آخر الأخبار

Advertisement

تأثير الموارد البشرية على الأداء التنظيمي - الأستاذة نعيمة عبد الله الجاسم، العدد 45 من مجلة الباحث، منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


 
 تأثير الموارد البشرية على الأداء التنظيمي - الأستاذة نعيمة عبد الله الجاسم، العدد 45 من مجلة الباحث، منشورات موقع الباحث - تقديم ذ محمد القاسمي


رابط تحميل العدد المتضمن للمقال بصيغته الرقمية pdf  الرابط أذناه:





              الأستاذة نعيمة عبد الله الجاسم         

   باحثة بسلك الدكتوراه، جامعة محمد الخامس بالرباط

كلية الحقوق السويسي

تأثير الموارد البشرية على الأداء

التنظيمي

The impact of human resources on organizational performance

الملخص:

تشكل الموارد البشرية مدخلا أسياس لاصلاح هياكل الدولة خصوصا إذا ما تم الاهتمام بتطوير العنصر البشري بما يضمن فعاليته وكفائته، إلا أن الاهتمام بالمورد البشري لم يكن بالشكل المطلوب رغم كل الجهود التي بدلت، لأن تحديات العصر الراهن كانت أكبر، وهو ما أثر على الموارد البشرية التي تعرضت لأزمة كبيرة تجسدت في عدم توفر هذه الموارد بالنوع والكم المطلوبين في ظل استخدام تكنولوجيا ونظم إنتاجية جديدة تجاوزت الاستخدام التقليدي للموارد البشرية خصوصا في ظل تزايد الأزمات المالية والوبائية والاقتصادية والسياسية، ورغم ذلك تعمل الدول على تحديث رأسمالها البشري عن طريق الانفتاح على ما تتيحه مستجدات العصر.

Abstract

Human resources constitute an essential entry point for reforming state structures, especially if attention is paid to developing the human element to ensure its effectiveness and efficiency. However, the interest in human resources was not as required despite all the efforts that were changed, because the challenges of the current era were greater, which affected the human resources that It was subjected to a major crisis embodied in the lack of these resources in the type and quantity required in light of the use of new technology and production systems that exceeded the traditional use of human resources, especially in light of the increasing financial, epidemiological, economic and political crises.

 

مقدمة:

  إن فعالية الإدارة والمؤسسات العامة رهين بمدى فعالية الموارد البشرية وهذه الأخيرة رهينة كذلك بتحديث أساليب إدارتها. فلا شك أن العنصر البشري يعد من المقومات الأساسية في بناء قطاع عام فعال، فبالرغم من الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، فإن مؤشرات المردودية ترتهن لكفاءة الموارد البشرية التي تتحكم في كل تلك التقنية، ومن هذا المنطلق ازداد الاهتمام بالمورد البشري باعتباره قاطرة لتنمية القطاع العام، حيث أفردت الدراسات الحديثة حيزا مهما لما أصبح يسمى بتدبير الموارد البشرية، كما أحدثت الجامعات والمعاهد العليا تخصصات تتعلق بتدبير الموارد البشرية. ولقد كان هذا التوجه حكرا على القطاع الخاص، إلا أنه في العقود الأخيرة ولضرورة تحديث الإدارات العمومية اتجهت البرامج الحكومية والسياسات العامة، إلى الاهتمام بها والرقي بأليات إدارة الموارد البشرية في القطاع العام[1].

لم يكن الاهتمام بالمورد البشري بالشكل المطلوب رغم كل الجهود التي بدلت، لأن تحديات العصر الراهن كانت أكبر، وهو ما أثر على الموارد البشرية التي تعرضت لأزمة كبيرة تجسدت في عدم توفر هذه الموارد بالنوع والكم المطلوبين في ظل استخدام تكنولوجيا ونظم إنتاجية جديدة تجاوزت الاستخدام التقليدي للموارد البشرية خصوصا في ظل تزايد الأزمات المالية والوبائية والاقتصادية والسياسية[2].

وفي هذا الصدد تبقى عملية إدارة الموارد البشرية بشكل جيد من أهم السبل لتجويد عمل القطاع العام، من خلال استخدام الحكمة والموارد والشجاعة اللازمة من أجل تفادي ركود الخدمات العامة،

  فالأحداث المتسارعة التي يشهدها العالم مؤخرا تلعب دورا كبيرا في تغيير كثير من المفاهيم، حيث لم يعد من المستساغ العمل بنفس الإجراءات السابقة في ظل هذه التطورات المتلاحقة، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، والمنافسة القوية، وما تبع ذلك من تغيرات في القوانين والنظم التي تحكم الاقتصاد والمالية، وظهور الشركات متعددة الجنسية وما لها من قدرة تنافسية تفوق أحيانا الدول، حيث بات على الدول مواكبة هذه المستجدات وتغيير مفاهيمها التقليدية في العمل والتدبير. ومن هنا تعد إدارة الموارد البشرية أحد المداخل الرئيسية لمواكبة هذا التطور وتأسيس نهضة شاملة ومستديمة واستشراف للمستقبل[3].

مشكلة البحث:

كيف تؤثر الموارد البشرية على الأداء التنظيمي.

تقسيم البحث:

المحور الأول: التأصيل النظري للموارد البشرية

المحور الثاني: تطور الموارد البشرية

المحور الثالث: تأثير الموارد البشرية على الأداء التنظيمي

 

 

 

 

المحور الأول: التأصيل النظري للموارد البشرية

 تعد الموارد البشرية من بين أهم العناصر التي تساهم في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتشكل المحور الرئيسي في مواجهة تحديات العصر ومتغيراته المتلاحقة، ومواكبة التطورات المتسارعة في كل ميادين الحياة، وتحقيق اللحاق بركب الحضارة لمقابلة متطلباتها والالتزام بمبادئها التي تهتم بعنصرها البشري[4].

 وعند تعريف الموارد البشرية، نجد من الأهمية بمكان أن نعرف ونوضح معنى مصطلح المورد البشري HUMAN RESOURCE، ذلك لأن هذا المورد يمثل محور عمل واهتمام هذه الإدارة.

   وفي هذا الصدد يعرف ميغنسون[5] Megginson المورد البشري بوصفه "مجموع المعرفة، والكفاءات، والقدرات الإبداعية والمواهب، وكفاءة القوى العاملة في المنظمات، بالإضافة إلى مجموع القدرات الكامنة والمعرفة المكتسبة والمهارات التي تمثلها المواهب وكفاءة الأشخاص العاملين".

    وحسب ويندل فرينش[6] Wendell French، فإدارة الموارد البشرية هي التحكم المنهجي في شبكة من العمليات المترابطة التي تؤثر على جميع أعضاء المنظمة وتشركهم".

     كما يمكن أيضا القول أن الموارد البشرية هي مجموع الناس الذين يعملون في المنظمة رؤساء ومرؤوسين، والذين جرى توظيفهم فيها، لأداء كافة وظائفها وأعمالها تحت مظلة هي: ثقافتها التنظيمية التي توضح وتضبط وتوحد أنماطهم السلوكية، ومجموعة من الخطط والأنظمة والسياسات والجرات، التي تنظم أداء مهامهم وتنفيذهم لوظائف المنظمة، في سبيل تحقيق رسالتها وأهداف استراتيجيتها المستقبلية . ولقاء ذلك تتقاضى الموارد البشرية من المنظمة تعويضات متنوعة تتمثل في رواتب وأجور ومزايا وظيفية، في عملية تبادل للمنفعة تتم بينهم، فالموارد البشرية تقدم للمنظمة مساهمات على شكل مؤهلات علمية، خبرات، مهارات، جهد .. الخ، من أجل تحقيق أهدافها، وفي مقابل ذلك تحصل على تعويضات مالية ومعنوية على شكل رعاية وخدمات متنوعة . والموارد البشرية هي أهم عناصر العمل والإنتاج، فعلى الرغم من أن جميع الموارد المادية (رأس المال، الموجودات، التجهيزات ) ذات أهمية، إلا أن الموارد البشرية تعتبر أهمها، ذلك لأنها هي التي تقوم بعملية الابتكار والإبداع، وهي التي تصمم المنتج وتشرف على تصنيعه ورقابة جودته، وهي التي تسوقه، وتستثمر راس المال، وهي المسؤولة عن وضع الأهداف والاستراتيجيات. فبدون موارد بشرية جيدة وفعالة لا يمكن أداء هذه الأمور بكفاءة، ولن تتمكن أية منظمة من تحقيق أهدافها ورسالتها.

وهنا تأتي أهمية تدبير الموارد البشرية باعتبارها مجموعة من التقنيات التي تهتم بتنظيم العمل، والعلاقات داخل العمل وسط منظمة معينة، يروم إلى ضمان وتوفير فعالية المنظمة ورضى الأعوان داخل عملهم، باعتبارهم مدعوين إلى المساهمة بنشاط في تحديد وتحقيق الأهداف المحددة[7].

     وبالتالي، تمثل الموارد البشرية المجموع الكلي للمعارف والمهارات والقدرات الإبداعية للأشخاص الذين تستخدمهم الإدارة لتحقيق أهدافها.

 

 

المحور الثاني: تطور الموارد البشرية

لفهم تطور الموارد البشرية يجب الانطلاق من ثلاثة اهتمامات رئيسية تشكل مناط دورانها وهي: تطوير وتعزيز الإمكانات البشرية human potential، وتعزيز التأثير التنظيمي، والتنمية الاجتماعية الشاملة، حيث تعتبر هذه المبادئ الأساسية الثلاثة مجالا ثابتا للموارد البشرية إلى حد كبير[8]. 

إن حديثنا عن الأساس النظري لوظيفة الموارد البشرية يجرنا بالضرورة للكشف عن التطورات التي همت الموارد البشرية وانتقلت بها إلى أصبحت نقطة تحول في علم الإدارة، وقد ميز هذا التطور أن نظرة أرباب العمل إلى الإنسان العامل سابقا كانت تتسم بنوع من الدونية إذ كان يعتبر مجرد عنصر من عناصر الإنتاج غير ذي أهمية، لكن بعد الصدمات المتتالية التي واجهتها الإدارة بات يعد ثروة ثمينة يجب استثمارها و الاعتناء بها بالنظر إلى دورها في تنمية باقي الطاقات والثروات الأخرى، إذ شكلت، في البداية، الموارد المالية مركز اهتمام أرباب المقاولات والمؤسسات والإدارات العمومية، حيث كان يعتبرون الموارد البشرية أقل شأنا ودون قيمة مقارنة مع المورد المالي، باعتباره العنصر الحاسم في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهو ما أدى إلى ضعف الاهتمام بالعنصر البشري وانعكاس ذلك على العلاقات الاجتماعية والإنسانية وعلى مستوى الإنتاجية، سيساهم في إعادة النظر في ذلك، من خلال التركيز على الموارد البشرية باعتبارها هي التي تخلق القيمة المالية[9].

 تشكل الموارد البشرية والطريقة التي تدار بها جوهر عمل المؤسسات وتطورت مع تطور الحاجات التي رافقت نشوء المؤسسات والإدارات، وذلك بشكل تدريجي لتوافق بدورها التطور التاريخي الهائل الذي خلقه تطور العلوم الإدارية والذي أثر عليها بشكل كبير. وبالرغم من أن زمان ومكان انطلاقة الموارد البشرية لم يعرف بالتحديد، إلا أن هناك إشارات تقول أن بداية عام 1800 ظهرت مسئولية إدارة الموارد البشرية عن تطوير كفاءة العمال، وأصبحت قيد المناقشة والتطبيق في كل من إنكلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول، ومع ظهور الثورة الصناعية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وانتشار المصانع في كل مكان برزت حاجه أرباب العمل وأصحاب تلك المصانع إلى توظيف العمال والبحث عن المدراء الذين بإمكانهم تدريب وتطوير الأفراد وحثهم على الإنتاج، بما يخدم مصالح أصحاب المشاريع والأعمال[10].

      فقد كان الدور المتغير لإدارة الموارد البشرية يشهد بداية متواضعة خلال عصر الثورة الصناعية فقد غيرت الثورة الصناعية بشكل كبير عملية الإنتاج والتوزيع من ورش المنزل انتقل الإنتاج إلى المصانع التي توظف عمالاً للعمل في المصنع في العملية برمتها، سيطرت الأصول الملموسة (الأراضي والبناء والآلات) ورأس المال على تشكل الرأسمالية الصناعية.  بحلول بداية القرن التاسع عشر، اندمجت الرأسمالية والاستعمار معًا لتشكيل الشركات الموحدة التي تمتلك الصناعات وتديرها.

ونتيجة للاستغلال الذي عرفته فئة العمال من قبل الرأسمالية، بدأت التكتلات العمالية بالظهور متخذة شكل اتحادات وتنظيمات، من أجل الدفاع عن مصالحها؛ ومن هنا بدأت تهدد فعليا مواقع الرأسمالية أصحاب الشركات والمؤسسات عن طريق التلويح بالإضرابات الجماعية والتوقف عن العمل، هذا جعل أصحاب رؤوس الأموال تعيد ترتيب حساباتها، من خلال إعطاء بعض الحقوق للشغيلة والاهتمام بوضعها الاجتماعي، ومعالجة بعض القضايا الأساسية التي تهم العمال كالأجور، وساعات العمل، والضمان الاجتماعي وظروف العمل[11].

    ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت هيمنة الإدارة كعامل مميز في عملية إنتاج وتوزيع الثروة والتنمية الاقتصادية. هذا التحول في عملية الإنتاج الصناعي واستخدام التكنولوجيا لخلق السوق، أعاد تعريف العملية برمتها لتصنيع وتسويق السلع والخدمات من قبل الصناعات.

   وكنتيجة لهذه العملية ظهرت الإدارة الصناعية مع التركيز على الإنتاج والإنتاجية مما أدى إلى الإدارة العلمية، باعتبارها حركة تقوم على العلم كان يتزعمها الأمريكي فريديريك تايلور والفرنسي فايول، إذ حاول تايلور تقديم أفكارا جديدة حول دراسة العمل من خلال دراسة الحركة والزمن، من أجل اختصار الحركات الزائدة في أداء الفرد لعمله، بهدف رفع مستوى المردودية والإنتاجية، وبالتالي زيادة حجم المنشأة وتوسيع إنتاجه، وذلك يصاحبه رفع في أجور العمال وتحسين وضعيته؛ وهو ما لاقى رواجا كبيرا من لدن أصحاب العمل وأرباب الشركات[12]، وكانت تهدف، أساسا، إلى الوصول لفن الإدارة بمعنى "معرفة ما تريد أن يفعله الرجال بالضبط ، ثم رؤية أنهم يفعلون ذلك بأفضل وأرخص طريقة.[13]".

لقد بدا تايلور مهتما بالمنظور الاقتصادي،  أي كان مهتما بالدافع الاقتصادي أكثر من اللازم، رغم أنه لم يهمل الجانب السلوكي للموارد البشرية؛ وقد كان تركيزه على الأجور المرتفعة باعتبارها أهم الحوافز الاقتصادية؛ لأن الأجور المرتفعة ستمنح العمال المزيد من الاحترام من الآخرين[14].

    وبعدها بدأت الموارد البشرية تهتم بالإنسان في المنظمة أي ما يسمى " إدارة الإنسان" وهي مهمة صعبة للغاية بسبب الطبيعة الديناميكية للناس؛ إذ يجب أن نضع نصب أعيننا أنه لا  يوجد شخصان متشابهان في القدرات العقلية والتكتيك والمشاعر والسلوكيات.

المحور الثالث: تأثير الموارد البشرية على الأداء التنظيمي

  لقد احتل حقل إدارة الموارد البشرية وما يزال أهمية كبيرة كحقل معرفي. حيث إن إدارة الموارد البشرية يجب أن تشكل أهمية استراتيجية للمنظمة، وهذا يتطلب بطبيعة الأمر أن تولي الإدارة العليا أهمية خاصة لإدارة الموارد البشرية، فهذه الإدارة تأخذ في الاعتبار النظرة بعيدة المدى للأهداف الاستراتيجية للمنظمة وتضطلع القيادات الإدارية بالمسؤولية الكاملة للتأكد من وجود تطابق وتناسق في الاستراتيجية بين إدارة الموارد البشرية وغايات وأهداف المنظمة وذلك للتأكد من أن استراتيجية الموارد البشرية انبثقت ونشأت من استراتيجية المنظمة. وقد حدد ثلاثة مستويات هي التوافق الخارجي ويتضمن تكامل سياسات إدارة الموارد البشرية استراتيجية المنظمة. وإلى جانب التوافق الداخلي وتتضمن التكامل بين مختلف أنشطة وسياسات إدارة الموارد البشرية، وتكامل إدارة الموارد البشرية مع وظيفة المديرين في الصفوف الأمامية. ويهتم العنصر الثالث بدور المديرية في الصفوف الأمامية وتنطلق الفرضية من مبدأ أن إدارة الموارد البشرية إذا كانت تشكل أهمية استراتيجية للمنظمة ، فلا بد أن تستند إدارتها للمديرين في الصفوف الأمامية الذين ينظر لهم كعنصر أساسي لتوجيه سياسات إدارة الموارد البشرية بطريقة فعالة.[15]

تعتبر إدارة الموارد البشرية ذات أهمية بالغة في المنظمة شأنها في ذلك شأن باقي الإدارات الأخرى الموجودة في المنظمة، والتي تؤثر على مردوديتها المالية، ومكانتها الاقتصادية وتظهر أهميتها من خلال العناصر التالية[16]:

- اعتبارها وظيفة مهمة من وظائف المنظمة؛

 - تنمية دور العنصر البشري في المنظمة لزيادة فعاليته وتأثيرها على حياة الفرد و المنظمة وكذلك المجتمع؛

- الموارد البشرية من أهم العناصر الرئيسية في الإنتاج إذ أن ثروة أي دولة تنبع من قدراتها على تنمية مواردها البشرية؛

- العنصر البشري هو المحرك الأساسي للنشاط الاقتصادي، فهو المسؤول عن مستوى الأداء باعتباره المحرك والعامل المشترك في تحريك القدرات والإمكانيات المادية للمجتمع؛

 - العنصر البشري هو استثمار، إذ أحسن تدريبه وتنميته يمكن من خلال المنظمة تحقيق مكافآت طويلة الأجل للمنظمة في شكل زيادة الإنتاجية؛

- تنافسية المنظمة تنبع من كفاءة وفعالية مواردها البشرية أكثر من قيمة تجهيزاتها.

وهناك عوامل استراتيجية متعددة تؤدي إلى زيادة أهمية الموارد البشرية كإحدى الوظائف الأساسية، من بين هذه العوامل: [17]

ü         اكتشاف أهمية العنصر الإنساني في العمل كأحد عناصر الإنتاج الأساس، والدور المهم الذي يمكن أن تؤديه إدارة الأفراد في تنمية الأداء الإنساني للعمل وتطويره؛

ü         ظهور النقابات العمالية أسبغ أهمية كبيرة على إدارة الموارد البشرية، ففي طريقها أصبحت إدارة المشروع تعتمد بشكل أساسي ومباشر على هذه الإدارة في رسم العلاقات الطيبة وخلق جو التعاون الفاعل والبناء بين النقابة من جهة، وبين إدارة المنظمة من جهة أخرى؛

ü         إن التنمية المستمرة والتطور المتصاعد ورقي الحياة الفكرية أدى إلى زيادة وعي العاملين وثقافاتهم، كما أدى إلى تنوع رغباتهم وطموحاتهم للمستقبل، مما أدى إلى ضرورة وجود خبراء يقومون بدراسة السلوك البشري لمعرفة طريقة التعامل الجيد معه وطبيعته؛

ü         إن تدخل الحكومة في ميدان العمل عن طريق القوانين والأنظمة التي تنظم العلاقة بين الإدارة والعاملين فيها زاد من مسؤوليات إدارة الموارد البشرية، وأهميتها وخلق جوا جديدا من التفكير في ميادين العمل عن طريق مشاركة العاملين في الإدارة؛

ü         لقد فرض هذا التداخل أعباء جديدة على كاهل إدارة الأفراد تتمثل في رسم سياسة التعامل مع العنصر البشري في ظل القوانين والأنظمة.

من خلال الوظائف التي تمارسها إدارة الموارد البشرية، فإنه يمكن استنتاج هدف هذه الإدارة التي تسعى إلى تحقيقه والذي يتجسد فيما يلي[18]:

1 - تحقيق الكفاية الإنتاجية efficiency

     يتم تحقيق الإنتاجية من خلال دمج الموارد البشرية مع الموارد المادية التي تمتلكها المنظمة، لتحقيق الاستخدام الأمثل لهذه الموارد مجتمعة التي تسمى بالمدخلات inputs، على اعتبار أن المورد البشري هو الذي يستخدمها ( مواد، آلات، تكنولوجيا. . . )، وعلى مستوى أدائه وكفاءته يتوقف حسن هذا الاستخدام الذي ينتج عنه مخرجات out puts ( سلم، خدمات ) بالكميات والمواصفات المطلوبة بأقل تكلفة، فالعنصر البشري هو المسؤول عن تحقيق الإنتاجية، من خلال تعظيم المخرجات وتخفيض تكلفة المدخلات، وهنا يبرز دور إدارة الموارد البشرية من خلال ما تقوم به من وظائف وممارسات تجعل المورد البشري مؤهلا، مدربا محفزا لديه ولاء وانتماء للعمل وللمنظمة، والتي تصبح من خلاله قادرة على الأداء بإنتاجية عالية.

2 -  تحقيق الفاعلية في الأداء التنظيمي Effectiviness

   إن الموظفين هم العمود الفقري للمنظمة، وبالتالي فإن الاحتفاظ بالموظفين أمر مهم في إبقاء المنظمة على المسار الصحيح ومن أجل الحفاظ على أفضل المواهب، يتم تنفيذ الاستراتيجيات التي تهدف إلى تلبية احتياجات الموظفين، بغض النظر عن الشركات العالمية أو الصغيرة.[19]

   بشكل عام، تحتفظ المنظمة بموظفيها لفترة محددة لاستخدام مهاراتهم وكفاءاتهم لإكمال مشاريع معينة أو تنفيذ المهام.

    وبصيغة أخرى، يمكننا فهمها على أنها الاحتفاظ بالموظفين حيث يكون نطاق المهمة غالبًا ما يكون أكبر من مهمة بسيطة ويفضل أن يكون وظيفة في في الميدان. لذلك يعد الاحتفاظ بالموظفين المرغوبين مفيدًا للمؤسسة في اكتساب ميزة تنافسية لا يمكن استبدالها من قبل المنافسين الآخرين من حيث إنتاج زملاء عمل يتمتعون بأخلاق عالية ورضا سيقدمون خدمة عملاء أفضل وإنتاجية حسنة، مما يؤدي لاحقًا إلى توليد المبيعات، ورضا العملاء، وإدارة سلسة الخلاف وتحسين التعلم التنظيمي[20].

وختاما، أضحت الموارد البشرية تشكل النواة الصلبة لكل مشروع إصلاحي وتحديثي، فتطوير أداء الجهاز الإداري وتحقيق التنمية لا يمكن بلوغه إلا من خلال الاهتمام بالعنصر البشري بالبحث عن الأساليب الفعالة في اختيارها واستثمارها بالشكل الجيد الذي يخدم تحقيق وتكريس الاختصاصات الممنوحة للمنظمة، لضمان النجاح في رفع التحديات التي تتطلبها التنمية التي تبقى رهينة بمستوى وكفاءات الموارد البشرية.

لائحة المراجع:

رشيد باجي، تحديث الإدارة المغربية بين رصد الاختلالات وتطبيق أسس الحكامة الجيدة، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 125، 2015.

يوسف ابو فار، إدارة الأزمات في المنظمات العامة والخاصة، دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع.

محمد ابو صالح، التخطيط الاستراتيجي القومي منهج المستقبل، دار الجنان للنشر والتوزيع, 2016.

رافدة الحريري، اتجاهات حديثة في ادارة الموارد البشرية، دار اليازوري العلمية، 2018.

توفيق خطاب: التدبير التوقعي للموارد البشرية في الوظيفة العمومية، بحث تأهيلي لنيل دبلومات الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية السويسي، 2007-2008.

الحسين الرامي: إشكالية تدبير الموارد البشرية في الجامعة المغربية، أطروحة دكتوراه في القانون العام، جامعة القاضي عياض، 2011.

أحمد ماهر: إدارة الموارد البشرية، دار الجامعة للطبع والنشر والتوزيع، سنة 1999.



[1]  رشيد باجي، تحديث الإدارة المغربية بين رصد الاختلالات وتطبيق أسس الحكامة الجيدة، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 125، 2015، ص207

[2]  يوسف ابو فار، إدارة الأزمات في المنظمات العامة والخاصة، دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، ص127

[3]  محمد ابو صالح، التخطيط الاستراتيجي القومي منهج المستقبل، دار الجنان للنشر والتوزيع, 2016، ص39

[4] رافدة الحريري، اتجاهات حديثة في ادارة الموارد البشرية، دار اليازوري العلمية، 2018، ص11

[5] Megginson L.C., Personnel and Human Resource Administration,Richard D. Irwin Inc., Home Wood, Illinois, 1977, p-4

[6] Wendell French., Human Resource Management, Hougton Miffin, Boston, 1990, p9

[7]  توفيق خطاب: التدبير التوقعي للموارد البشرية في الوظيفة العمومية، بحث تأهيلي لنيل دبلومات الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية السويسي، 2007-2008، ص8

[8]  Thomas N. Garavan‏، Alma M. McCarthy‏، Michael J. Morley, Global Human Resource Development: Regional and Country Perspectives, Routledge, 2016, p 4

[9]  الحسين الرامي: إشكالية تدبير الموارد البشرية في الجامعة المغربية، أطروحة دكتوراه في القانون العام، جامعة القاضي عياض، 2011، ص82

[10]  محمد عبده حافظ: إدارة الموارد البشرية بين الفكر التقليدي والمعاصر، دار الفجر للنشر والتوزيع، ط1، 2011، ص9

[11]  محمد عبده حافظ: إدارة الموارد البشرية بين الفكر التقليدي والمعاصر، م،س، ص13

[12]  محمد عبده حافظ: إدارة الموارد البشرية بين الفكر التقليدي والمعاصر، م،س، ص13-14

[13] Frederick Winslow Taylor, Scientific Management, the early sociology of management and organizations, volume 1, routledge,  p21

[14] Hindy Lauer Schachter, Frederick Taylor and the Public Administration Community: A Reevaluation, state university of new york press, Albany, 1989, p12

[15] يوسف حجيم الطائي، هاشم فوزي العبادي:  إدارة الموارد البشرية قضايا معاصرة في الفكر الإداري، م.س، ص 40.

[16] أحمد ماهر: إدارة الموارد البشرية، دار الجامعة للطبع والنشر والتوزيع، 1999، ص12

[17]  يوسف حجيم الطائي، هاشم فوزي العبادي:  إدارة الموارد البشرية قضايا معاصرة في الفكر الإداري، م.س، ص 41 وما بعدها.

[18] حسن إبراهيم بلوط: إدارة الموارد البشرية من منظور استراتيجي، دار النهضة العربية بيروت، الطبعة الأولى، 2002، ص24

[19] Ahlrichs, N.S. Competing for talent. Key recruitment and retention strategies for becoming an employer of choice: Palo Alto, CA: Davies-Black Publishing. 2000, P143

[20] Ali P. Job satisfaction characteristics of higher education faculty by race. Afr. J. Bus. Manage., 4(5), 2009, P.289-300


إرسال تعليق

0 تعليقات