آخر الأخبار

Advertisement

إثبات انتقال الملك بعوض في دعوى الشفعة - الأستاذ العربي كلالي- العدد 49 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث القانوني - تقديم ذ محمد القاسمي


 إثبات انتقال الملك بعوض في دعوى الشفعة - الأستاذ العربي كلالي- العدد 49 من مجلة الباحث - منشورات موقع الباحث القانوني - تقديم ذ محمد القاسمي


لتحميل عدد المجلة الذي يتضمن المقال بصيغته الرقمية pdf الرابط أذناه:


https://www.allbahit.com/2022/12/49-2022-30-pdf-httpsdrive.html



الأستاذ العربي كلالي

باحث بسلك الدكتوراه بكلية الشريعة جامعة سيدي

محمد بن عبد الله فاس

 إثبات انتقال الملك بعوض في دعوى الشفعة على ضوء الفقه المالكي والعمل القضائي المغربي

Proof of the transfer of the mosquito King in the pre-emption claim

ملخص:

تتلخص محاور الدراسة في الإجابة عن إشكالية احتمالية تحايل البائع والمشتري من إخفاء عقد البيع الوارد على العقار بعقد صوري يتضمن تبرعا لمنع الشريك الشفيع من الأخذ بالشفعة، وذلك في محورين: الأول؛ إثبات المعاوضة في العقار غير المحفظ بوسائل إثبات المعاوضة، والثاني لإثبات البيع في العقار المحفظ.

مقدمة:

الحمد لله ذي الجلال والإكرام؛ الذي أنزل القران ووضع الميزان وأوضح لعباده سبيل الأقضية والأحكام؛ وصلى الله وسلم على سيدنا محمد إمام المرسلين المبعوث رحمة للعالمين؛ وعلى آله وأصحابه أجمعين.

وبعد؛ فإن الشفعة من الحقوق التي أقرها الشرع لأشخاص يوجدون في مركز شرعي معين، الذي يُمكًن لهؤلاء الأشخاص المطالبة بها عن طريق القضاء، وذلك لما لها من أهمية قصوى على أكثر من مجال: ففي المجال الاجتماعي؛ تكتسي الشفعة أهمية بالغة باعتبارها تساهم في تحقيق السلم الاجتماعي بواسطة تحقيق الأمن والاستقرار المجتمعي؛ وذلك عن طريق التقليل من المنازعات العقارية والتقليص منها. وفي المجال الاقتصادي تتجلى أهميتها في كونها ترمي إلى منع تجزئة العقارات وتشتتها إلى قطع صغيرة لدرجة يصعب معها مواصلة العمل فيها.

وتعرف فقها ب "استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه بثمنه.."[1] وعرفها الشيخ خليل بقوله:" أخذ شريك.. ممن تجدد ملكه اللازم اختيارا بمعاوضة...عقارا.. بمثل الثمن... أو قيمته.. أو قيمة الشقص"[2]. وفي التشريع عرفتها المادة 292 من مدونة الحقوق العينية[3] بما مفاده" أخذ شريك في ملك مشاع أو حق عيني مشاع حصة شريكه المبيعة بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات العقد اللازمة والمصروفات الضرورية النافعة عند الاقتضاء". وفي ظل هذا التعريف الذي جاءت به مدونة الحقوق العينية أن الشفعة لا تثبت للشريك في العقار على الشياع إلا في صورة واحدة من صور انتقال ملك شريكه إلى مالك جديد وذلك عندما يتم عن طريق البيع. غير أن الفقرة الأخيرة من المادة 293 من مدونة الحقوق العينية نصت على أن يكون المشفوع  منه قد تملك الحصة المبيعة بعوض.

 إن الأخذ بالشفعة يتوقف على ضرورة تملك المشفوع منه الحصة المبيعة بعوض، أي أن الشفيع يستحق الشفعة في ملكية شريكه التي يفوتها إلى الغير بعوض، فإن حصل التفويت بغير عوض كالهبة أو الوصية... فلا شفعة، لقول ابن عاصم: "والمنع في التبرعات مفترض"[4]. لذا فمن الممكن جدا أن يتفق البائع مع المشتري على الإدلاء بأن الأمر يتعلق بتبرع كهبة أو صدقة أو نحوها ليقطع الطريق على الشفيع في استشفاع حصته، الأمر الذي يجعل هذا الأخير استعمال جميع طرق الإثبات المتاحة شرعا وقانونا لتفنيد ما ادعياه – البائع والمشتري –. فقد نصت المادة 295 من مدونة الحقوق العينية على أنه "يتعين على طالب الشفعة إثبات بيع الحصة المطلوب شفعتها، فإذا كان العقار محفظا يتعين عليه إثبات تقييد البيع بالرسم العقاري".

يتضح من خلال هذه المادة أن المشرع المغربي لم يقيد الشفيع بوسيلة إثبات معينة في العقار غير المحفظ، في حين قيده في العقار المحفظ بضرورة إثبات تقييد البيع بالرسم العقاري. فإن ذلك يجعلني أتساءل حول المقتضيات الفقهية والقانونية والقضائية الكفيلة بحماية الشفيع الشريك من تحايل محتمل من البائع والمشتري إلى إخفاء عقد البيع الوارد على العقار بعقد صوري يتضمن تبرعا لمنع الشريك الشفيع من الأخذ بالشفعة؟.

ومن أجل الإحاطة بجوانب الإشكال المطروح أعلاه فقد قسمت هذه الدراسة إلى محورين: خصصت الأول للحديث عن إثبات المعاوضة في العقار غير المحفظ، والثاني للحديث عن إثبات البيع في العقار المحفظ. يتقدمها مقدمة ويتذيلهما خاتمة.

المحور الأول: إثبات المعاوضة في العقار غير المحفظ.

مما لا شك فيه أن الشفعة تثبت لطالبها بعد إثباته كون الحصة المشفوعة انتقلت إلى المشفوع منه بعوض[5]. ولقد حدد ابن عرفة في باب الموجب لاستحقاق الشفيع الأخذ بالشفعة سبب استحقاق الشفيع للشفعة بقوله: "ثبوت ملك الشفيع لشقص شائع من كل ربع واشتراء غيره شقصا آخر منه[6]. حيث إذا طلب الشفيع المبتاع بالشفعة عند السلطان، فلا يقضي له بها حتى يثبت عنده البيع"[7].

وأكدت ذلك محكمة النقض في عدة قرارات صادرة عنها والذي جاء في أحدها: "لا يقضى بالشفعة إلا بعد إثبات البيع[8]، وفي قرار آخر، أنه لا يحكم بثبوت الشفعة أو عدمها إلا بعد ثبوت البيع[9]. لكن إذا وقع خلاف حول نوع التصرف، وادعى الشفيع كون البيع مستورا بتصرف آخر، كما لو كانت هناك هبة ساترة للبيع، جاز له أن يثبت الصورية بجميع الطرق، فإذا نجح في إقامة الدليل على أن العقد في حقيقته بيع وليس هبة فإن الشفعة تجوز له في هذا العقد.

وللإحاطة بجوانب هذا المحور، يتعين تقسيمه إلى فقرتين: تُخصص الأولى لوسائل إثبات المعاوضة، والثانية لإثبات صورية التبرع.

الفقرة الأولى: وسائل إثبات المعاوضة.

تثبت واقعة انتقال الشقص المشفوع إلى المشفوع منه بعوض في الفقه المالكي بالطرق التي تثبت بها الحقوق المالية، وأن المشرع المغربي لم يحدد وسيلة معينة، مما أمكن القول معه بإمكان اعتماد جميع الوسائل الممكنة لإثبات تحقق واقعة البيع أو التفويت بعوض، ولعل أهمها:

أولا: الشهادة والكتابة.

فالطريقة التي يمكن أن يثبت بها الشفيع انتقال الشقص إلى المشفوع منه عن طريق المعاوضة هي أن يشهد عدلان، أو من يقوم مقامهما بوقوع هذه المعاوضة، كأن يلجأ طالب الشفعة إلى الإتيان بشهادة لفيفية لإثبات وقوع البيع. غير أن السلطة التقديرية تبقى لمحكمة الموضوع للحكم بذلك، أو رفضه على ضوء وثائق الملف ومستند علم شهود اللفيفية بواقعة البيع[10]. فإذا كان هذا المستند هو السماع، فإنه لا يعادل المجاورة من حيث اليقين[11].

وقد كان العمل يجري على أن من حق الشريك الذي يطالب بالشفعة أن يطلب من المحكمة تكليف المدعى عليه بان يدلي برسم شرائه لذلك الشقص، وكان يكلف المشفوع منه بذلك، إلا أن الكثير من المحاكم أصبحت لا تستجيب لهذا الطلب. وذلك بالنظر إلى أن القواعد تقتضي بأن المدعي هو المكلف بإثبات دعواه، كما أنه من المعروف أن المحكمة لا تقيم الحجة للخصم ولا تعينه على إقامتها، لذلك أصبح من اللازم على المدعي الذي يطلب الحكم له بالشفعة أن يثبت موجباتها بما فيها انتقال الشقص إلى المدعى عليه بعوض[12].

لكن غالبا ما يتعذر على طالب الشفعة الحصول على نظير لرسم الشراء على اعتبار أن عقد الشراء قد يكون مجرد وثيقة عرفية محررة بين الطرفين يحتفظ بها المشتري، فلا يتأتى للشريك الحصول على نسخة منها، مما يستدعيه الأمر إثبات واقعة البيع بوسائل أخرى.[13]

وأحسنت مدونة الحقوق العينية صنعا لما حددت الجهات المخول لها توثيق التصرفات العقارية[14]، وما تخضع له محرراتها من شكليات، بما فيها المحرر الثابت التاريخ، الأمر الذي يسهل الحصول على نسخ من العقود المبرمة بشأن تلك التصرفات لمن له الحق فيها، وبما في ذلك الشفيع، وذلك في إطار الضوابط القانونية.

ثانيا: إثبات البيع بالإقرار.

يمكن للشريك إثبات المعاوضة بإقرار كل من البائع بالبيع، والمشتري بالشراء، فإذا أقرا معا ضمن إقرارهما بمحضر الاستجواب[15]، أخذ الشفيع الشقص المشفوع.

لكن قد يحدث أن يقر البائع بالبيع، وينكر المشتري أو يسكت عنه أو يكون غائبا، فهل تثبت الشفعة للشفيع؟.

للإجابة عن هذا، فقد جاء في المدونة: "أرأيت إن أقر البائع بالبيع وجحد المشتري البيع، وقال لم أشتر منك شيئا، ثم تحالفا وتفاسخا البيع، فقام الشفيع، فقال: أنا آخذ الشفعة بما أقررت لي أيها البائع؟ قال: ما سمعت من مالك فيه شيئا، ولا أرى فيه شفعة[16]، لأن إنكار المشتري للشراء أصل، فيصدق[17]، أما إقرار المشتري بالشراء في غيبة المالك، فإن الشفيع لا يأخذ بالشفعة إلا ببينة على الشراء، لأن الغائب قد ينكر فيأخذ داره ويرجع على المشتري بالأجرة إلا أن يقضي قاض بإقراره[18].

وإذا حدث أن أقر المشتري بالشراء وحده، وأنكره البائع فلا شفعة؛ إذ لا يحكم بالشفعة بناء على إقرار المشتري وحده بالبيع، لكونه إقرار على الغير، حيث جاء في أحد قرارات محكمة النقض: "أنه لا يحكم بثبوت الشفعة أو عدمها إلا بعد ثبوت البيع، إذ لا يحكم بين اثنين في مال ثالث، ولا يحكم بإقرار المشتري والشفيع حتى يثبت عنده البيع"[19].

وجاء في قرار آخر ما مفاده "تطبيقا لقاعدة 'أن لا يحكم بين اثنين في مال ثالث' فإن القاضي لا يحكم باستحقاق الشفعة إلا بعد ثبوت سببها وهو الشراء، فإذا لم يثبتها وأنكرها المشتري، فإن القول قول هذا الأخير بيمينه، سواء أقر البائع بالشراء أو لا. لأن إقراره وحده بعد البيع لا يكون له أثر لكونه أصبح أجنبيا، وإقرار الأجنبي على غيره لا يفيد.

وإن المحكمة عندما اعتمدت في إثبات الشراء على محضر الاستجواب المتضمن لإقرار البائع بالبيع، فإنها تكون قد خالفت وسائل الإثبات المعمول بها فقها في دعوى الشفعة[20]. وهو ما أشار إليه الشيخ خليل عند حديثه عن مسقطات الشفعة بقوله: "أو أنكر المشتري الشراء وحلف وأقر به بائعه"[21].

إلا أن محكمة النقض تراجعت عن هذا التوجه في عدة قرارات؛ لأن الغير المراد حمايته وفر له المشرع عدة مساطر قانونية كالتدخل الاختياري، والتعرض الخارج عن الخصومة، ومبدأ نسبية الأحكام[22].

وهكذا جاء في قرار لمحكمة النقض: "إذا أقر المطلوب بوقوع الشراء لزمه هذا الإقرار وأعفي طالب الشفعة من إثبات الشراء، ويمكن لمن تضرر من هذا القرار أن يطعن فيه، كما يمكن أن يدفع بنسبية الأحكام. ولهذا يكون تعليل المحكمة لرفض الأخذ بالإقرار بالشراء بأنه لا بد من إثباته حتى لا يحكم في مال ثالث غير مرتكز على أساس[23].

ويرى بعض الفقه أن محكمة النقض لم تكن على صواب عندما تراجعت عن تطبيق القاعدة التي قررها الفقهاء وسار عليها العمل منذ القديم لأنها القاعدة التي تحافظ على مصلحة الجميع. أما القاعدة التي أقرها القضاء فهي تؤدي إلى المساس بحقوق الغير الذي هو الشريك الذي زعم المشفوع منه أنه اشترى منه نصيبه[24]، استنادا على مجموعة من الحجج، إذ إن الحكم بالشفعة بناء على مجرد إقرار المشفوع منه بالشراء قد يؤدي إلى ضياعه حق المالك الحقيقي لتلك الحصة المشفوعة. كما يعتبر هذا الإقرار في حقيقته دعوى لا إقرارا، لأنه يترتب عليه أن يحكم على طالب الشفعة بتمكين هذا المشفوع منه من ثمن تملك الحصة وما يدعي صرفه في سبيل الحصول عليها. ولذلك يكون اعترافه بمثابة ادعائه أنه يستحق مقابل الشفعة أي المشفوع به. وأن القول بأن المسطرة المدنية حافظت على حقوق الطرف الثالث عن طريق التدخل في الدعوى أو عن طريق تعرض خارج عن الخصومة، أو عن طريق الدفع بنسبية الأحكام؛ لا يكفي لإهدار قاعدة فقهية سار عليها العمل طويلا[25].

وأمام هذه المواقف يمكن القول إنه في الحالة التي يقر فيها المشتري بالبيع ويكون المبيع بحوزته، فإن إقراره هذا يكفي لإثبات وجود معاوضة إن أنكر البائع. أما في الحالة التي يقر فيها المشتري بالبيع وينكر البائع، والمبيع بيد هذا الأخير، فإنه لا يمكن القول بثبوت البيع، وبالتالي فلا شفعة إلا بعد أن يكون البيع ثابتا. أما إذا أنكره البائع والشقص بيده وأقر المبتاع بالشراء فلا شفعة إلا بعد صدور الحكم بكون البيع ثابتا[26].

إضافة إلى البينتين السابقتين، يمكن اللجوء إلى يمين الإنكار استنادا لقول صاحب التحفة:

فمن ادعاه فعليه البينة......وخصمه يمينه معينة[27].

وقول الشيخ خليل في مختصره: "أو أنكر المشتري الشراء وحلف وأقر به بائعه.."[28] فإنه إذا أنكر المشتري الشراء ولم يتمكن الشفيع إثباته، يحق له توجيه اليمين له – المشتري – وهي يمين الإنكار التي مع عدم أدائها يترتب عليها الحق للشفيع[29].

وصفوة القول مما سبق أن إثبات واقعة انتقال الملك بعوض، أن فقهاء المالكية وعلى منوالهم المشرع المغربي لم يحددا أي وسيلة للإثبات وتركا الأمر للقواعد العامة. ولهذا يجب أن تقبل من الشريك طالب الشفعة إثبات انتقال الملك إلى المشفوع منه بكل الطرق التي تثبت بها دعاوى الحقوق المالية.

الفقرة الثانية: إثبات صورية التبرع.

فالعقد يرتكز على عنصرين هامين: الأول: الإرادة الظاهرة، والثاني: الإرادة الباطنة، وهي النية. فإذا ما اختلفت الإرادتان، أي اختلاف الصيغة عن الإرادة الحقيقية. فهل ينبع الحكم للإرادة الخفية أم العبارة الظاهرة؟ مع دلالة القرينة على عدم إرادة المتعاقد لما أظهرته العبارة، سواء صدرت هذه العبارة منه بغير قصد أم كانت تحت تأثير الإكراه، أم بمجرد التظاهر والتفاخر...

فإذا توافقت الإرادتان الخفية والظاهرة، كان العقد حقيقيا صحيحا، وإذا ما تعارضت الإرادتان ينتج عنهما عقدان ظاهر صوري وآخر حقيقي مستور.

وان الفقه الإسلامي يعتبر العقد منعقدا بمجرد تبادل طرفين معبرين عن إرادتهما بإيجاب وقبول متوافقين، وموضوع العقد أو المقصد الأصلي للعقد، والمالكية بالخصوص، أن العقد عندهم يصبح باطلا إن دل على وجود قصد فاسد؛ سدا للذريعة[30].

وغالبا ما يكون الغرض أو الغاية من الصورية هو التهرب من رسمية العقد المستتر، التي لو ظهرت في ثوبها الحقيقي لترتبت عنه آثار غير المترتبة عنه كالبيع في صورة الهبة. فالعقد الظاهر هو الهبة، وهي عقد صوري مستوفية لجميع أركانها وشروطها، والعقد المستتر هو البيع، وهو العقد الحقيقي. ولو ظهر هذا القصد لطالب الشفيع بحقه.

هذا يطال العقد بكامله، لكن قد لا تتناول الصورية وجود العقد أو نوعه، بل ركنا أو شرطا فيه، كأن يعقد بيعا يذكر فيه ثمنا أكبر من الثمن الحقيقي، تهربا من الأخذ بالشفعة، ففي هاتين الحالتين معا يبطل العقد الظاهر ويثبت حق الشفعة للشفيع، إذا أثبت ذلك.

ولملامسة هذا الجانب، أخصص له نقطتين: أتناول في الأولى إثبات صورية العقد، وفي الثانية إثبات الثمن.

 

أولا: إثبات صورية العقد.

إن الثابت في دواوين الفقه المالكي أنه لا شفعة في التبرعات كالصدقة والهبة لغير ثواب لقول صاحب التحفة: "... والمنع في التبرعات مفترض"[31]. وسار على المنوال نفسه المشرع المغربي في مدونة الحقوق العينية، حيث نصت المادة 303 منها: "أنه لا شفعة فيما فوت تبرعا ما لم يكن هذا التبرع صوريا أو تحايلا". لكن قد يلجأ البعض إلى إخفاء المعاوضة وإظهار التبرع ليحرم الشريك من ضم الحصة إلى حصته، الأمر الذي ينبغي معه على الشفيع إثبات سرية المعاوضة، ومنها القرائن القوية المكذبة لدعوى التبرع، وحلف المتبرع عليه على عدم المعاوضة، متهما كان أم لا، ما لم يكثر الحيل، وإلا وجبت الشفعة للشفيع[32].

فقد جاء في المعيار أنه سئل أبو عمر بن المكوي الاشبيلي عن مسألة نزلت، وهي إذ ذلك من عمل الأندلس، وذلك أن الفقيه يحيى بن تميم من أهلها، اشترى حصة من حمام فيه شريك، وأشهد البائع للفقيه يحيى بن تميم في الظاهر أنه تصدق عليه ليقطع بذلك الشفعة، فقام الشريك يطلب الشفعة فأجاب فقهاء سبتة بعدم الشفعة، وقال الشفيع للقاضي لا أرضى بفتوى فقهاء الحضرة، فرفع إليه السؤال على وجهه وأفتى أبي عمر: "هذه من حيل الفجار، وأرى الشفعة واجبة[33]. ووجوب الشفعة هو الظاهر والمتعين عندما دلت القرائن على كذب التبرع، ويثبت ذلك بالقرائن والملابسات القوية[34].

ويستطيع الشفيع إثبات التوليج أو الصورية بسائر وسائل الإثبات ما دام لم يكن طرفا في العقد منها اليمين على المشتري[35] لرفع تهمة التواطؤ مع البائع، وهذه يطلق عليها يمين التهمة، لأنها غير قابلة للرد على الشفيع الذي يعفى من الإثبات بمجرد نكول خصمه عن أدائها، وتوجه إذا كانت التهمة قوية.

ومن المعروف أن يمين التهمة لا تنقلب بمعنى أن المتبرع عليه إذا نكل عن هذه اليمين، فإن الشريك يستحق الشفعة بمجرد هذا النكول، ولا يطالب بأن يحلف على أن العقد صوري وأنه يخفي معاوضة[36]. استنادا لقول المتحف:

وتهمة إن قويت بها تجب يمين المتهم وليست تنقلب[37]

وقد أكد هذا التوجه القضاء المغربي، حيث جاء في أحد قرارات محكمة النقض أنه إذا ثار نزاع بين الشفيع والمشتري حول نوع التصرف فادعى الشفيع أنه بيع في حين تمسك المشتري بكونه صدقة أو هبة أو غيرها من التبرعات، فالقاعدة هي تكليف الشفيع بإثبات ما يدعيه من صورية[38] بجميع الوسائل ما دامت القاعدة تقتضي أن الصورية يمكن إثباتها بالنسبة للغير بكافة وسائل الإثبات[39]. فله أن يثبتها بالقرائن والشهود، لأنها تشكل بالنسبة للغير مجرد واقعة، والوقائع تثبت بجميع وسائل الإثبات[40].

وإذا كان المدعي (الشفيع) له الحق في إثبات الصورية بجميع وسائل الإثبات، فإن هذه الوسائل يجب أن تكون قوية خالية من اللبس، بحيث تتكون قناعة غير قابلة للشك لدى القاضي[41].

وقد سلكت محكمة النقض هذا المسار في قراراتها، والتي جاء في أحدها: "بمقتضى الفصل 454 من قانون الالتزامات والعقود، فإن القرائن التي يمكن للقاضي أن يعتمدها في قضائه هي القرائن القوية الخالية من اللبس، أما القرائن المبنية على الظن والتضمين والاستنتاج الفاسد فلا يعتد بها، وأن اعتماد المحكمة فيما قضت به من صورية عقد الهبة وإخفائه بيعا على فقر المتصدقة وبخلها وغنى الموهوب لها، يفقد قرارها الأساس القانوني ويجعله معللا تعليلا فاسدا يوازي انعدامه[42].

ثانيا: إثبات الثمن.

إذا ثبت الشراء في دعوى الشفعة، وأن الثمن المسطر بالرسم اختلف فيه، بحيث دفع الشفيع أن الثمن المذكور غير حقيقي وأنه صوري. أو قد يحدث اختلاف بين البائع والمشتري والشفيع على الثمن، فمن من هؤلاء يصدق؟.

جاء في المدونة: "أرأيت إن قال المشتري اشتريتها بمائة دينار، وقال الشفيع: بل اشتريتها بخمسين دينارا، وقال البائع: بل بعتها بمائتي دينار، قال: إن كانت الدار في يد البائع أو يد المشتري، ولم تفت بطول الزمان، أو بهدم الدار أو تغيير المساكين أو ببيع، أو بهبة، أو بصدقة، أو بما تخرج به من ملك المشتري، فالقول قول البائع، وإن تغيرت الدار بما ذكرت لك، وهي في يد المشتري وقد قبضها، فالقول قول المشتري، وهذا قول مالك في البيوع ثم يأخذ الشفيع على مثل ذلك[43]. وإن اختلف الشفيع والمبتاع في الثمن صدق المبتاع (المشتري) لأنه مدعى عليه، إلا أن يأتي بما لا يشبه مما لا يتغابن الناس عن مثله فلا يصدق[44]. فمثلا إذا كان العقار ثمنه المعروف لدى الناس هو عشرون ألف درهم، وادعى المشتري أكثر من ذلك، فلا يصدق، لأنه أتى بما يشبه[45].

وتصديق المشتري بما ادعاه من ثمن؛ لأنهما –البائع والمشتري-بمنزلة من لا بينة لهما، والدار في يده[46].

بقي أن نشير إلى حالة اختلاف المشتري مع الشفيع في قيمة الشقص، فالوقت الذي ينظر إلى قيمته هو يوم الصفقة أو يوم العقد، فإن كان مستهلكا صدق المشتري مع يمينه في قيمته[47].

ويجوز للشفيع تحليف المشتري بيمين التهمة من أن الثمن ظاهره كباطنه لا تدليس فيه، إذا لم يكن الثمن مدفوعا بالمعاينة، لأن في هذا الباب مبنية على التهمة، وقد حصل ما ينفي الاتهام.

ولا تنقلب اليمين لكثرة تحايل الناس ولفسادهم، ويستثنى من ذلك المبرز في العدالة، المنقطع الصلاح والخير فلا يحلف[48].

أما موقف القضاء بخصوص الثمن المسطر في العقد فإنه جاء في أحد قرارات محكمة النقض ما نصه: "وإذا ادعى الشفيع أن الثمن المصرح به في عقد البيع أكثر من الثمن الحقيقي، وأن المشتري عمد إلى رفعه ليمنع الشفيع من ممارسة حق الشفعة، وطلب أدائه اليمين على أن الثمن المذكور في عقد الشراء ظاهره كباطنه، وجب على المحكمة الاستجابة إلى طلبه، تكون المحكمة التي أيدت الحكم القاضي على المشتري بأداء اليمين المذكورة قد طبقت قواعد الفقه المالكي تطبيقا سليما[49].

المحور الثاني: إثبات البيع في العقار المحفظ.

إن الشفعة في العقار المحفظ لا تثبت إلا في البيع دون غيره من المعاوضات. كما أن هذا البيع لا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الرسم العقاري[50].

 ويبقى إثبات هذا البيع رهينا بتقييده بالرسم العقاري، إذ أن الوسيلة التي تقبل في إثبات هذا الشراء هي أن يدلي الشفيع بشهادة من المحافظة العقارية تثبت أن تلك الحصة انتقلت إلى المدعى عليه بعوض[51]. هذا ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 296 بنصها: "فإذا كان العقار محفظا يتعين عليه – طالب الشفعة – تقييد البيع بالرسم العقاري".

لكن قد يحدث أن لا يقوم الشخص الذي انتقلت إليه الحصة المبيعة بإجراء هذا التقييد بالرسم العقاري، فهل في هذه الحالة يمكن لطالب الشفعة أن ينتظر إلى حين قيام المشتري بهذا التقييد، بعدها يثبت هذا الأخير ليستحق الشفعة بشروطها؟ أم بإمكانه إلزام المشتري على إجراء هذا التقييد بالرسم العقاري حتى يتمكن من ممارسة حقه في الشفعة؟ لتسليط الضوء على هاتين الحالتين، أخصص الحديث عنهما في فقرتين:

الفقرة الأولى: حالة تقييد البيع بالرسم العقاري.

إثبات انتقال الحصة إلى المدعى عليه لا تتم إلا بعد تقييد هذا الشراء بالرسم العقاري، لأنه وحسب الفصل 67 من ظهير التحفيظ العقاري[52]، فإن التصرفات الواردة على العقار المحفظ كيفما كان نوعها لا أثر لها فيما بين المتعاقدين إلا من تاريخ التقييد بالرسم العقاري، وبذلك فالبيع غير المقيد لا ينقل الملكية حتى فيما بين المتعاقدين. ويترتب على ذلك أن المشتري لا يصبح مالكا للعين المبيعة ما دام لم يقيد شراءه، وبالتالي فإنه لا يمكن استحقاق الشفعة قبل تقييد البيع بالرسم العقاري[53]، ولو أثبت الشفيع ذلك البيع عن طريق الإدلاء بنسخة من العقد[54].

وعليه فإن ممارسة حق الشفعة في العقار المحفظ لا تجوز إلا في البيع المقيد، لأن الوجود القانوني للحق لا ينشأ إلا بتقييده في الرسم العقاري[55]، حيث ينتج عن عدم التقييد عدم الاعتراف به وإبقائه في طي الكتمان، لأن المشتري للعقار المحفظ لا يصير مالكا إلا بتمام إجراء التقييد[56].

كما أكد القضاء المغربي هذا التوجه، حيث جاء في قرار لمحكمة النقض أنه: "لما قضت المحكمة برفض طلب الشفعة بعلة عدم تسجيل البيع المراد شفعته في الرسم العقاري تكون قد طبقت الفصل 67 من ظهير التحفيظ العقاري تطبيقا سليما[57].

بهذا الموقف يكون الاجتهاد القضائي المغربي قد حافظ على المبادئ والأسس التي يبنى عليها قانون التحفيظ العقاري والمنصوص عليها بالفصول 65 و 66 و 67 من ظهير التحفيظ العقاري.

وعليه فلعملية التقييد بالرسم العقاري أهمية كبيرة سواء فيما بين المتعاقدين أو اتجاه الغير، إذ إنه ما دام لا يوجد ما يثبت انتقال الحصة للغير فالشفيع لا يمكنه الاستشفاع، ذلك أن ثبوت انتقال الحصة من أحد الشركاء للغير لا تتم إلا عن طريق تقييد البيع بالرسم العقاري، إذ وبمقتضى هذا التقييد يمكن للشفيع الإدلاء بشهادة من المحافظة العقارية والتي بمقتضاها يثبت البيع[58].

وبالتالي فإن توجه المشرع المغربي والقضاء يعتبر توجها سليما لعدة اعتبارات منها: أنه وفر وسيلة حماية للشفيع وسهل عليه الأمر بالنسبة لإثبات واقعة البيع بالإضافة إلى أنه حافظ على المبادئ التي بني عليها قانون التحفيظ العقاري.

لكن ما هو الحل إذا ما تم بيع جزء شائع منه لمشتري، وأبى هذا الأخير تقييد شرائه على الرسم العقاري؟.

هذا ما أبينه في الفقرة الموالية.

الفقرة الثانية: حالة عدم تقييد البيع بالرسم العقاري.

سبق القول بأن كلا من المشرع المغربي والفقه والقضاء قد اتخذوا موقفا صريحا يتمثل في كون الشفعة لا تجب إلا في البيوع المقيدة، لكن بالرغم من ذلك فقد اختلف الرأي فيما إذا كان البيع غير المقيد ينهض كحجة لممارسة حق الشفعة[59]. فرأى بعضهم جواز الأخذ بالشفعة ولو أن العقد لم يقيد، لأن البيع يبقى محتفظا بالوصف القانوني وينعقد صحيحا، فيجوز الأخذ فيه بالشفعة ولو لم يقيد بالرسم العقاري[60]. والذي أيدته محكمة النقض في أحد قراراتها حيث قضت بجواز ممارسة حق الشفعة في البيع غير المقيد[61].

لكن القضاء سرعان ما تراجع عن هذا الموقف في القرارات المتواترة عنه، فجاء في أحد قرارات محكمة النقض أن عقد البيع الذي طلبت الشفعة بموجبه قبل تسجيله بالرسم العقاري لا يعتمد في الأخذ بالشفعة[62].

 ويبقى الإشكال المطروح هو الحالة التي لا يعمد فيها المشتري إلى تقييد البيع بالرسم العقاري، فكيف للشفيع في هذه الحالة أن يستحق الشفعة؟ وكيف يمكن إثبات البيع الذي يعتبر شرطا أساسيا لممارستها؟.

إذا كانت القاعدة المقررة أن الشريك لا يمكنه أن يطلب الشفعة إلا بعد تسجيل الشراء بالرسم

العقاري، فإنه يمكن القول أن الشفيع يبقى على حقه في الشفعة إلى حين تقييد البيع بالرسم

العقاري[63].

وما دام أن الشفيع يبقى على حقه، فبإمكانه الانتظار إلى حين تقييد البيع، وبعد ذلك يدلي بشهادة من المحافظة العقارية تثبت واقعة البيع، وهذا الحل أخذ به بعض الفقه[64]، إذ جعل للشريك الحق في أن ينتظر إلى أن يقوم المشتري بتقييد شرائه بالرسم العقاري ولو لم يقم المشتري بذلك التقييد إلا بعد عدة سنوات[65].

لئن كان هذا الرأي وجيها وسديدا فإنه يضر بمصالح الشفيع، وذلك بطول المدة التي ينتظرها، وما يترتب عليها من مصاريف، خصوصا إذا طرأت على المشفوع تحسينات، وكذا ما أداه المشفوع منه لحفظه وإدارته.

وما دام الأمر كذلك فهل بإمكان الشفيع إجبار المشتري على تقييد شرائه ليتمكن من إثبات تقييد البيع بالرسم العقاري وبالتالي ممارسة حقه في الشفعة؟.

لقد أجابت محكمة النقض على هذا السؤال حين منحت الشفيع إمكانية التقدم بدعوى في مواجهة المشتري يطلب فيها من المحكمة أن تأمر بتسجيل شرائه في الرسم العقاري حتى يتمكن الشفيع من استعمال حقه. وقد عللت محكمة النقض هذا التوجه في قرارها الذي جاء فيه: "أن انتقال هذه الحصة من البائع إلى المشتري ثم إلى الشفيع يقتضي التسجيل بالرسم العقاري باعتبار أن الحقوق العينية المتعلقة بالعقار المحفظ لا تكون لها أي قيمة ما لم يقع إشهارها بالتسجيل المذكور. فالشفعة تستلزم أن يسجل الشراء حتى يتسنى أن تسجل هي أثره. فالقانون الذي يعطي للشريك على الشياع الحق في الشفعة هو الذي يعطي له حق إلزام المشتري بتسجيل هذا الشراء[66].

كما قضت في قرار آخر أنه: "ما دام تسجيل شراء الحصة المطلوب شفعتها على الرسم العقاري يعد إجراءا ضروريا لإشهار الحكم بشفعتها، فإن للشفيع المصلحة في أن يطلب إلى جانب استحقاق شفعة هذه الحصة، إلزام المشفوع منه  بأن يسجل شراءه على الرسم العقاري[67].

بهذا التوجه يكون المشرع والاجتهاد القضائي قد سهل عملية إثبات البيع بالنسبة للشفيع ما دام أن مسألة إثبات البيع بالعقار المحفظ لا تطرح أي إشكال، إذ يكفي الشفيع الإدلاء بشهادة من المحافظة العقارية تثبت أن تلك الحصة انتقلت إلى المدعى عليه عن طريق البيع.

وإذا أثبت الشريك شراء المطلوب بالشفعة للحصة التي يطلب شفعتها فلا يقبل من هذا المشتري أن يدعي أن ذلك البيع صوري يخفي تبرعا أو هبة ولو أثبته، لما هو معروف أن للغير في الصورية أن يتمسك بالعقد الظاهر دون العقد الباطن، أما إذا ادعى الشفيع بصورية البيع فإن له إثبات هذه الصورية بجميع وسائل الإثبات.

وفي آخر هذه الفقرة لا بد من أن أبدي ملاحظتي البسيطة حول مسألة أن الشفعة في العقار المحفظ لا تثبت إلا في البيع دون غيره من المعاوضات. ولئن كان هذا التوجه سديدا وله مبرراته فإنه لا مانع من ثبوت الشفعة في سائر المعاوضات من مناقلة وصلح، وهبة الثواب... شريطة تقييد هذه التصرفات بالرسم العقاري. وذلك على اعتبار أن هذه المعاوضات تأخذ أحكام أقرب العقود إليها الذي هو البيع. حيث إنه من الثابت في دواوين الفقه المالكي أن هذه المعاوضات المنصبة على المثليات فهي بيع صحيح مستجمع لأركانه وشروطه.

وبالتالي فإن إثبات الشفعة في العقار المحفظ القاصر على البيع فقط ليس له ما يبرره، ما دام أن المعاوضات الأخرى بيعا.

خاتمة:

 إن الشقص المشفوع إذا انتقل بغير عوض في صورة تبرع فإنه لا شفعة؛ ولا حق للشفيع فيه؛ لذلك يعمد البائع والمشتري لإظهار هذا الأخير-التبرع- وإخفاء حقيقة التصرف المبرر للشفعة، الأمر الذي يتعين معه طالب الشفعة إثبات التصرف الناقل للملكية حتى يتأتى له ممارسة حقه.

وهذه الوسائل تختلف باختلاف العقار أهو عقار غير محفظ أم محفظ؟. فإن كان غير محفظ فإن ما يلجأ إليه من وسائل إثبات ذلك نجد الشهادة؛ كأن يشهد عدلان أو من يقوم مقامهما، أو بالاعتماد على شهادة لفيفية لإثبات واقعة البيع. ثم  كذلك بإقرار كل من البائع بالبيع والمشتري بالشراء؛ فإذا أقرا معا أخذ الشفيع الشقص المشفوع. بالإضافة إلى هذا يمكن إثبات الصورية بالقرائن القوية.

وفضلا عن هذا فإن الشفيع والمشتري قد يختلفا حول ثمن الشقص؛ بحيث يعمد طرفا العقد-البائع والمشتري- إخفاء الثمن الحقيقي وإظهار ثمن أعلى منه؛ بغية إبعاد الشفيع من طلبه استشفاع الحصة. ففي هذه الحالة تطرح مسألة إثبات الثمن الحقيقي؛ وذلك بالاعتماد على توجيه يمين التهمة للمشتري من أن الثمن ظاهره كباطنه. ثم كذلك بالنظر إلى قيمة الشقص لدى الناس، فإذا كان الثمن المسطر أكثر من قيمته فلا يصدق.

أما العقار المحفظ فإن وسيلة إثبات الشراء تبقى رهينة بتقييده بالرسم العقاري؛ آنذاك يمكن للشفيع أن يدلي بشهادة من المحافظة العقارية تثبت أن الحصة انتقلت إلى المشفوع منه بعوض. وإذا حدث أن هذا الأخير لم يقم بتسجيل شرائه؛ فإن الشفيع عليه سلوك طريقين: إما أن ينتظر حتى يتم التسجيل، أو تقديم دعوى لمطالبة المشتري بتسجيل شرائه على الرسم العقاري حتى يتأتى له الأخذ بحقه في الشفعة.

المصادر والمراجع المعتمدة:

1-   الإمام مالك" المدونة الكبرى" دار الكتب العلمية بيروت

2-   ابن رشد الجد "البيان والتحصيل" دار الغرب الإسلامي بيروت

3-   ابن رشد" بداية المجتهد ونهاية المقتصد" دار الحديث القاهرة.

4-   الإمام التسولي" البهجة في شرح التحفة" دار الكتب العلمية.

5-   العلامة خليل" المختصر"  دار الحديث القاهرة

6-   الإمام الحطاب" مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" دار الفكر

7-   محمد الأنصاري الرصاع" شرح حدود ابن عرفة" دار الغرب الإسلامي

8-   عثمان بن المكي الزبيدي" توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام" المطبعة التونسية.

9-   الإمام القرافي" الذخيرة" دار الغرب الإسلامي بيروت.

10-         ابن عاصم" تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام" دار الأفاق العربية.

11-         المهدي الوزاني" النوازل الجديدة الصغرى" وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

12-         الكافي" إحكام الحكام" المكتبة العصرية لبنان.

13-         ابن معجوز" أحكام الشفعة في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي " مطبعة النجاح الجديدة

14-         محمد خيري" الملكية ونظام التحفيظ العقاري في المغرب" مكتبة المعارف الجديدة الرباط

15-         حمداتي ماء العينين"  الصورية في الشريعة والقانون"

16-         عادل حاميدي" التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الإسلامي والفراغ القانوني" المطبعة الوراقة الوطنية مراكش.

17-         عبد العزيز توفيق" قضاء محكمة النقض في الشفعة من سنة 1957 الى 2014م. المكتبة القانونية.

18-           أمينة ناعمي" الإثبات في دعوى الشفعة" مجلة الحقوق المغربية الجزء الأول.

19-          مجلة قضاء المجلس الأعلى الأعداد:27-42-43-48.

20-          عبد السلام بن زروع" انطلاق آجال الشفعة في ثبوت الاستحقاق في قضاء المجلس الأعلى" رسالة الدفاع. العدد (5). دجنبر 2004.

21-          بوطلحة امبارك" مسائل اليمين الشرعية في الشفعة" رسالة المحاماة مجلة تصدرها هيئة المحامين بالرباط العدد22 سنة 2007.

22-          عبد السلام زيزون" اشهار الحقوق العينية" مجلة التحفيظ العقاري عدد(5) أكتوبر 1995.

23-          محمد بونبات" قوانين التحفيظ والتسجيل والتجزئة العقارية" منشورات كلية الحقوق     مراكش.

24-          آمال برنوسي ممارسة حق الشفعة في العقار المحفظ" رسالة. 

25-          لمياء جبروتي" حماية الشفيع في العقار المحفظ" رسالة.

26-          قانون رقم 08/39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية.

27-          ظهير 9 رمضان 1331هـ(20غشت1913م) المتعلق بالتحفيظ العقاري المعدل بقانون رقم 14/07.



[1] - أبو عبدالله محمد الانصاري، الرصاع"شرح حدود ابن عرفة "  دارالغرب الاسلامي ص:474.

[2] - خليل بن إسحاق بن موسى، ضياء الدين الجندي المالكي المصري (المتوفى: 776هـ)" مختصر خليل".المحقق: أحمد جاد.الناشر: دار الحديث/القاهرة.الطبعة: الأولى، 1426هـ/2005مـ.ص:193.

[3] - القانون رقم 08.39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432هـ(22نونبر2011م)الجريدة الرسمية عدد5998بتاريخ 24نونبر 2011م ص:5587

[4] - عثمان بن المكي التوزري الزبيدي" توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام".الناشر: المطبعة التونسية.الطبعة: الأولى، 133هـ.3/104.

[5]- عادل حاميدي، "التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الإسلامي والفراغ القانوني"، المطبعة والوراقة الوطنية - مراكش. الطبعة الأولى، أكتوبر 2006، ص: 85.

[6]- الرصاع، شرح "حدود ابن عرفة"، م س، ص: 513.

[7]- بوطلحة امبارك، "مسائل اليمين الشرعية في الشفعة"، رسالة المحاماة، مجلة تصدرها هيئة المحامين بالرباط، العدد 28، دجنبر 2007، ص: 47.

[8]- قرار رقم: 1606 الصادر بتاريخ 19/09/1995، في ملف الأحوال الشخصية عدد: 5829/91. لدى عبد العزيز توفيق، قضاء محكمة النقض في الشفعة من سنة 1957 إلى 2014م، ص: 104.

[9]- قرار رقم، 134 الصادر بتاريخ 9 يناير 1968، عبد العزيز توفيق، م س، ص: 30.

[10]- عادل حاميدي، م س، ص: 85.

[11]- عبد السلام بن زروع "إنطلاق آجال الشفعة في ثبوت الاستحقاق في قضاء المجلس الأعلى" رسالة الدفاع. العدد5 دجنبر 2004م، ص: 144.

[12]- ابن معجوز، "أحكام الشفعة في الفقه الاسلامي والتقنين المغربي المقارن"مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيضاء، الطبعة الثانية 1413هـــــ1993م ص: 230.

[13]-ابن معجوز" أحكام الشفعة..." م س، ص: 230.

[14]- تنص المادة 4 من مدونة الحقوق العينية بما نصه:" يجب أن تحرر-تحت طائلة البطلان-جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض، مالم ينص قانون خاص على خلاف ذلك......."

[15]- قرار عدد: 1309 الصادر بتاريخ 17/03/99 في الملف العقاري عدد: 3234/96، لدى عبد العزيز توفيق، م س، ص: 132.

[16]- رواية الإمام سحنون، "المدونة الكبرى" دار الكتب العلمية بيروت، 4/233. الإمام عبد الرحمان الطرابلسي، الحطاب"مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" دار الفكر الطبعة الثالثة1412هــ1992م، 5/325.

[17]- الإمام القرافي، "الذخيرة"، دار الغرب الإسلامي بيروت الطبعة الاولى1994م، 7/330.

[18]- الإمام القرافي، ن م ، 7/367.

[19]- قرار عدد 134 الصادر بتاريخ 9 يناير 1968 لدى عبد العزيز توفيق، م س، ص: 180.

[20]- القرار رقم: 1599 الصادر بتاريخ: 4 ماي 1994 في الملف المدني عدد: 460/90، عبد العزيز توفيق، م س، ص: 88.

[21] - العلامة خليل. "مختصر خليل"تحقيق احمد جاد دار الحيث القاهرة الطبعة الاولى 2005م ص:194

[22]- أمينة ناعمي، الإثبات في دعوى الشفعة" مجلة الحقوق المغربية الجزء الأول الطبعة الأولى، ص: 153.

[23]- قرار عدد: 38 الصادر بتاريخ 22/1/1980، ملف شرعي عدد: 603.09، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد: 27 لسنة 1981. ص: 105.

[24]- ابن معجوز، "أحكام الشفعة.." م س، ص: 234.

[25]- ابن معجوز، "أحكام الشفعة" م س، ص: 235.

[26]- ينظر: الإمام الحطاب، م س، 5/330. قرار عدد 26 الصادر بتاريخ 02/12/1969، ملف شرعي أورده محمد محجوبي، م س، ص: 208.

[27]- ابن عاصم. "تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام". دار الأفاق العربية ص: 60.

[28] - العلامة خليل" المختصر" م س ص:194.

[29]- بوطلحة امبارك،"مسائل اليمين الشرعية في الشفعة" رسالة المحاماة الرباط العدد28 دجنبر 2007م، ص: 46.

[30]- ابن رشد، "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"، دار الحديث القاهرة 1425هـ 1993م، 2/226. ابن قدامة، "المغني"مكتبة القاهرة.1388ه/1968م الجزء 5/227.

[31]- ابن عاصم، م س.72

[32]- الكافي،" إحكام الحكام" المكتبة العصرية لبنان، ص: 149.

[33]- المهدي الوزاني،" النوازل الجديدة الصغرى" وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية 1993م، 3/607.

[34]- بوطلحة مبارك، م س، ص: 49.

[35]- التسولي "البهجة في شرح التحفة" دار الكتب العلمية بيروت لبنان، 2/182.

[36]- ابن معجوز، "أحكام الشفعة، م س، ص: 185.

[37]- ابن عاصم، م س، ص:72

[38]- قرار عدد 615 الصادر بتاريخ 04/04/1989 ملف شرعي عدد: 5660/87، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد: 42-43 لسنة 1989، ص: 148.

[39]- حمداتي ماء العينين، "الصورية في الشريعة والقانون"، الطبعة الأولى 1994م، ص: 188.

[40]- حمداتي ماء العينين، ن م ، ص: 188.

[41]- حمداتي ماء العينين، ن م ، ص: 188.

[42]- قرار رقم: 2501/16 أكتوبر 1991، ملف مدني عدد: 2632/89، لدى عبد العزيز توفيق، ص: 341.

 - الإمام سحنون" المدونة الكبرى" م س 4/221.[43]

[44]- الحطاب، "مواهب الجليل" م س، 5/320.

[45]- ابن رشد القرطبي، "البيان والتحصيل"، تحقيق محمد حجي دار الغرب الاسلامي بيروت لبنان الطبعة الثانية 1988م، 12/63.

[46]- الإمام سحنون، "المدونة الكبرى"، م س، 4/222.

[47]- عبد السلام التسولي، "البهجة"، م س، 2/187.

[48]- بوطلحة امبارك، م س، ص: 48.

[49]- قرار رقم: 940 الصادر بتاريخ 9 مارس 1994 في الملف المدني عدد: 4700/92. لدى عبد العزيز توفيق، م س، ص: 367.

[50]- ينص الفصل 66 من قانون 07.14 المتعلق بالتحفيظ العقاري على: "كل حق عين متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده...".

[51]- ابن معجوز، "أحكام الشفعة"، م س، ص: 478.

[52]- الفصل 67: إن الأفعال الإرادية والاتفاقات التعاقدية الرامية إلى تأسيس حق عين أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه، لا تنتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا من تاريخ التقييد بالرسم العقاري، دون الإضرار بما للأطراف من حقوق في مواجهة بعضهم البعض، وكذا بإمكانية إقامة دعاوى فيما بينهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم".

[53]- آمال برنوسي، "ممارسة حق الشفعة في العقار المحفظ"، رسالة لنيل دبلوم الماستر: قانون العقود والعقار. كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية  بوجدة. السنة الجامعية 2006/2007، ص: 7.

[54]- ابن معجوز، "أحكام الشفعة"، م س، ص: 478.

[55]- عبد السلام زيزون، "إشهار الحقوق العينية"، مجلة التحفيظ العقاري عدد: 5 أكتوبر 1995، ص: 10.

[56]- محمد بونبات، "قوانين التحفيظ والتسجيل والتجزئة العقارية"، منشورات كلية الحقوق مراكش، السنة الجامعية: 1996/1997، ص: 166.

[57]- قرار عدد: 4570 بتاريخ 05/10/1999 في الملف المدني عدد: 2061/88، عبد العزيز توفيق، م س، ص: 412.

[58]- لمياء جبروني،  "حماية الشفيع في العقار المحفظ" رسالة لنيل شهادة الماستر: قانون العقود والعقار. كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة. السنة الدراسية 2008/2009، ص: 14.

[59]- محمد خيري، "الملكية ونظام التحفيظ في المغرب"، مكتبة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة الأولى، 1986، ص: 536.

[60]- منتصر الداودي، "مسطرة التحفيظ العقاري وأثرها وإشهار الحقوق العينية وتسجيلها على الرسم العقاري"، مداخلة في ندوة العقار المنعقدة بالرباط بتاريخ 6 نونبر 1978، ص: 153.

[61]- قرار رقم 588 الصادر بتاريخ 20 شتنبر 1976 عن الغرفة المدنية، عبد العزيز توفيق، م س، ص: 30.

[62]- القرار رقم: 5452 الصادر بتاريخ 25 أكتوبر 1995 في الملف المدني عدد: 954/34. عبد العزيز توفيق، م س، ص:  70

[63]- قرار محكمة النقض عدد: 5452 صادر بتاريخ: 25/10/1995، ملف مدني عدد: 954/94. قضاء المجلس الاعلى عدد 48 لسنة 1996. ص: 169.

[64]- ابن معجوز" أحكام الشفعة، م س، ص: 409.

[65]- ابن معجوز "أحكام الشفعة..."م س، ص: 409.

[66]- قرار عدد 539 الصادر بتاريخ 6/3/1985، ملف مدني عدد: 9529، منشور بمجلة القضاء والقانون، عدد 135 و 136 يناير 1986، ص: 164.

[67]- قرار رقم: 1917 صادر بتاريخ 22/07/1992، ملف مدني عدد 1391/89، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 46، نونبر 1992، ص: 56.


إرسال تعليق

0 تعليقات