا للمهتمين والباحثين في
الدارسات الجنائية وأبحاث علم السياسة على وجه التحديد، وظهرت كنتيجة للسلطة
التقديرية التي تركها القانون الجنائي للقاضي لأجل تقدير العقوبة وتفريدها ،بحيث
للقاضي سلطة تقديرية في تفريد العقاب ضمن النطاق الكمي والنوعي للعقوبة المقررة
للجريمة، وانه يتمتع بسلطة استثنائية تسمح له بتجاوز النطاق المحدد أساسا ،نحو
التخفيف أو التشديد ،ففي حالة توافر الظروف المخففة يجوز للقاضي النزول بالعقوبة
المقررة إلى ما دون حدها الأدنى المنصوص عليه أو الحكم بعقوبة أخرى أخف نوعا منها
. وعند توافر ظروف التشديد يجب عليه أو يجوز له الارتفاع بالعقوبة العينية فوق
حدها الأعلى، أو الحكم بدلا عنها، أو إضافة عقوبة أخرى إليها -أخذ بعين الاعتبار
توجه المشرع الجنائي- وفي ذلك إتاحة السبيل لاستعمال أصوب للسلطة التقديرية مراعاة
للظروف الواقعية ومعالجة للنقص التشريعي وتطويرا للقانون.
والملاحظ أن الظروف المخففة
بمعناها الواسع، إما أن تكون ظروف قضائية يقدرها القاضي في كل حالة على حدة ويترخص
في إعمالها وإغفالها. وإما أن تكون ظروف يقدرها المشرع ذاته ويترتب عليها آثارها،
ويطلق عليها الأعذار القانونية، وهذه الأخيرة تكفل المشرع بتحديدها حصرا، وإلزام
القاضي بالتخفيف عند توفرها. بينما لم يحدد الظروف القضائية المخففة، وترك للقاضي
سلطة استخلاصه ما يعتبر مبررا لتخفيف العقوبة، مما جعل التخفيف تفريدا قضائي جوازي
في هذه الحالة والأعذار القانونية خلاف ذلك وسيلة للتفريد التشريعي.
والحقيقة أن المشرع الجنائي
أعطى للقضاء الجنائي سلطة تقديرية في اختيار وتحديد العقوبة وتفريدها، ومن تم مكنه
بطريقة غير مباشرة من صلاحيات واسعة في تطبيق السياسة العقابية[7]، حيث يصطلح على هذا
الامتياز في التشريع الجنائي بالقناعة اليقينية لقاضي الموضوع الزجري. غير أنه من الموضوعية
بما كان أن يبرز نقاش لحضي حول مدى شروط نضج هذه القناعة بالنسبة للقضاء الزجري
العربي عموما؟، والقضاء الجنائي المغربي على وجه الخصوص[8]؟.
وجوابا على التساؤل لاحظ جانب
من الفقه الجنائي، بأن القاضي الزجري في أغلب الحالات لا يتوفر على تكوين مثالي في
مجال اختيار وتحديد العقوبة[9]،إذ استحضرنا الخصاص المهول للقضاة أمام الكم الهائل من القضايا الزجرية
التي تعج بها المحاكم والتي تثقل كاهل القضاة، إضافة إلى غياب تخصص القاضي الجنائي
منذ تكوينه، ومنه فلكي توصف العقوبة بأنها مستحقة
من جهة وعادلة محققة لأهداف التناسب المتوخاة منها. فيجب على القاضي الزجري أن
يكون متملكا لمقومات ومهارات الفن القضائي الزجري -إن صح التعبير- متشبعا بمبادئ
الفكر الحديث للسياسة القضائية الجنائية، ومكتسبا للتكوين المطلوب في هذا المجال
متوفر على الملكات والآليات التقنية والفنية لتهيئ ملف متكامل عن الجاني ودوافعه
الإجرامية وملزما عند تحديد العقوبة أو التدابير الوقائية في أحكامه أن تكون معللة
بشكل واضح وكاف[10].
والأكيد أن واقع الممارسة القضائية تتباين بصدد اختيار وتقدير
العقوبة في نفس الوقائع المعروضة وظروفها بين محكمة وأخرى كما قلنا، بل وحتى بين
هيئة وأخرى داخل نفس المحكمة، بحيث تكون إحداهما مبالغة في العقوبة إلى حد التشدد،
والأخرى تتصف بالرأفة والتخفيف حسب قناعات القاضي وشخصيته وبناءه النفسي وخبراته
المهنية في استخدام سلطته، مما يوحي للباحث في كثير من الأحيان غياب الحكمة من
وراء هذا التوافق واختلاف التناسب والتوافق بين الأحكام والقرارات، لذلك نعتقد أن
سلطة القاضي الجنائي في تقدير العقوبة ليست سلطة متعسفة، وإنما يجب أن تمارس في سياق
المشروعية و طبقا لمبادئ القانون الطبيعي والعدالة التي تضمن عدم التحكم، تلافيا
للتشدد فتهدر حقوق الأفراد وتفقد المواطن ثقته في العقوبة السالبة للحرية، أو
تتراخى الأحكام عن أهداف وأغراض الجزاء فنكون أمام ظاهرة الإفلات من العقاب أو
تكديس السجون بالعقوبات غير النفعية سالبة للحرية قصيرة المدة[11]. وفي هذا الصدد، نادى
جانب من الفقه بضرورة العمل على توحيد معايير التقدير عند القاضي الزجري بمناسبة
تفريده العقوبة في مختلف مراحل المحاكمة والالتزام بعناصره محددة يجب مراعاتها عند
إصدار الأحكام القاضية بالعقوبة أو التدابير الوقائية[12]، وأن توضح في البناء
المنطقي للأحكام عند تعليلها.
من ناحية أخرى، فإن المسألة تدق
كذلك عندما يطرح تساؤلا لا يقل أهمية عن سابقه عما إذا كانت مهمة القاضي الجنائي
ودوره الفاعل في إطار تطبيق السياسة الجنائية تبيح له إمكانية تجاوز حدود التشريع
بحجة العقوبة المبررة، لإهدار القيمة القانونية ومبدأ شرعية النص التشريعي
الجنائي؟ ؛فالواقع يؤكد أن هذه الفكرة كان لها دور ووجود في الممارسة القضائية،
ذلك أن أبرز مفاتيح السياسة الجنائية أتت من جانب التطبيق القضائي، نذكر منها
نظرية الظروف المخففة ونظرية العقوبة المبررة La Peine Justifiée، حيث أن التنوعات الموجودة داخل "الظروف" تسمح للقاضي
الجنائي باختيار موقفا ما وفق سياسة جنائية معينة، وفي بعض الأحيان يؤكد جانب من
الفقه أنه من السهل الاهتداء إلى السياسة الجنائية التي ينتهجها القاضي الزجري.
وفي أحيان أخرى لا يكون الأمر كذلك. ويصعب اكتشاف توجه القاضي وفكر السياسة
الجنائية الذي تأثر به إن كان أصلا متأثرا بفكر حداثي[13]، وعند اكتشاف الحكمة
وراء أحكام القضاء الزجري تكون مبررة تبريرا منطقيا، وبالتالي يسلم من انتقادات
شراح القانون الجنائي، لكن في حالة التي يكون وراء القاضي سياسة جنائية مفروضة
تلزمه بان يسلكها في قراراته وأحكامه ومثاله القرارات المرتبطة بجرائم الإرهاب،
وبعض الجرائم المرتبطة بالرأي العام والتي إن تأثرت بها يحدث مساسا بمبدأ الشرعية.
ب- مدى رقابة النقض على سلطة
القاضي الجنائي في تقدير العقوبة[14]؟:
إن الاعتراف بوجود السلطة
التقديرية الموكلة بالقاضي الزجري في مجال اختيار وتقدير العقوبة مسالة في غاية من
الأهمية، ذلك أنه ليس باستطاعة الشارع الجنائي أن يلم بكل الأنماط التي يمكن أن
يظهر عليها السلوك الإجرامي للإنسان الذي يشكل ضررا على المصالح محل الحماية
القانونية فالقاضي الزجري متروك له أمر تقدير مدى توافر عناصر الجريمة من حيث أركانها
المادية والمعنوية[15]؛ وتقتضي العدالة أن يكون
هناك تناسب بين ما يفرضه القاضي الزجري من عقوبة وبينما يتمتع به المتهم من حرية
في الاختيار واقتراف للجرم، تبعا لتباين الظروف الاجتماعية والنفسية والاقتصادية،
فباستثناء العقوبات ذات الحد الواحد كالإعدام والسجن المؤبد، نجد القاضي يملك سلطة
تقدير العقوبة بين الحدين الأعلى والأدنى، ولا يعد تحديد المشرع للعقوبة على هذا
النحو ومنح سلطة تقديرية للقاضي إهدارا لمبدأ الشرعية الجنائية،
و بالرغم من منح المشرع القاضي
الجنائي سلطة تقديرية في تحديد الجزاء الملائم،إلا أن
هذا لا يعني تحكم القاضي وعدم خضوعه مطلقا لرقابة محكمة النقض بل يتوجب عليه أن
يمارس سلطته التقديرية ضمن النطاق والشروط التي حددها القانون الجنائي، وهو خاضع
في ذلك لمحكمة النقض، فقد تضمن المؤتمر الدولي لقانون العقوبات في دورته السابعة
المنعقدة بأثينا سنة 1956توصية تفيد أن مبدأ قانونية التجريم والعقاب لا يتعارض مع
منح القضاء سلطة تقديرية موسعة لتحقيق غايات السياسة العقابية الحديثة في تفريد
العقاب[16]، غير أن هذه السلطة
التقديرية لا يجب أن تعتبر سلطة تحكمية، إنما يجب أن تمارس في نطاق قانوني يتفق مع
المبادئ الأساسية التي يؤمن بها المشرع. وأنه يستحسن أن يستعين القاضي عند مباشرة
هذه السلطة التقديرية بمبادئ قانونية محددة يطبقها على الحالات الموضوعية التي
تعرض عليه[17].
وطالما أن ميدان السلطة التقديرية للقاضي الزجري: يشمل مجالين: أولهما يتعلق بتقدير
قيمة أدلة الإثبات إعمالا لفكرة حرية القاضي في تكوين اقتناعه كأحد المقومات الرئيسية
للعملية القضائية، حيث يملك قاضي الموضوع سلطة تقديرية في قبول أو رد أو ترجيح
الأدلة، والمجال الثاني: يقترن باختيار العقوبة المستحقة للجاني في إطار تفريد
العقاب، ولا سيادة لرقابة محكمة النقض إلا على الشق القانوني للدعوى الجنائي ،أما جانب
الواقع فيخرج من نطاق رقابتها إلا ما اقترن بمراقبة مدى اعتماد قاضي الموضوع للمنطق
القضائي لتسبيب الأحكام والذي بنى عليه اقتناعه[18]، تطبيقا
للقاعدة الراسخة فقهيا أن محكمة النقض لا تبسط رقابتها على قضاء الموضوع، لماذا
اقتنع بل تراقب بماذا اقتنع؟ ، ولأن التميز بين الواقع والقانون والمعايير مثار
جدل إجرائي لم يتم الحسم فيه بعد،ومنها إشكالية ما إذا كان تقدير العقوبة مسألة
واقع صرف؟ أم يختلط فيها الواقع بالقانون؟ وتزداد حدة الخلاف عند عدم
تحديد محكمة النقض لمعايير ضابطة للتفرقة بين ما هو من مسائل الواقع فيخرج عن
رقابتها أو من مسائل القانون فتخضعها للرقابة[19]،
مما يؤدي حتما إلى عدم إدراك قاضي الموضوع حدود سلطته التقديرية باعتبار أن هذه
الأخيرة هي القطاع الحيوي للقاضي الذي يمكن أن يمارس فيه مبدأ حرية الاقتناع[20].
وفي هذا السياق، تبنت محكمة
العليا المصرية حديثا مبدأ قضائيا جديدا بشأن سلطتها في الرقابة على الأحكام
الصادرة من المحاكم الجنائية، وبالتحديد فيما يتعلق بسلطة تقدير العقوبة ، وذلك في
قرارها الصادر في 10 يوليوز 2019، حيث بسطت محكمة النقض رقابتها على تقدير محكمة
الموضوع للعقوبة في القضية المعروفة إعلاميا ب "أحداث كرداسة" وقد عللت
قرراها بكون تقدير محكمة الموضوع للعقوبة لا يعدوأن يكون خاتمة مطاف الموضوع
ومحطته النهائية. فمن غير المقبول عقلا ومنطقا أن يبقى تقدير العقوبة بمنأى عن
رقابة محكمة النقض، دون حاجة لنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر موضوعه[21].
وبالرجوع الاتجاه محكمة النقض بالمغرب
وقبلها المجلس الأعلى نلاحظ أن المستقر عليه أن تقدير العقوبة من المسائل التي يختص
بالنظر فيها قاضي الموضوع ولا حق لمحكمة النقض أن تلتفت إليها أو تبسط رقابتها
عليها، وبذلك فإن نطاق الظروف المخففة والتي ترك أمرها لقاضي الموضوع الذي له سلطة
إعمالها أو إهمالها حسب ما يطمئن إليه من خلال ظروف الجريمة وشخصية مرتكبها فالأمر
جوازي للقاضي[22]،بخلاف نظام الأعذار
المخففة للعقوبة التي يفرض القانون فيها على القاضي بأن يخفف العقوبة عند توفرها
لأنها وسيلة للتفريد القانوني.
بينما يعتبر تقدير ظروف التشديد
ووجودها من عدمه مسألة موضوع لا رقابة لمحكمة القانون عليها إلا في حدودها العامة،
أما تحديدا الظروف القانونية المشددة وأثرها في العقوبة أو في وصف الواقعة المادية
للجرم وتطبيقها على المتهم، فتعد من الأمور المشمولة برقابة النقض، وهوما كرسته
محكمة النقض في اجتهاداتها المتواترة نذكر منها القرار عدد 778/9 بتاريخ 2015/5/7،
الذي اعتبر القرار الاستئنافي مشوبا بعيب نقص التعليل لعدم تبريرها للأسباب
القانونية وعناصر استخلاص ظروف تشديد، وهو ما يعرضه للنقض والإبطال[23].
وفي هذا السياق ،فإن استخدام الظروف
المخففة التقديرية أو وقف تنفيذ العقوبة يخضع لرقابة محكمة النقض، أما إذا لم
تستخدم ظروف المخففة ولم يتم منح وقف التنفيذ فلا تخضع بذلك لرقابة النقض. وهذا ما
أكدته محكمة النقض في قرار صادر عنها بتاريخ 2015.1.15 حينما اعتبرت أن ما ذهبت
إليه محكمة الموضوع من جعل العقوبة نافذة في جزء منها وموقوفة في الباقي دون ما
تعليل بشأن وقف التنفيذ لا ينسجم والمقتضيات القانونية الواجبة التطبيق وخصوصا
الفصول 16 و 55 و 146 و 147 وما يليه من القانون الجنائي والمادة 438 من قانون
المسطرة الجنائية إذ أنه وطبقا لمقتضيات الفصول والمادة أعلاه فإنه من غير الممكن
وقف تنفيذ العقوبة جنائية، ولا يمكن العدول عن عقوبتها إلا إذ توافرت ظروف قضائية
مخففة من شأنها أن تنزل بالعقوبة السجنية عن حدها الأدنى وتسمح بالتالي بتطبيق
عقوبة حبسية قد ينتج عنها تمتيع المتهم بوقف التنفيذ عند عدم وجود نص خاص يمنع ذلك
تطبيقا للمادة 438 قانون المسطرة الجنائية التي تمنح لغرفة الجنايات أن تنظر عند الاقتضاء
في تمتيع المتهمين بإيقاف تنفيذ العقوبة إذا تبين لها أن الظروف متوافرة في المحكوم
عليه وأن العقوبة التي انتهت إليها هي
عقوبة حبسية لا سجنية، مما جاء القرار المطعون فيه خارقا للقانون وفاسدا يعرضه
للنقض والإبطال[24].
هكذا يتضح ختاما أن اتساع هامش سلطة
التقدير الممنوحة للقضاة في تفريد العقاب في أنظمة جنائية مقارنة يوحي بلا محدودية
نطاق الصلاحيات التقديرية في استخدام العقوبة دون تعقيب أو رقابة من محاكم النقض
إلا في حدود ضيقة ،في ظل غياب معايير قضائية مضبوطة وموحدة قد أثر بلا شك سلبا لا
إيجابا على السياسة القضائية الجنائية وتحديدا في الأنظمة المخلصة للمذاهب
التقليدية، هذه الحدة يظهر لنا أنها تخف في الأنظمة الجنائية الأنجلوسكسونية التي
وأن أعطت مجالا واسعا للقاضي في إعمال سلطته التقديرية في تقدير العقوبة وأحيان
أخرى تتجاوز صلابة مبدأ الشرعية بتليينه ،إلا أنها تمارس في إطار من التناسب بين
الجرم ورد الفعل العقابي وتحت رقابة المحكمة العليا،وهي تجربة نرى أن تقتدي بها
الممارسة القضائية في بلادنا ، على أن تؤطر إشكالية التقدير العقابي،
ومعاييره، وحدود امتداد الرقابة باجتهادات
قضائية لمحكمة النقض توحيدا للعمل القضائي، في انتظار تدخل تشريعي يرفع البس ويحدد
نطاق السلطة التقديرية لقاضي الموضوع الجنائي.
لائحة المراجع:
إدريس لكريني، السلطة التقديرية
للقاضي الزجري، الطبعة الأولى، مطبعة فضالة، الرباط، 2004.
عبد الرحيم صدقي، السياسة
الجنائية في العالم المعاصر، القاهرة، مصر، 1987.
عبد الله الفاصل عيسى، السلطة
التقديرية نظرا وتطبيقا دراسة تأصيلية مقارنة، مقال منشور بالموقع الالكتروني http://arabslowyer.com/article تاريخ الاطلاع 20/9/2020 على الساعة الثانية
والنصف زوالا.
فهد الكساسبة، وسائل وضوابط
السلطة التقديرية للقاضي الجزائي في التفريد العقابي، مقال منشور بمجلة علوم
الشريعة والقانون، مج 42، ع 1. 2015.
سهيلة بوزلافة، مبدأ عدم
الإفلات من العقاب، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة سيدي
محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، 2017/2018.
مولاي الحسن الإدريسي، السياسة
العقابية بالمغرب التحديات والإصلاحات، أطروحة لنيل الدكتوراة في القانون الخاص
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا الموسم الجامعي 2017-2018.
أكرم نشأت إبراهيم، الحدود
القانونية لسلطة القاضي الجنائي في تقدير العقوبة، الإسكندرية،2002.
حاتم حسن موسى بكار، سلطة
القاضي الجنائي في تقدير العقوبة والتدابير، منشأة الإسكندرية 2002.
منصور أسحق إبراهيم، ممارسة
السلطة وآثارها في العقوبات، دار الرائد للطباعة، القاهرة 1984.
مستاري عادل، المنطق القضائي
ودوره في ضمان سلامة الحكم الجزائي، رسالة دكتوراة فرع القانون الجنائي جامعة محمد
حيضرة بسكرة الجزائر، 2010-2011.
عادل عزر، النظرية العامة في
ظروف الجريمة، أطروحة لنيل درجة الدكتورة جامعة القاهرة، 1967.
[1]- إدريس لكريني، السلطة التقديرية للقاضي الزجري، الطبعة
الأولى، مطبعة فضالة، الرباط، 2004، ص 205.
[2]- من الفقه من يرى وعن حق أن توجهات محكمة النقض في
توحيد الاجتهادات القضائية مهم لتطبيق أهداف السياسة الجنائية، من حيث توجيه
القضاء إلى تلافي الاختلافات الشاذة. على أن مقررات النقض تبقى ذات قيمة وإن كانت
تعبر عن آراء قضاتها الشخصية، في مناقشة سلامة أو عيب السياسة الجنائية القضائية
التي تنهجها المحاكم الزجرية ومحكمة النقض.
- عبد الرحيم
صدقي، السياسة الجنائية في العالم المعاصر، القاهرة، مصر، 1987، ص 104.
-
[3]عبد الله الفاصل
عيسى، السلطة التقديرية نظرا وتطبيقا دراسة تأصيلية مقارنة، مقال منشور بالموقع
الالكتروني http://arabslowyer.com/article تاريخ الاطلاع 20/9/2020
على الساعة الثانية والنصف زوالا.
[4]- فهد الكساسبة، وسائل وضوابط السلطة التقديرية
للقاضي الجزائي في التفريد العقابي، مقال منشور بمجلة علوم الشريعة والقانون، مج
42، ع 1. 2015، ص 339.
[5]- سهيلة بوزلافة، مبدأ عدم الإفلات من العقاب، أطروحة
لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، 2017/2018، ص 236.
[6]-
المؤتمر السابع المنعقد في أثينا خلال الفترة الممتدة ما بين 26 سبتمبر إلى غاية 2
أكتوبر 1957 والمؤتمر الثاني الذي انعقد في لشبونة إبان الفترة ما بين 21 و27
شتنبر عام 1961.
[7]- أعطى المشرع المغربي للقاضي الجنائي إمكانية
المؤاخذة بعقوبة مخففة أو مشددة حسب الأحوال كلما ثبت لديه واحد أو أكثر من
الأعذار القانونية المخفضة للعقوبة أو أحد أو أكثر الظروف المشددة المقررة في
القانون. وقد نصت الفصول من 146 إلى 151 من القانون الجنائي على هذه الأعذار وظروف
التخفيف، بينما نص الفصل 153 من القانون الجنائي على ظروف التشديد بقوله، يحدد
القانون ظروف التشديد المتعلقة بجنايات أو جنح معينة، كما نص في الفصل 152 قبله
على أنه، تشديد العقوبة المقررة في القانون بالنسبة لبعض الجرائم، ينتج عن ظروف
متعلقة بارتكاب الجريمة أو بإجرام المتهم،
[8]- مولاي الحسن الإدريسي، السياسة العقابية بالمغرب
التحديات والإصلاحات، أطروحة لنيل الدكتوراة في القانون الخاص كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا الموسم الجامعي 2017-2018، ص 163.
[9]-Michel Jean aout, La politique pénale au Maroc, T 2, p
26.
[10]- الأمن القضائي وجودة الأحكام جمعية عدالة بشراكة مع
FRIEDRICH EBERT ST/ PTUNG
الألمانية مطبعة دار القلم، الرباط، 2013، ص 106.
[11]- أكرم نشأت إبراهيم، الحدود القانونية لسلطة القاضي
الجنائي في تقدير العقوبة، الإسكندرية،2002، ص 7-8.
[12]- لقد اعتبر جانب من الفقه أن عملية إصدار الأحكام من
أشد العمليات الفنية تعقيدا، لأن نتائجها المباشرة وغير المباشرة يتجاوز المحكوم عليه
لتمتد إلى الضحية ونظام العدالة الجنائية برمته.أنظر:
- علوي جعفر، عجوزات مرافق العدالة الجنائية،
بعض التجليات وسبل المعالجة، المرجع السابق، ص 61.
[13]- عبد الرحيم صدقي، السياسة الجنائية في العالم المعاصر،
المرجع السابق، ص 104-105.
[14]- حاتم حسن موسى بكار، سلطة القاضي الجنائي في تقدير
العقوبة والتدابير، منشأة الإسكندرية 2002، ص 455- 456.
[15]- يمكن اعتبار السلطة التقديرية للقاضي الجنائي تنحصر
في الموازنة بين المصالح المتعارضة، مصلحة الفرد في المحافظة على حقوقه وحرياته،
ومصلحة المجتمع في صون أمنه ونظامه، وهذا ما ينبغي أن يستحضره القاضي الجزائي عند
النظر في الواقعة الجنائية، ويمكنه الاستعانة بكافة الوسائل التي من شأنها أن
تعينه على تشكيل اقتناعه الوجداني، والوصول إلى الحقيقة وتطبيق العقوبة المناسبة.
انظر
- منصور أسحق إبراهيم، ممارسة السلطة وآثارها في
العقوبات، دار الرائد للطباعة، القاهرة 1984، ص77.
[16]- لقد اعتبر أحد الباحثين أن من واجب القاضي الجنائي
أن يقارب عدله قدر الإمكان لما يرى الإنصاف عن أجل الوصول إلى أحكام جنائية عادلة
تقنع الخصوم والرأي العام، وتأمين عدالة جنائية تكمن سلامة الأحكام الصادرة خصوصا
الأحكام القاضية بالإدانة والتي يجب أن تكون منطقية وعقلانية، تقترن من الحقيقة.
- انظر، مستاري عادل، المنطق القضائي ودوره في
ضمان سلامة الحكم الجزائي، رسالة دكتوراة فرع القانون الجنائي جامعة محمد حيضرة
بسكرة الجزائر، 2010-2011، ص (أ).
[17]- عادل عزر، النظرية العامة في ظروف الجريمة، أطروحة
لنيل درجة الدكتورة جامعة القاهرة، 1967،
ص 440.
[18]- أحمد فتحي سرور، النقض الجنائي، دار الشروق، مصر،
2003، ص 295.
[19]- أنظر بتفصيل في محاولة تحديد معايير التمييز بين
الواقع والقانون، أحمد مليجي، أوجه الطعن بالنقض المتصلة بواقع الدعوى، الطبعة
الثانية، دار النهضة العربية، ص 61. ومستاري عادل، المنطق القضائي ودوره في ضمان
سلامة الحكم الجزائي، المرجع السابق، ص 152 وما بعدها.
[20]- حرية اقتناع القاضي أو عقيدة القاضي الجنائي هي
انطباع أكيد يتولد لدى القاضي نتيجة عملية علمية ذهنية ومنطقية تختلج في نفس وضمير
القاضي تحت تأثير ما يعرض عليه من وقائع، وما ينطبع في وجدانه من تصورات ونماذج
للحقيقة الواقعية، فيصل في نهاية تلك العملية إما إلى إذعان حاد وتسليم، وبتعبير
آخر، هي السلطة المنضبطة في التعامل مع وقائع وأطراف الدعوى الجنائية المحملة إلى
القاضي الجنائي، في استخدام الأدوات القانونية المقررة أو المتاحة عن طريق
الاستدلال المنطقي باعتبارها المواد الأولية لتكوين قناعة ورأي يقيني بإدانة
المتهم أو ببراءته من مخالفة القانون المنسوب إليه، وبعدم قبول الدعوى ضده أو عدم
اختصاصه لنظرها أو غير ذلك. يراجع للمزيد من التفصيل في تعريف معنى حرية اقتناع
القاضي الجنائي وعقيدته: -كمال عبد الواحد
الجوهري، ضوابط حرية القاضي الجنائي في تكوين اقتناعه والمحاكمة الجنائية العادلة،
وأوجه أسباب في الأحكام الصادرة بالإدانة وفق أحكام القوانين المصري والكويتي
وقضاء محكمتي النقض والتمييز، الطبعة الأولى ،المركز القومي للإصدارات القانونية ،
مصر، 2015، ص27 وما بعدها.
[21]- وتعود وقائع القرار إلى أن مجموعة من المهتمين
المتابعين على خلفية القضية المعروفة إعلاميا بأحداث كدراسة تهم القتل العمد
وتخريب المباني والمصالح الحكومية والتجهيزات في منطقة كرداسة، وصدر حكم جنائي على
المهتمين بالإعدام وفي سنة 2018 طعن المتهمين بواسطة دفاعهم بالنقض، وبعد المداولة
قضت محكمة النقض المصرية بدورها بتعديل الحكم المطعون فيه وإلغاء عقوبة الإعدام، والاكتفاء
بالسجن المؤبد.طعن رقم 13324 لسنة 88 قضائية محكمة النقض -الدائرة الجنائية- جلسة
10 يونيو 2019 وأورده أحمد صالح، محكمة النقض تفرض رقابتها في تقدير العقوبة:
اجتهاد بمبدأ للحد من عقوبة الإعدام أم اجتهاد معزول؟
hppt//wwwlegal.agender.com
اطلع بتاريخ 2021.5.17 الساعة 11.15 صباحا.
[22]- قرار محكمة النقض ع 778/9 صادر بتاريخ 7/5/2015 في
الملف الجنائي ع 365/6/9/2014 مجلة افتتاح السنة القضائية ، تصدرها وزارة العدل ،
ماي 2016م ،ص123.
[23]- إن ظروف التخفيف متروك للقاضي لاستظهاره من وقائع
الدعوى، فلا يترتب على القاضي إذ لم يعامل المتهم بها و لا يكون حكمه معيبا، لذلك
لا يصح أن يكون طلب الرأفة أساسا أو وسيلة للطعن بالنقض، لأنه حتى المشرع لم يفرض
على قاضي الموضوع بيان أسباب رفض الأخذ بالظروف المخففة. ولكن متى قررت المحكمة
اعتبار واقعة ما سببا مخففا تقديريا، فيكون عندئذ لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها
على الأسباب المانحة لظروف التخفيف. والتي منها ما قضت به محكمة التمييز الأردنية،
من كون الأسباب المخففة التقديرية وإن كان متروك تقديرها لمحكمة الموضوع، تلجأ
إليه عندما تشعر بوجود ما يستدعي الرأفة والشفقة إلا أنها ملزمة ببيان أسباب
التخفيف في القرار، وبما أن المحكمة قد عللت القرار بأخذها يكشف أسبقيات المعذور
سوء سلوكه، ولما كان هذا السبب لا ينسجم مع واقع المجرم وظروفه ويتناقض مع
النظريات العامة التي أخذ منها التشريع الجزائي الأسباب المخففة لأن ذلك يشجع على
ارتكاب الجرائم ،مما يجعل السبب في غير محله، تمييز جزاء رقم 690/2004، منشورات
مركز نمالة، 2004، أورده خالد سعود بشير الجبور، التفريد العقابي من القانون
الأردني دراسة مقارنة مع القانون المصري والقانون الفرنسي، المرجع السابق، ص 146.
[24]- قرار الصادر عن محكمة النقض تحت ع 48/11، ملف جنائي
ع 17438/6/2011 تنازع 2015.01.15 وانظر قرار في نفس التوجه ثبت قاعدة عدم جواز
إيقاف التنفيذ العقوبة السجنية: قرار رقم 1699 ملف جنائي
ع 92/49/20347 صادر بتاريخ 03/11/1996..أنظر مجلة وزارة العدل والحريات، افتتاح
السنة القضائية 2016، كلمات السادة المسئولين القضائيين واقع المحاكم وأفاق النهوض
بها، المرجع السابق، ص 375.
0 تعليقات